|
|
 محمد السادس الملك الخجول محتكر السلطات كتاب بالفرنسية عندما يكتب الصحفي حقائق بصبر#
|
«محمد السادس خلف الأقنعة» الصادر أخيراً بالفرنسية عن دار «نوفوموند» أشبه بجرس إنذار إلى السلطة في المغرب. إنّه ثمرة تحقيق انكبّ عليه الصحافي عمر بروكسي لسنوات، معتمداً على مصادر عدة
أثار كتاب «محمد السادس خلف الأقنعة ـ نجل صديقنا» ضجة كبيرة في المغرب بمجرد صدوره أخيراً عن دار «نوفوموند» الفرنسية. العنوان الفرعي «نجل صديقنا» يستعيد عنوان «صديقنا الملك» للكاتب الفرنسي جيل بيرو. كتاب أحدث قبل 24 عاماً، هزة سياسية وسبب أزمةً دبلوماسية مغربية ـ فرنسية قادت «صديقنا» الملك الحسن الثاني الى الغاء «سنة المغرب في فرنسا» عام 1990 احتجاجاً على ما كشفه بيرو حول ما يعرف بـ»سنوات القمع» واضطهاد المعارضين.
اليوم يتساءل بيرو في مقدمة كتاب عمر بروكسي إن كان «المغرب الذي أراده محمد السادس قادراً على مواجهة تحديات المستقبل»؟
ويعد القارئ بأنه «سيكتشف بذهول أنّ السلطة تتركز اكثر من أي وقت آخر في القصر الملكي بيد الملك، ونحو عشرة من اصدقائه، معظمهم من زملاء الدراسة في المدرسة الملكية»، التي كان الحسن الثاني ينتقي شخصياً تلاميذها.
حصيلة سنوات حكم «نجل صديقنا» تكتب هذه المرة بقلم صحافي مغربي لا فرنسي، اذ يحاول بروكسي تقديم صورة من الداخل عن النظام المغربي وشخصية الملك «التي تبقى «مبهمة»، بعد خمسة عشر عاماً من توليه الحكم. يتحدث عن «خجله الظاهر»، وعلاقته «الصعبة» مع والده الذي أبقاه بعيداً عن الشأن السياسي حتى أيامه الأخيرة. ويكتب «إنّ وجهه المنتفخ يثير تساؤلات حول وضعه الصحي، وخجله يظهر في صعوبة التعبير لديه في كل مرة يقرأ خطاباً إلى الأمة». رغم أن قراءة الخطابات هي الطريقة الوحيدة للملك في «الحوار» مع شعبه، فهو لم يتحدث أبداً بشكل عفوي مع شعبه. لم يجر أي حديث مع وسيلة إعلامية مغربية. فـ»المؤسسة الملكية لا يمكنها أن تقبل جلوس صحافي مغربي مقابل الملك لمحاورته كأي لاعب سياسي آخر».
الكتاب ثمرة تحقيق استمر سنوات واعتمد على مصادر عدة،
هو رابع أغنى زعيم عربي بحسب مجلة «فوربس»
يذكر بعضها بالاسم ويتكتم على أخرى لأسباب تتعلق بحساسية المناصب التي يشغلها بعض من زوده بمعلومات عن كواليس السلطة. هكذا يقدم بروكسي ما يشبه البورتريه، ليس فقط للملك بل للمحيطين به أيضا، مثل المستشار فؤاد عالي الهمة «المفضل لديه». ولا يخفي الصحافي المغربي خيبته لأن الملك الشاب لم ينجح في نقل البلاد إلى ملكية دستورية، يتحكم البرلمان في ميزانيتها، كما فعل الملك الاسباني خوان كارلوس بعد فترة حكم فرانكو. وبهذا، يتفق بروكسي مع دعوة ابن عم الملك الأمير هشام العلوي الذي كتب «يوميات الامير المنبوذ».
يفكك بروكسي مقولة «ملك الفقراء»، فهو رابع أغنى زعيم عربي حسب مجلة «فوربس». وتكلف ميزانية المؤسسة الملكية 250 مليون يورو سنوياً بحسب ميزانية 2014، (ميزانية الملكية في اسبانيا 8 ملايين يورو) يدفعها المغاربة من ضرائبهم، في بلد «يعيش فيه خمسة ملايين شخص بأقل من دولار في اليوم». الملك هو «رجل الأعمال الأول في البلاد، والمجموعات المالية التي يسيطر عليها حاضرة في القطاعات الاسترتيجية كالاتصال والمواد الغذائية والمصارف والمناجم». يصفه بروكسي في عنوان أحد فصول الكتاب بـ»العاهل ورفاقه...عددهم قليل لكن نفوذهم كبير». الملك يحتكر معظم السلطات. هو رئيس الدولة الذي يحدد سياستها العامة ويعين الوزراء والمسؤولين. يتمتع بسلطة دينية لكونه «أمير المؤمنين»، لكنه على رأس شركة خاصة هي المستورد الأول للكحول في البلاد. يعين القضاة وتلفظ الأحكام باسم الملك (سلطة قضائية). يعين كبار الضباط في الجيش بصفته القائد العام. ويمكنه إعلان الحرب والعفو عن السجناء وحل البرلمان.
يتناول الصحافي في أحد فصول الكتاب ما يسميه «الخريف المغربي»، إذ لم تقد الإصلاحات الدستورية التي واجه الملك بها تظاهرات «20 فبراير 2011» إلى تغيير جوهر النظام السياسي. صحيح أن التعديلات الدستورية مهدت لانتخابات برلمانية فاز فيها حزب «العدالة والتنمية» الوجه المغربي للإخوان المسلمين، وجرى تكليف عبد الإله بنكيران رئاسة الحكومة، إلا أن «الانتخابات تقود إلى الحكومة لا إلى السلطة». حكومة بنكيران بقي دورها شكلياً ولم تف بوعودها الانتخابية المتعلقة بمكافحة الفساد والاصلاحات الاجتماعية.
وواصل بنكيران تقديم التنازلات للقصر، والأخير استخدم الحكومة لتمرير الاجراءات غير المقبولة شعبياً.
يخصص الكتاب مساحة لدور فرنسا في احتواء «الربيع المغربي». بعد بدء تظاهرات «20 فبراير» بيومين فقط، غادر العاهل المغربي الى فرنسا ليلتقي الرئيس نيكولا ساركوزي. سمع من سيد الاليزيه تأكيداً على «تمسك فرنسا باستقرار المغرب»، ونصيحة بإعلان «تغييرات سياسية» لتلافي تصاعد الاحتجاجات ضد الحكم. واستخدمت فرنسا كل الوسائل الدبلوماسية للاستعلام عن «حركة 20 فبراير» ومطالبها. في نيسان (أبريل) 2011، دعت السفارة الفرنسية اثنين من شباب الحركة إلى الغداء وسألتهما على نحو خاص عن «سقف» المطالب، وكان الجواب: «ملكية دستورية». أما موقف فرنسا، فعبّر عنه المسؤول في السفارة بعد الحاح الناشطين: «إن المغرب يشهد تطوراً لا يمكن انكاره.
هو بلد مستقر وهذا ضروري ولاسيما بالنسبة إلى المستثمرين الفرنسيين. دينامية التغيير هذه قد تسبّب اضطرابات وتقود إلى عدم الاستقرار والمجهول. ونتمنى أن يبقى أي تغيير في اطار الاستقرار». وفي العشرين من آذار (مارس) 2011، وبينما كانت فرنسا ساركوزي تتدخل عسكرياً في ليبيا، شهد المغرب تظاهرات قدرت «حركة 20 فبراير» المشاركين فيها بعشرات الآلاف، وقدرتهم الشرطة بخمسة، إلا أن السفير الفرنسي في الرباط برونو جوبير قال أمام ضيوفه من صحافيين فرنسيين وبلهجة ساخرة: «كم عدد المتظاهرين؟ ثلاثة آلاف؟»، فرد عليه أحد الصحافيين «إنّ الشرطة قدرت العدد بخمسة، فهل انت ملكي أكثر من الملك سيادة السفير؟». جواب تبعه صمت لم تخرقه سوى قعقعة الصحون على المائدة. وفي الفصل الأخير من الكتاب، يعرض بروكسي العلاقات الخاصة التي تربط أصحاب القرار السياسي في فرنسا ونخبها بالمغرب، حيث يلبي عدد كبير منهم دعوات الملك لقضاء العطل في مراكش.
ينتهي الصحافي المغربي إلى خلاصة أشبه بـ»الانذار»، فإن لم يخرج «نجل صديقنا» من جلباب والده «صديقنا الملك» ويجري تغييرات سلمية حقيقية، فستبقى كل عوامل التوتر وعدم الاستقرار حاضرة في المغرب.
*لقد كتب هذا الكتاب في أربعة سنوات بصبر وبلغة مميزة ونال أهتمام في المغرب العربي وأفريقيا الفرنكفونية كذلك نبارك للزميل الصحافي عمر بروكسي هذا الانجاز الرائع .
http://www.sudaneseonline.com/db/attention/320_Mangoole1.gif
|
|
  
|
|
|
|
زهير عثمان حمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست