|
Re: شعر .... وكتابات أخرى إلى زينب .... (Re: فرحات عباس)
|
زينب عقارب الساعة تمضي مثقلة بالسهر نحو الثانية أو الثالثة من صباح يوم جديد.. لا شيئ غير العتمة .. وشخير المكيفات وقهوتي تلك السمراء .. والسؤال الأبدي الأليم اللذيذ ، كيف أنتم ومشتاقين وكيف عاملين .. وكيف رفاعة والجناين .. وفريق قدام. وأنت وحدك .. وحدك دون كل هذه الكائنات .. لاتكتبين .. ولا تسألين ، اُهرع كل ساعة إلى بريدي الإلكتروني فلا أجد إلا بعض الرسائل الغبية " كيف تكسب 50.000 دولاراً ...؟ هل تريد أن تعود 20 عاماً إلى الوراء .. ؟ .. خطاب منكِ كان كفيلاً بتحقيق كل هذه الأحلام الغبية منها واللذيذة. كنت أشاهد فيلماً " أمريكياً " مساء أمس ، قالت البت الخواجية لصديقها المفعوص : " المال .. المال .. هناك أشياء لا يمكن لهذا الدولار اللعين أن يشتريها " رد الولد المفعوص بحكمة بالغة " لست في حاجة إلى أشياء لا يشتريها الدولار. ( إن من الأفلام لحكمة).
ومثل لص في الليل سرقت وجهك من صحو النجيمات وغفوة الطل بأردان جنة ومن أنفاس الصباح الأولى ساعة الآذان حلمت بالندي .. والرضى والإكتفاء وقبل أن تدهمني عيون النهار خبئته في قصــــيدة ...
سمني ما شئتِ .. صايعاً .. شاعراً صعلوكاً .. ولصاً جميلاً .. عزيزتي .. الشوق والحزن يلازمانني .. بدون أن أشتاق أو أحزن سأموت .. حتماً سأموت.
يحضرني الآن دبيب الشوق لا أدري .. أشتقت إليك كثيراً شوقاً أذهلني مني بعثرني بدداً متسقاً حولني درباً .. واهِ أسلكه دربا... لا أدري ......
حزين على واقعنا في بلاد الإغتراب .. هاهنا في قلب هذه الصحراء .. ما أعطتنا من زيتها ما يزيل الفاقة .. ولا أفنتنا فيمن أفنت بقيظها .. وشدتها .. ونرجع إليكم محملين بالأشواق .. والهدوم وحفنة من الريالات .. وتأخذنا الصحراء لنبدأ الكرة من جديد.
الأيام القادمات مخيفة .. حكوماتنا تحمل جميعها كل سمات أسلافها الذين قضوا وبذات المرض .. حب السلطة ( السلطة بضم السين وليس السلطة .. بفتحها .. " وسحق الآخر وبين هؤلاء وهؤلاء يرتع اللصوص .. وتحصد الحرب نفوس لم تزل بها حاجات. وأصبحت الأدبيات عندنا من نوع " بيجي الخريف .. والحرب تقيف " و " شتات يا فردة " قيل : هو الشتات من دفار الإلزامية . " والفردة تعني الواحدة من النعل ، تطلق هنا لشدة التلازم .. واستحالة الفرقة ، ويقصد بها هنا الصديق.
قولي لمحد صديق خطابك المزعوم لم يصلني .. وأنا في أنتظار آخر قصائده الحسان . قال لي مرة بيأس طويل : " سأهجر الشعر " . قلت : " أكتب آخر القصائد ، لفها بكل شوق الأرض حسناء فارعة القوام طويلة رموش العينين .. تضوع عطراً مثلما كردفان ساعة الخريف.. " قال ممتلئاً شعراً: " قتلتني يا غلام " . فعاد وقاتل حتى قُتل.
انتظرت سؤالك عن " قصتي القصيرة " وكيف تأبت وتمنعت ، لم استطع أكمالها .. لم أجد زمناً برائحة القصة .. ولا كلمات بقامة الفكرة .. أتضائل كثيراً وانسحق عندما أقرأ لماركيز أو جورج أمادو أو العبقري الطيب صالح ، عبثاً بدأت المحاولة صباحاً .. قبلها كنت أقرأ لكاتب جزائري اسمه الأعرج واسيني ، روايته رائعة اسمها " وقع الأحذية الخشنة " .. وحينما عدت لأكتب .. قلت في نفسي هذا عبط ...
تعرفي .. لماذا لم يمنح الطيب صالح جائزة نوبل للأدب .. وهو " تقنياً " سيتحقها .. المسألة بعد تفكير غاية في البساطة " الرجل لم يكن محترفاً للكتابة " .فيما احترفها نجيب محفوظ. ، وماركيز ، وهمنجواي وغيرهم ، احتراف الكتابة عزيزتي قطعاً ليس هو الصناعة كما يظن البعض .. بل هو " المقدرة على الحضور الإبداعي متى ما شاء الكاتب .. بمعنى آخر المقدرة على استجلاب " لحظة الأوج الإبداعي" والتي هي أصلاً عند غير المحترفين .. تأتي هكذا .. أو هي أقرب للوحي .. " بيد الوحي لا بيد الكاتب " . الطيب صالح نفسه اعترف بشيئ قريب مما ذكرته .. وهو الآخر يحوم في الغربة .. رجل بقامته يستحق أن يمجده الوطن .. لم أقرأ رواية مثل " مريود " او بندر شاه قلت لمحمد صديق مرة .. إنها قصيدة طويلة .. هؤلاء الناس .. شيدوا مدناً بشوارعها وناسها ، بأفراحهم وأحزانهم ، أحبوهم وقتلوهم ، مجدوهم ومحقوهم ، أشعلوا ثورات وسفكوا دماء ، شيدوا بساتين وأجروا أنهاراً وجنات من يمين وشمال ، كل هذا الثقل على أجنحة الخيال...
قولي لأمي " السرة بت إدريس .. إني أحبها ... وقولي لرفاعة .. إني قد أعود هذا الصيف.. والبحث جارِ عزيزتي لعله يصلني "إيميلك" .. أو أجد على النار هدى ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شعر .... وكتابات أخرى إلى زينب .... (Re: فرحات عباس)
|
زينب .. أيتها العزيزة سلام سعدت كثيراً أن سمعت أخبارك .. وتمثلت صدى ضحتك الممتلئة حباً وألقاً .. غرقت فيها لا أروم براً حتى أذني .. تضوعت كما عطر .. يرف على المدينة شارعاً .. شارعاً .. متألقاً .. طاهراً من دنس غربتي تلك " ال########ة " ..سيئة السمعة . هل تحممت بعطر ... وتنشفت بنور واحتسيت البدر مثلي في كوؤس من أثير كم أنت جميلة الروح والوجه واليد واللسان .. هاأنذا يا كل عشقي أهيم على وجهي مغتبطاً لا أدري إلى أين أنا ذاهب .. أريد أن أفعل أي شيئ .. إن أي عمل ... حتماً سيكون جميلاً رائعاً تلك الساعة. كان لي زميل " جزائري " ونحن بالجامعة " كسَّرته " إحدى حسان الدفعة ، الرجل كان دمث الخلق ذو حياء عريض " لم يكن ليفاتحها بحبه ذاك ، غير أنه كان يفضي لي عن وجعه كل يوم كان يخشى أو كما يقول بلكنة جزائرية جادة : " الدعوة كلها تفشل " وذات فتح عظيم .. أفضى إليها بكل شيئ .. أخبرته أنها تحبه .. وأنها كانت ستنتظر اكثر مما انتظرت لتسمع منه ما سمعت " الدنيا لم تكن لتسعه من الفرحة .. ذهب إلى بيته لا يدري ما يفعل بفرحته تلك : " قام يا زولة جاب بوهية وضرب البيت كلو جير " أنا لا بيت لدي .. ولاأصباغ ولست رساماً .. لا أملك غير أنفاس الكلمات .. تنجدني مرة وتخذلني مرات .. غير أنها حبيبة أثيرة لا أعلم لجبروتها وسطوتها حدود ، فكم أمالت من قلوب وأيقظت من فتن وأشعلت من ثورات وعطرت من مجالس وقربت من عاشقين ..
أبدع إذ أنشا ملأ البيد بليلى .. صدحاً وحبوراً وغُنا لا يُحصى لله ثنا .. هذا شاعر لذيذ .. أسمه أبو دومة .. محمد أبو دومة إن لم تخني الذاكرة .. مصرى اللسان .. نوبي الوجه والفؤاد والقصيدة ....... هو إحدى اكتشافات صديقي الرائع الشرطي محمد صديق محمد أحمد ، أحسده على قرون استشعاره شديدة الحساسية تجاه الجيد من الشعر والشعراء. قيل أن أول من قال الشعر هو المهلهل بن ربيعة وبه سمي مهلهلاً .. هلهل الشعر أي جمله ورققه. الشعر الموغل في القدم ما وصل منه مع قلته كان بالفعل رقيقاً وجميلاً مفعماً بموسيقى شديدة السحر خاصة الرجز منه ، فهو لفرط رشاقته يكاد يكون شعراً حراً .. أنتٍ لم تقرأي لرؤبة بن العجاج هو شاعر شديد القدم غير أن لشعره طلاوة وعذوبة لا تتناسب وجلافة البادية وفظاظتها . وقالت له موجوعة عند الوداع : " سفرك بشوفو حلم .. حلم " وهل أعظم من ألم الفراق وغصته .. ياه .. سفرك بشوفو حلم ... حلم .. لم أجد لساناً أجرى على لهجته توكيداً لفظياً أروع من ذلك كما هو في لهجتنا السودانية .. ظللت أتمثل هذا الكلام طوال رحلتي إلى الرياض حزيناً كأنما أُساق إلى سجن .. الرياض مساءاً تبدو من الطائرة مختلفة وجميلة .. " كما العروس نُثرت عليها الدراهمُ " هذا وصف شديد الواقعية غير أن شأنها شأن السلع مفرطة الأناقة " منجعصة " في تلك السوبر ماركتس بكل " مساختها " وامراضها الظاهرة والباطنة . مداين .. تعاين كأم العروس .. انظري كم هو عظيم الفرق .. تلك مدن نبتت من " جوة " الأرض ، تعطنت برائحتها واتخذت لونها ، تشرب من النيل وتبترد منه ، تصغي في هدأتها لهمس السحاب ونمة المسافرين ووشوشة العشاق.. هذا زمان جائر ، شديد الغباء ، يفرقنا كورق الكوتشينة و نحن حظنا كما يقول أحدهم " شايل الجوكرين ومعرج " أجمل من فراشة مجنحة على ضفاف المقرن الجميل أجمل من نوارة مفتحة .. ترقد في ذهب الأصيل يا فخر هذا الجيل .. يا وطني
شوقي بغير حدود للمقرن الجميل ... مؤرخ راجح العقل وصف هذا اللقاء الأبدي للنيلين بأنه أطول عناق في التاريخ .. أقول : " هي أطول قبلة لذيذة على رقعة الكرة الأرضية تلك المهووسة بجنون القوة ، المعفرة بشعث الحروب" .
أحب هذا السودان بشكل فادح لا يصدق ، وشأني شأن جميع بني بلدي لم أفعل أي شيئ لأجله .. هي علة عتيدة استوطنت أنفسنا كسودانيين ، وهي أننا نعشق هذا البلد بكل الحنان الذي فينا ونفقد المبادرة تماماً لفعل أي شيئ حياله .. وفئات ممن يسمون بالصفوة يتناوبون على اغتصابه منذ فجر الأستقلال .. هذا لعمري حب لئيم ليس بينه وبين الكراهية إلا الحياء .. " وأذا لم تستح فأفعل ما شئت " . خوفنا الدائم من الفشل يجعلنا مترددين .. متشككين خائري القوى كثيرو الأسئلة والهواجس والمراوغة والهرب من من وعورة قضايانا إلى " هدأة " الونسة والتنظير واستعراض الفهم والحكمة بشكل بائس يدعو للشفقة . نحن شديدو التعصب لأنفسنا وما تحبه ، مجبولون على استرضاء " الأنا " في ذواتنا ، فنحن إما يمين أو يسار في اليمين نحن حزب أمة أو اتحادي ، نشجع الهلال أو المريخ ، نسمع وردي أو ود اللمين ، حريصون على إبداء الوعي الزائف وتقعيد الكلام ، قال أحدهم : " إن كل سوداني يصلح أن يكون رئيساً لبلاده " فلا عجب أن حط على هذا الكرسي البائس كل من هب ودب وما تخفيه أيامنا القادمات أدهى وأمر ... تلك بلاد كبيرة واسعة الأرجاء ، شديدة التلون والتعقيد ، يضيع فيها الكلام ويتبخر ، ويبقى ما ينفع الناس من محبة وعمل .. والعمل وحده وليس غيره . أعلم عزيزتي كم تمقتين السياسة ... وحتى لا يفور دمي .. ويرتفع ضغطي .. سأوى إلى كوب من الشاي " مظبط " وسجارة عذبة وقد أعود غير بعيد. فكوني معي ... فرحات
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شعر .... وكتابات أخرى إلى زينب .... (Re: محمد صديق)
|
عمت مساءاً يا رفيق ... كنت في حوشك قبل شوية .. ما شايفك ... لم احتفظ بمسودة القصة ... سيسعدني أن ستخرج حية من أرشيفكم الأنيق .. في أنتظاركم على أحر من الجمر .. ليس ثمة جديد من ود الماحي .. أخبارو مقطوعة ... كن بخير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شعر .... وكتابات أخرى إلى زينب .... (Re: فرحات عباس)
|
ليوم الإثنين الرابع والعشرون من فبراير لسنة 2003م عزيزتي .. زينب أنا أشفق على كلمات العشق والحب الوضيئة أن تُحرج هاهنا ، عذراً أيتها الحبيبة أن لا أجد ما يقال طوال أسابيع خلت فاليال لم تعد هي الليال .. والصباحات جرحى تتنفس رائحة الحرب والقتل .. والإرهاب . إنها الحرب .. سيئة السمعة ، لا أدري هل هو مكتوب أن تُنكب بغداد بالتتار كل قرن ، هل مكتوب عزيزتي أن يبيت على حُرقِ كل يوم أطفال العراق .. ونخل العراق.. هذا عالم شديد الظلم ، سيحرق هؤلاء الأوغاد دون شك وجوهاً لرجال وأطفال ونساء غالية وآلاف السنين من الحضارة ورائحة الزمن الثمين الذي لن يعود.
كانت بلادي ترتدي ثوب الربيع أوقفت راحلتي .. وقلت بكم تبيع محبوبتي .. هذا الضياء الأزرق الوردي هذا الثوب ... هذا الياسمين قالت : " بكل قصائد الشعراء " ولكن لن أببيع.
ترى ما كان ليقول البياتي لو علم أن جيوشاً مجيشة من الإفرتج والأعراب ستدهم ربيع العراق .. وضياء العراق وكل قصائد الشعراء .. هذا بلاء كبير ومحنة عظيمة .. وقال قوم موسى لما أدركه فرعون وجنده وفزعوا : إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين " . لا أدري كيف تسنى لمثل هذه الإدارة المجنونة أن تقود أكبر دولة في العالم ، بل كيف تسنى لهذا الجنون أن يمشي بين الناس صباح مساء وكأن شيئاً لم يكن .. أليس فيهم رجل رشيد ؟؟ جعلت أتحاشى متابعة الأخبار الدامية على شاشة التلفاز ، عدت لأمارس عادتي القديمة في القراءة ، لا يفارقاني .. قهوتي ودخاني .. وأهرب من قرفي هذا .. لأيامي الجميلة التي قضيتها بينكم في السودان " لعن الله الريال والدولار وكل عملات الدنيا الصعبة .. " .. هي حقاً صعبة " .أصعب ما فيها أن ترهنها وطنك وأهلك ومحبيك ووجهك عزيزتي هذا الشفيف المدهش كقصيدة شعر حارة غارقة في الضياء .. افتقدت كثيراً شقاوتك ، شقاوة ضحكتك ، كل خربشاتك البريئة وفوضى تعليقاتك تصنع زماناً آخر برائحة أخرى ومكاناً لم تطأه قدم فنقعد معاً يداً بيد وقلباً بقلب .. هناك " حيث لا أمنيات تخيب ولا كائنات تمر ".
الشرطي الجميل صديقي محمد صديق كان يقول : " إن الإنسان كائن منتظر " كنت أرد بعفوية : " الإنسان كائن مشتاق " . هذا الكون ، كل الكون قائم على الحركة والنزوع وهو ما لا يتم إلا بشوق طبيعي أو طارئ. أظن أن بعض كتب الفلسفة قد ذكرت شيئ من ذلك ، لست متأكداً تحديداً . أذكر أن لي صديق " زغاوي " كان اسمه ( نار شوك ) كنت أناديه : " نار شوق " يضحك مازحاً ويقول " : والله يا عربي عملتني بت عديل كدة " الزغاوة قوم أهل نخوة وشهامة ، قضيت بينهم في السودان وتشاد أياماً لن أنساها ، هم ناس طيبون عميقو الوفاء ، شجعان شديدون عند الملمات يسعى بعضهم إلى بعض في كل صغيرة وكبيرة فلا ترى منهم إثنان إلا ويتشاوران .. كنت أعلق كثيراً على ذلك ، قال لي صديقي ورفيق دراستي في الغربة محمد كوتي يعقوب وهو من أبناء ملوك الزغاوة : " أن زغاوياً أراد أن يشاور أخاه فربط جمله وذهب الإثنان بعيداً عن الجمل ليتشاورا ".
يا أمراةً .. قلمت أظافري .. ورتبت دفاتري .. تذكرت وجهك الحميم أمس مساءاً وأنا أدخل إلى شقتي الكائنة بأحد أحياء الرياض "الجربانة " أصبت بالفزع من الفوضى العارمة فلا يكاد المرء يميز بين دفتر وقميص . جرائد وملايات ، ديسكات كمبيوتر وصور فوتغرافية أتساءل ما الذي يجبرني على هذا كله. أين يدك الخضراء تمسح فوضاي وتلقي بالسكينة على زمني ذلك القلق وأيام حزينات قادمات .. وجلست إلى جهاز الكمبيوتر أكتب وسط كل هذه الفوضى أنتزع من قلبها هدأة الذهاب إليك فلا يسمع إلا طقطقة الأحرف بوجه " الكي بورد " وعربات هذه البلدة الكتيرة تغدو جيئة وذهاباً. كنت قد قطعت لتوي شوطاً جيداً من كتاب " النص الأدبي عند الصوفية " وهي عبارة عن رسالة دكتوراة مغمورة ، وبدافع الفضول فقط بدأت قراءتها ... الصوفية كبيرة جداً على تلك الأشكال والقوالب الأكاديمية لأن أي نتائج وفرضيات حولها هي في الواقع " خشم بيوت " إلا أن دراسة النص الأدبي ، ووسائل التعبير عند الصوفية أو ماشابه من دراسات ستكون شديدة الإمتاع لما لهؤلاء القوم من ذوق رفيع قل أن تجده لدى أي طائفة أحب هؤلاء القوم حباً لا أخشى المجاهرة به ، هؤلاء قوم خلعوا عنهم كل أوشاب الدنيا واستحالوا أروحاً خفيفة مضيئة في ذهابهم إلى الله ، ألم يقل الخليل : " إني ذاهب إلى ربي سيهدين " . أنا عازم على معرفة الكثير المثير عن هؤلاء القوم .. كانت الفرصة سانحة وأنا بمقاعد الدراسة في الجزائر ، فهي من أفضل البلدان العربية فيما يخص حرية النشر والدراسة ولعل فرنسا قد أسهمت في ذلك الشيئ الكثير ويبدو الآن أن المحاولة ستكون مستحيلة بقلب هذه الصحراء، الطيب صالح كان يقول : " هذه الصحراء لا تنجب إلا الشعر والأنبياء ".
يا الله .. أنا اللحظة أروع من عشق أصدق من صدق أجمل من معنى فنان أذهله الوجد فغنى درويش شارف حد الشوق فجن يا وجع اللحظة إني أهواك فبحق هواي وفيض هواك وأجيج البوح المتوثب كي يُدنى لا تبرح .. فالتبقى فيَّ وفيك نستاف رحيق العشق ونفرح نجمع جمر الصد وورد الوصل وكل سنين الشقوة يا مولاي ونطرح أقسم بالليل الأسنى في عينيك إني أهواك .. ولا أعنى عزيزتي .. أنا جد .. مشتاق .. كوني معي .. أكتبي لي عن أي شيئ .. وغداً أواصل .. توقعي أيميلاً متخماً مني لك ولكل الوجوه " اللذيذة حبي ........ فرحات حاجة قديمة كتبت قبل الحرب الظالمة على العراق الجميل...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شعر .... وكتابات أخرى إلى زينب .... (Re: فرحات عباس)
|
وقال لي الطبيب ........
صديقي ... الطبيب رد معصمي إلىَّ مشفقاً ... وقال : تدمن السهر ؟ قلت : بل .. قال : ذاهلاً تحدث الظلال والشجر ؟ قلت .... هل ؟ نكس الجبين ثم قال : لا أمل !! : إرتفاع مقلق للشوق ... حالة من التوله الشديد تلك يا شقي .. عوارض الذهاب في الحبيب إلى مشارف الشهود قد تعود عاشقاً أو لا تعود ... : استمسك اليقين .. إرادة الإله تلك لا أزيد قلت : عل ! قال هل لديك رقمها ... جوالها ..إيميلها ليس بالدواء ولكن ... ربما يفيد...
فرحات
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شعر .... وكتابات أخرى إلى زينب .... (Re: محمد صديق)
|
لو قربوا من حانها .. مقعداً مشى ...
وطرحت عني أيتها الحبيبة ما انقضى من ليال .. كانت ثقيلة واهنة كأنفاس العليل .. موحشة كعدو الرياح بخلاء قفر " أصلو ما معروفة وين ". تلك ليال تساقطت من شجيرة أيامي دون ريب ، لم أفعل خلالها أي شيئ يذكر ، لم أقرأ .. لم أكتب .. تدهمني نشرات الأخبار .. كنوبة ربو ... لم أحلم ..لم أنم .. لم أصح .. وحتى أنني لم أفكر!!! غرفتي الكئيبة الكائنة بإحدى أحياء الرياض الجربانة استحالت كابوساَ وحماراَ كبيراَ للنوم والهلوسات ، فرائص الأشياء إرتعدت فيها وشرعت في الهرب ..انخلع الزمن .. فانشدهت عقارب الساعة المصلوبة على الحائط .. وفر فزعا ملقي بالفراغ وراءه .. هربت الأبواب والنوافذ .. والملابس المكومة بالزاوية في انتظار الغسيل ..هرب التلفزيون والكمبيوتر بعدته كاملة .. حتى الطاولة بكراسيها لملمت حوافها و " فتحت " وانسحب السقف وركضت الحيطان لتقضي على آخر أمل للمكان .. لم يتبق شيئ سوى العتمة ..باردة راكدة لا يحرك سكونها الآسن أبواق السيارات الفخمة ال########ة الهائمة على وجهها دون هدف ولا أمطار المدينة الصيفية غير المنتظرة ولا دوي قصف آلة النار الأمريكية بوجوه أطفال غزة والفلوجة.. وللحظة شعرت برائحتك الحميمة قربي .. ولمحتك ضوءاَ شفيفاً آخر العتمة يتخلل كل هذا الركام المخزي .. قامت عواصف شوقي إرباَ إرباَ تحملني إليك ..قاومت بقدر شوقي وعشقي .. هممت .. كدت .. ولم أفعل !!! رغم توسلات جراحي ######ط الدواخل ..ورغم أنني بفضل موباتل أحفظ سر الدخول إليك .. ما استطعت .. هربت ممعناَ في العتمة .. فعيناي لم تعد تقويا على هذا الضياء .. أو ربما هو الحياء أيتها الحبيبة .. أستحي أن ترمقني عيناك الواسعتان وأنا في مستنقع الخذلان المريع ذاك .. برائحتي هذه .. في موتتي تلك ... وأنت يا جنان الكرم .. مملوءة بالوعد نضرةً واشتهاء ونشوة .. كيف أرتب نفسي قبيل الدخول إليك .. وماذا أقول وأنا غريب تافة .. منتهك الخواطر. سأبدأ بالحب .. سأقول بعد أن أنقر أرقام الدخول إليك .. سأقول " أحبك ". هذه الكلمة الفضاء اللامتناهي تُحضر لكلينا زمناً برائحة العشق وتفاصيل لذيذة تجتمع وتفترق .. تعدو وتتكيئ .. وتقوم .. فتهيج لتصنع لوحة باهرة التشكيل بكل ألواني وألوانك .. وتردين " : أحبك .. ينخلع قلبي .. أدعي كعادتي أنني لم أسمع .. تهمسين يا لئيم .. وتسألين بغضب جميل : " أين كنت .. لم لم ترد رسائلي .. آه .. لا تسألي .. لم أكن هنا .. لم أكن هنا .. كنت هناك .. وحيداً .. : ( هناك وين ؟ ) ، : هناك حيث العتمة ................. لا .. نو نو نو ستوب .. هذا ليس جيداً .. لتكن البداية : زينب .. مشتاق ..مشتاق .. مشتاق .. لا من غلط .. طلعت عيني زاتو .. معليش زغت منك في العتمة .. أكيد فاهماني .. هذا الموبايل اللعين قد تفسد ذبذباته أنفاس كلمات مفعمة بالفطرة .. بس معليش هانت .. حنتقابل قريب .. قريب جداَ .. تضحكين ضحكتك الحلوة المشاغبة مستطردة : " عاين " .. أرد كعادتي كل عشق .. " عاينتا ) تضحكين بحنية وشوق مهدية الأثير تلك البحة التي ينشده لوقعها أجعص كمان : أسمعني أنا جادة " أنا ما عايزة أجي السعودية ، والله قالوا قفلة ومتكررة وبايخة .. ومعدلة وراثياً ، تعال نمشي أبو ظبي .. ولا أقول ليك تعال نعيش في السودان ، نسكن شمبات ونتعشى سندويتشات وندخل مسرحيات حتى لو كان بايخات، ونعيش في سبات ونبات ونخلف صبيان .. أقاطعها : صبيان بس .. تصيح وبنات . أحبك أيتها الخضراء الفاتنة الفتاكة .. أجيئك قال الحب .. ها قد تواعدنا وهذا الليل سدرة منتهاك وآية عشقك المجنون .. أن تمضي بلا أوبة فاخلع ها هنا كفيك وأغسل ها هنا حزنك وإما يحتفي العشاق .. لا تفرح وغض الطرف
يوم قرأت لوجهك هذه الأبيات .. أصطدت بعينيك الدهشة .. هب قلبي ممسكاً بيدي وقال هذا شعر !!! ستذكرني تلك اللحظة .. لحظة الدهشة في عينيك .. عيناك .. آه ما أجملهما سأتكل عليهما وأدخل .. ها أنذا أتكل .. وأنقر كالعصفور أرقام الدخول إليك ..... ويجيئ صوت أجش .... : " عفواً .. هذا المشترك لا يمكن الإتصال عليه حالياً ... حـا.. ويطرقني صوت لذيذ .... : " هذه البت اللذيذة ليست بمتناولك الآن .. فضلاً أعد ترتيب دواخلك مرة أخرى .. ويتضائل الصوت THE SUBSCRIBER .. WITCH YOU .. > .. اعد ترتيب دواخلك مرة أخرى .............. فرحات / الرياض 5/6/2004
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شعر .... وكتابات أخرى إلى زينب .... (Re: عبيد الطيب)
|
Quote: وغير بعيد عن أستاد رفاعة الرحيب ... يتكيئ بيتنا ( ظاهراً يزار ) مشرفاً على ربوة منتصفة العلو |
ركبنا من السوق الشعبي، خلف صديق العمر؛ ورفيق مشاويري المديدة، وحضرتي، وجهتنا رفاعة اذن، ياخ البنطون دا ادهشنا، من السوق تكسي طلب حتى ، البيت العتيق الموصوف عاليه، دخلنا بيتا رحيبا، فخما، ووثيرا.... استغل خلف غياب صاحب البيت ابونا الوقور عباس فضل المولى، الذي بعد ان طايبنا واطمنا الى مجلسنا، ذهب لامر الضيافة ؛ هسع بجينا البيبسي؛ قال خلف واضاف: يا اخوي البيت السمح دا ما اظنه عملوا زولك الفي السعودية، شيلة تمساح السعودية شفناها فيك..... يا خلف صاحب البيت دا مرطب دا مهندس ياخ، وهو ذاتو رئيس فريق (الكواكب) هنا... امال ايه ما شايف الاستاذ يشرئب، والجيرة هدت في ناس البيت فكلهم رياضيين، المغرب مشينا السوق معانا خالد وشربنا قهوة وضربنا الفولة.... ونمنا قاب قوسين او يمكنك ان تقول في حواف البطانة.... واستنشقنا حد التكرف هواءها العذب،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شعر .... وكتابات أخرى إلى زينب .... (Re: عبدالمنعم الطيب حسن)
|
بشيري يا نبيل ... يا اخي عامل أيه .. زي ما دايماً بتقول . كيف لي انسى جولتكم المشهورة مع الرجل الودود خلف ... أنا لم ألتقه لكن المرحوم الفاتح كان يوده كثيرا أقول لعزيزي خلف : شيلة تمساح السعودية دي شيلتاً بلا رد ولا رجعة ... ( ما عارف من وين أعمل لايك للعبارة دي ) بالمناسسبة لم أجد ما يكفي من الكلمات لأصف الحسناء " واووسي "... كانت وادعة وظليلة .. دمتم ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شعر .... وكتابات أخرى إلى زينب .... (Re: فرحات عباس)
|
تلك البنت
مَدْخَلْ :
( وَلِمثل ليلَى ..
تُشَدُّ الرِّحالُ
وتُسْرجُ صَافِناتُ الجِيَادْ
ويمْتدُّ شوق الكلام العبابْ) فرحات عباس فضل المولى
لم تكن الفكرة تخصني بأي حال من الأحوال .. أنت الذي طرحت الأمر وألححت عليه وفرضته علينا.. حتى أنّ عثمان حينما واجهك بأنّ الأمر يحتمل مآرب أخري تضمرها ولا نعلمها ، ثارت ثائرتك ونفيت ذلك مُشددا علي التجربة وجمال المنطقة التي سنزورها.. تهامس الآخرون في خبث واضح.. لم يثنك ذلك أيضا وازددت تمسكا بالفكرة.. لا أكذبك انه في دواخلي كان هناك حنين غامض يشُدُنى إلي هذه الفكرة.. الأجواء المتوفرة هناك لا تتوفر لدينا هنا.. الأشياء هناك مشبعة بالفرح المنساب تلقائية وصدقاً.. أشياء لا توجد إلا هناك.. دواخلي كانت تطير فرحا حين قررتم المضي في الأمر رغم أنني في باديْ الأمر كنت أتزعّم المعارضين.. ما هذا الشيء الذي يجعل قلبي يتقافز فرحاً؟ الشيء الواضح أمامي هو ذلك الطريق المُتْرب والذي تكثر تعرجاته وتلك الوديان ومجاري المياه العديدة.. ارتدته أكثر من مرة وأنا في طريقي إلي المدينة الكبيرة حينما لايكون هنالك مفر من ارتياده .. كنا عندما ننزل المدينة الكبيرة عبر هذا الطريق يكسونا الخجل من منظرنا المترب وثيابنا الملتصقة بأجسادنا من جراء التعرّق المتواصل .. كان منظرنا يُنبئ عن ريفيتنا التي نحاول إخفاءها بعد أن حرضتنا علي ذلك المدارس والاطلاع علي العالم خارج المدينة الصغيرة .. تحركت بنا العربة الصغيرة المستخدمة لنقل المسافرين بين مدينتنا الصغيرة والقرية التي نقصد .. كنا نجلس علي كنبتين مكسوتين بجلدٍ رخيص علي هيئة صفين .. بينما تجلس أنت وحدك بالمقعد الأمامي جوار السائق بعجيزتك الضخمة وكرشك المتهدلة أمامك ... وضعاً أكسبك أهمية زائدة أما م السائق والذي كان يظهر لك الكثير من الإحترام وأنت تقدم إليه السيجارة تلو الأخري ... وفي الأخير هو يعلم أنك من سيقوم بدفع أجرة السفر .... مضي أكثر من نصف الساعة والعربة تتهادي في الخلاء الممتد ... تنحرف يسرة ثم يمنة ... ترتفع حيناً وتنخفض آخر ... ملامح القرية بدأت تلوح .. الخضرة بادية أمامنا، أشجار النيم الضخمة تتناثر علي أطراف الطريق الترابي، شجيرات عديدة أخري لا أدري لها اسماً تنتصب هي الأخرى علي جنبات الطريق .. المواشي تتبختر علي الطريق المتربة يتبعها صبية صغار ملابسهم بلون الأرض .. شباب ورجال في العقد الرابع من العمر يعتلون ظهور الحمير ويُجِدّون السيرَ نحو الأراضي الزراعية التي تمتد أمامنا الي مالا نهاية .... مدخل القرية ،شارع واحد نظيف ... المباني متشابهة ... الطريق يشقّ القرية إلي نصفين .. حركة الأهالي داخل القرية متسارعة .. نسوة بملابس زاهية ومحتشمة يَسِرْنَ بمحازاةِ الجدران وأنظارهنّ إلي الأرض ... والرجال بملابس بيضاء نظيفة يقطعون الطريق جيئةً وذهاباً في خطوات قوية ونَشِطَة....... الصغار يتقافزون فرحاً ، وبعضهم يطارد عربتنا ملوحاً في فرح حقيقي ... بين الحين والآخر تنطلق زغرودة مُنغمة ... يطير قلبي .. أحس بصدري وكأنّ كتلة من لهب اخترقته ... تنقطع الزغرودة فجأة ، ثم تنطلق أخري يختلف تنغيمها عن سابقاتها ... يكاد يقتلنى الفرح وشيئ آخر لا أدري كنهه ... ترجلنا أمام بيت العرس .. عدد كبير من الرجال كان في استقبالنا ... صافحونا بحرارة ... يأخذك الواحد منهم في أحضانه ثم يُفلتُك ليأخذك ثانية أخري ، ثم يمسك بكفك بقوة ويهزك لثوانٍ معدودة كفيلة بأن تجعل جسدك يرتجّ جميعاً ... همس في أذني عصام ( الناس ديل سَلامُن قوي ) لم أستطع منع نفسي من الضحك ... فعصام لم يكن قد تدجّن بعد ، فهو وُلد وتربي بالدول الأوربية تلك البلاد التي قيل أنها (بلادٌ تموت من البرد حيتانها ).... - دَخِّلوا الضيوف علي ديوان حاج أحمد . جاءنا الصوت قوياً ... ووقع علي الرجال موقعاً جعلهم يهرولون جميعهم نحونا ... وفي ثوانٍ كنا بداخل ديوان حاج أحمد ... لم نكن نتطلع الي الوليمة .. هكذا حدثني الرفاق ... وأنت في طليعتنا لم تكن تتطلع الي الوليمة ... كنت تنتظر المساء... تذكرت في تلك اللحظة همس الرفاق ... مؤكد أنك تضمر شيئاً ... ماهو هذا الشيئ ؟ مامن شكٍ في أن القرية جميعها كانت هناك ... ساحة واسعة ... الأرض نظيفة والإضاءة قوية جداً ... وواضح أنّ وَصْلات الكهرباء كانت تمتد من ديوان حاج أحمد .... الفَتَياتُ جلسن تحت (نيمةٍ )عظيمة ... بملابسهن الزاهية وجمالهن البادي ... جمالٌ لا تخطئه العين ... بكر كما الأرض ... أذكر جلسنا في مواجهتهن ... الفِتية كانوا يحيطون بهن ... وانطلق الغناء ... وتبختر العريس مزهوّاً وسط الساحة.. مُمسكاً سيفاً وسوطاً ... يرفع الفتية عصيّهم الغليظة لتبين عضلاتهم المفتولة ويهزّون بها علي العريس والذي كان خفيفاً من الفرحة ... أصوات الفتيات الندية كانت تغازل آذاننا فيسري داخلها ذلك الخَدَر اللذيذ .... وين وين وين تلقوا زي دا عروسنا المنقة المتلجة كنت أنا وقتها معنياً بالغناء وحلاوته ونداوة أصوات الفتيات والإهتزازات المتوافقة لاجسادهن المتوثبة والإيقاعات الصادرة عن (الدلوكة ) ، وكذلك تتبع آثار الفرحة علي الجميع، وتلك التى علي العريس .... بينما كنت أنت معنياً بتلك التي تحمل( الدلوكة )وتُوقّع عليها ... همستَ لي باسمها ... من الذي أخبرك أن اسمها هو زينب؟ عيونها واسعة كتلك التي يتغني بها الشعراء ، كل شيئ في صاحبة (الدلوكة )كان رقيقاً ودقيقاً إلّا تلك العيون .... همست لي مرة أخري هذه البنت ( جَبَدتَا حَبُوبتَا ) . لم تنمْ أنت ليلتها .... وكذلك أنا ... بينما كان شخير الرفاق يَتَعالى، لم تحدثني ولم أحدّثك ... مازلت أذكر صورتك وأنت مستلقٍ علي ظهرك تُناجي السماء ... لم ينطق لسانك إلّا صباحاً ونحن نتأهب لركوب العربة التي ستقلنا : سأرتكب الغربة ...لابد لي من ذلك وقبل أن أُعلّق همست لي: ولِمثل زينب تُشدّ الرحال وتُسْرجُ صافناتُ الجياد تلك كانت آخر كلماتك .. افترقنا بعدها علي صمتٍ مهيب، ثم بعدها.. سوياً ارتكبنا الغربة ...... غربتي لم تكن كغربتك ... كان صحبي فيها كُثر ... وأنت غير ذلك ... غربتي لم تمتد طويلاً ... وأنت لم تزلْ تُناطحها وتنطحك ... أحسّ بتعاطفٍ معك عميق ،وأنت تعاني غربة الروح والبدن ... وتلك التي عيونها واسعة بعيدة عنك ولا تُكاتبك ... وكيف تكاتبك وقد ارتحلت هي الأخري الي المدينة الكبيرة .. لابد وأن أحدهم أسَرّ إليك بخبر زواجها وأنها الآن أم لثمانية أطفال .... أقصُّ عليك كل هذا وأنا جالسٌ أَوَانَََ مساءٍٍ بباحةِِ المنزل ، وعلي حِجْري ديوان شعرٍ عتيق .... وعلي منضدتي كوبٌ من القهوة السوداء، أذْبتُ بداخلها لِتويّ مِلعقة صغيرة من السكر الأبيض وأطفالي الثمانية يتقافزون ويتصايحون في مرح لا أدري له سبباً .... وغير بعيدٍ مني تجلس والدتهم معتمدة كفيّها بوجهها تُحدّق إلى لا شئ ... لا أكتمك أنني بين الفينة والأخري كنت أتلصّص بالنظرِ إليها ... ما عادت عيونها واسعه كما في السابق ... لم تعد هي تلك العيون التي يتغني بها الشعراء ..أشكّ الآن في أن لها سابق علاقة بحبوبتها .......!!
مشاركة فى هذا البوست ....وهى زينب أخرى .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شعر .... وكتابات أخرى إلى زينب .... (Re: محمد صديق)
|
" تلك البنت " القصة التي لطالما أخذتني أخذا ودودا .. فلا أخرج منها حتى أعود ... فيكفي أنني شاخص في أحداثها متكئ على رفرف هذا السرد البديع .. شكراً يا رفيق .. أن أتحفتنا بها هنا ... وننتظر المزيد. لك كل الود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شعر .... وكتابات أخرى إلى زينب .... (Re: فرحات عباس)
|
حيرة ذاتية
الحبيب ود الصديق ...
أخوك القديم .. القديم فرحات عباس ... لا زلت أحتفظ بهذا الاسم الموغل في التضاد .. لعل الوالد رحمه الله وأحسن إليه أراد أن يسكب قدراً من الفرح بكأس العبوس المر .. فجاطت الحكاية حتى الثمالة ... لا زلت شحماناً كما تعرفني .. كما البحر أنقص وأزيد ... منذ أكثر من سنتين لم أقرأ كتاباً ذي بال أو أكتب شيئاً ذي بال ... افتقدتكم كثيراً مذ تقطعت بنا السبل وتفرقنا أيادي سبأ ، افتقدت ذوقكم العالي ودعاشكم الرطب المحفز ... وأحلامكم العكليتة الجميلة .......... أشهد أنها ألهمتني ذات عشق وزمن ندي ... ترى هل أنتهت عظيمة كما بدأت ... مزروع لم أزل بوجه حيره أبدية موغلة الإنشداه لأحوال هذا الزمان وتغيره .. ومشقة العيش وتبدل أهله كتبدل الليل والنهار .. وكعادتي أيها الحبيب عدت لا أعشق إلا باحة الليل وأشباح ذكرياته الجميلة وهنيهة البكاء الطويل العويل قبل هجوم الصباحات ..... كنت يقيناً أحسب أن عشرة أعوام من عمري قد ضاعت وتبددت ما بين جامعة قفر يباب لا جدوى منها وبرطعة لم تكن مجدية أبداً في بلاد الزنج ، كان اختياري الهجرة إلى أفريقيا وأنا بقلب بلاد الفرنجة اسبانيا .. قدرت أن مواسم الهجرة جميعها شمالاً فالتكن هجرتي جنوباً ، فالخواجات لم يثيروا دهشتي في يوم الأيام ، أنا لا أكرههم ولا أحبهم كما ولا يعنيني عطفهم المسيحي بأي حال كما يقول الطيب صالح .. قلت لصاحبي ذات صباح بارد كالموت : " هذه الحلة لا تنعم بالفوضى .. لذا علي أن أغادر ... " . الخواجات جلهم متشابهون إلى حد بعيد تماماً كالماكينات المتطورة التي يصنعونها ، مجتمعات مرصوصة تمشي بحساب معلوم وتأكل بحساب وتلبس بحساب وتعشق بحساب وتنجب بحذر متناه ... رأيت ذلك في إحدى مصانع التبغ هناك .. تأملت صفوف السجائر وهي تمشي في تكات متناغمة وتطلع في صفوف رائقة الخطوة ولتصطف سجارة سجارة دخولاً إلى علب جميلة مموهة لتنتهي نغمة مكرورة بشاشات التفزيون والصحف ولافتات الطرق بأنها خيار الرجل الوسيم المعاصر والمرأة التي تختصر الجمال .. عجبت كم هي شديدة المقاربة ... يممت جنوباً عبر صحراء شقراء شبقة ذات عنفوان ، تهدهدك ليلاً كما الطفل تنثر على وجهك نجوماً وادعة ووشوشات ملائكية وقبلاً رائقة بكل خدها الأسيل .. وشعر ليلها الطويل الجميل .. وربما تقتلك في الصباح صداً وظمأً وتدفنك وتمضي بكل بساطة ... فلا غرو أنها أم الأنبياء والمشركين ... مشيت فيها كما لم تمش القوافل بدرب الحرير .. أمضيت فيها شهراً أو يزيد لفحتني من جوقة السجائر الإنيقات تلك إلى قلب الفوضى ... فمكثت زماناً غير قليل في مدن أسمكا وأرليت وهي بوابة الصحراء إلى النيجر ثم إلى نيجريا ثم الكاميرون ثم تشاد .. وما أدراك ما تشاد " أم شجراً غُلاد " هذه حكاية طويلة قد تستغرق كتاباً أو ماشابه .. تلك سنوات كالندبة بالوجه ما تنفك منتصبة هنالك ، قد تفسد جماله أو تضفي عليه جمالاً فوق الجمال غير أنها في الحالتين تترك ذكرى ما لزمن ما ، قد أحدثك بها في وقت ما ... وحلت لعنة الصحراء .. نادتني هذه المرة إلى أمها ... صحراء العرب المتمسحة بالزيت والفاقة .. هجمت عليها مع أمم أخرى كأننا نقتنص بئراً عزيزة بوادي غير زرع مسكون بالظمأ ، انحشرت في الظلمة أخوض مع الخائضين وأدفع مع المتدافعين .. " وقالت لا نسقي حتى يصدر الرعاء ، وأبونا شيخ كبير " صدق الله العظيم .
كنت محظوظاً جداً أن المرأة التي اقتسمتني واقتسمتها كنزاً لمعاني نفيسة .. لم يكن لقلبها شطئان ولا لوجهها حدود .. كان لقاءنا قدراً طيباً أبيضاً ناصع السريرة كالثلج ، نقياً مطمئناً كمبسم يافع ولا تزال عاكفة تضمد فوضاي ودواخلي المبهمة الفاغرة بصبر جميل .. كنت قبلها أعجب كيف تجرؤ أمرأة أن تدخل ذلك الكهف ... أول غرسنا بتلك الجنة اليانعة أميرة صغيرة أسميناها " دُنا " وهم الآن بالسودان كما تعلم .. ولم أزل بصحراء النفط أدفع مع من يدافع ، نلهث وراء الثمرات من كل شيئ ولما يصدر الرعاء بعد ... عزيزي سأرسل لك بعض الكتابات القديمة لسنوات خلت ، فيها من القديم الذي تعرفه .. وفيها الكثير من الجديد مما لم استطيع ايصاله لكم ... وهي مقالات ممتتابعة نشرتها على حبال الأسافير ... وسأرسلها لك تباعاً كما هي دون حذف أو إضافة . كما ولدي بعض خطاباتكم القديمة الجميلة .. قد أتصرف في تذكيركم ببعضها قبل أكثر من عشرين سنة .. " وقالوا كم لبثتم .. قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم .... "
حتى لقاء آخر شحمان ... أخوك فرحات
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شعر .... وكتابات أخرى إلى زينب .... (Re: فرحات عباس)
|
هنيهة الرحيل ..
هاتني الفرح المؤثل يا فتى ذلك الممخوض من رهق الجروف واندهاش الشط يشهق للرزاز الطلق في كف الدميرة وإما يجي التوق .. اشدد على نفس بزهو العشق إسرج لي مطيات الاثير نقر على قلبي " دلاليك البشارة " وأقرع كؤوس النخب شبالاً .. يؤجج من حميم الشوق
لله درك يا فتي تنفقنا الغداة الخمر .. وفي غد نتسور الليل المعسعس في حنايا الدرب
أيا نفساً تعلقها القضاء الصعب قومي .. لأجل الحب هزي اليك العشق .. تأتيك الدنا توضئي فرحاً ..شيلي الصلاة .. ويممي نحو الأثير الدرب الجزائر 1986
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شعر .... وكتابات أخرى إلى زينب .... (Re: فرحات عباس)
|
Quote: عزيزي سأرسل لك بعض الكتابات القديمة لسنوات خلت ، فيها من القديم الذي تعرفه .. وفيها الكثير من الجديد مما لم استطيع ايصاله لكم ... وهي مقالات ممتتابعة نشرتها على حبال الأسافير ... وسأرسلها لك تباعاً كما هي دون حذف أو إضافة . كما ولدي بعض خطاباتكم القديمة الجميلة .. قد أتصرف في تذكيركم ببعضها قبل أكثر من عشرين سنة .. " وقالوا كم لبثتم .. قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم .... "
|
وأكاد أذكر القوم يتحلّقون بليلٍ حول المغنى ويرددون معه
: لا تِردين الرسائل ..وإيش أسوّى بالورق ؟:
وشيخ الجيلى ...وجدته ( إحدى العصريات ) وهو يتقطّع أسىً من فلسٍ ومرض ولد ...وكنت
أنا قليل حِيلة ومال ....فارقته على هذا الحال ، غير أنه مساءً فاجأنى برسالة (على الموبايل )
تقطر رقة ورومانسية ....( قلت ياربى الحصل شنو ؟ تانى قلت قطع شك يكون اتذكر ليهو حاجة قديمة )
رديت ليهو :
واستغربْ !
شنو الخلّاكا تضحك (كوم )
شِنو البدّلْ مزاجك أربعة وعشرين
مِنو الزرع الفرح جُوّاك بدل أحزان ؟؟
أكِيد إنّك رجعت ورا ...
واكيد إنك طِريت الشوق ...وناس الشوق
وشوق الشوق ...
ونار الشوق : تحرق الجوف
تطلّع منو غنوة ريد تسيل ألحان
تهدهد لى قليب هيمان
أكيد إنك رجعت ورا ...
واكيد إنك مِبْحلِق فى عيون ناساً
مِن الزمن الحلو ونديان
لمّنْ كانت الضحكة بتكفّى البيت
وتطلع منّو بالنفاج على الجيران
وللسااااااااااابع .......
تصل مبلولة زى زهرات من الوديان
عليك الشوق....
عليك الشوق
عليك الشوق
شنو الفضّل من الزمن الخَلِى ومليان ؟؟!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شعر .... وكتابات أخرى إلى زينب .... (Re: محمد صديق)
|
يا صاحب ... شكراً على هذا الضياء .. ولجيلي القوم ... أشواقي الأكيدة ... قولي ليهو فرحات بقول ليك : " شبكة القوم .. كيف معاك ؟ حاذر لا تتطش .. واصل يا رفيق من جنس الكلام دا واستمسك مودتنا .. لا تقطعنا مودتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شعر .... وكتابات أخرى إلى زينب .... (Re: فرحات عباس)
|
رسالة.. إلى الرفيق محمد صديق محمد أحمد ، أيام خلت ونحن بعد مفعوصين بمقاعد الدراسة هو في مصر بالزقازيق .. وأنا في الجزائر .. بسيدي بلعباس 1987
خِلِّي وصفييِّ جبل الصدق نديم الكلمة نصفي الآخر في الغربة الليل تجشمنى رغبة حزناً مشتعلاً يرجوني السقيا وأنا والليل تساقينا نخباً ..لا أدري يحضرني الآن دبيب الشوق اشتقت إليك كثيراً شوقاً أذهلني منِّي بعثرني بدداً متسقاً حولني درباً واهٍ أسلكه دربا
ووقفت بحضرته لما أدركني عار في وجه الريح أتسنم قافلة تأتي حاديها يضفر قافية من شعر " الدوبيت " يتحسس في قلبي قلبه " قربته " تترائى ألقاً إذ ينهب صحرائي الملعونة نهبا يا أيتها العير بجوف العتمور الماء بجوفي قد نضبا بالله بحق الشوق .. ورعة أنفاس الكلمة قطرة ماءٍ تشربني .. فأنا أقضي ظمأً أيعز عليكم أن أظما اللعنة ماللصحراء تجاوبني والعير تجاوزني قُدما اللعنة قدري أن أبقى في الصحراء اللعنة
خلِّي وصفييِّ .. دعني أكمل حتى تقضي شوقاً آخر كلمة دعني أتساءل عن هذر الدنيا فيكم وضحك الأقزام .. وشذاد المعني عن آخر معركة خضنا
إني متوفي الأحزان إلىّ رافعها عندي أفقاً أحنى إني إذ أعشق أحزاني ياجبل الصدق أتسامي للأفق الأحنى
عذراً .. إني أثقلت عليك حبَّلت خيالك بالوحشة عذراً ياجبل الصدق فأنا أخشى أن يغشى قافيتي ما يغشى فأعجز حتى أن أتحسس أهداب الحزن أو أصنع حين يجيئ الموت لرفاتي المنبوذة نعشاً
الآن ذوى حلمي نامت أحزاني وسرت في قلمي رعشة
عذراً ياجبل الصدق حتى حزن آخر .. سيجئ الليل .. فرحات
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شعر .... وكتابات أخرى إلى زينب .... (Re: فرحات عباس)
|
نامي على أرقي .. رشي على وجعي رموشك قربي ظلك منى .. وضميني .. فإنه لا ظل لي تخيلي ... رجل بلا ظل. لا تطلع الشمس عليه ... حظر عليه مواطن الإشراق عدو الريح قدلة المطر الأنيق له فقط الحريق ...
حاجة جديدة ، كانت لتكتمل أيتها الحبيبة ، لولا أن دهمنى وجه مديرنا القمئ ، وصوته الداكن كالطين .. هذا المساء الجميل .. وددت لو أنه خميساً أو جمعة ، ذات شوق برفاعة ، أجوس فيه خلال الحلة الجديدة أو فريق قدام عند الجناين بحضرة النيل المعتق القديم ، أغسل عن وجهي جلافة الأعراب وصلف الأعاجم من هند وبنغال .. أقتل ظمأ هذه الصحراء ############ة بكل هذا الرحيق .. أفتش عن وجهك كما هي عادتي بين " الخدار " ، أعلم أنه هناك ، وأعلم أنه يمتد أشياء جديدة لا أعلمها .. مدهشة طازجة بطعم الروح وحرارة القلب .. فكيف لهذا الخيال ألا يُستثار فيسير .. وكيف لهذا العشق ألا يستطير فيستحيل دندنةً ودوبيتاً ... أنا الساعة ذاهل في خضم قراءة عاشقة لكتاب " المواقف والمخاطبات " للنفري ... هاكي الحاجة دي ...
أوقفني في البحر فرأيت المراكب تغرق والألواح تسلم، ثم غرقت الألواح، وقال لي لا يسلم من ركب. وقال لي خاطر من ألقى نفسه ولم يركب. وقال لي هلك من ركب وما خاطر. وقال لي في المخاطرة جزء من النجاة، وجاء الموج ورفع ما تحته وساح على الساحل. وقال لي ظاهر البحر ضوء لا يبلغ، وقعرة ظلمه لا تمكن، وبينهما حيتان لا تستأمن. وقال لي لا تركب البحر فأحجبك بالآلة، ولا تلق نفسك فيه فأحجبك به. وقال لي في البحر حدود أيها يقلك. وقال لي إذا وهبت نفسك للبحر فغرقت فيه كنت كدابة من دوابه. وقال لي غششتك إن دللتك على سواي. وقال لي إن هلكت في سواي كنت لما هلكت فيه. وقال لي الدنيا لمن صرفته عنها وصرفتها عنه، والآخرة لمن أقبلت بها إليه وأقبلت به علي.
وكما يقول النفري نفسه : " كلما اتسعت الرؤيا ... ضاقت العبارة " وحتى تكتمل القصيدة الفوق ... سأكتب لك فرحات
| |
|
|
|
|
|
|
|