محمود الزين حامد: حزن وحداد هاديء

Quote: محمود : محاولة أولى للحزن والحداد عزيزى ود الزين: أزعم جيدا و أنت تشاركنى هذا الزعم ان الموت هو أعظم ثورة فى "الوجود الإنسانى" لانه حررنا من ورطة الشبيه/المثيل و فتح لأول مرة الباب واسعاً حتى يدلف "الآخر" و هذه المرة ليس من رحم "الإنشطار الأميبى" كما كان عليه الحال فى سالف الازمنة و لكنه من فعل الحب. إلا ان موتك يا حبيب، قد فاض فراسخا على سعة القلب واستعصى عليه، وحزننا على رحيلك فضح ضيق سعة الرأسمالية تاريخا وجغرافيا، إذ لم نجد مكانا هنا بين ظهرانين هذا القمقم يتسع للحزن والحداد و لم نجد زمنا، لكن الحزن والحداد على رحيلك سيظلان شأنين خاصين ومقدسين. أجملنا قد رحل وقد رحلت يا محمود الزين حامد و بلاشك ان رحيلك سيعنى الكثير للكثيرين كما كانت حياتك فرحيلك يا محمود ليس سوى رحيل عالم بتمامه و كماله، عالم تشبث إلى آخر قطرة بشبق السؤال: سؤال الحب وسؤال الحياة و سؤال التحرر: سؤال المسئولية الإنسانية فى أنقى تجلياتها ـ العطاء. لم تكن يا حبيب أكثرنا ذكاءا ولم تكن من طينة او قل فسيولوجيا اخرى غير التى نحن منها ـ كما قد يحاول البعض تصويرك الآن من فرط الحب او من فرط الوجيعة او الفجعية، او...‘ لانه إذا كان ذلك كذلك تكون النتيجة معروفة و بالتالى تنتفى مبررات الدهشة و العجب. و لكن التحدى الخطير أنك كنت مثلنا تماما فى معطياتك الإنسانية من جانب الانطولوجيا والتحدى الاكبر من ذلك ان معطيات التاريخ والسياسة قد أعطتك [بحكم إنتماءك الريفى الجريح و المهمش و أشياء اخرى] اقل بقليل مما قد اعطت وموضعت الكثيرين الذين ورغما عن هذا الإمتياز "المجانى" قد ملأوا و لايزالوا حياواتنا بالتفاهات اليومية‘ [جهلول أعظم أفريقيا و حوض وادى النيل و الذى يقود نظام الموت الآن فى الخرطوم خير نموذ لهؤلاء] هذه المعطيات العادية فى حسابات الانطولوجيا وغير العادية فى حسابات التاريخ و السلطة هى التى حاول البعض التهرب و الهروب منها خطابيا عبر المحاولات اليائسةلإضفاء صفات خرافية إليك بغية التخلى عن فداحة المسئولية، المسؤلية الإنسانية والاخلاقية التى عشت لأجلها ومت فى كنفها. التساؤل الذى يحاول هؤلاء واولائك التهرب او الهروب عنه هو: كيف تمكنت يا محمود وأنت الذى وإن ماثلتهم فى الإنسانية وقد إنتقصت معادلات التاريخ والسلطة من حقك و حقوقك فى الحياة كثيرا مقارنة بوضعية الكثيرين، كيف تمكنت مع ذلك ان تعايش و حتى آخر قطرة وتترجم إلى يومى ومعاش حلمنا ذاك، حلمنا بالحرية والكرامة والحب، حلمنا الذى لم ولن يترجل ابدا عن خانة السؤال، خانة اللعب الابدى؟ كيف تمكنت بذلك يا محمود فى عاديتك تلك وفى اقل من عاديتنا ان تكون اجملنا؟ ذلكم هومحمود مذ أن إلتقيناه من لحم ودم وحلم وذلكم هو مذ أن عرفنا برحيله وسيظل يذكرنا بفداحة السؤال: سؤال المسئولية الإنسانية فى أنقى تجلياتها ــــــ العطاء. البداية كانت داخليات فلسلطين. نعم فلسطين ويا له من إسم و يا له من ترميز. فقط نتساءل: إذا كان لملوك الخرطوم هذه الحساسية الإخلاقية المفرطة بحقوق من هم حتى خارج حدود سلطاتهم المعترف بها بحسب القانون الدولى، إذا كانت لهم الحساسية التى تملئ عليهم تسمية مسكنا لـ"طلاب علم" مع سبق الإصرار والترصد فلسطين كعلامة للتضامن مع الحقوق السياسية والاخلاقية لشعوب تلك المناطق، نقول إذا كان لموك الخرطوم تلك الحساسية كيف إذن نفسر تجاهلهم و بل إصرارهم على قتل حقوق من هم فى حدود سلطاتهم المخولة لهم بحكم القانون الدولى والاخلاقى فى دولة السودان وبالاخص الهامش السودانى ومن ضمن هؤلاء "ام مرخى" التى هى ما اعمال "دار حامد" التى إنتمى إليها محمود‘ و قد تغنى بإشعارها و دوبيتها‘ ومات وهو يلهج بنشيدها؟ فلسطين بالنسبة إلى ملوك الخرطوم لا تصب أبدا فى خانة الحقوق والمسئولية والاخلاق السوية، هكذا نفسر، فلسطين بالنسبة إلى ملوك الخرطوم تصب، بحسب إستنتاجنا، فى خانة التمرد الشرس على سؤال الهوية والإنتماء، فسلطين تنتمى إلى خانة الباسلوجيا، خانة المرض. الخرطوم مرضى، كانت و لا تزال الخرطوم تسعى جاهدة نحو الهروب عن ذاتها وعن مسئولياتها كانت و لا تزال الخرطوم تهرب عن "ماهيتها" وعن تعقيدات هذه "الماهية". الخرطوم تهرب و مع السبق والإصرار عن مسئولياتها الإنسانية و الأخلاقية و فى رحلة هربها المشبوه هذا وغير المشرف، رحل محمود من كوستاريا التى و إن كانت تبعد تواريخا وجغرافيات عديدة عن الخرطوم، إلا انها قد مدت يدها مرفأً وإحتضنت محمودا، اعطته الأمان، الحب، السلام. نعم كوستاريكا، وحتى تنعم بالسلام قد حلت الجيش. نعم لا مؤسسة تسمى الجيش فى كوستاريكا. ليس بغريب إذن أن ينتقى محمود كوستاريكا مكانا ينطلق منه وبه فى "رحلة الابدية" و بهكذا اختيار يضعنا محمود فى قلب المسئولية: و كأنى به يهمس فى آذاننا وتلك الإبتسامة تبرق فى محياه: إذا كنتم تريدون خرطوماً اخرى، سوداناً آخر، إلغو الجيش من حياتنا السياسية والفكرية والإجتماعية والمجتمعية. أليست مؤسسات الجيش والتجييش هى التى قادت وتقود لواءات الجهل والتجهيل الطفيلية التى أهدرت ولا تزل كل مقدرات وإمكانيات شعوب السودان؟ أليست مؤسسات الجيش والتجييش هى التى وأدت ثراء تنوع شعوب السودان بضيق افقها غير المحدود و فقرها الأخلاقى غير المسئول؟ أليس... هل نحن بقدر تلك المسئولية؟ كل ما نراه الآن هى إبتسماتك تلك يا محمود: إبتسامة الحب و التحدى. طريق المسئولية الاخلاقية والذى ينبثق حباً وحياةً وتحرراً وعطاءاً لا يُهب مجاناً وبلا تمن وهو كذلك لا يأتى مع الجينات الوراثية. المسئولية الاخلاقية طريق وعرة ومؤلمة وكثيرة التعقيد وبطاقتها الوحيدة والأكيدة ان يجتهد سالكوها فى تحديد مكاناً لهم هم فى هذا العالم اولاً واخيراً لانه بخير هذا الشرط يكون العطاء شائهاً غير مؤسس وغير ذى جدوى. والامثلة كثيرة أمامنا وخلفنا ومعنا حيث دوى "السقوط" المستمر والمر يصم الآذان و يقلب المعدة. لقد فطن محمود و منذ وقت مبكر إلى ضرورة و"حتمية" شرط تحديد وإيجاد مكاناً له فى العالم قبل أن يتمسح على مضض وعلى غرض آنى ـــ كما فعل و يفعل الكثيرون ــ بقضايا التغيير و قضايا الإنسان. نعم، و فى الرحلة إلى إيجاد مكانا له فى العالم ضحى بكل سبل الراحة وارتضى بالكفاف بديلا. لقد إفترش محمود فى ريعان تجربته الفكرية والاخلاقية مكاتب اساتذة جامعة الخرطوم وهى التى لا تزيد على ثلاثة أمتار مربعة فى مساحاتها و قد شاركناه نحن و نفر كريم و رتل عظيم من الاصدقاء [الصديقات كن يأتين فى أوقات أخرى وفى الحكى، ولكن حضورهن فى ذلك الغياب العظيم يجسد على نحو بليغ قصة دولة السودان وهى تنزلق بسرعة فائقة نحو منتهيات لا يمكن التنبئ بفداحتها] إذ كنا نفترش القليل من "المساند" و نتغطى بــ"ملاية مزعومة" [الإسم الذى أطلقه النعمان لقطعة القماش الوحيدة والتى كانت مساحتها لا تزيد على متر فى اقل من عشرة سنتمترات نتناوب على اقتسامها ليلة بلية ولكنها كانت دائما ما تكون اغلى عطية يقدمها محمود لزواره المؤقتين] وفى أتون ذلك الفقر "المادى" كنا نقتات وبشكل منتظم من الـ "Multi-national-Corporation" وهى عبارة عن "قرقوش" يأتى به صديقنا شول [المسؤل عن المكتبة الفرعية لشعبة العلوم السياسسة آنذاك] كل يوم من أفران بحرى بعد أن يقطع كل تلك المسافة من وإلى الشعبة بدراجته المهترءة تلك. لكن جرعات الحب والدفئ و المغامرات الفكرية التى كانت عادة ما تتوج خاتمة اليوم تشع وضيئ مساحات فى الروح والأفئدة اكبر بكثير من كل مساحات الجغرافيا ومن تواريخ الخديعة والموت. كانت تلك هى البرية: بريتنا. نعم قد إختار محمود "البرية" مكانا له فى العالم و من تلك البرية كان عطاءه غير المحدود ينهمر حباً، وتسامحاً وجمالاً. ومن تلك البرية أيضاً رحل عنا تاركاً حملاً من مسئوليات جسام كلهاتصب فى خانة "إتساق" الاخلاق والكرامة الإنسانية. نم فى سلام

Quote: سيف لابد ان يكون الحزن كالمحزون عليه هادئ .... قابلت فى المطار استقبال الجثمان صديقته هالة بعد اتعازينا و زرفنا دمعات حرى قلت ليها انا من ما اتخرجت ما لقيت محمود قالت لى والله يا سهام كان طوالى بسأل عنك عارف يا سيف كلامها ده ما عارفة ليه رقد قلبى يااااااخ انا كنت فى خاطره

Quote: في ورق كان خلاهو عندي زي ما خلى عند كم اخو تاني، وفي الورق ده في جواب او درافت حق جواب ليك عملت ليهو سكانينغ ورسلته ليك (الأصل موجود لديّ - سيف). كتبه اختلطت بكتبي لكن لقيت كتاب وانا بحصر في الحاجات حقته بعنوان الثقافه السودانيه الى اين وحده ام تعدد؟ بقلم د. بابكر موسى محمد المهم لقيت عنده تعريف للثقافه بالمعنى الانساني الرفيع وهي - كما يقول - هو العلو الى اقصى حد بالتكوين العقلي الروحي والاخلاقي للانسان وبطريقته في التفكير وتامل العالم وتذوقه اي تصبح الثقافه تكوينا باطنيا داخليا تلقائيا في الانسان لايعود محتاجا الى عون خارجي هربرت ريد يقول ( ان المثل الاعلى للثقافه هو ان تختفي الثقافه بمعنى ان تصبح مندمجه في شخصية الانسان حتى دون ان تعرض على مسرح او تقدم في كتاب ولا تعود الثقافه واعيه بل صامته تكون جزء من كيان الانسان ) التعريف ده فشاني وخلاني افهم ليه محمود كان زين وافتكرانه ده الرد على تساؤل محمد عثمان دريج في البوست النزله عن اختلاف محمود وهو انه كان انسان بالمعنى الحقيقي للانسانيه وبدون تمثيل . هاله

Quote: الأصدقاء الأعزاء ،،، كمن يبحث عن خبر يكذب واقعة فقدنا الأبدي لمحمود الزين الإنسان .... طفقت أغوص في أضابير شبكة الانترنيت .... و مكالمات مختلفة المشارب عبر الهاتف ....و كلما بحثت أكثر واعمق و تدثت اكثر و اكثر تبخرت قوى تكذيب الخبر بداخلي و حل محلها تأكيد يتلذذ بتوجعي كلما قرأت تعزية أو مؤاساة أو نصوص تؤبن الفقيد الذي تسرب من بين يدينا دون ان نكتنز من معينه ما يكفينا لمواساة أنفسنا كحد أدني.

Quote: فجعنا برحيلك المبكر يا محمود ستبقى ذكراك يا ودالزين خالدة بيننا ومضيئة ضياء ابتسامتك وحبك الكبير لكل من جمعتك به الحياة يوما , فلقد كنت انسانا تجيد فن الحياة و حب الناس, كل الناس. كم أنا حزين لفراقك يا محمود يا ود الزين، لقد رحلت و نحن فى أمس الحاجة اليك، بل الوطن كله فى أمس الحاجة الى أمثالك، الذين يحملون فكرا عميقا و رؤية ثاقبة وذخيرة معرفية صلدة حدودها السماء. كنت تتقن يا صديقى - و بمقدرة عجيبة - كيفية العيش والتعامل فى وطن يركض سريعا نحو الهاوية. هل نعتبر رحيلك يا محمود برهان آخر وعلامة اضافية تؤكد سوء حظ هذه البلاد و ساكنيها؟؟؟ لقد رحلت عزيزى وأنت فى قمة إتقادك و توهجك كشمعة اضاءت برهة ثم انطفأت او كنجم ابراهيم ناجى الذى هوى بعد إلتماع. ... تماما كالآخرين اصحاب الاحلام الكبرى والمشاربع العظيمة... الخاتم عدلان..... .جون قرنق... والقائمة تطول. كم سنفتقدك يا محمود!!! و تلك الابتسامة التى مافارقت وجهك قط.......والبشاشة.... فلقد كنت وجها كردفانيا خريفى الخضرة.....يا حليلك, كنت انا, وكما يعرف أصدقاؤنا المشتركون , أقطع المسافة بين قسم العلوم الاجتماعية والعلوم السياسية بجامعة الخرطوم حيث تقبع انت فى محرابك الملائكى ,لا لشىء إلا لأشركك ما سمعت من قول جميل، نكتة او تعليقا طريفا و خاصة اذا كان حكيا كردفانيا او عن الكردفانيين، كان يعجبك جميل الكلام وطريفه. كنت تضحك بلا حدود، وتشع عيناك فرحا طفوليا، فقد كان قلبك كبيرا...... كبر السودان الكبير ولعله لذلك لم يستطع ان يتواءم او يتأقلم مع مساحة حب اصغر وحلم اصغر و وطن أصغر صغر سودان اليوم.... ربما لذلك اعلنت يا ود الزين رفضك لهذا المشروع اضرابا عن الحياة وعصيانا على طريقتك او رفضا لهذه الخريطة الشائهة والقبيحة .... لم يكن قلبك يعرف الكره... فقرر ان يسافر الى حيث الحب الكبير والوطن الكبير والمعرفة التى لا تحدها حدود. سيفتقدك كل من عرفك وكل من سمع بك، فقد كنت بصدق من الذين يجمعون ولا يفرقون، يسعدون ولا يؤذون ..... لم تكن تعرف جارح القول او قبيحه كان قاموسك مختلفا وسلوكك مختلفا.. فقد كنت رجلا مهذبا.... مثقف القول والفعل. لقد رحلت وكنا نمنى أنفسنا بان تسهم أكثر فى تجميل هذه الحياة ...... والتى اصبحت برحيلك اكثر قبحا وقساوة ..... رحلت وتركت وطنا مفككا ....يعانى بل يحتضر ......و شعبا فاقد القدرة على الوقوف ......... اصبح السودانيون اليوم يا محمود يفتشون داخل قلبك ليس بحثا عن رمل الحب الماركيزى ولكن لتصنيفك وتأطيرك فيما يعتقدون انه انت...... لقد كنت انسانا بلا حدود او شواطىء .كيف لا و قد حددت خياراتك... سلاما ودراساته....!!! فلتهنأ صديقى فى سلامك الأبدى... ربما.... فقط ربما يهنأ هذا الوطن يوما.... سلاما ....اكراما لأمثالك...... ...............ياجميل.... سسسسسسسسسسسسسسلام. رحم الله محمود و ألهم محبيه وأسرته الصبر " وانا لله وانا اليه راجعون " عاصم تركاوى عمان 22 سبتمبر2011

Quote: من كثرة حب د. الكرسني للنابهين وذكرهم باستمرار عرفناك

Quote: حقيقة لا تاتي صورة لمحمود في ذهني الا وانت معه.

Quote: استوقفتني عبارة سهام المجمر: "شوفتو فى السكة تريحك" ورأيت فيها أصدق واجمل ما كتب عن محمود. هذه العباره بالذات جعلت الكتابة عن محمود في غاية الصعوبة. لذا سأكتب فقط عن إبتسامة محمود أو إذا شئت جواز سفر محمود إلى قلب كل من عبر "سكة" محمود. إبتسامة محمود كانت دعوة مفتوحة لجمع متباين من الناس للعبور بذلك المكتب الصغير بشعبة العلوم السياسية لإعادة شحن الروح. إبتسامة محمود كانت خير معين علي التعامل مع إحباطات ضياع حلم الإنتفاضه ثم إغتيال ذلك الحلم في ذلك اليوم الكارثي في يونيو 1989 وما تلاه من خراب. إبتسامة محمود أصبحت البزنس كارد الذي قدمه محمود لزملاءه وطلابه في كوستاريكا وكإمتداد طبيعي لجسر الحب الذي مده بين روحه المرحة الشفيفه والعالم بدون تمييز. فلا عجب أن تكون هذه الإبتسامة أول مايتبادر لذهن هؤلاء عند الحديث عن محمود ولا عجب أن تكون مبادرتهم لإحياء ذكراه هي زرع الأزهار حول العالم. لقد أدركوا التماهي بين الزهره وإبتسامة صديقنا. إبتسامة محمود هي الزهره التي قدمها للعالم على طريقته. في آخر لقاء مع محمود قبل سفره إلي كوستاريكا، ورغم حزنه على عدم التمكن من العودة للتدريس بجامعة الخرطوم والعنت الذي لاقاه في محاولاته حل مشكلة مياه الشرب في منطقته، كان محمود مبتسما. وهكذا سأذكره دائما

Quote: ، كان محمود مبتسما. وهكذا سأذكره دائما

Quote: ولتفخر بك باطن الأرض كما افتخر بك ظاهرها

Quote: فقد تفتحت شرفات العلم في خور طقت الثانوية حين دلف لها الراحل حاملاً شعلة المعرفة والأدب الرفيع فحفز فينا أن نتبعه إلى حيث يتسابق أبناء السودان من كل أنحاءه صوب المركز برغم الخلل لكن إلتقينا فعجمتنا التجربة فتقدم في إهتمامنا صوت السودان مع بقاء إنتماءنا لمناطقنا شعلةً نهتدي بها . ومحمود كما جاء في مداخلة لي إسم علي مسمى محمود وزين لكل من عرفه بل ورآه حتى أن آفاق الكاريبي نالت من أخلاقة علمه . لكن ظل وفياً حين جاء الأجل ضماه ثرى الوطن

Quote: الرؤية كانت هكذا: كنت أنا أقف في الرواق أو البرندة أمام المكتبة وتقدم "شول - العامل بمكتبة العلوم السياسية" ممسكاً بمفاتيح المكتبة وهو يهم بفتحها قائلاً: هنا سيكون تقبل عزاء محمود يا سيف

Quote: اقتراح بجمع و التبرع بكتب لمكتبة شعبة العلوم السياسية احتفاء بذكرى محمود الزين

Quote: محمود الزين و جدلية "الظعن" و "النشوغ" عندما كنا طلاباً في المرحلة المتوسطة ، درسنا في جغرافية السودان أن القبائل "الرعوية" في شمال كردفان و جنوبها كانوا يقومون برحلات سنوية موسمية تبدأ من جنوب دارفور (الكائنة في جمهورية السودان الحالية)إإإإ و تمتد حتى جنوب بحر العرب (الكائن في جمهورية جنوب السودان الخالية)إإإإ. و كانت هذه الرحلة تسمى رحلة "الظعن" و النشوغ" بحثاً عن الكلأ و الماء لماشيتهم. حفظت هذه المعلومة كما هي و أجبت على الأسئلة المتعلقة بها في امتحانات الجغرافية.... لم يدر بذهني و لو للحظة واحدة بأنني سألتقي بمن يجسد لي هذه القبائل الرعوية قلباً و قالباً من أم مرخي بدار حامد حتى التقيت بمحمود الزين في الجامعة عام 1983. كان يجسد القبائل الرعوية و رحلة الظعن و النشوغ لكن بشكل مغاير تماماً لما كنت قد أختزنت في ذاكرتي... كان محمود الزين كائناً رعوياً يرعى - و بحساسية ريفية مفرطة - أبجديات الدخول إلى عقول و قلوب من حوله بأريحية مذهلة، عبر ابتسامته الدافئة الدائمة، و حضوره الإنساني الأخاذ الذي يحتويك دون مواربة... على مدى خمس سنوات لم ار محمود الزين أو أسمعه غاضباً أو متكدراً أو ساخطاً غضباً أو كدراً أو سخطاً عشوائياً يقوم بإفراغه كيفما اتفق..... كان إنساناً اسفنجي التحمل ...كان كالنخلة ...يتعالى فوق كل ما هو عادي ويومي ومؤقت ...و يرنو إلى أفق بعيد .... ربما كان يختزن ردود أفعاله تجاه كلما هو سالب لوقت آخر... و يغرسه دبابيساً في أبادماك سيف بشير... ليعود بعدها ذلك الانسان المتوازن كالجبل!!! كان ود الزين يجسد رحلة الظعن والنشوغ – ليس طلباً للكلأ و الماء – لأنه كان نحيفاً و رهيفاً و شفيفاً، بل بحثاُ عن العلم والمعرفة الإيجابية وسبر غور الجسور والعلائق الإنسانية في أشمل صورها التي تنعكس إيجاباً – ليس على أم مرخى ودار حامد فحسب – بل على مستواه الشخصي، وعلى محيطه الصغير الذي ينداح عطاءً على دوائر أكبر فأكبر... و هذه لعمري خصائص القادة الذين ينطبق عليهم تعريف Authentic Leaders الذين تنداح دوائر تأثيرهم من ذواتهم إلى محيط تأثيرهم المباشر ثم إلى محيط تأثيرهم الأكبر ثم إلى محيط الإنسانية جمعاء... دون أن تبهت ألوان سمتهم الشخصية “Brand” بالتلجلج و التردد و السقوط عبر مزلقة المساومات والتنازلات لمعالجة الأزمات الفردية. هذه هي رحلة الظعن التي بدأها محمود من أم مرخي إلى خورطقت إلى الخرطوم فأمستردام إنتهاء بكوستاريكا التي جعلت رحلة ظعنه سرمدية... لم يتسن لمحمود الزين "النشوغ" على طريقة أهله. حسبه أن أهله في أم مرخى يتذكرونه و يدعون له كلما هم صغيرهم أو كبيرهم بشرب كوب من ماء البئر الذي "ساسق" ود الزين بين الدواوين الحكومية وهيئات توفير المياه حتى تم حفره إبان زيارته التي لم يعد بعدها للسودان "كما أخبرني صديقي و صديقه بابكر على العوض (بابكر العبيدية)" ... هذا هو "النشوغ الحيوي" الذي يجسد "النشوغ" الذي يعرفه محمود كما نعرفه..... كيف كانت "ستنشغ" أم مرخي و دار حامد إذا عاش محموداً أكثر ؟؟؟؟ فالتكن لنا فيه أسوة حسنة...

Quote: الأعزاء السلام عليكم ورحمة الله هذه سنة الحياة وسكنت مع المرحوم محمود الزين فى السنة الأولى بعنبر رقم 12 مع أبناء ام روابة هشام التوم وإسماعيل وياسر جامع والبقية مجدى بركية ونادر عبداللطيف ومصطفى باشا وحسن عثمان وابو القاسم وابو البشر وتعرفت على المرحوم وكانت درجة نقائه لا تقارن باحد وحقيقة معرفة الرجال كنز والرجالة هنا ذات معايير نوعية بسيطة وتعنى الإحترام والود الأخوى المتبادل والتطبيق الضمنى لحقيقة الحياة المطلوبة بين الناس وشكيت له بأننى لم اسكن فى داخلية من قبل كما أننى عندما أصحو ليلا لا أستطيع أن انام مرة اخرى ولكن بدبلوماسيته المعهودة ونقاشه الهادف وخوته المتجردة وعقلانيته المشهودة وسمعت منه ما ازال ما بى من غربة وعلى ان اعتبر الداخلية منزلى الجديد والحمد لله كان المرخوم عليه رحمة الله يمثل عزة وشموخ كردفان الغرة ام خير ا جوه وبره اللهم ارحم محمود الزين حامد واسكنه مع الصديقيين والشهداء وحسن أولئك رفيفا والعزاء لنا ولكم إخوتى ويا حلاوين وسيف والجميع ربنا يصبركم ونسال العلى القدير ألا يرينا مكروها فى عزيزا لديكم ولدينا لدينا وشكرا ودالشيخ

Quote: سلام ياسيف كيف؟ ما لقيت رسالتك الاخيره دي الا امبارح لانه انا في الخميس والجمعه بكون برنامجي جايط مع البيت والاولاد: عهود 6 سنوات ومحمود سنتين. وبالمناسبه الاخير مسمى على جدي اب ابوي لكن اي زول كان بقول لي محمود الزين وكان دايما ردي انه ده محمود جدي ومحمود الزين ومحمود محمد طه وانه اي محمود بعرفه ما خذلني بالتالي هو جمع محاميد كتيرين كويسين لكن من الوفاه بقول ليهو ود الزين . بقرا في جوابات محمود هسه واستغرب؛ كيف البني ادم مننا ممكن يكون في يده ثروه زي دي وما يستفيد منها! انا مولوده في هولندا ياسيف. تخيل ليك صاحب ممكن بعد 30 سنه يمشي هولنده ويمشي لمحل ولدوك ويصور الشارع والبيت وبوابته ويرسل الصور لامك؟ محمود عمل كده. رسل لامي الصور حقت البيت الو لدتني فيهو بس لانه عرفها مهتمه بانها تشوف الحته دي وقال كمان البيت بيشبهنا. كتب لي "صديقي ادم اللازم ارسله والده الى قريه مجاورة الى صديقه ولم ير ادم بيت صاحب والده من قبل ولكنه حين دخل القريه بحثا عن البيت تعرف عليه وحده سالته كيف كان ذلك قال انه يعرف صديق والده، قلت ومامعنى ذلك؟ قال ان البيت ذاك يشبه صاحبه تماما، ملامحهم مشتركه.. هل تعتقدي يا هلوله ان الناس الذين يجمعهم شيء محدد يتشابهون حتى لو كانوا من جنسيات مختلفه؟ انا اعتقد ذلك". سيف راسي واجعني وماقادره اكتب وما بحب اكلفت كتابه عن محمود وسؤالك عن ابادماك ماعندي مع انه القصص سمعتها منه .. عندي صخور جايبها كان من ليبيا، سؤالك عن زواجه ماسمعت بيه لانه لسه ما تم ... صفاء لاقاها في كورس في يوليو السنه الفاتت عن مناهج البحث (نفس الكورس اللاقى فيهو تيسير النوراني بعد سنوات)، ودرَّسها اسبوعين والخط شبك، وسافر وجاء راجع تاني في 30/11/2010، وعقد في اخر 12 2010 وسافر تاني يوم من العقد، يعني عقد لمدة 9 شهور ما لحقت تسافر ليهو، واي زول يلاقيها يقول ليها بختك محظوظه، والنهايه انت عارفها او عارفها بالالف المجروره زي ماكان محمود بنطق الحاجات . هاله

Quote: ؤالك عن زواجه ماسمعت بيه لانه لسه ما تم ... صفاء لاقاها في كورس في يوليو السنه الفاتت عن مناهج البحث (نفس الكورس اللاقى فيهو تيسير النوراني بعد سنوات)، ودرَّسها اسبوعين والخط شبك، وسافر وجاء راجع تاني في 30/11/2010، وعقد في اخر 12 2010 وسافر تاني يوم من العقد، يعني عقد لمدة 9 شهور ما لحقت تسافر ليهو، واي زول يلاقيها يقول ليها بختك محظوظه، والنهايه انت عارفها او عارفها بالالف المجروره زي ماكان محمود بنطق الحاجات .

Quote: Thank you dear Saif. I lost blood brothers and sisters but Mahmoud's departure has a level of bitterness I have yet to be able to cope with. The one thing I will always remember was that he told me in our last phone call about four weeks before his departure "انت والنعمان قريبين وممكن تقطعوا المسافة البينا عوم". A week ago, I called up Abdelrahim Hallaj, after decades because like you, I had a dream where Mahmoud, Eisa Abdelgalil, Hallaj, myself, Numan and Dr. Siddig Umbadda were talking about Sudan post-separation at U of K teachers club. The dream was so vivid and clear. I have hand-written notes, cards and letters from Mahmoud I kept over the years but I still don't have the courage to re-read them. I don't know how his mother is dealing with the situation. She was too weak to come Khartoum for his burial. I talked many times to his wife, his nephew and uncle after they saw his body for the last time (It was an openable coffin). They all said he looked as if he was taking a nap. Eisa Abdella who worked so hard to make sure they coffin is openable and travelled to Sudan to attend Mahmoud's burial, could not gather the courage to take a last look at his body. Dear Saif, I'm still not sure what to say or write but I hope you and all of us find comfort and closure in Mahmoud's departure. I took the liberty to add Tayseer Alnowrani, Dr. Eisa Abdelgalil and Hallaj. I hope, we can gather his friends and do something for his family. With little effort we can build a classroom or library in his name in his little village. We owe it to Mahmoud. Ibrahim Bakhit

Quote: لقد كان ود الزين كائناً مميزاً على طريقته التلقائية ... كل يراه من زاويته و عبر عدسة قلبه و عقله ....اقتحم قلوبنا و عقولنا بتلقائية و غادرنا بتلقائية .... و هنا يكمن أس الخزن،،، لأنه ذهب منسرباً كما أتي. مهما كتبنا فيه و عنه نشعر أننا لم نوفه حقه !!! فاليسبل عليه الله ظلال رحمته ... آمين !!!

Quote: ظلت دول حول النيل تعمل منذ العام 1999 للوصول الى صيغة تتيح تقاسم مياه النيل والاستفادة منها بشكل متوازن يراعي مصالح جميع الاطراف، دول المنبع ودول المصب . تمخض هذا المجهود عن صياغة مشروع اتفاقية جديدة رفضت مصر والسودان التوقيع عليها مما اغضب بقية دول حوض النيل السبعة التي قررت من جانبها المضي قدما في الاتفاقية من جانب واحد . وهي اتفاقية تعطي هذه الدول نفس الحقوق التي لمصر في مياه النيل. في وقت يزداد فيه عدم الثقة بين مختلف الاطراف. فيوغندا من الدول التي تتتمركز فيها منذ العام 1929 وحدة مصرية مقيمة في منطقة جينجا لقياس منسوب النيل الابيض على مدار العام ، قامت بطرد هذه البعثة في نهاية العام الماضى لان المصريون يرفضون تقاسم المعلومات التي يجمعونها مع السلطات اليوغندية. أثيوبيا تعمل على تنفيذ مشاريع سدود لمياه الري، ويوغندا تعمل على بناء محطة للتوليد المائي في منطقة بوجاغالي على النيل الابيض، كما تعمل كينيا التي أعلنت عن عدم إعترافها بإتفاقية مياه النيل للعام 1929 ، على تنفيذ مشاريع الري الخاصة بها. كل هذه المشاريع مجتمعة تستخدم حوالى 10 مليار متر مكعب من المياه. أثر مثل هذه المشاريع ومشاريع أخري في طور الدارسة سيكون وخيما على السودان ومصر حيث سينخفض منسوب النيل بشكل كبير. الشئ الذي دفع مصر بالقول على لسان أحد مسئوليها بأن المنطقة ستقف على حافة حرب. وهو الشئ الذي ظلت مصر تردده مرارا، فهل يمكن أخذ مدلولات هذه اللغة مأخذ الجد؟ السؤال وجهناه للدكتور محمود الزين حامد الخبير في الموارد المائية والاستاذ بجامعة السلام في كوستاريكا. يقول محمود بأن النيل هو شريان الحياة بالنسبة لمصر وأن ما تقوله مصر يجب أن يؤخذ مأخذ الجد بالطبع ، ولكن الى أي حد يعتبر التهديد بالحرب أمرا واقعيا؟ فمصر من ناحية عملية لا تستطيع الدخول في حرب مع أي دولة أفريقية دون الاستعانة بالسودان، والسودان ليس من مصلحته الدخول في حرب مع كل هذا العدد من جيرانه الافارقة مثل اثيوبيا ، كينيا ويوغندا لاجل مصر. اضافة لعامل آخر يتمثل في احتمال ولادة بلد جديد ينضاف لمجموعة حوض النيل حالة انفصال جنوب السودان أثر الاستفتاء المزمع اجراؤه في نوفمبر المقبل. أمر مثير للقلق بالنسبة لمصر رغم أن كميات المياه الواردة من النيل الابيض لا تمثل الا جزءا ضئيلا من اجمالي مياه النيل بفرعيه الابيض والازرق. هنالك العوامل البيئية ايضا المتمثلة في بوادر الجفاف التي بدأت تظهر على بحيرة فكتوريا مقرونة بإزالة الغطاء النباتي في مسحات شاسعة في هذه المنطقة ، وتأثير التغيرات المناخية والازدياد المضطرد لسكان دول حوض النيل. هى عوامل تجعل الطلب على المياه ملحا مما يزيد الضغط على هذا المورد المائي. مياه النيل سوف لن تكفي ، حتى وإن ضاعفناها ثلاث مرات، يقول الدكتور محمود الزين الذي ينعى على دول الحوض انتهاج سياسات خاطئة باهمال موارد المياه المطرية والجوفية ومحاولة استثمارها بالشكل المناسب. غياب الرؤية والتخبط في ابتداع سياسات متوازنة بشأن ا لموارد المائية هي من الاسباب التي أدت الى التركيز السكاني على حوض النهر والاعتماد عليه بشكل كامل وهو إتجاه سيزيد من صعوبة اعادة التخطيط وتوزيع السكان وفق الموارد المائية الاخرى ومنها المطرية. أما عن صيغة الاتفاق وتوزيع الحصص بشكل عادل ومتوازن بين دول حوض النهر، فيرى محمود الزين بأنها صيغة قديمة تجاوزها الزمن و لا تساعد كثيرا في حل المشكل، مشيرا الى وجوب التعاون التنموى والاقتصادي بين دول حوض نهر النيل التي يجب عليها التكتل والتكامل في حقبة تشهد تكتلات اقليمية كثيره لاجل تحقيق النمو التنموي والاقتصادي والمنافسة في السوق العالمية، وهي اشياء لا تستطيع دول الحوض بشكل منفرد تحقيقها.

Quote: ثم رحل البروفسور محمود الزين حامد/ محمد التجاني عمر قش- الرياض الجمعة, 14 تشرين1/أكتوير 2011 08:47 لَعَمْري لئن غالتْ خُراسانُ هامَتي لقد كُنْتُ عن بابَيْ خراسان نائيا فيا صاحبَيْ رحلي دنا الموتُ فانزِلا برابيةٍ إنّي مقيمٌ لياليا « مالك بن الريب» تقول العرب إنّ الموت نقّاد، لأن من طبيعته دائماً اختيار واسطة العقد من خيار الناس؛ وهو في كل ذلك كسارق دق شخصه، يصول بلا كف ويسعى بلا رجل. فقد رحل عن دنيانا واحد من علماء السودان الأفذاذ الذين شهدت لهم محافل العلم والبحث في أرجاء المعمورة كافة،في أوربا وإفريقيا والدنيا الجديدة ونشرت بحوثه في أرفع المجلات والدوريات المتخصصة وهي في كل الأحوال تلقى قبولاً منقطع النظير من طلاب العلم وأساتذة الجامعات والباحثين وكبار المختصين في مجاله. ولكنا فقدناه ولمّا نروِ غليلنا من غزير علمه وفيض معارفه التي بثها بجميع لغات العالم الحيّة بكل وضوح وبعد نظر وفكر ثاقب وحجة قوية ولغة سليمة تخاطب العقل والقلب في وقت واحد حتى أدهشت فصاحته كل من سمعه أو قرأ له. ذلكم هو البروفسور محمود الزين حامد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم سابقاً، والمحاضر بجامعة السلام التي تتبع للأم المتحدة. خرج الفقيد من بين كثبان الرمال في دار الريح بشمال كردفان حيث عاش طفولته في قراها ونال بها تعليمه الابتدائي والمتوسط ومن ثم الثانوي في خور طقت ومن بعدها جامعة الخرطوم ونال شهادة الدكتوراة في هولندا. عرفت الراحل وهو ِغرٌ صغير في مدرسة دميرة المتوسطة حيث كان أحد طلابي؛ و كانت تلوح عليه علامات النبوغ والذكاء والحرص على المعرفة وهو في تلك السن المبكرة، ولذلك عندما أبكيه إنما أبكي أحد فلذات كبدي النجباء. وعزّ من قال «ولا تدري نفس بأي أرض تموت»؛ فقد أدركت المنية محموداً في بلد لم يسمع عنه الكثيرون، في كوستاريكا، حيث ذهب ليعلم الناس ويتحدث إليهم عن السلام والتنمية والتعايش السلمي ونبذ العنف والقتال والعيش الإنساني الكريم الذي كان يحلم به ويدعو إليه في كل أحاديثه ومقالاته، ولم يكن يدري أن الأجل مخبوء له في تلك البقاع النائية إذ امتدت إليه يد الموت لتأخذه خلسة وهو في غرفة الدرس بين طلابه يزودهم بالمعرفة، ويقارعهم الحجة بالحجة وذلك ديدن العلماء حيثما حلّوا. نعاه الكثيرون من زملائه وطلابه في جامعة السلام وجامعة الخرطوم وكتبوا عنه بكثير من اللغات وكلهم أجمع على أنه قد كان رجلاً مخلصاً في عمله، عرف بالتضحية والتفاني، طيب العشرة، عميق الفكر والتحليل العلمي المنطقي، بعيد النظرة،لا تفارق الابتسامة محياه تحت كل الظروف، نذر حياته للعلم والتعليم، مقبل على المعرفة ببصيرة ثاقبة ولم تكن الحياة في جانبها التقليدي جزءاً من اهتمامه وهو فوق كل ذلك صاحب همة عالية وطموح فكري وثقافي كبير لا يعرف الملل إطلاقاً. رغم أن الراحل قد تخصص في العلوم السياسية، إلا أنه جعل من الإنسان وحياته وبيئته مادة لبحوثه ومحاضراته فكتب عن المجتمع البشري اللائق، ومصادر المياه والأمن الغذائي ونمو السكان والمسائل المتعلقة بالمجتمعات البشرية، كما كتب عن القبيلة والدين في السودان وكرّس جزءاً كبيراً من حياته لتصميم وتطوير طرق تعليمية من شأنها أن تعزز بناء قدرات الإنسان وتساعد على نشر ثقافة السلام والتمثيل والمشاركة الجماعية في الحكم واتخاذ القرار؛ كما كان ينظر للسلام والأمن من منظور بيئي ولذلك كتب عن الأمن المائي الدولي والاقتصاد السياسي للمياه وتحدث كثيراً عن أسباب ندرة المياه، خاصة الجوانب السياسية المتعلقة بهذه الأمر، والهجرة الداخلية والنزوح وأثر ذلك على الاقتصاد والاستقرار السياسي والتنمية المستدامة وغيرها من المواضيع الحيّة التي تتعلق بمياه النيل وحياة الإنسان والصراعات المسلحة والسلم. وكثير من هذه البحوث، إن لم تكن كلها، منشور بالمجلات العلمية المتخصصة التي تصدر خارج أرض الوطن باللغة الإنجليزية كما أشرنا آنفا.ً ولذلك من هنا نطالب زملاءه وطلابه والمختصين في هذا المجال والجهات العلمية ذات الصلة خاصة جامعة الخرطوم ومعهد أبحاث السلام بالسعي لترجمة أعماله إلى اللغة العربية وجمعها في مجلدات حتى يستفيد منها الدارسون والباحثون في هذه المجالات المهمة؛ وهي علاوة على ذلك تعد من تراثنا الفكري الذي لا يقلُّ أهمية عن الثروة المالية؛ كما نطالب بحفظ حقوقه الفكرية والأدبية التي ربما تتعرض للضياع إذا لم نتحرك حالاً. بحكم نشأته وتخصصه كان محمود يولي اهتماماً خاصاً للتراث الذي يعده أحد مكونات الشخصية والهوية الوطنية للفرد والمجتمع ولذلك كان أول من أدخل «الجحفة» أو الهودج وعصّارة الزيوت التقليدية إلى دار اتحاد طلاب جامعة الخرطوم مروراً بشارع الجامعة وسكن الطلاب وشارع النيل وكان ذلك مثار إعجاب واستحسان مشهود حسبما حكي الأستاذ نصر الدين البشير المحامي الذي زامله واشترك معه في اللجنة العليا لأسبوع كردفان في عام 1987 في جامعة الخرطوم. إن موت العالم مصيبة تحل بالأمة إذ بموته يقبض شيءٌ من العلم ويرفع وهو لذلك خطب جلل وفاجعة كبرى تستحق منا الوقوف عندها لاستخلاص الدروس والعبر؛ وقد قيل إن موت العالم فاجعة كبرى تحدث ثلمة لا يسدها شيء أبداً. ولكننا أمام كل هذا لا نملك إلا الصبر والاحتساب ولا نقول إلا ما يرضي الله ونعزي أنفسنا وأسرة الراحل الذي نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته وينزله منزلة الصديقين والشهداء مع النبيين وحسن أولئك رفيقاً. ولكن ماهي أسباب ودوافع هذا الرحيل المبكر والمفاجئ يا ترى؟ وأخيراً نقول: علماً حزته في الدنيا أم قدود راجيك يا ود حامد الجامعات كلها بتبكيك كان الموت بشاور أصلو ما بنديك لكن العمر عند الولاله شريك

Quote: لم ألتق محمود الزين منذ تخرجنا من خور طقت إلا مرة واحدة في شارع النيل و هو يهتف معنا بسقوط النميري أيام الانتفاضة إبريل 85، و لكن عرفت أن معدنه الأصيل لم يصدأ و أن إنسانيته النبيلة زلدت توهجًا و قوة ، علاوة على ما أحرزه بتوفيق الله من علم جم و و درجات علمية رفيعة و ما أنجزه للبشرية في ربوع الدنيا و أصقاعها البعيدة.

Quote: كم كان الخبر مؤلمًا و الفجيعة عظيمة أن فقدنا أحد زملائنا الأعزاء بخورطقت الفيحاء حيث كنا دفعة واحدة (1980-1983)