إلى زملائي وأصدقائي بأتبرا الحبيبة : أسرد بعضا من ذكريات ***
الخمر في السودان له حديث ذي فنون، لو تفرغ له شاعر كأبي نواس ، لملأ عدة دواوين. لم نجد شعرا سودانيا بالمعنى المفهوم يتحدث أو يتغنى بالخمر أو معاقرته غير أبيات هنا وأبيات هناك ، بالرغم من انتشار ( الشلل ) والقعدات في الحقب الماضية بالسودان ، بل نذهب إلى أكثر من ذلك ونقول أن الخمر كان يحدد علاقات بعض الناس ، و يتحكم في صداقات البعض أو قطع علاقاتهم مع بعضهم البعض ، طبعا هذا غير المشكلات الأسرية الناشئة عن إدمان رب الأسرة وفقدانه أهلية القيام بواجباته نحو أسرته. يقولون أن بعض الشعراء والكتاب لا يأتيهم شيطان الكتابة إلا وهم (منعنشون) بفعل المنكر. ويضربون أمثالا لفلان الذي عمل قصيدته الرائعة في حفل فلان وهو فوق مستوى سطح البحر ، وأن ذاك قد قام بتلحين تلك الأغنية الفريدة وهو في قعدة وسط أصحابه و هو (ينقرش) بالملعقة على زجاجة خمر فارغة. وأن زيد قد قام بتأليف قصيدة وهو فوق هامات السحب ، وفي الصباح قال : سبحان الله ، أنا كتبت القصيدة دي؟ مش ممكن. وأن عمرو قد قام بتلحين النشيد إياه وفضاء غرفته معطون بالدخان الأزرق والسائل الأبيض وما بينهما من مزة. أنظروا إلى هذا الوصف الاحترافي الدقيق من أحد المعاقرين للخمر : العرقي يخترق تجاويف المخ تماما كالصفعة على القفا ثم يتمركز في كورية المخيخ و يجوط كل الهاردديسك، لذا فإن الذي يبدأ بشراب العرقي وسط الشلة، تجده حتى الكأس الثالثة في حالة محاولة للتعايش مع الطعم والحرقة التي جوة الجوف، ثم تبدأ الخطرفة بعد الكأس الرابعة، و تبدأ الشلة في الانقسام كالخلايا ، كل أتنين أو تلاتة في حديث خاص بحيث لا تسمع كل وحدة منفصلة كلام الوحدة الأخرى بالرغم من ارتفاع وتيرة الصوت ، كما أن هناك أنواع من العرقي، و أخطر نوع هو ( العرقي السرّاق ) حيث تشرب منه عدة كاسات ولكنك تبقى في نفس حالتك واعيا ومفنجلا عيونك وأعصاب وجهك تتشد قليلا قليلا ( ككرّاب العنقريب المرشوش موية ثم صار جافا ) ، ولكن ، ما أن تذهب إلى الحفلة ، ترى اللمبات تتراقص بحيث لا تعرف إن كانت لمبات نيون أم لمبات جاز ، و تحاول أن تمشي وتوهم نفسك بأنك ماشي ، و لكنك في الحقيقة تقفز كالكنجارو التي تحمل وليدها في مخلايتها البطنية..
*** يستتبع ***
03-01-2015, 01:07 PM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22489
ويقول ذلك المتبحر ،: أن الشراب الإفرنجي بأنواعه الحمراء والبيضاء والتي بلون عين الديك وعين الأسد، بأنه شراب يتغلغل في المخ بانسيابية وكأنه يستأذنك بكل ظرف وأدب وذوق، حتى أنك تستغرب كيف تتغير أساليبك في المفاهمة مع خلق الله التي تود أن تضربهم بلا غبينة لو كنت واعيا، وما أن يحدث السُكْر، حتى تجده قد اختفى قليلا وكأنه يستأذنك في أخذ استراحة قليلة ، ثم يعاود مرجحة المخ مرة أخرى ، تماما كموزع الهواء في مكيف مركزي ( يمشي ويجيك). أحد المعارف كان كلما نوى الذهاب إلى مصر ، يقول : أنا ماشي أعمل غسيل معدة. طبعا يقصد أنه بعد شراب متواصل للعرقي ، يريد أن يغسل معدته بصنف مستورد.
السودانيون متفردون في كل شيء ،
أذكر عندما كنت معلما في أتبرا ، قرر إتحاد المعلمين عمل رحلة لأحد أساتذة اللغة الأجانب في أتبرا الحكومية ، وخرجنا في رحلة على ضفاف نهر أتبرا ، وكان مع القوم ( جالون عرقي حجم عائلي من النوع الهاري ). فقام أحد الزملاء بإعطاء الخواجة كأسا مترعة بالمشروب الفنجري ، ( فكتحه ) الخواجة دفعة واحدة كما يفعلون بالبراندي في بلاد الفرنجة ، فتغير لون عيون الخواجة من الأزرق البحري إلى اللون الأحمر الجمري وخرج منهما وميض مشع يذكرني به الآن أفلام مخلوقات الفضاء، ثم وقف وهو ممسك بحلقه ، وفقد النطق لعدة دقائق حتى أشفقنا عليه، ثم دمعت عيناه فلحقناه بالعجور والفول السوداني لكي يرمم ما تداعى من سقف حلقه وجدران حنجرته. هذا الخواجة لا بد أنه كتب في مذكراته أنه عاش مع ناس يشربون شرابا لا يقل عن الصودا الكاوية وموية النار ، ولكنهم بدلا من أن يقوموا بإطفاء حريقها ونارها بشيء بارد كالآيسكريم ، فإنهم يلتهمون أحشاء الخرفان نيئة وبها كمية من الشطة الحارقة. وأظنه أقترح عمل تشريح لجثثهم فيما بعد ليعرفوا نوعية هذه الحناجر قبل أن ينقرض القوم كالديناصورات.
03-01-2015, 01:09 PM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22489
في تلك الحقبة من تاريخنا بالسودان ، كانت الإندايات ، لها بروتوكولاتها الخاصة ، يفهمهما أولاد الكار والمترددين عليها باستمرار ، فمثلا رفع العلم فوق سارية الإنداية معناها وجود الصنف فهلموا يا أعضاء . ولكل إنداية زبائن معروفين ، البعض يدفع والبعض الآخر ( المفلسون ) يخط على الجدار ( شخطة ) معناها ثمن ( عبار مريسة)، وفي آخر الشهر يحسبون كم شخطة ويضربوها في تمن (العبار) ويقومون بشطبها بعد الدفع بعمل خط أفقي دلالة ( على تقفيل الحساب الختامي لذلك الزبون في ذلك الشهر المريسي المنصرم ). يقال أن المدمن (جبر الله) كان دائما ( يتغاتت ) ، فقد كان يشخط مرات بسرعة على نفس شخيط اليوم السابق ومموها على ست الإنداية ، وبذلك كان حسابه دائما نصف القيمة أو أقل في كل شهر. وبما أن ستات الإندايات كن لا يعملن بحساب الربح والخسارة ، لذا فإن الغش التجاري الذي كان يمارسه جبرالله كان يدخل في نطاق ( الديون المستهلكة ).
*** يستتبع ***
03-01-2015, 01:12 PM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22489
يحكى أن رجلا كان يحضر كل يوم للإنداية ، ويشرب حتى يرى الديك حمارا ثم في وقت معين يأتي أولاده الإثنين ، ويقوم كل واحد بإمساكه من يد ، ويسحبونه سحباً للبيت، وفي يوم من الأيام كان الرجل مجرورا إلى البيت ، فشاهد جاره السكران سكرة ( ينِّي) من الإنداية المجاورة، ومحمول على عنقريب بواسطة أولاده الأربعة ، فقال صاحبنا المجرور: هييييييييييع ، ديل البدّروا والبكّروا.
*** يستتبع ***
03-01-2015, 01:15 PM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22489
حكى لي نسيبي البطحاني الذي يسكن الجزيرة ، أن صديقه توقف عن شرب الخمر بعد أن قام بشكلة عاتية في إحدى الحفلات ، وأقسم على المصحف ألا يشرب. ولكن المرض كان لا زال مستفحلا به ، فكان كل يوم (تجيه الحالة والخرْمة ) فيجلس على حافة الترعة المقابلة لستات المنكر ، ويراقب الداخلين (محترمين) وخارجين (من غير طبقة الأوزون ) ، ولأنه قديم في الشغلة ، كان يقول للداخلين ( يا فلان ، ما تشرب من دي ،حقها نصو موية، روح عند ديك ، حقها بكر ونضيف ). و من ثَمّ يعود لبيته وقد أرضى نفسه الأمارة بالعرقي رضاءا غير مكتمل ، وبعد أن يكون قد نصح كمية لا بأس بها من الداخلين. والدال على الذنب كفاعله تماما كالخير.
*** يستتبع ***
03-01-2015, 01:19 PM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22489
في مجلس ضم عدة جنسيات ، قال أحد الضباط السعوديين العاملين في مجال مكافحة المخدرات والخمور بأن تسعين بالمائة من مشاكل الجالية السودانية في المملكة العربية السعودية متعلقة بتعاطي الخمور. وحكى لي قصة ظريفة فقال : أنه كان في دورية بعد منتصف الليل، وعند صينية الناصرية بالرياض ، شاهد سودانيا ( عمتو جارة بالواطة ) وهو يتمايل يمنة ويسرة. ولم يحس به زولنا حتى وقفت عربة الدورية بجانبه تماما ، وناداه الضابط ، فأتي إليه وكان يحمل كيسا من النايلون في يده ، فأدخل السوداني رأسه قليلا من النافذة ليتمكن من سماع الضابط ، فقال له الضابط: إنت سكران ؟ فقال زولنا : أيوة سكران. عاوز حاجة ؟ فقال له الضابط : إيش اللي في الكيس؟ فأدخل زولنا يده في الكيس وأخرج (زجاجة) وقذفها في وجه الضابط فانفجرت فيه وملأ ت وجهه كميه هائلة من (العرقي ) ، وإلى أن يستفيق الضابط من هول المفاجأة ومفعول المشروب ورائحته، كان زولنا فص ملح وداب.
*** يستتبع ***
03-01-2015, 01:54 PM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22489
في القاهرة ، بداخلية الطلبة السودانيين ، قام الطلبة ( السكرانين ) بعمل هرجلة وضرب وهرج ومرج وتكسير، مما دعا المسئول من تعيين حارس وطلب منه ألا يدخل الداخلية أي طالب سكران أو حامل لزجاجة المنكر. وبعد بضعة أيام ، حدث نفس الهرج والمرج ( صورة طبق الأصل من الفات ). عند التحقيق إتضح أن شبابنا قاموا بإحضار بطيخة ماكنة وقاموا بحقنها بالمشروب ، وبما أن البطيخ فاكهة كثيرة الألياف فقد تشرّبت حتى الثمالة وتخمّر المشروب بداخلها أكثر ، وزادت الكتمة من فعاليته، فتم إدراج البطيخ والشمام والقريب فروت ضمن المحظور من الدخول. يندرج كل هذا تحت ( الحاجة أم الإختراع ).
*** يستتبع ***
03-01-2015, 01:56 PM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22489
يُحْكى ن البوليس في الخرطوم ظل يراقب منزلا مشبوها بتوزيع العرقي مدة طويلة ، وعندما داهموا المنزل بعد التأكد والتثبت ، وبعد أن شاهدوا زبونا يخرج وهو يتأبط شر الزجاجة، لم تجد الشرطة حتى رائحة للمشروب ، و فتشوا المنزل بأركانه الثمانية ، وأحضروا كم طورية وحرثوا البيت حرثا يسمح بزراعة اللوبيا ، ولكن دون جدوى ، وست البيت تداعب (الجورسيه ) المتدلي من رأسها مرورا بظهرها وابتسامة ساخرة ترتسم على شفتيها. قال لها الضابط : قولي لينا داسّاهو وين وعليك الأمان. قالت : قديمة. هو أنتو عندكم أمان ؟ وعندما يئسوا، هموا بالذهاب، وفتح أحد أفراد الشرطة الحنفية لغسل يديه من ما علق به من غبار ، فأنساب العرقي صافيا من الحنفية كالخل الأبيض. فقالوا لها : قولي لينا من وين جاي العرقي دة أحسن لك. قالت : دي موية صهريجكم. فعرفوا منها بعد التهديد والوعيد أنها تستأجر منزلا آخر في الناصية الأخرى من نفس الشارع وهو المصنع الأم (هدكوارترز Headquarters) وقامت بعمل تمديدات تحت الأرض لمنزل التوزيع الذي تسكنه وذلك بواسطة سباك مدمن ضمنت له زجاجة يوميا حتى تشتري سكوته.
*** يستتبع ***
03-01-2015, 01:59 PM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22489
هذه القصة تذكرني بأهلنا عندما تم تهجيرهم لحلفا الجديدة ، وحتى تسترضي الحكومة الأهالي قاموا بتوزيع تقاوي القمح والسماد والشوالات مجانا . وبعد أن تمت كل فعاليات الزراعة ، قام مهندسو الزراعة بالطواف على القرى للتأكد من سلامة المحصول ، وفي إحدى القرى ، وجدوا أن مساحة لا يستهان بها مزروعة بنقو. فسألوا كبير القرية : ما هذا يا هذا ؟ فقال بكل هدوء : دي تقاويكم.
*** إنتهى الجزء الأول *** *** إلى الجزء الثاني ***
03-01-2015, 02:15 PM
علي عبدالوهاب عثمان
علي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12477
يا سلام .. قريبي أبوجهينة .. مالك عايز ترجعنا لزمن ميز المدرسين .. والحاجة دي في عمق تراثنا النوبي .. حلسات ( البوقانا ) ووردي عنده اغنية تراثية في غاية الجمال فيها تأصيل للبوقانا .. وزمان كان للشراب نظام وأحكام وشروط وخطوط حمراء ( وخاصة التحرش ) ومن يخالف تلك الخطوط كان يدخل ضمن من يحرم عليهم الخمر ..
بالله شوف قريبنا توفيق صالح جبريل قال شنو ( صدقني تفوق على ابواس في هذا البيت ) ظلت الغيد والوقوارير صرعى == والاباريق بتن في إطراق إتني بالصبوح يا بهجة الروح == وأسقني إن كان في الكأس الباقي .. (الصبوح) الكوفار .. خمر صباح .. كل الاباريق ( أطراق ) أعمق من فارغ ( لأن اطراق تسمع معه أزيز الهواء في الابريق ) ومازل جالساً بين الفوارغ من الاباريق ويريد المزيد .. صحيح كان ( ودالجريد ) تحياتي يارئع .. ومحبتي
03-03-2015, 05:50 AM
أبوذر بابكر
أبوذر بابكر
تاريخ التسجيل: 07-15-2005
مجموع المشاركات: 8610
عُذْتُ بالكأس علني أسْــتَقي سـر الحياة الأعظم فأسَرَتْ شِفَة الكأس أشرب فما لميت رجعة من عدم
وهي ترجمة من النص الإنجليزي :
To know the well secret of life Did I adjourn my lips to the earthen pawl Then from lip to lip it murmured Drink whatever you live For once you are dead You shall never return
وفي الجزء الأول تناولنا جزءا من ( هترشة المفرفشين ) بفعل المنكر وهنا نحاول أن نصل ما أنقطع من تلك الهترشة ولكن مع جانب من المفرفشين الذين يهترشون وهم يجهلون الحكمة من تحريم المنكر كنوع من ( فعل السوء بجهالة ) .. نتناوله هنا لأن الحديث عن المنكر ذي شجون.
عمر الخيام كان محظوظا لأنه ترجم عشقه للمنكر كلاما منظوما ومُقَفّى، ووجد مَن ينقله له لعدة لغات .. إلا أنني شاهدت وسمعت ( ناس مفرفشين بالمنكر ) يفوقون الخيام حبا للمنكر ويفوقونه في نظم الكلام..
والحق يقال .. لدينا شخصيات مفرفشة تفوق الخيام .. فمثلا العم فايد ،، أستضاف أحدهم في منزله وقدم له كأسا من المنكر فقال له الضيف : الحمد لله تُبْتَ من الشراب. فقال العم فايد : دة حصل كيف وليه ؟ الضيف : أقسمت إنو تاني ما أشرب. فقال فايد بثقة تفوق ثقة أرخميدس : طيب أحلف تاني إنك حتشرب.. يعني دي مشكلة كبيرة ؟
*** يستتبع ***
03-03-2015, 11:24 AM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22489
أما العم ( زيادة ) فقد ظل ردحا من الزمن يشرب منكرا من صنع يديه ، وهو مشروب ( الدّكّاى ) والذي هو عبارة عن كمية من التمر يضعه في زير كبير ويدفنه في الأرض أو يلفه بكمية من الخيش ويضعه في غرفة رديئة التهوية (لزوم التخمير)، ثم بعد شهر تقريبا يكون المشروب أكثر فاعلية من ( المريسة) وأقل ( غتاتة ) من العرقي .. وظل العم زيادة زمنا طويلا يمتص رحيق هذه الأزيار، حتى إلتقط من ( أصحب الكار ) طريقة مبسطة ( لتقطير مشروبه الخفيف ) ليصير ( عرقي كالماء المهدرج ) وذلك باستعمال برميل جازولين فارغ بعد أن قام بغسله في النيل بالرمل والطين (اللٌكْ) .. وياما النيل دة مستحمل بلاوي يا جماعة الخير ( غايتو نحن نبهدل النيل والمصريين يشربوا) المهم قام العم زيادة باستعمال برميل وخرطوش من طرمبة الموية وصفيحة جِبْنة فاضية قديمة وبعض العجين لزوم سد ثغرات الخرطوش حتى لا يحدث التنفيس فينسرب الكحول من الفجوات .. وعند أول تجربة تقطير .. وقف العم زيادة مبهورا من هذه التقنية الغريبة على إمكانياته الاستيعابية وهو يرى أولى قطرات المنكر تنزل صافية كالدينار تموسق أركان مزاجه المتحفز .. وهو يقول مع كل نقطة تنزل ( اللهم صلي على النبي ) ..
وهنا يمكن الجهل أيضا بربط الصلاة على أفضل المرسلين بإنتاج هذا المنكر، فهو يعتقد بأن كل إنجاز مهما كان نوعه يستحق الصلاة على النبي. وثالثة الأثافي .. أو المصيبة الكبرى عندما انتهى من التقطير وتجرع باكورة إنتاجه من المنكر .. فقد هتف منتشيا : ( سبحان الخلاق ) .. وكأنه قد عرف سببا لانحسار النيل بعيدا عن القرية وقت التحاريق أو كأنه وجد الحل الناجع لذلك .. أو كأنه أكتشف دواءا خارقا لإبادة جحافل ( النمتى ) وجيوش العقارب التي تمرح في القرية ..
03-03-2015, 12:02 PM
حامد بدري
حامد بدري
تاريخ التسجيل: 03-10-2013
مجموع المشاركات: 2749
النوبي المعتق ابو جهينة جماعتنا بكتبوهو حار وبشربوهو حار والمزه بالدفار كلو نضيف في نضيف من عدم المعبا ده ماشفنا خير ولا اغاني واشعار جميله بوست بي عطورو وبخورو
03-04-2015, 07:56 AM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22489
يقول الشاعر عمرو بن كلثوم في افتتاحية معلقته الشهيرة والتي تدل أبياتها أن الرجل كان لديه إحساس بأن شعبا أسمه شعب السودان سيأتي يوما على ظهر هذه البسيطة :
أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِـكِ فَاصْبَحِينَا وَلاَ تُبْقِي خُمُورَ الأَنْدَرِينَا إفتتاحيته تدل على أنه ذو مزاج صباحي يحاكي أمزجتنا السودانية ( ذات الطابع الكوفاري أو المزاج المتعكنن من كتاحة الليل والقطوعات الكهرومائية) .. ويظهر من مناشدته لخليلته أن تهُبَّ بالصَّحَن من (صباحية ربنا) ، فهذا بلا شك يوضح لنا مدى عشقه لكل ما هو ( مفتوت في الصحن ) كالبوش والفول المصلح .. تماما كعشقه لهذا الصنف من الخمور الذي يدفعه دفعا لأكل كل ما هو معروف لدينا ( صحنيا ) وأخص بالذكر (أم فتفت) .. و إن كان اللغويون يقولون أن الصحن مقصود به ( بطن الحوش أو البرندة الداخلية ) .. فيكون المعنى بأن عمرو وخليلته ينامان في الحوش مثلنا ويستيقظان مبكرين حتى لا تلفحهم شمس الصباح .. وما أجمل النوم في الحوش .. وطرف ( الملاية ) يرفرف بفعل نسمة (طاشة) مموسقة الجو في تناغم فريد مع شخير هنا و ( هضربة ) طفل هناك و ( نقًاط الزير ) يضبط الإيقاع حتى مطلع النهار. ثم يقول : تَجُورُ بِذِي اللُّبَانَةِ عَنْ هَوَاهُ إِذَا مَا ذَاقَهَا حَتَّى يَلِيـنَا وكعادة النساء قديما وحديثا .. فإن المرأة إن بدأتْ في ( لَكْ اللبان بأنواعه ) فإنها لا تعير أحدا أي إهتمام يُذكَر .. تنشغل بهذا الطري الذي بين أسنانها .. تقلبه بين ميسرة الفك وميمنته .. وتنفخه هواءا وتطرقعه .. وتسْبَح في عالم يصوغه هذا (الملكوك) فيُضَخِم لها أمورا صغيرة ويستصغر لها أمورا ذات بال وأهمية قصوى .. ثم ترغب في إخراجه لتعود مرة أخرى وتعدل عن الفكرة لسبب مجهول وهي لاهية تماما عن هوى وغزل الحبيب ( الملطوع بقربها يراقب عضلات صدغيها وفكيها ) ولكن ما أن تعطيه قطعة من هذا اللبان حتى ينهمك هو الآخر في اللك و الطق حتى تلين اللبانة وتلتصق باللثة وبالأسنان و عندها يفيقان من غمرة ما كانا فيه فتلصقها هي في الجانب الداخلي ( لكراع العنقريب ) و يلفظها هو فرحا لخلو الجو له ..
03-04-2015, 08:00 AM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22489
ثم يقول : صَبَنْتِ الكَأْسَ عَنَّا أُمَّ عَمْرٍو وَكَانَ الكَأْسُ مَجْرَاهَا الْيَمِينَا رأتْ أم عمرو بأنه قد أكثر من الشراب و ( لسانو بقى تقيل ) .. فأوعزتْ إلى الساقي الذي يصب الخمر أن ( يَفُطٌوه ) لذا فإن عمرو يعاتبها و يذكرها بأن الكأس دائما مجراه اليمين فلماذا ( يفطوهو و يبرطع الكأس شمالا و يقاطع جهة اليمين؟ ) .... ويواصل : وَكَأْسٍ قَدْ شَرِبْتُ بِبَعْلَبَـكَّ وَأُخْرَى فِي دِمَشْقَ وَقَاصِرِينَا أها قاصرينا دي أشك في أنها تكون نفس تسمية إحدى الكامبوهات بالجزيرة التي يباع فيها المنكر ومشتقاته .. و ربما إسمها لدينا بعد التعديل ( كاسرينا ) أىْ إجعلي لنا بعض الحسومات والخصومات في المشروب لأننا زبائن.. أما دمشق فقد ظلتْ لإلى وقت قريب مقصد بعض المغتربين بالخليج الذين يتوقون لأيام ( البلاك ليبل ) و ( الشري أبو رحط ) و يترحمون على أيام ( رويال ) و ( بار سنترال ) و ما جاورهما .. وَإِنَّا سَوْفَ تُدْرِكُنَا الْمَنَايَـا مُقَـدَّرَةً لَنَـا وَمُقَدَّرِيـنَا غريب أن تخرج الحكمة من رجل لعبتْ الخمر برأسه .. و يالها من حكمة موغلة في فضاءات الإيمان المطلق .. أليس هذا حال بعضنا ؟ يبدأون في شرب المنكر بعد التسليم من ركعة الوتر؟ ثم يقول : قِفِي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ظَعِينَا نُخَبِّرْكِ الْيَقِيـنَ وَتُخْبِرِينَـا خليلته جاءتها أخبار تفيد بأن قلبه قد تعلق ( بجكس ) آخر .. لذا ( حردتْ الشغلة ) وتريد أن تفارق .. و كما هو معروف فقد كانت الأخبار أيام زمان تنتشر إنتشار النار في الهشيم لأن الغزل واللقاء كانا يتمان في الهواء الطلق و شعر الغزل كان يُلْقى بالصوت الحيًاني فتتناقله العربان بين عشية وضحاها ويضيف العوازل شمارا معتبرا من الإشاعات .. فهاهو يناشدها بأن تتريث قبل أن تهجره ليخبرها وتخبره بالخبر الأكيد .. ثم يواصل :
03-04-2015, 08:03 AM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22489
وَإِنَّ غَدَاً وَإِنَّ اليَـوْمَ رَهْـنٌ وَبَعْدَ غَدٍ بِمَا لاَ تَعْلَمِينَـا وهذا تأكيد على أن الرجل يؤمن تماما بأن لله سبحانه فقط علم الغيب .. أو ربما يخطط لها الرجل لعمل يستغرق منه اليوم و بكرة و بعد بكرة فوضع لها الأمر و كأنه إيمان بالغيبيات حتى ( تتوكر في الكمين ) .. ثم يقول : وَثَدْيَاً مِثْلَ حُقِّ العَاجِ رَخْصَاً حَصَانَاً مِنْ أَكُفِّ اللاَمِسِينَا لم يتبق للرجل إلا أن يصيح بأعلى صوته : ( نهدك الما رضًع جٍنِىْ .. وووووب على أمك ووووبين علي ) .. ألم أقل لكم أن توارد الخواطر يسافر عبر السنوات الضوئية و تلك المظلمة ؟ ثم يقزل : وَمَتْنَيْ لَدْنَةٍ سَمَقَتْ وَطَالَـتْ رَوَادِفُهَا تَنُوءُ بِمَا وَلِينَـا البيت دة ما بشرحو لأن الراجل دة هنا عامل فيديو كليب زى بتاع شاكيرا و هيفاء وهبي .. و لا أدري كيف تركه قومه على هذه الإنزلاقة غير المهذبة .. ربما لأنهم يخافونه .. أو ربما لأن الوصف صادف هوى لدى المستمع .. يعني إتكيفوا و جعلوه يَعَدٍي من الرقابة ... ويواصل : وَمأْكَمَةً يَضِيقُ البَابُ عَنْـهَا وَكَشْحَاً قَدْ جُنِنْتُ بِهِ جُنُونَا أها .. نفس الأبواب الضيقة كالتي عندنا كانت عندهم .. باب ضلفة واحدة و النسوان الماكنات الواحدة تدخل بجنبة واحدة محشورة حشرا .. يا إما إنشرط التوب يا إما الباب إنفدس من النص خاصة لو كان زنكي أو أبلكاش.. يعني أي واحد عندو واحدة سمينة يقول ليها بعد كدة ( يا مأكمة ) .. بدل ما يقول ليها يا دبة أو يا ( بارْجُغُل يا شحمانة ) .. فيقول : ( مأكمتي جات .. مأكمتي راحت .. مأكمتي بعافية شوية ) ...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة