عبدالله علي إبراهيم يهاجم كتابنا عن عبود دون وجه حق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 02:06 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-22-2014, 08:04 AM

الأمين عبد الرحمن عيسى
<aالأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عبدالله علي إبراهيم يهاجم كتابنا عن عبود دون وجه حق

    في نهاية هذه الحلقة من برنامج مراجعات في قناة النيل الأزرق عن ثورة أكتوبر .. ذكر لما جاء في كتابي " الفريق إبراهيم عبود "

                  

11-22-2014, 08:15 AM

الأمين عبد الرحمن عيسى
<aالأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالله علي إبراهيم يهاجم كتابنا عن عبود دون وجه حق (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)

    عبدالله علي إبراهيم بكل أسف لا يقول الحقيقة في كثير من إفاداته باعتباره مؤرخا بل ويلقي الإتهامات جزافا ضد الآخرين، في إحدى الحلقات في برنامج مراجعات مع مضيفه الطاهر حسن التوم تعرض عبدالله علي إبراهيم لكتابي " الفريق إبراهيم عبود و عصره الذهبي " و رغم أنه لم يذكر إسم الكتاب و لا مؤلفه إلا أن الكتاب كان في منضدة مقدم البرنامج مع كتابين آخرين أحدهما لمحمود قلندر و الثاني لأبي القاسم حاج حمد، في نهاية الحلقة وفي الدقيقة 48 و الثانية 38 من الفيديو قال عبدالله
    Quote: أنا برجع ليك لكتب، الكتب دي ما مرجوع ليها، أنا بقول ليك كتاب ثورة شعب، أنا قريت الكتاب الصادر عن عبود أخيرا فتشتو كله و لا مرجع شيوعي واحد غير بيان. و أطلق مزاعم اللي موجودة دي.. خافوا .. هادنوا.. و كده، ياخي أقرانا على الأقل، .. أقرانا
    ( ويقاطعه مقدم البرنامج مذكرا بالمساومة التي بدأها الشيوعي..) و يواصل عبدالله حديثه..:
    طيب المساومة دي ما .... لا ما تقول لي.. إنت كمؤرخ ملزم بقراءة هذه النصوص وعشان تعرف أنو لييه ساوم، ما تقتنع لكن متّن الحجة بتاعتك، متّنها..
    و عيب و عيب أنا أقول ليك كمؤرخ ، أنو إنسان يرجع يتكلم عن مواقف جماعة من الجماعات و لا يرجع لكتبها...
    ( وبعد مداخلة أخرى من مقدم البرنامج)
    لا بيان واحد.. الكلام ده كله ما في البيان ده، الكلام ده كله بلقاه في ثورة شعب وفي مطبوعات أخرى.. إيه الصعب تلقاها ؟


    و نرد على الدكتور عبدالله علي إبراهيم أنه في البدء عيب عليك أن تفتري علينا ما لم نقله، ففي كتابنا لم ترد أبدا كلمتي .. خافوا و هادنوا و يمكنك أن ترجع للكتاب مرة ثانية و تفتشو كله إن تجد ما ذكرت ..
    و إليك و إلى القراء ما جاء في كتابي :
    يذكر الكرنكي أن سياسة الحزب الشيوعي نحو عبود قد تغيرت إثر زيارة نائب رئيس الإتحاد السوفيتي للسودان في الربع الأخير من عام 1961، بعد توجيهٍ صدر إليهم من برجنيف بأن نظام عبود نظام وطني. أما شاموق فيقول أن الحزب الشيوعي قد وصل حدا من الإرهاق والإرتباك بسبب إعتقالات قادته الكبار وبسبب الإكتشافات المتلاحقة لمخابئه وظهور قيادات شابة غير ناضجة في قمته ، ثم أن سياسة الحكومة كانت اقرب للمعسكر الشرقي ، تزامن ذلك مع حاجة الحزب الشيوعي إلى نوع من الإستجمام والراحة من عداء العساكر ومعتقلاتهم فتكيفت سياسة الحزب الشيوعي وأصبح أكثر ملاطفة للحكم العسكري منذ يناير63 حتى أكتوبر64 . ويعتبر تاريخ إنسحاب الحزب الشيوعي من الجبهة الوطنية في يناير 63 هو على وجه التقريب التاريخ الرسمي لإعلان نهاية وجود الجبهة الوطنية الفعلي.


    ثانيا ما ذكرته أنا عن مواقف الحزب الشيوعي تجاه حكومة 17 نوفمبر كله صحيحا و لك أن تبين لنا إن كانت هناك أي إفادة غير صحيحة.
    أما حديثك عن عدم وجود أي مرجع شيوعي في كتابنا، فليس ذلك أمرا ضروريا .. ليس موضوع كتابنا تفسير مواقف الحزب الشيوعي تجاه حكومة عبود.
    الكتاب كان عن عبود و عصره الذهبي، و في سردنا للوقائع بينا ما كان من الحزب الشيوعي من مقاومة في البدء و عرض المساومة أو المهادنة فيما بعد لكن ليس واجبا علينا تفسير مواقف الحزب الشيوعي فتلك مهمة الشيوعيين أنفسهم إن أحسوا بضرورة ذلك.
    لذا ليس من حق الدكتور عبدالله علي إبراهيم أن يهاجمنا بأسلوبه غير الجميل المشاهد في الحلقة.. " ياخي أقرانا على الأقل ... أقرانا.. و عيب و عيب.."

    و الدكتور يرجع كثيرا إلى كتاب ثورة شعب باعتباره المرجع الذي يجب أن يبحث فيه وعنه كل من يكتب عن ذلك العهد، بينما يقرر أن الكتاب غير موجود و أنه حتى أعضاء من اللجنة المركزية للحزب لم يقرؤوه.. حسنا أرد عليك يا دكتور ... أولا كتاب ثورة شعب ليس مرجعا محايدا حتى تلزم من يود الكتابة أن يرجع له..
    ثانيا أفيدك رغما عن عدم وجود الكتاب فأنا قد أكون من القلائل في السودان ممن يملكون هذا الكتاب، وقد أشرت إليه في كتابي إن كنت قد قرأت الكتاب كله كما ذكرت. و إضافة لذلك فقد أودعت هذا الكتاب في دار الوثائق حتى يكون متاحا لكل من يريد أن يطلع عليه.. و لربما كانت الطبعة الجديدة التي صدرت من ثورة شعب هي من كتابي هذا.
                  

11-23-2014, 07:12 AM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالله علي إبراهيم يهاجم كتابنا عن عبود دون وجه حق (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)

    تحياتى

    هل الكرنكى و شاموق محايدان ، حتى يؤخذ بأقوالهما ؟؟؟

    هذان الشخصان يزيفان التاريخ دون ان يطرف لهما جفن واحد

    كتاب ثورة شعب اقتنيناه كلنا من مكتبة الفجر بودمدنى لصاحبها المرحوم محمد سيد احمد

    وقد صدرت نسخة محققة منه أخيرا ، أصدرها الباحث الدكتور عبدالرحيم محمد صالح

    Quote: مقدمة المحقق دكتور عبد الرحيم محمد صالح

    أبدأ تدوين هذه المقدمة القصيرة بالقول إنّه ليس الغرض من أعادة نشر هذا الكتاب الدفاع عن الحزب الشيوعي السوداني أو آرائه وأفكاره، بل الغرض إقامة جسر للحوار والتواصل المعرفي والثقافي بين جيل اليوم وجيل ثورة الشعب وإخراج أحداث تلك الفترة التي أثّرت، بل شكّلت، على ما نحن عليه الآن من حيز الصمت المطبق إلى ساحات البحث والتدقيق ولنشد على أيادي كل من عاصر أحداث تلك الحقبة للتفكير في الوثائق والمستندات التي حواها هذا الكتاب واستذكار ما أهمله من تاريخ تلك أحداث في رصد منحنيات مسار الديمقراطية والحرية السياسية في السودان. الغرض من إعادة النشر أكاديمي، في المقام الأول، ومحاولة لدراسة ظروف السياقات التاريخية وتفسيرها والوقوف على حقائق الأحداث في تلك الفترة وخاصة المواضيع التي كثر فيها الجدل والمُلاَجَّة في الآوانة الأخيرة.
    يعتقد الكثيرون أنّ ثورة أكتوبر الشعبية عام and#1633;and#1641;and#1638;and#1636; والتي أسقطت حكومة الفريق ابراهيم عبود العسكرية بالمظاهرات والاحتجاجات والإضراب السياسي العام، كانت أشرف وأنبل وأشجع وأعدل الثورات. فهي، في رأيهم، كانت أشرف الثورات لأنها قامت من دون إي سند أو دعم خارجي، فلم تلحق في سماوات الخرطوم طائرات حلف الناتو ولم ينعقد من أجلها مجلس الأمن ولم تساندها دول الجوار ولم تتَبَنَّ قضيتها الفضائيات الخاصة في إثارة وتعبئة الرأي العام. وهي أشجع الثورات، في رأي الكثيرين، لأنها ما قامت لترق فيها الدماء أو ليسقط فى سبيلها الشهداء بل أجل إسقاط نظام الحكم الاسبتدادي ولأنها لم تحمل السلاح ضد من حملوه بل واجهوهم وهم عزل يحملون الإرادة الشعبية القادرة على تحقيق النصر وتحقيق العدالة والحرية. وهي أنبل الثورات لأنها تمت بإقل قدر من إراقة الدماء ودون تخريب أو نهب حيث كان الشعب حارس الثوار من الانفلات والحد من العنف. وهي أعدل الثورات لأنها لم تستثن أحداً وشاركت فيها كل أطياف العمل السياسي من أحزاب ومثقفين وطلاب وعمال ومن المدن والأرياف على حد سواء. وذلك كله، في رأي البعض، يعود إلى حنكة القيادة ورشدها وحسن تدبيرها ورزانتها السياسية ونبل هدفها وصدق رسالتها.
    فكتاب "ثورة شعب" والذي أصدره الحزب الشيوعي السوداني وهو شريك رئيس في صناعة ثورة أكتوبر وقيادتها، مُقسّم إلى ثلاثة أبواب تحتوي على تمهيد وثلاثة عشر فصلاً وخاتمة والكتاب أصدرته دار الفكر الاشتراكي التابعة للحزب الشيوعي السوداني وتمت طباعته بمطابع مؤسسة أخبار اليوم المصريّة في عام and#1633;and#1641;and#1638;and#1637;وتم عرضه في المكتبات آنذاك بمبلغ and#1634;and#1637; قرشاً. تم نشر مادة الكتاب في and#1636;and#1636;and#1640; صفحة حيث ضمّت معظم وثائق الحزب الشيوعي وجبهاته التي صدرت في تلك السنوات الست من المقاومة. ولقد حوى الكتاب حوالي مائة وواحد وثلاثين من البيانات والمنشورات والاقتباسات التي صدرت من جهات مختلفة في شتى مناطق السودان، وهي وعلى الرغم من جمعها ونشرها في هذا الكتاب منذ قرابة نصف قرن، إلا أنّها تتناول قضايا متجددة وحيّة في في الساحة السياسية السودانية فلعلها تعين الباحثين والمهتمين بتاريخنا في البحث لتجلية بعض أحداث تلك الفترة وكشف غموضها. وقد حُرِّرَ بغير ذكر للاسماء. عمل المرحومان التجاني الطيب وعمر مصطفى المكي على كتابة فصوله ومالزم من جمع المنشورات والبيانات. وعمل معهما عبدالله على إبراهيم وجعفر النصيري اللذان كتبا فصل مقاومة الطلاب وربما شارك أيضا آخرون في جمع المواد وتحليلها. كما قام الفنان اليساري المصريّ زهدي والذي كانت له عدد المشاركات من منشورات الحزب الشيوعي السوداني بالرسوم في عدد من فصول الكتاب.
    أهمّ مميزات هذا الكتاب هو أنّ مادته من منشورات وأحداث تم جمعها ونشرها في حينها كما هي دون تغيير أوتعديل مما جعلها مادة أصلية نابعة من مصادر الأحداث نفسها ولم تتعرض لمشاكل النسيان أو التضخيم كما يحدث في حالة الكتابة من الذاكرة. فالذاكرة قد تتذكر الأحداث الكبيرة وتسقط التفاصيل الصغيرة والتي قد تكون أكثر أهمية في الموضوع وأصله. والكتابة من الذاكرة أكثر عرضة للتأثر برؤية الكاتب وطريقة تفكيره وانحيازه ومقدرته على التذكر ودوافعه للكتابة. وميزة أخرى هي تعدد مصادر مواد ومنشورات الكتاب فهي متنوعة وجاءت من جهات مختلفة ومن مناطق متفرقة في فترات متباعدة تعبِّر عن مختلف أشكال واساليب النضال العلنية والسرية، وكذلك أساليب المظاهرات والعرائض والضغط والاحتجاجات واطلعت عليها عند صدورها الجماهير كبيانات ومنشورات فالكتاب يقدمها مجتمعة ويعطيها قيمتها التاريخية المتكاملة. عملية كتابة وإصدارالمنشورات، في حد ذاتها، لم تكن سهلة مثل اليوم. فالامكانات الضئيلة المتاحة وسطوة أجهزة البوليس السري والحصار الحديدي، المفروض آنذاك، جعل منها عملية قاسية ومستهلكة للزمن بل مجازفة أمنيّة حيث كان الاعتماد على الكتابة باليد على الشمع وتطور لاحقا ليصبح بالآلة الطابعة بالأضافة للاستخدام اليدوي لماكينة الرونيو، لذا كان لابد من وجود ضرورة قصوى أو حدث هام لإصدار المنشورات. وهذا يدعم ضرورة النظر إلى قيمتها التاريخية بالأضافة إلى محتواها.
    على الرغم من أنّ الكتاب لا يحتوي على قائمة بأسماء المراجع والمصادر في نهاية الكتاب حسب التسلسل الهجائي لاسم عائلة المؤلف، كما هو مُتّبع، إلا أنه يفتح النوافذ على عدد كبير من المنشورات والكتبيات والمقالات الصحفية الهامة التي يمكن الحصول عليها من دور الوثائق والأرشيف ومثال ذلك "الكتاب الأسود" السنوي الذي درج الحزب الشيوعي على إصداره في مناسبة الذكري السنويّة للإنقلاب العسكري والذي يحوي عادة كل عام سجلا لما أسماه "مخازي العهد الديكتاتوري لإنقلاب and#1633;and#1639; نوفمبر and#1633;and#1641;and#1637;and#1640;". كما تمت الإشارة إلى عدد من الصحف الحزبية مثل جريدة (الميدان) والصحف المتخصصة مثل جريدة (الطليعة) الناطقة بلسان الإتحاد العام لعمال السودان وجريدة (الجهاد) التي كان يديرها الشيوعيون وتحمل أسبوعيا إلى قرائها شعار (الأرض لمن يفلحها). وكذلك استشهد الكتاب بأخبار ومقالات نُشرت في الصحف المستقلة والخاصة مثل جريدة (الصحافة) وجريدة (الأيام) وجريدة (السودان الجديد) وجريدة (الرأي العام) وجريدة (المؤتمر) وكذلك شمل الكتاب على تصريحات وأخبار وردت في الصحف الحكومية مثل (الثورة) الحكومية وجريدة (الصراحة) هذا بالأضافة إلى المواد التي تم نشرها في الصحف العالمية كجريدة (الاخبار المصرية) وجريدة (النيويورك هيرالد) وجريدة (القارديان) البريطانية.
    فالواضح للقارئ أنّ الكتاب يتناول، بشئ من التفصيل، في أول صفحاته الزعم السائد بأن ثورة أكتوبر and#1633;and#1641;and#1638;and#1636; كانت انفجاراً تلقائيا.ً وحسب ماورد في معلومات وإفادات الكتاب فأنّ أصحاب هذا الزعم ربما يجهلون العمل الدائب الصبور الذي أدى إلى قيام الثورة واسقاط واحدة من أعتى الديكتاتوريات في أفريقيا والعالم العربي. فالكثيرون اكتووا بلهيب النضال وزج بهم في غياهب السجون وفصلوا من العمل وعُذِّبوا فتحملوا هم وأسرهم الفقر والعذاب الطرد والتنكيل واحتملوا بشجاعة مواصلة عبء وتضحيات والنضال واستمراره ضد النظام منذ أيامه وحتى لحظة سقوطه .فليس من اللائق ولا من الممكن إنكار نضال طويل مرير وأرواح شهداء أعزاء ودورهم سواء كان ذلك جهلاً بتفاصيل الأحداث أو نكاية في خصم سياسي. فالكتابات المتفرقة التى صدرت مؤخراً في بعض الصحف والمدونات والتي تقلل من عمق ثورة أكتوبر وتصفها بأنها كانت حركة تلقائية قامت دون قيادة ودون تنظيم، ودون أن يتوقعها أحد، وددت لو تمت اعادة النظر فيها على ضوء وثائق الكتاب التي علمنا فيها أن جهة ما، هي الحزب الشيوعي، وربما جهات أخرى، كانت ساهرة على الاطاحة بالنظام وبصورة يومية وبثمن كبير. فحسب ما جاء في هذا الكتاب أنّ هذه الثورة كانت تتويجاً للنضال الذي ظلت تشنه، ما اسماه الكتاب، القوى الثورية من عمال ومزارعين وطلاب وضباط وطنيين طيلة سنوات الحكم العسكري الست اعتماداً على التجربة الذاتية المباشرة حتى سقوطه من دون مساندة أو دعم خارجي.
    الكتاب، في مقدمته، يرصد المتاعب التي أصابت حكومة الائتلاف برئاسة عبدالله خليل ومفاوضات السيدين بين حزب الأمة والحزب الوطني الأتحادي لتكوين حكومة ائتلافية وعزل عبدالله خليل. فقررالأخير الانتقام بسياسة "عليّ وعلى أعدائي" وتسليم السلطة للجيش حيث تآمر رئيس الوزراء نفسه مع قائد الجيش وبعض كبار الضباط ليسلم السلطة إلى الجيش وكانت مؤامرة في شكل انقلاب من أعلى ليترك بذلك كبار ضباط الجيش عملهم في الحماية إلى عالم السياسة وظل السودان يكتوي بنار ذلك القرار إلى اليوم.
    ربما أفادنا الكتاب بالصورة التفصيلية المستفادة منه لنظام بدأ به عهد النظم العسكرية في الأجابة على السؤال الشهير "من أتى هؤلاء؟" المنسوب الكاتب الروائي المعروف الطيِّب صالح مستفسرا عن استبداد حكومة الانقاذ. أوجه الشبه بين نظام عبود ونظام الإنقاذ مثلاً لا تحتاج إلى تبيان فهؤلاء أتوا من أولئك وبرعوا وأجادوا بل طوّروا ماكان أولئك يفعلون .في رأي عبدالله علي أبراهيم، وهو واحد من الذين حرروا هذا الكتاب، أنّ حكومة نوفمبر، في لغة التصوير، هي "النجتيف-العفريتة" التي طبعنا منها نُظُم العسكرية التي توالت علينا وقد مشت كل الديكتاتوريات اللاحقة على دربها. فقد صادر الانقلاب الحوار الوطني الذي دار حول منهج الحكم آنذاك .ومن الثابت والمعروف أنه في ظل الديمقراطية، لا في غيبتها، يتدرَّب الشعب على الحكم النيابي والاستمساك به". وهكذا فرَّط الانقلاب في عادة الديمقراطية، وأرسى عادة الاستبداد .فكلاهما انقلاب ضد نظام ديمقرطي منتخب بذريعة "فشل الأحزاب"، وكلاهما بدأ يومه الأول بأمر دستوري، بيان رقم (and#1633;)، الذي أعلن قيام حالة الطوارئ. وكلاهما وعد بارجاع السلطة إلى الشعب في فترة قصيرة ولم يف؛ وكلاهما بدأ بدموية وأعدم المنقلبين عليه دون محاكمات غير عادلة في انقلابيّ علي حامد وانقلاب رمضان الشهيرين وفي الحالتين أصابت الاحكام الجائرة القاسية اهل السودان بما يشبه الصدمة والذهول وأثارت الغضب والحنق بين أفراد شعب مشبع بثقافة العفو والمسامحة. وكلامهما أغرق جزء عزيزاً من تراب الوطن وشرّد المتضررين في حلفا والمناصير وكلامهما نظام نكّل بالمعارضين وصادر الحريات مع اختلاف درجة الفظاظة ونوعية التنكيل. فمن المعلوم أنّ الأنظمة الانقلابية أجادت مقدراتها القمعية وطورت أجهزتها الأمنية بينما لم تستفد المقاومة من دروس الماضي ولم تدرّب نفسها وتؤهلها في مواجهة الديكتاتوريات.
    هذا الكتاب بما فيه من حقائق ووثائق نضعها اليوم بين يدي القارئ كانت تعبيراً لما كان يضطرم في دواخل بناة الوعي ولبنات تنير الطريق أمام جيل غلبته الهموم وساورته الشكوك وتفرقت كلمته وهو يواجه حكومة عسكرية وصفها بالعدوان والشراسة والمرواغة واعتمادها على شراء الذمم وإشاعة الانهزام وثقافة الخنوع وطرد الكفاءت بتمكين الولاءت وبإثارة الأثنيات تارة وبالشحن العاطفي الديني تارة أخرى. أما أكثر أوجه الشبه بين النظامين هو إصدار قوانين وتوقيع عقوبة الإعدام والسجن الطويل لكل من يعمل على تكوين أحزاب أو يدعو لإضراب، أو يعمل على إسقاط الحكومة أو يبث الكراهية ضدها ومراقبة الصحف وكافة المطبوعات، وإرغام الموطنيين على الإدلاء بأي معلومات تطلبها قوات الأمن، وإعلان حظر التجول، ومنع المواطنين من مغادرة السودان ومنع المواكب، وتفتيش أي منزل أو مبنى أو عربة بواسطة أي ضابط أو جندي أو رجل بوليس واعتقال أي مواطن بدون أمر قبض لأي مدة يراها مناسبة . حيث طوّر كل من النظامين اساليب متشابه في ضرب الحركة الديمقراطية واستقلال النظام القضائي والقضاء على الحقوق والحريات الديمقراطية عن طريق القمع المكشوف مما أدى لتجريد الشعب من أدوات النضال وساعد في فرض السيطرة عليه.
    وينبه الكتاب، بطريقة غير مباشرة، على أن المؤسسية ووحدة كل الأحزاب السياسية والقيادات الوطنية والشعبية والتنسيق فيما بينها ووجود آلية اتصال وتحديد حد أدنى من العمل المشترك وعدم استبعاد أي حزب أو أية مجموعة وتفادي الانقسام في صفوف الجماهير كان أهم عوامل نجاح الثورة وكان ذلك هو سلاح الجماهير الرئيس ضد أسلحة تفتيت وحدة الشعب وإحداث الانقسامات التي برعت السلطة في استخدامها. يوثق الكتاب كيف رفعت سلطة حكومة عبود راية معادة الشيوعية وجعلت منها ذريعة للقضاء على استقلال القضاء وكيف صار رئيس القضاء أبورنات مستشاراً سياسياً وقضائياً لحكومة and#1633;and#1639; نوفمبر وتدخله الذي وصفه الكتاب بالفظ في سير القضايا التي عرضت على المحاكم المدنية والعسكرية على السواء. واتسع مفهوم "معاداة الشيوعية" ليشمل النقابيين والوطنين والطلاب غير من الشيوعيين فيسوقهم إلى المعتقلات بتهمة الشيوعية وتطور إلى نظام ديكتاتوري شامل يعتقل ويُشرد ويفصل من العمل كل المعارضين له دون حسيب أو رقيب. وهو نفس الأسلوب الذي استخدمته مايو ومن بعدها الأنقاذ على ما اسموه بالطابور الخامس و"المرجفين". وحسب أفادات الكتاب، قد تم تقديم الكثيرين إلى محاكم إيجازية أوعسكرية وأصدروا عليهم أحكاما جائرة اعتمادا على تلفيقات البوليس أوالأمن لضمان إصدار أحكام عليهم دون التقيد بنشر حيثيات الحكم دون الالتزام بأي قانون. وصارت كلمة المحكمة لا تعني شيئا أمام سلطة مدير البويس، فمثلا يأمر قاضي المحكمة بإطلاق سراح المتهمين، وسلطات المباحث تأمر باعتقالهم وينفذ الأمر أمام القاضي نفسه، وكانت المحاكم لاتستطيع التحقيق مع ضباط الجيش وإن حاولت تماطلوا وأحيانا ترفض سلطات الجيش الخضوع لهذا الأمر. كذلك تم إصدار قوانين تخول لوزير الداخلية حق رقابة أية جريدة أو إغلاقها ورقابة الرسائل التي ترد إليها بحجة إثارة السخط والقلاقل أو معارضة الحكومة. وكمثال نورده هنا منعت حكومة عبود الصحف عن الإشارة إلى أي خبر عن مشكلة مياه النيل أو مشكلة الحدود في حلايب. وقد نشرت (السودان الجديد) في خبر صغير أن الجانب السوداني سيتطرق إلى مشكلة الحدود. فأصدرت وزارة الداخلية أمرا بتعطيلها فورا .واشترطت مصلحة الاستعلامات الحصول على أذن مسبق قبل النشر عن إي من المواضيع التى اعتبرتها حساسة وهو نفسه نظام الرقابة القبلية على الصحف الذي استخدمته حكومة الإنقاذ. الملاحظ أنّ الحكومات العسكرية اتفقت كلها على قواسم هي: حل البرلمان والأحزاب والنقابات وتعطيل الصحف أو تأميمها بالإضافة إلى اطلاق سلطات الاجهزة الأمنية وحظر النشر في بعض المواضيع التي تعتبرها حساسة مثل العلاقة مع مصر، مشكلة الجنوب والحرب وغيرها. فحين نقرأ المثال اعلاه والذي حدث في أوائل الستينات من القرن الماضي نشعر وكأنه صدر من حكومة الأنقاذ في مطلع الشهر الجاري، فكأن "الأشياء هي الأشياء ".
    ويسلط الكتاب الضوء على اعتداء حكومة عبود وجهاز شرطتها وعلى رأسه أبارو على كثير من قيم الحرية بسن وتطبيق قانون الحبس التحفظي وحرمان المعتقلين السياسيين المرضى من حق العلاج وسوء معاملة عائلات المعتقلين عند زيارتهم وإجراء تحديد إقامة المواطنين في منازلهم أو في مدن معينة. مما يثير فضول القارئ بأن يسأل: هل كان ذلك الزمن جميلاً بحق؟ وقد استخدمت من بعدها مايو والأنقاذ ومدير أمنها نافع نسخة متقدمة من نفس الأساليب للتنكيل بخصومها. والكتاب أيضا يسرد وقائع وأحداث ويوضح بجلاء كيف أن حكومة عبود تعتبر أول من حظر المنظمات الديمقراطية وصادر أموالها ودورها وممتلكاتها لتجريديها من سلاح التنظيم والاتحاد والمقاومة وقد وقع أول هجوم عليها في يوم and#1635; ديسمبرand#1633;and#1641;and#1637;and#1640;، حيث ألغيت النقابات وحل إتحاد النقابات كما ألغى قانون العمل والعمال لعام and#1633;and#1641;and#1636;and#1640;م وصدر قانون and#1633;and#1641;and#1638;and#1632; ليحرم الذين لا يعملون تحت مخدم واحد من حق تكوين نقابات ويشترط ألا يقل عدد العمال عن and#1637;and#1632; عاملا تحت مخدم واحد كشرط لإنشاء نقابة وذلك تلقائيا حرم آلاف المزارعين من حق تكوين نقابات أو أتحادات. وغنى عن القول أن نظامي مايو والأنقاذ فعلا نفس الشئ وكررا نفس سنيارو حل النقابات العمالية وإبدال قيادتها بقيادات موالية للنظام وفصل وتشريد غير الموالين وذلك لتثبيت حكمها السلطوي المطلق الذي تحتكر بموجبه كل السلطات .وقد أفرد الكتاب فصلاً خاصا بمواقف الأحزاب السياسية ودورها في مقاومة حكومة بل يحمِّل حكومة عبود وزر أول من استخدم اساليب قمع دخيلة مثل اطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين لأول مرة في تاريخ السودان. ويرصد انتهاكات الحكومة ضد الأحزاب وقياداتها وجماهيرها ويورد بالتفاصيل كيف كانت تتم تلك الانتهاكات ومثال ذلك ماحدث ليلة المولد النبوي الشريف مساء الأثنين and#1634;and#1633; أغسطس عامand#1633;and#1641;and#1638;and#1633;م (مجزرة المولد) باطلاق الرصاص الحي لأول مرة ضد حشد موكب المولد الذي درج على تنظيمه الأنصار في ليلة المولد النبوي الشريف بحجة أنهم نظموا طابوراً عسكرياً، فراح ضحيته and#1633;and#1634; من المواطنين الأنصار وهم يؤدون شعائرهم الدينية داخل ساحة المولد .
    يفرد الكتاب فصلاً كاملاً عن اعتداءات حكومة عبود المتكررة على الاستقلال الجامعة وعلى الحرم الجامعي ويعدد أمثلة كثيرة لمثل ما حدث في نهاية عام and#1633;and#1641;and#1638;and#1632; حيث أعتدت قواتها على الطلبة داخل الحرم الجامعي ولم تتورع عن الإعتداء على الطالبات في داخلياتهن تحت إشراف طلعت فريد الذي تفوه بألفاظ منافية للأدب العام ضدهن لا يمكن أن تصدر من شخص عادي ناهيك عن وزير مسئول .وحسب ماجاء في الكتاب فأن طلعت فريد هو نفسه صاحب عبارة "رفيقي في السلاح ديجول" الذي قال في مؤتمر صحفي عقده في فبراير عام and#1633;and#1641;and#1637;and#1641;م قائلا للصحفيين في معرض الحديث عن تفجير فرنسا قنبلتها الذرية في الصحراء الأفريقية "لا شأن لكم حتى إذا فجرت هذه القنبلة في أرض البطانة"! وفي مسالة الجزائر قال لهم: "لا معنى لأن تهاجم صحافتنا فرنسا. فكما تقتل فرنسا الجزائريين فإن الجزائريين يقتلون الفرنسيين! ويستمر الكتاب يرصد بشكل دقيق نضال الطلاب والطالبات ابتداءً من قرار حل اتحاد الطلاب وقرار الحكومة بضم الجامعة إلى وزارة المعارف إلى أن قامت ندوة and#1634;and#1633; أكتوبر بالجامعة التي دقت أخر مسمار في نعش حكومة عبود العسكرية بأول ثورة في أفريقيا والعالم العربي يسقط بها شعب أعزل ديكتاتوية مدججة بالسلاح دون أحداث شغب أو اعتداء أونهب لممتلكات أو منزل أحد ليقدم للعالم أجمع أروع مثال في كيف يحرس الشعب ثورته.
    أفرد الكتاب فصلا خاصا بالمثقفين ودورهم في النضال ويذكر بالتفاصيل مواقفهم في مساندة البطل باتريس لومومبا رئيس وزراء الكنغو الذي اغتالته المخابرات البريطانية وحركات التحرر الأفريقية الأخرى ومواقفهم الصلبة من قضية تعذيب المناضل حسنين حسن وقضية قتيل المقرن في أوائل سنة and#1633;and#1641;and#1638;and#1634;، وتسليم الحكومة المناضلين الارتريين للإمبراطور هيلاسلامي وغيرها.
    والكتاب يعرفنا بصورة افضل بخطة الإضراب السياسي العام حيث يعطى الكتاب فضل فكرة ادخال واستخدام خطة الاضراب السياسي لاسقاط النظام في السودان للحزب الشيوعي السوداني حيث بدأ الحزب يناقش في أروقته سبل الخلاص من النظام في صيف and#1633;and#1641;and#1638;and#1633; وهي المناقشات التي خرج بها بخطة الإضراب السياسي العام كسبيل للاطاحة بالنظام وتم وضع خطة تنظيميّة في أغسطس and#1633;and#1641;and#1638;and#1633; لإدارة العمليات السابقة للإضراب السياسي العام وقد ظلت اللجنة المركزية للحزب وهيئاته القائدة توالي مناقشة هذه القضية بوصفها الخط السياسي الرئيسي للحزب في ظروف النظام العسكري، وكانت قضية الاضراب السياسي العام في مقدمة القضايا التي بحثتها اللجنة المركزية للحزب في دورتها المنعقدة في يوم and#1638; يناير and#1633;and#1641;and#1638;and#1635; وهي من أهم الدورات التي عقدتها اللجنة المركزية قبل قيام الثورة. ويقول الكتاب إنّ الحزب كان متحوطاً لإفساد الإضراب السياسي من الثوريين بقدر إفساده من الديكتاتوريين. وعليه تربص بالاتجاهات اليسارية في داخله التي جعلت تنفيذ الإضراب واجب الساعة لا عملية طويلة من المد والجزر. كما حدث في الحزب الشيوعي فرع مديرية النيل الأزرق (مدني) والتي كانت ترى بضروة التنفيذ الفوري المباشر دون أن تعي أنّ ميقات تنفيذ الإضراب العام رهين بقدرات الطبقات الاجتماعية وطاقاتها ويتطلب التنسيق والتدبير والاستعداد ليوم النزال، وهو الأمر الذي أدى إلى خلاف ايديولوجي داخل صفوف الحزب ونتج عنه تأسيس الحزب الحزب الشيوعي السوداني القيادة الثورية والذي يقوم على ان عملية التغيير يجب أن تبدأ من الريف عبر الكفاح المسلح وأنّ السبيل الوحيد لبناء الاشتراكية هو الثورة الدائمة ضد الرأسمالية حتى هزيمتها وقيام مجتمع العدالة الاشتراكية.
    وعرض الكتاب علينا صورة للقوات المسلحة تساعدنا في فهم إن كانت السياسة مما يأتي للجيش من الخارج أم أنها مما ينبثق وسط الجيش نفسه وهل الجيش كيان معصوم من الخلاف نلجأ إليه متى ما تشاكست الأحزاب. إنّ كثيرمن أفراد الجيش لهم عقائد سياسية بائنة وولاء حزبي معروف. وبالتالي الجيش جزء هام في ما يدور من خلاف وطني وجدال حول قضايا السياسة. لذلك دعوتهم لحكم البلاد بافتراض خلوهم من السياسية يعتبرها الكثيرون دعوة فاسدة. الخلافات داخل الجيش تؤدي للانقلابات فلا يلد الانقلاب غير الانقلاب. ويتضح ذلك جليا في "انقلاب الصاغات" الذي فشل في مايو and#1633;and#1641;and#1637;and#1641; ثم انقلاب المرحوم الصاغ على حامد في نوفمبر 1959 حيث شهدت ليلة التاسع من ذلك الشهر أول صدام بالذخائر الحية بين وحدات الجيش في السودان. فقد تلاقى رفقة السلاح في قوات سلاح المهندسين، المؤيدة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم، ومدرسة المشاة، بقيادة المرحوم على حامد، قاتلاً ومقتولا في المنطقة العسكرية بأم درمان. وأعدم المنتصرون خمسة من قادة الانقلاب في 20 ديسمبر 1959 في أول بادرة منذ 1924. وبلغت حدة السياسة في الجيش بمن انعقد لهم لواء النصر حداً قتلوا رفاقهم على أعواد المشنقة حرماناً لهم من شرف الموت رمياً بالرصاص. فقد قضت المحاكم بإعدامهم رمياً بالرصاص ولكن المجلس نفث غيظاً و جعلهم يعدمون شنقاً.
    ثم يعيننا الكتاب على النظر في مسألة اسلمة الدولة التي بدأت بعد نوفمبر حيث يذكر أنّ حكومة عبود بدأت حرب الجنوب الثقافية باستخدام الأسلمة والتعريب كأداوات حكومية. فقد اعتمدت الحكومة على السياسة التي وضعها علي بلدو، مدير مديرية الاستوائية حينذاك، وهي عكس مجرى السياسة الاستعمارية بنشر الإسلام والعربية بدلاً عن الإنجليزية والمسيحية. واحتجَّ الجنوب على ذلك حتى توَّج ذلك بتأسيس حركة أنانيا. وعلَّقت حكومة عبود رفاق السلاح المعارضين على المشانق، وقتلت الأنصار في المولد وغيرها مما لا يمكن حصره مما يعتبره البعض موبقات سياسية.
    ومن أهم فصول الكتاب "الجنوب في ظل الحكم الديكتاتوري" والذي يبدأ بعبارة جوزيف قرنق الشهيرة "إنّ اللجوء إلى القوة يساوي من حيث الرداءة أفكار الإنفصاليين".وكان الحزب قد طالب بإعطاء المديريات الجنوبية الثلاث حكماً داخلياً مؤسساً على مجلس تمثيلي لكل القبائل بنسبة عددها لتنظيم شؤونها الداخلية مع وجود تمثيل ديمقراطي لها في المجلس النيابي المركزي والحكومة المركزية ومساعدتها مساعدة فعالة من الخزينة العامة لتطوير ورفع مستوى معيشتها. إلا أن الحكومة العسكرية، إمعاناً منها في القهر راحت، حسب ماجاء في الكتاب، تحتقر معتقدات الجنوبيين وتنشر سياستها باسم الدين الإسلامي وتتخذ من نشر الإسلام وسيلة لتدعيم مركزها السياسي تماماً كما أتخذت من الجوامع في الشمال ومن بعض رجال الدين منابر الدعاية لسياساتها وقد أعطت بذلك الفرصة للدوائر الاستعمارية لإثارة الضغائن والفتن وأحتضان دعاة الإنفصال. ويعطي الكتاب أمثلة كثيرة للفساد في الجنوب ومثال لذلك ماحدث لفرقة أعالي النيل للفنون الشعبية حيث حجز الحاكم العسكري فتيات الفرقة البالغ عددهن and#1635;and#1641; فتاة في معسكر وكان يخرج بهن مع بعض الضباط وأصدقائه من رجال الدولة في رحلات نيلية للترفيه، وكانت النتيجة أن حملت and#1635;and#1633; فتاة سفاحاً مما أثار حفيظة قبائل أعالي النيل حتى أعلن نظارها ومشايخها أنها لن تشترك مرة أخى في حفلات الحكومة!
    أوضح الكتاب أن للحزب قواعداً وسط العمال فقد ارتكز الحزب في المقاومة على الطبقة العاملة والتي أصبحت قوة وطنية مهمة واغتنت بتجارب وخبر نضالية غنية فصارت أهم جبهات الكفاح الوطني ضد الاستغلال والظلم الاجتماعي. وأدركت قيادة الحزب منذ نشئته حوجة المجتمع السوداني لتفعيل نصفه الآخر بحماية المرأة وصيانة كرامتها وحقها المتساوي مع حق الرجل في الحياة والتمتع بهذا الحق.
    وفي تناوله لمشكلة اغراق حلفا، يعطي الكتاب انطباعا عاما أنّ معظم المتضررين كانوا ضد مشروع السد العالي وإن مشاركتهم في أختيار الموطن البديل والتعويضات لم تأت رضاً بل لأخيتار أخفّ الاضرار. فبالرغم من وضوح وعدالة مطالبهم لنيل تعويضات مناسبة وإيجاد الموطن الجديد الذي اختاروه بدلاً عن أراضيهم التي ستغمرها المياه ظلت حكومة عبود وتراوغ وتهدد محاولة منها في اثنائهم وتفتيت وحدتهم وفرض الحلول التي أرادت أن تفرضها عليهم والتي أدت في النهاية إلى أرسال عدد كبير من جنود الجيش والبوليس لتعزيز قوات القمع في حلفا. لقد جاء في تصريحات الرئيس إبراهيم عبود عند زيارته لوادي حلفا: أن مواطني حلفا هم الذين سيختارون موطنهم الجديد. وكان لهذا التصريح أثر عميق في نفوس المواطنين. ثم جرت بعد ذلك المناقشات من جميع المواطنين بعد دراسة عميقة للدراسات التي أحضرتها اللجنة القومية من السلطات المختصة بذلك وكانت نتيجتها هي اختيار الأغلبية الساحقة من المواطنين لمنطقة جنوب الخرطوم. وأن الأغلبية الساحقة هي التي ترفض رفضاً باتاً منطقة خشم القربة كموطن لها. ولكن الرئيس لم يفي بوعده لتلك الجماهير الغفيرة التي استقبلته وهي تربط مصيرها بهذا الوعد. وكانت المفاجئة هي العكس تماما لما وعد به عبود حيث تم حل اللجنة القومية المنتخبة وبأن خشم القربة هو الموطن الذي تقرر إجباريا على أهالي حلفا. وحدث نفس الشئ عند إغراق منطقة المناصير في عهد الإنقاذ حيث وقف الرئيس البشير أمام حشد من أبناء الماصير الذين طالبوا الحكومة بالتعويضات المناسبة وحرية اختيار البديل واعلن الرئيس في حديث بثته محطات التلفزة عن موافقته على كل مطالبهم ووجه حكومة الولاية بتنفيذ دراسة الخيار المحلي واعمار المنطقة واعطاء المناصير حقوقهم كاملة. وتكرر نفس المشهد حيث رفضت الحكومة تنفيذ أيّ من وعود الرئيس وكونت لجنة حكومية حددت التعويضات والموطن البديل تماماً بل أسوء مما فعلت حكومة عبود.
    وعلى الرغم من أنّ كتاب يدعو إلى المساومة في السياسة وينادي بالحد الأدنى من الأتفاق لمواجهة ما اسماه بالعدو المشترك، أي حكومة عبود، إلا أنّه ينفلت في أحيان كثيرة باستخدام العنف اللفظي ضد الأفراد دون الجماعات خاصة ضد النقابيين واليسارين الذين خرجوا عن الخط أو كانت لهم آراء وأفكار مختلفة. أهم مايؤخد على الكتاب الشطَّط والإفراط في التنكيل بالمُناؤين ورفض قبول الاخر المختلف سياسيا ودينيا ومذهبيا حيث يستخدم الكتاب لغة عنيفة وجارحة ضد بعض الأفراد كما حدث مع محمد السيد سلام النقابي العمالي البارز وغيره وهو نوع من العنف السياسي دخل في الثقافة بهدف الإقصاء. ويتمثل ذلك جليا في اللغة العنيفة‏ والفظة التي تم استخدامها في الخطاب الرسمي‏ للتوبيخ واللوم والتقريع باستخدام اللغة العنيفة بهدف الإذلال بل المضرة والأذى بوصفهم بالعمالة والارتزاق والانتهازية وهو عمل مقصود يهدف إلى تدمير المصداقية والتشهير للاغراض السياسية .ويظهر ذلك جلياً في حالة النقابي الصارم علي محمد بشير الذي وصمه الكتاب بالخيانة والتزييف والغش والتضليل والانتهازية والعمالة لسلطات البوليس لأنّه لم يأخذ باقتراح اللجنة المركزية، في ظروف وأحداث حرجة، في عدم الدخول في إضراب لأنّ الظروف والتوقيت للأضراب لم تكن مناسبة حيث تم وصمه بالانتهازيّ لمجرد أنّه أبدى رأيه في موضوع من صميم اختصاصه. وكذلك خلى الكتاب من ذكر قاسم أمين والذي كان رئيسا الحزب وعضوا في اللجنة المركزية وعضوا في المكتب السياسي وسكرتيراً لاتحاد النسيج العالمي وهو قيادي مميز أرسله الحزب إلى خارج البلاد قبيل ثورة أكتوبر في ملابسات شخصية غير واضحة وقد تجنب الكتاب الإشارة إليه فورد اسمه عرضا في مذكرة صادرة من مكتب إتحاد العمال العالمي في ديسمبر and#1633;and#1641;and#1637;and#1640; ضمن مجموعة من النقابيين السودانيين المعتقلين. وملاحظة أخرى تتعلق بالكتاب وهي الميل إلى استخدام اللغة الحماسية التعبوية والتصعيدات المشحونة بردود الأفعال في وصف وتحليل بعض الموضوعات التي تتطلب التحليل السياسي العقلاني المتزن والمحسوب بدقة. وكذلك يلاحظ أنّ بعض مصطلحات تلك الفترة فقدت بريقها وانهكها التكرار لذا يجب مراعاة السياق الذي وردت فيه والفارق بين الخطاب السياسي الذي كان سائداً آنذاك والخطاب السياسي المستشري اليوم.
    وفي ختام هذه المقدمة القصيرة نؤكد أنّ التاريخ مرآة الشعوب وهو مغترف العبر والعظات وفي قول الفيلسوف الأسبانيّ جورج سانتايانا إنّ الذين لايتذكرون عِبَر الماضي يعاقبون بتكرار نفس الأخطاء. وعلى الرغم من مضي هذه السنوات الطوال على ظهور الطبعة الأولى من هذا الكتاب والتي طرأ خلالها تطور كبير في كيفية البحث وكمية وتعدد المصادر ولكي نستفيد من تجارب الصواب، ولنتتَجنَّب الأخطاء يجب أن يُقرأ تاريخ الأحداث التي وردت في هذا الكتاب بقصد الاعتبار بحيدة تامة والانتباه إلي الإطار التاريخي في البحث عن الحقيقة والابتعاد عن الفرضيات تماما كما يفعل القضاة في النظر إلى الشواهد والأدلة والملابساتand#1632; فالمؤرخ أو طالب التاريخ، في قول الفيلسوف الألمانيّ كارل فريدريش إشليقل، "نبيٌّ ينظر إلي الماضي ."ولا حاجة بنا إلى القول بأنه يجب أن يسبق الاستقصاء أي معرفة المعلومة أو الرؤية، فالاستقصاء والتحري يؤديان إلى تكوين الرؤية الصحيحة وليس العكس. فإن تكونت الرؤية قبل الحصول على المعلومة الصحيحة وقبل أخضاعها للتحليل ومقارنتها بالدلائل فسدت العملية لأنه في هذه الحالة يتم التركيز والبحث عن المعلومات التي تُثبت الرؤية المسبقة ويتم إهمال غيرها فتكون الاستنتاجات غير محايدة.
                  

11-23-2014, 04:50 PM

الأمين عبد الرحمن عيسى
<aالأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالله علي إبراهيم يهاجم كتابنا عن عبود دون وجه حق (Re: wadalzain)

    الأخ ود الزين تحياتي
    Quote: هل الكرنكى و شاموق محايدان ، حتى يؤخذ بأقوالهما ؟؟؟

    مؤكد أن الكرنكي و شاموق ليسا محايدين بحكم انتمائهما السياسي، لكن هل المعلومة التي نقلتها عنهما غير صحيحة؟؟
    مشاركة الحزب الشيوعي في المجلس المركزي الذي أنشأه عبود لا جدل فيها و لا تحتاج لمرجع و قد أكدها الدكتور عبدالله علي إبراهيم و ساق أمثلة لمشاركات أخرى في اتحادات وتنظيمات وبرر لماذا تمت هذه المشاركات.
    إذن فقد أتيت أنا بإفادة صحيحة و ليس من حق عبدالله علي إبراهيم أن يعيب علي إيرادها يطريقته غير المقبولة هذه.
    لكن الأمر المهم يا أخي ود الزين هل أشار سفر " ثورة شعب ست سنوات ضد الحكم العسكري الرجعي " إلى هذه المشاركة ؟ أم أنه تجاهلها كأنها لم تكن؟؟

    (عدل بواسطة الأمين عبد الرحمن عيسى on 11-24-2014, 03:39 PM)

                  

11-23-2014, 04:50 PM

الأمين عبد الرحمن عيسى
<aالأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالله علي إبراهيم يهاجم كتابنا عن عبود دون وجه حق (Re: wadalzain)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de