|
|
|
 Re: جدلية الشعر/السلطة في ديوان نفاج - تدشين ص� (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
ابتدر اللقاء مسئول المكتب الثقافي بالملتقى السوداني الثقافي الأستاذ/أسامة عبدالماجد .. مرحباً بالحضور وبالدكتور هاشم ميرغني وطلب من الكاتب المعروف
محمد جميل أحمد أن يتولى إدارة الحوار، وقال أن الملتقى وهو يدشن صالونه الثقافي برغبة وإرادة قويتين لحشد طاقات المبدعين في هذه المدينة ليمر الضوء
وتنتشر المعرفة .. هذه المدينة محتشدة بأصحاب الحروف الندية من أهل الفكر والفن والإبداع، وسيعمل الصالون على إتاحة المنابر لأهل الفكر والإبداع بضروبه
المختلفة عبر الندوات والسمنارات والمعارض وورش العمل لإذكاء نار الحيوية ومناقشة قضايا الوطن المختلفة وتعميق الحوارات لتثمر الوطن البنحلم بيهو
يوماتي .
| |
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية الشعر/السلطة في ديوان نفاج - تدشين ص� (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
أضاف الأستاذ/ أسامة أن الفنان المبدع سيف نورين سيكون اسهاماً اضافياً لهذه الأمسية
بتقديم بعض الأغاني الوطنية .. كما سيكون - بإذن الله - مساهماً دائماً في الفعاليات الثقافية
القادمة بصالون الملتقى
بعد ذلك رحب الأستاذ محمد جميل بالحضور وبالدكتور هاشم ميرغني الحاج إبراهيم - دكتوراه
الأدب والنقد - الأستاذ بجامعة الباحة، معطيا الحضور فكرة عن إسهامات وأبحاث د. هاشم
في المجالات الأدبية والنقدية المختلفة .. ثم قدم الدكتور هاشم:
هاشم ميرغني .. رحب بالحضور وشكرهم على هذه الدعوة التي أتاحت له اللقاء من زملائه
وأصدقائه وقال:
كتب فاضل العزاوي في "بعيداً عن داخل الغابة"
في اللحظة التي يقرر فيها المرء أن يكون كاتباً، يتوجب عليه أن يقبل بالخطر الذي يرتبط بكل كتابة
حقيقية: الإنتماء إلى الضحايا.
كتب رينه حبشي في "الشعر مملكة الوجود":
إن الشاعر بفضحه عالماً لا إنسانياً يهيّج فينا الحنين لما كان واجب الوجود، وإن الشعر في كشفه هول
عالم لا شعر فيه يقودنا بقوة إلى عالم من الشعر.
ثم قال الدكتور هاشم:
تجربة الشاعر محجوب شريف تجربة طويلة وعميقة امتدت لأربعة عقود. اما ديوان "نفاج"
فقد صدر عن ميركز عبدالكريم ميرغني قبل 12 عاماً .. ويمثل نماذج لها دلالات من الأفق الإنساني
الباذخ، جعلت محجوب نصاً إنسانياً ينضح بالحق والخير والجمال .. وظل حريصاً على نقاء سجل
حياته ومماته أيضاً .. والورقة التي سأقدمها تتضمن: إطار نظري وإطار تطبيقي، فإلى الإطار النظري:
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية الشعر/السلطة في ديوان نفاج - تدشين ص� (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
سأحاول فيما يلي مواصلة إنزال ما قدمه الدكتور هاشم ميرغني في الندوة – قدر الإمكان – وأعد بأني سأستشيره في إنزال الورقة كاملة بعد هذه المقتطفات التي
آمل ألا يكون فيها إخلال أو ابتسار لما قاله، حتى يتسنى على ضوئه فتح حوار مع التعقيب الضافي الذي قدمه الأستاذ محمد جميل والأسئلة والمداخلات الثرية
التي قدمها الحضور مما جعل من الأمسية فاتحة لحوار طويل حول موضوع البحث .. ولما نؤمل أن يأتي لاحقاً من آراء حول ندوة جدلية الشعر/السلطة في
ديوان "نفاج" فتحه شاعر الشعب محجوب شريف للتواصل الناشد للانسجام بين شعوب السودان..
حول الإطار النظري قال د. هاشم ميرغني:
منذ أن نقل ميشيل فوكو السلطة من مفهومها المتعالي المفارق إلى قلب تحققها بآليات خطاب لا يكُف عن اختراق اليومي والمعيش لم يعد طبيعياً النظر إليها من
جهة وجهها القمعي المباشر الذي غالباً ما تغرينا دمامته بمنازلتها بأدواتها ذاتها. بل بشمولية النظر للشبكة الدقيقة التي تنسجها عبر المجتمع بأسره لتمحو ثقل
وجودها الباهظ المباشر، وتمتصه بمحض شارات وعلامات تنسرب في مجرى اليومي والمعيش حيث تغذو "السلطة" بمثابة شبكة منتجة تمر عبر الجسم الاجتماعي
كله أكثر مما هي هيئة سلبية (أي منفصلة) تمارس وظيفتها وهي ممارسة القمع. وربما استلهم فوكو دراسة اليكسس دوتوكوفيل الرائدة حول طبيعة القمع اللامرئي
الذي تمارسه الأنظمة حتى الديمقراطية حيث تغطي سطح المجتمع بشكة من القواعد المعقدة والدقيقة والموحدة التي لا تستطيع أكثر العقول إبداعاً وأكثر الشخصيات
نشاطاً اختراقها للصعود فوق سطح الحشد، في إشارة مبكرة ثاقبة لما سيسميه جون كينيث جالبريت بعد ذلك في تشريح السلطة، حيث لا يعرف الشخص أنه خاضع
للحكم والسيطرة "إن الإيمان يجعل من الخضوع مظهراً طبيعياً عادياً للسلوك المقبول". وعبر هذا الخطاب النافذ كغبار كاريبي خلال أكثر أنواع النوافذ إحكاماً
والمخبأ في أبعد الأماكن توقعاً لينسرب قطرة قطرة عبر مفاصل المجتمع يمكن أن يفسر ذلك بعض أسباب طول مكوث الدكتاتوريات وما تحدثه من رهق.
وبسبب هذه الطبيعة الشاسعة لشبكة السلطة (اللامرئية) وثقلها المتجسد فقط بحضوره السياسي والأيديولوجي بما يُغري القصيدة بمنازلته بأدواته ذاتها (اليقين الأصم،
الإجابات الخانقة على أسئلة المستقبل، وهم الثورة اللفظية، الهتاف، وايديولوجيا الخلاص المتسللة إلى قلب النص مشوهة بهاء خضرته واستهلاك جمالياته .. مما يوقع
القصيدة في مآزق، رصد أدونيس عدداً منها في قراءته لـ"شعر المقاومة "الفلسطيني، ومنها مايلي:
نواصل ...
ونتوقع من الزملاء إنزال الصور لو أمكن
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية الشعر/السلطة في ديوان نفاج - تدشين ص� (Re: مامون أحمد إبراهيم)
|
لك التحية أخي العزيز مأمون وكل عام والأمور تتحسن .. الصورة مع البنوتات الحلوات
كانت على هامش إحدى الفعاليات المشابهة قبل عدة سنوات هنا في الرياض .. جيت
داخل ووجدتهن في فناء الاستراحة يلعبن ويصخبن بفرح ومرح جاذب - وهن بنيات
بعض الاصدقاء رفاق الغربة .- انطلقت معهن لعلي أفوز ببعض الفرح المعافى
وقد كان .. وجاء أحد الزملاء والتقط الصورة التي ترى .. وبالمناسبة عندي بنات تومات
(8) سنوات كلما يشوفن الصورة دي يقول لي البنات ديل منو؟
آمل أن تكون قريباً من هذا الخيط الذي سيأتيك بقراءة مدهشة أبدعها هاشم ميرغني
لنفاج محجوب الشريف الذي تعرف .. ومعذرة فقد انشغلت اليوم عن أن أضيف أو
أنزل الصور.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية الشعر/السلطة في ديوان نفاج - تدشين ص� (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
بالحق كانت أمسية بنكهة مغايرة كيفاً ونوعاً
حضوراً وتنظيماً
وتكاملت الروعة بما تفضل به مقدم المحاضرة الدكتور هاشم ميرغني
حيث أكد انه متمكن من عرضه وواثق ..
وأكد ان الراحل محجوب شريف هو نسيج وحده في تناوله للشعر وهمومه
وكيف به وصل الى حيث وصل فاتحا نفاجه على الجميع
الجميع اهل هذا الوطن بكل طوائفهم والوانهم وسحناتهم
ومناطقهم
ليكون النفاج معنى وحقيقة
وتناوله للاستراتيجيات التي اشتملت عليها قصيدة محجوب وفلسفتها
في مقارعة السلطة وادواتها المغايرة - كشفرة الوردة -
مقابل ادوات القمع السلطوي ..
وأكملت ادارة المحاضرة ممثلة في الاديب الشاعر محمد جميل
جمال المحاضرة بالتعقيب على ما تم سرده
وتنوع المساهمات من الحضور بمداخلات ثرة ..
ثم جاء المغني يغني
وألهب الحاضرين بشدوه ..
لذا حقا كانت ولا أجمل ..
أتمنى أن يتواصل الأداء بذات الروح.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية الشعر/السلطة في ديوان نفاج - تدشين ص� (Re: nassar elhaj)
|
شكرا لكم .. بجي لمداخلاتكم بمهلة بعد ما نجيب كلام هاشم ميرغني ومحمد جميل وبقية
عقد متحدثي ومتحدثات ذلك المساء وهم يزيدون اليقين بأن الرهان على الوعي وإن
طال السفر وأن الكلمة تحي وتميت وتفتح شبابك الأمل حتى وسط من أصابهم يأس
(أن لا تلاقيا) ..
مرحب بالأصدقاء المتداخلين .. وآسف للغيبة الاضطرارية،
واصل الدكتور هاشم ميرغني قائلاً ..
رصد أدونيس عدداً من قصائد شعراء المقاومة الفلسطينية ليستخلص أن هذا
الشعر شعر استهلاك لا يقدم سوى وهم الثورة وهو يخاطب الجمهور باللغة
الشعرية السائدة، مشبع بروح المبالغة التي تُفرغ الوعي .. فكثرة الكلام عن
الثورة يورث اليأس .. فالشعر المندرج ضمن الإطار الأيديولوجي السائد
يحاول صناعة الثورة دون أن يفكك البنية الجمالية القديمة ليقدم بنية جديدة،
فيبقى مرتبطاً بالمستويات المباشرة للعالم والحياة دون شعرية حقيقية، يجعل
منه ظاهرة عابرة كنار القش تخبو جذوتها في أقرب منعرج و(قبل أن
يصيح الديك).
ومضى الدكتور هاشم ميرغني .. قائلاً:
إن إيديولوجيا السلطة تتسلل لقلب القصيدة التي يتعذر عليها أن تتعرى من الفكر،
من الأيديولوجيا في نهاية المطاف، ليس بسبب ما ذهب إليه ألتوسير حول أن "المجتمعات
البشرية تفرز الأيديولوجيا كما لو كانت العنصر الحيوي أو المناخ الطبيعي الذي
لا غنى لها عنه، من أجل القدرة على التنفس ومواصلة الحياة في كنف التاريخ".
الأيديولوجيا حاضرة إذن .. لحظة تخلُق جنين القصيدة في كلمة .. حجراً يؤرق
بحيرة النص؟ إنها الأسئلة التي سنحاول تفحصها لاحقاً على جسد قصيدة محجوب
شريف في ديوان "نفاج"
الإطار التطبيقي للدراسة:
نواصل .. أسعدتني يا نصار ونشطتني على المواصلة بإنزالك للصور .. بالله واصل
صور وتعليقات ترفع معنوياتي وتخليني أسرع فلا زال الموضوع في بداياته
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية الشعر/السلطة في ديوان نفاج - تدشين ص� (Re: صلاح هاشم السعيد)
|
أنتقل الدكتور هاشم ميرغني للإطار التطبيقي للدراسة متناولا الاستراتيجيات النصية
(ديوان نفاج نموذجاً) مجابهة السلطة بتمظهراتها المختلفة دون تفريط في الشعرية .. مركزاً
على أبرز الإستراتيجيات:
* اللغة الدارجة مقابل لغة المؤسسة
* حشد لبنات الحياة
* مناوشة الدارجة الفصحى
* إذابة الدلالي بمختبر اللغة
* تبدلات المعنى إثر ولوجه حقل الغناء
عبر هذه الخطوط النقدية المعمقة جاءت تفاصيل قراءة جوانية لنصوص الشريف محجوب في
(نفاجه) وهو يجرح (بحد الوردة) كما قال هاشم .. يا سلام
نواصل تفاصيل ما تم تناوله ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
 Re: جدلية الشعر/السلطة في ديوان نفاج - تدشين ص� (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
(1) اللغة الدارجة مقابل لغة المؤسسة:
وجدت قصيدة محجوب حيويتها في قلب وطن الدارجة ومزاجها الممراح (والقدلة في السوق الكبير) .. (بنحب كده ونعشق تمام إلا بنكون قدر الثبات .. ضد السكات ..)، يرى باختين (1895 – 1975م) أن اللغة هي مركز خطاب السلطة والموقع المثالي لحلفها المقدس مع الأيديولوجيا .. تُصنف وتقصي وتُجهض التنوع الكلامي لصالح لغة رسمية واحدة تنز بأيديولوجيا هيمنة السلطة.
برحيل الشاعر إبراهيم بن هرمة في 150 هـ انتهى عصر الاحتجاج، لحظة حبس القصيدة في قائمة محدودة تتقلص بانتظام .. قاموس
ضامر ظل يستعيده الشعراء لملء فجوات الروح وهيهات .. دبت الشيخوخة في عصب اللغة فأصابته بالتكلس .. عبّر عن ذلك يوسف
الخال قائلاً: (لقد اصطدمنا بجدار اللغة)، آثر بعض الشعراء اللجوء للدارجة حيث المرونة والسعة وتدفق ماء الحياة الفوّار .
أمام عجز الفصحى ظهرت الدارجة المتداولة شفاهة بين الناس كاشفة عن القدرة على إطلاق طاقاتها وإمكانياتها التعبيرية الكاملة عبر
التنغيم والنبرة. وعلى العكس من ذلك يرى روسو أن التحول من الشفاهية للكتابة والتقعيد وبكلمات أُخر (التقييد والتعقيد) ومتلازماتها
من حسابات النحو والصرف تفقد اللغة جمال روحها ورقة انعطافاتها.
ومضى هاشم ميرغني قائلاً:
أن قصيدة محجوب شريف، ورغم انتمائها لدارجة اللغة إلا أنها لم تحرم نفسها في الوقت نفسه من مناوشة الفصحى وفتوحات الحداثة
وجماليات اليومي المعاش وابتعاث المهمش وجدل العصر ووعيه بالحرية، كما هو حال قصائد رصفائه حميد، قاسم أبوزيد، أزهري
محمد علي ، عاطف خيري، هاشم صديق وغيرهم .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية الشعر/السلطة في ديوان نفاج - تدشين ص� (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
من الواضح أن دكتور: هاشم ميرغني ـ رغم يفاعته ـ ظاهرة تجديدية، يجب الإلتفات إليها والعناية بها ـ (لنا فيه رجاء) ـ عموماً جاءت المحاضرة، مغايرة في شكلها ومضمونها، الظن أن الدكتور وثق في عقلنا لذا جاء طرحه متجاوزاً، كما استطاع أن يحدث قطيعة جزئية مع التصور الوصفي التقليدي السائد للمثقف السوداني، وبناء أفق توقع لقراءة مختلفة خارج الجواب الذي "يحتويه تصوراً مسبقاً". أي إعادة الصياغة لأصل السؤال عن جواب قائم وثابت، برغمه يمكن أن يكون له معنى آخر، باعتبار الضرورة للتعاطي المتشكك فينا، وفي رؤيتنا وثابتنا حولنا.
يتبع ــــــــــــــــــــــــــــــــ
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية الشعر/السلطة في ديوان نفاج - تدشين ص� (Re: صلاح هاشم السعيد)
|
وقبل أن نواصل ما ابتدرنا من استراتيجيات قراءة هاشم ميرغني لنفاج المحجوب الشريف هاهو صلاح هاشم السعيد
يحدثنا عن الأمل الذي أطلقته كتابة هاشم بالكلام الحديد الجديد ويتفتق عن معاني (ما خطرت ببال) يهز أركان
الثوابت هزاً فلا يعود شيء كما كان >> رياح تهد سياج المعاني..
ألم يقل هاشم عن اللغة:
المركز يعمل لصالح لغة واحدة ويجهض اللغات الأخرى .. فينبغي إلا نستخدم لغة الديكتاتور .. وألا نحاربه
بأسلحته .. وألا نخلق منه أسطورة تصعب مواجهته .. نجح بشرى الفاضل في الطفابيع أن يجعل من الديكتاتور
مسخاً هزلياً يُغري بالاحتقار .. وجعله محجوب شريف في النفاج حالة عابرة لا تظهر إلا ريثما تغيب!!
(2) حشد لبنات الحياة:
هذا ما فعله محجوب في مجابهة قساوة الواقع والبحث الدؤوب عن جزئيات الحياة الحرة التي تتفلت من
ثقوب شبكة الطغيان.. فجاء النفاج ضاجاً بمعاني الجمال الممتلئ بقدرة الفتك بكل أشكال القسوة والقبح:
اسمعنا يا ليل السجون
نحنا بنحب شاي الصباح
والمغربية مع الولاد
والزوجة والأم الحنون
والأصدقاء
وإلى اللقاء
ونواصل
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية الشعر/السلطة في ديوان نفاج - تدشين ص� (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
واصل د. هاشم ميرغني قائلاً :
كتب بابلو نيرودا:
"يسألون
لماذا لا يتحدث عن الأزهار في شعره
لأنهم لم يروا الدم في الشوارع"
فعل محجوب شريف العكس كتب عن الأزهار بديلا عن الدم
المسفوح في الشوارع، لقد مجّد الجمال والحياة التي لا تكف
لحظة عن تشييد لبناتها الصغيرة الجميلة في مواجهة قبح
السلطة وخرابها.
تواجه نصوصه خواء السلطة بحشد ما تستهدفه السلطة وتحاول التسلل
إلى نواته، فالسلطة تكمن فيما تخفيه لا ما تعلنه، وبهذا نجا نص
"نفاج" من الأدلجة والتيبس لينفتح على جوهر الإنساني والكوني،
على خضرة ونضارة شجرة الحياة لا رمادية النظريات.
في نفس الوقت الذي يركز فيه نص محجوب على العذابات
الإنسانية فهو لا يتنازل لحظة عن جماليته :
وبيني وبينك الضحكة
ورحيق الشاي
وطعم الخبز والسترة
ومساء النور
وعمق الإلفة
بين النهر والنخلة
وغنا الطمبور
وصدق العشرة بين الأرض والانسان
حتى السجن الذي قال عنه فوكو (صورة السلطة الأكثر هذيانا) تعبئه نصوص
محجوب شريف بعناصر الحياة المؤازرة:
اسمعنا يا ليل السجون
نحنا بنحب شاي الصباح
والمغربية مع الولاد
والزوجة والأم الحنون
والأصدقاء
وإلى اللقاء
واللمة عند الأمسيات
والتكية جنب الأغنيات
والقدلة في السوق الكبير
أفتح زنازينك
أهو بنفتح شبابيك اليقين
وهكذا تشيد القصيدة عالمها النصي البهي قبالة خراب عالم
الدكتاتور، لا تمنح ظلمه هالة تضعف قوى مواجهته، بل تحيله
لظل عابر يحجب ضوء الحياة للحظة ريثما ينحسر، لذا فحضوره في
نفاج لا يأتي إلى مأزوماً مرتجفاً محاصراً يبحث عن مخرج:
نغني ونحنا في أسرك
وترجف وانتا في قصر
سماواتك دخاخينك
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية الشعر/السلطة في ديوان نفاج - تدشين ص� (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
(3) مناوشة الدارجة الفصحى
مضى د. هاشم ميرغني في هذا المبحث متناولاً نصوص محجوب شريف وهي تناوش
الفصحى لتغرسها في غور الشعبي واللغة الدارجة (ولا شيء نشاز)
راحة أيديك تماماً مثل الضفتين
ضلك كم ترامى حضنا لليتامى
وخبزا للذين هم لا يملكون
بى نفس البساطة والهمس الحنون
ترحل يا حبيبي
من باب الحياة لباب المنون
أو
كل الجروح بتروح
إلا التي في الروح
خلي القلب شباك
نحو الأمل مفتوح
سرج الأماني حنون
مهر الليالي جموح
تتميز دارجة شريف بخروجها عن خط سكة الشفاهية التي
تنتهي إلى إنتاج الكتابة وهي تجهد لتعوض ما يفقده الكلام
عند تحوله لرموز، فهي (دارجة محجوب) لا تنتهي إلى
إنتاج (الكتابة) بقدر ما تنتهي إلى إنتاج كتابتها هي .. كتابة
تمثل مركزاً خصباً لتهجين لغتين : دارجة تزدهي بنعمة حضورها
بقلب معجمها الاجتماعي المفتوح والمطرد وفصحى تختزل جلال
موروثها.
وهذا المنهج يقود لتليين صلابة الفصحى ومعياريتها وقاموسية
مفرداتها، لتنتقل طائعة من سياق النخبوي لغبار اليومي والمعيش
لا مناص .. طاعة مشوبة بالتوتر جراء ما أصاب بنيتها
من تفكيك يدغمها في واقعها الجديد المختلف عن بينتها وتركيبها
ومحمولها الثقافي.
استخداما لغوياً استثنائياً يتعذر أن تجده خارج القصيدة .. كتب باختين
"ليس القوام الألسني المحايد للغة، بل إمكاناتها القصدية هي التي تنتهب:
فهي تتحقق في اتجاهات معينة، وتمتلئ بمضمون معين، وتشخص
وتتعين وتتسرب بتقويمات معينة وتندغم مع موضوعات معينة وأفاق
تعبير معينة"، وحجر الزاوية في عبارة باختين : "تنتهب" التي تضيء
فوضى الفصحى إثر اختراق سياجها، ونهش طمأنينتها الآمنة في عتمة
قواميسها.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية الشعر/السلطة في ديوان نفاج - تدشين ص� (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
(4) اذابة الدلالي بمختبر اللغة:
نصوص محجوب في نفاجه لم تكن تصور فجائع
القهر، بل تستبطنه وتقدل متبخترة على جسده الثقيل
إنها قصيدة الحالة لا الواقعة، عند رثاء شخص ما
يصعب على القاريء أن يحدد إن كان المرثي شخصاً
أم وطناً:
النفاجو فاتح ما بين دين ودين
نفحة محمدية ودفئاً كالضريح
ميضنة كم تلالي
جيداً في الأعالي مريم والمسيح
تحتفظ القصيدة بقدرتها العالية على العودة
لخطها الجمالي الذي انتخبته بشكل نهائي، ما أن تخرج
عنه إلا سرعان ما تعود .
تأتي منازلتها للسلطة بأدواتها قصيرة وساخرة
من ممارساتها:
ما بنبنيهو فرادى
ولا بالضجة في الرادي
ولا الخطب الحماسية
(5) تبدلات المعنى إثر ولوجه حقل الغناء:
جاءت نصوص محجوب مفتوحة على فضاء الغناء، محتفية
بأعراسها مستنفرة جند الإيقاع ، لغة فوارة متلهفة تحمل طاقة
تضيق بها الكلمات.
عما قريب
الهمبريب
يفتح شبابيك الحبيب
والحال يطيب
ينسد باب السجن لينفتح باب الحياة فيفضح خواء عوالم السجان
مساجينك
مساجينك
نغرد في زنازينك
عصافير مجرحة بسكاكينك
......
.......
ولما تهب عواصفنا
ما حيلة قوانينك؟!!
كلما ازدادت ضراوة السلطة شحذ نص محجوب
سكاكينه الأكثر رهافة، كأنما تذبح الطاغية بشفرة وردة ..
غناء دفاق يفتح شبابيك اليقين في لجة قبح العصر،
حرب لا لا لا لا
كبري اسبتالة
صالة للثقافة
تمرح الغزالة
جنبها الزرافة
شكراً د. هاشم ميرغني .. شكرا محجوب شريف
سياحة في فضاءات المعاني
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية الشعر/السلطة في ديوان نفاج - تدشين ص� (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
وجاء تعقيب الأستاذ الكاتب/ محمد جميل أحمد .. بمزيد من التفكيك المضيء في دهاليز
نفاج المحجوب وقراءة جديدة اختلف في أجزاء منها مع المحاضر عبر تقديمه لأسانيد تستحق النظر
ففسح بذلك المجال لمزيد من السبر في أغوار إبداعات محجوب وآفاق الشعر عموماً ..
رحب بالحضور وبالأستاذ هاشم وقال:
• استعارة السلطة لخطابها اللغوي ، لا يمثل حيازة منها واحتكارا لذلك الخطاب بقدر ما هو اختيار
يتماهي مع معطى اللغة الفصيحة ويضمر معها تماهيا متوهما ، بمعنى آخر أن حيازة خطاب السلطة للغة
هو اختطاف وادعاء لنسق ما من أنساق اللغة ضمن سياق تأويلي ، لا ينفي بالضرورة حقيقة قابلية اللغة
الفصيحة لتجريب خطاب إبداعي من داخلها وضد خطاب السلطة ذاته ؛ بما يعنيه ذلك من أن الشعر في
الحقيقة يكمن بين الكلمات ، وليس الكلمات ذاتها .
• انهاء عصر الاحتجاج بوفاة الشاعر ابراهيم ابن هرمة في العام 150 هـ لم يكن تحديدا لاحتمالات
التجريب الشعري داخل اللغة فقد شهد الشعر في العصر العباسي الأول الذي تزامن مع هذا التاريخ نقلة
تجديدية فارقة لأبي نواس وبشار وغيرهما ؛ وإنما كان إنهاء عصر الاحتجاج لتحديد معيار الكلام الفصيح
الصحيح المحايث لأزمنة اللغة مع تاريخ نزول (النص القرآني) لتأكيد قوة الاحتجاج في فهم النص القرآني .
وكان ذلك الإنهاء حلا منهجيا يتصل بحفظ السلامة المعيارية للألفاظ العربية وتراكيبها في الفن العربي
الأول الذي كان رمزا للفصاحة العربية عند نزول القرآن ، من ناحية ، وأصبح مرجعا تفسيريا ولغويا في
فهم النص القرآني .
• لا أظن أن شيخوخة اللغة هي ما تعاني منه العربية اليوم ، وإنما هو طبيعة العلاقة مع تعلم تلك اللغة
بقواعدها من جهة الناطقين بها لأسباب ثقافية وليست إبداعية أو لغوية بالضرورة ــ وهو أمر يمكن تجاوزه
لو تم تأسيس منهجيات تعليمية محكمة لتدريس تلك اللغة ــ فالقواعد هي التي تمسك هوية النظم اللغوية
وهوية الإبداع أيضا . أما تفسير يوسف الخال توقف مجلة شعر باصطدامها بجدار اللغة ، فلا يخلو من أيديولوجيا
وتحكم ؛ إذ كيف يمكن لجماعة شعرية أن تبرر توقف مشروعها في الإبداع لأسباب لغوية ؛ فيما شهد التعبير
الشعري العربي ، بعد ذلك تجارب شعرية متقدمة أبرزها تجربة الشاعر الكبير محمود درويش ، الذي استثمر
بحر المتقارب في نصه الشعري على نحو مدهش.
• بخلاف تصور جان جاك روسو لعلاقة الشاعر مع الألفاظ في الالتزام بمعناها العام في نصه الشعري ، يمكن
القول أن مهمة الشاعر عكس ذلك تماما أي في شحن الألفاظ بمجازات تفك المعنى العام للفظ عن مدلولاته المعجمية
وتدخل فيه معاني جديدة ينسجها الشاعر من داخل تجربته الإبداعية .
• لقد اشتغل نص محجوب شريف ، بحسب هذه الدراسة في ديوان (نفاج) على مواجهة سلطتين ؛ سلطة الايديولوجيا
كناظمة بلاغية ومبالغة ، وفي الوقت ذاته على مواجهة ما يوازي تلك الأيديولوجيا في خطاب السلطة الذي يحاول التماهي
مع اللغة الفصيحة بوصفها حيازة خاصة .
• يمكن القول أيضا أن اليومي والمهمش والتفاصيل والعادي يظل موضوعا للشعر بمختلف تجنيس خطابه داخل اللغة ،
سواء أكانت فصيحة أم عامية ، وإذا ما أمكن للعامية أن تصبح مرجعية حية للمعيش ومدخلا قريبا للذائقة العمومية فإن
محدودية خطابا الإبداعي داخل الجماعة التي تتحدث بها قد يكون هو المجال الذي تتجاوزه لغة الكتابة الفصيحة إلى
فضاء أرحب من حيث المتلقين والقراء المحتملين في جمهور اللغة العربية ؛ هذا إلى جانب أن المحلية الوسطية ذاتها في
خطاب العاميات السودانية ذات اللهجات المتعددة داخل اللغة ذاتها ، والتعدد اللغوي خارجها قد تضعنا أمام تشويش ما حيال
فهم بعض المفردات ذات طابع المحلية الوسطية في السودان ، وأرجو أن لا تستغربوا إذا قلت لكم شخصيا ، بما أنني انتمي
إلى شرق السودان لا أعرف كلمة (نفَّاج) ، وأن كلمة (خوخة) العامية أيضا ربما كانت أقرب لي منها !
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية الشعر/السلطة في ديوان نفاج - تدشين ص� (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
كتب الأٍستاذ/صلاح هاشم السعيد:
قد لا أرى بأن اللغة "أي لغة" كافية لإيصالنا (إلا بما يشبهنا)، ربما المشكلة في الظن بأن اللغة مجرد قالب يتم تركيب المعنى عليه، وبأن لا
علاقة لها بطرق التفكير وآلياته ـ يمكن القول تحديداً بأن "اللغة" محمولة على مظانها "فينا" وعلى صياغة فكرتها "هي" عنا "نحن" ـ
بافتراضها مجرد انعكاس لـ"صورة" شائهة لا ندرينا في تمام كمالنا "رغم إدعائها"، "أصلاً" ليست هناك معارف تطابقية مع كلية الوجود
بأشكاله المتعددة ـ باعتبارها "فكرة اللغة" ليست منبته، أي أنها تظل أبداً محمولة وقائمة على إرثها ـ وإن لم ننتبه قد نقع في فخها، أو تظل
طرق التفكير الفردي والجمعي "بطريقة ما" ودون أن ندري "محكومة أو مستعبدة" لذات اللغة المفكر بها.
على النقيض إن رأيناها من زاويتها "ذاتاً لامحددة"، بمعناها مجموعة عوالم لانهائية الإمكان، لها أن تُفلتنا في أبعادها المجهولة واحتمالاتها
المتعددة، أو تسقطنا في المجازية وحرية التفكير من خلالها ـ تحديداً "إن شئنا": لا تستطيع "أي لغة" سجننا في فكرتها "معنى محدد".
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية الشعر/السلطة في ديوان نفاج - تدشين ص� (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
كتب الأستاذ محمد جميل:
• استعارة السلطة لخطابها اللغوي ، لا يمثل حيازة منها واحتكارا لذلك الخطاب بقدر ما هو اختيار
يتماهي مع معطى اللغة الفصيحة ويضمر معها تماهيا متوهما ، بمعنى آخر أن حيازة خطاب السلطة للغة
هو اختطاف وادعاء لنسق ما من أنساق اللغة ضمن سياق تأويلي ، لا ينفي بالضرورة حقيقة قابلية اللغة
الفصيحة لتجريب خطاب إبداعي من داخلها وضد خطاب السلطة ذاته ؛ بما يعنيه ذلك من أن الشعر في
الحقيقة يكمن بين الكلمات ، وليس الكلمات ذاتها .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: جدلية الشعر/السلطة في ديوان نفاج - تدشين ص� (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
عاش محجوب شريف شاعراً ومناضلا ممارساً وإنساناً فعالاً
عرفته شوارع أمدرمان وأحيائها الطرفية كما عرفته سجون
الأنظمة الدكتاتورية صوتاً مجلجلا ..
ديل أنحنا
القالوا متنا
وقالوا فتنا
وقالوا للناس انتهينا
الليلة جينا
جينا زي ما كنا
حضنك يحتوينا
.. أصبحت اشعاره جزءا عزيزاً في وجدان الحالمين بوطن بالفيهو نتساوى ..
نحلم نقرا نتداوى .. مساكن كهربا وموية .. تحتنا الضلمة
تتهاوى .. فقل لكتائب النقد وتعدد القراءات استعدي . .
| |
|
|
|
|
|
|
| |
Mohamed Abdelgaleel
مامون أحمد إبراهيم
صلاح هاشم السعيد
علي عبدالوهاب عثمان
محمد حسن الشيخ
د.محمد حسن
nassar elhaj
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست