|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: عبدالله عثمان)
|
اللهمَّ اغْفِرْ لَهُا وَارْحَمْهُا وَ عافِهِا وَاعْفِ عَنْهُا وَ أَكْرِمْ نَزْلَهُا وَ وَسِّعْ مَدْخَلَهُا وَ اغْسِلْهُا بالماءِ و الثلج وَالبَرَدِ وَ نَقِّهِا مِنَ الخطايا كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَ أَبْدِلْهُا داراً خَيراً من دارِها وَ أَهْلاً خَيْراً مِنْ أَهْلِهِا وَ زَوْجَاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِا وَ أَدْخِلْهُا الجَنَّةَ وَ نَجِّهِا مِنَ النّارِ وَ قِها عَذابَ القَبْرِ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: ترهاقا)
|
اللهمَّ اغْفِرْ لَهُا وَارْحَمْهُا وَ عافِهِا وَاعْفِ عَنْهُا وَ أَكْرِمْ نَزْلَهُا وَ وَسِّعْ مَدْخَلَهُا وَ اغْسِلْهُا بالماءِ و الثلج وَالبَرَدِ وَ نَقِّهِا مِنَ الخطايا كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَ أَبْدِلْهُا داراً خَيراً من دارِها وَ أَهْلاً خَيْراً مِنْ أَهْلِهِا وَ زَوْجَاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِا وَ أَدْخِلْهُا الجَنَّةَ وَ نَجِّهِا مِنَ النّارِ وَ قِها عَذابَ القَبْرِ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: Dr. Ahmed Amin)
|
لا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله و(إنا إليه راجعون) اللهم رحمتك بها أرحم الراحمين وغفرانك لها يا غفور وعفوك عنها يا حليم يا قدير ولطفك بها يا لطيف يا أبو اللطائف وكرمك عليها يا أكرم الأكرمين بفردوسك الأعلى اللهم إن كانت محسنة فأغدق عليها من إحسانك وإن كانت غير ذلك فمن يضاهيك عفواً وعتقاً يا الله اللهم لا تحرمنا وأهلها من أجرها ولا تفتنا ولا تفتنهم من بعدها وأغفر لنا ولهم ولها وصادق العزاء للأخ عمر ولإخوانه وأخواته وخيلانه وعشيرتهم أحمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله.
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: ABUHUSSEIN)
|
اللهمَّ اغْفِرْ لَهُا وَارْحَمْهُا وَ عافِهِا وَاعْفِ عَنْهُا وَ أَكْرِمْ نَزْلَهُا وَ وَسِّعْ مَدْخَلَهُا وَ اغْسِلْهُا بالماءِ و الثلج وَالبَرَدِ وَ نَقِّهِا مِنَ الخطايا كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَ أَبْدِلْهُا داراً خَيراً من دارِها وَ أَهْلاً خَيْراً مِنْ أَهْلِهِا وَ زَوْجَاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِا وَ أَدْخِلْهُا الجَنَّةَ وَ نَجِّهِا مِنَ النّارِ وَ قِها عَذابَ القَبْرِ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: عبدالله عثمان)
|
اللهم ابدلها دارا خيرا من دارها واهلا خيرا من اهلها وادخلها الجنة واعذها من عذاب القبر ومن عذاب النار اللـهـم عاملها بما انت اهله ولا تعاملها بما هى اهله اللـهـم اجزها عن الاحسان إحسانا وعن الأساءة عفواً وغفراناً اللـهـم إن كانت محسنه فزد من حسناتها , وإن كانت مسيئه فتجاوز عن سيئاتها اللـهـم ادخلهاالجنة من غير مناقشة حساب ولا سابقة عذاب اللـهـم اّنسها في وحدتها وفي وحشتهاوفي غربتها اللـهـم انزلها منزلاً مباركا وانت خير المنزلين اللـهـم انزلها منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا اللـهـم اجعل قبرها روضة من رياض الجنة ,ولا تجعله حفرة من حفر النار اللـهـم إنها فى ذمتك وحبل جوارك فقها فتنة القبر وعذاب النار , وانت أهل الوفاء والحق فاغفر لهاوارحمها انك انت الغفور الرحيم . اللهم امين أنا لله وانا اليه راجعون ،،، ...
.
عزالدين عباس الفحل ابوظبي ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: عبد المنعم سيد احمد)
|
اللهمَّ اغْفِرْ لَهُا وَارْحَمْهُا وَ عافِهِا وَاعْفِ عَنْهُا وَ أَكْرِمْ نَزْلَهُا وَ وَسِّعْ مَدْخَلَهُا وَ اغْسِلْهُا بالماءِ و الثلج وَالبَرَدِ وَ نَقِّهِا مِنَ الخطايا كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَ أَبْدِلْهُا داراً خَيراً من دارِها وَ أَهْلاً خَيْراً مِنْ أَهْلِهِا وَ زَوْجَاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِا وَ أَدْخِلْهُا الجَنَّةَ وَ نَجِّهِا مِنَ النّارِ وَ قِها عَذابَ القَبْرِ الدنيا ليل اتوقع مني تلفون بكرة الصباح
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: نصر الدين عثمان)
|
اللهمَّ اغْفِرْ لَهُا وَارْحَمْهُا وَ عافِهِا وَاعْفِ عَنْهُا وَ أَكْرِمْ نَزْلَهُا وَ وَسِّعْ مَدْخَلَهُا وَ اغْسِلْهُا بالماءِ و الثلج وَالبَرَدِ وَ نَقِّهِا مِنَ الخطايا كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَ أَبْدِلْهُا داراً خَيراً من دارِها وَ أَهْلاً خَيْراً مِنْ أَهْلِهِا وَ زَوْجَاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِا وَ أَدْخِلْهُا الجَنَّةَ وَ نَجِّهِا مِنَ النّارِ وَ قِها عَذابَ القَبْرِ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: محمد المسلمي)
|
تعزية يا أخ د. عمر منقولة من صالون الجمهوريين
Quote: سلام يا كرام: ألا رحمها الله وتعازينا الصادقة للأستاذ عمر عبد الله عمر ولجميع أهله وأحباء والدته. الغريبة يا دكتور عبد الله أني قد فتحت صفحة أخبار المجتمع وفي رأسي سؤال أو خاطر ألح علي، فقلت كدي النفتح الصفحة ونشوف منو سعيد الحظ الذي انتقل مع أمي آمنة، فإذا بي أقرأ خبر هذا العزاء الذي ربطه صاحبه بنفس فكرة الصحبة لأمنا آمنة في رحلتها إلى الضفة الأخرى. طبعاً ما في صدفة في الوجود. (إنا لله وإنا إليه راجعون). |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: Yasir Elsharif)
|
مرة وأخرى نعزيكم عزيزي د. عمر والأسرة ... ولعل في عزاء هؤلاء الأخوة لنا بعض تعزٍ ... أذكر حين أنتقلت والدتي المبرورة ميمونة بنت محمود كان قد حدث لي شيء غريب هيأني لفراقها وأنا في أمريكا وهي بالسودان... أذكر قبلها بأيام أن أنتقلت والدة الخ العزيز د. حامد البشير ... كتب د. حامد عن والدته، الحاجة المبرورة مريم بنت الكناني، مرثية أبكتني بكاءا مرا، لم أستطع حبس دموعي ليلتها ولا الأيام التي تلت فكنت أبكي كلما قرأتها... بعدها بأيام توفيت والدتي فوجدتني لا أذرف دمعة واحدة كلهم امهاتنا ... كلهم يا عمر أمهاتنا مبرورات، عفيفات، صينات ... (ولايات) ولعله لأمر ما يقول أهل السودان للمرأة (ولية) فهن من الأولياء الذين لا خوف عليهم و لاهم يحزنون وأيضا ليس من الصدف أن ما يجمع بينك وبين د. حامد الكثير فهو من الحاجز ليس بعيدا من أم روابتكم وكلاكما درس في جامعة الخرطوم ثم أمريكا وكلاكما رحلت أمه وهو في بلد "طيره عجمي" وغير ذلك... قطعا هذه ليست مجرد صدف فلذك أهديك كلمات د. حامد في فقد امه، ومن الواضح أنها كتبت بعصير القلوب فطوبى له وطوبى له ولوالداتنا جميعا الرحمة الوااااااسعة والمعية الكريمة
Quote: في رثاء الأم
وحول أنثربولوجيا الموت والحزن والمواساة "ليس للشخص أكثر من أم واحدة"....(حكمة إفريقية)
د. حامد البشير omc.yahoo@hamidelbashir
وبينما أنا مستغرق في تأملات يتصبب منها عرق الحزن
كانت الذكريات في ذهني تتأرجح بين ميلادي في الخمسينيات وبين مواراة أمي ثرى كردفان في صباح الواحد والعشرين من رمضان الموافق 14 أكتوبر 2006. وأنا في الطائره نحو الخرطوم تذكرت أيام الطفولة الباكرة في القرية (ألحا جز) والمسيد والمدرسة الأولية في ام حيطان والدبيبات والدلنج الريفية الوسطى وكم راودت أمي خلالها الفكرة (وربما هي مازحة) بأن تقيم بجوار الداخلية حيث يقيم الإبن الأصغر منعاً لفراقٍ كان عليها كنيران الحيران التي لا تنطفئ في دواخلها وكنيران المجوس في دواخلي الملتهبة بحب لأم أوشك أن يضاهي العبادة. وفي الإجازة تلتقى الناران: والنار تطفؤها النار و"دهن النعام بمسكه جلده" و"الكلمة وغطايتها" لرابطة ميزت علاقة الأم بالإبن منذ ميلاده وحتى وفاتها.
ومرت بخاطرى أزمة المصاريف المتكررة في تلك السنوات ودعواتي المتتالية لها للتوسط بيني والوالد (رحمه الله) في أمر تلك المصاريف التي كم صرفتها ولم احسن أدارتها. وكانت رحمها الله دائمة النجاح في إخراجي من ذلك المأزق الذي لازمني حتى بدايات المرحلة الجامعية (وربما إلى الآن). وأذكر ذات مرة وأنا في خورطقت الثانوية وأثناء العطلة المدرسية أن وصلت بي أزمة المصاريف التي صرفتها قبل مواعيد فتح المدرسة بأن أصلي صلاة الحاجة وأقرأ سورة يسن واحد وأربعين مرة عل الوالد يستجيب وقد أستجاب. ولما كنت شفافاً فقد ذكرت لـه وأمي بأن الأوراد والأدعية التي أعطيتني لها لقضاء الحوائج الملحة قد عملتها لك البارحة وقد نجحت تماما ولله الحمد…. فضحكا.
وبكيت لوحدى…
ويسير شريط الذكريات بطيئاً ورتيبا وفي حلقات متصلة من الحزن حيث أن الفاعل الأساسي في كل تلك السيرة الحياتية كانت هي أمي والتي بالأمس وورى جثمانها الثرى وتركت فراغاً عريضا ملأه اليتم وتربع فيه الحزن وتملكني بعده الشعور بأني في "السهلة" بعد أن إنهارت خطوط الدفاع الأمامية والخلفية بموت الوالدين. وحينها كنت أحس بأن الطائرة قد أعيتها أحزاني التي تسربت بين مسامات قوانين الطيران لتدخل معى وتتربع عليّ وعلى الطائرة طوال الرحلة الطويلة بين شتاء الغربة وصيف الأحزان في الوطن.
وعادت بي الذكرى إلى العام 1986 حينما حضرت من الولايات المتحدة الأمريكية لأقيم مراسم زواجي في قريتي الصغيرة عرفاناً لأمي ولأبي وإكراماً للزوجة وللمكان. وكانت فرحتها لا توصف وأعلنت في الحال أن تذبح لي ثوراً من أبقارها الخاصة في زواجي أسوة بالوالد الذي ذبح ثوراً عند تخرجي من الجامعة. ودلالات الثور وذبحه في هذه الأجزاء من كردفان لا تضاهيها إلا رمزيته عند قبائل الدينكا… وكلاهما رعاة: تتعدد الإثنيات والثقافة واحدة. وبالفعل قد ذبح ثور زواجي من حر قطيعها وما كان الثور أبيض.
لقد كانت الحاجة مريم أحمد الكناني أبو صفية من شاكلة النساء اللائي كثيراً ما قفزن فوق حواجز تقسيم الأدوار المبنية على النوع (الجندرية) والتي صاغها المجتمع بدمٍ بارد وفي غفلة من صدقية المشاعر الإنسانية الدفاقة: والنهر الدافق قد يتخطى مجراه أحياناً… و"السيف السنين حتماً يقطع جفيرو---- السيف الأكل بيته ".
وحلقت بي الطائرة حول مطار الخرطوم ومالت نحو الأرض ولم يعتريني ذات الشعور كما كان في كل المرات السابقات. بل أحسست بالحزن حتى في طريقة ملامسة إطارات الطائرة لأرض الوطن، اذ كانت أشبه بالعناق الفاتر أو بـ (الضم بلا ريدة) كما يقول أهلنا في كردفان. وقد بدا لي المطار كئيبا من الداخل رغم الحراك البائن على جنباته: اذ أننا ننظر بدواخلنا لا بعيوننا. ولقد كان طريقي داخل المطار مختلفاً هذه المرة، حيث منذ أكثر من عشرين عاماً وأنا قادم عبر مطار الخرطوم أمر عبر صالة السوق الحر لأقتني لأمي بعض ما تحب من الحاجيات الصغيرة مثل الشاي ولبن البدرة والبناتى "وحلاوة البقرة" التي لا تحتاج إلى عناء المضغ وجهد "اللُواكه". هذه المرة وجدت نفسي أمر أمام السوق الحر وأنا أتحاشى النظر إليه خوفاً من أن تتكالب عليّ الأدلة الدامغة التي تصرخ في وجهي مؤكدة لي مجدداً بأن أمي قد ماتت وأن قدسية الصلة بهذا المكان قد انقطعت، وتبقى فقط حميمية الرمزية عالقة في الذا كرة ولتأخذ مكانها مع غيرها مما علق فيها من أحزان إرتبطت بشخوص وبأمكنة على مر الأزمان. وحينما كان المشهد يتفتق حزناً عميقاً يأخذ بشغاف القلب كانت أرجلى تمر على عجل لتبرح ذلك المكان الملغوم بذكرى الأم التي ماتت .
نعم: الموت حق والحياة حق... وتتحاور من جديد في دواخلي جدليات وسيرورات البقاء والفناء وأنا أعانق الاخوان والأصدقاء والأحباب الذين استقبلوني في مطار الخرطوم معزين ومواسين.
وما هي الا لحظات وأنطلقت بي السيارة صوب كردفان لحضور مراسم العزاء. وكان مسيرها أشبة بسير القوافل الظمأي وهي تجتاز درب الأربعين وصحراء بيوضة ناحية العتمور: وكان حزناً مكعباً بعرض الصحراء وبطول درب الأربعين وبإرتفاع ليل أدلهم في غيبة القمر.
وحينها تذكرت طفولتي (مع أبناء إخواتي واخواني الدكتور غانم إدريس واللواء إبراهيم أحمد حسين والبشير المهدي والدكتور البشير إدريس ومحمد اللحيمر…) ونحن نجلس أمامها وتحكى لنا عن قصص البطولة والإيثار والتضحية والوفاء والكرم وحب الأهل وإغاثة الملهوف حتى كنت أخالها تعدنا كفريق قومي لمنافسة حاتم الطائي ومنازلة عنترة بن شداد العبسى. وكانت توصينا بسترة الحال "وبالمحنة" وعدم "قطع العشم" وكثيراً ما رددت مع الوالد (رحمه الله):
"لو الانسان نفعه إقتصر فقط على أهله فإنه لم ينفع "… وكانت دائرة الأهل عندها تمتد مثل الشفق وتتمدد أمامك كلما أقتربت من حيث ظننت انه الحد المقصود. وكانت اللفظة (ألأهل) عندها تشمل كل القبائل وكل السحنات ومن كل الاتجاهات والطبقات. وكان عندها من الضروري بمكان: أنو الزول يشيل اسم أبوه واسم أجداده ويراعيهم في كل سلوكه أيضاً حتى وهم في غيابهم السرمدي (الموجود فينا) من قبل مئات السنين أو يزيد. لقد كانت كثيرة تلك الأوسمة (وأعباء الأسلاف السلوكية) التي توجت بها أكتافنا الصغيرة وحملناها في البر و في البحر وما فتئنا. وحتى الصلوات كم أديناها في الطفولة كإرث أسرى وعشائري تمليه علينا التقاليد الأسرية الصارمة وصلاح الأجداد وتدعمه العقيدة لاحقاً ( و لقد كان فهمنا حينها انو: البكا بحرروا أهله). وحتى عندما وصلت المرحلة الجامعية وعرفت أمي بأنني أدخن السجاير كثيراً ما قالت لي بإشفاق وحسرة بالغين: ضروري وأنت بتدخن السجاير تتذكر أنو جدك العالم حامد ود جبارة كان قاضياً في المهدية و"سايح قبة" في البركة في نواحي شيكان وأنو جدك أحمد الكناني أبو صفيه والقناوى (قدر فوّار) و العالم إبراهيم و كلهم من ذرية صالحة. وأخيراً تركت السجاير بعد ذلك بنحو عشرين عاماً حينما كنت حبيسا بسجن كوبر لشهور تعدت السبعة بقليل. وحينها أعلنت لها إقلاعي عن التدخين وكان فرحها مزدوجاً: بخروجي من سجن كوبر وبدخولي في "سجن" محبة الأسلاف والأجداد وتمثلهم و مراعا تهم في كل مفردات حياتي حتى وأنا استاذ أحاضر في علم إجتماع (خاص بالأحياء فقط ) بجامعة الخرطوم في التسعينيات من القرن المنصرم. وكأني أصبحت بعدها انساناً حبيساً للماضي و مستنسخاً في داخله التاريخ ومتقمصاً شخوصه الفاعلين من عشائر القربى والأجداد الصالحين ويتجول بهم في منطال جينز أو ربطه عنق حمراء في عواصم أوروبا وأمريكا وآسيا مرضاة لأمي ولهم ولتلك القرية القاهرة التي أ رضعتني طعم الحياة و طعم الموت و طعم ما بينهما ..." لكن ينفضح الموت والاتيم يربى".
وأنا أتابع ذلك السيل من الذكريات التي ارتبطت بالأم فإذا برجلٍ مسن بلغ الثمانين عاماً لكنها بدت عليه كالتسعين وأكثر (لرهق الحياة في الريف) يقف أمامي معزيا وعيناه غارقتان في الدموع:
"لقد كانت لنا كـ (التقا) التي لا يفارقها القمري زمن الحصاد وبعده (لأن القمري لا يعذر التقا). وكانت لنا كمورد السقيا الذي يرتاده الإنسان والحيوان (بعد الغبْ) مملوءاً بعشم الإرتواء في سافنا كردفان العطشى "من زمن حفروا البحر"، وما زالت. لقد كانت كريمة كالمطر بعد صيف طال فيه الإنتظار وبعد " سنه الكسرة" . وكانت لنا كشجرة اللالوب التي لايفارقها الطير ساعة الإثمار. وكانت وفية للقبها (الملكة) وكانت مسالمة و "ماهلة" و"ممهولة" حتى كُنيت (بأم مهلين). و فوق ذلك لقد كانت نقية كنقاء القرآن وأواخر البقرة والحديد و " أوراد حزب السيف و حزب البحر" التي كنت أتلوها عليها في غرفتها عند كل صباح في إجازاتي حتى تقول لي: "بقيت كويسه … تاني أقريها لي بعدين". وكانت عميقة كدعوات الراتب وصادقة "كصلاة الفاتح" والصلاة على النبي" التي كانت تكثر منها الترديد والإبتهال حتى قبيل وفاتها بقليل في رمضان.
وعندها أصابتني العبرة…
وفاضت عيني الشيخ بالدمع السخين
وتعانقنا جلوساً…
وبكيناها وقوفاً
ولاذ في الصمت المكان…
لقد كان أخوها في الحج (إبن حجتها) في عام 1967م.
وجلس أمامي شيخ أخر القرفصاء (على الأرض) رغم إصراري عليه بالجلوس على الكرسي ودلالات الثقافة المحلية على وجهه تقول: إن لجلوس الأرض معانٍ ليس فقط على الحي بل على الميت أيضاً: التقدير.. الوفاء.. الحزَنْ.. لزوم الجابرة… وأخرها أنه تراب يعود إلى بعضه.
سألني ذلك الشيخ بعد عبارات العزاء الدامعة، عن الصحة وعن العافية وعن العيال الذين طال بهم البقاء في (بلاد بره). وعرج ليسألني ان كنت قد التقيت في تسفاري الكثير إبن أخته الذي أكله الغرب وشربه الشرق وذاع صيته في القِبَل الأربعة ولكن بقيت منه فقط الذكريات عند أهله على خط 12 بين الصحراء وخط الاستواء.
فقلت لـه: نعم إلتقيته قبل سنين عديدة في دهاليز المؤتمرات الكثيرة التي تعج بها قاعات الجامعات الأوروبية والأميركية عن الحالة السودانية وعن "سودانية الحالة" والتي أعيت الأجاويد وأرهقت الخبراء. وحالي به قد أصبح خبيراً في بلاد بره ونال أعلى الدرجات العلميةِ. وعلمت بأنه قد تزوج بأوروبية وقيل أنه قد استبدلها بأخرى أوروبية أيضاً: أحدهما من دول المحور والأخرى من دول الحلفاء.
فقال لي الخال: "سبحان الله لقد طلع بالضبط مثل عمه… لا يخشى النساء أبداً بل وكثير الطلاق أيضاً… وزى ما قالوا: العرق دساس حتى في طلاق النسوان".. وضحكنا تبسما وصمتنا ردهاً غلب عليه الحزن ثم واصل الحديث بصوت لا يخلو من أسى عميق ومن خوف أعمق:
ارجو ألا يكون إبن اختى قد ترك الإسلام بعد المزاوجة الكثيرة مع الخواجيات: شيء من دول المحور وشيء من دول الحلفاء وكأني به قد أصبح تشرشل يخوض حرباً عالمية ثالثة مع النسوان.
فقلت لـه: ولماذا كثرة السؤال عنه والخوف عليه وهو الذي قطع الأخبار عنكم طويلاً وأظهر قدراً من عدم "الإعتنا"؟
فرد قائلاً:
والله يا ولدي كل خوفيِ، وأنا مملوء بعاطفة الخال، أن أرى إبن أختي والجماعة مدفرنه يوم القيامة نحو النار… ده صورة مهينة و حاجة ما كويسه في حقنا كأسرة وحق أهلنا وحق أختى (امه) ولا في حق أمة محمد كلها. وزاد قائلاً: أنا لا أعشم في رؤيته في هذه الدنيا و في هذا الزمن "المتقاصر" لكن عشمى (رغم الغياب وعدم الاعتنا) أن أراه في الجنة ... في الزمن الجاى... ونتصافى ونتصالح ونواصل ضحكنا القديم كما كنا في ربوع كردفان.
فصمتنا طويلاً…!!
وكلانا قد ذرف الدمعات
وكأن عينينا كانتا على موعد مع الحزن
وعقلينا قد إتفقا على دلالة الكلمات
نعم… إنها أزلية التواصل وجدلية الاستمرار بين حياة نحن فيها وحياة (أخرى) هي فينا وان تباعدت بينهما المسافات والأزمنه… ولكن تقربهما حتمية الوجود الأبدية. أو هكذا جسدها الفهم في الإسلام الشعبي الممعن في الواقعية المحلية عند هذا الفلاح العميق في بساطته و الذي يعيش وسط كل هذا الغنى المعرفي والفكري والروحي والاعتقادي الذي تزخر به القرية السودانية.
ان موت الكبار— وأمى قد بلغت التسعين وأكثر — لا يعنى فقط إنتهاء لحياة فرد، بل يعني في الاطار الإجتماعي الريفيِ، إنهيار لصروح من المعرفة وحريق لإرشيفات زاخرة بالمعاني والقيم والمعارف الشعبية التي تغوص عميقاً في تاريخ المجتمع المحلي وفي تاريخ الأسرة. وقديماً قال أحد المستشرقين: حينما يموت شخص كبير في أفريقيا هذا يعنى ان مكتبه كبيرة قد إحترقت.
ان موت الكبير في الريف السوداني يعني أيضاً إندثار ملفات التاريخ الفردي للأفراد المكونين للمجتمع المحلي، ويعنى ضياع أرشيف العلاقات القبلية والأنساب والزيجات والوفيات. ويعني حتى ضياع الإرشيف الفنى للقرية وما حوى من تدافعات حياتيه ملازمة لأي مجتمع… وكانت الحاجة مريم تحب الشعر وتقرضه وقد أوفتني منه حقي وزيادة.
ان موت الكبير في القرية السودانية يعني أن سجل المواليد في القرية قد أحترق ودفنه النسيان ويعني موت الحافظ لسجلات الأراضي والحيازات والعارف بحدود الأرض وتبادل الملكيات وعطاءات الأرض للغريب ومن كان قد منح الأرض على أساس "اُكل قوم" أو "التقندى" أو "بالزكاة" أو بالشراكة أو "بالثلث" أو "بالنص". ولقد كانت الحاجة مريم-رحمها الله- تعرف كل ذلك بحكم المنشأ والأسرة وكذلك بحكم إهتمامها ونشاطها الإقتصادي رغم أنها الأم الرؤوم لاحدى عشر من البنين والبنات: "شافت جديدهم" جميعاً و"جديد" أولادهم وبناتهم أيضاً… وقد أدخل أكبرهم المدرسة الأولية في عام 1935.
وأذكر في أيام الزراعة في بداية الخريف حيث في كل عا م يتجدد ذات المنظر: العمال ينتظرون في اليوم الأول للزراعة لتأتي الحاجة مريم لترمى بالبذور في أول حفرة في المزرعة وتدفنها ووالدي بجوارها يقرأ سورة الواقعة ويردد: " أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون". وحينما كبرت وسألت والدي فقال لي إنها أمرأة بخيته . وحينها علمت أيضاً لماذا كانت تدعى - تيمناً وتبركا- لعمل الجرتق ووضع الحناء والعديل الزين لكل الأزواج في القرية والقرى والمجاورة أذ كان يرى فيها المجتمع فألاً حسناً.
وتحاصرني الذكرى من جديد وتعود بي إلى منتصف التسعينيات حيث أخذت والدتي من القرية (الحاجز) إلى الأبيض وكانت مقعدة من الام العظام ومن الكبر. ثم قفلنا راجعين نحو القرية بعد غياب دام أسبوعاً كاملاً. وفي طريق العودة كنت أسير بها على مهل شديد خوفاً عليها من الاهتزاز والألم وهي راقدة على السيارة. وبعد أن انقضت بضع ساعات من المسير ذكرت لي بصورة أشبه بالتقريرية وبلا مقدمات: الحمد لله خلاص وصلنا الحاجز، وكان الوقت ليلاً. فقلت لها وكيف عرفت ذلك يا أمي وأنت راقدة على مقعد السيارة و الوقت ليلاً ؟
فردت قائلة: شميت ريحة بلدنا وريحة أهلنا وبقرنا وغنمنا وكذلك ريحة اشجار العرد والهشاب حول القرية.
فصمتُ طويلاً وقلت لها: نعم وصلنا… ولكن بقي في خاطري شيء من سؤال: وهل لأبقارنا ولأغنامنا رائحة تميزها؟ وهل لاشجار الهشاب رائحة تميزها؟ والأهم من ذلك: هل للعشيرة وللأهل وللبلد (وجمعيها موجودات معنوية) روائح تميزها أيضاً؟
تذكرت ذلك بعد أكثر من عشرة سنوات وأنا أستقبل مئات وآلاف المعزين من الأهل والأصدقاء والأحباب في القرية في كردفان وفي أم درمان وأجزم بأنني حينها أشتممت رائحتهم جميعاً وفرداً فرداً:
لقد أشتممت رائحة الأهل والأصدقاء والمعارف من كل قرى الحاجز والدبيبات والحمادى والفرشاية ومناقو وام سعدة وكركراية والكركرة وبلامات والزريبة العجوز وحلة بليلة وحلة عبد الصمد والتونجرو وعريدبو وام شلختى وام كشواية والجميز وطيبة والنقارة وحلة الرهيد وأولاد يونس والصالحين والضليمة (نور الهدى) والسنجكاية والجميز والبقلتي وام جمط (شمال كردفان) والدربان والعجور وكجيرة والنمرية والنبقاية وحلة الفكى هاشم والغلايات وام جقمبيس والحميضاية والدبكر والفينقر ودبيكر والأضية ونبق وغيرها. وكذلك الأهل والأصدقاء من الدلنج: التجار و الأساتذة الأجلاء و كوكبه التعليم من جامعة الدلنج وأدارة التعليم بكاد قلي وبقيه حملة المشاعل المضيئة و الموظفين و منظمة الإيفاد (IFAD) واليونسيف (UNICEF) و UNMIS وعموم الأهل والأصدقاء بالدلنج و بالخرطوم وام درمان والخرطوم بحرى وعموم جماهير الأنصار والمصلين بمسجد ودنوباوى والأصدقاء من كل السودان والأخوة أعضاء شبكه الأمة عبر البريد الالكتروني وأدارة جامعة الأحفاد.
ورويداً رويداً كان يتسع عندي معنى الأهل كما كانت تعلمنا الوالدة حينما تقول لنا:
"أهلك المعاك وتربك الحداك"..." والجار القريب ولا ود الأم البعيد". والدفء ورائحة الأهل كنت أشتمها في السيل الغزير من مشاعر الأخوان والأخوات فشكرى اللا محدود لأهلنا بالعاصمة القومية. وشكرى لسكان الحارة (1 بالمهدية حيث يقيم أشقائي التجاني والتوم ولطالباتي النابغات الفاضلات الشاكرات في منظمة بادية وأدارتها وصديقاتهن و وبنات الأحفاد واللائي أعتز بهن كقائدات للنهضة في ريف كردفان الذي كم عاني طويلاً من حرمان ليل أطول.
والشكر للأصدقاء الأوفياء في باكستان وبنغلاديش ورومانيا والولايات المتحدة الأميركية والهند وجنوب أفريقيا وليبريا والسعودية وتيمور الشرقية وبريطانيا وكندا وكوكبة روشستر.
وفجأة أتتنى من بين جمع المعزيات تلك الخالة العجوز الطاعنة في السن، ومسكت بي فأنحنيت نحوها لأمكنها من نفسي, فضمتني إليها طويلاً وكأنها تشتم رائحتي وبكت طويلاً وتنهدت ثم ختمت نحيبها قائلة:
" لقد ولدتك أمك وعمرها قارب الخمسين… وكان الوقت درت زمن الحصاد والسنة سنة شبع وكان في الخريف باقي مطر. وسبحان الله لقد ماتت أمك في الدرت ولسع في الخريف باقي والسنة سنة شبع كمان. ماتت أمك وانت أصغر العيال قد أصبحت رجلاً وإنشاء الله في العمر مدد. ان "صُرَّتَك" قد دفنت هنا في هذه القرية والآن قد دفنت أمك في ذات المكان. إذن هذه القرية هي "صرة الدنيا" بالنسبة لك. أرجو ألا تنقطع من هذه القرية وضروري تتواصل مع روح أمك وروح أبيك وأجدادك ومع "صُرّتك".
" ما تنقطع.. ما تنقطع.. والعيال خليهم يجو من بلاد بره مرَّة مرَّة يواصلوا الناس... ويشموا الناس ويشموهم... ويشموا التراب هنا محل الصُرَّة إندفنت ومحل أمك كانت بتتوضأ وتتنفل وبرضو محل وضوء أبوك.. ومحل ختمة القرآن.. ومحل قراية الراتب.. ومحل تلاوة أوراد التجانية.
وزادت قائلة:
" شم التراب.. وشم الأهل كويسات للروح وللجسم برضو...".
وإنهارت منى ومنها أنهار من الدمع بللت الرمل حتى فاحت منه رائحة الأجداد والتي تبينتها لكثرة ما سمعت عنهم.
إنها لحظة عناق سوسيولوجيا الحياة مع أنثربولوجيا الموت و الحزن والمواساة حيث الكشف عن معانٍ ورموز ودلالات من وحي ثقافة التواصل السرمدي بين الإنسان والمكان والزمان و بين أشخاص آخرين عاشوا بعيداً في الزمن الغابر… وفينا. وحيث أن حاسة الشم قد اكتسبت بعداً أحالها من عملية بيولوجية إحيائية قاصرة إلى عملية ثقافية تواصلية بعيدة المدى وعميقة الدلالة في الارث الشعبي السوداني حول الموت والفناء والتواصل في اطار المجتمع والجماعة والجماعيّة التي تميزه .
.............
وبموتها لقد ماتت اخر شجرة ابنوس في السافنا... وذبلت اشجار التبلدى...... وجف الضرع الذي كان يطعمنا ويسقينا من "بقرة المنيحة".. وغير النهر مجراه وانحسر... وهجر الوزين ماء "التردة".... واستقر الظاعنون الذين افنوا نصف حياتهم خلف ابقارهم والنصف الاخر علي ظهورها … وماتا كلاهما...." و الهبوب قلبت"... ومات الامل .. واكل الثور الابيض والاحمر والازرق... وذاب الشرق في الغرب و انفصل الشمال عن الجنوب والتحمت الارض بالسماء وحل الطوفان...والحزن الكبير … ولا عاصم من امر الله.
..............................
وفي الأثناء كانت طفله صغيرة رثة الثياب ملطخة الوجه
و اليدين قد وجدت طريقها إليّ من بين جموع المعزين في سرادق العزاء تجذب بجلبابي بالحاح وتسألني: "ما جبت معاك الحلاوة... ديك.... "؟
.............................
وذرفنا الدمع غزيراً
وتنهد الشيخ طويلاً...
ثم قال:
إن العين التي لا تعتني بالناس يجف دمعها
........
وختمت الخالة العجوز وصيتها قائلة:
أن النهر الذي يجهل منابعه لا بد أن يجف
---------------
وبكت الطفلة متسائلة باحتجاج ممزوج بالأ مل:
إنت ما عندك…..... ثانية؟؟؟
---------------
"ليس للشخص أكثر من أم واحدة"....(حكمة إفريقية
إن العين التي لا تعتني بالناس يجف دمعها.... د. حامد البشير يرثي أمه نقلا عن سودانايل
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: عبدالرحمن الحلاوي)
|
اللهمَّ اغْفِرْ لَهُا وَارْحَمْهُا وَ عافِهِا وَاعْفِ عَنْهُا وَ أَكْرِمْ نَزْلَهُا وَ وَسِّعْ مَدْخَلَهُا وَ اغْسِلْهُا بالماءِ و الثلج وَالبَرَدِ وَ نَقِّهِا مِنَ الخطايا كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَ أَبْدِلْهُا داراً خَيراً من دارِها وَ أَهْلاً خَيْراً مِنْ أَهْلِهِا وَ زَوْجَاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِا وَ أَدْخِلْهُا الجَنَّةَ وَ نَجِّهِا مِنَ النّارِ وَ قِها عَذابَ القَبْرِ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: Kabar)
|
إلى جنات الخلد يا حاجة كلتوم يا فرح المغبون! رحلت أمي البشوشة الكريمة الطيبة. رحلت التي لا تفارق الإبتسامة ثغرها مطلقا! رحلت أمك يا " عمير"! إنه لأمر محزن أن تفقد والدتك و هي مشاعر لا قبل لك بها حتي تتذوقها! و بهذه المناسبة أود أن أعيد عزائي لكل من فقد أمه قبلا و كنت قد أعتقد أني قد عزيته و أعتذر لهم لأني حقيقة لم أكن أعلم ما كانوا يشعرون بهم لأعزيهم بما يليق بحزنهم! يا له من فقد عظيم و جرح غائر لا يندمل! إن القلب ليحزن و إن العين لتدمع و لا نقول إلا ما يرضي الله. جعلها الله من أهل القربى و الزلفى و لا حول و لا قوة إلا بالله! رحلت عن دنيانا والدتي كلتوم " كلتومة" محمد مدني ضي النعيم من نواحي أم روابة " مريخة, أم سريحة, التبنة, السميح"! رحلت و تيتمنا و تيتم معها طلاب كردفان " يا حليلك يا بت أمي!" كما كانت تقول. توفيت أمنا كلنا كما نعاها لي أحد الطلاب الذين تستضيفهم و الذين كانوا يجدون عندها الكرم و الدفء! من بقى لنا بعدها؟ قالت لي أحدى الطالبات باكية! رحمة الله عليك يا حاجة! رحلت فجأة و تركتنا! نصف قرن و أنا أقوم من نومي يوميا و أنا عندي أم كم أسعدتني و صلت من أجلي, و ذات يوم و بلا مقدمات , و كنت قد تكلمت معها صباح ذلك اليوم, ترحل! أربعون يوما و أنا اقوم يوميا من نومي و أنا بلا أم و بلا دعاء! يتيم يتيم يتيم و بلا نهاية! ما أشقاني! لا حول و لا قوة إلا بالله! شرفتنا بزيارة في الولايات المتحدة و قضت معنا أياما سوف لن يجود بمثلها زمان. شملت الجميع بطيبتها و حلو شمائلها و حنانها كل من حولها. صار الكل أبناءها و بناتها. كانت تسأل عن الجميع و صحتهم كل يوم و إذا ما صرفت أحدهم صوارف و غاب عنها قلقت عليه و إنشغلت به حتي تسمع منه. و عندما عادت إلى السودان, طالما خسمتني بالنبي لأحمد السلامة لفلانة الوضوع " عشان الولادة موت يا ولدي" أو تقول لي عليك الرسول تضرب لمدني " سمي جدي" و تقول ليه خالتك كلتوم بتسلم عليك و على عيالك . كانت تشد كرامة البليلة كل جمعة و تكلفني بأن أخذها لتعطي الأسرة هذه أو تلك في أنحاء مدينة قرينزبورو في ولاية كارولاينا الشمالية! أفتقدوها جميعهم و أعترهم حالة من الحزن عندما سمعوا عن خبرها رحليها الفجائي! بكتها المدينة و زرفت دموعا سخينة عليها. لم تقف علاقتها مع السودانين فقط و لكنها كانت أمرأة مواصلة و لا تجد صعوبة مطلقا في التواصل مع أي إنسان. كان أكثر ما يحزنها أن الناس في أمريكا لا يسلمون و لا يرودن السلام. تقول هي " الواحد يراعي " ينظر" ليك في ود عينك و ما يقول سلام عليكم!" كانت تجلس الساعات الطويلة أمام المنزل و الخواجات لا شغل لهم إلا بمرافقة كلابهم " يانا لله" كما كانت تقول. أمريكا يا ولدي سمحة لكن ناسها فسلين! تقرر أمي. كان اذا ما سلم عليها أحد جيراننا أسمع ردها المباشر بصوتها الجهور و لكنتها الكردفانية المحبوبة " آليتك سالم يا وليدي! الله يعافيك" أو آليتك سالمي يا بنيتي. لم تقف اللغة حاجزا في أن تعامل الجيران بالحسني! قالت لي إحدى جاراتنا إنها إمرأة دافئة للغاية! عيونها تقول ذلك! إني أحبها. أما جارتنا الأمريكية العجوز فما كانت تبدأ يومها قبل أن تأتي لتحادث أمي و تأخذها معها لتحفر و تفلح معها في حديقتها كل يوم! كانتا تتحدثان كل بلغتها و لكن كلاهما يفهم الآخر. سألت المرحومة أمي فيم تتحدثان فقالت بلكنتها الكردفانية المحببة " أني مزراعيي أمنحكي ليها بسمسمي و وكيتي و زراعتي كلها" و هي ترطن و توصف و أظنها ما بتعرف السمسم و لا تزرع غير الأزاهر. قالت لى العجوز الأمريكية يوما و قد أخذت لها أمي معها شوربة دجاج بنكهة الزنجبيل عندما علمت إن العجوز الأمريكية مريضة بالأنفلونزا, قالت لي العجوز أن أمك تهتم بي كثيرا و هي في سني أو أقل قليلا و لا يدل هذا إلا على أنها من طبقة راقية she is a class. حق! و هل هنالك من هو متمدن أكثر من أهل السودان رغم إنعدام التحضر في بيئتهم و البداوة الظاهرة على محياهم! سألت الأمريكية العجوز كيف تقضيان الوقت الطويل في الحديث و لا تفهم إحداكما الأخرى؟ قالت لي, نعم ! بل نفهم بعضنا جيدا! أظنها تحدثني عن حديقتها الصغيرة في أقاصي الأرض " Oh Yes! we do understand each other, I think she tells me about her cute little garden somewhere in the world!" الهم أدخل أمي حدائق رحمتك و تولها مع الأبرار. حزنت الأمريكية حزنا شديد عندما علمت أن أمي ستسافر إلى السودان و أهدت أمي لحافا "quilt" صنعته بيدها رسمت عليه خطين متعرجين متداخلين قالت إنهما يرمزان إلى علاقتهما المميزة! قالت لي لم أهدي قط لحافا أحب إلي من هذا لإمرأة نبيلة فأنعم بها من أم! رحم الله أمي و يا حر قلبي على فراقها! عندما نعاها الناعي بكيتها و حزنت عليها حزنا عظيما فقال لي إبني مؤيد إبن العشر سنوات " Dad, I know you’re sad right now and I am too!" و لكن أمك أمرأة عظيمة!" أعتقد أنه يليق بنا الإحتفال بحياتها بدل الحزن على موتها" و قالت لي إبنتي مهاد بنت الست أعوام " يكفي أن ذكراها ستبقى معنا للأبد. إنها إمرأة مدهشة .. She was awesome " . الحق إننا سنحتفل بحياتها كما قال أبنائي ما دمنا أحياء و سندعو لها ببركة هذا الشهر الفضيل أن يجعلها من عتقائة و يدخلها الجنة من باب الريان فقد كانت إمرأة صائمة, قائمة. كانت تترقب هذا الشهر و تنوي صيامه و لكنها لم تبلغه فأجعلها من عتقائه يا رحمان. كانت أمرأة خير. فإن أخر عمل قامت به بعد صلاة الظهر ملأت أزيار السبيل أمام البيت و لم تدرك صلاة عصر ذلك اليوم و أنتقلت إلى السماء. رحمها الله رحمة واسعة. الشكر أجزله لكل من حضر مراسم العزاء و لكل من أتصل معزيا أو أرسل رسالة. الشكر لكم أجمعين فقد كان لذلك الأثر العظيم ! شاكر بشكل خاص جدا لشيخ عبد الله عثمان و حديثه العرفاني معي. شاكر له فتح هذا البوست و شاكر لكل أعضاء سودانيز أونلاين فقد إتصل بي كثير من أعضائه و بعضهم لم يلتقيني قبلا. إنه بحق حوشنا الذي يجمعنا عندما عز التلاقي و العيش في أرض الوطن. عظم الله أجركم أجمعين و أجاركم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: Omer Abdalla Omer)
|
المرأة الجسورة العزيزة أم حازم و سند علميتنا معني أن تكون سودانيا . شكرا لك على التعازي و إن شاء الله ما تشوفي شر وربنا يحفظك للشباب حازم و سند. خالتك كلتومة بت أمحمد ود مدني كانت مثلك لا تحد إنسانيتها حدود. تتواصل مع الكل و لا تعوقها عدم معرفة اللغات. إبتسامتها كافية لإذابة جبل جليد. رحم الله الحاجة كلتوم و عظم الله أجرك و آجارك و الشكر كذلك موصول لمولانا عبد الله عبدالله و عبره أعبر عن شكري و إمتناني لكل الأحباب في جميع أنحاء العالم عظم الله أجركم و أجاركم و تقبل صيامكم و قيامكم و لا حول و لا قوة إلا بالله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: Imad Khalifa)
|
الأخوان عبد الوهاب المليك, معاوية المديرو د. أحمد أمين, الأديب صديقي الوفي منصور المفتاح, د. مهدي محمد خير, المناضل المجتهد صلاح جادات, عبد الرحمن عزاز, و العرفاني عبد العزيز عثمان. عظم الله أجركم و كفاكم كل شر يا رب العالمين بفضل هذا الشهر الفضيل فقد كانت خالتكم Best of All عاشت بسيطة و كانت وفاتها بسيطة كذلك تقبل الله صيامكم و قيامكم في هذه الأيام المباركة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: Omer Abdalla Omer)
|
أبا نورا يا صديق. كيفك يا بروف؟ إفتقدنا تحليلاتك السياسية خاصة هذه الايام و الشبك في المحلي و العالمي. شكرا لك على التعازي و يا لها من أيام في بلاد التارهيل و جبال الأبلاش. الحياة مستمرة فهاهو الجيل الأول يغادر و الجيل الثالث يحمل الراية خالتك كانت راعية حريصة على الأحفاد, لا تغبب عينها أبدا عن مؤيد أو مهاد. ألا رحمها الله رحمة واسعة و البركة في الشباب. مؤيد الأن 11 سنة و لكن يبدو أكبر من ذلك كثيرا He is a Gentle Giant شبابك كبروا كذلك! كيف غسان مع الكلية و كيف هو مروان . التحايا لهم و للبروف عفاف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: مهيرة)
|
سلام يا عزيزي عمر عبد الله وشكرا للأخ عبد الله عثمان على نقله مداخلتك الأخيرة في يوم 17 يوليو الى بوست عنوانه "السودانيون ملح الأرض" في صالون الجمهوريين، ولولا أنه فعل ذلك لما انتبهت الى كتابتك، لأني نادرا ما افتح بوستات العزاء بعد أن أكون قد كتبت فيها عزائي. والآن وجدت فرصة أيضا لمشاهدة الصور الجميلة وقراءة مداخلات تفيض بالمشاعر الجميلة.
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: معتصم احمد صالح)
|
الباشمهندس محمد علي عثمان, الشكر لك على حسن العزاء و شكرا لك على همومك الوطنية. لا أراك الله مكروها و التحايا لأسرتك. الشكر الجزيل للأخوان عبد العزيز عيسى و الأخ أحمد عبد الباسط و المجتهدة إخلاص عبد الرحمن المشرف و الأستاذ الرزين كمال عباس و سيدي أحمد التجاني حمودي و الأخ محمد أدم, فقد كان لعزائكم الاثر الكبير و أحسن الله إليكم و أجاركم. الإخلاص بإخلاص لخالتكم كلتوم فقد كانت عذبة كالطفولة. رحمها الله رحمة واسعة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: Omer Abdalla Omer)
|
الكردفاني الأصيل محمد جاد كريم , شكرا لك على التعازي و في هذه الأيام المباركة إني أشمل والدك كذلك بالدعاء فهو الأخر إنتقل قريبا للرفيق الأعلى. الشكر لك! إن شاء دار حمر خرفت؟ ربنا ينزل على أهلنا الغيث و على موتاهم شأبيب الرحمة ! خالتك كلتوم أمتعت أولادي بمرافتهم و قد كانت لهم خير جليس ! تغني لمؤيد " المدرس الرسم البناء" " يا مدرس الطلبة أنا وين. يأمي يايابا , كان مت أدفنوني في أم رسوة الجلابة ( المقصود قرية الجلابة الهوارة في شرق ام روابة) و كانت تغني التوية لإبنتي مهاد و تقول ليها " يا لوح البسكويت يا بنيا, وصوني ليك و نسيت! كل ما نجيب طاريك يا بنيا ندي الهواء كبريت! و تغني ليها " فرع القنا المال و إنتنا" " و تمري تمر الفروع يا ليلة بكاني بالدموع" . غايتو أيام لا حولا! تعلموا منها حبوبة و أول كلمة نطقتها مهاد " هبوبة"! أذكر مرة نتحدث مع مؤيد عن الصدق و كيف إذا كذب طفل سيموت له أعز عزيز فقال يا بابا ما حأكذب لأنو لو كذبت حبوبة حتموت!! لم يذكر ماما و لا بابا و لكن حبوبة! رحمة الله تغشى مثواها و بركة هذا الشهر الفضيل تفيض عليها في برزخها. الشكر الخاص جدا للأخ عبد المنعم سيد أحمد و للأخ عمر عبدالله هواري و الرجل الأصيل عز الدين الفحل و صديقي الصدوق ناصر جامع. لا تنسوا أمي من الدعاء لها في هذه الأيام المباركة و الخواتيم السعيدة. عظم الله أجركم و أجاركم!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التعازي الصادقة لزميل المنبر د. عمر عبدالله عمر في رحيل والدته المبرورة (Re: Ahmed Alim)
|
الرفيق صديق الموج, شكرا لك على العزاء و طمأن الله خوفك يا رفيق و من الله على والدتك و ألبسها ثياب الصحة في هذه الأيام المباركة. والله إني أحفظها و أحفظك في صلاتي و أدعو لك يوميا. الشكر كذلك للحبيب حمزاوي " من إندهم" و شكرا لك و لا أراك الله مكروها لعزيز لديكم. الشكر للاخ نصر الدين عثمان, أسماعيل عباس, بله محمد, حمد عبدالله عبد العفار و الرفيق عادل البراري, محمد هاشم ابو زيد , بدري الياس و العارف بالله " عبدو حي" علي موسى الذي حرص على الإتصال بي مما ترك أثرا جميلا و عزاء لطيفا. شكرا لكم أجمعين و أجاركم من كل شر. خالتكم كلتومة بت أمحمد ود مدني كانت كثيرة الدعاء لنا و في الصورة أعلاه مع شقيقي الأصغر طاهر عمر الذي أتي لزيارتها من المملكة المتحدة بعد فراق دام سنوات طويلة فكانت كثيرة الدعاء لنا و له حتى داعبها يا حاجة إتي حسى تونسيني و لا تقضيها لي دعاء. كانا يقضيان الليل في الونسة و كانا يضحكان كأنهما طفلان. ودعها و غادر لعمله و أسرته في المملكة و قد كان ذلك اللقاء الأخير. ذهب بعد الوفاة و وقف على قبرها و بلله بالماء و البرد. أللهم رحمتك واسعة فأدخلها من أوسع أوابها فقدت كانت تدعو لنا كل يوم وفي اليوم ألف مرة . اليوم تحتاج لدعوتنا فأكرمنا فيها ببركة هذا الشهر الفضيل و الخواتيم السعيدة و أدخلها أعلى عليين.
| |
|
|
|
|
|
|
|