المرحاض .

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 00:54 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-19-2013, 12:43 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المرحاض .


    - دكتور مهدى الماحى .. انتا خراء كبير .
    اتحدث مع نفسى كثيراً عند الاستيقاظ من النوم .. اتحدث مع نفسى حتى اطرد الوحدة الخانقة .
    انا وبلا فخر , رئيس وهمى لحزب وهمى , مُجرد سكرتير تافـه لملياردير يمنى الاصل عنده نفوذ كبير فى تنظيم (الاخوان المسلمين) العالمى .
    انا مُجرد يافطة كبيرة من القماش يتم التلويح بها عبر الاعلام .
    اكاديمى ذو توجهات ليبرالية .. مُؤمن والحمد لله باقتصاد السوق الحر والخصخصة .. الشخص المناسب فى المكان المناسب للقرن الحادى والعشرين .
    ألم فتحة الشرج بدأ فى التصاعد , تجاوزت الخمسين بقليل يجب ان اتوقف عن المُمارسة الماراثونية , مرة واحدة تكفى فى الأسبوع .
    عندما نهضت عارياً لدورة المياه , لمحت بقعة دم مُتجمدة ومتوسطة الحجم على (المرتبة) البيضاء , هذه هى المرة الثالثة التى انزف فيها من الخلف خلال النوم , يجب ان استشير طبيب .
    حملت جسدى الخمسينى المُرهق ووقفت امام المرآة انظر له فى تمعن , عندى بشرة ناعمة جميلة , ودرجة معقولة من الوسامة , واجتماع حزبى فى العاشرة صباحاً .
                  

04-15-2015, 10:03 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    hiding-ii-mats-eriksson2.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


    المرحاض
    السيرة الذاتية الكاملة للدكتور مهدى الماحى

    لوحة الغلاف للرسام Mats Eriksson
    SNB_5.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

                  

04-15-2015, 10:19 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    الاهداء

    لروح الصعلوك الاعظم فى تاريخ الكتابة البشرية .
    الى الايرلندى المُنحرف والعبقرى .
    (أوسكار وايلد) .
    كاتباً .. ومفكراً .. ومسرحياً .. وشاعراً .. وروائياً .. ومثلياً .
    تحية لروحك المتوحشة وهى تحترق فى الجحيم .
                  

04-16-2015, 04:43 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    خلال مروره بـ " أثينا " , قال غريب , خبير بالوجوه , مُباشرةً لـ " سقراط "
    - انت قبيح , وفيك أقبح العيوب وأسوا الشهوات .
    وقد اكتفى " سقراط " بأن اجاب
    - لشد ما تعرفنى جيداً .
    ***

    الذاكرة هى ما تبقت لنا يا شاهين .. الذاكرة التى تربط الحاضر بالماضى , الذاكرة التى تفضح الاعداء وتعرف الاصدقاء .
    لو اختفت من أذهاننا مثل ذاكرة جهاز الحاسوب المصاب بالفيروس فسوف نختفى من الوجود .
    (مُقتطف من رسالة الكترونية شخصية , من صديق عزيز على قلبى وعقلى)
                  

04-16-2015, 04:52 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    قصاصة صغيرة من صحيفة يومية :
    العثور على جثة طالب الصيدلة فى مدينة كوستى يزيد من غموض القضية , والشرطة تواصل حل لغز الجريمة .
    *
    قصاصة صغيرة من صحيفة يومية :
    دكتور مهدى الماحى يُطالب جميع الأحزاب العمل بجدية لانقاذ السودان من الكارثة الوشيكة .
                  

04-16-2015, 04:57 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    1

    انت
    انت يا من بقيت فى الذاكرة المثقوبة مثل غُربال قديم , تشبثت جيداً على حوافها , رغماً عن كل من عرفتهم , تبقى انت الاول والدائم فى لحظات المتعة الصافية
    - هل حزبكم على استعداد .. عشان ما يخوض الانتخابات الجاية ؟ .
    تتعثر ذات الثدى النافر بين اللغة العربية الفصحى , واللهجة الدارجة
    ادور فى المقعد الدائرى الجلدى , نصف دورة جعلت كتفى الايمن بمحازاة وجهها
    - Droughts occur regularly in our political parties
    لمحت ارتسام ابتسامة نصف بلهاء على وجهها من خلال زجاج النافذة المصقول
    - الترجمة لو سمحتا يا دكتور , عشان انا الانجليزى بتاعى شوية كده أأأأأ ...
    استدرت فى مُواجهتها مرة اخرى بحركة سينمائية رشيقة
    - يعنى احزابنا السياسية فى السودان عندها فترات بتاعت قحط وجفاف دورية .. حاجة كده زى الجفاف البيحصل فى قارة افريقيا , لكن مع الحراك السياسى بترجع تانى تستعيد نشاطها وحيويتها .. واعتقد مع الانتخابات الجاية ممكن نشوف حيوية ما موجودة فى الظرف الراهن .
    - هناك اتهامات لحزبكم انه يخدم رجل اعمال مشهور .. أأأ انو يعنى فى ملياردير سودانى من اصول يمنية أنشاء هذا الحزب عشان يكون مخلب قط و........
    قاطعتها فى صرامة وتهديد حتى جفلت مثل مهرة تسقط فى بئر
    - لا .. لا .. لا .. كده عيب , ما بسمح ليك تتجاوزى حدودك فى الاسئلة .
    - انا اسفة يا دكتور , بس انا أأأ ............
    اشهرت قلمى الذهبى مثل مسدس بين عينيها
    - الكلام ده ما صحيح .. بالتحديد المقصود بالكلام ده هو السيد مصطفى غالب , وده كلام عارى من الصحة , ما اعتقد انو فى مشكلة لو رجل اعمال ناجح ساهم فى تأسيس حزب سياسى مع مجموعة من الاكاديمين المهتمين بالشأن العام , السيد مصطفى غالب انسان وطنى زيو زى اى زول عضو معنا هنا فى الحزب , وبعدين الاسطوانة المشروخة بتاعت انو من اصول يمنية وما سودانى بالميلاد , ده كلام ضد مفهوم المواطنة .. نعم من حق الانسان بعد الحصول على الجنسية فى اى بلد ممارسة نشاطو السياسى , والسيد مصطفى غالب حاصل على الجواز السودانى من سنة 1990 , ومتزوج من سودانية .
    - هل السيد مصطفى غالب ممنوع من دخول اليمن , عشان عندو علاقة مع تيارات الاسلام السياسى اليمنى ؟ .
    - مجرد اشاعات غبية .. والدليل انو السيد مصطفى غالب فى اللحظة دى بالذات متواجد فى اليمن السعيد هو , وزوجتو , وبناتو التلاتة .
    - طيب , لماذا هذا الهجوم والاشاعات بالتحديد على شخص واحد , والحزب فيهو اعضاء كُتار ؟ .
    - والله انا شخصياً رئيس الحزب ومافى زول بهاجمنى , هاهاهاهاها .. شوفى , بالتحديد فى جهات تجارية بتنافس شركات السيد مصطفى عندها مصلحة فى الهجوم الاعلامى عليهو , وزى ما انتى بتكونى عارفة فى ناس بتفتكر انو التجارة قذارة .. مرة تانية بكرر , القرار فى الحزب عندنا هنا قرار جماعى , والحزب ده ما حق زول واحد .
    - انتم علمانيين ولّا اسلاميين ؟ .
    - احنا حزب وطنى .. افتكر يا استاذة نص ساعة كفاية على لقاء صحفى .
    - معليش يا دكتور .. اخدتا من وقتك كتير , انا اسفة .
    - ما مشكلة , فى السكرتارية حـ تلقى صور اختارى منهم واحدة تنزل مع اللقاء .. انا ما بحب اتصور الا مع المصور الخاص بتاعى , بيفهم فى الزوايا بتاعت الوش كويس .
    - شكراً مرة تانية .
    مدت يدها للمصافحة ابقيتها داخل كفى لثوانى , كفها ناعم ورقيق
    - عارفة انك حلوة يا انسة بديعة , بالجد انتى بديعة زى اسمك .
    - شكرا ليك دكتور مهدى .. ده اطراء اتمنى اكون بستحقو .
    لملمت اوراقها فى ارتباك واضح
    - بالمناسبة , أسمك الثلاثى شنو ؟ .
    - بديعة تاج السر الامين .
    - خلاص يا بديعة خلى نمرة تلفونك فى السكرتارية .. عندنا مشروع جريدة يومية عايزين نصدرها باسم الحزب واكيد حـ احتاج ليك ولخبرتك .
    اشرقت مثل قمر فضى حزين فى تمام اكتماله
    - يااااه .. انا شاكرة شديد للثقة دى يا دكتور .
    تأخرت عليه , سوف يفتعل التذمر كالعادة
    - ايوه يا غسان انا جاى فى السكة , لا خليك فى الشقة , ربع ساعة بكون معاك , كان عندى لقاء صحفى , معليش .
    ضجرت منه بعد ان اصبحت لا احب العلاقات الجنسية طويلة المدى , ضجرت من ابتزازه , ارهقنى مادياً ابن الحرام , تحصن جيداً ضدى
    حمل ذات يوم كاميرا ديجتال صغيرة بين يديه
    - تعال شوف .
    جلست على حِجره الرجولى الساخن , وضعت راسى على غابة شعر صدره العريض
    - ده شنو يا ولد يا قليل الادب ؟ .. فيلم سكس ؟ .
    - ده انا وانتا .
    وضع لسانه داخل أُذنى واخذ يُربت على فخذى فى نعومة خبيثة .. حملقت فى الشاشة الصغيرة , لحظة بين الحلم والواقع , كنت انا فى الفيديو المصور ارقد تحت جسده الرياضى , ارتعد من التاؤه , خلجات وجهى فى لحظات القذف الفريدة
    انتفضت واقفاً
    - ده شنو يا غسان ؟ .. انتا صورتنى ؟ . . صورتنى كيف ؟ .
    - تخيل لو الفيديو ده لو نزل فى الانترنت .. سجمك , سجمك .. رئيس حزب سودانى معارض يمارس اللواط مع طالب جامعى .. هاهاهاهاها .
    صرخت بكل قوة
    - مجنون .. انتا مجنون .. عارف انا بصرف عليك كم فى الشهر ؟ .
    هجمت عليه بكل شراسة , جلس ساكناً دون اى مقاومة
    - عايز تحطمنى بعد ما شبعتا من قروشى يا ود الـكـلـب , صرصار زيك داير يحطم دكتور مهدى الماحى .
    انتزعت منه الكاميرا الديجتال الصغيرة , حطمتها على الارض فى عنف , قال دون اهتمام
    - عندى نسخ كتيرة من الفيديو ده .
    كان الدم ينزف على شكل نقاط صغيرة من شفته السفلى بعد لكمتى القوية
    - انا عملتا ليك شنو يا غسان ؟ .
    - انا بهظر معاك .. انتا الظاهر عليك بقيت ثقيل ما بتحب الهظار .
    - اوعك تلعب معاى يا غسان , اوعك , انتا الظاهر عليك ما عارف انا منو , وممكن اقدر اعمل فيك شنو .
    تغيرت لهجته فجأةً
    - عليك الله ما تزعل منى , انا كنتا بهظر معاك .
    التصق بى بقوة من الخلف , شعرت ببداية عملية الانتصاب لعضوه الفحل
    - ما تزعل منى , مافى نسخة تانية من الفيديو , انا بتكلم ساكت عشان ازهجك .
    - لحمى مُر .. اعمل حسابك منى يا ولد وافتح عينك كويس زى الـريـال .
    كيف وضع الكاميرا فى غرفة نومى ؟ .. كيف ؟ , كيف وضع الطوق حول عنقى ؟
    فتحت الباب الخشبى السميك , كان يجلس امام شاشة التلفاز فى هدوء , يحتسى كوب مياه غازية كبير
    - غسان كيف ؟ .
    - تمام .
    دون ان يرفع حتى عينيه من على الشاشة البلورية , يُحب ان يُمارس معى لعبة التجاهل
    ارتميت عليه مُنهكاً من الرغبة والشبق
    - معليش على التأخير حبيبى .
    - مفروض فى وعد بتاع عربية يا دكترة , مش كده ؟ .
    - انا هسع مزنوق مادياً يا غسان , اول الشهر الجاى العربية حـ تكون عندك .
    تتحرك يدى فى اجزاء جسمه بولع , اغمض عيونى
    - كل مرة الشهر الجاى ؟ .. والشهر الجاى ده اصلو ما بيجى .
    خرج منى ذلك الصوت الرقيق المصطنع , والذى لا اعرف من اين يأتى !
    - غسان .. غسان , خلى الكلام الكتير , انا مُشتاق ليك شديد .
    اين تلك الرائحة التى احبها ؟ .. رائحة البول وعطن المراحيض البلدية
    الايام التى لن تعود , وحاسة الشم التى تراجعت مع التقدم فى العمر .. الخفير ضخم الجثة يضعنى بين فخذيه , حقيبتى المدرسية على الارض , اصوات اقدام ثقيلة , صوت الباب ينفتح على مصرعيه , صوت حاد خشن , يرتجف من الدهشة
    - ده شنو ؟ بتعمل شنو يا حاج خليفة ؟ .
                  

04-16-2015, 05:11 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    2

    ليلة امس كانت ليلة حمراء رائعة
    من الليالى النادرة التى يُبدع فيها .. اوصلنى للذروة اربع مرات متتالية , تركت عندى تشنجات ذات الم طفيف فى ذلك الجزء الاسفل
    يبتزنى الوغد .. فهمت الرسالة عندما عرض على الفيديو المُصور , طالب الصيدلة الفاشل الذى يمتلك فحولة الشباب العفية
    اعرف ماذا يُريد وهو لا يعرف اننى اعرف .. تلك العلاقة العاطفية القديمة مع زميلة جامعية اتجهت للصحافة - مهنة من لا مهنة له - .. " بديعة تاج السر الامين"
    اشترى ابن الـكـلب من ثمن علاقتى الجسدية بجسده القوى قطعة ارض فى منطقة نائية جنوب الخرطوم , والان يُريد السيارة , وربما بناء ناطحة سحاب !
    - هاهاهاهاها .
    فى كل الاحوال كنت اريد انهاء العلاقة , بعد " حافظ ابراهيم " اصبحت لا احب العلاقات طويلة المدى , تُصبح مثل مؤسسة الزواج اللعينة .. اصبحت احب التجديد فى شريك الجنس , وفى نوعية النقاشات والاهتمامات المختلفة معه , احافظ فقط على روتين طقوس الاستيقاظ المُبكر
    الان اعرف ان لديه نسخة مُصورة , او ربما اكثر .. أصبح موضوع انهاء العلاقة شبه مستحيل , لن يقبل ان يتوقف صنبور النقود من التدفق , الفاشل ابن الأسرة الفقيرة
    لم انتبه طيلة حياتى ان الطرف الثانى فى العلاقة لديه شجاعة تسجيل ما يحدث على السرير .. هذه واحدة من لعنات العولمة , تلك الاجهزة صغيرة الحجم فائقة الدقة
    كيف ؟ واين ؟ وضع تلك الكاميرا الصغيرة
    - داير تلعب مع بابا مهدى يا ود الحرام ؟ .. انا بحب اللعب القذر زى عيونى .. بالظبط زى ما بحب الـ sex .
    الصباح الباكر , اول طقوسى المقدسة , اشعال سيجارة واحدة ووحيدة طيلة اليوم كله قبل التوجه لدورة المياه , ثم شرب كوب كبير من القهوة السادة وبعدها الاستماع فى صبر حكيم افريقى لنشرة السادسة صباحاً على موجات أثير الـ bbc العربية , اعرف منها ان الدماء فى كل مكان ,فى العراق , و باكستان , و دارفور , وان هناك أزمة رهن عقارى فى البنوك الامريكية .. طلاسم اخبارية لا استطيع حلها وفهمها بشكل صحيح وصادق
    مقالاتى الصحفية عبارة عن تجميع منظم لمعلومات من الشبكة العنكوبتية , مثلى مثل كل من يكتب , ليس هناك ابداع عقلى وثقافى حقيقى بين السطور
    - دكتور مهدى الماحى .. انتا خراء كبير .
    اتحدث مع نفسى كثيراً عند الاستيقاظ من النوم .. اتحدث مع نفسى حتى اطرد الوحدة الخانقة
    انا وبلا فخر رئيس وهمى لحزب وهمى , مُجرد سكرتير تافـه لملياردير يمنى الاصل عنده نفوذ كبير فى تنظيم الاخوان المسلمين العالمى
    انا مُجرد يافطة كبيرة من القماش يتم التلويح بها عبر الاعلام
    اكاديمى ذو توجهات ليبرالية , مُؤمن والحمد لله باقتصاد السوق الحر والخصخصة , الشخص المناسب فى المكان المناسب للقرن الحادى والعشرين
    الم فتحة الشرج بدأ فى التصاعد , تجاوزت الخمسين بقليل يجب ان اتوقف عن المُمارسة الماراثونية , مرة واحدة تكفى فى الأسبوع
    عندما نهضت عارياً لدورة المياه , لمحت بقعة دم متجمدة ومتوسطة الحجم على المرتبة البيضاء , هذه هى المرة الثالثة التى انزف فيها من الخلف خلال النوم , يجب ان استشير طبيب
    حملت جسدى الخمسينى المُرهق ووقفت امام المرآة انظر له فى تمعن , عندى بشرة ناعمة جميلة , ودرجة معقولة من الوسامة , واجتماع حزبى فى العاشرة صباحاً .
                  

04-16-2015, 05:25 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    3

    اجتماعات المكتب السياسى للحزب ثقيلة على القلب , اعرف كيف اجعلها جحيم لا يُطاق
    اولاد وِسخة كلهم .. أعضاء مكتبى السياسى الحبيب
    كلهم يحملون صفة جحش الله فى برسيمه بكل امتياز
    كل فرد فيهم يُمارس مهنة التجسس ضدى لمصلحة " مصطفى غالب " , وكلهم يتجسسون على بعضهم لمصلحتى .. كلهم يحلمون بالجلوس على كرسى الرئاسة , وكلهم يعلمون ان هذا الحزب عبارة عن بوتيك ادوات تجميل وتركيب عطور لطرد روائح العرق المنفرة التى تفوح من تحت ابط كل اعضائه , حزب علاقات عامة من اجل التخديم على المصالح الاقتصادية للسيد المحترم فى غابة صراعات ضروس , لا اكثر ولا اقل
    الم فتحة الشرج , والمزاج غير الصافى , وقرارى اننى لن ترك لهم الجمل بما حمل الا جثة هامدة
    كم فرداً فيهم يعرف حكايات ميولى الجسدية المثلية ؟
    وكم فرداً فيهم يعرف مغامرات زوجتى عطيات غالب الجنسية الفاضحة ؟
    " عطيات " هى الثمن لهذا الكرسى , حصلت عليها فى صفقة تبادل للمنافع .. الشقيقة الصغرى للملياردير المتغطرس
    " عطيات غالب " التى اشبعت شبق مدينة لندن بكاملها , المدمنة السابقة للمخدرات الثقيلة , لم تترك عضو اى زنجى فى بريطانيا العظمى الا وادخلته فى فرجها العجوز , اصبح فرجها مثل المملكة العظمى تماماً فى تاريخها القديم المندثر , لا تغيب عنه الشمس ابداً
    زوجة عاهرة بالكامل لديها ابنة غير شرعية تحمل أسمى , ورئاسة بوتيك يعرض طُراش كريه الرائحة على انه مشروع فكرى طموح وناجح !
    سوف اُعذبهم , انا الوحيد الذى احمل شهادة عليا فى مجال العلوم السياسية فى زريبة الابقار هذه
    - حـ نناقش هسع التقرير السياسى الدورى .
    اخرجت ملفاً من الاوراق المكتوبة بخط اليد , ملف غاية فى الضخامة
    - معليش يا أساتذة عندى هنا 230 ورقة عايزين نقاش مستفيض حولها .. ومفروض ننتهى منها الليلة .
    شهقوا من الغضب والاستنكار .. اليوم هو الخميس وعشيقاتهم البائسات فى انتظارهم على احر من الجمر , كتمت ضحكة عالية كادت تفلت من فمى
    قلت فى نفسى
    - يا خولات انتو قايلين السياسة دى سهلة .. ملعون ابوكم واحد وراء التانى .
    كيف اتخلص من " غسان " ؟ .
                  

04-16-2015, 05:38 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    4

    بدايات الشتاء هذه تبعث فى نفسى الشجن
    اخرج من دار الحزب عند التاسعة مساءً .. اللافتة المُضيئة على المدخل تُذكرنى بمدارس العبث فى المسرح والروايات
    (حزب التنمية الاجتماعي)
    اسماء الاحزاب مثل اسماء البشر تحمل التناقض الصارخ
    والاشياء المادية الجامدة ايضاً تحمل اسمائها نفس هذا التناقض , فالقنبلة الذرية التى اسقطوها على هيروشيما اطلقوا عليها اسم رمزى غاية فى البراءة والطفولية , ؛؛ الصبى الصغير؛؛
    " حافظ ابراهيم " المُعارض العراقى لنظام " صدام حسين " , هو الذى منحنى الحب الحقيقى فى شتاء لندن القارس
    يا كوب الشاى على الطريقة العراقية , مع عزف عود لموشحات شرقية حزينة
    هو الوحيد الذى لم المح نظرات الاحتقار بين عينيه عندما ننتهى , رسام تشكيلى بديع ومخرج مسرحى مشهور .. تعرفت على جميع أطياف المعارضة العراقية فى شقته المتواضعة الصغيرة , شيعة وشيوعيين , سُنة وأكراد وأشوريين , انبياء نهوض دينى بمفاهيم مُعاصرة , وبعثيين فاتهم قطار امتيازات اشاوس الامة الواحدة ذات الرسالة الخالدة , عسكريين برتبهم العسكرية الكبيرة السابقة وقد نجوا من الاعدام باعجوبة , وعملاء اجهزة أمنية يُريدون تقارير ليكتبوها لاسيادهم الثوريين فى بغداد
    كان مُعارض نشيط .. مثقف عضوى من طراز رفيع , يفهم ويعرف معنى الحب الانسانى الجسدى
    - يعنى ما لازم علاقة الحب تكون بين انثى وذكر ؟ .. ممكن تكون بين ذكر وذكر , وبين انثى وانثى .
    عيونه العسلية الحادة , ولهجته العراقية الرصينة , همسه الراقى
    - انا بحبك يا مهدى .
    أضع يدى فى جيب معطفه , ويضع يده على كتفى , نمشى متلاصقين فى أزقة لندن القذرة , يُحب " مظفر النواب " , ويكره شعر من يحمل أسمه
    لديه تقطيبة جميلة عندما يتحدث فى السياسة
    - الحرية لكل الشعب العراقى .. الحرية لكل الشعوب .
    رصاصة وحيدة من كاتم صوت استقرت فوق الفك الاعلى من وجهه , سقط على واحد ة من شوارع أسفلت عاصمة المملكة الاردنية الهاشمية جثة هامدة , خافوا من اغتياله فى المملكة المتحدة حتى لا تحدث ازمة دبلوماسية بين البلدين
    تم اعداد كمين مُحكم , اختياره فى لجنة تحكيم فعاليات مهرجان مسرحى للهواة , باعتباره واحد من الاسماء المسرحية المعروفة على مستوى العالم العربى , مؤامرة تم تنسيقها بين السلطات الاردنية والسلطات العراقية , رغم اننى حذرته ورغم ان المقربين منه حذروه
    - يريدون سحبك واخراجك من هنا للاجهاز عليك , والاردن بلد غير محايد بالنسبة للمعارضة العراقية .
    تعلمت ان لا اخجل من نفسى على يديه
    كان حبى الحقيقى .
                  

04-16-2015, 09:18 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    5

    يتجرد من ملابسه .. يقف عارياً تماماً
    احمل خطواتى الصغيرة المترددة اليه
    - ابوى انا دكتور مهدى .
    ينظر لى بعيون حمراء , وشعر اشعث , وفم عليه بقايا زبد ابيض جاف
    الحمى التى صعدت للراس ودمرت ذلك الاستقرار العائلى الحنون
    كانت تبكى ذات الصوت الملائكى
    - ابوكم الملاريا طلعت فى راسو .
    فى الذاكرة الشبحية بقايا من الانسان الذى كان .. قبل الحطام الذى استقر ردحاً فى مستشفى التيجانى الماحى
    امى وهى تمسكنى من يدى ونحن نقترب من المكان , تمتحن ذكائى المتواضع
    - دكان ابوك وين يا مهدى ؟ .
    - اهو داك , الواقف جنبو الكارو .
    لافتة خضراء جميلة اعلى الواجهة , عرفت بعد ذلك معنى الحروف المكتوبة فيها بخط عربى بديع
    ؛؛ الماحى عبدالعزيز مهدى .. تجارة اجمالى ؛؛
    لا تدخل معى , هى من نساء الطراز القديم , تقف على بعد امتار قليلة من الدكان وتنتظر حتى ادخل
    - خلاص ارجعى يمة .
    اجده يجلس على مقعده مثل الاسد , يُبعد مبسم الشيشة عن فمه ويضعنى على حِجره الواسع فى تهليل صادق , تفوح منه روائح عطر وعرق مخلوطة بتبغ الشيشة
    - اهلاً , اهلاً .. دكتور مهدى الماحى , ازيك يا بطل .
    طلب من جميع من يعمل معه ان يُطلق علي لقب دكتور
    - مهدى ده حـ يكون اعظم جراح فى السودان .
    روائح الصابون وزيوت الطعام تنبعث من المكان كله .. انام على حِجره وفى يدى بسكويت , راسى الصغير على صدره ويده تُداعب شعرى بحنان ابوى اشتاق اليه الان
    امى كانت تُقسم انها مُجرد
    - ملاريا طلعت فى راسو .
    ماتت على امنية ان يعود كما كان , وان نعود كما كنا ! , وان نغفر لها طلقها منه , واندفاعها غير المحسوب فى زواجها الثانى , الذى دمرها ودمرنا قبل ان ينتهى نهاية تراجيدية مُتوقعة
    عندما استلمت الجثة , جثة ابى من مشرحة المستشفى الحكومى .. بكيت وانا انظر لوجهه الحزين العجوز الحائر .
                  

04-16-2015, 10:58 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    6

    تخلصت من كل رصيدى من الافلام الاباحية
    كلها احرقتها قبل ايام
    اشرطة فيديو من زمن غابر , واسطوانات كمبيوتر .. اصبحت لا تجلب لى نفس اللذة القديمة , كأننى اُشاهد مباريات حيوانية فى المصارعة الحرة بدون اى اثارة
    ابحث دون جدوى عن حب حقيقى , عن لمسات انسانية صادقة , عن "حافظ ابراهيم " جديد يُحب اغانى " فيروز " والموشحات الاندلسية الرصينة , ويُحدثنى عن المدارس الفلسفية والاجتماعية الجديدة فى انحاء العالم
    يتغير الانسان كثيراً عندما يقف على عتبات الخمسين , عندما تنفتح ابواب الكهولة الصدئة امامه ويعلم بالحساب البسيط ان ما مضى اكثر من القادم بكثير
    كم مرة فكرت فى الهرب ؟ .. حلمت اننى ابتعد , اقدم استقالتى بكل بساطة من هذا الحزب الوهمى , ابتعد بورقة الطلاق عن العاهرة العجوز .. كم مرة فكرت فى الهروب الى مكان لا يعرفنى فيه انسان ؟
    الولايات المتحدة , استراليا , كندا , او ربما العودة مرة اخرى لانجلترا .. حياة جديدة , حياة بعيدة عن من اعرفهم ومن يعرفوننى , بعيدة عن بصاق الناس فى الشوارع القذرة
    ولكننى اقف فى منتصف الطريق حائراً اتساءل فى هلع
    - عمرك هسع 52 سنة حـ تمشى تعمل شنو بعد ده ؟ .
    انا ضحية الروتين اللذيذ , ضحية خوف خواف من البدايات الجديدة الجذرية الجادة , انا الباحث عن الحب المستحيل
    حتى انتِ يا " نوارة " ؟
    حتى انتِ ؟ ولعنة الجنون
    امواج البحر الاحمر وهى تبعث على الضجر والاكتئاب القاتم , الحرارة اللزجة مثل مُخاط السائل المنوى على فتحة شرجى , وذُباب مدينة بورتسودان الاهوج فى عناد , قططها التى توشك على الكلام عند طلب الطعام , صيفها ملعون , والميناء من بعيد فى ليلها الخانق مثل كائنات حكايات الطفولة الخرافية
    هكذا بكل بساطة طلب منى زوجها الطبيب البشرى , ان احملها وابتعد عنه , انا اتحمل وحدى عبء غيابها العقلى .. وحدى يا " نوارة " وانا الوحيد بين الناس !
    - اختك يا دكتور بقت خطر على الاولاد , هم ذاتم نفسياتم اهتزت بعد مرض نوارة .. افتكر المتابعة الصحية للحالة الزى دى فى الخرطوم بتكون احسن , وانتا عارف انا ما بقدر اخلى العيادة هنا فى بورسودان .
    تتعرى وتقف بشعرها الاشعث , تُريد الخروج للشارع
    لعنة فى العائلة .. لعنة وراثية , الاب والعم والاخت الصغرى .. جنون لا مقدمات له , جنون يأتى فى مراحل عمرية متأخرة
    يا " نوارة " .. اين تلك الايام الذهبية ؟ , أكواب الكركديه البارد وقطع الثلج الصغيرة تطفو على السطح الزجاجى فى نعومة مثيرة .. نلعب سوياً داخل دكان ابى بين الكراتين المرصوصة بشكل افقى حتى اعلى السقف , ابى المُـنهمك فى احصاء رُزم النقود الضخمة
    " نوارة " لفظك الزوج والابناء
    - نوارة انا مهدى .
    تنظر الشاعرة التى تخجل من نشر اشعارها لوجهى فى صمت , هل تعرفنى ؟ .. تتجرد من ثيابها , زبد ابيض جاف على حواف الفم .. لعنة زواج الاقارب
    ايامى وانا فى قمة اللياقة الذهنية اتخوف فيها من اللعنة الوراثية , ان اقف عارياً فى دار الحزب , على فمى الزبد الابيض الجاف , وانا اُحدق فيهم مثل عبيط القرية , وهم ينظرون لعضوى التناسلى المرتخى فى احتقار وشماتة
    اعضاء مكتبى السياسى الحبيب
    اعدائى الاوغاد .
                  

04-16-2015, 11:14 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    7


    " اخلاص وهبة "
    فزُورة هذه العانس النوبية .. ابنة منطقة جزيرة صاى
    عندما تُكور شفتيها وتصرخ
    - الوطن .
    اشعر بانقباض حاد فى صدرى , انقباض والم لا يُحتمل على الاطلاق .. صعدت بعد رحلة قصيرة فى صفوف الحزب الى منصب المسؤول التنظيمى , لديها ذلك الاصرار العجيب على العمل السياسى , اول من تأتى للاجتماعات واخر من تذهب .. لا ذرة من الجمال , لا ملمح انوثة واحد يُوحد الله فى وجهها الحزين , تحتضن الكمبيوتر المحمول فى الاجتماع وتكتب كل شاردة وواردة , تكتب بسرعة فائقة واتقان , تكتب المحضر وهى تتحدث , وهى لا تنظر للوحة المفاتيح , وهى تُمسك كوب الشاى بيد وتكتب باليد الاخرى
    - حزب التنمية الاجتماعى ده حياتى .. تعرف يا دكتور انا بعد ما دخلتا الحزب لقيت هدف لحياتى .
    عندما تُكور شفتيها وتصرخ
    - الوطن مُحتاج لينا .
    اشعر بانقباض حاد فى صدرى
    تخوفت منها فى البداية , خريجة جامعة امدرمان الاسلامية التى لم تجد الا الاعمال الهامشية من نوعية الجلوس فى محل للاتصالات الهاتفية , تنتظر العشاق , وتنظر لهم فى ضجر وهم يتحدثون مع حبيباتهم فى مُكالمات طويلة مُملة لا معنى لها على الاطلاق
    قُلت هى رقم اخر يُريد ان يعبُر من بوابة الحزب الى وظيفة مضمونة العائد فى واحدة من شركات الملياردير المخبول .. ارتعبت منها وهى تضع امامى كل فترة عشرات الاوراق المكتوبة بخط ركيك
    - ده شنو يا اخلاص ؟ .
    - دى طلبات عضوية للحزب يا دكتور .. انا لما ارجع للبيت فى الكلاكلة بتكلم مع الناس هناك عن الحزب وبديهم البرنامج , وقريب انشاء الله حـ نحتاج دار للحزب فى الكلاكلة .
    توجست من حماسها الطاغى .. قُلت هى تُريد احداث تغيير ديمغرافى فى تركيبة الحزب يصب فى مصلحتها عند التصويت فى المؤتمرات العامة .. اصبحت اُعاملها بجفاء جلف
    صرخت فيها ذات مرة بكل حدة , وانا ارمى الاوراق على الارض , اوراق طلبات العضوية وعليها اسماء ما انزل الله بها من سلطان
    - يا اخلاص ده شنو الكلام الفارغ ده ؟ .. احنا ما حزب رطانة عشان كل اسبوع فى عشرين زول من اهلك واصحابك عايزين يدخلوا الحزب , لعب الشُفع ده ما بينفع فى العمل السياسى .. احنا حزب قومى يا بت الحلال , بتاع الناس كلها .
    تخاف من الكلام الحاد وتتلعثم
    - أأأنا مـ مـ ما قـ قصدتا .. يـ يـ يا دددكتور , أأأنا بـ بـ بس كـ كـ كان قـ قصدى ...
    - خلاص , خلاص .. خلاص يا اخلاص انتهينا , يلا اتفضلى بره مع السلامة عشان عندى مقال عايز انتهى منه .
    لم اصدق ما شاهدته بعد ذلك , نهضت من على المعقد وهى تتبول , نصفها الاسفل كله كان مُبتلاً
    - أأأنا , كـ كـ كنتا ....
    جحظت عينيها, وسقطت على ارضية السيراميك البيضاء سقطة قوية
    نهضت من مقعدى فى فزع
    - يا ساتر يارب .. يا ساتر .
    حتى قبل ان اقترب منها , عرفت انها نوبة من نوبات الصرع
    وانا الموعود بالجنون الوراثى .

                  

04-16-2015, 11:27 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    8

    - لسه زعلانة منى يا اخلاص ؟ .
    - لا ابداً يا دكتور انا جيت اعتذر ليك .. أأأنتا استاذى فى النضال والعمل الوطنى .
    الم الصدر الحاد لكلمات (النضال) , و(الوطن) , و (الجماهير المسحوقة) .. كلمات رخيصة ابتذلها التكرار الاحمق الممجوج
    - انا معجب شديد بنشاطك , لكن اهم حاجة عندى انك لازم تفهمى انو النوعية فى العضوية الحزبية اهم مليون مرة عندى من الكمية .
    تجلس على حافة المقعد كأنها على استعداد للركض فى مسابقة العاب اولمبية .. وجهها وهى تنظر للارض فى خجل يزداد دمامة , انا الخبير فى زوايا الوجوه
    - معليش يا اخلاص انا قاعد براى , زوجتى وبتى فى لندن , ممكن اعمل ليك شاى عزابة ؟ .
    - لا شكراً دكتور .. العفو , انا المفروض اقوم اعمله ليك .
    زيارة غير متوقعة .. لا احب هذه المُفاجأت , البيت هو اشد خصوصياتى , انا العنكبوت الذى ينسج شبكة ضخمة حول ذاته , يتعذب كل من يقترب منه , يتعذب حتى الموت
    - انا اسفة ازورك من غير مواعيد .. واسفة اجيك البيت , بـ بـ بس عـ عـ عندى مـ مـ موضوع مهم .
    اخاف ان تضربها نوبة الصرع
    - خير ؟ .. فى مشكلة فى الحزب ؟ .
    اخيراً رفعت وجهها , نظرت مباشرةً فى عيونى
    - انا بحبك .
    لم اعرف اين اتجه ببصرى .. مشهد غريب , اُريد ان اضحك
    - من اول يوم لى فى الحزب وانا بحبك .
    - اخلاص انا انسان متزوج .
    - كان لازم تعرف عشان ارتاح .. ما عايزة منك حاجة , صدقنى ما عايزة اى حاجة .. بس كان لازم تعرف .
    يا " اخلاص وهبة " .. اين عيونك ؟ , يا الله , اين عيونك لتبصرى المستنقع الذى نحن فيه ؟
    العالم ليس ببساطة تسليات مجلات ميكى ماوس المُلونة الجميلة .. يا فتاتى الدميمة , العالم ليس برومانسيات سلسلة روايات عبير الفجة .. العالم قبيح يا " اخلاص " .. قبيح بنفس قُبح وجهك يا عزيزتى , هل تتخيلى ذلك ؟
    عندما ارتطم راسك على السيراميك القاسى , عرفت انك انسانة من عالم مُختلف , انسانة تُريد ان تُحقق ذاتها بالركوب على امواج شعارات سياسية وانسانية غبية لا يؤمن بها حتى من اخترعها .. تحقيق الذات , وايجاد مغزى للوجود بطريقة شريفة فى بلد داعر !
    مسكينة .. انتِ القادمة من كوكب غير بشرى بعيد , انتِ كائن فضائى مثالى وغلبان , ونحن كائنات ارضية وسـخة تمشى على قدمين , نمشى وقد دخلت ذرات تراب الواقع الحادة فى اجسادنا , دخلت فينا عن طريق فتحات الانف والفم والعينين والاذنين والشرج , واتسخنا , كل من يعمل بالسياسة فى دول العالم الثالث وسـخ بطريقة او اخرى
    - اخلاص انا انسان متزوج .
    كررت اكتشافى الذهبى فى بلاهة
    نهضت بجسمها الاسمر الممشوق , اقتربت منى , انحنت وطبعت قُبلة على شعر راسى بكل شجاعة
    - كان لازم تعرف .. مع السلامة .
    سمعت صوت اغلاق الباب الخارجى وهى تخرج , وضعت يدى على جبينى وانهمكت فى تفكير عميق .
                  

04-16-2015, 03:02 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    9


    ؛؛ الماحى عبدالعزيز مهدى .. تجارة اجمالى ؛؛
    اللافتة الحديدية الخضراء ذات الخط العربى البديع , اللافتة التى كانت , عرفت منها ما يفعل الزمن حتى فى الحديد .. احتفظ بها فى اصرار ابله , تحولت الى بقع كبيرة من الصداء المتسخ , كنت اعتنى بها فى السابق , اغسلها برفق بالماء وقطع القماش الناعم حتى لا تنخدش .. منذ ان بدأ الطلاء فى التساقط منها , ابتعدت عنها خوفاً على حياتى من التيتانوس , انظر لها الان فى حزن , الكتابة التى فيها اصبحت تبعث على السخرية بشكل غريب بعد ان تساقطت منها حروف مُهمة
    ؛؛ ما زيز مهد .. تج لى ؛؛
    والاسد الجالس هناك فى اقصى الركن الشمالى , له سِنة امامية جميلة من الفضة وخاتم ضخم من الفيروز الاحمر على اصبع اليد اليمنى , يقبض على مبسم الشيشة فى رجولة , عنده كاريزما طاغية وذكاء تجارى حاد , ولسان فاحش عند الغضب
    - يا عبد القادر يا خراء .. الفاتورة بتاعت امبارح وين ؟ .
    - ميتين ابوكم , اسمعوا هنا يا اولاد الكـلـب ده محل اكل عيش , الداير يشتغل , يشتغل بذمة وضمير , ما عايز مياعة وشكشكة نسوان فارغة .
    " عبد القادر الخراء " كان يتحول فى حضوره الطاغى الى قطة .. قطة انثى تموء بين الاقدام بحثاً عن الحنان والذكور وبقايا فضلات الطعام
    يتيم الابوين , قادم من بلدتنا التى لم احبها , الكاملين .. له جدة عجوز عمياء تفوح منها رائحة بالوعة راكدة .. ينام امام الدكان مثل عتاة المتشردين , يجلس وعيونه على الارض عندما يأتى لبيتنا , نتغامز انا و " نوارة "
    - عبد القادر الخراء قاعد بره .
    تنهرنا امى وهى تكاد تبتسم
    - ده شنو الكلام الفارغ ده , عيب عليكم يا اولاد .. ربنا كده حـ يوديكم النار .
    تتحول القطة الانثى الى اسد ذكر , مواء انقلب الى زائير .. ويضيع الاسد الحقيقى فى رحلة مُضنية هدفها الوحيد التجرد من الثياب
    تتكلم فى حزم
    - الدكان امانة فى رقبتك يا عبد القادر لحدى ما ربنا يكتب السلامة لحاج الماحى .
    لا يرفع عينيها من على الارض
    - ربنا لطيف بعباده , ده عمل يا حاجة ثنية .. فى زول عمل ليهو عمل .
    جلس فى اقصى الركن الشمالى , قبض بيديه على مبسم الشيشة , ووضع بين اصابعه خاتم من الفيروز الباهت اللون , اصبح لا ينظر للارض فى مسكنة , سبحان مُغير الاحوال , سبحان الذى اعطاه مُلكاً وعلمه الجلوس على السرير
    - حاجة ثنية .
    انقلبت بلا اهتمام الى
    - يا ثنية .
    هى فى بدايات ثلاثينيات عمرها , وهو فى منتصف العشرينيات , وطاقة الجسد البشرى لها حدود فى احتمال الحرمان , والغائب يرفض العودة من الغيبوبة .
                  

04-16-2015, 03:17 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    10

    طوبى للاغنياء وهم فى بروجهم المشيدة
    وانا فى سيارتى اتآمل الناس , يأكلهم الفقر , والا جدوى من اى شيء , يحتشدون على جنبات شوارع الاسفلت فى انتظار المركبات العامة , صامتون وصامدون على الحال والمآل الذى لن يتغير , لا جديد تحت شمسهم الحارقة غير العوز والتباهى بالتناسل
    ومتسولة عجفاء تحمل على كتفها هيكل عظمى لطفلة صغيرة يُغطيها الذباب , تطرق على زجاج باب السيارة فى الحاح وتبتسم فى ذل ببقايا اسنان صفراء عبث فيها السوس الاسود
    انا رئيس (حزب التنمية الاجتماعي) والمرشح الرئاسى المستقبلى , ابشركم من خلف مقود سيارتى ان لا تنمية ولا يحزنون , سيبقى الوضع على ماهو عليه وعلى المتضرر اللجوء للقضاء , ابشركم ان الجميع لصوص الا انتم , ليس لانكم شرفاء ! وانما لانكم لم تعرفوا من اين تؤكل الكتف , فشلتم يا اغبياء , الفقراء فقراء لانهم فاشلين , هكذا بكل بساطة , وهذا هو برنامجى السياسى السرى
    انقذتنى أشارة المرور من المتسولة التى قد لا تمنحنى صوتها فى الإنتخابات , تحركت السيارات فى اندفاع , هل هناك بشر ازيد من اللازم على سطح هذا الكوكب ؟
    الذكريات .. الذكريات .. الذكريات
    ماذا لو وضعوا قانون جديد يمنع القيادة تحت تأثير الذكريات ؟
    والغفير ضخم الجثة يضعنى بين افخاذه , حقيبتى المدرسية على الارض , اصوات اقدام ثقيلة , صوت الباب ينفتح على مصرعيه , صوت حاد خشن يرتجف من الدهشة
    - ده شنو ؟ .. بتعمل شنو يا حاج خليفة ؟ .
    هى المرة الخامسة التى يغتصبنى فيها , تحولت فى الصف السادس من المرحلة الابتدائية الى عشيق لهذا الفحل الزنيم , تحول الليل الى كوابيس .. كوابيس فظيعة اتذكرها حتى الان وارتجف , اين ابى ليحمينى من هذا العالم المتوحش ؟
    اتذكر التفاصيل , اتذكرها بدقة مدهشة كأنها حدثت معى بالامس , المرة الاولى , والمرة الخامسة والاخيرة .. اختفى بعدها من المدرسة , طردوه ؟ , ام رحل من تلقاء نفسه ؟
    كان الاستاذ الذى اكتشف الواقعة تربوياً من الجيل الذهبى الذى انقرض , تعامل مع الامر بهدوء انسان تعلم فى مدارس الاستعمار الانجليزى المحترم والراقى , تعامل معه دون ادنى ضجيج او انفعال دينى حقير ومُصطنع , هو والغفير وانا , وولى امرى .. ظهر " عبد القادر الخراء " زوج امى فى الصورة , صرخ وضربنى فى مكتب الاستاذ بكف يده الضخمة الخشنة على خدى , لم اُدر له الايسر مثل اى مسيحى مؤمن , ولكننى بكيت بحرقة , اكتشفت اننى لطخت شرف مدينة الكاملين كلها بفعلتى هذه كما قال , وبعدها بايام قليلة كان هو نفسه يصعد على ظهرى فى غياب أمى و" نوارة " , ويلطخ ظهرى وظهر الكاملين كلها بحيواناته المنوية !
    - انتا قايل الشارع ده بتاع امك يا غبى ؟ .
    دخلت فى مسار المشاة عن طريق الخطأ , وانتبهت فى اللحظات الاخيرة , كدت ان ادهس هذه الشابة , اخافها صوت مكابح السيارة القوى , توقفت السيارة على بعد سنتميترات قليلة من جسدها النحيل
    - معليش يا شابة .. معليش .
    - بلا معليش بلا زفت معاك , حيوان معـرص ود حرام .
    جسدها كله يرتجف .. كانت ترتدى ثياب فقيرة , ونظارة طبية رخيصة الثمن وتضع مكياج ثقيل لا يصلح للنهار او للون بشرتها الغامق , واحدة من سكان حزام الفقر الذى يلتف كثعبان حول خاصرة المدينة , هل لديها امال واحلام وطموح وحبيب ؟ هل سمعت ذات يوم باسم الحزب الذى اجلس كالخازوق على راسه ؟
    طوبى للاغنياء وهم فى بروجهم المشيدة يدهسون الناس بسياراتهم الانيقة .
                  

04-17-2015, 05:18 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    11

    هذا العالم السعيد بتعاسته , التعيس بسعادته
    من القائل ؟ .. وما المناسبة ؟
    اعتقد انه " البرتو مورافيا " .. تشابهت الكلمات بشكل مشوش فى ذهنى .. قبل ان اُعطى ظهرى لجدار القراءة الجادة , وقبل ان تتحول مكتبتى لمتحف اثرى لا يزوره انسان غير ذرات الغُبار العنيدة
    - هذا العالم السعيد بتعاسته , التعيس بسعادته .
    وانا دكتور " مهدى الماحى عبد العزيز " , حكمت عليك بالاعدام حتى الموت يا " غسان مختار الفاضل "
    انا القاضى والجلاد , جلست على منصة القضاء واصدرت حكمى , ثم ابدلت ثياب القاضى بثياب الجلاد وتابعتك حتى ساحة التنفيذ
    انت المُتهم .. لماذا لم تذهب بهدوء مثل الاخرين ؟ , تبتعد دون اى دليل مادى ملموس , لا اُحب الدماء , على ما اعتقد انت تعرفنى جيداً , ولكننى ايضاً لا اُحب الاهانة والابتزاز .. وما فعلته معى قبل ايام يفوق الوصف يا عشيقى الفحل
    - اسمع هنا انا راجع بكرة شندى .
    - انتا سكران يا غسان ؟ .
    - ما عندك شغلة سكران ولا مسطول .. لما الاجازة تنتهى عايز العربية تكون معاى وامشى بيها الجامعة , فاهم الكلام ده ولًا ما فاهم ؟ , وده تهديد , تهديد صريح عشان تكون عارف .
    امسكته بقوة من كتفه الايمن
    - غسان انتا ما عارف انا ممكن اقدر اعمل فيك شنو .
    يرن صوته المخمور العالى فى الشقة الصغيرة الخالية
    - حـ تعمل شنو يعنى ؟ .. طُظ فيك وفى علاقاتك مع الناس المُهمين فى البلد .. انا عندى تسجيلات ليك ممكن تحطمك .. مش داير تنزل انتخابات ؟ , انا بعرف اعمل ليك دعاية كويسة .
    - غسان انتا سكران .
    - داير العربية لما ارجع من شندى .. مفهوم ؟ .
    اصدرت حُكمى عليك .. والتفاصيل تحتاج للتخطيط ولصبر ايوب
    لا داعى للضجة , وللصوت العالى
    - حااااضر يا غسان , العربية حـ تكون عندك .. انا بس مزنوق مادياً شوية , لكن حـ اتصرف ok ؟ .
    اِنحنى للريح يا شجرة التخطيط البديعة .. اِنحنى ثم ابصقى عليها عندما تبتعد
    - ماشى وين زى الوقت ده ؟ .. انتا سكران وتعبان وممكن تعمل مشاكل فى الشارع , خليك معاى لحدى الصباح .
    اخاف ان تتكلم وانت فى هذه الحالة .. لقد صدر الحُكم
    يااااه يا " غسان " , المُقابلة الاولى , ذكرى النظرات التمهيدية والاقتراب الحذر .. كانت جميلة تلك البدايات الاولى .. كيف انقلبت لهذه النهاية , نهايات دراما اغريقية فاقعة فى بكائيتها
    كيف استطعت تصويرى يا ابن الحرام ؟
    - هذا العالم السعيد بتعاسته , التعيس بسعادته .
                  

04-17-2015, 05:36 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    12

    اوغلت فى العمر يا " مهدى الماحى " , كبرت
    كبرت وتجاعيد وجهك تلعنك , وتُعلن للعالم عمرك الحقيقى
    - معقول عمرى وصل 52 سنة ؟ .
    فى تلك الشقة الصغيرة وضعت لوحة زيتية مُعبرة , قطار بعيد على قضبان حديدية , لعبت ريشة الفنان فى اللوحة بحرفية عالية واقتدار , القطار يبدو كنقطة صغيرة بعيدة تتجه نحو التلاشى , فى مقدمة اللوحة اوراق أشجار جافة تتطاير فى الهواء .. اطلقت على اللوحة اسم " العمر " , سألت كل من اعرف من المهتمين بالفن عن صاحب اللوحة عن اسمه وجنسيته , لكننى لم اعرفه حتى هذه اللحظة , اختفى مثل قطاره البعيد
    الهمس الذى يدور فى المنزل .. الهمس الذى ينقطع عندما نعود انا و" نوارة " من المدرسة , اقارب من طرف الام , واقارب من طرف الاب , كلمات الطلاق و المحكمة اصبحت تتردد بكثرة فى جو الغموض هذا .. اقارب من طرف الاب يخرجون من منزلنا بكلمات غاضبة ولا يعودون اليه ابداً
    " نوارة " فى السنة الثانية من المرحلة الابتدائية , وانا فى السنة الرابعة , انتظرها او تنتظرنى , لا اعود للبيت من دونها , احمل لها حقيبتها واشترى لها (ايسكريم عرديب)
    - بابا لسه عندو ملاريا ؟ .
    - لسه يا نوارة .
    عندما اتعارك مع صعاليك الشارع كانت تُطلق صيحات محاربين عالية , تحمل التراب بكلتا يديها الصغيرتان وتقذفه بكل شجاعة على عيون اعدائى
    - يا اولاد الـكـلب سيبو اخوى .. بابا بكرة يطلع من المستشفى ويطلع عينكم يا صعاليك .
    مازحتها وهى تجلس فى الكوشة يوم عرسها , فخورة بزوجها الطبيب البشرى الوسيم طويل القامة
    - متذكرة يا بت يا عروسة ايسكريم العرديب والتراب بتاع الشكلات ؟ .
    لم أتخيل ان تبكى .. وابتعدت انا عن الزحام الراقص وبكيت حتى شعرت بصداع
    خالتى التى لا احبها اخبرتنا
    - يا اولاد امكم بكرة حـ تتزوج .
    و الملاريا التى صعدت فى الراس , ترفض النزول .. الايام تحولت الى اسابيع , والاسابيع الى شهور , والشهور الى سنين
    رقصت يوم عُرسها كما لم ارقص .. هى الشقيقة الوحيدة , اللحم والدم وذكريات الطفولة .. عندما عدت بها من بورتسودان وهى فى قمة جنونها الوراثى اشتريت لها (ايسكريم عرديب) وبكيت حتى شعرت بصداع
    اين انت يا " حافظ ابراهيم " حتى اشتكى لك ؟ .
                  

04-17-2015, 06:39 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    13

    تعلمت عزف آلة العود فى تلك الايام الذهبية
    " حافظ ابراهيم " كان يُحول قطعة الجماد الخشبية هذه الى كائن حى , كائن يتنفس , يحزن ويضحك .. تعلمت منه كيف اعزف جميع اغانى الست " ام كلثوم " , اطير على السحاب بجناحين , اتحدى ضوء البرق الساطع وصوت الرعد الخارق
    بعد الكاس الثالثة تتحول الشقة اللندنية المتواضعة الى شلالات من الانغام
    - يا نسينى وانتا على بالى
    وخيالك ما يفارق عينى
    ريحنى , واعطف على حالى
    وارحمنى من كُتر ظنونى .
    تعلمت منه عزف المُوشحات الشرقية .. يُدندن وهو يقبض على الكاس الزجاجية بكلتا يديه بموشحات اندلسية شجية
    - الاندلس يا مهدى , دليل خيبة العرب .. الاندلس وفلسطين , والبقية تأتى على يد الطبقات الخائنة للقضية .
    اعزف وحدى , اُداعب الاوتار ليتبدد الملل الخانق .. فقدت القدرة على التركيز , كان يجب علي الاستمرار فى القراءة الجادة والتثقيف الذاتى المضنى , ربط الاحداث بعضها ببعض حتى لا تتحول الى طلاسم كما هى الان .. اكتفيت من الرحلة بشهادة عليا فى العلوم السياسية حول القرن الافريقى الجائع ومكتبة ضخمة اشعر بالغثيان عندما انظر لها
    - وبعدين يا مهدى ؟ .. انتا عايز شنو بالظبط ؟ .
    جرس الباب الخارجى افزعنى , ما زالت السابعة والنصف مساءً , عرفت انها هى , اخبرتها اننى مريض , ادركت انها سوف تأتى .. تصنعت السعال وانا افتح لها الباب
    - سلامتك دكتور .. قلقتا عليك .
    - اهلاً اخلاص اتفضلى .
    - انتا كويس دكتور مهدى ؟ .
    - دى بس نزلة بسيطة وصداع داير يفترك راسى , وقلتا ارتاح شوية فى البيت , ما تقلقى .
    يبدو على وجهها قلق حقيقى .. انا ايضاً اعرف الحب الحقيقى , صدقينى .. أيام لندن الباردة تعرف ذلك
    - ما كان فى داعى تتعبى نفسك .
    اكياس بلاستيكية سوداء متوسطة الحجم مثل اكياس القمامة , عرفت من الرائحة المنبعثة منها ان بها بعض الفاكهة الطازجة
    - تعبك راحة .. ده واجب علي يا دكتور .
    جلست على ذات المقعد , نفس جلسة المرة السابقة , على الحافة كأنها على استعداد للركض فى العاب اولمبية
    تبادلنا كلمات بلا معنى عن الصحة التى هى تاج على رؤوس الاصحاء , ولا يراها الا المرضى لحسن الحظ !
    كلمات غير هامة وهمهمات للتأكيد يعقبها اعتصام بالصمت , ثم فض للاعتصام بكلمات اخرى .. الابكم انسان سعيد , والاخرس اكثر سعادة , يا ليت البشرية تركت الكلام وكانت الاشارة هى اللغة الرسمية المتداولة بين البشر
    توجهت نحو هدفى اختصاراً لوقتى الغالى الذى لا اعرف ما افعل به على وجه التحديد
    - بالمناسبة .. عايز منك خدمة يا اخلاص لو سمحتى .
    نظرت نحوى فى ترقب
    - تحت امرك .
    - طلب غريب شوية .
    واصلت النظر لى فى استغراب
    - انا مستعدة اعمل اى حاجة انتا تطلبها يا دكتور .
    - شوفى يا ستى .. انا حـ اشترى عربية باسمك , هى عربية مُستعملة بحالة جيدة من الكرين , وبعد كم يوم انتى حـ تقومى تبيعى العربية دى لزول تانى .
    - ما فاهمة حاجة ؟ .. هاهاهاهاها .
    ضحكة باهتة لا مكان لها من الاعراب , هل كانت تتوقع اننى سوف اطلب منها مُمارسة الجنس ؟
    - ده اول طلب فى حياتى اطلبه منك يا اخلاص , لو بتثقى فينى نفذى الطلب ده .
    - بس كانت عايزة اسأل أأأ.......
    - بدون اى اسئلة لو سمحتى , فى يوم من الايام بشرح ليك بالتفصيل , دى حاجة ليها علاقة بوضعى السياسى وما عايز اظهر فى الصورة .
    نهضت , وجلست بجوارها , تعمدت ان تلمس ساقى ساقها , شعرت بسخونة عجيبة , سخونة انثى مستعدة للمضاجعة
    - انا سعيد انك بتحبينى يا اخلاص , عارفة ليه ؟ .
    - لـ لـ لـ ليه ؟ .
    - عشان انتى انسانة عظيمة , انسانة واعية ومثقفة .
    - أأأأنتا بتحبنى يا دكتور ؟ .
    - مهدى يا اخلاص .. ارجوك , مهدى بس بدون دكتور .
    عندما انحنيت بفمى على شفتيها اليابستان , اغمضت عينيها بشكل مسرحى , وذكرنى وجهها بجثث المشرحة الشاحبة مُغمضة العينين
    همست لها
    - انا محتاج فى الدنيا دى لـ انسان اثق فيهو , انسان يحبنى ويحترمنى بدون اى هدف او غرض .
    يجب طرق الحديد وهو ساخن , نظرية ورش الحدادة الشهيرة .
                  

04-17-2015, 07:12 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    14

    وحيد .. والليل طويل
    ليل الشتاء المتقلب , بالامس مائل للبرودة , واليوم له لهيب الصيف الخانق
    وحيد
    عيونى على الشاشة الملونة , فيلم من افلام الرعب التى احبها , خطوات لمجهول يتحرك فى الظلام , يكسر باستمتاع اعناق فتيات شقراوات جميلات وهو يرتدى قفاز اسود اللون .. عيونى ثقلية , يجب ان انهض بعد دقيقة , وضعت الحليب على العين الصغرى الهادئة للـبوتاجاز , وعندى اصرار ان اعرف من هو القاتل , قلت لنفسى فى تكاسل
    - اللبن حـ يكون فار .
    سمعت خطوات ثقلية خلف ظهرى , وصوت تنفس حاد , صرخت قى رعب حقيقى دون ان التفت ورائى من الخوف
    - منو ؟ .
    نزلت يد خشنة على عنقى من الخلف
    - انا اخلاص وهبة .
    وقف شعر راسى من المفاجأة , شعرت ببرودة فى اطرافى
    - دخلتى هنا كيف ؟ .. الباب مقفول بالمفتاح ! .
    - داير تلعب بى يا مهدى يا واطـى ؟ .. داير تقتل غسان وتخلينى انا المتهمة ؟ .
    اخذت تضغط بقوة على عنقى من الخلف .. شعرت بالم رهيب .. صرخت فى استعطاف ذليل
    - اخلاص .. اخلاص لا .
    - لازم تموت يا مهدى لانك كـلـب .
    اخذت اقاوم .. احاول ان اُبعد يديها القويتان عن عنقى
    - اخلاص لا .
    رائحة غريبة تنبعث .. لا استطيع , تُحكم قبضتها , اُريد ان اصرخ , اتنفس بصعوبة , الم رهيب , سوف اموت
    - حرام عليك يا اخلاص .. غسان عايز يدمرنى , غسان لازم يموت , انا مرشح الحزب فى الانتخابات الجاية , حرام عليك .
    رايت " نوارة " تقف عارية امامى , تبتسم فى بلاهة وهى تنظر لنا
    - نوارة ؟ .. نوارة انا حـ اموت , اخوك الوحيد حـ يموت .
    صوتى يخرج فى شكل فحيح متقطع .. يخرج بصعوبة , لُعابى يسيل على صدرى , ارتخت جميع عضلات جسدى , اختنق , اغطس فى غيوم داكنة من الغيبوبة
    رنين حاد متواصل .. رنين هاتفى المحمول , استيقظت بصعوبة على ظلام دامس , انقطع التيار الكهربائى , رائحة الغاز القوية تملأ ارجاء الشقة الصغيرة , هرولت باتجه المطبخ فى خطوات متعثرة , اغلقت مفتاح البوتاجاز , احرق السائل الابيض المنسكب فى سخونة طرف اصبعى , انقذنى رنين الهاتف المحمول , تخبطت فى الظلام وانا افتح النوافذ على مصرعيها لتجديد الهواء .. عاد للرنين من جديد , بعث اضاءة خافتة جميلة فى العتمة من شاشته الصغيرة زاهية الالوان
    - الو , ايوه .
    اتنفس بسرعة
    - دكتور مهدى الماحى ؟ .
    - اهلاً وسهلاً .
    - معاك ادارة مستشفى التيجانى الماحى .
    خفق قلبى .. " نوارة " , صديقة الطفولة , نوارة الايام الحلوة , ضحية اللعنة الوراثية
    - خير .. فى شنو ؟ .
    - عندك معانا هنا نزيلة اسمها ...
    قاطعته بسرعة فى لهفة وخوف
    - نوارة الماحى .. حصل ليها حاجة ؟ .
    - لا خير يا دكتور , لكن الظاهر نوارة دى هربت .
    - هربت كيف يعنى ؟ .
    - يعنى شردت يا دكتور .. بس دايرين نعرف لو جات عندك .
    انحنيت على النافذة , وتركت الهواء الجاف يلطم حبات العرق من على صدرى العارى .
                  

04-17-2015, 07:27 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    15

    البراجماتية
    اُحب هذه الكلمة كثيراً .. استخدمها بافراط فى الاجتماعات عديمة الفائدة لمكتبى السياسى الحبيب
    البراجماتية
    ستار اخلاقى رقيق ونظيف لتبرير افعال لا اخلاقية , فردية او جماعية .. تحمينى هذه الكلمة من سياط عذابات الضمير النادرة , وتُمهد الطريق لتقلبات المواقف السياسية الفاضحة للحزب الذى اجلس كالخازوق على راسه
    - الغاية تُبرر الوسيلة .
    ما هو الفرق نظرياُ على الاقل بين البراجماتية والميكافيلية ؟
    وطلائع الاسرة المقدسة ستصل الى ارض وطنها الثانى الشقيق بعد نصف ساعة , زوجتى الوهمية والعاهرة مثل حزبى , و " شوشو " ابنة غيرى والتى تحمل اسمى الثلاثى .. اقود سيارتى فى شارع المطار الحيوى المزدحم كيوم حشر اخير للبشرية البغيضة .. اُفكر فى " نوارة " , اين هى الان ؟
    امسح الشوارع بعيونى , تُعذبنى فكرة انها بالتأكيد فى هذه اللحظة تتسول المأكل والمشرب من بقايا الناس , ابنة العز القديم تنام الان فى الشارع ! , ابنة الايام القديمة , قبل الجنون , وقبل ان يعبث " عبد القادر الخراء " فى الاصول المادية واللحم الحى للاسرة السعيدة , انقض كصقر جارح على سريرى وعلمنى معنى دفع الثمن .. ثمن الصمت الغالى
    حكيت " لحافظ ابراهيم " عنه وفى عيونى دموع
    - تعرف يا مهدى .. لما ظهرت الداروينية كانت طفرة هائلة فى علم الاحياء , لكن صارت مشكلة كبيرة فى علم الاجتماع , البقاء للاقوى والاوسـخ .. والبقاء لله يا صديقى .
    اختنق من انبعاثات عوادم السيارات فى شارع المطار .. اتسع يا ثُقب الأوزون , اتسع , واصهرهم , اجعلهم كتلة تغلى من العظام السائلة .. الانسان يجب ان ينقرض , هذا هو الحل الذى اقدمه بكل مودة واعتزاز لانقاذ الكوكب الارضى
    لمحت العاهرة العجوز ذات المؤخرة الملساء اللينة فى نهاية صالة الوصول , تتحرك وهى تنظر للفراغ .. مُدمنة المخدرات الثقيلة السابقة , بيضاء اللون وقصيرة القامة , وضعت طناً اضافياً من اللحم على جسدها البدين اصلاً , اصبحت بقرة غير ضاحكة , مُكفهرة وتعيسة تُثير الرثاء .. بعدها بقليل لاحت " شوشو " وهى تُحرك شعرها الحريرى المنسدل مع ايقاع خطواتها الراقصة , خطوات سريعة فى رشاقة
    هذه وبلا فخر , اسرتى الصغيرة
    يا مرحباً بالحياة
    رفعت لهما يدى من بعيد فى تهليل
    - عطيات .. شوشو .
    صوبت لى العاهرة نظرة احتقار مُحايدة .. انا اعرف , وهى تعرف , وشقيقها الملياردير الوغد يعرف
    يا مرحباً بالحياة .
                  

04-17-2015, 09:25 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    16

    المغرب وبدايات الشتاء
    شجن خاص , شجن يُعيد للرئتين رائحة تبغ غليون الذى احببت قبل اغتياله فى العاصمة الاردنية
    امشى على شارع النيل القديم
    من خلفى قصرهم الجمهورى المتجهم فى وجوه الناس
    اسير بمحاذاة النيل , الطلاب العاشقين , والمشردين , كــلب اجرب يعرج فى بؤس , ورجال امن يلتهمون حبات الفول السودانى , يُراقبون الناس ومؤخرات البنات المرتجة فى نداء
    وزارات , ومؤسسات حكومية , وفنادق , وعربات تحمل لوحات دبلوماسية يجلس بداخلها سائقين فى قمة الاناقة يرتدون نظارات شمسية سوداء مثل عصابات المافيا
    تتغير الاسماء على طول الشارع فى عمليات خصخصة مُريبة
    الاغنياء فقط هم من يستمتعون بمنظر النيل , والفقراء يهزمهم الفيضان .. حتى النيل فى بلاد العجائب هذه له انحيازات طبقية تستحق التصفيق !
    وانا اُحب التحدى .. ان امشى من القصر الجمهورى حتى نهاية الكوبرى القديم .. الشتاء يعنى المشى عندى , والغروب يعنى الشجن
    خصومى فى (حزب التنمية الاجتماعي) اعلنوا الحرب الاعلامية ضدى .. خصومى ابناء امهات زقاق صليب الاوفياء
    ؛؛ هروب شقيقة سياسى معروف من مستشفى للامراض العقلية ؛؛
    كان المانشيت الرئيسى اليوم , لواحدة من صحف الاثارة
    ؛؛ افاد مصدر مطلع ان (ن.أ) وهى الشقيقة الوحيدة لرئيس حزب سياسى مُعارض صغير قد هربت من ... ؛؛
    هنا كانت حديقة الحيوان القديمة , ارتفعت فى مكانها بناية ضخمة مُنبعجة قبيحة المنظر .. عندهم عشق للبنايات الضخمة وهوس لبيع ذكريات الناس
    ابى وامى وانا و " نوارة ".. يحملوننا حتى نمسك زلومة الفيل , لدينا صورة قديمة باهتة للزرافة وهى تقترب من وجه "نوارة " بوجهها الطويل
    اقتلعوا الحيوانات وشردوها .. اقتلعوا الاشجار النادرة التى جلس تحتها الناس يتبادلون الونسات التـافهـة والطعام الدسم واكواب الشاى واللمسات الجنسية السريعة المُشبعة
    اقتلعوا التراب الذى مشت عليه الاف الاقدام , باعوا البلد ووضعوا عليها مساحيق التجميل المعمارية فى لعبة حداثة وتحديث فارغة
    و الحزب الشيوعي العراقى يفصل بقرار تاريخى ومن قلب عاصمة الثورة القادمة الرفيق السابق " حافظ ابراهيم " بتهمة الشذوذ الجنسى , قالوا ان الرفيق يجب ان يكون شخص طبيعى حتى لا يهرب الناس من تأييدهم , كانت معركة فكرية جسورة خاضها الحبيب , كتب واحداً من اهم المقالات فى تاريخ العقل العربى
    ؛؛ انا حر فى جسدى .. وعقلى وقلبى مع الناس والثورة ؛؛
    كان مانفيستو للتمرد والحرية الجسدية والعقلية , قال فيه ان الثورة لا تحتاج لفحول النساء فقط , بل تحتاج للناس , لكل الناس , غض النظر عن ميولهم الجنسية واهتماماتهم الحياتية
    شرب فى تلك الازمة كميات مهولة من المشروبات الروحية , وتفرغ لترجمة اشعار " بابلو نيرودا "
    - فى حاجة يا استاذ ؟ .
    وقفتى طالت امام البرج المُنبعج , وهم يخافون على المعجزة المعمارية من التفجير الانتحارى , و الحزب الشيوعى العراقى لم يرحم , ولم يُصدر حتى بيان نعى مُقتطب عند اغتياله
    - النضال السياسى يا مهدى يأكل اللحم بشراهة ويرمى العظام بقرف فى سلة المهملات .
    كان يقولها بمرارة بعد ان سقطت التفاحة فوق راسه واكتشف القانون الابدى للحياة والبشر
    - لا انا بس بتفرج .
    - معليش , لكن الوقفة هنا ممنوعة .
    - ليه ؟ .. اصلو انا عربية ؟ .
    خاف من لهجتى الساخرة , اعتقد اننى شخص مُهم فى جهاز اهم , ورد فى تهذيب مواطن صالح
    - معليش يا استاذى , دى بس التعليمات العندنا .
    اعطيته ظهرى ومشيت .. قاعة الصداقة هناك
    - بينى ما بينك علاقة
    سامية زى ثورة بلدنا
    وشامخة زى قاعة الصداقة .
    ايام للشعر الحلمنتيشى , وايام للشعر الجاد الرصين الراقى
    جلست على حافة الرصيف الاسمنتى , ظهرى على النيل ووجهى على القاعة الشامخة .. ايام ادمان الافلام الهندية
    و " نوارة " تضع على الجبهة نقطة صغيرة حمراء من المُنكير , اعتقدت ردحاً من الزمن ان الهند عبارة عن ديكور جميل زاهى وشعب يرقص من الصباح حتى المساء بين مناظر طبيعية خلابة , كان ايمانى فى الطفولة ان بلد التوابل البهيج هذا عبارة عن نساء جميلات ورجال وسيمين شجعان مفتولى العضلات , وخونة يموتون بكل تأكيد فى النهاية كعقاب ربانى لابد منه .. عند مرحلة النضوج الفكرى , وعندما عرفت الحقيقة ورايت ابناء الشعب الهندى المساكين على الطبيعة , وقرأت ارقام الفقر عندهم واحصائيات بيع الاطفال والتعصب الدينى وتلوث المياه والانهار .. كرهت بلدهم وافلامهم , وكرهتهم
    جلس بجوارى شيخ عجوز , اشتكى لى وهو يتمخط فى منديل قماشى مُتسخ من الحالة وتربية البنات , وضعت فى جيبه دون ان اتكلم بعض الجنيهات , جلده الابرص جعل منه شخصية ملعونة من شخصيات تولستوى
    نهضت نحو غايتى , الكوبرى القديم , اقف فى منتصفه وانحنى على حديده القديم وانشغل بالتفكير
    اين لون الكوبرى القديم ؟
    ايام للشعر الحلمنتيشى , وايام للشعر الجاد الرصين الراقى , وايام لا معنى فيها للشعر او للحياة نفسها
    - سامية زى ثورة بلدنا
    وشامخة زى قاعة الصداقة .
                  

04-17-2015, 07:02 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    17

    اتعذب يا " اخلاص وهبة "
    اتعذب فى وحدتى وضجرى .. يستيقظ ضميرى , امس اوشكت ان انصحكِ بالابتعاد
    اقول لنفسى
    - حرام .. حرام عليك يا مهدى , دى زولة مسكينة .
    يا صحراء القسوة , اى شمس حارقة هذه ؟ .. يا يوم النجاة , الضعفاء فقط هم من يسقطون تحت الاقدام وينسحقون عند هرولة الخروج من ابواب الطوارئ
    - العربية خـ خـ خلاص الاجراءات بتاعتا انتهت .
    - ما عارف اشكرك كيف يا اخلاص .. دى خدمة ما بنساها ليك عمرى كلو .. وطلب بسيط كمان , ما داير زول يعرف الحكاية دى .
    - أأأنا بعرف احفظ السر كويس .. لـ لـ لـ لما احب زول ممكن اديهو عيونى .
    انحنيت عليها وطبعت قبلة بدون طعم على شفتيها .. لا اُريد عيونك يا عزيزتى العانس
    - حمدالله على سلامة مدام عطيات وشوشو .
    جيد جداً .. اذن هى تترصد اخبارى من فم اعضاء مكتبى السياسى , وكالات الانباء الثرثارة
    - الله يسلمك .
    - بـ بـ بتحبها ؟ .
    - منو ؟ .
    - زوجتك .
    احترس .. احترس يا ملك التخطيط , امامك كمين عسكرى لئيم
    - هاهاهاهاها .. فى زول بيحب زوجتو ؟ .
    - ما فهمتا .
    اللعنة عليكِ
    - مرات يا اخلاص الزول بيكتشف بعد سنين طويلة انو مفروض كان يتزوج انسانة تانية غير زوجتو .
    - ولقيتها ؟ .
    - منو ؟ .
    - الزولة التانية .
    نظرت لها فى حنان
    - اكيد .
    - منو ؟ .
    - لا ده سر .
    - عليك الله .
    - واحدة اسمها اخلاص .. بتعرفيها ؟ , هاهاهاهاها .
    هزت كتفيها فى شك
    - يمكن .. بتحبنى من متين ؟ .
    اللعنة على هذا التحقيق الامنى , اللعنة على النساء
    - من زمان يا اخلاص .. بالجد من زمان .
    - بالجد ؟ .
    - والله العظيم .. وحياة اى حاجة مقدسة فى الدنيا .
    هل ما زالت هناك اشياء مقدسة عندك يا " مهدى " ؟
    - وانا كمان يا دكتور .. وانا كمان بحبك شديد .
    اقتربت منى واحتضنتى بقوة , شعرت فيها بنهديها ينسحقان على صدرى , وضعت شفتيها على اذنى وقالت بهمس
    - خايفة تكون بتلعب بى .. عارف لو لعبتا بى انا ممكن اعمل فيك شنو ؟ .
    كانت هناك نبرة تهديد مُبطنة لم اشعر معها بالارتياح , حاولت تخليص نفسى من بين يديها
    - اخلاص احنا فى دار الحزب .
    - ما قادرة يا دكتور .. والله ما قادرة .
    يا عذاب الضمير , متى ينتهى الخداع بين البشر ؟ .
                  

04-17-2015, 09:32 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    18

    صالة كبار الزوار
    وانا اختنق فى بدلتى السوداء الانيقة , وربطة العنق مثل حبل مشنقة على الرقبة
    اختنق رغم تباشير الشتاء واجهزة التكييف التى ينساب منها الهواء فى نعومة
    مناديب الصفحات الاقتصادية يحتشدون فى انتظار الملياردير اليمنى المعتوه .. لم ينتبه احد للمسخرة التى تحدث هنا .. رئيس حزب فى استقبال عضو عادى فى حزبه ! يا للمهزلة الارضية
    عند عودته من رحلته قبل الاخيرة من الصين رفضت الذهاب لاستقباله , تصرف كاد ان يُفقدنى منصبى , قالوا لى انه غضب منى , اخبرنى مدير مكتبه بتهذيبه المعروف
    - يا دكتور مهدى مالك ما جيت المطار ؟ .
    - يا استاذ بلال احنا كلنا من مصلحتنا حزب التنمية الاجتماعى ده يكون واحد من اكبر الاحزاب فى السودان , وواحدة من ابجديات تقاليد العمل السياسى الراسخة فى السودان انو رئيس الحزب ما ممكن يمشى ويكون فى استقبال اى عضو فى حزبه جاى من السفر .
    قال وهو يُراجع بعض الاوراق
    - بس السيد مصطفى غالب هو صاحب الحزب .. مش كده ؟ .
    - ايوه انا عارف , انا بتكلم عن صورتنا قدام الصحافة والاعلام والناس .
    - شوف يا دكتور , انا ما بحب شمارات النسوان , لكن لازم تعرف انو اعضاء المكتب السياسى فى الحزب انتهزوا الغلطة دى واتكلموا مع السيد مصطفى كلام بطال عنك .
    اولاد الحرام
    - كلام زى شنو ؟ .
    - يعنى .. المهم , كلام انك بقيت مغرور , وانك عايز تعمل انقلاب فى الحزب ضد السيد مصطفى .. يعنى , عارف وساخة السياسيين السودانيين .. داير انبهك عشان ما تغلط تانى .
    وجدت الحل السحرى , انعمت عليه بلقب المؤسس و القيادى التاريخى للحزب , وبذلك لا غضاضة فى استقباله كلما عاد للبلاد
    اعضاء مكتبى السياسى الحبيب كلهم كانوا فى انتظاره فى صالة كبار الزوار , تبدو على وجوههم فرحة مُزيفة , احدهم يرتدى بنطال اصفر اللون ويحمل باقة من الزهور البنفسجية , هو اشد الناس عداوة لى , وهو من يرسمونه فى اجتماعاتهم السرية وتكتلاتهم المريبة , يرسمونه الخلفية القادم للعرش الخاوى , جعلتهم يلتفون حوله مثل التفاف النمل على قطعة خبز , بينما كنت اجمع فى هدوء قاتل خيوط أخبار فضيحة مدوية تتحدث عن انه قد أغتصب ابنة اخيه غير الشقيق
    سوف انسفه قبل المؤتمر الوهمى القادم للحزب
    سوف اقوم بتسريب اخبار فضيحته للصحف الصفراء مثل بنطاله فى التوقيت المناسب , سيكون عبرة من لا يعتبر
    - شنو الحاجات دى يا حاج مبارك ؟ .. كده وكده والله غالب ؟ .
    - شنو يا دكتور مهدى ؟ .. حاجات شنو ؟ .
    - يعنى الـ نيو لوك ؟ .. ما شاء الله عينى باردة , وتبراء وتستبراء , قميص لبنى وبنطلون اصفر وزهور بنفسجية , فضل ليك بس دقن ابيض وتبقى بابا نويل .. هاهاهاهاها .
    - بابا نويل ده مش المسيحى بتاع الكريسماس والهدايا يا دكتور ؟ .. ثقافتك ضعيفة للاسف الشديد , بابا نويل بيلبس احمر .. وبالمناسبة انا عندى هدية ظريفة ليك , لكن بقدمها فى الوقت المناسب واتمنى انها تعجبك .
    - سبحان الله , القلوب شواهد , والله العظيم انا هسع بفكر فى هدية ليك يا حاج مبارك .. بس هديتك لى انشاء الله تكون جديدة , ما من بقايا مايو .. هاهاهاهاها .
    كان من ابرز من ساهموا فى النظام العسكرى الثانى 1969 - 1985 , وابرز من ساهموا فى صناعة الانتفاضة الشعبية ضد هذا النظام فى 1985 , وابرز من شتموا نفس هذه الانتفاضة بعد الانقلاب العسكرى الاخير , ولولا انهم ضربوه بالشلوت وطردوه لكان الان من ابرز شخصيات الحزب الحاكم .. كل التخطيط ضدى يتم فى منزله العامر بالدعارة والايمان بالمصالح الشخصية العليا
    اعلن المذياع الداخلى عن تأخير لمدة ساعة كاملة للطائرة الميمونة القادمة من قلب عاصمة اليمن السعيد , تنهد المناضل القديم البابا نويلى صاحب البنطال الاصفر وقال بصوته العالى حتى يُسمع الاطرش فى الصالة
    - معقول يا جماعة ؟ .. ساعة كاملة تانى ما نشوف فيها السيد مصطفى غالب ؟ .. والله العظيم ده حرام .
    تنهد مثل انثى وصلت لذروة افرازاتها المهبلية
    قلت فى نفسى
    - ما يتأخر .. يعنى عايز ترضع منه .. ملعون ابو امك .
    سوف انسفك من على ساحة العمل العام , امسحك من وجه الارض .. جلس وهو يتحدث فى هاتفه المحمول وينظر لى بطرف عينه فى خباثة ثعلب .. هو فى بداية سبعينيات عمره وانا فى بدايات الخمسينيات
    - ده ما مشكلة , الزمن فى مصلحتى .. المشكلة فى الناس الاصغر منى .
                  

04-18-2015, 04:50 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    19

    يتأفف منا
    ويشتكى لطوب الارض من صراعاتنا الشخصية داخل اروقة حزبه الشخصى اللعين
    الملياردير المعتوه يُريد ان يجعل من اعضاء الحزب تلاميذ فى المرحلة الابتدائية , مؤدبين , يغسلون ايديهم قبل الاكل وبعده , لا يتحدثون اثناء الحصص الثقيلة على القلب , وينشدون بحماس وطنى منقطع النظير نشيد (بلادى .. بلادى) كلما لمحوا خيال مدير المدرسة الرهيب من بعيد
    هو لم يستوعب بعد حقارة المثقف السودانى المزروعة فى جينات هذا الشعب بترتيبات الهية مُسبقة , لم يستوعب خاصية تفاصيل الحسد والنميمة والضرب تحت الحزام ببراعة لهذا الشعب البطل
    اجتماع على انفراد فى مقر ادارة شركاته المتعددة النشاطات
    فيلا فخمة من خمسة طوابق بيضاء اللون , يحتل مكتبه الطابق الخامس بكامله , تصل اليه بعد عبور حشد من الحسناوات اليافعات من اليمن , ومصر , واثيوبيا , وسودانيات متفشخرات يحملن بفرح مُتعالى وعنـطـزة جوازات سفر امريكية .. عولمة كما اُنزلت
    ترتفع سماعات هواتف ارضية بيضاء وسوداء , وتنخفض فى رشاقة وهدوء برجوازى رصين ومثقف
    - دكتور مهدى الماحى عندو مواعيد مع السيد غالب .
    تُقال بالدارجية السودانية التى اعرفها كجوع بطنى القديم فى لندن , وتُقال مخلوطة بلهجات أخرى تعبيراً على ما يبدو عن الوحدة الاقتصادية القادمة .. تُقال بالانجليزية المعجونة بكلمات فرنسية عن قصد
    wow تعجبنى اللعبة , امر بمراحلها المختلفة وانا فى غاية السرور والانتشاء , اجواء الف ليلة وليلة الكلاسيكية المعروفة مع اضافة احدث صيحات الديكور والاضاءة والازياء
    وفود اجنبية تبيع وتشترى فى أوصال جثة هذا الوطن واوطان الآخرين , خبراء بورصة يتحدثون عن الدمج واعادة الهيكلة وبيع القطاع العام وتسريح العمال تحت ذريعة ضغط النفقات !
    والمصعد الصغير يُصدر نغمات موسيقية لسمفونية مشهورة للترويح عن النفس فى الثوانى المعدودة التى ينغلق عليك فيها وينفتح مباشرةً على مكتبه وهو يُصدر نغمة تنبيه
    لديه عادة قذرة , غاية فى الغرابة .. تجده على الكرسى الجلدى الدوار وقد اعطاك ظهره بالكامل , لا يلتفت اليك الا فى منتصف الحديث , اقول ربما هو يُمارس طقوس العادة السرية
    - الاخبار دكتور ؟
    - تمام سيد مصطفى .
    - الحزب ماشى كويس ؟ .
    - تمام , بنستعد للمؤتمر , بس التصديق عشان الجريدة اليومية فيهو مضايقات ما عارف ليه ؟ .
    - موضوع جريدة الحزب خليهو شوية , عشان فى شركة اعلامية تحت التأسيس , شركة ضخمة فيها قناة فضائية واذاعة fm وصحف سياسية ورياضية واجتماعية , بفتكر انو الناس احسن تكتب فى جرايد مستقلة , الزمن بتاع الصحف الحزبية انتهى فى العالم كله .
    هو صاحب الحمار وانا علي ربطه فى المكان الذى يحدده
    - دى فكرة ممتازة , ومبروك مقدماً .
    - عايزكم فى الحزب تعملوا جبهة عريضة فى قصة حرية التصديق للقنوات الفضائية واذاعات الـ fm .. تعرف انا معجب جداً بتجربة رفيق الحريرى فى لبنان .
    واتمنى ان تنتهى مثله
    - تعرف يا مهدى انا وصلتا لقناعة انو القنبلة النووية هى سلاح القرن العشرين الفتاك , والاعلام هو سلاح القرن الواحد وعشرين الفتاك .
    لو كان هناك انصاف , لكان من المفترض ان يتم تصنيف هذا المخبول ضمن افضل مئة مُفكر مروا على تاريخ البشرية
    - صحيح سيد مصطفى .. الاستثمار فى الاعلام هو المستقبل فى العالم كله .
    وكذلك فى الاحزاب , يجب ان لا تنسى ذلك يا وغدى الحبيب
    اخيراً التفت نحوى , وجه ابيض وسيم وشعر فضى فى اناقة , هو فى السابعة والستين من عمره
    - كفارة لاختك نوارة , سمعتا بالصدفة البحتة انها مرضت قبل فترة بمرض صعب شوية , و شردت من المستشفى ؟ .
    هنا مربط الفرس , وانا مُستعد لهذا السؤال بالذات ايها الوجيه الثرى
    - ده وضع ما بيدى يا سيد مصطفى , المرض والموت دى حاجات من عند الله .
    - بس كان لازم تكلمنى قبل ما اعرف من الناس وتلميحات الجرايد , وافتكر اننا متفقين انك ما تدس عنى اى حاجة .. والمهم عندى انو الوضع ده ما يسبب مشاكل لمستقبلك السياسى .
    - انا بس ما حبيت ازعجك بامورى الشخصية , وما اعتقد انو الحادث ده ممكن يهز صورتى قدام الناس , لانو ببساطة ما انا السبب فيهو , بالعكس افتكر الناس بتشعر بالتعاطف مع زول فى وضع زى ده .
    - فى اى مساعدة ممكن اقدمها ؟ .
    - شكراً جزيلاً , انا عارف ومُقدر مشغولياتك , ما تزعج نفسك , انا عملتا البلاغ والاجراءات المطلوبة , ومفروض بكرة ينزل اعلان فى الجرايد مع صورتها وانشاء الله يومين تلاتة بلقاها .
    - المرحلة الجاية دى يا دكتور حساسة جداً بالنسبة لى , ما عايز فيها مشاكل من اى نوع , لا فى الحزب , لا فى اسرتك من عطيات وشوشو , لا حاجات تهز صورتك قدام الناس , انتا عارف العين بقت علي وفى ناس بتكرهنى جداً جوه وبره , عايزك تكون فى الصف الاول باستمرار .. وبعدين الصراعات الشخصية بينكم داخل الحزب بكل صراحة ما مريحانى , لازم تشوف ليها حل وتعمل ليها كنترول , ما تخذلنى لو سمحتا , ok دكتور ؟ .
    - ok , ما تشيل هم , انا قدر المسئولية .
                  

04-18-2015, 06:02 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    20

    يااااه يا " غسان "
    المُقابلة الاولى
    ذكرى النظرات التمهيدية والاقتراب الحذر
    كانت جميلة تلك البدايات الاولى .. كيف انقلبت لهذه النهاية التراجيدية ؟
    كيف استطعت تصويرى يا ابن الحرام ؟
    - الو يا دكترة .
    - اهلاً غسان .. مشتاقين .
    - انا راجع بكرة من شندى .
    - توصل بالسلامة .
    - اخبار العـر ....
    قاطعته بسرعة
    - كلو تمام , لما توصل حـ تلقى كل الامور جاهزة , يلا مع السلامة عشان انا سايق فى الطريق .
    اتذكرك فى يوم اللقاء الاول .. وانت تجلس فى الصف الامامى , انا على المنصة اتحدث فى ما لا يُفيد ولا ينفع الناس , لقاء العيون الاول , مُعادلات الكيمياء البشرية التى يتحدثون عنها فى كُتب التنمية البشرية
    كان عندنا هوس فى تلك الايام لـبناء قواعد للحزب داخل الجامعات السودانية , وكانت تلك ندوتى الاولى والاخيرة فى الحرم الجامعى
    - انا غسان مختار الفاضل , طالب فى كلية الصيدلة .
    حديث قصير , ومصافحة بالايدى , تعريف بالاسماء الثلاثية وطلب البرنامج , رغم ان برنامج حزبنا المكتوب يختلف 180 درجة عن البرنامج الذى يتم تنفيذه فعلياً على ارض الواقع ! , تبادل لارقام الهواتف باللغة الانجليزية !
    - نسمع صوتك يا غسان , انا بحب الشباب المتحمس للقضايا الوطنية .
    اعجبنى فيه الجسد الفائر , ادركت بخبرتى الا محدودة , مقدار الفحولة الكامنة
    انتظرت .. وانتظرت .. وانتظرت , يا لصبرك المدهش ايها العنكبوت العملاق وانت تنسج شبكتك البديعة المدهشة
    - الو .
    - دكتور مهدى الماحى ؟ .
    - اهلاً وسهلاً .
    - انا غسان .
    - غسان ؟ .. غسان ؟ .. انتا صحفى ؟ .
    اُحب نفسى كثيراً عندما اتقمص شخصية المُستهبل على خشبة مسرح الحياة
    - طالب الصيدلة , كان عندك قبل اسبوعين ندوة فى الجامعة وانا .........
    - ايوه , ايوه .. معليش الزهايمر بعيد عنك , عمك مهدى خلاص بقى شمار فى مرقة .. هاهاهاهاها , مش كان مفروض نكمل كلامنا واديك البرنامج ؟ .
    للصوت نغمة مُختلفة عما هى عليه الان .. طريقة الكلام عند الاقتراب الحذر , تختلف عن طريقة الكلام عند الابتعاد
    اندفعت , اعترف الان بذلك , طلب منى نقود فى اللقاء الاول , وانا دفعت عن طيب خاطر , وصلت للنقطة الخطرة من العمر , نقطة ان تدفع نقداً فى مُقابل ان تجد الشريك .. ماذا سافعل فى ستينيات وسبعينيات عُمرى ؟
    شقتى التى اُحبها .. عرين الاسد العجوز , لو دخلت من بابها الخشبى الاسود السميك ستجد لوحة " العُمر " امام عيونك مُباشرةً , والقطار هناك , بعيد , بعيد , كنقطة صغيرة تتجه نحو التلاشى
    اللقاء الاول فى هذا العرين , الجلوس بقربه , وحدنا هنا .. الرسائل التى ارسلتها له بمكر عن طريق الضربات الرقيقة بالساق , الانحناء عليه للتأكيد على فقرة ما غاية فى الاهمية لمستقبل هذا الشعب فى الصفحة الخامسة من البرنامج الحزبى , الاصبع يضغط على الفقرة فى الورقة وعلى لحم الفخذ فى رفق
    وصلت الرسالة
    - والله تعرف يا دكتور , السياسة دى حاجة مُهمة ولازم الناس تشارك فى الاحزب السياسية , لكن المشكلة الظرف الاقتصادى للناس , انا مثلاً عندى اقساط فى الجامعة لازم ادفعها عشان اخش الامتحان بعد اسبوع .
    وصلت للنقطة الخطرة من العمر , نقطة ان تدفع فى مُقابل ان تجد شريك .. اين شعارات الحب الانسانى العظيمة ايها الرفيق العراقى السابق ؟
    فى الصباح وجدت الورقة الخامسة من البرنامج وعليها آثار الليلة السابقة .. اوراق برامج الاحزاب السودانية مُفيدة فى السرير , وعند انقطاع الماء فى دورة المياه اثناء قضاء الحاجة
    اللقاء الجسدى الاول .
                  

04-18-2015, 07:54 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    21

    اعود من المشرحة خائر القوى , واصوم عن الطعام طوال اليوم
    اخبرونى عن طريق الهاتف بوصول جثة امرأة مجهولة الهوية تنطبق عليها نفس اوصاف " نوارة " .. هذه هى المرة الرابعة
    اصبح عامل المشرحة صديقى , يُقدم لى مراسم التحية البروتوكولية بهزة خفيفة من راسه وهو يلتهم سندوتش , اظافر يديه طويلة وقذرة , عيونه غائرة ولون بشرته شمعى .. رائحة الموت تتدفق من كل الاركان , هذه المرة كانت قوية , اصابتنى بالدوار
    - يا ساتر .
    اخرجت منديلى القماشى وتقيأت عليه
    - معليش يا دكتور , الكهرباء مشكلة كبيرة .
    منظره وهو يمضغ الطعام بلا اهتمام , دفعنى للتقيؤ من جديد
    - بكرة تتعود يا دكتور .
    جثة محروقة بالكامل
    - المرحومة دى كانت مجدوعة فى الخلاء بتاع الحاج يوسف .
    اوشكت على السقوط فى الارض والدخول فى حالة غيبوبة
    - يا ساتر يا رب , ربنا يرحمها ويرحمنا , دى ما نوارة .. نوارة قصيرة وحجمها قليل .
    - تعرف الظاهر دى جريمة شرف .
    يا للمسكينة , يتم طعنها فى شرفها وهى صامتة !
    وضعت فى جيبه ما تيسر , وانا اتصبب عرقاً من جميع مسام جلدى
    - خليك على اتصال بى طوالى يا جابر , اى جثة لزولة عمرها فى نهايات الاربعين ولونها زى لونى ده كده اتصل بى .
    ابتسم فى ذل للمنحة المالية غير المتوقعة
    - ما عندك مشكلة يا دكتور احنا فى الخدمة .
    هربت بخطوات سريعة من خادم الموتى الشمعى الملعون
    تقيأت للمرة الاخيرة على رصيف الشارع , افرغت كل ما كان فى جوفى , يا الله , لماذا جعلت العفن فى الجسد البشرى وهو يتحلل نحو الفناء الاخير ؟
    ارعبتنى فكرة ان اموت مجهول الهوية , فكرة ان انتفخ عند انقطاع التيار الكهربائى , ان اموت وحيد
    وحدك يا وحيد .. لا ظهر , لا سند
    سوف يتبادل اعضاء مكتبك السياسى الحبيب رسائل التهنئة , يتكبدون مشقة حفل التأبين الهزيل , وقصائد الرثاء السخيفة , ثم ينسونك فى صباح اليوم التالى مباشرةً , يقتسمون اوراقك وقلمك الذهبى البديع - هدية حافظ ابراهيم فى واحدة من اعياد ميلادك البعيدة - .. وانت تنتفخ , وتنتفخ , والتيار الكهربائى لا يعود
    اتجهت الى مملكة المؤامرات السرية والعلنية , دار حزبى (حزب التنمية الاجتماعي) , حيث لا تنمية ولا يحزنون , اوقفت سيارتى بجوار لافتة حديدية ضخمة , عليها اعلان غريب
    ؛؛ انتظرونا .. مفاجأة كبرى فى الطريق ؛؛
    قلت ربما هو مشروب جديد .. ما تبقت مفاجآت لم اعرفها فى حياتى المديدة
    " نوارة " كانت ستهتم يوم وفاتى , وهى الوحيدة التى كانت ستبكى علي بشكل صادق
    لو يعرف الناس اهمية ان يبكى عليك انسان .. لو يعرفون اهمية عدم الموت داخل ثلاجات المشرحة , الموت على سريرك المنزلى بين افراد اسرتك نعمة كبيرة
    - هذا العالم السعيد بتعاسته .. التعيس بسعادته .
                  

04-18-2015, 03:50 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    22

    اليوم , تحل الذكرى السنوية لاغتيال الرفيق السابق
    فى تمام الساعة العاشرة مساءً , انطلقت رصاصة وحيدة من مُسدس كاتم للصوت , واستقرت فوق الفك الاعلى
    وحدى فى زنزانتى الصغيرة , اطفاءت الانوار , واشعلت شمعة صفراء كبيرة , وانتظرت انظر للساعة الحائطية الكبيرة بعقاربها الفسفورية المضيئة
    جعلت من يوم اغتياله عيد ميلاد
    انا الوحيد الذى يتذكر الان , واستاذ قديم فى اللغة العربية قال ان اشتقاق اسم الانسان جاء من النسيان !
    هم هناك , وانا هنا .. " عطيات غالب " و " شوشو "
    انا الاراجوز , اظهر فى المناسبات الرسمية فقط , أعطاء شرعية مُزيفة لهذا التفكك الأسرى الطافح .. " عطيات " لا تشبع من الجنس , لا فائدة , جرب معها الملياردير المعتوه كل الوسائل - حتى العنيفة منها - , ولا فائدة , فلت العيار
    هو من عرض علي الصفقة , يُريد التفرغ لمشاريعه الناجحة , ورائحة ما بين افخاذ شقيقته الصغرى اخر العنقود فاحت باريجها فى ارجاء لندن
    هو بكل صراحة كما قال لى , لديه ارتباطات تجارية وفكرية مع جماعات الأخوان المسلمين لا يُحب ان تهتز
    تحدثنا رجل لرجل وبيننا كوبين من القهوة التركية الثقيلة , فى مقهى صغير تنبعث منه موسيقى لاتينية حزينة
    عقد معى الصفقة بكل سهولة , صفقة صغيرة تحت المائدة , مثل ملايين الصفقات الشخصية القـذرة بين التيارات الفكرية المختلفة فى بلدى , الزواج من الشقيقة الصغرى التى فلت عيارها, والمقابل وظيفة ذات عائد مادى مغرى للغاية فى واحدة من شركاته / على الورق فقط / , مع التفرغ التام لرئاسة حزب سياسى تحت التأسيس
    Tit for tat
    - مجموعة ضغط سياسى مكونة من خبراء تكنوقراط وناس عندهم نفوذ قبلى وسياسى , المجموعة دى عايز العب بيها بوليتيكا , واحمى بيها نفسى ومشاريعى التجارية .
    كنت فى تلك الأيام ابحث بجنون عن تراث " حافظ ابراهيم " الفكرى بعد اغتياله .. اتنقل بحماس لاجمع كل ما كتب من اشعار ومقالات سياسية وترجمات فكرية وادبية مُختلفة , اتنقل بحماس وانا اشعر بالضياع والفراغ والوحدة
    عندها عرفت " عطيات " وشاهدتها لاول مرة .. تجلس بين افراد اسرة عراقية ليبرالية مؤمنة باسقاط " صدام حسين " وازاحته من السلطة اكثر من ايمانها بالله نفسه ! , تجلس بينهم وهى تتحدث عن تحرير العضو التناسلى للانثى العربية كمفتاح جوهرى حاسم لحل مُجمل العملية الثورية المعقدة فى العالم الثالث
    - تحرير العضو التناسلى الانثوى يعنى تحرير الارض المحتلة .
    كانت مسطولة , وقفت فى حركة مسرحية وهى ترفع ملابسها لاعلى وتخلع سروالها الداخلى الاحمر , ليظهر كهفها غير المقدس المباح وهو مُغطى بشعر اسود كثيف من كل الجهات
    - من هنا اُعلن للعالم اننى حُرة .
    ارتفع التصفيق الحاد من المُتواجدين
    - برافو .. عاشت الحرية .
    وقفت عارية تماماً فى نصفها الاسفل وهى تبتسم ابتسامة ثائر منتصر فى حرب اهلية
    ادركت ان الجميع يُحلق بفعل المسحوق الابيض فى سماوات زاهية .. حملت منهم بصعوبة بالغة بعض ترجمات " بابلو نيرودا " بخط الحبيب الراحل , وتركتهم يُحررون الاراضى المحتلة
    عندما دقت العاشرة , نفخت برقة فى الشمعة الصفراء , ساد الظلام والهدوء .. ونزلت دموعى .
                  

04-18-2015, 07:35 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    23

    حى السجانة
    رقعة جغرافية هى مرتع الصبا والذكريات
    هنا اتجول بالساعات , اغسل همومى واحباطى على شوارعها الضيقة , مياه البالوعات وهى تُشكل برك صغيرة تنبعث منها روائح صابون اجنبى للاستحمام
    ابحث عن السجانة القديمة .. عن روح الألفة والتضامن الانسانى الحقيقى , عن من يحمل جنازة من لا يعرف بكل حزن صادق على كتفه
    - ناس زمان .. ناس الزمن الجميل .
    السوق القديم , والسكان الاصليين القدماء , اعرف بعضهم , بوجوهم التى لعب فيها الزمن باقتدار ورسم اخاديده عليها , منهم من بتر مرض السكرى بعض اطرافه , ومنهم من دخل فى الزوابع الرملية لخرف الشيخوخة , يجلسون على كراسى مهترئة , ينتظرون الموت ونشرات الاخبار الكئيبة
    - السلام عليكم .
    يردون بدون اهتمام , بل حتى لا يرفعون عيونهم من الفراغ الذى يُحدقون فيه
    - وعليكم السلام .
    ضربت ابنائهم موجات هجرة جماعية , وتركوهم للعراء مُحاطين باحدث انواع الاجهزة الكهربائية , وباليأس
    اعرفهم .. منهم العربجى , و الـقـوادة بسنتها الذهبية الامامية للتباهى , ومن حملت بالحرام , واليسارى الذى دفع حياته كلها فى مُعتقلات طويلة المدى ثم انقلب فى نهاية المطاف الى النقيض يدعو الناس بجلبابه القصير لارتياد المساجد وعدم لمس اجساد النساء فى المواصلات العامة !
    السجانة القديمة .. و السجانة الجديدة
    الاولى التى اُحبها , والثانية التى اخاف منها , الثانية التى نهضت من بين ركام الخلافات حول الميراث بين الاشقاء على البيوت الضيقة , وانتهت بالبيع للاغراب فى اروقة المحاكم !
    تغيرت كثيراً , نهضت فى اماكن البيوت الطينية ذات الرائحة النفاذة فى فصول الخريف , بيوت اسمنتية غبية بلا روح - وانا عدو تحديث المدن الاول -
    اختفت منها المزيرة العامة على روح مرحوم يبذل اهله قصارى الجهد لينال رحمة من الخالق , مزيرة عامة نشرب منها ونحن عائدين من المدارس بواسطة علبة كانت فى الاصل لتعبئة اللبن المجفف , نشرب من ازيارها المُلطخة باللون الاخضر بفعل الطحالب , وتشرب منها الأغنام وبعض كلاب الحى الجسورة
    منزلنا القديم تحول الى لوحة سريالية غامضة من طابقين تخرج منه نساء بلحم ابيض طرى وهن يتضاحكن فى بهجة غير مُبررة .. ودكان ابى الذى تحول الى مكان فخم بزجاج مُلون لبيع قطع الغيار الكورية
    تبدل الحال والمآل , تبدل الناس
    لماذا عُدت من لندن ؟ .. لماذا لم ابتعد بشكل نهائى كما فعل الجميع , لماذا لم اُغير اسمى ودينى ولغتى وجنسيتى ؟
    لماذا اعود مثل مجرم ارعن لمكان ارتكاب الجريمة ؟
    لماذا تقتلنى الروائح ؟ .. رائحة الطين والمطر , ورائحة روث البهائم والفحم المحترق , ورائحة مدخل استقبال مستشفى التيجانى الماحى
    انغرس نصل الماضى المسنون فى الاحشاء .. انغرس ولا اُريد اخراجه
    وذكريات " حافظ ابراهيم " هى واحة صحرائى الجرداء
    فلماذا تقتلنى حتى الان رائحة المراحيض البلدية ؟


                  

04-18-2015, 09:36 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    24

    هى فى بدايات ثلاثينيات عمرها
    وهو فى منتصف العشرينيات
    وطاقة الجسد البشرى لها حدود فى احتمال الحرمان , والغائب يرفض العودة من الغيبوبة
    - أبشر يا عريس .
    الزغاريد والأغانى والضجة .. والضياع
    ليلة زواج امى
    " عبد القادر الخراء " يحمل سوط العنج فى يده , يتقافز الشمبانزي عالياً وهو يُطرقع به فى الهواء
    " نوارة " نامت وتبولت على ثوبها الجديد , ادخلوها للداخل
    وانا ضعت بين الاقدام الكثيرة وسحابات الغبار بفعل الرقص المجنون .. افتش عنها والايدى تمنعنى منها
    - عايز امشى لماما .
    كل اهل الكاملين كانوا هنا .. الا اقارب ابى
    تفاصيل تلك الليلة كأنها حدثت معى بالامس .. تفاصيل تلك الليلة وضعت حاجزاً بينى وبينها حتى النهاية , ما استطاعت هى تجاوزه , ولا رغبت انا فى ذلك
    تحطمت كل الصور القديمة , الضحكات الغريبة المكتومة فى منتصف الليل , التحلق حول اكواب الشاى فى الصباح والمساء , حكايات الجيران , السؤال عن المدرسة وتقليد المدرسين , الحديث عن انتعاش او كساد التجارة
    الأغانى التى كانت فى تلك الليلة , احفظها كلمة , كلمة .. اتذكر طريقة الاداء , وعندما اسمعها الان صُدفة , ينتابنى احساس غريب بالشجن , وبحزن يظل جاثماً على قلبى بقية اليوم
    وانا طفل ادركت انها ما عادت لى
    ذكرى الصفعة الاولى على الخد .. عندما استيقظت ليلاً ووقفت انظر لهما عبر الشباك المفتوح فى دهشة , اضاءة باهتة لكنها كافية لكى اشاهد المعركة واللحم المُتشابك العارى , والصرخات الضعيفة
    - لا .. عبد القادر , لا .
    قفزت من النافذة اليهما , اصرخ فى رعب طفل لا يفهم المشهد الذى امامه
    - بتضرب امى لشنو يا خراء ؟ .
    اضربه على ظهره بقبضتى الضعيفة .. سكون ساد لثوانى قليلة , اعقبته الصفعة الاولى القوية المؤلمة .. لها طعم خاص عن بقية الصفعات فى مراحل العمر المختلفة , اغلقوا بعدها النافذة فى وجهى للابد
    " حافظ ابراهيم " كذلك له نظريات وحديث مُطول لا ينتهى عن الصفعة الاولى للمعتقل السياسى .. قال انها تسند الظهر وتُصلب العود الانسانى الهش
    - تعرف .. الخوف الاساسى يا مهدى عند الاعتقال الاول هو من التعذيب .. عندما يتأخر يبدأ القلق والعذاب النفسى الحقيقى , وبعد الضربة الاولى يا سبحان الله , يتكيف الانسان مع الوضع .
    قلت له وانا انام على صدره العراقى العارى العريض اننى لم اتكيف مع الاهانة والضرب , بل شرختنى .. قلت له ان بداخلى زُجاج مُهشم , زُجاج كثير .. عندما أمشى بسرعة اسمعه يتحرك داخلى
    - كش .. كش .. كش .. كش .
    وكان هو يضحك منى , رغم انه شعورى الحقيقى بلا اى تزييف او مُبالغة .
                  

04-19-2015, 01:03 AM

مرتضي عبد الجليل
<aمرتضي عبد الجليل
تاريخ التسجيل: 10-04-2010
مجموع المشاركات: 3097

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    Quote: ماذا لو وضعوا قانون جديد يمنع القيادة تحت تأثير الذكريات ؟


    عليهم أولا يا شاهين , ان يجدوا طريقة ناجعة لقياس نسبة الذكريات في دم تاريخنا !

    تحية ومتابعة.
                  

04-19-2015, 07:38 PM

محمد البشرى الخضر
<aمحمد البشرى الخضر
تاريخ التسجيل: 11-14-2006
مجموع المشاركات: 28869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: مرتضي عبد الجليل)

    جزيل الشكر لناصر جامع :)
                  

04-20-2015, 01:25 AM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: محمد البشرى الخضر)

    Quote: جزيل الشكر لناصر جامع

    شكرا ود البشرى على المداخلة اللماحة ..
    ياخي شاهين دا شاهين كتابة فعلا ..
    له عيون صقر ترى ما بداخل شقوق الأرض ..
    من حكاية دكتوره احلام ديك أنا سلمت به ..
    تصدق اصعب ما في روايات شاهدين التكنيك السردي ..
    فهو من الدقة والعمق والوضوح والواقعية السحرية بحيث ينسيك تماما أنك تقرأ رواية أو قصة ..
    احيانا ينتابني احساس بأن شاهين اختصاصي علم نفس ..
    نجح في أن يزواج بين اثنتين يوظفهما لصالح موهبته الأدبية ..
    تخصصه العلمي والحالات المرضية التي تمر عليه..
    طبعا دا مجر احساس ظني لا أملك دليل معرفي عليه..
    هذه الرواية لو تجاوزت ابعادها الاجتماعية ..
    و رؤيتها الفلسفية للحياة المادية والسياسية والاخلاقية..
    وبعدها السادس ..
    وجرأتها في الطرق على المسكوت بعيون كاتب عرضحلجي ..
    سوف تجد نفسك لا على معرفة وثيقة بشخوصها واسمائهم فحسب ..
    بل أيضا لك دور حقيقي فاعل في مجريات أحداثها ..
    Quote: كان من ابرز من ساهموا فى النظام العسكرى الثانى 1969 - 1985 , وابرز من ساهموا فى صناعة الانتفاضة الشعبية ضد هذا النظام فى 1985 , وابرز من شتموا نفس هذه الانتفاضة بعد الانقلاب العسكرى الاخير , ولولا انهم ضربوه بالشلوت وطردوه لكان الان من ابرز شخصيات الحزب الحاكم ..

    هو لم يستوعب بعد حقارة المثقف السودانى المزروعة فى جينات هذا الشعب بترتيبات الهية مُسبقة , لم يستوعب خاصية تفاصيل الحسد والنميمة والضرب تحت الحزام ببراعة لهذا الشعب البطل

    شاهين دا بالضبط من جيلي الذي نشأ ونضج وتعلم في ظل حكومتين شموليتين ..
    حاول أن يعدل من واقعه السياسي والاجتماعي والاقتصادي ..
    ولما هزمته الاعيب السياسة غادر الوطن مهاجرا .أو مغتربا فيما يشبه الهجرة .
    Quote: و هل ما زالت هناك اشياء مقدسة عندك يا " مهدى " ؟

    كل ما أخشاه أن تأتي نهاية مهدي بعد كل بلاويه وراثية ..
    آمل ألا يكون الجزاء قدريا كما جرت العادة في بلادنا ..
    أقول ذلك فط إرضاء لنفسي الأسيرة لمرجعيتها المهنية ..
    وربما تعديلا لتلك النظرة الراسخة في الذهن الاجتماعي ..
    التي عبر عنها الكاتب قائلا:
    Quote: الضعفاء فقط هم من يسقطون تحت الاقدام وينسحقون عند هرولة الخروج من ابواب الطوارئ

    غير أن للأدباء رؤيتهم الفلسفية..
    ففي بعض الأحيان يكون العلاج بالصدمة انجع من الجراحة بالقانون..
    شكرا شاهين .
                  

04-20-2015, 09:47 AM

أبوبكر عباس
<aأبوبكر عباس
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 3463

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: محمد على طه الملك)

    سلام يا شاهين،
    لماذا تنشر هذا العمل مجانا هنا؟
    تستطيع تحقيق عائد مادي جيد من هذا العمل

    - أقترح إيقاف النشر.

    - إذا لم تقم بطباعة القصة في صورتها النهائية، أقترح تبديل اسم المرحاض

    - إذا لم تقم بنشر النص كاملا في أي مكان آخر؛ أنا مستعد تحمل تكاليف الطباعة نظير المشاركة في الأرباح
    ولو النص انتهى أو شارف على الانتهاء× الله غالب

    (عدل بواسطة أبوبكر عباس on 04-20-2015, 09:54 AM)

                  

04-20-2015, 10:58 AM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: أبوبكر عباس)

    سبحان الله تصدق اتوقعتك تطل يا ود عباس بس عشان تحكها ..
    هههه لقيتك داخل بصك بنكي مفتوح ..
    غايتو ناس سباقات الهجن أصلو ما عملو فينا خير ..

    تقديري أظنها إصدارة لإني شايف مقدمة من جنس ما يكتب على غلاف الإصدارة وإهداء ..
    عموما الكلام الفصل في خشم سيدو ..

    إذا لازما يعني ـ افتكر المستهتر أو المنحرف أو الضحية ..
    لأن الشخصية كانت ضحية لانحرافات عديدة في المجتمع..
    أخلاقية وسياسية واقتصادية وعرفية وجينية تمثلت في زواج الأقارب ..
    ولم تكن مثلية فيزيكالي.
                  

04-20-2015, 04:04 PM

ALWALEED ALSHEIKH
<aALWALEED ALSHEIKH
تاريخ التسجيل: 01-11-2013
مجموع المشاركات: 884

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: محمد على طه الملك)

    التحية للمبدع شاهين و رواد البوست الأفاضل
    أعتقد أنني قرأت في مكان ما للأستاذ شاهين أنه يفضل النت كوسيلة لنشر اعماله لأسباب هو أقدر على ايضاحها.
    و له و لكم وافر الشكر و الاحترام
                  

04-20-2015, 10:29 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: ALWALEED ALSHEIKH)

    كل التقدير والمودة والاحترام لكل المداخلات
    شكرى العميق
    استاذ/ مرتضى عبد الجليل .
    استاذ / محمد البشرى الخضر.
    استاذ / محمد طه على الملك .. اخجلت تواضعى بتحليل بديع , اتمنى ان استحق كل كلمة وردت فى المداخلة .
    استاذ / أبو بكر عباس .. اسعدتنى بعرضك , وفى غاية الامتنان على تقديرك لما اكتب , سوف اشرح لسيادتك وجهة نظرى حول النشر الورقى فى الماسنجر الداخلى .
    العزيز والغالى استاذ / الوليد الشيخ .. الشكر للمداخلة هنا والمداخلة هناك , كتر خيرك كتير .
    ...........
    ..........
    كل التقدير لتكبد عبء القراءة وعناء التعليق للاساتذة فى الفيس بوك
    الاستاذ / زيزو الامين .. اتمنى ان اكون عند حسن ظنك دائماً .
    الاستاذ/ سيف اليزل احمد .. الشكر لك انت وليس لى .. شكراً ليك كتير .
    الاستاذ / طارق معلاوى .. خالص الاحترام .
    الاستاذ / على بوب .. التقدير والتحية , للاسف انا اكتب فقط فى سودانيز اون لاين تجاربى الادبية .
    الاستاذ / همام بن همام .. تحياتى ووافر الاحترام , حزين ان الرواية لم تنال استحسانك , واتمنى ان تنال التجارب القادمة الاستحسان والرضا من جانبك , كثير التحايا .
    سعيد بكل المشاركات .. ربنا يديكم العافية .
                  

04-23-2015, 05:42 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    25

    عالم السياسة
    عالم الاكاذيب الملونة البديعة .. عالم الشعارات المنفوخة مثل بالون زاهى كبير , بالون ينفجر من اول لمسة دبوس خفيفة
    يتخبط اعدائى , اعضاء مكتبى السياسى الحبيب فى مؤامراتهم شبه اليومية الصغيرة , خطوات قليلة على المؤتمر العام للحزب , تركتهم يرفعون الشعار العريض المريض
    ؛؛ قيادة جديدة للحزب .. فى ظل واقع جديد ديمقراطى للوطن ؛؛
    رغم كل الحروف الابجدية الكثيرة والكبيرة فى الشعار الا ان المعنى واحد , يُريدون الاطاحة بى
    " اخلاص وهبة " جاسوستى الدميمة , لها اذرع اخطبوطية فى كل مفاصل الحزب
    ثبتت رؤية هلال شهر رمضان بالعين المُجردة , وحاج " مبارك " هو المرشح الرسمى ضدى فى الإنتخابات القادمة على رئاسة الحزب , املك الفضيحة التى تنسفه , أغتصب أبنة اخيه غير الشقيق , وتم التعتيم على الفضيحة بشكل هائل , ابن الحرام لديه نفوذ ومخالب ضاربة بعمق فى كل مفاصل الدولة العتيقة , دولة الفساد والمحسوبية
    جلس امامى مثل ثعلب خبيث فى افلام الكرتون
    - يا حاج مبارك , فى مشكلة صغيرة قدام الحزب ممكن تعمل ليهو مشاكل واحنا بعد اسبوع عندنا المؤتمر العام .
    - خير يا دكتورنا ؟ .
    نبرته فيها تهكم , شهادتى العليا الاجنبية هذه لا تنال رضائه , ولقبى الاكاديمى يُثير حنقه
    - اتمنى يكون خير , فى جريدة نشرت قبل يومين تلاتة خبر صغير عن فضيحة جنسية لشخصية عامة .
    - جريدة شنو ؟ .. والحزب مالو ومال القصة دى ؟ .
    - جريدة اسمها الناس , واحدة من جرايد الفضايح وكده .
    - وبعدين ؟ .
    ابتلع ريقه بصعوبة .. بدأ يشعر بالخطر
    - وبعدين صحفى من الجريدة اتصل بى وقال ان الخبر ده بيخص الحزب بتاعنا , وبيخصك انتا بالذات .
    نهض من مقعده مفزوعاً وملدوغاً , يرتفع صوته مثل النساء عندما يعرف ان الريح تهب عكس ما يُريد
    - ده شنو الكلام الفارغ ده ؟ .. ديل صعاليك ما عندهم شغلة .
    رفعت ذراعى الايمن بشكل عمودى مستقيم , كرجل مرور اوقف حركة السير فجأةً دون تحذير
    - يا حاج مبارك .. عليك الله لحظة لو سمحتا وخلينا نتكلم بهدوء , وممكن نحسم المسألة دى انا وانتا بعيد عن السيد مصطفى غالب , لانو لو سمع بالقضية دى حـ يزعل منك , وانتا عارف زعلو بيكون كعب شديد .
    عاد للجلوس مرة اخرى .. جلس هذه المرة مثل طفل مُشاكس تم تهديده باحضار العفريت
    قال فى همس
    - القصة شنو بالظبط يا دكتور ؟
    - القصة يا حاج مبارك انك اغتصبتا بت المرحوم اخوك الما شقيقك , او كان عندك معاها علاقة جنسية وهى حملت منك , وحاولت تعمل عملية أجهاض , لكن للأسف العيادة كانت مُراقبة , والبت انهارت فى قسم البوليس وقالت اسمك , والصحفى قال لى انو الدكتور فى العيادة كان مسنود , وفى بت تانية فى العيادة كانت عايزة هى كمان تعمل اجهاض وبرضو اهلها ناس مُهمين , كل الأطراف كان من مصلحتها انو الموضوع يموت , والموضوع فى النهاية مات فعلاً , لكن فى عسكرى ود حرام عندو حقد على الناس المهمين فى البلد صور صورة من المحضر قبل ما يتشرط ويترمى فى الزبالة , والصورة دى وصلت للصحفى .
    غارت عينيه الى الداخل , اخذ ينظر للفراغ فى فزع وخوف .. طفل مسكين فى سبعينيات عمره يُعانى من مرض التوحد
    - اشاعات تافـهة .
    جاء الصوت من بعيد
    - العيار الما بيصيب بيدوش يا حاج مبارك .. وبعدين الموضوع ده لو اتفتح من جديد حـ نخش فى سين وجيم والبت ممكن تانى تنهار وتتكلم . دى بت صغيرة عمرها 16 سنة , قاصر , عارف معنى كلمة قاصر فى القانون بتعنى شنو ؟ , وعارف معنى انو الناس واهلك يعرفوا قصة الزول البيرقد فى سرير مع بت اخوهو الطفلة ويقلع ليها لباسها , اظنك عارف , مش كده ؟ .
    صمت تام , اخذت اتفحص فيه اظافر يدى اليمنى , صمت سمعت فيه ابواق السيارات فى الشارع الخارجى , وصوت معركة كلامية بين رجل وامرأة
    عندما رفعت عيونى عليه من جديد , وجدته يضع يده على قلبه وهو يتنفس بصعوبة بالغة
    كش ملك
    انا دكتور " مهدى الماحى " الحاصل على دكتوراه فى العلوم السياسية , انا لست " أبو عبدالله الصغير " يا " فرديناند " الفرنجة حتى اسلمك مفاتيح المدنية واجهش بالبكاء على مشارف غرناطة , ابكى كالنساء على مُلك لم احافظ عليه كالرجال
    - لكن ما تقلق انا عندى الحل .. ناس الجرايد ديل فى النهاية عايزين قروش عشان يقفلوا خشمهم وما يتكلموا تانى , ويا دار ما دخلك شر , ولحدى ما احسم القصة دى افتكر يا تجمد نشاطك فى الحزب لاسباب صحية , يا تعتزل العمل العام وكفاية عليك خالص لحدى كده , وترتاح .
    هذه هديتى التى وعدتك بها .. تهادوا تحابوا .. فاين هداياك الموعودة يا نزيل دار المسنين المستقبلى ؟ .
                  

04-23-2015, 09:12 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    26

    اذن هذا هو الفراق الاخير
    هذه هى الليلة الاخيرة يا عشيقى الوغد , والليالى الاخيرة فى فراق العشاق تحمل بعض الشجن , ومسحة من الحزن الغامض
    هل هو الاعتياد ؟ .. ام انه الحب ؟
    شكول طوال .. وليل العاشقين طويل
    وانت مشغول بكتاب كثير الصفحات , كتاب كل صفحة فيه عبارة عن مُربع سودوكو لئيم , مُنهمك بجسدك الصحى العارى فى حل هذه اللعبة العجيبة بواسطة قلم رصاص و أستيكة تنبعث منها رائحة الفراولة
    - ده آخر يوم لينا مع بعض يا غسان .
    رفع راسه
    - شنو ؟ .. قررتا تموت ؟ .
    تركت بعض دقائق تمر قبل ان اقول
    - قررتا اتوب .
    - انتا بتتكلم جد ؟ .
    - انتا بتعرفنى , انا زول ما بحب الهظار الكتير .
    جلس بشكل كامل على السرير , تدور فى راسه الوسيم حسابات الربح والخسارة
    - زهجتا منى ؟ .. ولّا ما بقيت تحبنى ؟ .
    - انا لسه بحبك , بس بالجد انا عايز اتغير .
    كنت اُشدد على الحروف فى كل كلمة , اضع على وجهى قناع الجدية والاصرار
    - بس انتا كان كلامك لى مُختلف .. كان كلامك اننا احرار فى اجسادنا , وطالما نحنا ناس ناضجين وما قاعدين ناذى زول يبقى خلاص احنا ما بنعمل حاجة غلط .
    اتحرك بهدوء محسوب داخل الغرفة , انا عارى تماماً مثله , يُراقب تحركاتى بقلق .. لو لم تبتزنى يا وغد , لتغيرت النهايات .. لا يجب ان يتم تكرار نفس الرقم فى نفس السطر , هذه هى القاعدة الذهبية فى سودوكو
    - الانسان كائن مُتغير يا غسان .
    من هو صاحب هذه المقولة , " ارسطو " ام " افلاطون " ؟ .. او ربما اكون انا , انا زعيم الفلسفة غير المشهور فى القرن الحادى والعشرين !
    - وعشان اثبت ليك انى ما زهجتا منك , وانى لسه بحبك , بضمن ليك مُرتب شهرى كويس , عندى خطة انك تدخل معانا الحزب , والمرتب الشهرى ده عبارة عن دعم لفرعية الحزب فى الجامعة عندك , وانتا المسئول عن الفرعية دى .. كلام زى الورد ؟ .
    تهللت اساريره قليلاً , وقال فى حذر
    - والمرتب ده كبير ؟ .
    جلست بقربه على السرير , التصق الفخذان العاريان , شعرت بالحرارة تصعد الى رأسى
    - يعنى انتا كمان ما تتوقع مرتب زى مرتب مدير صندوق النقد الدولى , على العموم الكلام ده مسئولة عنه زولة اسمها اخلاص وهبة , حـ اعرفك بيها عشان تنسقوا مع بعض , وهى كل شهر حـ تجيك الجامعة وتسلمك القروش .
    - يعنى تانى ما حـ نشوف بعض ؟ .
    - لا .
    ولو وصلت للمواد المصورة التى تبتزنى بها , ربما اُسقط عنك حكم الاعدام
    وضعت رأسى على صدره
    - مافى بوسة كبيرة لبابا مهدى قبل ما يتوب توبة نصوح ؟ .
    ذات مرة , وفى لحظة غضب , قال لى " حافظ ابراهيم " اننى يجب ان اتجه لمجال التمثيل على خشبة مسرح .
                  

04-23-2015, 09:14 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    27

    وفى نهاية المطاف فان الحياة عبارة عن لعبة عض اصبع لا تنتهى , من يصرخ فى البداية , يخسر ويخرج
    - الفاتحة .
    ننهض , ونجلس .. اكثر من مئة مرة ونحن ننهض ونجلس , شعرت بالم حاد فى فقرات عمودى الفقرى , الم اشتكى منه منذ فترة على فترات متقطعة
    نجلس فى خيمة عزاء فقيد الوطن , خالد الذكر , شعلة الامة التى انطفأت حاج " مبارك "
    ازمة قلبية حادة فى التاسعة مساءً , حلقت به الى فرع الحزب فى السماء
    ازمة قلبية حادة بعد ساعات فقط من حديثى الشخصى معه !
    لم نعرف مشاكله المُزمنة مع شرايين قلبه الا من ابنه الطالب الجامعى والذى جلس فى الخيمة يحكى بتفصيل غريب , التفت نحوى اثناء المحاضرة الاكاديمية الطبية
    - الحاج قبل الوفاة فى المستشفى قال لى فى وصية مُهمة لازم توصل لدكتور مهدى الماحى رئيس الحزب .
    حدث صمت , وجدت المعتوه " مصطفى غالب " الجالس بين افراد طاقم السكرتارية الخاص به , يرفع راسه فى انتباه
    اوشكت ان اتعرض انا الآخر لنوبة قلبية , فتحت فكى الاسفل فى حيرة
    - خير ؟ .. المرحوم ده كان عزيز علي .
    - المرحوم قال ليك , مافى حاجة بتستحق ده كله فى الدنيا , قال ليك لو فهمنا الحياة كويس قبل المحطة الاخيرة حـ نكتشف انو مافى حاجة بتستحق ده كله .
    انخرط بعدها فى بكاء مرير .. ذهبت وجلست بجواره , وضعت يدى على كتفه
    - شد حيلك .. الفقد واحد , احسن الله العزاء , وانا والمرحوم كنا بنبذل جهد ازيد من اللازم فى الحزب , عشان كده هو قال مافى حاجة بتستحق ده كله , واننا لازم نعيش حياة طبيعية زى الباقيين .
    انقذنى من التبرير الفلسفى , دخول عدد من الأشخاص لخيمة العزاء , صاح احدهم بصوتاً عالى
    - الفاتحة .
    نهضنا من جديد بشكل ميكانيكى
    - الفاتحة .
    اكتشفت اننى لا احفظ السورة القرآنية القصيرة بشكل صحيح
    - مافى حاجة بتستحق ده كله فى الدنيا .
    الحسابات على سرير الموت تختلف عن الحسابات التى تدور فى ذهنك وانت تمشى على قدميك , الشروط عند امتلاك القوة والإملاءات المفروضة عند الضعف والاستسلام
    - هذا العالم السعيد بتعاسته .. التعيس بسعادته .
                  

04-23-2015, 09:16 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    28

    بالامس رايت فى المنام اننى اتجه نحو المنصة الرئيسية لالقاء الخطاب الختامى فى المؤتمر العام للحزب وانا ارتدى بدلة رواد الفضاء البيضاء الناصعة المنتفخة والتى تجعل الأنسان يبدو مثل قزم , على راسى تلك الخوذة الزجاجية المستديرة , كنت اقفز قفزات مُضحكة لانعدام الجاذبية , حاولت فى الحلم ان اقبض الميكروفون بيدى لكننى كنت ارتفع فى الهواء , كان الناس يصفقون ويضحكون , والسيد " مصطفى غالب " سقط من على مقعده من شدة الضحك , كنت اضرب على الخوذة الزجاجية بيدى واقوم برسم اشارات بذيئة باصبعى للحضور الكريم وانا فى الهواء
    - كلمات مسك الختام فى نهاية جلسات مؤتمرنا العام , للسيد الدكتور مهدى الماحى , رئيس الحزب للسنوات القادمة من عمر مسيرة النضال .
    ارتجت القاعة بالتصفيق
    صوت " اخلاص وهبة " كان هادئاً وواثقاً وهى تقوم بتقديمى , لم انتبه حتى وجدتها نائباً للرئيس والناطق الرسمى باسم الحزب , تسللت مثل افعى استوائية سامة , تسللت من تحت مقعدى الرئاسى الحزبى , وتسلل اسمها بهدوء قاتل اثناء جلسات المؤتمر العام , وعندما انتبهت كان الآوان قد فات , حاولت المستحيل فى الجلسة قبل الختامية
    - اخلاص وهبة انسانة اثبتت نفسها كمسؤول تنظيمى فى الفترة الفاتت , ومفروض عشان استقرار الهيكل التنظيمى انها فى الدورة الجديدة تستمر فى نفس المنصب .
    صوت الملياردير رجح الكفة باختراع منصب نائب الرئيس , واضاف اليه فى لفتة سياسية بارعة مهام الناطق الرسمى , تحدث عن الموجة النسوية القادمة بقوة لتضرب سواحل التفكير المُحافظ فى العمل العام , واننا يجب ان , ويجب ان , ويجب ان !
    اقتنعت اننا يجب ان !
    لو واصلت الاعتراض , سادخل فى حقول الالغام
    اعضاء مكتبى السياسى الحبيب هم انفسهم أعضاء الدورة المنصرمة , باستثناء خالد الذكر مُغتصب القاصرات والذى رقد مع الرب على رجاء القيامة , مع اضافة بعض الوجوه الشابة لتغذية القلب عن طريق ضخ دماء جديدة فى الشريان التاجى !
    نهضت بخطوات ثابتة - عكس الحلم - , تمهلت فى السير حتى المنصة الرئيسية , تركت اضواء الفلاشات تسطع فى وجهى لاطول فترة زمنية ممكنة
    - بسم الله الرحمن الرحيم .. السادة مُمثلى سفارات الدول الشقيقة والصديقة .. السادة مُمثلى الأحزاب ومنظمات العمل المدنى السودانى .. السادة مُمثلى الأجهزة الاعلامية .. واخيراً وليس اخراً السادة الاخوة والابناء اعضاء حزبى , حزب التنمية الأجتماعى .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , يُسعدنى ونحن نختتم هذا المؤتمر فى عمر حزبنا ....
    من نهاية القاعة تحمس مخبول وبدأ فى التصفيق بدون اى مناسبة , سوى انه مخبول بحب الوطن !
    رغم كل هذا الحشد , رغم القاعة الفخمة والجو الاسطورى لاظهار مقدرة الحزب المادية على الساحة , الا اننى شعرت بالوحدة وشعرت بالخواء
    لماذا انا هنا ؟
    ما الذى افعله فى نفسى بنفسى ؟
    توقفت عن الخطابة لمدة ثوانى , امتدت يدى لكوب الماء المثلج الموضوع امامى , عندما شعرت كفى بالبرودة , تذكرت لندن
    وانا اضع الكوب مرة آخرى فى حركة مسرحية بعد ان ارتويت , اصطدمت عيونى بعيون " اخلاص وهبة " , كانت تنظر لى فى حنان وهى تجلس فى الصف الثانى
    هل انتِ يا " اخلاص " حبل المشنقة ؟ .. أم انتِ طريق الخلاص ؟
    احتاج الى الحب , الى انسان حقيقى ابكى على صدره وانا اشكى , انسان حقيقى فى عالم كل مافيه زائف , وكل من فيه مُزيفُون .
                  

04-23-2015, 09:17 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    29

    اخيراً وجدتك يا " نوارة "
    وجدتك جثة باردة فى ثلاجة المشرحة
    قلت لهم ويدي ترتجف
    - ايوه , دى هى , نوارة الماحى , نوارة اختى الوحيدة .
    قاموا بحركة مسرحية سخيفة وهم يرفعون ايديهم
    - الفاتحة .. ربنا يصبرك يا دكتور .
    نظرت لهم دون اهتمام , دون ان اكترث حتى برفع يدي لمشاركتهم فى لعبتهم الروتينية المفضلة
    - دى هى نوارة .
    تقرير التشريح اشار باقتضاب ان سبب الوفاة هبوط حاد فى الدورة الدموية , وجدوها ميتة وهى نصف عارية على رصيف
    تحلقوا حولى على هيئة نصف دائرة , عامل المشرحة صاحب الاظافر الطويلة المتسخة وكان يمضغ قطعة من الحلوى اللزجة , شرطى لا اعلم من اين جاء , وثالث رث الثياب يتحدث باسراف عن الاجراءات والاوراق المطلوبة , المختومة باختام وتوقيعات جهات رسمية غامضة
    - الصبر يا دكتور .. ربنا يجعلها اخر الاحزان .
    تطوع الشرطى باضافة معلومة هامة لم اكن اعرفها , وهو يضع يده على كتفى كأننا اصدقاء طفولة
    - الموت علينا حق .. الرسول ذاتو مات .
    شعرت بالدوار من هذه المحاضرات الروحية السمجة , تماسكت بصعوبة بالغة
    - عايز انتهى من الاجراءات بسرعة عشان استلم الجثـ .. عشان استلم نوارة .
    يلعب الموت معى لعبته باقتدار .. ايام لندن كانت بيننا مُكالمات هاتفية طويلة , تطلب منى ان اتدثر جيداً بالغطاء فى البرد , وان اكل وجباتى الثلاث بانتظام , انا المشهور بالفوضى فى مواعيد الطعام
    قلت انها قد وصلت الى بر الامان مع زوجها الطبيب البشرى فى المنفى الاختيار بـبورتسودان , قلت ان السفينة اخيراً قد استقرت فى ميناء لذيذ , أطفال وزوج حنون ناجح على الاقل فى مُحيطه الجغرافى الضيق الذى يتحرك فيه , واستقرار مادى محترم يُشكل طوق نجاة من الحوجة والعوز .. لكن حساباتى كانت خاطئة , متى كانت صحيحة ؟
    كان لديها ولع بالشعر , تكتبه باقتدار , ثم تحرقه فى نهاية المطاف , تخجل من نشره
    ارسلت لى ايام لندن واحدة من اروع القصائد التى كتبتها فى حياتها :
    اهلاً وسهلاً
    انتا مين ؟
    لما عاينتا فـى مرآية
    ما عرفتك
    انتا مين يا وش حزين ؟
    عاملة ايه فيك السنين ؟
    مركب تودى .. التوديك ما بتجيب
    انتا مين ؟
    يا زول مداقش فى دروب الهجرة
    فى جيوب البنطلون شايل حنين
    درباً بوديك .. البوديك ما بيجيب
    **
    ضيعتا وشك يا غريب
    ضيعتو فى زحمة رصيف
    وصرختا فى الوش البديل
    - منو انتا ؟ .. انا شايفك كتير .
    انتا مين ؟
    يا الماشى حفيان فى الطريق
    شاكيك شوك درب المسير
    وين الجناحين شان تطير ؟
    لا راحة فى الوطن الاساس
    لا راحة فى الوطن البديل
    **
    مكتوب عليك الاندهاش
    مقسومة ليك سكة سفر
    شنطك مستفة للرحيل
    موعود تكون فى الغربة يا بحار غريب
    يا غربة فى الوطن الاساس
    يا غربة الوطن البديل
    **
    وشك صرخ فيك
    - انتا مين ؟ .
    رديت
    - غريب , داير استريح .
    وشك قفل باب وشو فى وشك
    وبقيت براك
    انسان وحيد .. مهجوم من الامطار .. حزين
    موعود تكون فى الغربة يا بحار هجين .

    دمعت عيونى فى تلك الليلة من هذا الحس الادبى المرهف, هاتفتها فى الثانية صباحاً , ردت بصوتها المستيقظ من النوم فى فزع
    - مهدى ! .. فى حاجة يا مهدى ؟ .. انتا كويس .
    قلت لها فى شجن
    - اهلاً وسهلاً .. انتى مين ؟ .
    ضحكت فى فرح طفولى
    - بالله مصحينى الساعة اتنين صباحاً عشان تقول لى كده ! .. هجمتنى يا مهدى وووب علي , انا هسع قلتا انك عيان .
    - يا بت انتى شاعرة كويسة .. حرام يا نوارة الموهبة دى تضيع منك , حرام انك تكونى مجرد ربة منزل وبس .
    قالت فى دلال
    - ها , يا ولد , ها .. دى حاجات بكتبها لما اكون زهجانة .. بالمناسبة القصيدة دى كتبتها ليك مخصوص .
    - انا فخور انك اختى يا نوارة , بالجد انا فخور .
    قلت لها فى اصرار اننى سوف انشرها فى اى دورية عربية ثقافية
    - اوعك يا مهدى .. أشعارى لا تُهدى , لا تُباع , و لا تُنشر , لو نشرتها , تانى ما برسل ليك اى قصيدة .
    اصبحت هذه القصيدة بالذات بيننا مثل شفرة , نفتتح بها كل المكالمات الهاتفية
    - اهلاً وسهلاً .. انتى مين ؟ .
    - انتا مين يا وش حزين ؟ .. عاملة ايه فيك السنين ؟ .
    تحرك صديقى بوضع اليد عامل المشرحة ومعه الآخر رث الثياب فى انهاء اوراق الاستلام وشهادة الوفاة , هاتفت زوجها الطبيب البشرى
    - زوجتك اتوفت .
    قال بصوت مُنغم ينتمى لكتلة عدم الانحياز
    - نعم ؟ .
    - انتا بقيت أطرش ؟ قلت ليك زوجتك نوارة ام اولادك اتوفت , كلم الاولاد .
    رد فى أرتباك
    - أأأأأأأ .
    كان هناك فى الطرف الآخر صوت نسائى قوى , سمعت انه قد تزوج من موظفة عيادته الخاصة , امرأة مُتسلطة , نحيفة مثل عود الذرة , ترتدى النقاب وتتحدث عن عذاب القبر حتى فى حفلات الأعراس , تحول البيت على يديها الى خلية اسلامية نائمة .. رحلت الشاعرة الرقيقة عن المنزل وجاءت المتطرفة , شرائط " احمد الجابرى " اختفت , وتكدست فى الارفف الخشبية شرائط " عبدالحميد كشك " , هذا هو التطور الطبيعى للدولة المُتجهة نحو الحداثة فى رشاقة !
    حملتها بين يدي مثل طفل , حملتها وانا احتضنها , رغم كل الاعتراضات لكى نحملها بواسطة النقالة الى عربة الاسعاف
    قلت لهم
    - مافى زول يفتح دينو معاى .. انا بشيل اختى كده لحدى عربية الاسعاف .
    صمتوا فى خوف .. كنت فى قمة الارهاق , من الصباح حتى العصر , تشجع رث الثياب قليلاً وصرخ فى ايمان مؤمن بالشكليات الدينية
    - لا , لا .. كده حرام شرعاً , دقيقة بس , النقالة ياأأأأأ....
    وقف معترضاً طريقى , ثم ابتعد بسرعة عندما لمح نظرات عيونى , نظرات عيون مجنون
    حملتها , كانت مثل طفل فى الحجم والوزن .. مشيت بها فى الردهات الداخلية والخارجية حتى مكان العربة البيضاء .. بحلق بعض الرجال البلهاء فى المشهد الذى امامهم , كأنهم يُشاهدون فيلم مُثير على قناة فضائية , كنت اتوقف وانا احملها وانظر فى عيونهم مُباشرة مثل مجنون
    - فى شنو يا علق يا ود الحرام بتعاين لى كده مالك ؟ .
    كانوا يفرون من امامى بخطوات سريعة متعثرة وهم يهمهمون بكلمات عن الصبر ومفتاح الفرج .. عندما وضعتها فى الصندوق الخلفى لعربة الاسعاف , ارحت راسى على صدرها البارد , قلت لها فى همس وحنان
    - انتا مين ؟ .. يازول مِداقش فى دروب الهجرة , فى جيوب البنطلون شايل حنين .
    عندما سمعت صوت السرينة العالى المزعج , وعندما اغلقوا علينا الباب .. بكيت دون توقف , بكيت حتى نزفت من انفى
    - يا ماما مهدى رِعف .
    تصرخ هى فى حب حقيقى , وتأتى امى مهرولة
    - قلت ليك مليون مرة ما تلعب فى الشمس , السخانة بتعمل ليك رعاف .
    تُنزل راسى الى الاسفل , وتسكب الماء البارد عليه , بينما " نوارة " تبكى وهى تمسح عنى الدماء بفستانها المتسخ الصغير .

                  

04-25-2015, 04:13 AM

عمر نملة
<aعمر نملة
تاريخ التسجيل: 11-08-2009
مجموع المشاركات: 2550

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    سلام
    يسموننا في الغرب ثقافة الصمت. روايتك سلطت الضوء على قضيه موجوده في كل المجتمعات
    وفي مجتمعنا حتى الصمت ممنوع.
    لست في مقام نقد لها ولكن اذا احسن التعامل معها من ناحيه تجارية لقفزت الي العالميه
    ونافست على اعلى الجوائز كروايه وفلم.
    اول خطوه هي ترجمتها الي اهم ثلاث لغات في عالم الروايه الانجليزيه والفرنسيه والاسبانيه.
    اما في النت فيكفي ما اوردته كدعايه اعلاميه. لاجظ زياده من 18000 مشاهده وخمسه متداخلين وسادسهم نملة.
    ياخوفي لو تنادت الاصوات التي تعيش في جلباب اجدادها و التي تضيق بالاخر ذرعا بحذفها.

    (عدل بواسطة عمر نملة on 04-25-2015, 04:15 AM)
    (عدل بواسطة عمر نملة on 04-25-2015, 04:15 AM)

                  

04-25-2015, 05:09 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    30

    عندما تُكور العانس النوبية شفتيها وتصرخ
    - الوطن مُحتاج لينا .
    أشعر بانقباض حاد فى صدرى
    هل ما زال هناك من يتحدث عن الوطن ؟ , من يُحبه الى درجة الوله المتصوف ؟ , عن اى وطن يتحدثون ؟
    وانا اُشاهد تحول الامور الى سيرك كبير , الجميع يرتدى فيه ملابس المهرجين الملونة , يضعون ذلك الانف الاحمر المستدير , وطراطير زاهية الالوان فوق رؤوسهم وهم يهزون اردافهم الرخوة بعصبية , لكن لا احد من الحضور يضحك , الجمهور واجم كأنهم يُشاهدون مراسم دفن مصحوبة بايقاعات جنائزية
    اعرفهم فرداً فرداً , شخصيات بارزة فى الحياة الفكرية والسياسية يبيعون ويشترون ويوشون ياقات قمصانهم برباط السكوت , أصحاب صحف يتحدثون عن حق التعبير المقدس وهم اول من يقمعون العاملين عندهم لو عبروا عن المطالبة بحقوقهم المادية , فساد شامل مُستشرى ضرب الجميع بدون اى استثناء , من امام مسجد فى بقعة منعزلة الى صاحب منظمة مجتمع مدنى يُدافع عن حقوق الاطفال المشردين , كلهم يلعبون على نفس الحبل , عندهم قوانين محسوبة فى الكر والفر , اللغة تختلف , والشعار يختلف , اسلامى .. ليبرالى .. اشتراكى , او بين بين , الهدف واحد , المصلحة الفردية وتأمين مستقبل مادى جيد للانجال , اى شعار نبيل تحول بين ايديهم الى سلعة , واى نزاع مسلح تحول عبر فوهات اسلحتهم الثقيلة والخفيفة الى سلعة
    وامثال " اخلاص وهبة " هم من يدفعون ثمن تصديق الشعارات , والايمان برموز هى فى نهاية المطاف نمور من ورق خفيف
    كان لدى " حافظ ابراهيم " لكنة عراقية لطيفة وهو يتحدث باللغة الانجليزية
    - Clowns on the stage .
    يضع النقاط على الحروف وهو يتحدث عن المعارضة العراقية , يعرفهم , ويعرف الدولة التى تدفع لهم الثمن
    - ابن القحبة هذا ربيب الجمهورية الاسلامية الايرانية , والثانى ابن المخابرات البريطانية المُدلل , والثالث رغم انه يكتب عن تاريخ الطبقة العاملة العراقية الا انه عميل قديم ومُزمن للـ CIA .
    وانا عرفت قواعد اللعبة , واعرف ان الانهيار قادم , اعرفه فى عيون الناس , فى الامبالاة التى انتشرت , فى الشوارع التى تحولت الى برميل قمامة كبير , فى بصاق الناس على الاسفلت , فى الأشياء التى تفقد البريق والمغزى .. الانتماء يتفكك , يسرقون الكهرباء وماء الشرب الملوث , الفهلوة والشطارة , والخوف من المستقبل , المستشفيات وهى ترفض تسليم الجثمان الا بعد دفع الثمن , التحول الى بيت دعارة كبير , اللحم البشرى فيه بثمن معلوم
    والسياسة التى اصبحت وظيفة , ووظيفتى اصبحت فى خطر , اندمج الملياردير اليمنى المعتوه فى لعبة القناة الفضائية , خبراء اعلام واقتصاد من الولايات المتحة الامريكية , ومصر , وفرنسا .. مُنهمكون فى عمل دراسة جدوى لمنظومة اعلامية ضخمة ومُتكاملة , والمطلوب منى ان اتحرك بالضغط فى الشق السياسى من اجل الحصول على التصريح النهائى لعمل القناة
    اعاد على مسامعى للمرة الالف بعد المئة قواعد تكتيكاته النظرية الجديدة
    - مفاهيم اللعبة اتغيرت يا مهدى , تعرف اهم وسيلة تضغط بيها اليومين ديل عشان مصلحتك التجارية هى القناة الفضائية , مش الحزب السياسى , تقدر تعلن فيها مجاناً عن انشطتك التجارية , تقدر تدى فيها شخصيات مهمة انتا محتاج ليها برامج عبيطة تقدمها , تقدر تشغل فيها اولاد الناس المهمين وبكده تكسب رضاهم , وفى كل الاحوال انتا كسبان مادياً , اهم حاجة فى الزمن ده يكون عندك قناة فضائية , ده سلاح فتاك .
    قلت وانا احاول ان ابدو مُبتسماً لمعرفة كيف تهب الرياح والى اين ستقود
    - يعنى خلاص .. فى القرن الواحد وعشرين قصة الحزب السياسى دى خلاص بح ؟ .
    اشعال سيجار كوبى ضخم بُنى اللون , انبعثت منه رائحة كريهة خانقة , ارجع راسه الى الخلف , انزلقت يده اليسرى الى وسط رجليه , وحجبها عن نظرى المكتب الخشبى الفخم , كانت هناك حركة خفيفة من يده , اشك انه يُمارس طقوس العادة السرية فى حضورى
    - مش بالظبط كده , الحزب برضو ضرورى عشان البرلمان .. لكن الاعلام يا مهدى الاهم طبعاً فى العصر ده , والاقل فى الاهمية هو وجود ناس ليك فى مطبخ التشريعات الاقتصادية والسياسية , لانك ممكن تشترى نواب بقروشك زى ما بيحصل فى امريكا .
    مفتون برواية (الاب الروحى) , وجدت النسخة الانجليزية والعربية والفرنسية منها فى مكتبته الخاصة , يتصرف مثل شخصياتها فى طريقة الحركة والكلام
    - يعنى اطمئن انو الحزب ما حـ يكون فى هامش اهتمامات السيد مصطفى غالب ؟ .
    ضحك , وضع السيجار فى فمه بطريقة مسرحية , جعلها مائلة بين شفتيه وقرصها باسنانه , كانت تهتز عندما تكلم
    - ما تخاف , انتا المهم والناس جميع ما تهمنى , افرد شراعك ضمنى .
    واصل الضحك من جديد
    تذكرت اننى سمعت هذا المقطع ذات يوم فى أغنيةً ما , هل يسخر منى ؟ .. هذا اليمنى المخبول
    كان لدى " حافظ ابراهيم " لكنة عراقية لطيفة وهو يتحدث باللغة الانجليزية
    - Clowns on the stage .
                  

04-25-2015, 03:04 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    31

    ادور فى مقعدى الجلدى دورة كاملة , فراغ ووحدة داخل دار الحزب
    على الباب الخارجى لمكتبى لوحة نحاسية انيقة صغيرة الحجم (رئيس الحزب)
    وعلى الحائط بالداخل لوحة مُقلدة لـ " بابلو بيكاسو" , وملفات بلاستيكية يعلوها غبار خفيف , ملفات موجودة من اجل الايحاء باهميتها رغم انها تحتوى على تفاهات
    صوت " ام كلثوم " يأتى خافتاً من آلة التسجيل الصغيرة على سطح مكتبى
    ادور فى مقعدى , دوران طفل يلعب فى ارجوحة عيد الفطر
    فى عزاء " نوارة " حضر زوجها الطبيب البشرى , طويل القامة مثل لاعبى كرة السلة , ازداد نحافةً , وتحول لون بشرته الى اسمر برونزى , اطلق لحية بيضاء طويلة وجميلة تتخللها شعيرات سوداء بصعوبة , وظهرت تباشير تجاعيد واعدة فى كامل الوجه الوسيم , يحمل فى يده سبحة كهرمان لطيفة , ويُردد آيات من الذكر الحكيم بصوته الهامس الورع , تغير كثيراً , ادركت ان الزوجة الثانية قد سحبته الى طريق الدروشة , فى ازمنة الازمات والانهيار ينتشر التدين الشعبى
    كنت ادقق النظر اليه طيلة أيام العزاء , يرفع عينيه نحوى عندما يشعر اننى انظر اليه , واهرب من نظراته عندما تتلاقى العيون لمدة ثانية , اعرف ان هذا هو اللقاء الاخير بيننا , ويعرف اننى اعرف
    - الاولاد كيف ؟ .
    - تمام ما تقلق , ديل اولادى برضو يا دكتور .
    لم ينجح فى حياته العملية , وظل مُجرد طبيب محلى مغمور ذو دخل مادى جيد للغاية , طبيب معروف فقط فى محيطه الجغرافى الضيق الذى يتحرك فيه , دون اى اسهامات تذكر على مستوى البحوث الطبية المنشورة والمؤتمرات ذات الوزن , يعمل طيلة النهار فى المستشفى الحكومى , وينطلق منذ بدايات الليل الاولى الى عيادته الخاصة , ثور فى ساقية يدور بلا توقف , اسقط من اجندته الخاصة رومانسيات المهنة التى تتحدث عن المهام الانسانية للطب فى خدمة البشرية التعيسة , وصار موظف يقوم باداء عمل روتينى بروتينية بغيضة
    - اتغيرتا كتير يا دكتور عبد السلام .
    قطع همهماته الروحانية الهامسة بابتسامة باهتة
    - كلنا مصيرنا نتغير يا دكتور , ربنا يهدينا جميعاً .. مرتضى وباسم بيسألوا عنك بشدة .
    كانت تتمنى انجاب انثى تُصبح صديقتها عندما تكبر
    - انشاء الله ما بنقطع منكم , ولازم كل سنة اجى بورسودان اسلم عليهم .
    يعرف اننى أكذب
    - ان الله مع الصابرين يا دكتور مهدى , صلة الرحم دى وصية ربنا ورسولنا .
    انتابتنى رغبة شريرة فى مُضايقته
    - وزوجتك الجديدة مش كان مفروض من الذوق تجى بكاء نوارة ؟ .
    رد فى هدوء شيخ صوفى
    - علياء حامل فى شهرها التاسع , والسفر صعب عليها من بورسودان لحدى هنا , والاولاد عندهم أمتحانات , ما عايز اكلمهم هسع انو امهم اتوفت .
    " مرتضى " و " باسم " ابناء اختى الاعزاء , كانا معنى وجودها فى الحياة .. اخذ يعبث بحبات سبحته فى صبر , اقتربت مواعيد صلاة المغرب , وهذا هو اليوم الثالث والاخير للعزاء , وهو الحوار الاخير بيننا
    - عارفك زعلان منى يا دكتور عشان اتزوجتا .
    - زعلان منك عشان اهملتا نوارة يا دكتور , نوارة دى كانت انسانة عظيمة , وانتا بصراحة ما كنتا بتستحقها .
    وضع يديه على جبينه وانخرط فى بكاء مسموع
    - اللهم اغفر لها ولنا , وارحمها وارحمنا يا غفار الذنوب , يا رب يا غفور يا رحيم .
    ترتكته يبكى دون كلمة شفقة واحدة
    - اعفى لى يا دكتور مهدى , الناس ظروف .
    - مافى زول يا دكتور بيجدع زوجته عشان اتعرضت لمرض عقلى الا هو ذاتو يكون مجنون .
    - الحاجة دى كلها عشان الاولاد يا دكتور , وانا ما عندى طريقة اتنقل هنا الخرطوم , المنافسة صعبة والدكاترة هنا بقوا اكتر من العيانين , الناس ظروف يا دكتور ما تحكم عليهم من المظاهر .
    كان بيننا اصرار على استخدام القابنا العلمية منذ اول يوم تزوج فيه من " نوارة "
    - دكتور عبد السلام .
    - دكتور مهدى .
    لم يكن هو نفس الشخص الجالس امامى الان , كان مرحاً , يعشق " عثمان حسين " , له صوت شجى عندما تسرى الخمر فى لسانه , كان راوية قدير لأشعار " المتنبى " , احتفظنا بمسافة بيننا , لم يسمح لى بالاقتراب منه الى حد الصداقة الحميمة , ولم اسمح له
    عند انتهاء الصلاة , انطلق بصوته الشجى , صوت ايام زمان , يتلو آيات بينات من سورة البقرة
    - صدق الله العظيم .. الفاتحة .
    اخذ الناس الذين لا اعرفهم ينصرفون فى هرولة
    - خليك معاى الليلة يا دكتور عبد السلام .
    - بارك الله فيك يا دكتور مهدى برجع الفندق وبسافر بكرة الصباح بدرى لو اذنت مشيئة المولى .
    جاء لخيمة العزاء فى منتصف اليوم الاول , وجاء فى الصباح الباكر فى اليوم الثانى والثالث , يأتى فى الصباح وينصرف لفندقه قبل انتصاف الليل , لم يشهد دفن الجثمان
    - ما تنقطع مننا يا دكتور , خليك على صلة بالاولاد.. الخال والد .
    - انشاء الله .
    - اعفى لى .. والدم البينا عمرو ما حـ يكون موية باذن الله .
    - باذن الله .
    اعطانى ظهره وانصرف بقامته الطويلة النحيفة فى انكسار , اخذت انظر اليه حتى اختفى عن مرمى بصرى , كان من المفترض ان اقترب منه اكثر , ان اتبادل معه احاديث اطول , والان قد ضاعت الفرصة , وضاع هو فى دروب الدروشة الى الابد
    دكتور " عبد السلام مرتضى " اخصائى امراض الصدر المغمور , فى مدينة حارة ومغمورة .
                  

04-25-2015, 04:57 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    32

    رجل الحزب الذى يعرف كيف يتجنب وضع العُقدة فى المنشار
    اكلت فى بيته دكر بط مُحمر , وشربت شوربة دسمة
    غمست اصابعى فى صحن هو اقرب الى طشت غسيل , بداخله كمية مهولة من الفتة بالتوم والخل
    تجشأت , وشربت شاى صعيدى ثقيل , دخنت معه الشيشة بمعسل صُنع له خصيصاً فى القاهرة كما قال لى
    ونمت ونحن نتحدث عن علاقاته الراسخة بالحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم فى مصر , استيقظت مع اصوات اذان المغرب , ناديت عليه فدخلت الى الغرفة زوجته " مبسوطة " بلونها الابيض الناصع , ترتدى جلباباً منزلياً شفافاً يُظهر سروالها الداخلى الرجالى الطويل ونهديها المتدليان فى بؤس , واخبرتنى انه قد خرج لبعض شؤونه الخاصة , وضعت امامى مرة اخرى طبقاً به معلقة كبيرة
    - دى ام على , بالسمنة البلدى وحياتك يا دكتور , مرشوش عليها فضلة خيرك زبيب وقرفة .
    - يا مبسوطة انتى قايلانى دكر بط بتزغطى فينى .
    - يا عم , الاكل ده نعمة ربنا , والناس دى شقيانة فى الدنيا عشان بس تأكل لقمة نطيفة .
    عندما استدارت لاحظت دائرة من التراب حول مؤخرتها العملاقة من اثر الجلوس على الارض
    هذا هو مخبائى السرى الثانى , مع هذه الاسرة القادمة فى الاصل من صعيد مصر , من مدينة قنا تحديداً , الحاج " ابراهيم القناوى " , نصب نفسه عمدة على كل البصاولة الموجودين فى العاصمة , يحتفظ بلهجته الصعيدية ويفتخر بها فى اعتزاز
    - دى كلام اهلنا , واصلنا , وفصلنا , عاد نخجل منه كيف ؟ , امال ايه يا بويا .
    وجدته امامى ونحن منهمكين فى تأسيس الحزب الذى يقدم الحل السرى , اندهشت من لهجته , من جلبابه الصعيدى , قصير القامة , فى منتصف الستينيات من عمره , راسه اصلع حتى المنتصف تماماً , شبه امى حيث انه يعرف كيفية رسم حروف اسمه على دفاتر الشيكات , هو الوحيد من اعضاء مكتبى السياسى الذى احبه بصدق انسانى محض دون اطماع او مطالب
    - أيام ما كنت لسه تلميذ يا دوب بقول يا هادى فى التعليم , ضربت المدرس بتاع الحساب بطوبة فى راسه , والدم ده يا لطيف يا ولد عمى تقلش نافورة بترخ من راس المسكين , ويا فكيك نطيت م السور وجرى ع الشارع وتانى مرجعتش , ولحدى النهاردة لما اشوف مبنى بتاع مدرسة بجرى من الخوف , عقدة نفسية بعيد عنك يا دكتورنا .. هاهاهاهاها .. ربنا يرحم ايام الشقاوة ويرحمنا , تعرف لو كنت اتعلمت كنت يمكن اكون رئيس حزب زيك بلا فلوس بلا كلام فارغ .. هاهاهاهاها .
    له ضحكة مُجلجة , تهتز معها كرشه الضخم , شق طريقه بنجاح فى تجارة غامضة , وعرفت بعد ان توطدت صداقتنا انه اول من قام باستيراد الاطعمة الغذائية الفاسدة مُنتهية الصلاحية الى البلاد , حدثنى عن علاقة قديمة له بـ " عصمت السادات" شقيق الرئيس المصرى السابق فى ايام سلطانه وصولجانه , علاقة مهدت له طريق الثراء
    - نعمل ايه يا بويا , اكل العيش مُر , اهو بديت بالصلصة , اشترى من مصر بالجملة وفى اسوان فى شقة صغيرة اغير فى التواريخ واشحن على وادى حلفا والمكسب مية المية , بعد كده الشغل احلو مع عمك عصمت السادات , وحياة ربنا كافة حاجة , جبنة , سردين , مُربة , بسكويت , فسيخ , اغير الديباجة واشحن على وادى حلفا , انشاء الله ما حد حوش , والفلوس نزلت زى الرز .
    خاتم ضخم من الذهب الخالص فى يده اليمنى , وسبحة قال لى انها من البلاتين
    - على الطلاق بالتلاتة من مبسوطة السبحة دى بلاتين حر .
    - والبلاتين ده كمان شنو يا كافى البلاء ؟ .
    - ده حاجة اغلى من الدهب يا ولد العم يا بتاع الكاملين , اتفضلها متغلاش عليك , بس انتا ملكش فى الكلام بتاع ربنا .. هاهاهاهاها .
    - يعنى انتا خلاص شيخ طريقة وبتاع ربنا يا حرامى .
    - هاهاهاهاها .
    اخبرنى ان جده الكبير جاء هارباً على قدميه من اهدار دم
    - الله يكرمك الظاهر المرحوم الحاج قناوى الكبير الله يخرب بيته , كان بينام مع مرأة العمدة , مرأة العمدة دى يا سيد كانت بنت صغيرة وزوزة عمرها بتاع 19 سنة والعمدة عنده بتاع 88 سنة , وقناوى الكبير الله يخرب بيته مطرح ما راح وقتيها كان عنده بتاع 22 سنة , ويا لطيف كانت عينيه زايغة ع النسوين وعامل زى محسوبك العبد الفقير لله يموت فى الحرام .. هاهاهاهاها , لما الحكاية اتعرفت والبت حبلت منه يا فكيك عـ السودان , واحنا اللى بندفع التمن فى بلدكم الزفت دى .. هاهاهاهاها .
    بيننا صراحة ووضوح , نعرف ماذا نفعل ولماذا , جاء لصفوف الحزب بتوصية خاصة من الملياردير اليمنى المعتوه , بينهما شراكة تجارية فى مصنع للمياه المعدنية فى مدينة اسوان ومخزن ضخم لقطع غيار السيارات فى المنطقة الصناعية بـالخرطوم بحرى
    فى بدايات ايام تعارفنا ونحن نقوم بوضع البرنامج السياسى لـ (حزب التنمية الاجتماعي) انحنى علي هامساً
    - يا ريس عايزين نخلص ونروح بدرى , انتا واخد المسألة بجد خالص , ما تستحقش التعب ده والله , انتا حرامى وانا حرامى والريس الكبير مصطفى غالب حرامى , والحكاية كلها تمثيلية , والنهاردة الخميس معايا قرش حشيش والله العظيم يستاهل خشمك , والولية الحاجة مبسوطة عويدها بتنام بدرى , وانتا عارف النسوان لما تتحرم من الحاجات دى يوم الخميس , بتولع نار فى البيت يوم الجمعة والعياذ بالله .. هاهاهاهاها .
    استطاع الفوز بكل سهولة فى إنتخابات المجلس الوطنى عن دائرة فى جنوب الخرطوم , ثم كرر الفوز فى الدورة الثانية بطريقة اذهلتنا , واصبح بالنسبة لنا تميمة الحزب البرلمانية , لم يذهب هناك الا لاداء القسم او لمناقشة موضوع ترخيص القناة الفضائية مع بعض النافذين , لم يحضر اطلاقاً اى اجتماع لهيئة المكتب السياسى للحزب
    - يا عم , كبر مخك , ربنا يخرب بيت السياسة واللى اخترعوا السياسة , انا عضو برلمانى على الورق , وعضو حزب على الورق , وكلنا حرامية اولاد ستين فى سبعين .. هاهاهاهاها .
    انجب نصف دستة من البنات , كلهن مثله الخالق الناطق باستثناء الصلع , تزوجت منهن من تزوجت , والباقيات فى انتظار على احر من الجمر
    يغمز لى بعينه
    - تعرف يا مهدى لو كان ليك فى النسوان , كنت خليتك تتجوز واحدة من بناتى , تنقى واحدة منهم كده يا بويا على كيف كيفك , دول بنات عاملين زى البط البلدى على الفرازة .. هاهاهاهاها .
    هو يعرف اذن ! , ولذا يتركنى وحدى احياناً كثيرة فى بيت اللحم هذا
    اجمل ما فينا اننا نعرف عيوب بعضنا البعض دون اى رتوش او عمليات تجميل فارغة
    مررت عليهم فى طريق الخروج , وجدتهم يتحلقون حول التلفاز فى بلاهة , يُطرقعون حبات التسالى بين اسنانهم , وصوت المسلسل المصرى يرتفع عالياً
    - تعال يا دكتور احضر معانا مسلسل حلو بتاع ليلى علوى واستنى الحاج ابراهيم .
    - لا شكراً عندى اجتماع مهم , يلا مع السلامة .
    اسرة تعشق الاكل , وكلما دخلت عليهم المحراب وجدت عندهم رزقاً يأكلون منه ويعزموننى عليه بحرارة , معهم اشعر ان الحياة سهلة وليست بالتعقيد الذى اتخيله .
                  

04-26-2015, 01:58 AM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    عجييييب !!
    والأعجب عمق الرمزية في اسماء الشخوص .
                  

04-26-2015, 07:01 PM

عمر عبد الكريم علي
<aعمر عبد الكريم علي
تاريخ التسجيل: 06-24-2013
مجموع المشاركات: 388

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: محمد على طه الملك)

    الحبيب شاهين
    تسجيل حضور وإستمتاع بكل حرف ..
    انا لي درجة بخاف انو النص ينتهي .. رعب عديل
    يسلم يراعك ... البطل طبعا تجسد لي في أكثر من ثلاثة شخصيات سياسيه بكل تأكيد لن أذكر أسمائها
    قد تبدو القصة في قمة الإبتذال للبعض .. لكنه الواقع كما هو .. بكل قبحة ودمامته وكأنما النص مرآة تعكس من يقف امامها كما هو .. محتشما كان ام عاريا ملط .
                  

04-30-2015, 04:34 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    33

    يا عصر الاحلام الوردية , والاقوال الصاخبة الطنانة , هل تعود من جديد ؟
    الضجة قائمة على قدم وساق , يوم الاربعاء القادم مؤتمر صحفى فى السادسة مساءً بفندق سلام روتانا , وانطلاق البث التجريبى للقناة الفضائية فى التاسعة مساءً من نفس اليوم
    اختاروا لها الاسم الخالد الغبى (السودانية) , واختارونى انا ضمن ضيوف للحديث عن مستقبل الاعلام البديل فى دول العالم الثالث فى اولى حلقات برنامج للـ Talk Show فى العاشرة والنصف مساءً
    الذراع الاولى لماكينة المنظومة الاعلامية الجبارة بدات العمل لغسل عقول الناس , واعلانات مساحيق الغسيل فيها ستتكفل بغسل ملابسهم
    شعرت بدوار خفيف وانا اصعد لشرنقتى عبر درجات السلالم الى الدور الثالث
    توقفت برهة التقط انفاسى المتقطعة , هل تقدمت فى السن الى هذه الدرجة ؟ , يجب ان اهتم بوجباتى الغذائية , انا المشهور بالفوضى فى مواعيد الاكل , وضعت جدول تخطيطى على ورقة صغيرة , الافطار بعد الاستيقاظ مباشرةً , التقليل من الشاى والقهوة , التوقف عن تدخين سيجارة الصباح الوحيدة , الغذاء فى الرابعة عصراً يحتوى على شريحة لحم , والاكتفاء بكوب حليب او كاس صغيرة من الزبادى وبيضة مسلوقة للعشاء فى العاشرة مساءً , ولكننى كالعادة كسرت كل هذا التخطيط العبقرى , التهم ما تيسر عندما اشعر بالجوع فقط
    وجدتها تقف امام باب شقتى
    - حمد الله على السلامة .
    نبرتها فيها تهكم , او غيرة .. مُحرك التاريخ عند " ماركس " هو الصراع الطبقى , ومُحرك التاريخ عند " ارسطو " هى السياسة , اما عند " مونكو " فانه الحب , الحب الذى ساهم فى القضاء على الوثنية وانتشار المسيحية
    العانس النوبية اللعينة , المُعجبة الوحيدة بشخصى الكريم على السطح الكوكبى !
    - اخلاص ؟ .. اهلاً سهلاً .
    تصنعت نبرة ترحيب , خرجت جافة غصباً عن ارادتى
    توقفت , لا اريدها ان تدخل معى , احست هى بالحرج من هذه الزيارة غير المفهومة , وتلعثمت كعادتها
    - مـ مـ مـ مشتاقين .. وتلفونك مقفول .
    تعللت لها بعدم الشحن , والمشغوليات الجسام , واكتشفت اننا يجب ان ندخل الى الشرنقة بعد ان اقتربت منى لدرجة الالتصاق .. اين المفر ؟
    اخرجت مفاتيح عرينى وفتحت الباب , جاءت ورائى دون دعوة
    - بتحبنى يا دكتور ؟ .
    احتضنتى , وقبلتنى بقوة حتى شعرت بطعم احمر الشفاه لاسعاً فى لسانى , مشهد ساذج من مشاهد السينما العربية , ابعدت شفتى عن شفتيها الجافتين
    - انا جعان يا اخلاص , وعندى دوخة .
    نظرت لى فى دهشة , هذا اخر ما كانت تتوقعه منى
    - بالجد جعان شديد .
    ما زالت تتشبث بى , تُحرك يديها خلف ظهرى فى نعومة , الناطقة الرسمية باسم حزبى , وحزبى الناطق الرسمى باسم شعبى , وشعبى مقطوع اللسان
    قالت فى صوت هامس مثير
    - عندك شنو فى المطبخ ؟ .
    - والله ما عارف .
    دون ان تعرف ماهو موجود فعلاً فى ثلاجتى , قالت فى وعد انتخابى
    - خلاص انا الليلة بعمل ليك عشوة مندكلة .
    فكرت قبل فترة ان اتحول الى نباتى , ونفذت الفكرة لمدة اسبوع كامل , اكلت فيه كمية من الخضروات الخضراء الطازجة حتى اوشكت ان اُصبح حصان يصهل فى اسطبل
    وضعت حقيبتها البلاستيكية الرخيصة على المقعد الذى اجلس فيه لمشاهدة التلفاز , اخرجت منها كتاب
    - بتحب احسان عبدالقدوس ؟ .
    - يعنى .. كنتا زمان بقرأ ليهو .
    رواية (لا انام) , ذكرتنى بالمرحلة الثانوية من مسيرة دراستى الاكاديمية
    - الرواية دى انا بحبها موت , وهى هديتى ليك عشان تعرف انى بفكر فيك طوالى .
    - شكراً ليك كتير يا اخلاص .
    - مكان الحمام وين فى شقتك دى ؟ .
    اخذت اقلب فى الصفحات دون اهتمام , انتهى عصر القراءة بالنسبة لى , ودخلت فى عصر احلام اليقظة والهذيان والتفكير والتحدث مع نفسى بصوتاً مسموع , صوت ارتطام المياه على أرضية البانيو الملساء كان واضحاً , تُدندن بكلمات اغنية نوبية غامضة , تلعب باقتدار دور الزوجة فى بيتها !
    - هذا العالم السعيد بتعاسته .. التعيس بسعادته .
    خرجت ترتدى قميص نوم احمر شفاف دون مشد الصدر , صدرها كان نافراً وجائعاً بحلمات بنية داكنة , جسد بديع فى وجه دميم , جلست على ساقي فى دلال انثوى لطيف
    - داير تتعشا شنو ؟ .
    كانت مُبتلة بالماء البارد وتنبعث من فمها رائحة معجون أسنان بالنعناع
    - والله ما عارف .. اى حاجة , بتعرفى تلعبى شطرنج ؟ .
    رائحة الجوع البشرى مخيف .. من القائل , هل هو " مظفر النواب " ؟ .
                  

04-30-2015, 04:35 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    34

    قلت : فليكن العدل فى الارض
    عين بعين , وسن بسن
    قلت : هل يأكل الذئب ذئباً ؟ , او الشاه شاةً ؟
    ولا تضع السيف فى عنق طفل وشيخ مسن .
    الله عليك يا " امل دنقل " , و " يسوع المسيح " لن ينزل من برجه العاجى السماوى لنغتسل من اوساخنا
    - الو , حبيب قلبى طالب الصيدلة الفاشل .. صحيتك من النوم ؟ .
    - دكترة كيفك ؟ , انا صاحى , عاش من سمع صوتك .
    - والله فى البال طوالى يا غسان , انتا بتعرف معزتك عندى قدر شنو ؟ .
    - عايزنى اجيك ؟ .
    - لا , شكراً يا باشا , المكالمة دى عشان بس اطمئن انو الامور ماشية معاك كويس .. ماشية كويس ؟ .
    - تمام .
    - تمام التمام , ولًا تمام ساكت ؟ .
    - تمام التمام .
    - افتكر المرتب الشهرى بـ يوصلك باستمرار مع اخلاص وهبة .
    - بـ يوصل .
    - وافتكر انو مبلغ معقول لواحد صايع زيك وعندو عربية .
    - مافى داعى لقلة الادب .. ده حقى .
    - وانا عايز ازيد ليك حقك , عندك مانع ؟ .
    - بمعنى ؟ .
    اجابات تلغرافية رائعة , يستحق بها هذا الفحل الزنيم درجة وظيفية عليا فى هيئة البريد والبرق
    - المعنى فى بطن الشاعر .. هاهاهاهاها .
    - فى شنو يا دكتور ؟ .
    - فى شنو يا دكتور ؟ .. فى شنو يا دكتور ؟ .. فى شنو يا دكتور ؟ , ايوه اتذكرتا , فى انى داير بديعة تتعين مستشار اعلامى لى .
    - بديعة منو ؟ .
    - بديعة منو ! ده كلام يا راجل , بديعة حبيبتك .. الصحفية بديعة تاج السر الامين .
    صمت فى الطرف الاخر
    - الو , الو , يا ولدنا .. الشبكة وقعت عندك ؟ .
    - داير شنو من بديعة ؟ .
    - كل خير .
    - عرفتا العلاقة البينا كيف ؟ .
    - مشكلتك يا غسان انك ما عارفنى كويس , ما عارف انو يدى بتوصل للمكان العايزه فى اى لحظة , واساساً الخرطوم مدينة لا تعرف الاسرار يا ولدى .
    - مهدى الماحى , بديعة دى هى الحاجة الوحيدة النضيفة فى حياتى تعرف لو قربتا منها انا ممكن اعمل فيك شنو ؟ .
    - حـ تعمل حاجة واحدة بس صغنونة , حـ تنزل التسجيلات بتاعتنا فى الانترنت , تانى حـ تقدر تعمل شنو ؟ .
    - مهدى زح من الزولة دى , سامع الكلام ده , الزولة دى مسكينة ومن اسرة مكافحة وشريفة .
    - كلام زى الورد , بتعرف حاجة اسمها توازن الرعب النووى ؟ .
    - عليك الله الدنيا ليل ما داير فلسفة فارغة .
    - لكن داير قروش يا غسان , انتا شاب فاشل ووسـخان , وسـخان يمكن اكتر منى , وانا عارف انو عندك حاجات نضيفة فى حياتك داير تحافظ عليها , وانا برضو بيهمنى انك تحافظ على الحاجات النضيفة دى فى حياتك , ده بيضمن لى انك ممكن تفكر الف مرة قبل ما تسرب التسجيلات , ولو سربتها حـ تخسر برضو , لكن لما ما يكون عندك حاجة تخسرها انا بكون قلقان , ده مبدأ توازن الرعب النووى فى العلوم السياسية .
    - وفى النهاية ؟ .
    - فى النهاية بديعة تكون شاغلة عندى , وتتزوجها على بركة الله , تفتحوا بيت عائلى مثالى ويكون عندكم اطفال زى العسل , البيت المفتوح ده بيضمن لى انو التسجيلات ما تتسرب , والتسجيلات عندك بتضمن ليك انو البيت يستمر مفتوح .
    - طيب ممكن الكلام ده يكون بدون ما بديعة تشتغل عندك .
    - لا يا فالح , لا يا حبيب قلبى , خليك مع الزمن يا حبوب , شرطى الوحيد بديعة تكون شغالة معاى لحدى ما اموت عشان اكون عارف اخبار اسرتكم الصغيرة واخبار اسرتها الكبيرة المكافحة الشريفة اول باول , وعشان تكون انتا بالذات تحت عيونى باستمرار .. على العموم فكر فى الكلام ده كويس لانك لو رفضتا فى حاجة تانية فى العلوم السياسية اسمها حافة الهاوية , ده اخر كلام لى فى موضوعنا السخيف , يا موافق يا يفتح الله , ولو ما موافق على شروطى دى من بكرة يا حبوب نزل تسجيلاتك فى النت .. تصبح على خير .
    اصبح العدل موتاً , وميزانه البندقية
    ابناؤه صلبوا فى الميادين , او شنقوا فى زوايا المدن
    قلت : فليكن العدل فى الارض
    لكنه لم يكن ! .
                  

05-01-2015, 04:41 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    35

    كل 30 ثانية هناك طفل يموت من الملاريا فى ارجاء العالم
    اعشق جمع ارقام هذه الاحصائيات , اقوم بالجمع والضرب والطرح والقسمة
    كان الكون يعيش فى سلام وتناغم , وعندما ظهر الانسان وخرج من كهفه اختل هذا السلام والتناغم
    قلت سوف تلعب معى لعبة التأخير , ثم الاعتذار بالمشغوليات الجمة التى لا تنتهى .. لكنها خيبت توقعاتى وهلت بطلعتها البهية فى تمام الثامنة مساءً
    لديها درجة الدكتوراه فى الاعلام من واحدة من الجامعات الامريكية غير المعروفة , وخبرة ادارية كبيرة فى فضائية (الحرة) الامريكية الناطقة باللغة العربية , لعبت هى وفضائيتها المشبوهة باقتدار فى عقل العالم العربى بجعل الغزو على العراق مُجرد مُهمة انسانية محضة لانقاذ العالم من خطر الارهاب والديكتاتورية , وبناءً على رغبة الجمهور / الجمهور العراقى بطبيعة الحال /
    والان ها هى هنا , مُديرة فضائية (سودانية) , الاب سودانى لحسن حظنا , من الطبقة الفقيرة التى تمسكت بالسير فى طريق التعليم ثم الهجرة الى الولايات المتحدة الامريكية , والام من سوريا , السورية كانت فتاة ريفية فقيرة وجميلة فرحت بالزواج ممن يحمل الجواز الذهبى وبالسفر للدنيا الجديدة , وتزوجته
    لهجتها السودانية اكثر من ممتازة لكنها فى بعض الاحيان تقوم بالصمت لثوانى اثناء الحديث ربما لترجمة ما تريد قوله فى ذهنها اولاً
    منذ الاسبوع الاول لتدشين القناة والصحف تتحدث عن الخلط فى الاسم بينها وبين الفضائية الرسمية الحكومية , كتبت لها رسالة فى هاتفها المحمول بان يتم حذف آداة التعريف من الشعار على الشاشة ويكون الاسم (سودانية) بدلاً عن (السودانية) , وان تتم استضافة دورية راتبة بحافز مالى مُحترم لكل الاسماء الصحيفة التى بدات فى مُهاجمة القناة منذ ميلادها حتى لا يقوموا بتشكيل خلايا نائمة ضدها
    ردت فعلها ادهشتنى , هاتفتنى وشكرتنى لمدة ربع ساعة ثم ناولت الهاتف للملياردير المخبول والذى كان مُتواجداً معها بمحض الصدفة اثناء المكالمة ! , وقام بتوجيه الشكر الى مُرشح الإنتخابات الرئاسية القادمة , الى شخصى الضعيف !
    نهضت من على مقعدى
    - دكتورة لينا .
    - اهلين دكتور مهدى اوعا اكون اتأخرتا عليك .
    - لا بالعكس , مواعيد خواجات .
    فيها هذا الهجين , الغباء السودانى والطموح الشامى للنجاح المادى باى طريقة , طويلة القامة فى تناسق , كاكاوية فى لون بشرتها , انف عربى مُستقيم من جهة الام , وشعر راس من جهة الاب , شعر زنجى قصير وخشن تخجل منه وتخدع الناس بشعر مُستعار ناعم وطويل , ستعرف الحقيقة لو دققت النظر خلف اذنيها
    تهالكت على المقعد بجوارى فى ارهاق حقيقى
    - احى انا يا امى , بلدكم دى متعبة شديد .
    نظرت لها فى استغراب
    - معقول انتى بتعرفى الحاجات دى يا دكتورة .
    ابتسمت وهى تشعل سيجارتها الاجنبية ذات الماركة المعروفة للقاصى والدانى , مارلبورو .. اين راعى البقر الان ؟ , ذلك الذى كان يظهر فى اعلانات هذا النوع من السجائر بحصانه الشهير وخلفهما برارى امريكية شاسعة
    - حاجات شنو ؟ .
    - حاجات احى انا , وسجمى , وسجم خشمى .
    - هاهاهاهاها .. انا سودانية , وبعدين انا تربية حبوبة , بابا الله يرحمه كان بيعتز جداً بناسه واصله , وكان عندو اصرار اننا نتكلم اللهجة السودانية .. بالمناسبة اوعا اكون ازعجتك بدخان السيجارة .
    - لا ما عندى مشكلة , انا برضو بدخن , لكن سيجارة واحدة فى اليوم لما اصحى من النوم .
    - خايف من سرطان الرئة ؟ .
    - السن واحكامه .
    - لا.. ما تقول كده , لسه شباب ماشاء الله عليك .
    لم اعرف حتى الان سر هذه الدعوة الغامضة للعشاء , لماذا تود التودد لى ؟ , هى الان اعلى منى فى مرتبة الاهتمامات والتصنيفات الهرمية للملياردير المخبول
    - انا بحب اشرب soft drink قبل العشاء .
    قالتها فى نعومة ابناء الذوات
    - ok , انا برضو ممكن اجرب الحاجة دى .
    - بشكرك تانى انك حليت لينا قصة اسم القناة .
    انتابتنى الريبة
    - دى حاجة بسيطة يا ستى وما اظن بتستحق عزومة عشاء فى مكان خمسة نجوم .
    - لا بالعكس يا دكتور مهدى بتستحق اكتر من كده , تعرف لما تشعر انو فى ناس حولك بتمد ليك يدها فى اى مشكلة تقابلك , ده بيكون شعور رائع ويستحق الامتنان .
    وجهها طويل , وشفتيها مُكتنزتين
    - احنا ممكن نبقى اصحاب ؟ .. أ ؟ .
    - بالتأكيد يا دكتورة .
    - شوف يا دكتور مهدى , انا عايزة انجح فى القناة دى , عايزة اسمى يلعلع فى عالم الفضائيات , وعشان ده يحصل عايزة انسان يكون عندو خبرة كبيرة فى محيط السيد مصطفى غالب , انسان يحذرنى يقول لى اعملى حسابك من فلان وما تثقى فى علان , يعنى أأأ صديق حقيقى , الصداقة الحقيقية والثقة بين الناس فى البيزنس راسمال ما بيقل عن التعاملات النقدية فى الاهمية .
    صفقة من الصفقات الصغيرة , ما العالم الا مسرح كبير لعقد الصفقات التجارية
    - حسب ما عرفتا انتا عندك دكتوراه فى العلوم السياسية عن القرن الافريقى .
    - أأأم .. لكن هسع لحسن الحظ اى عربجى حايم فى السوق العربى عندو دكتوراه فى العلوم السياسية .
    - الشهادات العليا مهمة بس فى المنظرة , ديكور عشان الناس تحترمك .. تعرف يا دكتور انتا لازم تتعلم الـ marketing , تتعلم تسوق نفسك بحرفية وانا عندى علاقات ما بطالة مع عدد من الفضائيات العربية ممكن اقدمك ليهم باعتبارك خبير ومفكر فى شؤون القرن الافريقى عشان ما تكون معروف بس فى النطاق المحلى الضيق , لازم تعمل breakthrough للمحلية الانتا حاشر فيها روحك .. فكرة كويسة ؟ .
    كانت تلوح بيديها فى الهواء ورماد سيجارتها الاجنبية يتطاير فى كل الاتجاهات , تلوح تلويحات خطيب على منبر فى يوم جمعة , وكانت كرتى اللحم متوسطتى الحجم تحت مشد صدرها ترتجان فى تناغم مع حركات يديها
    - فكرة ممتازة .
    سوف اقوم بالجمع بين وظيفتين فى خرق واضح للوائح الخدمة المدنية , سكرتير لملياردير مخبول , ومُخبر سرى لمديرة قناة فضائية مخبولة
    كل 30 ثانية هناك طفل يموت من الملاريا فى ارجاء العالم , من سوف يبدأ الحرب النووية التى ستقضى على العالم ؟ , من سوف يبدأ حتى نرتاح ؟ , وكل 30 ثانية هناك طفل يموت ! .
                  

05-01-2015, 04:43 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    36

    بالامس رأيت فى المنام انى اذبحك
    وهذه الصالات مُحكمة الاغلاق دون اى منفذ للنجاة , لو اشتعلت فيها النيران لتحولنا الى قطع هشة من الفحم النباتى
    مُكبرات الصوت هى واحدة من اسخف الاختراعات البشرية , والمُغنى خليع يتراقص بمؤخرته فى ميوعة وخفة مثل انثى فاجرة وهو يطرح على الحضور اسئلة لا يعرف الا الله اجاباتها
    - حبيبى وين ؟
    وينو نور العين ؟
    مالو خلانى ؟
    ونحنا كنا اتنين , أأأأيا .
    وحيد فى هذا الزحام الراقص , تجنبت بكل جهد " اخلاص وهبة " , وانشغلت فى لعبة مُصافحة من لا اعرف من اهل العريس والعروس , البعض منهم عرفنى لحسن حظى واراد الدخول فى مُناظرة عن الوضع السياسى الراهن ! , بحثت بعيونى عن الحاج " ابراهيم القناوى " , وجدته براسه الاصلع وجلبابه البلدى الصعيدى وهو مُنهمك فى مناورة مكشوفة بهزات الراس والاشارة والابتسامات مع امرأة بدينة غطت المشغولات الذهبية كل ساعدها الايمن ونصف جيدها , بعد قليل تظاهرت البدينة فى استهبال واضح بالحديث فى هاتفها المحمول وهى تتجه نحو بوابة الدخول والخروج الوحيدة حتى يقتنع الجميع انها تبحث عن مكان اقل ضجيجاً للحديث , وبعد اقل من دقيقة تحرك الحاج " ابراهيم القناوى " نحو ذات البوابة , غمز لى بعينه فى فرح طفولى عندما وجدنى اراقب تحركاته من بعيد , رسمت له علامة النصر فى الهواء فنحن جنود نحارب على ذات الجبهة الملتهبة , جبهة البحث عن معنى حقيقى لمغزى وجودنا انا وهو على سطح كوكب الارض
    - تحية كبيرة للعريس دكتور غسان , والاستاذة الصحفية بديعة .
    نقلت لنا الكاميرات الخارجية ما يحدث فى الخارج على الشاشات الكبيرة , عربة بيضاء مُزينة باوراق مُلونة وحرفين كبيرين باللغة الانجليزية B .. G , انطلقت سحابات من الدخان الازرق والاحمر وفقاقيع من الصابون وزغاريد , دخلا الى الصالة فى خطوات بطيئة للغاية على انغام موسيقى شرقية مرحة , ثم توقفا فى منتصف الممشى المفروش بالسجاد الاحمر لتبدأ طقوس الـ SLOW DANCE العبيطة مع انتقال تراجيدى للنغمات المُنبعثة من الشرقى الى الغربى
    تركتهما حتى يجلسان وينفض زحام المهنئين من حولهما , ثم توجهت نحوهما فى خطوات واثقة وسريعة
    - الف مبروك يا غسان , ده اليوم الدايرنو ليك .
    ظهر الضيق جلياً على تعبيرات وجهه وهو ينهض لمصافحتى
    - الله يبارك فيك يا دكتور , نقول عقبالك للمرة التانية ولًا حـ تزعل من سيرة الزواج والنسوان ؟ .
    ضربة تحت الحزام فى هذا اليوم المُفترج ! , لم اهتم بالرد عليه
    ممدت يدى نحو العروس وهى تتصنع الحياء
    - مبروك يا بديعة , بيت مال وعيال , بعدين اعملى حسابك الاجازة شهر واحد بس , عشان قدامنا شغل كتير .
    همهمت فى صوت مُنخفض بكلام لم اسمعه وهى تبتسم وتنظر للارض
    كان ما زال واقفاً , ضربته على كتفه فى رفق , قلت وانا انظر نحو عروسه
    - اقعد يا غسان , اقعد ارتاح , قدامك بلاوى كتيرة نهاية الليل , رغم انى عارف كويس انك ما بتتعب وصحتك ماشاء الله عليها , هاهاهاهاها .
    نظر لى فى قلق واضح .. ضربة تحت الحزام فى هذا اليوم المُفترج , النتيجة تعادل ايجابى !
    عدت الى مقعدى وجلست اتفرج على هذه القرود وهى تقفز وتهز اكتـافهـا فى حلبة الرقص بشكل هستيرى , قرأت ذات مرة ان الزار هو واحد من افضل الادوية لعلاج المشاكل النفسية , مشاكل الكبت والحرمان وعدم تحقيق التطلعات الفردية ومشاكل عدم الارتواء الجنسى , والرقص هو نوع حديث ومُهذب للـزار
    لمحت المرأة البدينة تدخل الى القاعة , وهى تعرج عرجة خفيفة وتتظاهر ايضاً بالحديث فى هاتفها المحمول , بعدها جاء الحاج " ابراهيم القناوى " وهو يُهرول مُبتهجاً فى اتجاهى والعرق يُغطى كامل وجهه
    - كلو تمام يا صعيدى ؟ .
    - تمام يا بتاع الكاملين .. الواحد برضو يا دكتور مفروض يحتك بالجماهير كل فترة والتانية , واحنا بتوع الجماهير يا ريس .
    (الجماهير) , (الشعب) . (الناس) , (النضال) .. هذه الكلمات حمالة اوجه , تعبيرات لا معنى لها عندى على الاطلاق , عندما اسمعها اشعر بالحزن واليأس وبانقباض حاد فى صدرى
    - يا معـرص براحة على الجماهير , شوية شوية , ما كده , قربتا تجيب للولية شلل اطفال .
    كان جسمه كله يرتج من ضحك مكتوم
    بالامس رأيت فى المنام انى اذبحك يا " غسان " .
                  

05-01-2015, 04:46 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    37

    الوحدة عذاب
    والوحدة جنون
    الوحدة اعتياد
    حصرت نفسى فى اضيق نطاق ممكن من الاجتماعيات , ما يتعلق فقط بالانشطة الحزبية , خططت لقضاء ساعات وحدتى المجيدة فى الكتابة , كتابة الروايات , احتفظ فى كمبيوترى الشخصى بعشرات الافكار لروايات تقوم بتشريح الواقع السياسى والاجتماعى فى آطار بوليسى مُشوق .. لكننى كالعادة توقفت وفقدت حماسى بعد فترة قصيرة , تركت للامواج العاتية تحديد اتجاهاتى وارتفاعاتى وأمكنة هبوطى الاضطرارية !
    قرأت / ايام عشق القراءة الجادة العميقة / , قرأت كثيراً عن التخيير والتسيير , هل الانسان مُخير ام مُسير ؟ , لو كانت كل الخطوات منذ لحظة الميلاد معروفة بدقة فى اللوح المحفوظ الموجود فى اعلى السماوات السبع , فلماذا العقاب والنار ؟ .. واذا كانت ارادة الانسان هى التى تصنع مصيره , فكيف تجهل الذات الالهية الاقدار والمصائر وهى القادرة على كل شيء ؟ .. زهدت وتوقفت عن القراءة الجادة قبل ان اعرف الاجابة الصحيحة !
    اشترى كل الصحف السياسية التى تصدر فى الصباح , وامر عليها بعيونى مرور الكرام فى عُجالة عند المساء واتوقف عند اعلانات النعى الاليم وانذارات المحاكم الصارمة , ثم اقوم بإلقائها فى برميل القمامة البلاستيكى فى اليوم التالى مباشرةً , صدمنى فيها اليوم مقال طويل توقفت عنده على غير عادتى وقرأته بامعان , عن الذكرى السنوية الثانية لكاتب صحفى توفى فى شقته الصغيرة بعد اسبوع من اجرائه لعملية دقيقة فى القلب , مات مُتأثراً بمضاعفات العملية الجراحية , مات كما قال المقال وحيداً دون اسرة ولا اصدقاء , المقطوع من شجرة " حمادة الحاج نور العليم " اكتشفوا موته بعد ان اوشكت جثته على التعفن , صورته الملونة المُرفقة فى المقال كانت وسيمة ارستقراطية بعيون خضراء , عيون تعود لحقبة العهد التركى او الاستعمار البريطانى , كاتبة المقال " نجوى كمبال " شاعرة وفنانة تشكيلية تعيش فى فرنسا كما عرفت نفسها فى نهاية مقالها الشجى , كان هناك حب واحساس صادق فى كل حرف وكلمة , هل كانت عشيقته ؟ .. قالت ان قيمة " حمادة " الاساسية تمثلت فى انه لم يفهم الحياة بطريقة صحيحة , وقالت ان من يفهم الحياة ويعرف كل الاجابات بشكل دقيق ولجميع الاسئلة المطروحة , سوف يتحول الى محض انسان آلى كريه , لذا فان علينا ان نستمتع بحل الاسئلة وان ننتحر اذا عرفنا الاجابات , قالت فى رعونة ان الحياة قاعة امتحان وامامك ورقة الاسئلة , قمت بكتابة الحلول , فما عليك الا الخروج فوراً واخلاء مقعدك لطالب جديد !
    اهرب الى منزل الحاج " ابراهيم القناوى " عندما تشتد علي نوبة الاسئلة الفلسفية القلقة , نوبة مثل نوبات الربو ومنزلهم بخاختى , هنا المخبأ الارضى الاسمنتى المنيع من غارات طائرات الحياة التى تدك بلا رحمة .. منزل به اب وام ونصف دستة من البنات واحفاد فى مراحل عُمرية مختلفة , وكلهم متشابهون الخالق الناطق مثل الصينيين ! , لو حاصروا بلدة صغيرة فسوف تسقط فى ايديهم فى اقل من ربع ساعة , فى منزلهم العامر بالحياة والحيوية اسمع الضجة ووقع الاقدام , وصوت المسلسل التلفزيونى المصرى , وصوت الاذان فى الاوقات المختلفة من المسجد القريب , اشم روائح طعام شهية وعطور نسائية شعبية مُثيرة , واُشاهد اعمدة دخان ضعيفة تتراقص مع حركة الهواء وهى تنبعث من مُبخرة طينية فيها قطع مُشتعلة من الفحم النباتى وعليها نثروا بخور حجازى قادم من الارض الطيبة
    الضد يُظهر حسنه الضد , انا المثلى جنسياً والمقطوع من شجرة , جذورى تبحث عن المياه الجوفية بيأس .. والحاجة "مبسوطة " راسخة , ثابتة الاقدام على الارض وفروعها فى السماء , بمؤخرتها الضخمة العجيبة ولون بشرتها فاقع البياض وطيبتها الرائعة الصادقة مثل انسان الصعيد الاول الذى صنع الحضارة واكتشف الاديان , رغم انها لا تقرأ ولا تكتب الا انها استطاعت رعاية هذا الفيلق العسكرى بكل همة وتفانى وفخر , انسانة تعرف ماذا تفعل فى حياتها دون لف او دوران , دون سفسطة وادعاء التذاكى .. عكس كل نساء العمل العام الشهيرات , والشهيرات بخبثهن وطموحهن الجامح فى الشهرة والمال , وشهوتهن للنفوذ وطلب اللجوء السياسى لهن ولأسرهن فى الدول الغربية , ولسانهن الزفر وشتائمهن الرخيصة فى المنتديات الالكترونية والندوات الجماهيرية المفتوحة , مثل ساكنات زقاق صليب القديم
    والحاجة " مبسوطة " تسير فى زحام سوق النخاسة هذا مُبتسمة وراضية بالقسمة والمقسوم , تسير صلبة ومُتماسكة دون ان تنخدش .. علاقتها بما يدور خارج جدران منزلهم لا تعنيها قليلاً او كثيراً , فقط تزويج من تبقى من بنات الفيلق العسكرى ورعاية ابناء من تزوجن منهن وحل مشاكلهن الزوجية الصغيرة التـافهـة التى لا تنتهى , وصنع الطعام على مدار الـ 24 ساعة دون توقف
    طقوسها فى الصلاة شاعرية , بعد الوضوء تمسح وجهها وعنقها بقطرات ماء قادم من بئر زمزم , ترتدى جلباب ابيض ناصع و طرحة بيضاء , وتجلس على كرسى بلاستيكى عريض , تغمض عينيها وترفع يديها الى اعلى
    - الله اكبر .
    وتغيب عنا , ترحل بجسدها وروحها الى هناك , تصعد بثبات الى حيث الله , حيث لا سياسة ولا فقر ولا حقد ولا اطماع , حيث الجميع سواسية مثل اسنان مشط , ترسم بايقاع رشيق من راسها حركات الركوع والسجود , وعندما تتلو جهراً قصار السور القرآنية ترتكب فيها اخطاء نحوية فادحة , وتخلط بين آيات السور المتشابهة
    - السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله .
    تفتح عينيها من جديد وتعود لتهبط فى دنيا البشر الزائلة , وعندما تجدنى انظر لها فى صمت واحترام , تبتسم فى اشراق ومحبة اخوية
    - ربنا يهديك يا دكتور ويهدينا .
    اشترت كفنها الخاص بها قبل شهور , وفرجتنى عليه بفخر
    - ده لبس العيد بتاعى يا دكتور يوم الحشر الاعظم , حلو ؟ .
    على الحافة كان هناك تطريز على كتابة بخط اليد صنعته واحدة من بناتها .. ؛؛ انا الحاجة مبسوطة صعيدية من نواحى قنا .. عبدة من عبيدك ؛؛ .. ضحكت واخبرتها انها ليست فى حاجة لتعريف نفسها يوم القيامة لانها سوف تندهش من كمية المعلومات التى يعرفونها عنها يوم الحساب , يعرفون عنها معلومات واخطاء هى نفسها قد لا تتذكرها .. تتنهد فى حيرة
    - مين عارف يا دكتور .. برضو الاحتياط واجب , اصلو اليوم ده حـ يكون زى يوم المولد والناس عرايا بلابيص , ولازم الواحدة مننا تستر نفسها فى يوم زى ده وتكون عارفة اصلها وفصلها واسمها .
    عندما انام فى غرفة الضيوف عندهم , انام بعمق , بدون كوابيس , وتحرسنى هى بكل همة مثل اخت شقيقة
    - يا بنات وطوا صوت التلفزيون شوية , الدكتور نايم جوه .
    والضد يُظهر حسنه الضد .
                  

05-02-2015, 04:36 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    38

    ساعات الصباح الاولى هذه ماكرة وشريرة
    هدوء يسبق عاصفة عاتية , قبل ان يخرج الناس للشوارع القذرة يبحثون بين ركام الوطن عن لقمة عيش مُلوثة بالبكتيريا ويتدافعون بالمناكب فى غلظة ووحشية , يظلمون بعضهم البعض ويموتون تحت آطارات السيارات المندفعة , علم تواضع الامال فى ابهى تجلياته المُزركشة البهيجة ان تخرج من باب منزلك فى الصباح وانت تمشى على قدمين وتتنفس , وان تعود مساءً وتدخل من نفس الباب وانت تمشى على قدمين وتتنفس !
    اصوب نظرى نحو اللوحة الزيتية التى تزين جدار غرفتى , يُجسد فيها القطار المعنى العبثى الحقيقي للحياة , المرور العجول من على القضبان مُخلفاً ورائك عاصفة هوائية صغيرة تتطير بفعلها اوراق الاشجار الجافة , ثم يهداء كل شيء وينساك الناس بعد المرور !
    همهمات تحيات الصباح غير الصادقة , اداءً لواجب اجتماعى ومظهرى سخيف
    - صباح الخير .
    - صباح النور .
    لمن اصادفهم من الجيران على المصعد او عند الهبوط والصعود عبر السلالم المُرهقة , نعرف اسماء بعضنا البعض عن طريق اللوحات المعدنية الموضوعة على ابواب الشقق الخارجية , الاسماء والألقاب العلمية دون اى تفاصيل حميمة اخرى
    - صباح الخير يا دكتور .
    - صباح النور يا بشمهندس .
    السجانة القديمة كانت غير , الجيرة فيها مثل القرابة , معرفة لادق ادق التفاصيل , دم ولحم وعيب ومُحافظة على عِرض الاخر , كانت صح وغلط , كان الناس ناس , وكانت الطبقة الوسطى السودانية تبنى اساس قوى فى المسرح والقصة والرواية والشعر والمقال الصحفى , قبل ان يتم الاجتياح الهكسوسى الغادر لجحافل الريفيين للعاصمة الواعدة , اجتاحوها بغبائهم وسلوكياتهم الاجتماعية والصحية والثقافية الرثة , جاءوا اليها من خلف المحاريث الزراعية البدائية ومن خلف الابقار والابل , احكموا قبضتهم على العاصمة ببصاق تمباكهم , بتبولهم وتبرزهم على الحوائط الخارجية للمدارس والمستشفيات , سادوا وحلوا محل الطبقة الوسطى المستنيرة صانعة التاريخ والتغيير والعلم والتحضر , قتلوا الحداثة فى مهدها بنصل جهلهم ورعونتهم وتدينهم الشكلى السطحى الاجوف
    ساعات الصباح الاولى , والفراغ ينهش جسدى مثل خلايا سرطانية
    - فلا صديق تسر النفس طلعته
    ولا أنيس يرى ما بى فيكتئب .
    اوقفت سيارتى فى مكانها المعتاد بجوار اللافتة الحديدية الاعلانية الضخمة , وجدت ان المفاجأة الكبرى التى بشرتنا بها لمدة شهور تمخضت عن اعلان لمشروب غازى جديد , تماماً كما توقعت , مشروب غازى خالى من الكحول كالمعتاد , رغم ان الكوب الزجاجى المُغرى على الاعلان يُعطى الانطباع اننا امام اعلان عن نوع من انواع البيرة الجيدة بتلك الرغاوى الكثيفة التى تُغطى سطحه
    بعد كل هذه السنوات الطويلة من الاستقلال السياسى الباهت اصبحت صناعة البسكويت والمياه الغازية وتعبئة الصلصلة و تغليف المكرونة وتكديس اكياس الشيبسى الضارة بصحة الاطفال والكبار هى المراد من رب العباد , ماتت احلام الوطن العاتى باذرع نهوضه المفترضة , الزراعة والثروة الحيوانية والتصنيع الثقيل الحقيقى , عكس كل العالم نحن نتراجع للخلف بصورة تدعو للشفقة , يجب ان يتم الحكم على كل من يحمل الجنسية السودانية بالاعدام شنقاً حتى الموت
    - فسوف تصفو الليالى بعد كدرتها
    وكل دور اذا ما تم ينقلب .
    وضعت قدمى اليمنى على اول عتبات دار حزبى , (حزب التنمية الاجتماعي) , هنا يسكن الشيطان بصحبة تفاصيله الشهيرة , قلت لنفسى ضاحكاً
    - منزل احرار , لا تخبت هذا الباب .

                  

05-02-2015, 09:35 AM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    39

    صيف .. وساعات منتصف النهار
    ساعات قيلولة ربات المنازل , وارباب المعاشات , والشباب الحائر الضائع الباحث عن فرص الفرار المستحيلة الى اراضى الاحلام
    هى الساعات التى يتصاعد فيها قلقى واحباطاتى التى لا تنتهى , وتتدهور فيها عادةً حالتى النفسية
    ماذا لو تحول الواقع الى مسلسل رسوم مُتحركة للاطفال , يصغر حجمى واتحول الى " نيلز " جديد , امتطى ظهر أوزتى " مورتون " واطير عند الشفق الى تلك الامكنة المصبوغة بالوان تُدغغ مشاعرى , اتحدث مع الطيور وابتعد عن البشر الاشرار الاوساخ
    و الجمعة هى يومى القاتل بلا رحمة او شفقة , الجميع فيها يحتمى بشرنقة عائلتهم المُمتدة , يتبادلون الزيارات العائلية البغيضة , يتبادلون النميمة مع رشفات اكواب الشاى السادة الممزوجة بالقرفة , يتفننون ويتفانون فى صنع الاطعمة الشعبية
    تتصاعد رائحة تركين نفاذة وحبيبة من شقة مًجاورة لشقتى , ربما كان لاصحابها جذور تعود لاقاصى الشمال , اسمع فيها اصوات اطفال يتصايحون فى صخب مُتعمد قبل ان يكبروا ويصلوا مثلى لمراحل الوقار الزائف والصمت الغبى , اصوات مدائح نبوية وبرامج دينية تنبعث بقوة من اجهزة تلفاز ومذياع
    الجمعة , وساعات منتصف النهار , الشمس عمودية تحرق فروة الراس والبشرة , والاشجار المتناثرة دون تنظيم على الرصيف كأنها منحوتة من الصخر لا يهتز فيها غصن او اوراق .. هذا الانتقال العنيف غير المفهوم بين الفصول المناخية المختلفة , عذبتنى مادة علم الجغرافيا فى مرحلة دراستى الثانوية بخطوط الطول والعرض الوهمية
    وقفت فى شرفتى مواطن مدنى اعزل شاعراً بفراغ مُرعب , عندها اندلعت مُكبرات الصوت من المساجد المُجاورة تدعو للصلاة فى النداء الاول , بينى وبين الايمان والصفاء الروحى دروب وعرة ترقد فى ظلال حوائطها كلاب ضخمة مُصابة بالسعر
    هل يُحبنى الله ؟
    وقفت اُحصى اعداد البشر المارين فى الشارع , نساء مُحجبات ونساء مُنقبات , رجال يهرعون بخطوات سريعة الى اين لا اعرف , كل واحدة منهن وكل واحد منهم لديه ذلك الايمان الراسخ بالجنة والنار وعذاب القبر , وانا وحدى الوحيد المتخبط فى هذا اليوم المقدس , ما اوصلتنى قرأتى المتبحرة فى الازمنة القديمة فى كتب الفلسفة المادية المعقدة الا لمزيد من التخبط
    الانزلاق الغضروفى هو الصديق الجديد فيما تبقى من العمر , شعرت بالم شديد فى اسفل العمود الفقرى وتنميل فى الساقين , هذه المرة كان اشد من المرات السابقة , وبشرتنى صورة الرنين المغنطيسى بالصديق الجديد , اجلستنى الطبيبة المختصة مثل تلميذ وهى تعلن نتيجة صورة الاشعة
    - عندك مشكلة غضروف بين الفقرة الرابعة والخامسة , ومشكلة غضروف برضو بين الفقرة الخامسة والفقرة الاولى العجزية .
    حملقت فى وجهى لمدة ثوانى كأننا فى مسابقة تلفزيونية وانا سوف اربح المليون , ضربت المنضدة التى امامها بطرف قلم تحمله بين يديها عدة ضربات سريعة احدثت اصوات مكتومة
    - لكن الحمد لله الحالة ما بتحتاج لعملية .
    ابتسمت هى لا ادرى لماذا ؟ , وبادلتها الابتسام لا ادرى لماذا ؟
    - حـ تكون محتاج بس لجلسات بتاعت علاج طبيعى , عبارة عن تدليك بالاشعة تحت الحمراء وتمارين رياضية بطريقة معينة , ومسكنات عند اللزوم , عليك الله اهم حاجة فى الغضروف الراحة والمحافظة .
    وقامت بتلاوة الوصايا العشرة , عدم الجلوس لساعات طويلة , عدم حمل الاشياء الثقيلة , عدم وعدم وعدم .. استمعت لها فى حزن , جسمى يتداعى ويتفكك فى خمسينيات عمرى , نزيف مُتقطع من فتحة الشرج , وانزلاق غضروفى , وشعورى باننى فى حاجة لمراجعة طبيب عيون فى نوبات الصداع المفاجئة , رعاف من الانف يختفى لمدة طويلة ثم يزورنى على استحياء .. جسدى يهرب منى نحو محطته الاخيرة , قطار لوحة شقتى اوشك على اطلاق صافرة النهاية , يا جسدى الطينى الرخو , من طين والى الطين تعود
    - لو كان يدرى ما المحاورة اشتكى
    ولكان لو علم الكلام مُكلمِ .
    اعادنى رنين هاتفى المحمول الى داخل الغرفة , قمت بالرد دون ان انظر لشاشته
    - الو .
    - ايوه يا دكتور مهدى , معاك بديعة .
    من نبرات صوتها شعرت بالخوف
    - خير يا بديعة .
    - غسان زوجى اختفى يا دكتور .
    - ده كلام شنو يا بت ؟ .. اختفى كيف ؟ .
    ازدياد ضربات القلب عن المعدل الطبيعى دليل على الخوف والتوتر النفسى
    - من اول امبارح الخميس بالليل ما ظهر , وانا بحاول اضرب ليهو فى الموبايل بتاعو , والموبايل مقفول .
    - يا بديعة بيكون كان سكران ونام فى بيت عرقى , او ناس الكشة قبضوها والموبايل اتسرق او وقع منه .
    - لا .. لا .. لا , الحكاية اكبر من كده , صدقنى الحكاية اكبر من كده , من يوم زواجنا غسان ما حصل نام بره البيت , وانا قلبى ما بيكذب علي .
    وبدات فاصل طويل من الندب والنحيب
    قشعريرة احسست معها بالبرد وتنميل فى الساقين , تنميل مثل حشرات صغيرة تزحف فى اصرار من الاصابع حتى منطقة المثانة .
                  

05-03-2015, 01:00 PM

showgi idriss
<ashowgi idriss
تاريخ التسجيل: 08-07-2005
مجموع المشاركات: 440

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    وكفرات القلم ثلبتة
    وفرملة اليد مجرورة

    وقبل الدحرجة

    أهنئك ...
    اهاا ...... اتحكرنا بي جايي
                  

05-05-2015, 06:42 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    التقدير والامتنان للمداخلات
    الاستاذ / عمر نملة .
    الاستاذ / عمر عبد الكريم على .
    الاستاذ / شوقى ادريس .
    ومن الفيس بوك كل التحايا لعبء التعليق
    الاستاذ / حمد الطاهر .
    الاستاذ / عطا العطا .
    الاستاذ / مؤمن سليمان .
    الاستاذ / العلى على .
    الاستاذ / محمد بابكر .
    اخجلتنى مُداخلاتكم , كتر خيركم كتير , كتير .. اتمنى ان اكون عند حسن الظن فى كل ما اكتب .
    ربنا يديكم العافية .
    شكراً .. شكراً .. شكراً .
                  

05-05-2015, 06:43 PM

shaheen shaheen
<ashaheen shaheen
تاريخ التسجيل: 11-13-2005
مجموع المشاركات: 5039

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    40

    هل الانسان مُسير ام مُخير ؟
    ماذا لو عثرت فى مخزن مهجور على آلة الزمن ؟ .. هل اعود بها الى بدايات حياتى واختار مسار مُغاير ؟ .. ام اهرب بها نحو الامام , نحو النهايات فى مرحلة شيخوختى العطنة وانا مُحاط برائحة تبولى الا ارادى وتخبطى الذى لا ينتهى فى دهاليز ومغارات الزهايمر ؟
    وشك صرخ فيك
    - انتا مين ؟ .
    رديت
    - غريب , داير استريح .
    وشك قفل باب وشو فى وشك
    وبقيت براك
    انسان وحيد .. مهجوم من الامطار .. حزين
    موعود تكون فى الغربة يا بحار هجين .

    و" نوارة الماحى " تجثو الان بين قدمى الرب , فى هذه اللحظة بالذات
    تطلب منه التوفيق لابنائها وشقيقها الوحيد
    لها اجنحة شفافة اعلى كتفيها من الخلف , ثوبها الارجوانى وجسدها الذى يشع بالضياء , تنهض وتنطلق فى الابدية الخضراء بعد الموافقة الالهية , ترتدى حذاء " سندريلا " الفضى وتطادر الفراشات الملونة , تقرأ للملائكة اشعارها البديعة , حولها اشجار فواكه مُثمرة وشلالات تنهمر منها المياه العذبة فى همس مؤدب , درجات حرارة ربيعية وزقزقة عصافير الجنة الملونة تُعطى للمكان الاجواء الاسطورية المطلوبة
    - مرتضى عبد السلام مرتضى .
    قلتها فى فرح حقيقى صاخب , وقال الواقف امام باب شقتى فى ارتباك
    - ازيك يا خالو .
    عيون نوارة الجميلة المستديرة الحائرة , وقامة ابيه الطويلة النحيفة , وسيم بطريقته الخاصة , يقف على عتبات المراهقة , كان ينظر لى بقلق خوفاً من عدم الترحيب به
    - الغالى ود الغالية .
    اخذته فى حضنى بقوة , سالت دموعى , قبلته فى راسه , زاد هذا من ارتباكه
    سحبته من ذراعه الى داخل عرينى الملعون
    - تانى مرة ما تضرب الجرس وتنتظر زى الضيف , لازم يكون عندك نسخة من المفاتيح , جيت متين من بورسودان ؟ , شنطتك وين ؟ , باسم اخوك ما جاء معاك ؟ .
    اجلسته على اول مقعد صادفنى
    - خالو , انتا الظاهر جنك اسئلة زى المرحومة ماما .
    هززته من كتفيه
    - كبرتا يا مرتضى , كبرتا ما شاء الله عليك , عينى باردة يا ولد .
    - انا هسع فى اولى ثانوى يا خالو .
    ازال عنه الارتباك والقلق هذه المشاعر المتدفقة من جانبى , علمت منه انهم فى رحلة علمية الى متحف التاريخ الطبيعى وبعض المواقع الاخرى , وانه رئيس الجمعية العلمية فى المدرسة , حجزوا استراحة حكومية لمدة اسبوع
    - يعنى دكتور زى ابوك ؟ .
    - ناوى ادرس علوم احياء فى الجامعة .
    - ما شاء الله , ما شاء الله عليك , فى اسرتنا عالم احياء , عايزك تبقى عالم احياء مشهور زى عمك داروين .
    اعتذرت له بخجل عن عدم السؤال عنه وعن اخيه , نظر الى الارض بعينيه فى حزن , وضعت يدى على فخذه
    - معليش يا مرتضى , اعفى لى .
    - ما مشكلة يا خالو , انا وباسم برضو مقصرين شديد فى حقك .. المرحومة كانت بتحبك شديد وبتتكلم عنك طوالى .
    - نوارة دى انسانة ما بتتعوض .. عارف انها كانت شاعرة ممتازة ؟ .
    - الله يرحمها .
    - ما بتحب الشعر ؟ .
    - لا .. بحب الاحياء والسياسة .
    خفق قلبى بشدة , ها هو مهر جامح يُريد الانطلاق فى سهوب العمل العام اليابسة بفعل الجفاف والتصحر , ليعود فى نهاية الرحلة مهزوماً بالعطش ومُثخناً بجراحات نفسية لا تندمل
    - مالك ومال السياسة يا مرتضى ؟ , احسن تركز فى دروسك وبعد كده تشوف الباقى .
    - لو كل زول ركز فى اموره الخاصة البلد دى ما بتتصلح , مش كده يا خالو ؟ .
    وضعت راسى على كتفه وانا اضحك بقوة
    - البلد دى يا ولد ما بتتصلح , لو الناس ركزت او ما ركزت , دى بقت خردة , مفيش فايدة زى ما قال سعد زغلول .
    جذبته من مقعده
    - ادخل مع خالو المطبخ عشان نعمل واحد فطور مظبوط .
    بحثنا سوياً عما يصلح للأكل , وجدنا جبن افرنجى , وحبات طماطم حمراء شهية , و برطمان زجاجى به عسل اسود ثقيل , وبعض الخبز , ونصف بطيخة
    قال لى وهو يقوم بتقطيع حبات الطماطم الى مربعات هندسية
    - اقول ليك حاجة يا خالو وما تزعل منى ؟ .
    - قول يا سيدى .
    - البرنامج بتاع حزبك ما عاجبنى .
    - وانتا قرأيت البرنامج بتاع حزبى وين ؟ .
    - فى الانترنت .
    - عندك برنامج معين عاجبك ؟ .
    - عندى برنامج مؤمن بيهو ؟ .
    - برنامج شنو ؟ .
    - مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية .
    يا الله , انقذ مُطلقك الكامن فى الانسان
    - عندكم جبهة ديمقراطية فى المدرسة ؟ .
    قلتها فى احباط ساخر
    - النشاط السياسى ممنوع فى المدارس يا خالو ! .
    قالها فى اندهاش , كيف لا يعرف رئيس حزب هذه المعلومة ؟ , انا اعلم ما لا تعلم يا صغيرى , واعرف لماذا ابتدعت الراسمالية النشاط الحزبى والاحزاب وهى تنهض كعنقاء الدمار من رماد الاقطاع
    توقفت عن غسيل الصحن الزجاجى متوسط الحجم
    - مرتضى , مش مفروض تكون صغير على الحاجات دى ؟ .
    رد فى تحدى رجولى ممزوج بالعناد
    - الحاجات دى ما عندها سن معين .
    - مرتضى انا بالجد بقيت اقلق عليك من الكلام ده , مفروض تعيش سنك .
    - اعمل شنو يا خالو عشان اعيش سنى ؟ .
    - يعنى , تسمع اغانى , تحب ليك بت , تتفرج على افلام , تلعب رياضة .
    - بسمع اغانى , وبحب لى بت , وبتفرج على افلام , وبلعب كرة , وبرضو بتابع اخبار السياسة .
    شعرت بالاعياء والهزيمة
    - زوجة ابوكم بتعاملكم كويس ؟ .
    - هى فى حالها مع اولادها , وانا وباسم فى حالنا .
    - عايزك توعدنى بحاجة .
    - جداً يا خالو .
    - من الليلة احنا اصدقاء , واى اجازة فى المدرسة انتا وباسم حـ تكونوا معاى هنا فى الخرطوم .
    - مافى مشكلة , دى امنيتنا انا وباسم , أأأأ بس خايفين نزعجك .
    نهرته فى محبة
    - ازعاج شنو يا ولد , ده بيتكم .. وبعدين لو جنك سياسة تعال ابقى عضو معاى فى حزبى .
    - هاهاهاهاها .. خالو والله بدون زعل الحزب بتاعك ده حزب بتاع خستكة .
    - يا ود الكلــب , الناس اساساً اخترعوا الاحزاب عشان يخستكوا .
    ارتفعت اصوات ضحكاتنا عالية , نظرت لنا الجدران فى استغراب , الجدران التى لم تعرف غير الصمت .. تمنيت ان يبقى معى , ان يبقى الى الابد , وان يضع الملح على ايامى الماسخة
    - والبت البتحبها حلوة ؟ .
    ابتسم فى حياء
    - يعنى , شكلها عادى , بس زولة ظريفة ومؤدبة .
    - ممكن اشوف صورتها ؟ .
    - بوريك صورتها فى الموبايل , وبخليك تتكلم معاها .
    كنت انظر له فى حب ابوى مُخلص , سوف احميه يا " نوارة " من هذه اللوثة , سوف احميه , لن اتركه يضيع من بين يدي فى خزعبلات (الناس) , و (الجماهير) , و (النضال) , و (الوطن) .
                  

05-05-2015, 06:54 PM

د.محمد حسن
<aد.محمد حسن
تاريخ التسجيل: 09-06-2006
مجموع المشاركات: 15194

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: shaheen shaheen)

    Quote:
    وشك قفل باب وشو فى وشك
    وبقيت براك


    اجدع لي تلفونك في الخاص
                  

05-06-2015, 08:55 PM

عمر عبد الكريم علي
<aعمر عبد الكريم علي
تاريخ التسجيل: 06-24-2013
مجموع المشاركات: 388

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرحاض . (Re: د.محمد حسن)

    في إنتظارك أخ شاهين
    الروح مشحتفه
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de