في مثل هذا اليوم (2 سبتمبر) قبل 116 عاماً سقطت الدولة المهدوية بعد هجوم كاسح لقوات محتلة... وفي ظرف ساعات قلائل (5 ساات) قتل في سهل كرري 10 ألف سوداني... وسقط 16 ألف جريح ... تم تصفية المئات منهم .... وتم أسر 5 ألف محارب... تمت تصفية العشرات منهم وأستباحت القوات الغازية أمدرمان لمدة 3 أيام... وهرب الخليفة التعايشي إلى سهول كردفان في محاولة يائسة لمقاومة الغزاة.... وأستمر الإحتلال لبلادنا 60 عاماً.... ..... تم كل ذلك لأسباب مكشوفة عبر عنها بيان رقم واحد .... تم توزيعه في الأول من يونيو 1896 بواسطة الجنرال كتشنر بياناً لأهل السودان ... .... وحتى لا ننسى ... هذا هو نص البيان.... ....... بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين أما بعد؛ فغير خاف على الحكومة ان الذي حملكم على شق عصا طاعتها انما هو تصديقكم دعوى محمد أحمد المتمهدي، وقد اتضح لكم الآن ان تلك الدعوى لم تكن من المهدية بشئ. بل هي ثورة دموية افضت الى ملك جائر يتولاه الآن عبدالله التعايشي الذي عزل كل أمير من غير أهله وولى أهله فأستبدوا بكم. ولما رأت الحكومة سوء مصيركم ارسلت الآن جنودها الجرارة لانتشالكم من وهدة الضلال التي اوقعكم فيها المتمهدي وانقاذكم من الظلم الذي تقاسونه في عهد خليفته التعايشي. وقد كان من مبتدعات المتمهدي وخليفته هذا منع الحج الشريف مع انه فرض وجب على كل من استطاع إليه سبيلا. ثم ان كلا منهما فسر القرآن على رأيه وهواه واستنبط احكاماً شرعية كما أراد ومنعكم قراءة كتب الحديث والتفسير فضلا عما يأتيه التعايشي الآن من جمع المال، وتفريق كلمة الإسلام، وهتك الأعراض، وظلم الفقراء، وهدم البيوت الكبراء، وبعد ان كان رجلاً مسكيناً لا يملك شروى نقيراً استأثر بأموال الرعية كلها وسكن القصور المشيدة واتخذ نساء المؤمنين سرارى له، واستحل وطأهن بلا عقد ولا ملك يمين وهو مع ذلك يدعي بالزهد والمسكنة ويتنعم سراً بكل ما تطيب به نفسه وتقر عينه وهو ظالم غشوم ما تكلم أحد بالحق إلا قتله أو سجنه أو نفاه. وقد سجن الخليفة شريفاً وأهان الخليفة ود حلو وأولاد المهدي وقتل ابراهيم عدلان وأقارب المهدي مثل عبدالقادر ود ساتي، ومحمد عبدالكريم وأخوانهم، سجن الزاكي طمل، والقاضي أحمد، والحسين الزهرة، أماتهم جوعاً. وخرب مساجد المسلمين كمساجد الحسن الميرغني وأولاد نور الدائم والشيخ العبيد والشيخ حمد النيل العركي. ونفى أمراء الجعليين مثل بدوي ود العريق وغيره وبذلك أسخط جميع العالم الإسلامي واصبحت مكة المشرفة وكرسي الخلافة العظمى تنظر إلى عمله بعين المقت والكراهة. ولما رأي ولي النعم خديوينا المعظم عباس حلمي الثاني ان جرائم هذا الطاغية تزداد يوماً بعد يوم أخذته الشفقة على المسلمين المظلومين، وصمم على انقاذهم من الظلم فأرسل جيوشه المظفرة لكي تهدم أركان دولة التعايشي وتقيم حكومة شرعية مؤسسة على العدل والاستقامة وتبني المساجد وتعين على نشر الدين القويم. وقد أصدر سموه عفوه التام على جميع ذنوبكم وأمر برد أملاككم. وهو يدعوكم إلى استقبال جيوشه بالترحيب فإذا قبلتم الدعوة، وعرفتم قيمة الأنعام كنتم أنتم الرابحين الناجين وإلا فالويل لمن رفض نعمة ربه وكرم خديوينا المعظم وبأسمه لي الرجاء الـ وطيد أن أراكم قريباً طائعين ومعضدين للحكومة الخديوية والسلام.
ا يونيو 1896
كتشنر قائد جيوش حملة السودان سردار الجيش المصري. وبعد كل هذه السنوات ومع التناغم، غير النشاز، لوقائع ما حدث خلال 13 عاماً من حكم الخليفة التعايشي مع تداعيات عهد الإنقاذ الحالي... وطوفان التحالفات السياسية لقوى وتقاطعاتها الإقليمية والحبال السرية والعلنية التي تربطها بالعواصم الغربية.... حتى نستفيد من التجربة ونستعد لما هو آتي.... .... دخلت القوات الغازية وهي مدعومة بقوات سودانية ومعارضة داخلية .... وظهرت للباحثين منذ ذلك الوقت مدى دقة معلومات الاستخبارات بقيادة ونجت باشا ومعرفتها بدقائق الأمور... وذلك للتعاون التام والتنسيق الممتاز مع قوى المعارضة الداخلية.... ..... فهل يستعيد التاريخ نفسه !!
أجمع عدد كبير من الباحثين (ومعظمهم سودانيين، وليسوا أجانب حاقدين أو اصحاب غرض!) على ان انقسام الجبهة الداخلية سببه السياسات الخاطئة التي اعتمدها التعايشي وأركان حربه وحكمه. ولخصوها في مذبحة المتمة التي لن يستطيع كائن من كان ان يهون من آثارها... ثم حملة ود النجومي لغزو مصر وما أرتبط بها من تداعيات... وتكتلات الأشراف أهل المهدي وسيعيهم الحثيث لتعميق الهوة بين أهل البحر وأهل الغرب. ثم حملات تهجير التعايشة والبقارة إلى أمدرمان وتخصيص الأراضي الخصبة في الجزيرة والنيل الأبيض لهم.... وتعينات ولاة الأقاليم وقادة الجيوش من عشيرة التعايشي نفسه. .... ما اشبه الليلة بالبارحة !!
09-03-2014, 00:20 AM
Dr Salah Al Bander Dr Salah Al Bander
تاريخ التسجيل: 11-17-2006
مجموع المشاركات: 3070
خلال السنوات الماضية اطلعت على مئات الوثائق الخاصة بالاستخبارات المصرية والبريطانية ... وأكثر ما أحزنني هو نجاحها الفائق في تجنيد عشرات من أهل السودان ومن كل القبائل والجهات لجمع المعلومات... وفي الحقيقة لم تخفف آثار الصدمة إلا بعد ان قرأت عشرات من وثائق ويكيليكس التي كشفت حديثاً... لقد رصدت اجهزة الاستخبارات الأمريكية أحوال السودان خلال الإنقاذ بصورة مذهلة وكل مصادرها يا للعار شخصيات سودانية تعيش بيننا وبعضهم أصحاب صوت عالي في المعارضة وفي أجهزة الدولة... ونسبة لحساسية الموضوع لم تثيره الإنقاذ مع أي من مصادر هذه الأجهزة الاستخباراتية.... والمؤسف دائماً ان هؤلاء العملاء لم يفرقوا بين عدائهم لنظام الإنقاذ ومصالح السودان كدولة ووطن واهل البلاد كشعب.... أكثر ما صدمني هو العميل الطيب الحسين الذي قدم للقوات الغازية وهي على مشارف كرري تفاصيل تفاصيل خطة الخليفة التعايشي وأركان حربه للدفاع عن البلاد... وحرب مليشيات الجعليين والبطاحين والعبابدة مع الجيش الغازي....
09-03-2014, 00:23 AM
Dr Salah Al Bander Dr Salah Al Bander
تاريخ التسجيل: 11-17-2006
مجموع المشاركات: 3070
وللمرة الخامسة يهرب سفير للإنقاذ من سفارته وهو يحمل ما تيسر من وثائق ومعلومات... وحديثاً وصل السفير عادل شرفي إلى لندن مقدماً للجوء السياسي ... وحمل معه ما تيسر من معلومات وملفات ساخنة... ومنها أدق أسرار أختراقات الإنقاذ لصفوف الحركات المعارضة في كمبالا ...... وعمالة أفراد يشار إليهم بالبنان لأجهزة الأمن اليوغندية والإنقاذية .... في كل مرة تصاب بالقرف .... تصاب بالصدمة... ما أشبة الليلة بالبارحة !
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Dr Salah Al Bander
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست