|
أربعينية الراحل المقيم الدكتور محمود السيّد محجوب
|
في أربعينية المرحوم الراحل المقيم الدكتور محمود السَّيد محجوب لا بد من كلمة أولاً تتعلق بسيرته ومسيرته التعليمية، فقد ولد المرحوم في مدينة عطبرة في العام 1943م بحي أم بكول العريق وفي السادسة من عمره التحق بخلوة النجاح وبعد عامين التحق بالمدرسة الغربية الابتدائية وقرأ المدرسة الوسطى بمدرسة العمال، ثم التحق بعطبرة الحكومية القديمة وكان من الدفعة الثالثة والستين حيث التحق بجامعة الخرطوم كلية الاقتصاد والدراسات الاجتماعية وتخرج فيها بعد خمس سنوات في العام 1968م بعد نيل درجة الشرف في الاقتصاد ثم التحق بمصلحة الإحصاء بالخرطوم في ذات العام، وبعد بضع سنوات بعث إلى بولندا حيث أكمل دراسته العليا في الماجستير والدكتوراه وعاد بعدها ليعمل خبيرا للأمم المتحدة في عدن باليمن الجنوبي ثم خبيراً للمعهد العربي للتخطيط بالكويت وبعدها التحق بمجلس التنمية بسلطنة عمان في العام 1990م كخبير من الأمم المتحدة وبنهاية المشروع تعاقد مع حكومة سلطنة عمان كخبير اقتصادي بوزارة الاقتصاد الوطني ثم المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي، وتربع على هذا الكيان الاقتصادي لأكثر من عشرين عاماً وأعطاه كل خبرته وسكب جلّ علمه في هذا المجال حتى نال ثقة العمانيين جميعاً واحتفى به كل من عرفه من الجالية السودانية بسلطنة عمان.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: أربعينية الراحل المقيم الدكتور محمود السيّد محجوب (Re: محمد عثمان محمود)
|
كلمة الدكتور عثمان السيد محجوب .. شقيق المرحوم
نحن كأسرة نقول عن المرحوم أنه وكما قال أحد الأصدقاء كان السهل الممتنع، فقد كان الوالد - رحمة الله عليه- موفقا عندما سماه محموداً فقد كان حقيقةً جديراً بهذا الاسم، فقد كان محموداً في الأرض وأظنه كذلك في السماء .. وكان محموداً لكل من عرفه من الأصدقاء والأسرة الكريمة .. رحم الله محموداً وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا
سيرة محمود لا تنتهي، فقد كان من أبرز صفاته الوفاء لكل من عرفه من الأصدقاء والزملاء والأسرة عامةً، والفضل ما شهد به الناس، ونسأل الله أن يلزمنا الصبر والسلوان، ونكرر شكرنا الجزيل للجالية السودانية بمسقط ولكل العاملين بالمجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي بسلطنة عمان ولزملائه العمانيين الذين حضروا مع الجثمان وكان لهم حضوراً مميزاً وكان لقدومهم مع الجثمان وقعٌ كبيرٌ على الأسرة مما خفف العناء عنّا كثيرا من وقع هذا المصاب الأليم وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وختاماً أستعير بعضاً من أبيات أخي النضيف في رثاء محمود:
كنت أخونا كنت أبونا كنت صديق كنت الجَبَنَة في الأرتيق كنت حِريفْ نفكبو الرِّيق كنت العَطْفة والمشٍّيق والقادوس يشيل يِدْفِق وكنت معانا بِتْصَفِّق and#8195;
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أربعينية الراحل المقيم الدكتور محمود السيّد محجوب (Re: محمد عثمان محمود)
|
الى جنات الخلد الخال الصديق" آبا سارة " جبل الود الصافي ..
ها قد مرت اللّيالي والأيام وقد مضى على فراقك عنا أيها الغالي الحبيب أربعون يوماً كاملة وما زال مكانك أخضراً ، ومازال الحــــب لك وفيـك، و الوفاء لذكراك يعمِّر قلوبنا ويحـــرك مشاعرنا، إن يوم الخميـــس الموافق الحادي عشر من شهر سبتمبر 2014م لهــــو يوم حزين لأسرتنـــا الممتدة ولأحبائك وأصدقائك وزملائك وكل من عرفك، يا من كنت تملأ السمــــع والبصر وتملأ دنيانا بهجة وسرورا.
نحـــن نعلم أن رحيلك قدر مكتوب ولكننا سنظل نسأل لماذا هذا الرحيـــل المبكر؟ فقد عشنا معك حياة كان فيها الكثير من الألق والود الصافي والكثير من التعلم والآمال .. برحيلك عنا وقفنــــا مذهولين من هول الفاجعة وما كنّا مستعدين لهذا الرحيل لنقول كلمة الوداع .. الوداع .. الوداع.
فمازلنــــا نحتاج لعلمك ونصائحك وإلهامـــك وألقك وشفافيتك وصفائك، بل الإنسانية جميعها مازالـت في حاجـــة إليك خاصة وأنك إنســــــان مكمّل كما قال عنك صديـق عمرك القانوني الضليع سيد عيسى، فأنت حقيقــة قد بلغــت طور النفـس المرضية التي وصفها الصوفي شمس التبريزي بأنها "حيث يصبح المرء مشكاة للإنسانيــة، يبث الطاقة في كل من يطلبهــا، ويُعلّم ويُنـَّور مثل أستاذ حقيقي وقد يمتلك المـــرء أحيانا قوى شافية أيضا فحيثما ذهب يحدث أثرا كبيراً في حياة الآخرين، ففــي كل شيء يفعله ويصبــو إلى عمله يكون هدفه الرئيسي خدمـة الله من خلال خدمة الآخرين " وذلك في رواية قواعد العشق الأربعــون والتي أشرت علي بقراءتها مؤخراً وكنت انتظر مناقشتك فيها ولكنّك رحلت دون إفهامي بعبقريتك الفذة ما استعصى علي فهمه كعادتك .
فراقك ورحيلك عنّا صعب ولكن لا نملك إلا أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون .
رحلت عنا ومازالت روحك الطاهرة تبعث فينا الأمل لنسير على طريق الألق والود الصافي الذي رسمته لنا ونعاهدك بالوفاء والإخلاص لكل شيء كنت تحبه وزرعته فينا وبتحقيق كل ما كنت تتمناه لنا كأنك حاضراً، حضورك ذاك الطاغي الذي كان يبدو كأنه أكبر من أي غياب، يرحمك الله أيها العزيز الغالـي ونسأله عز وجل أن يجعل قبرك نوراً وضياءاً ويسكنك فسيح جناته مع الصالحين والأبرار والشهداء .
أسامة عبد الرحيم محجوب أبو ظبي 21/10/2014م
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أربعينية الراحل المقيم الدكتور محمود السيّد محجوب (Re: محمد عثمان محمود)
|
كلمة البروفيسور علي عوض يوسف عميد كلية العلوم بجامعة السلطان قابوس
كان محمودٌ دائم الابتسامة و في حضوره تجد الابتسامة في كل الوجوه فقد كان فرحا وكان مرحا. كان محمود عالما و علي درجة عالية من الذكاء فقد جلست معه علي انفراد عدة مرات و استفدت منه كثيرا و كان فطنا و كان لماحا و كان ساخرا دون إحراج للغير. كان محمود قارئا و كان ذواقا في اختيار الكتب القيمة وكان كريما في لفت النظر إلي مثل هذه الكتب فقد أعارني أجمل ما قرأت و لم يكن يبخل بإعطاء كتبه لأصدقائه، بل كان يشتري نسختين من نفس الكتاب ليحتفظ في مكتبته بإحداها خوفا من عدم استرجاع الأخرى. كان محمود رجلاً كريماً بكل ما تحمل الكلمتان من معانٍ جميلة بل مهما قلت أو كتبت فلن أجد الكلمات المناسبة لوصف محاسن هذا الرجل. ليرحمه الله رحمة واسعة بقدر ما قدم للإنسانية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أربعينية الراحل المقيم الدكتور محمود السيّد محجوب (Re: محمد عثمان محمود)
|
عرفت الفقيد الراحل محمود عن بُعد .. وعندما التقيته لاول مرة بسلطنة عمان داخلني احساس بأني أعرف هذا الشخص منذ فترة طويلة فبدأت في مراجعة ملفاتي القديمة فلربما تكون صورته قابعة في إحدى زوايا الذاكرة . ولما لم اجدها أيقنت أنني أقف أمام إنسان لايمكن أن يصده إحساسك ،، فدخل مُرحباً به شغاف القلب. هي نفحات من البساطة والسماحة والبشاشة ينثرها الفقيد في وجه كل من يقابله. وكم تمنيت أن أعرفه عن قُرب لأكتب عنه أكثر فأنا على يقين أن ما كتبه عنه الاصدقاء المقربون هو قيض من فيض
رحمك الله وجعل مسكنك الدرجات العلا من الجنة ،،،،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أربعينية الراحل المقيم الدكتور محمود السيّد محجوب (Re: محمد عثمان محمود)
|
دوام باسم وتضحك قَرْ وجهك أصلو ما بِنْصَّر قلبك صافي أبيض صَرْ وفوق القاسية دوت مِنْشَر خلف الفارغة ما بتنجر زول النافعة ما زول شر بحر الجود محاوط البر كيف في لحظة تتبخر بدر الكون ونور يجهر وفجأة تغيب وما تظهر يا ناس بره وأهل عطبر صباح الخير خلاص عَصَّر وضل الغربة جاتو الحر وجف الكان قبيل أخضر ومحال الدار قريب تمطر الناس في ذكرتك تجتر ونوم العين جفل بالمَّر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أربعينية الراحل المقيم الدكتور محمود السيّد محجوب (Re: محمد عثمان محمود)
|
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم رحم الله الدكتور محمود السيد رحمة واسعة واسكنه الفردوس مع الصديقين الأبرار كم ابكاني نعيكم ايها الإخوة الأعزاء,, لا يعرف الفضل إلا اهله، كلماتكم الصادقة تجاه الراحل المقيم رسمت لوحة وفاء نبيلة ، تحكيها دموعكم واوجاعكم التى ابت إلا ان تعرفنا عن هذا الرجل الموسوعة حسن السيرة والسريرة ، لم اعرفه عن قرب، لكنني عرفته الآن منكم ، لله ردكم جميعا ، حتى في حزنكم إخلاص لا تحده حدود, ابكتني اكثر كلمات الإبنة مروة سيد عيسى، هذا إن دل على شيء إنما يدل عن معدن الراحل الفقيد ومكانته في قلوب الكبير والصغير نسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يرحمه برحمته الواسعة التي وسعت كل شيء . الـلـهـم ارحم عبدك محمود السيد رحمة واسعة ،، اللهم وسـع مـدخـلـه،وأغـسـلـه بالـمـاء والـثـلـج و الـبـرد ، اللهم نـقــه مـن الـخـطـايـا ،كـمـا يـنـقـي الـثـوب الأبـيـض ،مـن الـدنـس ، اللهم أدخـلـه جـنـات الـنـعـيـم ، يا رحمن يا رحيم . اللهم ابدله دارا خيرا من داره واهلا خيرا من اهله وادخله الجنة واعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار الإخوة الكرام اشاطركم الأحزان في فقدكم الجلل ، إنه لفقد عظيم ليس لأسرته واصدقائه فقط ، بل فقد لكل سوداني و لوطننا المكلوم البركة فيكم جميعا والتعازي موصولة لأسرته ولكل الأهل والمعارف بالسودان ومسقط إنا لله وإنا إليه راجعون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أربعينية الراحل المقيم الدكتور محمود السيّد محجوب (Re: اسماء الجنيد)
|
تحياتي أخ محمد و العزاء موصول لكم جميعا و لكل أهله و أصدقائه و معارفه و ناس دفعته
في اتصال قبل قليل مع دكتور عبد القادر الرفاعي طلب مني تنزيل الرثاء الذي تم نشره سابقا في الراكوبة فقد كان الراحل صديق عمره ،،،
Quote: كلمات في الوداع الأخير بقلم: فتحي الفضل في صباح السبت 13/9 .. حوالي الساعة السابعة و النصف رن جرس الهاتف.. و رغم أن الوقت بدا فجراً إلا انني لم اتردد في رفع السماعة و الرد علي المتحدث.. في الطرف الأخر كان الصديق والزميل عبدالقادر الرفاعي.. و في كلمات مقتضبة حزينة لكنها حاسمة.. "البركة فيكم .. محمود السيد توفي". لم يزد.. و لم اتكلم وجمت حتي مات الاتصال.. و هكذا هبط الحزن القاتل.. الحزن العميق الذي يلون كل شيئ بلونه الرمادي.. و يغير طعم كل شيئ إلي مرارة فظيعة.. الصدمة تعيق البدن و العقل.. و لا مفر.. الحقيقة المرة.. لقد ترجل محمود.. ذهب و لم يعد.. هل نبكي ؟ ونحزن؟! كيف؟ و ليكن.. فجأة جاءتني فكرة.. اذا كان من الممكن أن تنذكر ذلك الوجه الصبوح, ذلك الشخص البشوش.. ذو الضحكة الرنانة.. و الكلمات الحلوة الحاذقة التي تخرج كالسهم و تصاد بها.. تفك بعض طلاسم هذا العالم الردئ.. و تزيد عليها ببعض التعليقات الذكية.. يالهول المصيبة .. كيف يختفي إنسان بهذه السرعة!!. كنا نقول.. جميع الأصدقاء عندما تضمنا جلسات الأنس الصافية.. نقول و نتفق.. أنه لو كان هناك من يستحق لقب شاب وهو في السبعين.. لكان ذلك الانسان هو محمود السيد الذي تعرفه. كنا نلتقي منذ عطبرة الاميرية الوسطي.. أمام كوخ عمي "صقر" فراش المدرسة في لحظات شرب الشاي.. و في العصريات.. مرة أو مرتين في تمارين و مباريات "منازل" المدرسة .. كنا معاً في منزل "السوق" و معنا "عبده" و "صابر" و آخرون.. ضمتنا عطبرة الثانوية و للمرة الثانية نتلقي في مياديين كرة القدم.. و مرة و مرات في متاهات السياسة و دروب اليسار العطبراوي.. و تعطش جيلنا لمساهمة في بناء سودان جديد و سعيد.. احيانا كنا نختنق من الضيق حولنا.. عسكر عبود.. والتهديد المستمر لمستقبل البلد.. لكن عطبرة ذلك الزمان.. كان بها من الابطال الأمجاد.. من أفسحوا لنا الطريق.. و اناروا الدروب.. عبدالقادر سالم.. قاسم أمين.. الحاج و الشاعر مرسال.. تذكرون يا أحبتي.. تلك الكوكبة من أبناء عطبرة.. من امبكول و الداخلة و الحصاية و زقلونة و السودنة.. لم نكن ندري ما هو قدرنا.. و لكن كنا نحلم بصنع شيئ جديد.. علي طريقة استاذنا جيلنا سعد أمير طه.. و كما كان بعضنا يقفز علي الحصان و يبدعون في مباريات " المنازل" شابهنا جميعاً علي الإستفادة من عطبرة المدينة .. و عطبرة مدرسة الورشة .. و عطبرة مدرسة الصنائع و عطبرة فوق كل شيئ.. عطبرة مدينة البسطاء و الحلم بمستقبل جديد..إنهمكنا في التحصيل ليس بقصد حصد الجوائز و إن جاز لبعضنا أن ينالوا الكثير منها و لكن بقصد التكوين و التحصين للمستقبل.. كانت جرائد الحائط و الجمعية الادبية و مكتبة الفصل لهم نفس أهمية الدرس اليومي.. و ربما لدي البعض إحتلت مكاناً ارقي..كانت رحلة طويلة.. كتب عنها صديقنا موسي.. و كان الجزء الاول من كتابه وصيتنا جميعاً.. و وديعة لمن يأتي بعدنا.. فعطبرة الثانوية في سنينها الأولي نافست الوادي و حنتوب و خور طقت .. حتي في كرة القدم هزمنا وادي سيدنا.. و قائدهم "حبشي" لاعب الهلال.. كنا جميعاً في عطبرة الثانوية.. نلتقي أو نفترق.. يجمعنا حب الوطن.. والتفاني في خدمته.. و في تلك السن المبكرة كان منا من يحفظ عن ظهر قلب أشعار كمال عبدالحليم و يقرأ بإنتظام مجلات "روز اليوسف" و "صباح الخير".. و كانت مجلة "الكاتب" تصل البعض.. و نتبادلها بين الأيدي و كأنها الكنز الأبدي.. و بالطبع كانت كتب الهلال و ارسين لوبين و آخريات متداولة.. يحضرني في هذا المجال.. أن المرحوم محمد أبو القاسم كان احياناً و تحت تأثير "البهجة" و كثيراً ما يقف و يخطب فينا مقتطفاً فقرات من كتاب "كفاحي" لهتلر.. هذا هو الجو العام الذي نشأنا فيه.. ذلك الجيل الأول الذي أكمل دراسته الثانوية في عطبرة في نهاية الخمسينيات و بداية الستينيات.. بعضنا إشترك في مظاهرة إستلام جثمان الشهيد "صلاح بشري" أغلبنا هتف "عبدالهادي ###### الوادي" بشهور بعد تلك الحادثة. شاركنا في حضور الليالي السياسية.. و هتفنا "الدائرة لمين؟ .. لقاسم امين".. لم نكن نملك حق التصويت.. لكنا شاركنا منذ البداية مع اليسارالشيوعي.. و رفعنا بأصواتنا الشابة الأمل في حكم أفضل .. في أيامنا الأخيرة بالمدرسة.. و تواطؤ حكومة "عبود" مع النظام المصري و قبولها المذل للتعويضات المصرية في مقابل إغراق مدينة "حلفا" و ما جاورها من قري و مزارع.. خرجنا نهتف "ضياعك حلفا.. ضياع وطنية" لأول مرة كنا لفترة طويلة نجابه بوليس عطبرة المحنك و المجرب في تفكيك المظاهرات.. لم ينقذنا ذلك اليوم صافرة الساعة الثانية و خروج الالاف من العمال.. و في نهاية اليوم.. كان المرحوم أحمد حسن فضل السيد – ناظر المدرسة- يطوف علي مراكز البوليس بغرض الإفراج عن المعتقلين من الطلاب.. و منذ ذلك اليوم و إلي أن سقطت الدكتاتورية العسكرية الأولي كنا و محمود في طليعة شعبنا - الحركة الطلابية- في الصدام اليومي داخل الحرم الجامعي الموسمي في ملأ شوارع الخرطوم .. المحطة الوسطي.. السوق العربي.. شارع الجمهورية بهتافاتنا التي تشق السماء : "إلي الثكنات يا عساكر".. عاش نضال الشعب السوداني.. لم نتردد لحظة واحدة في الخروج في مظاهرة ضد النظام.. كما اذكر مثلما ترتاد ناظري صورة محمود السيد في المظاهرة التي دعت لها الجبهة الديمقراطية بالجامعة و خرجنا بضعة مئات في شارع الجامعة.. فاحصرنا بوليس الخرطوم من جميع الجهات.. و لم يكن هناك مخرجاً سوي العودة الخائبة إلي الجامعة. اذكر جيداً ذلك اليوم.. لأني إكتشفت ان صديقي محمود كان عضواً نشطاً في رابطة الشيوعيين.. و قد إستمر محمود في عضوية الحزب سنين طوال.. و قد طالته مشاكل التوصيلة و تقاعس بعض المسئؤولين في شئون التنظيم التي تسببت في فقدان لمئات من الكوادر المؤهلة, وبعدها عن الحزب لأسباب لا علاقة لها بتفانيهم و إيمانهم بالحزب و الوطن . خرج الراحل قاصداً جمهورية بولندا الشعبية بقصد الدراسة و التخصص فوق الجامعي, و معه صديقه و صديق الجميع كمال سنادة. و أثناء وجوده هناك و في معية الراحل علي عبدالقيوم –الذي درس الإخراج السينمائي- عاود الحنين محموداً مرة اخري لمعاودة عضويته في الحزب. في نفس الفترة زارنا محمود و شامة في براغ, لقضاء شهر العسل, و بطريقة محمود في التعامل مع الاشياء لم يتصل سلفاً.. المهم شرفني بل شرفتي شامة زوجتة بقبولهم البقاء شقتي و النوم علي اسرة اطفالي!! طرفة اخري من طرائف محمود التي لا تنتهي.. اخبرني علي عبدالقيوم ان الراحل كان قد تأخر قليلاً في إنهاء شهادة التخصص.. و سافرنا معاً للعاصمة وارسو حيث كان يتابع دراسته فاستقبلنا بترحاب شديد و كرم حاتمي لا حد له.. و يوماً بعد يوم يصر محمود علي ان نزور فلاناً و ان غيره سياتي للعشاء.. و بعد مرور عدة أيام بدأنا في حثه للإنتباه لمسألأة التحضير للإمتحانات و كتابة الدكتوراة.. و عندما ضاق ذرعاً بتدخلنا وقف صارخاً في وجهنا : "انتو (عورا) ولا شنو؟ اصلو انا ممتحن كامبردج ؟! " . و بعدها كانت لقاءات متفرقة في السودان و في الخرطوم و في منزل سيد عيسي في الهاشماب و بيت الاصدقاء قرب المعهد الفني.. كما إلتقينا مرات بلندن و إستضافنا دكتور كمال الرشيد .. تلك كانت السنوات الحلوة و كانت الاحلام تقودنا في درب المحبة و التفاهم و التمايز في خدمة الحزب و الوطن.. لم نشعر في تلك الفترة بالغربة عن عملية النضال و مشاركتنا فيه لم يكن مهماً مكانك الجغرافي.. بقدر مساهمتك المثمرة لتحمل مسؤولية النضال بجانب الشعب.. و فضح حكامه . كان جيل اكتوبر حتي الثمانينات جيل لا يموت.. أينما كان.. في السودان لعب دوره للمرة الثانية في إسقاط نظام الدكتاتور نيميري.. و شارك في الخارج في إعلاء راية التضامن.. و غل يد القتلة فأوقف حمامات الدم في يوليو 1971 و بقية محاكمات نيميري الصورية.. و عملية إغتيال المفكر الكبير محمود محمد طه . و إلتقينا اخيراً بالسودان في جلسة انس لا تنسي.. بوجود عدد من الاصدقاء القدامي : عبدو النور و سيد عيسي و جعفر الامين و محمود السيد و شخصي بمنزل صديقنا العزيز كمال سنادة .. و اعتزر عن الحضور الصديق الوفي موسي ابراهيم.. كانت ليلة صافية و ضافية.. تذكرنا شقاوة الشباب و إختلاجات القلوب في تلك الفترة.. تذكرنا الزميلات –و إعتزرنا- رغم كل شيئ.. و إنتقلنا لمنزل الصديق محمد قيلي – العطبراوي القح.. و هناك استمر السمر و الضحك و تجدد العهد علي مواصلة اللقاء و الإلتزام بما كنا عليه من إحترام و تقدير و إسهام للوطن. قبل أيام كنت احاور نفسي عن الاصدقاء الذين فجعت بفقدهم.. و هي عادة ازاولها بجانب العودة لتذكر اسماء ابناء الدفعة.. و توصلت و انا بين الحلم و اليقظة انه لم يبق الا القليل من اصدقاء العمر.. كنا دائماً ما نقول نحن اكثر من ال magnificent seven . فبقي عدد اقل .. و لقاءاتنا متباعدة.. و كما لم يبق لا القليل.. و بعد إنذار علي عبدالقيوم المبكر و وداعه في بداية القرن الماضي.. ها هو محمود الذي ظل يذكرني كلما دمعة الاعين في فراق حبيب و صديق.. إننا جميعاً وصلنا "الميز".. الموت حق و الحياة نهاية كل إنسان !! . لا أدري لماذا كنت دائماً –أظن- أني سأكون من اوائل المغادرين.. الذاهبين إلي الموت.. و المرحبين به.. و هكذا ظللت أنتظر و الاصدقاء يغادرون و كنت أظن أن اخرين سيكتبون عزائي عني و عن الاخرين . رجائي لكل الاصدقاء.. الاصدقاء الذين كان الراحل "واسطة عقدهم" ان تحافظوا علي العهد و علي انفسكم .. و ان ننذر ما تبقي من العمر في خدمة البلد.. و الا ننحني ابدا.. و علي ذكري من تركوننا يكون زادنا ومن يبقي اخيراً سوف يكتب الكلمة الاخيرة و لن ارشح احدا. فتحي الفضل مالمو – السويد السبت/الأحد سبتمبر 2014
في رثاء د.محمود السيد محجوب فإذا الملاء خلاء .. والأمل ذكري بقلم: د.عبدالقادر الرفاعي و الآن, أغمض محمود السيد محجوب عينيه و اغفي يوم الخميس الماضي فلا يفتحمها ابداً. لقد طواها علي كل ماضيه و لآخر لحظة من ذكريات, و كل ما في المستقبل من رؤي و امنيات.. خلف محمود ورائه احزان إجتاحت أسرته و أصدقاءه ل يس في مقدورنا جميعاً إحتمالها. حين بلغني نبأ نعيه في الصباح الباكر من يوم الخميس الماضي لم يخب إحساسي, و شقيقه عمر السيد ينهي إليًّ أن محموداً قد توفي: هل جاءه الموت من سداد شريان أم كتب حادث مروري مروع نهايته الأبدية؟! إستطرد عمر أنه غادر الدنيا و هو عائد من العمل إثر نوبة قلبية. الآن لقد أغلق محمود السيد باب العمر وراءه و مضي فإفتقدنا وده الصافي ووفائه و إخلاصه المقيم لأصدقائي. أكثر من اربعين عاماً لم أر مثل محمود في هدوءه الرصين.. بضحك برقة و ضحكه يذكرني بغير شك بطفل, نظيف, ناضج, و إبتسامة اصفي من البلور. أذكر في آخر لقاء ضمنا في حفل عشاء اقيم علي شرفه في دار محمد ميرغني بحضور د.معروف , د.دنقل , د.أبو و شخصي. احضرت له لوحة رسمها فنان من القرن التاسع عشر, و رغم ثناءه علي روعتها جمالها إلا أنه خاطبني محتجاً : يا عزيزنا رفاعي نحن –وعلي الأقل ثلاثة منا- أبناء عمر واحد و لو وجدت قوة أينما وجدت علي سطح الأرض لترجعنا عشرين عاماً إلي الوراء لما ترددت في أن ادفع له مبلغ عشرين الف دولاراً لنعود ادراجنا إلي الاربعين.. فلماذا القرن التاسع عشر؟! ربما اكون قد شرحت ذاتي بطريقة رديئة, لكن بما لديكم من سرعة البديهة فسوف تفهمون ما أراد أن يقوله محمود. الآن و قد غادرنا محمود إلي الأبد, فإنني ادعو لروحه الأمن و السلام: بعيداً عن ثري الوطن يضج هواك في بدني و أحمل قبرك المغبون في الانواء و الشجن تهيل الترب للذات إذ تعطي بلا ثمن و تطلع في حباب الكأس كالأشباح كالكفن فكيف نعاك لي برق و كيف نعيت عن زمني جيلي عبدالرحمن لا أدري كيف أكتب عن محمود السيد, و عن التطابق الخلاق عنده بين القول و الفعل عند إنسان كبير, دفع ثمن هذا التطابق عن وعي, و عرف كيف ياخذ الدنيا بجد, لهذا و علي مدي ما تبقي من عمره ستكون ذكري محمود السيد من اغلي ما أحفظه بين الجوارح لشخصه النبيل و كذلك تكون صداقته بهذه الصفة و هذا الحجم سلاحاً يواجه به الأعداء و الحاقدين أعداء الحياة. لتغدو ذكري محمود السيد شعاراً في الحياة, و سلوكاً علي الدرب الأشد وعورة, و تبقي هذه المعاني التي جسدها إخاؤه نبع فرحنا به و هو في الغياب, و سمواً هو سموه في الغياب و سموه هو سمواً و هو في عالم الخلود. لهذا وجب الشكر علينا من ثنيات الوداع- أن نذكره بإستمرار- لاننا ببساطة لن ننساه أبداً. تعازيّ الحارة لزوجته الاخت شامه طه الشفيع و إبنته سارة و أبناءه سامر و عبدالمنعم و أشقاءه نصرالدين و عصام و توم و عثمان و عمر السيد وإلي فتحي فضل و سيد عيسي و عبدالمنعم خليفة, و لتبقي ذكراه خالدة في نفوسنا إلي الأبد.
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أربعينية الراحل المقيم الدكتور محمود السيّد محجوب (Re: محمد عثمان محمود)
|
أخي محمد عثمان نكأتم فينا جراحاً لم تندمل ولا أظنها ستندمل قريباً بفقد واحد من أعز ما حبانا الله به من أصدقاء صورته لا تفارق أعيننا وكذلك ضحكته الشفافة الحنونة ، يبكيه القلب وتذرف الأعين كلما طالعتنا صورته . المرحوم الدكتور/ محمود كان واحداً من نفر قلائل في أيامنا هذي أكرمه المولى عز وجل بأن حبب الناس فيه وحباه بالكثير من الخصال التي ندر أن توجد إلا فيمن إختصهم الله بحبه ..... صفاءً ومودة وحسن خلق وتعاطف وعفة لسان وتواضع مع كثرة العلم . هو الآن في ضيافة الرحمن الرحيم الذي لا تضيع ودائع المحبين عنده ، نسأله تعالى أن يختصه بواسع رحمته ومغفرته وفسيح جناته بقدرما أسعد أهله وأصدقائه ومعارفه وزملائه . ولا نملك إلا أن نقول وقوله الحق : " إنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم "
محمد عثمان الحاج
| |
|
|
|
|
|
|
|