طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 07:30 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-27-2014, 06:37 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد

    طالعت من خلال سودانيز أون لاين مشروع الدستور المقدم للمؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوداني ، وهو لا يختلف كثيراً عن الدستور السابق ، حيث يحفل بنفس الأخطاء النظرية ولا يخلو من "طبزات سياسية" .
    "الطبزات السياسية" سوف أطرح لها بوست منفصل أما الأخطاء النظرية فسوف أتطرق لها من خلال نشر مؤلف جديد سيصدر تحت عنوان هذا البوست " طائر النوء .. مدخل للتجديد – أو .. قطار الشيد عبد الخالق محجوب" سوف أنشر المقدمة ومقتطفات من أهم الفصول فيه وأتمنى أن يجد الذهن المنفتح لتقبل ما نختلف فيه والإختلاف حول الأفكار هو سر ألق وبقاء وديمومة هذا الحزب ، ومهما أتسعت دائرة الإختلاف فيه لا يهم مادام هناك اتفاق في القضايا الأساسية. وما دام الاختلاف يدار في جو معافى.
                  

03-27-2014, 06:38 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    "أي حزب ينشأ من أجل تحقيق أهداف معينة، ولا يوجد حزب ينشأ وهو لا يريد السلطة أو يسعى لها.. ونحن نريد الوصول للسلطة حتى نتمكن من تنفيذ أهدافنا وبرامجنا، هل هنالك حزب يريد أن يكون «لافتة» واسم فقط في الساحة السياسية؟"

    التيجاني الطيب بابكر
    سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني
                  

03-27-2014, 06:39 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    طائر النّوء

    النَّوء طائر بحري متفرد، شديد الشبه بالحزب الشيوعي السوداني في عدة أوجه، فكلاهما يتمتع بالخاصية المدهشة على الاستمرار والوجود، على الرغم من وعورة الطريق، وصعوبة الظروف، وضيق الخناق، والمعاناة التي تحيط بذلك الوجود، وكلاهما يمتاز بالصبر والمثابرة، الأول يعد من اصغر الطيور حجماً، ربما بحجم قبضة الكف، والثاني كذلك صغير من حيث العدد، لكنهما كبيران من حيث النوع، ويتشابهان في الغموض والبأس في مواجهة الصعاب، وتحمل المشاق، حيث يستطيع طائر النوء الطيران المستمر لأكثر من 200 كيلومتر متواصلة بلا راحة ومن دون كلل، كذلك نجد الشيوعيين في ظل أحلك الظروف يسطرون الملاحم، ويجترحون الأساطير، لكم ألفوا الغناء خلف الغضبان وتحت أعواد المشانق وأزيز الرصاص تصويباً للمعنى وترسيخاً لقيم الثبات السودانية كما حدث بعد ردة يوليو 1971.
    يملك طائر النّوء قدرات مدهشة كالسير على سطح الماء، والمقدرة على التواصل مع بعضه بعضاً، ولو كانت متباعدة على بعد عشرات الأميال، وهي كذلك تألف السرية وتجيد فن التأمين لذا نجدها من النادر أن تقترب من اليابسة إلا في مواسم التكاثر. وتتخذ أعشاشها عادةً بين الصخور المحمية. وكذلك الحزب الشيوعي نجده في ساعاتِ الشدَّةِ يحتمي بين طبقات الكادحين وهي بالتأكيد أصلب عوداً وأشد منعة من الصخور المحمية.
                  

03-27-2014, 06:40 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    إهداء
    إلى فارس الحزن النبيل الذي لم ألتقيه، ولم ألتقِ مثيله، إلى الشهيد عبد الخالق محجوب وإلى روحه التي تسامت وسمت وسمقت في العلا، تحلق فوقنا، غمامة، منارة، ومِئْزَرَه، تغطينا، ترشدنا، تهدينا حسن التفكير .. أهدى هذا السفر.

    عاطف عبدالله
                  

03-27-2014, 06:41 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    تقديم
    هذه الدراسة بأقسامها الثلاثة ليست أكثر من دعوة للتوقف مع النفس، وإلى التفكير الخلاق في محاولة للإجابة على السؤال المقلق: ماذا حقق الحزب الشيوعي السوداني من برنامجه خلال قرابة السبعين عاماً الماضية، وكم من أعوام أخرى يحتاج كي يتمكن من إنجاز المرحلة الأولى من برنامجه، برنامج التحول الوطني الديمقراطي؟. لا أقول ماذا قدم؟!، فقد قدم الكثير، ولكن اسأل هل تقدمنا أم تراجعنا؟ هل الحزب الآن أفضل عن ما كان عليه قبل ثلاثين أو أربعين عاماً تنظيمياً وجماهيرياً وإيديولوجياً وقرباً من الأهداف؟.
    الأهداف تتمثل في بلوغ الغايات (وطن خير ديمقراطي)، تلك الغايات التي أرهقنا وهرمنا دون تحقيقها، والتي بدلاً من أن ندنو منها نجد أنفسنا كل يوم أبعد وأبعد عنها، والأدهى والأمر هو الخسارة اليومية لكوادر الحزب التي أوهنتها المنافي والتشريد ودردرة السجون والمعتقلات والاستدعاءات ورهق الاختفاء الإجباري. عدا ذلك العدد الذي هجر مضارب الحزب ليس كرهاً فيه لكنْ لفقد الأمل واليأس من أي جدوى للنضال بعد سيل الإحباطات السياسية محلياً وعالمياً، داخل الحزب وخارج الحزب، كما يجب ألا نغفل العدد الذي ترجل عن صهوته لخلافات نظرية ومنهجية.
    الحزب الشيوعي السوداني مثل جميع الأحزاب الشيوعية يسعى ويناضل من أجل تغيير المجتمع، وتحقيق أحلام نبيلة، ديمقراطية تجعل من الوطن مكاناً جديراً بالحياة، والحزب لم يكتفِ بذلك بل حمل على نفسه عبأ ثقيلاً ومسئولية جسيمة تنوء بحملها الجبال، فما هو أثقل من رفع راية الشيوعية في هذا الزمن بعد أن انفض سامرها وتفرق شملها، وما تبقى منها من جيوب في الأرض ليست أكثر من "كانتونات" قمعية وبؤر فساد أقلقت نوم مؤسسيها الأوائل ماركس وأنجلز ولينين في مضاجعهم السرمدية.
    الشيوعية مشروع عظيم، رسم له أناس عظام، وسالت من أجلها دماء ذكية وتضحيات جسام سيتغنى بها الشعراء أبد الدهر، لكن الطريق إليها شائك وطويل، والحزب الشيوعي السوداني بوضعه الحالي، بحالته الراهنة، ببرنامجه السياسي، بسياساته، بممارساته، بتحالفاته، أبعد ما يكون عن ما يصبو إليه، ولكي يحقق أهدافه ليست تلك التي تعد في كنف المجهول بل الآنية المتمثلة في شعار المؤتمر الأخير (ديمقراطية راسخة وتنمية مستدامة، وطن واحد وسلم وطيد) لا بد من أن يشرع أسلحة التغيير على ذاته كحزب سياسي، وأن يبدأ بالاعتراف بالفشل الذي لاحقه، أن يبحث عن كوامن العلة فيه، وأن يمارس النقد الذاتي بشفافية، أن يراجع أخطاءه ومنها يبدأ التغيير، تغييره الذاتي يجب أن يسبق تغيير المجتمع، أن يراجع أولوياته، أن يراجع مشروعه السياسي، منهجه، تكتيكه، واستراتيجيته، تعامله مع حلفائه من الديمقراطيين، إعادة النظر في طرق تعاطيه مع الواقع ومع التنظيمات التي أنشأها، اتحاد الشباب، النساء، الجباه الديمقراطية ..إلخ .. كلها بحاجة إلى مراجعة، كلها بحاجة إلى ثورة، كلها بحاجة إلى التغيير، أعلم جيداً أن مجرد كلمة "تغيير" تزعج الكثيرين، لأن بعض النفوس تهوى ما استقرت عليه، ويصعب عليها أن تستوعب غيره، فترفض التغيير حتى قبل النظر فيه، فأسوأ ما يحدث لأي فكرة جديدة، وكما قال الشهيد فرج فوده، هو أن يطالعها المرء ونفسه مسبقة بالعداء. لذا فكل ما أطمح فيه من هذه المساهمة، والتي قد أصيب فيها وقد أخطئ، هو الإقبال عليها بعقل مفتوح، عقل ذكي تحفه (حذاقة الفؤاد والشغف بالمعرفة) عقلٌ يملك القدرة على استشراف ما هو أعمق من الظاهر، عقلٌ يرفض التغبيش والتزليف والتزييف ولا يرضى إلا بالحقيقة خالصة كابتسامة الوليد، عقلٌ منتج للفكر ومتفاعل معه وليس فقط مُتلقٍ سلبي له، وفوق كل ذلك نفسٌ تواقة لحاضر جميل ومتطلعة لمستقبل زاهر.
    لنفتح نافذة للحوار الجاد، المناقشة العامة السابقة أفرزت كثير من الآراء وعالجت كثير من القضايا لكنها لم تكن كافية للخروج بالحزب واليسار الديمقراطي عموماً من أزمته الراهنة، فما زالت مظاهر التقزُّم والتشرذُّم والضعف الفكري والوهن السياسي تمسك بتلابيب بالحزب، وأخطر ما في الأمر هو حالة الانحسار كظاهرة آخذة في الازدياد خلال السنوات الماضية، والتي لو لم تجد العلاج الناجع سيأتي اليوم الذي يجد فيه الحزب الشيوعي السوداني وحلفاؤه من القوى الديمقراطية الحديثة حالهم "كالمُنبتَ لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى".

    عاطف عبدالله

    (عدل بواسطة عاطف عبدالله on 03-27-2014, 06:42 AM)

                  

03-27-2014, 06:53 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    أوراق شيوعية 1/3


    الحزب الشيوعي السوداني
    والماركسية

    مْنَّ ينوء بحِمْلِ مْنَّ ؟
                  

03-27-2014, 06:56 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    مدخل
    ذكر لي أحد المثقفين من الذين تخلوا طائعين، بعد انهيار المعسكر الاشتراكي، عن عضويتهم بالحزب الشيوعي السوداني، بأن تمسك الحزب الشيوعي السوداني بالماركسية أشبه بنملة تحمل حبة كبيرة من البطاطس، الآن، وبعد مضي أكثر من العقدين من الزمان على ذلك الحديث، أقول بكل صدق وأمانة أنه أشبه بنملة تحمل جوالاً من البطاطس وليس فقط مجرد حبة واحدة.
    حزب شيوعي .. حزب ماركسي
    الماركسية كمصطلح فلسفي ونظرية اقتصادية أو منهج سياسي ظلت ملازمة للأحزاب الشيوعية العمالية في كل أرجاء المعمورة منذ وقع كارل ماركس وصديقه فردريك أنجلز في عام 1848 بيانهم الشهير الذي أطلق عليه لاحقاً المنفيستو الشيوعي أو البيان الشيوعي، وهو مسمى يحمل دلالات معينة ومعاني محددة، ومعناه الظاهر هو معناه المبطن في أهدافها، وتعد اسم على مسمى، وتتطابق كالصفة والموصوف فالشيوع لغةً هو أي حق مشترك بين أثنين أو أكثر، والشيوعية كمذهبٌ اقتصادي واجتماعي يقوم على إِشاعة الملكية بين أفراد المجتمع ، وتهدف إلى أَن يعمل الفرد على قدر طاقته، وأَن يأخذ المرء على قدر حاجته. وهو مجتمع لم يره أحد ، ولم يتصوره أحد، حتى العباقرة من منظروه لم يصوروا لنا أو يتنبؤوا كيف هو؟ أو في أي شكل سيأتي!!.
    والشيوعية ليست فقط وصف أو اسم لحالة علاقات الملكية ووسائل الإنتاج في المجتمع بل تحمل في مضمونها مهمة التغيير الاجتماعي المؤدي إلى تلك الحالة (الشيوعية) أي هي حالة وكذلك غاية تسعى لهدف كما أو قال ماركس "حتى الآن، كان كل ما فعله الفلاسفة هو تفسير العالم بطرائق مختلفة، أما الآن فقد أصبحت المهمة هي تحويله" .. ويتم تقديم وتعريف الماركسية ماركسياً، على إنها العلم الذي يقوم بدراسة قوانين تطور الطبيعة والمجتمع، وهي العلم الذي يدرس ثورة الطبقات المضطهدة المستغلة، كما أنها العلم الذي يصف لنا انتصار الاشتراكية في جميع البلدان، وأخيرا هي العلم الذي يعلمنا بناء المجتمع الشيوعي ".
    حينما كان العمال يعملون كالسخرة في أسوء ظروف عمل في المصانع ودون أي ضمانات أو ساعات عمل محددة ولدت الماركسية كصرخة إنسانية ضد إستعباد رأس المال للعمال، في تلك الفترة برزت الماركسية للوجود كحاجة ملحة لتغيير الوضع القائم، وكان قد تجمعت لدى كارل ماركس علوم الفلسفة الألمانية بدءً من جدلية هيغل ومادية فويرباخ ثم إلمامه بالتجربة الاشتراكية الفرنسية "كومونة باريس" ومن ثم دراسته للاقتصاد السياسي الإنكليزي المتطور، أسس ماركس ما اصطلح على تسميته بالاشتراكية العلمية وعلميتها اكتسبتها بفضل اكتشافين الأول المفهوم المادي للتاريخ والثاني نظرية فائض القيمة.
    وقد لخص المفهوم المادي للتاريخ، أو المادية التاريخية كما أصطلح على تسميته، التطور الاجتماعي في حقب، تبدأ من المجتمع المشاعي الذي تطور بعد ظهور الملكية الفردية إلى مرحلة العبودية، والتي أضمحلت تحت ضربات ثورات العبيد وتطور القيم الأخلاقية الحديثة بالانتقال إلى مجتمع إقطاعي، والذي تحول بفضل اكتشاف البخار والثورة الفرنسية (1789) إلى مجتمع رأسمالي تنافسي ووصل أعلى مراحله التي تتمثل في الرأسمالية اللا قومية أو الامبريالية والتي كما تقول النظرية الماركسية في حتمية التاريخ تتفاقم أزماتها ولا مناص لها من التحول إلى الاشتراكية التي تتطور بدورها سلمياً إلى الشيوعية "حيث أن كل الانتقالات السابقة كانت تناحرية" وهذا الانتقال يتم بواسطة السلطة التي تقودها الطبقة العاملة أو ما يعرف في الأدب الماركسي بدكتاتورية الطبقة العاملة حتى الوصول للشيوعية الهدف السامي للماركسية.
    أما فائض القيمة فهو العمل المنجز الذي يشكل الربح بعد خصم كافة المصاريف الأخرى، بما فيها الأجر الذي يعطى للعامل، والذي يذهب لجيب الرأسمالي أي أن الرأسمالي لا يرغب كما كان يفعل أسلافه في امتلاك العامل (كما في حقبتي العبودية والأقطاع) بل يكفيه أن يعمل لديه ومن يرفض يموت جوعاً، وهم لا يعطون ذلك (العامل) إلا ما يحتاجه للحفاظ على مواصلته للعمل، وهو أقل من قيمة الثروة التي ينتجها من خلال عمله، أي قيمة قوة عمله أقل كثيرا جدا من القيمة التي حققها من خلال عمله، والفرق هو ما صار يعرف بفائض القيمة.
    في تلك الظروف جاءت الماركسية وفي ذلك ننقل من الأستاذ الخاتم عدلان قوله (عندما بدأ شبح الشيوعية يُطارد أوروبا العجـوز، ويُقلِق نومها، ويُفزِع أباطرتها وطغاتها ويُجبرَهم على الانخراط في حِلفٍ مُقدّس. كانت قد وُلِدتْ بالفعل، واحتلّت مكانها على مسرح التاريخ، قوّة لم يسبق لها مثيل في عُنفوانها ونُبلِها ومشروعها الإنسانيِّ الأخّاذ . ذلك المشروع الذي أراد أن يُحوِّل العالم ويجعله مكاناً جديراً بإنسانٍ جديد متعدد المواهب والمَلَكات. ينمو في جميع الإتِّجاهات، ويكون شرطاً لِـنُموِّه هذا، النُّموّ الحرّ لكل إخوته في الإنسانية.
    عندما بدأ " ماركس" و " أنجلز " يرسمان معالم المشروع الجديد، تخدُمهما العبقرية والموهبة والذكاء، فقد انجذبت إليه بالفعل، وعلى طول أوروبا وعرضها، أكثر العقول استنارة، وأكثر المناضلين شرفاً وحماسة؛ وقد تفجَّرت في صدور الرجال والنساء أحلامٌ وآمالٌ، وامتلأت آفاقِهم باحتمالات نبيلة وخَـيـِّرة كفيلةٌ باجتياح السـماء. وقد نشأت لتحقيق تلك الآمال والأحلام والطموحات والاحتمالات، أخَـــــويَّات بشرية، لم تكن أقلّ من تلك الأخويات التي حقّـقها الأنبياء وسط أتباعهم. وقد كانت صداقة ماركس وأنجلز نفسَيهما، مثالاً ساطعاً على ذلك، قلّ أن يجود الزمان بمثلِه. وقد انخرطت هذه القوى في تغيير العالم، وتحقيق المشروع الاشتراكي، ثمّ الشروع بعده في بناء المجتمع الشيوعي، باعتبار ذلك تجسيداً لأنبل القِيَــم التي عرفتها الإنسانية، وباعتباره حلاً لأعقد الألغاز التي أنشأها التاريخ، وتجاوزاً لأصعب التناقضات التي عرفتها البشرية. وقد اتـَّسـَم نضال هذه القوى بالبطولة وبالشجاعة الفائقة وبنكران الذّات والازدراء بالمنفعة الشخصية والاستهانة بالمصاعب والأخطار .
    وبغض النظر عن التطورات اللاحقة، والأحداث المتلاحقة، وما أضيف من تطوير على النظرية الماركسية التي تم طرحها نظرياً في النصف الأول من القرن التاسع عشر إلا أن أهم ما ظل يميزها هو إمكانياتها الهائلة في أحداث التغيير في الواقع وفق معطياته من خلال استيعاب المادية الجدلية التي تسهل قراءة الواقع والإلمام بمكوناته، فمن يريد تحويل العالم، تكون البداية بتغيير الواقع ومن أراد تغيير الواقع سواء كان الطبيعة أو المجتمع يتوجب عليه أن يعرف هذا الواقع، تلك بديهيات، ومن المعلوم أن الإنسان يتعرف على العالم من خلال العلوم المختلفة، ولا تملك الطبقة العاملة في نضالها من أجل حياة أفضل إلا نظرة علمية للعالم للتعرف على هذا العالم. هذه النظرة العلمية هي المادية الجدلية أو الفلسفة الماركسية. والفلسفة الماركسية قدمت تعريف وتحليل للعالم أو لعالم كان موجوداً في 1848 للميلاد، ولو أكتفت بذلك التصور وتلك الأطروحات لكانت أضمحلت وانتهت مثل كثير من الفلسفات التي حاصرها الجمود والتي هي الآن لا وجود لها إلا بين طيات الكتب، لكن الماركسية قدمت القوانين التي تعرفنا على الأسس التي تتطور فيها المجتمعات أي المادية الجدلية التي تدرس أعم قوانين الكون، وهي القوانين التي تشترك فيها جميع جوانب الحياة من طبيعة فيزيائية ومجتمع، غير أن ماركس وأنجلز، وهما مؤسسا المادية الجدلية، لم يبدعا الجدلية من خيالهما، بل إن تقدم العلم هو الذي أتاح لهما اكتشاف أعم القوانين التي تشترك فيها جميع العلوم وصياغتها في قوانين فلسفة المادية الجدلية.
    وتقوم الفلسفة المادية الجدلية على مرتكزات عقلانية بحته وتستند فيما تذهب على بعض قوانين الطبيعة والمنطق الجدلي الديالكتيكي والاستكشافات الدارونية في أصل النشوء والارتقاء، وهي كمذهب فلسفي مادي، ترى وتؤكد في جوهرها أسبقية الوجود عن الماهية، أي أولوية المادة على الوعي، وأن الوعي، لدى الماركسيين، ما هو إلا انعكاس للوجود المادي عكس المذاهب المثالية والميتافيزيقية التي ترى أن الفكرة هي المطلق، وهي الأساس، والتي تستبعد العقلانية المجردة، وتستبدلها بوحدة عقلانية في سياقات مختلفة، أطلق عليها الفيلسوف الألماني جورج هيجل الفكرة المطلقة، أو المعرفة المطلقة، وعلى الرغم من أن هيجل يعد صاحب فلسفة مثالية إلا أنه أمدَّ ماركس وأنجلز بأهم أدواتهما، وهي قوانين الديالكتيك. ولا يدعي الماركسيون أن الشيوعية هي نهاية التاريخ، لأنه وفقاً للمنطق الجدلي، وقوانين الديالكتيك سيأتي نفي ينفي هذا النفي، ولكن ما يستجد لم نجد له أي تصور في إطار الفكر الماركسي.
    أي، تلخيصاً لما يهمنا هنا وبوضوح تام إننا إزاء فكر فلسفي مادي قائم على إنكار وجود أي قوى غير القوة المادية وأن الفكرة هي نتاج للمادة وليس العكس.

    المراجع والمصادر
    كارل ماركس (الفرضية الحادية عشرة حول فويرباخ ).
    أصول الفلسفة الماركسية تأليف جورج بوليتزر وجي بيس، موريس كافين تعريب شعبان بركات منشورات المكتبة العصرية صيدا – بيروت الجزء الأول ص 15
    المصدر : وثيقة (آن أوان التغيير) تم نشرها لأول مرة في (مجلة الشيوعي) فبراير 1994 العدد 157 في إطار المناقشة العامة التي طرحها الحزب بعد انهيار المعسكر الاشتراكي - هذا المدخل 1
                  

03-27-2014, 06:59 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    الماركسية والدين
    ظل اليمين الديني المتشدد يستخدم في حربه ضد الماركسية وسائل وأسلحة متعددة، وإن كان نقده لها في معظمه نقداً سطحياً لا يرقى لمرتبة الحوار العلمي الجاد، إلا أنه قد نجح في تشكيك الإنسان البسيط في الفكر الماركسي، ومدخله هو إثارة العاطفة الدينية، فهو يركز بدايةً وبما لا يخلو من خبث على أصول كارل ماركس اليهودية، موظفاً كل التراكمات التاريخية من عداء وكره لليهود، مصوراً للإنسان البسيط الماركسية كأنها بدعة يهودية وحلقة من حلقات تآمر اليهود والصهاينة والغرب عامةً على الإسلام والمسلمين، ومختتماً حربه بمقوله "الدين أفيون الشعوب"، ولا بأس في إضافة بعض المؤثرات الخارجية، مثل عبارة "لا إله والحياة مادة" بكل ما تحمله من معانٍ مؤذية لكل إنسان، نفسه وفكره ووجدانه قائم على التوحيد، وشهادة لا اله إلا الله، ونفسه مفطورة بحب المصطفى (ص).
    قبل البدء من التحقق والبحث من خلال الشبكة العنكبوتية حول الجزئيتين الأوليتين، حيث أن العبارة الثالثة "لا إله والحياة مادة" هي مجرد افتراء لا وجود لها في الفكر أو الأدب الماركسي، وهي لا تعدو أكثر من قراءة إيحائية سطحية للماركسية كفلسفة مادية. يجب الاعتراف بأن الماركسية لا تعمل ضد الدين، وتحققي ليس تبرئة لساحة كارل ماركس ولا للماركسية، ولا محاولة لصبغها بلونية غير تلك التي عرفت بها، والتي حددتها في الفقرة السابقة بأنها فكر مادي لا يعترف بالدين إلا في إطاره التاريخي والاجتماعي، لكن محاولاتي سبر أغوار تلك المقولات سعياً لتوضيح وتبيان الحقائق وتصحيحاً للمفاهيم المغلوطة، أما خطرها المزعوم على الدين والإسلام فسآتي على التطرق له لاحقاً على لسان الشهيد عبد الخالق محجوب خلال هذه الدراسة.
    ولد كارل ماركس في مدينة ترير بروسيا الرينانية (المانيا حالياً) في 1818 لأبوين يهوديين اعتنقا المسيحية البروتستانتية في سنة 1824. أي، وماركس في السادسة من عمره، درس بالجامعة الحقوق والتاريخ والفلسفة. وفي سنة 1841 أنجز دراسته بتقديم أطروحته الجامعية حول فلسفة أبيقور. أما مفاهيمه فكانت حتى ذلك الوقت لا تزال مفاهيم هيغلية – نسبة إلى هيغل – مثالية. و في برلين انضم إلى حلقة "الهيغليين اليساريين" (برونو باور وغيره) الذين كانوا يحاولون أن يستخلصوا من فلسفة هيغل استنتاجات إلحادية و ثورية.
    وعندما تخرج ماركس من الجامعة، أقام في مدينة بون، حيث كان يأمل بالحصول على منصب أستاذ في الجامعة، في ذلك الوقت كانت أفكار الهيغلية اليسارية تتقدم سريعا جدا في ألمانيا. و كان لودفيغ فيورباخ قد أخذ، منذ 1837 على الخصوص، يوجه النقد إلى علم اللاهوت و يتجه نحو المادية التي أحرزت الغلبة نهائيا عنده في سنة 1841 (كتاب "جوهر المسيحية")، وفي سنة 1843 ظهر كتابه "أسس فلسفة المستقبل." لقد كتب انجلس فيما بعد حول هذين المؤلفين لفيورباخ: كان يجب أن يكون الإنسان قد تحسس بنفسه الأثر التحرري لهذين الكتابين... فلقد أصبحنا نحن جميعا" (أي الهيغليين اليساريين بمن فيهم ماركس) "دفعة واحدة من أتباع فيورباخ أي فلاسفة ماديين. وقد كتب ماركس في عام 1843 تحليلا لكتاب برونوباور: " المسألة اليهودية " محدداً موقفه من الدين "لا يعود ثمة دين حين لا يعود ثمة دين يتمتع بالامتيازات. خذوا من الدين قوته المميزة له فلا يعود له وجود" .
    عدا ذلك لم يتعرض كارل ماركس كثيراً للدين في كتاباته، لكن ربما العبارة التي تقول "الدين أفيون الشعوب" قد فاقت في شهرتها مؤلف ماركس الرئيسي "رأس المال" الذي نشره أنجلز بعد وفاته بعامين 1885، تلك الكلمات الثلاث " الدين أفيون الشعوب " استخدمت بشراسه من قبل الآلة الإعلامية لليمين في حربه ضد الماركسية، والتي وردت ضمن كتاب ماركس " نحو نقد لفلسفة ألحق الهيجيلية 1844" قد تم تحريفها، وقرئت مبتورة تماماً مثل الآية الكريمة " لا تقربوا الصلاة .. كما أن قراءتها من دون الرجوع للظرف الموضوعي والذاتي - التاريخي الذي قيلت فيه يؤدي إلى نتائج خاطئة تماماً العبارة التي وردت هي :
    "Religion is the sigh of the oppressed creature, the heart of a heartless world, and the soul of soulless conditions. It is the opium of the people"
    وترجمتها " الدين هو تنهيدة المخلوق المضطهد، هو قلب عالم لا قلب له، وروح لحالات بلا روح، إنه أفيون الشعب" ومعناها أن الدين هو تنهيدة، وآخر ما تبقى للإنسان المضطهد في قلب العالم الرأسمالي القاسي "بريطانيا -ألمانيا- فرنسا – أمريكا (القرن الثامن عشر والتاسع عشر– نهوض الرأسمالية)، وهو عالم بلا قلب وبلا رحمة أو شفقة، وشروط البقاء والاستمرار فيه بلا روح، لذا كان الدين هو التنهيدة والنفس والزفرة وسط ذلك العالم، كما أن قراءتها في إطارها التاريخي أن العمال في ذلك التاريخ كانوا أشبه بالسخرة، وساعات العمل غير محددة وظروف العمل في منتهى القسوة، كما نجد أن ماركس الشاب لم يكن بعد ماركسياً بالمعني المتعارف عليه اليوم، بل كان هيجيلياً مستجداً، كما أن الأفيون في تلك الفترة التي عاشها ماركس 1818 - 1883 كان يعد أهم اكتشاف في عالم الطب والعمليات الجراحية لتسكين الآلام، وليس ذلك الأفيون المخدر الذي يذهب بالعقل كما هو اليوم، وكان يعتبر من أهم السلع في القرن الثامن عشر، حيث وبسببه خاضت بريطانيا وفرنسا حربهما ضد الصين لإجبارها على فتح أسواقها لاستيراد الأفيون.
    بترت المقدمة وحورت كلمة الشعب إلى شعوب حتى تعمم وتشمل كل الأديان وكل الشعوب.
    قراءة العبارة كاملة ومعرفة الأفيون كقيمة تجارية مشروعة يجعل من وصفها للدين من أجمل وأنبل العبارات التي لو أراد أكثر المؤمنين تشدداً أن يصفه لما تمكن من التفوق على ماركس في هذا الوصف.
    عموماً لم يول ماركس اهتماما كبيراً، كما ذكرنا، بالدين عكس رفيق دربه أنجلز الذي أبدى اهتماما أكثر بالدين، وتعتبر مساهماته في مناظرات "المادية ضد المثالية" أكبر إضافة للفلسفة الماركسية في تحليلها للدين، حيث حاول فهم وتفسير التجليات الاجتماعية الملموسة للأديان، بوصفها أيديولوجية أو شكلاً ثقافياً يتحول حسب العصور التاريخية المختلفة. لكن موقف الماركسية عموماً من الدين لا يختلف عن موقفها من كل التجليات الأخرى، حيث يخضع مثل جميع الأشياء للعقلانية البحتة كما ذكر أنجلز "يخضع الدين والطبيعة والمجتمع ونظام الدولة، وكل شيء إلى المثول أمام محكمة العقل لكي يبرر وجوده، أو لكي يزول من الوجود".
    يؤكد لينين، الذي يصف الدين بأنه ضبابياً صوفياً، في مقاله الاشتراكية والدين "1905"، على أن الإلحاد يجب ألا يكون جزءاً من برنامج الحزب، لأن "الوحدة" في النضال الثوري الذي تخوضه الطبقة المقهورة من اجل خلق فردوس على الأرض أهم بالنسبة لنا بكثير من وحدة الرأي البروليتاري حول الموقف من فكرة الفردوس في السماء"، مما حدا، وخلال العشرينات من القرن الماضي، قساً بروتستانتيا سويسراً سابقاً "جول أمبير"، في أن يصبح واحدا من قادة "الكومنترن" (الأممية الشيوعية) الرئيسيين من دون أن يتخلى عن معتقداته الدينية، عكس إمام المسجد الذي ورد ذكره في وثيقة "إصلاح الخطأ" .. إن إماماً بارزاً في قرية، وما حولها من قرى، تركن إليه الجماهير، وتستشيره في شئونها، انضم إلى حزبنا فبدأ ينفر من عمله وبدأ يبعد عن الناس، فلم ينفع الحزب ولم ينفع الجماهير التي كانت تحبه .5. إلخ .

    المصادر والمراجع
    5- إصلاح الخطأ في العمل بين الجماهير" عبدالخالق محجوب 1663 – الناشر دار عزة

    نواصل ...
                  

03-27-2014, 06:58 AM

أبو ساندرا
<aأبو ساندرا
تاريخ التسجيل: 02-26-2003
مجموع المشاركات: 15493

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    أتابع بشغف و أمل ، أن تسهم الدراسة بنتائجها وخلاصتها في إحداث تغيير ، ضمن آليات أخرى ، ليكون واسع و عميق
                  

03-27-2014, 06:18 PM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: أبو ساندرا)

    شكراً أبو ساندرا

    نواصل ..


    الدين والمجتمع
    لقد عاش الإنسان منذ القدم، وهو يسعى من أجل بقائه، وتلبية حاجاته بخوض حرب لا هوادة فيها ضد الطبيعة من أجل فهمها أولاً، ومن ثم ترويضها، حيث كانت ومازالت تشكل في كثير من الأحيان لغزاً محيراً يتجاوز حدود وجوده الخاص، أسئلة عديدة لم يجد لها إجابة، مثل مسألة الحياة والموت ومفاجآت الكوارث الطبيعية، لذا نجده منذ القدم، وهو يستعين بالدين ليستمد منه القوة والإرادة لمواجهة تقلبات الطبيعة، وحديثا كان للأديان أدوار أخرى أكثر عمقاً من مجرد مواجهة الخوف من المجهول، في تحديد القيم والمثل الأخلاقية العليا، ورسم السلوك الاجتماعي وتنظيمه، ومنح الإنسان هدفاً وغاية ومرجعية سماوية للقبول بكل ما هو خارج نطاق تفكيره وعلمه.
    ونجد للدين، ومنذ عصور الطوطم والتابو ، حتى العصر الحديث، مهمتان أساسيتان، المهمة الأولى اجتماعية تتعلق بالسلوك العام والخاص في الحياة اليومية، وتنظيم العلاقات الفردية والجماعية فيما يتعلق بمراسم وطقوس الحياة والموت والزواج .. إلخ، أي المعاملات. والمهمة الثانية للدين هي تحديد وسائل الخلاص في الآخرة بالتعبد والوفاء له، أي العبادات. وهذا الدور دائماً يترك الثواب والعقاب فيه للإله المعبود، أما جانب المعاملات وهي الهدف الاستراتيجي للدين، حيث العبادات، في أي دين، تصب في ترسيخ وتثبيت قيم المعاملات وتهيئة الفرد للممارسة دوره فيها، وللمجتمع قوانينه الخاصة التي يضبط بها أفراده فيما يخص المعاملات والالتزام بها أو الخروج عنها، وله وسائله التي يثيب ويعاقب بها، أقلها العزل الاجتماعي. ونجد، تاريخياً، أنه كلما كان للمؤسسة الدينية سلطات أوسع، وكلما ازداد نفوذ رجال الدين، يكثر النفاق في تأدية الطقوس الدينية، واضمحلت الحضارات ودخلت نفق الانحطاط أخلاقياً ودينياً وثقافياً وسياسياً، ونجد ذلك يتجلى في أسمى صوره في أوروبا، قبل حركة الإصلاح الديني البروتستانتي في القرن الخامس عشر، فيما بات يعرف بالعصور الظلامية، وكذلك انهيار الحضارة العربية في الأندلس، ويمكننا تلمس ذلك ومعايشته مما هو جاري الآن في السودان، كما نلحظ أنه كلما أتسعت دائرة الحريات كلما صار التدين عبادة خالصة لله، وكلما انتشرت الدعوة وأقبل الناس على الدين، أي أن الدين يتناسب طردياً مع دائرة الحريات يزدهر وينمو بازدهارها مثله مثل الثقافات والفنون والآداب والعكس، الانحطاط والظلامية، تتناسب طردياً مع ضيق دائرة الحريات وعموماً الحريات مرتبطة برفاهية المجتمع والدين والدعوة له كذلك.
    السودان هبة الدين
    لو كانت مصر "هبة النيل" كما قال مجازاً المؤرخ الإغريقي الشهير هيرودوتس فيمكن القول والتأكيد على أن السودان "هبة الدين"، فليس عبطاً أنه حينما أراد الخديوي محمد علي باشا فتح الممالك والسلطنات السودانية، أن جعل على طلائع جيشه أربعة من رجال الدين، يمثلون المذاهب السنية الأربعة، يحثون الناس على الخضوع وعدم مقاومة جيش خليفة أمير المؤمنين. وبفضل أولئك الدعاة، تحول أحفاد رماة الحدق البواسل إلى حمائم، كل فرد منهم كأنه أبو أيوب الأنصاري فتح قلبه وبيته في انتظار أخيه مصعب بن عمير القادم في جيش المهاجرين الغازي. وليس مصادفة حينما وحد الإمام محمد أحمد المهدي القبائل والأعراق السودانية وحرر السودان من الحكم الأجنبي برفع راية الدين، ولولا الدين لما قام له مقام.
    إن مجتمعنا السوداني الشمالي وإن أختلف الباحثون في تحليل مكوناته الأساسية لتنوعه وتعدد مصادر ثقافاته (العربية والزنجية النيلية والنوبية والأكسومية والغرب أفريقية) إلا أن معظمهم أتفقوا على أن جلَّ المجتمعات السودانية، بداوة وحضراً، كان للخلوة والمسيد والطرق الصوفية والثقافة الإسلامية القدح المعلى في تشكيل وجدانها، وتحديد ملامحها الثقافية الأساسية، هذا من دون إغفال دور الإنتاج البسيط من رعي وزراعة وحرفيات صغيرة من أجل سد الحاجة، وهنا أرجو عدم الخلط بين دور الدين السياسي والاجتماعي والثقافي، والذي أعنيه هنا، بالعقيدة الدينية ومعانيها الروحية والميتافيزيقية أو الفلسفية التي هي أبعد ما تكون عن مقصدي في هذا السياق.
    موقف الشيوعيين السودانيين من الدين
    الحديث عن موقف الشيوعيين السودانيين من الدين ليس بغرض الإدانة أو لصرف صكوك للغفران لهم، ولكن بسبب تأثير موقفهم من الدين سلباً أو إيجاباً على برنامج الحزب وعمل الشيوعيين وعلاقتهم بالجماهير.
    يولي الشيوعيون السودانيون المسألة الدينية اهتماما بالغاً، فهم يدركون جيداً أهمية الدين في الحياة الاجتماعية السودانية، كما أنهم يدركون جيداً أن الدين تاريخياً هو المدخل والثغرة التي ينالهم منها خصومهم، لذا نجد معظمهم حتى ولو كانوا غير مؤمنين يحرصون على تأدية شعائر الدين التعبدية والمشاركة في مناسباته الاجتماعية ومعاملاته الشخصية، والحزب يفرض قيوداً مشددة على أي عضو ملحد بألا يجهر بذلك تحت أي ظرف أو يبدي ما يمكن أن يفسر على أنه مساس بالدين، الأمر الذي يعكر صفو المزاج السوداني العام الذي يشكل الدين 99% من مرتكزاته الأساسية. ولو تم عمل استطلاع أو استبيان عقائدي لأعضاء الحزب الشيوعي للوقوف على تدينهم، نجد ان المؤمنين الملتزمين بينهم أكثر عدداً بكثير من الملحدين منهم، وسنجد حتى غير المتدينين من الماركسيين الماديين، أن الدين يشكل جزءاً أساسياً من تكوينهم النفسي والثقافي، ويرفضون تماماً دمغهم بالكفر والإلحاد. لكن ذلك لا يمنع وجود قلة منفلتة من الشيوعيين السودانيين يجاهرون بإلحادهم، وهؤلاء في الأغلب لا يمارسون نشاطاً حزبياً منظماً، أو انقطعت صلتهم بالحزب لأي سبب كان، ومعظمهم موجودون خارج السودان، في مجتمعات غربية، الدين والمعتقد لا يشكلان فارق يذكر في الحياة العامة، سواء في الحقوق والواجبات، أوفي العلاقات الاجتماعية.
    وكما بينا سابقاً، للدين مهمتان، أو رسالتان، مكملان أحدهما الآخر، رسالة العبادة، ورسالة المعاملة. ورغم أنهما لا ينفصلان إلا أن المهمة الأولى تخص المرء وربه، وهو جانب إيماني بحت، لا يستطيع أي إنسان إثباته أو نفيه لدى الآخر، إلا بما هو ظاهر من القول أو الممارسة، أما المعاملات فلها اهمية كبرى في الإسلام، لذا نجده قد أفرد لها مساحة واسعة من الشرح والتفسير لدقيق تفاصيلها في كتابه المقدس القرآن الكريم، عكس العبادات التي نجدها فيه مُجْمَلَة الذكر دون تفاصيل، لذا جرى القول "الدين المعاملة"، والمعاملات لا تقتصر فقط على تنظيم العلاقات القانونية أو الحقوق الشرعية فحسب، بل تتعداه لكل جوانب الحياة في المجتمعات المسلمة بين الفرد والمجتمع من الميلاد إلى الممات، من الشخصي إلى العام، منذ أن تستيقظ في الفجر وحتى تهجع للنوم ليلاً، كل حركة وكل سكينة تؤدى وفق رؤية وليس خبط عشواء أو عبثية، فهو يحدد تفاصيل التفاصيل من أمور الحياة اليومية للفرد المسلم، وتلك التفاصيل ذات تأثير كبير وسط الجماهير، فيما يخص الرفض أو القبول الشخصي، خاصة من الشخص الذي يطرح نفسه لقيادتها سياسياً كان أو اجتماعياً، فقيادة الحزب، وبحكم مسئولياتها السياسية وبحكم أنها دوماً تحت دائرة الضوء، وسلوكها العام والخاص مراقب من قبل الجماهير نجدها تتعامل بحرص أكبر مقارنة بالأعضاء العاديين على إبراز التزامها الديني، والحرص على احترام التعاملات اليومية حسب الأعراف الدينية، ولقد رأينا كيف أن محمد إبراهيم نقد السكرتير العام الراحل يؤم القيادات الحزبية الدينية داخل المعتقل بسجن كوبر بعد انقلاب 30 يونيو 1989، ونجد أن الكثير من أعضاء اللجنة المركزية يحرصون على أداء الصلاة في جماعة بل أن عند رفع الآذان، ومنذ تأسيس الحزب، تتوقف اجتماعات اللجنة المركزية، وكثير من الهيئات والمكاتب والخلايا لأداء الفروض التعبدية. وظلت الندوات الجماهيرية تاريخياً تفتتح بآيات من الذكر الحكيم، ونجد أعضاء اللجنة المركزية والقياديين الأكثر حرصاً على ممارسة الطقوس الدينية وتأدية واجباته الاجتماعية، ولا يمكن الادعاء بأنهم يكذبون أو ينافقون حاشا وكلا، فمن يلج أبواب هذا الحزب حاملاً عنقه على كفه بالتأكيد لا يبتغى عرض الحياة الدنيا، وهو أبعد ما يكون عن الكذب والنفاق، لكن حتى غير المؤمنين نجد أن احترام مشاعر المؤمنين ومتطلبات الوجود في المجتمع بعلاقاته المؤسسة حسب متطلبات الدين حتم عليهم ذلك. لكن التمادي في نفي تهمة الإلحاد والحديث الممجوج عن إثبات التدين من قبل بعض قيادات الحزب يؤدي إلى نتائج عكسية، يكفي الالتزام بالتعامل وفق الأعراف والتقاليد السودانية وهي أعراف وتقاليد للدين دور كبير فيها، واحترام ممارسة الواجبات الدينية لكسب احترام الآخرين.
    كثير من المتدينين من أعضاء الحزب الشيوعي يعتقدون في الجانب الاقتصادي للماركسية، ويرفضون جوانبها المادية والفلسفية، وهؤلاء لا يمكننا أن نطلق عليهم ماركسيون إلا مجازاً، لأن الماركسية كفكر ومنهج لا يمكن حصرها في الجانب الاقتصادي فقط، لأنه مرتبط بالجانب المادي التاريخي أو تفسيرها للتطور الاجتماعي، وكلاهما قائمان على الفكرة الأساسية، أي الفلسفة المادية، التي لا يمكن حصرها كذلك في تفسير الواقع، بل هي أساس النظرية التي تعمل على تغييره، وهي تشكل المعرفة العلمية لهذا الواقع، وبدون معرفة علمية للواقع، خاصة علاقات الانتاج وشكل الملكية فيه، لا يمكن تغييره، وهذه الفلسفة مادية، أي أنها تدعي أن العالم (أو الواقع) له وجود مادي مستقل يعكسه الدماغ الإنساني ويترجمه إلى أشكال من الفكر، عكس الفلسفات المثالية التي تذهب إلى أن للفكرة ذات مستقلة وهي خالقة العالم "الذات المطلقة" "الله" "الخالق" والفلسفة المادية ترفض ذلك وهي قائمة على الإلحاد ولا يمكن لأي شخص الادعاء بأنه ماركسي ويعلم ماهية الماركسية ومؤمن في الوقت نفسه، فهو كمن يحمل الشيء ونقيضه، فلا يمكن، مثلاً، بأن تقول أنا مسيحي لكني لا أشهد بالأب والأبن والروح القدس، أو تدعي البوذية وترفض تعاليم بوذا أو الإسلام وترفض تعاليم رسوله محمد ص فالأمر سيان.
    عموماً مسألة وجود لا دينيين أو أصحاب المعتقدات الأخرى أمر لم ينفرد به الحزب الشيوعي السوداني فقط، بل نجده في كافة الأحزاب الوطنية السودانية الأخرى، لأن هؤلاء اللا دينيين جزء من التركيبة والنسيج الاجتماعي السوداني المتنوع والمتعدد الثقافات والإثنيات والأعراق والمعتقدات، بل نجد حتى الجبهة القومية الإسلامية في دستورها تفتح أبواب عضويتها لغير المسلمين.


    نواصل ...
                  

03-28-2014, 03:40 AM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 10821

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    أحترم جدا الناس الما بتهربوا من مواجهة الأسئلة الصعبة
    المرور للمساندة
    وأتمني أن يتواصل الحوار بعد أن تقول ما عندك
                  

03-28-2014, 05:48 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: Nasr)

    شكرا ناصر

    أواصل ..

    خطر الشيوعية على الدين
    هل هناك خطر على الدين بوجود الشيوعية ممثلة في وجود حزب سياسي قانوني علني، وهل الفكر الماركسي يشكل مصدر تهديد للدين أو للعقيدة أو للمؤمنين؟ وهل الشيوعية تهدد القيم الأخلاقية للمجتمع وتدعو للتفكك والتحلل الأخلاقي، وأن يتزوج الرجل أخته، والأب ابنته كما يروج عنها خصومها؟ أم هي خطر على الذين يتاجرون بالدين، الذين يستغلون البسطاء من المتدينين، وهي تعاضد الدين وتسمو به كعبادة خالصة لله.
    قيادة الحزب الشيوعي السوداني، تسعى من خلال الماركسية لقراءة الواقع، وتحليل الإشكاليات القائمة فيه، واستنباط الحلول لها، كما يبحثون عن الوحدة الفكرية التي تضمن استمرارية الحزب، أما العمال والفئات الكادحة من عضويته يعني تعلم الماركسية لديهم الكثير، لأنها، بالإضافة إلى أنها تقدم لهم (الوعي) بحقوقهم المسلوبة، فهي تعلمهم كيف يستردونها، عن طريق الماركسية تعلموا أن هناك جزء كبير من جهدهم يستقطع لصالح رب العمل، (فائض القيمة)، ووعيهم بالماركسية، وتمسكهم بها هو طريقهم للسلطة، والتي حتماً ستؤول إليهم طال الزمن أو قصر. أما المثقفون من المهنيين فهم يعولون عليها في توحيد رؤاهم، في إطار فكر إبداعي خلاق ونبيل، يعمل على قيام نظام ديمقراطي، يبسط أسس العدالة الاجتماعية، ويتيح الحريات لحل المشاكل السياسية والاجتماعية، وتناقضات الهامش والمركز، ومسألة القوميات.. إلخ..، وتنمية تمهد السبيل إلى الاشتراكية، حيث يمحي استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، لذا فالقيادة والقاعدة ليس لديهم أي أهداف أو مخططات عدائية تجاه الدين، ولا ترتبط أو تتصادم مصالحهم معه من خلال برامجهم وأهدافهم.
    في 1954 وزعت منشورات في الخرطوم وأرسلت لبعض الناس بالبريد تهاجم الدين الإسلامي وتنادى بحياة الشيوعية ويقول الذين قرأوها إنها مقلب غير ناضج وطريقة جديدة مبتكرة في محاربة الشيوعية تقوم بها بعض الهيئات7 . تصدى الشهيد عبد الخالق محجوب لتلك المؤامرة ال########ة دفاعاً عن الفكر والثقافة التي أتخذها لنفسه فكتب يقول: "إن النظرية الماركسية تمتاز بالتناسق، وأنني كفرد يحاول تثقيف نفسه وجدت في النظرية الماركسية خير ثقافة وأنقى فكرة، ان تجربتي المتواضعة توضح أنني لم اتخذ الثقافة الماركسية لأنني كنت باحثاً في الأديان، ولكن لأنني كنت ومازلت أتمنى لبلادي التحرر من النفوذ الأجنبي – أتمنى وأسعى لاستقلال بلادي وإنهاء الظروف التي حطت علينا منذ عام 1898م أتمنى وأسعى لإسعاد موطني حتى تصبح الحياة في السودان جديرة بأن تحيا، ولأنني اسعى لثقافة نقية غير مضطربة، تمتع العقل، وتقدم البشرية إلى الأمام في مدارج الحضارة المدنية" 8.
    لقد ظل أعداء الحزب وخصومه السياسيون يعتمدون على إثارة النعرة العقائدية ليوهموا البسطاء من المؤمنين بأن الشيوعية تمثل أكبر مهدد للدين، وأن الماركسية تدعو لإسقاط الدين الإسلامي، متحججين بمقولات ممجوجة منسوبة للفكر الماركسي مثل" الدين أفيون الشعوب" التي تعرضنا لها سابقاً، و" لا إله والحياة مادة " وما شابههما من محاولات بائسة لتشويه الفكرة، وقد تصدى الشهيد عبدالخالق لتلك المحاولات منذ بواكير الحزب الشيوعي، موضحاً أن الشيوعية ليست خطراً محدقاً بالدين.
    ومضى عبد الخالق متسائلاً "هل صحيح أن الفكرة السياسية الشيوعية في السودان تدعو لإسقاط الدين الإسلامي؟ كلا إن هذا مجرد كذب سخيف. أن فكرتي التي أؤمن بها تدعو إلى توحيد صفوف السودانيين، ضد عدو واحد هو الاستعمار الأجنبي، وبهدف واحد هو استقلال السودان، وقيام حكم يسعد الشعب ويحقق أمانيه، وأن القوى التي تقف حائلاً دون إسعاد وحرية السوداني المسلم أو المسيحي، لا يمكن أن تكون الإسلام لأننا لم نسمع أو نقرأ في التاريخ إن الجيش الذي غزا بلادنا عام 1898 هو القرآن أو السنة ولم نسمع أو نقرأ في يوم من الأيام أن المؤسسات الاحتكارية البريطانية التي تفقر شعبنا جاءت على أساس الدين الإسلامي أو المسيحي. إن الفكر الشيوعي ليس أمامه من عدو حقيقي في البلاد سوى الاستعمار الأجنبي ومن يلفون حوله، فأين هذا الهدف من محاربة الدين الإسلامي؟ . 9
    إن الفكرة الشيوعية تدعو في نهايتها إلى الاشتراكية، حيث ينمحي استغلال الإنسان لأخيه الإنسان. أين هذا الهدف من محاربة الدين الإسلامي10؟ ويواصل الشهيد في الدفاع عن الفكر الشيوعي:
    " إن الفكرة الشيوعية تدعو إلى إخضاع العلم والمعرفة لحاجيات البشرية من بحوث علمية وطبية وأدبية وتشذيب الإنسان من الخوف والحاجة بإنهاء الظروف الاقتصادية والفكرية التي تنشر الخوف من المستقبل، وتدفع الإنسان تحت ضغط الحاجة إلى درك لا يليق بالبشر، من سرقة ودعارة واحتيال وكذب. أين هذا الهدف من محاربة الدين الإسلامي؟ 11".


    المصادر والمراجع
    7 - الأيام العدد 306 5/10/1954 – دفاع أمام المحاكم العسكرية – عبد الخالق محجوب – الناشر دار عزة للطباعة والنشر الطبعة الأولى 2001.
    8 - المصدر السابق.
    9 - المصدر السابق.
    10 - المصدر السابق
    11 - المصدر السابق ص 22-23.


    نواصل ...
                  

03-28-2014, 09:58 AM

عبدالرحمن أبوالحسن

تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 86

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    الأستاذ عاطف

    نتابع بشغف هذه الكتابة الجميلة والأسلوب السلس والكلمة الأنيقة

    لا نريد أن نقطع عليك هذا العرض الرائع ولكن كما قال أحد المتداخلين فقط للتشجيع وحتى تعرف بأن هذا الجهد المقدر يتابعه كثيرون باهتمام ولسوف يتشكل الرأي النهائي عندما تفرغ من قول كل ما لديك

    كتابة رائقة ولغة ناصعة تصدت لقضايا شائكة وعميقة في وضوح وإبانة مذهلة

    سوف نتابع ما تؤول إليه نتائج هذا المبحث

    ولك التحية
                  

03-28-2014, 02:54 PM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عبدالرحمن أبوالحسن)

    الأستاذ عبدالرحمن أبو الحسن
    الشكر لك لهذا الدعم المحفز للكتابة
    أشكرك وأتمنى أن أكون عند حسن الظن بي

    أواصل ....


    الدين في أدب الحزب وخطابه السياسي
    اهتمت كثير من أدبيات الحزب وبرامجه بالدور المتعاظم للدين في حياة الشعب السوداني، وقد جاء في الفصل التاسع من برنامجه المجاز في المؤتمر الخامس (باب الدين والسياسة) تحديد موقفه من الدين في النقاط التالية:
    1. لا نؤسس لموقف جديد، بشأن مسألة الدين والدولة، بقدر ما نسعى لتطوير رؤيتنا التي تبلورت مع الإرهاصات الأولى لنشأة حزبنا، ونسجل في الوقت ذاته نقداً ذاتياً لتقصيرنا في تطويرها خلال العقود الأربعة الماضية، وفق ما ألزمنا به أنفسنا في المؤتمر الرابع.
    2. تتأسس هذه الرؤية على احترام حزبنا لمقدسات شعبنا وأديانه:_ الإسلام والمسيحية والأديان الإفريقية، باعتبارها مكوناً أساسيا من مكونات وعيه ووجدانه وهويته، وبالتالي نرفض كل دعوة تتلبس موقف حزبنا لتنسخ او تستهين بدور الدين في حياة الفرد والأسرة، وفي تماسك لحمة المجتمع، وحياته الروحية، وقيمه الأخلاقية، وتطلعاته للعدالة الاجتماعية، ونعتبرها دعوة قاصرة وبائنة الخطل.
    3. فوق ذلك يستلهم حزبنا ارفع القيم والمقاصد لنصرة المستضعفين وشحذ هممهم وحشد قواهم من اجل الديمقراطية والتغيير الاجتماعي، وذلك على قاعدة الاحترام والتسامح الديني في بلادنا متعددة الأديان والمعتقدات، كنزوع فطري يتوجب علينا الإعلاء من شأنه، وتطويره، وتخليصه من علل الاستعلاء به، كما وبالثقافة او اللغة او العرق، وما يتولد عن ذلك من مرارات متبادلة بين مكونات شعبنا.
    4. يرفض حزبنا أن يصبح الدين أداة نزاع في سياق الصراع الاجتماعي، وان نتخذ لهذا السبب بالذات، موقف المعارضة الفكرية والسياسية الحازمة ضد أي مسعى، من أي قوة اجتماعية، لاستغلاله في تحقيق أي مصالح اقتصادية وسياسية .وننطلق في موقفنا هذا، من حقيقة ان معيار الأغلبية والأقلية معيار سياسي لا ينسحب على قضايا الفكر والثقافة والمعتقد الديني، والتي لا تحسم بالتصويت.
    5. يبحث الحزب الشيوعي عن أصل استلاب إنسان بلادنا وعذاباته في عمق الصراع السياسي والاجتماعي، حول علاقات الإنتاج الاجتماعية. ويتخذ هذا الصراع في الوقت الراهن، مثلما ظل يتخذ منذ عقود طوال، شكل ومضمون المواجهة بين مشروعين متوازيين تماماً : مشروع الدولة الدينية، من جهة، والذي تقف وراءه وتدعمه القوى الظلامية التي تتخذ من قدسية الدين دثاراً ودرعاً أيدولوجياً لتحقيق مصالحها الاقتصادية السياسية الدنيوية الضيقة، ومشروع الدولة المدنية الديمقراطية من جهة أخرى، والذي ترفع لواءه قوى الاستنارة والعقلانية السياسية التي تتطلع إلى نظام حكم يراعي خصائص التعدد والتنوع اللذين تتميز بهما امتنا، بما يصون وحدتها الوطنية، واستقلال بلادنا، وسلامة أراضيه.
    6. ويطرح الحزب أمامه مهمة قيام منبر واسع لتوحيد قوى الاستنارة في النضال من أجل الدولة المدنية الديمقراطية، ومواجهة التطرف والهوس الديني، استناداً إلى الخلاصات التي راكمتها خبرات شعبنا حول المخاطر الناجمة عن الدولة الدينية، وإقحام قدسية الدين في السياسة.
    7. نزع قناع الزيف عن البرنامج السياسي المعادي، باسم الدين، لطموحات الملايين من أبناء وبنات شعبنا، والرامي لوأد تطلعاتهم الوطنية والاجتماعية، وهو البرنامج الذي طالما ذاقت جماهير شعبنا ويلاته تحت دكتاتورية الجبهة الإسلامية، متحالفة مع الطاغية جعفر نميري، أو منفردة بالسلطة منذ انقلابها عام 1989، ابتداءً من قوانين سبتمبر البغيضة، إلى قوانين النظام العام والأمن والقوانين الجنائية المختلفة، حتى الجهاد باسم الإسلام ضد الشعب تقتيلاً وتعذيباً وتفرقة وقهراً.
    من الواضح ان تلك العبارات انتقائية وفضفاضة تفتقد للجرأة في معالجة الجبهة الأضعف التي يتكالب عليها أعداء الحزب وخصومه السياسيون للنيل منه، تأكيدات لم تشفع للحزب عام 1965 حين حل بقرار جائر وطُرد نوابه من البرلمان بتهمة الإلحاد، ولم تمنع أصحاب الغرض من توجيه ه########م البغيض "عبد الخالق عدو الخالق .. إلخ ..".12
    كان يجب أن يكون النقد أكثر تحديداً، بدءاً في أن ما كان يهاجم به اليمين الشيوعيين والأحزاب الشيوعية هو ليس كله من باب التجني والافتراء، فكثير من هجومهم جاء كمآخذ على الأخطاء والممارسات التي تتم من بعض منسوبي ومنتسبي الحزب. يجب على العضوية أن تكون أكثر انضباطا فيما يخص الحضور و المشاركة في الحياة الدينية الاجتماعية. كذلك السكوت عما كان يجري في أكبر وأول دولة اشتراكية (الاتحاد السوفيتي) الذي على الرغم من تأكيد دستوره على حرية المعتقدات الدينية إلا أنه خاض حرباً دعائية لا هوادة فيها ضد الدين، ولم يمنح أي حرية لمعتقد ديني ويقف معهد الإلحاد بموسكو شاهداً على ذلك.

    ضرورة تجديد الخطاب الديني
    من الضرورات الملحة للحزب الشيوعي السوداني تجديد خطابه الديني، وذلك بترسيخ قناعات بين أعضائه تقوم على فهم عميق بتفرد الدين الإسلامي، وعدم الخلط بين ما نادى به (فردريك أنجلز) في القرن الثامن عشر وموقفه العدائي من الدين من خلال تحليله لعلاقة الدين بالصراع الطبقي، حيث لا يمكن تناول تلك الأفكار من دون ربطها بظروفها الزمانية والمكانية، حيث كان التسلط والسيطرة المطلقة للكنيسة على وسائل الإنتاج (70% من الأراضي الزراعية في اوروبا تقع تحت يد الكنيسة الكاثوليكية)، والارتباط الوثيق بين السلطة السياسية والسلطة الدينية البابوية "الثيوقراطية"، والهيكل التنظيمي الكنسي الذي لا يقبل الرأي الآخر أو الاجتهاد خارج إطار المؤسسة الهرمية الدينية وبين ما يمثله الدين الإسلامي، حيث لا تنظيم مقدساً، ولا هيكل لجهاز ديني تسلسلي وموحد للعاملين بالمساجد، ولا يعترف بمسمى "رجال الدين 13 " ، والاجتهاد والتنوع في الرأي والمقدرة المدهشة للاندماج والتعايش والتكيف مع الأعراف والتقاليد الاجتماعية "المكانية والزمانية " هو مصدر القوة والدفع الذاتي للإسلام.
    كما يجب توسيع دائرة الماعون الحزبي بحيث يسع الإسلاميين الثوريين وأن يكون للأعضاء المسلمين منابر يعبرون من خلالها عن الآراء التي تتفق مع توجهاتهم الثقافية والفكرية والروحية.
    كما أن من مهام تطوير الخطاب السياسي وتعميق الرؤية حول المسألة الدينية ضرورة العمل الجاد على تنقية الدين مما لحق به نتيجة الاستغلال السيئ للقوى اليمينية السلفية والطفيلية عبر التاريخ له في تحقيق مآربها والاستئثار بالسلطة والحكم والتحكم باسمه. ويجب أن يتعلم الشيوعيون أن الايدولوجية الدينية تتلون باللون الذي تصبغه عليها القوى الاجتماعية المسيطرة، أي أن "الأيدولوجية الدينية" في ذاتها ليست ثورية ولا رجعية، بل طبيعة القوى الاجتماعية المسيطرة هي التي تجعل منها هذه أو تلك، ولنا في تجربة لاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية خير دليل على ذلك. كما يجب الوعي بأن التكييف الذي تعطيه القوى الاجتماعية المسيطرة ليس بالضرورة أن يتكرر كما هو في المراحل المختلفة لذا تختلف القراءات في كل مرحلة تاريخية، وتتبدل المواقف، ومهما كانت الشروط، فالانتقال بالوعي من المستوى الاقتصادي والاجتماعي إلى المستوى السياسي ليس مباشراً ولا ميكانيكياً.
    كذلك من الواجبات الآنية استلهام التراث الديني في تطوير منهج وبرامج الحزب، والتعمق في بحث ودراسة الجوانب المادية في الفلسفة والفكر الإسلامي، فالدين عبر تاريخنا الحديث هو الأكثر استلهاما والأقوى أثراً والأشد فعالية في شحذ همم الجماهير صاحبة المصلحة في التحول.
    كما يجب ألا ينصب نقدنا للفكر الأصولي السلفي على العقيدة الدينية كرؤية وجدانية وإيمانية، بل يجب باستمرار الانتباه والتنبيه والفصل بين الدين كروحانية فكرية للكون وبين الفكر السياسي والاجتماعي الأصولي السلفي.


    المصادر والمراجع :

    12 - البرنامج 2009 : الفصل التاسع الدين والسياسة.
    13 - عدا اتباع المذهب الجعفري الشيعي الذين يطلقون الألقاب والرتب الدينية على قياداتهم الروحية وتدعى ألقاب الحوزة مثل العلامة وآية الله والمرجع الأعلى ..إلخ

    (عدل بواسطة عاطف عبدالله on 03-28-2014, 02:55 PM)

                  

03-29-2014, 04:59 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    عزيزى عاطف

    سلامات

    اتابع مساهمتك ومجهودك المقدر, واذا اسعغنى الزمن, ساعقب بعد اكمالك للمقالة
    مع ودى وتقديرى
                  

03-29-2014, 06:09 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: Elmoiz Abunura)

    الأخ العزيز أبو نورا
    شكراً لأهتمامك ومرورك الكريم
    أنتظر رأيك وهو حتماً سيصب في خانة إثراء الحوار سواء أتفقنا أو إختلفنا
    خالص مودتي


    هذه الدراسة كما بينت في المقدمة مكونة من ثلاث أقسام ، القسم الأول يعني بالماركسية أو الإشتراكية العلمية وعلاقتها بالحزب أدباً وبرامج ، والورقة الثانية تعني بعلاقة الحزب بالسلطة "كحزب سياسي يسعى للسلطة" ما بين المستحيل الممكن والممكن المستحيل ، أما الورقة الثالثة فهي عبارة عن خارطة طريق لتلك السلطة المنشودة، كما يحوي الكتاب ملحق خاص عن حياة الشهيد عبد الخالق محجوب والقصائد التي تغنت ببسالته من مختلف شعراء العالم.
    هذا الكتاب وهو من الحجم المتوسط وجدت أكثر من ناشر يرغب في نشره لكن علمت صعوبة دخوله للسودان لذا قررت أن أنشره هنا في أكثر المواقع جماهيرية لتوصيله لأكبر قطاع ممكن من السودانيين عامة والشيوعيين على وجه الخصوص ، وأتمنى أن يجد صوتي أذن تصغي وعقل يحلل ويفكر ويقرر.

    أكرر شكري لك لكل الذين قرأوا وتابعوا وشكري للأستاذ بكري أبوبكر لإبرازه ضمن المواضيع الرئيسية في البورد

    نواصل ..

    الحزب والتغيير وفق مبادئ الصراع الطبقي
    من أبجديات المنهج الماركسي قيامه على أساس المادية الجدلية والمادية التاريخية، والتي تعني في جوهره التغيير وليس فقط الإصلاح، والتمسك به يعني السعي للتغيير وتحرير الطبقة العاملة، والسعي بالوسائل الممكنة كافة لتنال السلطة، فيما يعرف في الأدب الماركسي بثورة "الطبقة العاملة" أو دكتاتورية البروليتاريا.
    من خلال سير المناقشة العامة التي طرحها الحزب في1991، وظلت مستمرة طوال السنوات وحتى قيام المؤتمر الخامس 2009، من خلال مجلة الشيوعي الأعداد ( من 156 حتى 170) وكذلك مجلة قضايا سودانية - والتي طرحت في أهم محاورها بعد دراسة تجربة انهيار المعسكر الاشتراكي ومستقبل الفكر الماركسي موضوع تجديد الحزب ممثل في اسمه وبرنامجه ولائحته، وكان متوقعاً وتبعاً للظروف الموضوعية المحلية "السودانية" وانتشار المد السلفي وظاهرة الهوس والتطرف الديني، وبعد انحسار المد الثوري والتقدمي العالمي، وبعد أن حلت كثير من الأحزاب الشيوعية نفسها وغيرت اسمها ومنهجها، الأمر الذي أدى بالحزب الشيوعي السوداني لأن يتنازل كثيراً عن ما تنادي به وتفعل من أجله الماركسية من ثورة على المجتمع القائم والدعوة لدكتاتورية الطبقة العاملة وكافة أنواع الدعاية الشيوعية، وألغي من خطابه السياسي وبرامجه قيام الدولة "العلمانية"، مستعيضاً عنها بالدولة "المدنية"، مع العلم بالفوارق الكبيرة بين نظام الدولتين، بل ومضى البرنامج أكثر من ذلك في سعيه لكسب ودّ اليمين المتشدد بأن أسقط من برنامجه مطلباً آخر كثير الأحزاب البرجوازية والليبرالية الأخرى متمسكة به، وهو مطلب "حرية البحث العلمي" وأكتفى عنه بطلب خلق مناخ عام يرعي البحث العلمي، مناخ يشجع التفكير العلمي النقدي ويروج للثقافة العلمية في أندية العلوم و البحوث و في الاعلام المسموع و المرئي إلخ..14
    وأصبح التمسك بالماركسية فقط كإحدى وسائل قراءة الواقع، وليس لتغييره، كان متوقعاً مِمَن تنازل عن تلك البديهيات في علوم الماركسية وثوابتها، بل تنازل كذلك عن ثوابت الليبرالية كعَلمانية الدولة أن يتنازل عن الشكليات، خاصة تلك التي تعيق انتشاره، وتحد من فعاليته، وأن يحدث تغييرات جوهرية في داخله باتخاذ مظهر مناسب لتلك التغيرات. كان من المتوقع أن تشمل التغيرات أهم ركيزتين فيه، الماركسية كعقيدة ومرجعية، والاسم الذي يمنحه هوية محددة، لكنه فاجأ الجميع بعدم تغيير اسمه وتمسكه الشكلي بالهوية الماركسية. وأقول شكلياً نسبة لابتعاده عن جوهر الماركسية، المتمثل في أهدافها ووسائلها، كما سيجيئ لاحقاً خلال هذا البحث.
    ورد ببرنامج الحزب الشيوعي "بتأسيس الحزب الشيوعي السوداني تحولت الماركسية في السودان الى حركة ثورية منظمة، تسعى بالنضال الجماهيري الى تحقيق أفكارها في المجتمع". أو
    "الماركسية علم، وهي بذلك مفتوحة لمساهمة الإنسان. إنها علم المجتمع الذي يضيف إليه الفكر الإنساني ما يكتشف من المعرفة، ومن ثم فهي متجددة لا تقبل الانغلاق. وقد ساق البرنامج كثيراً من التبريرات لتعامله الشكلي مع الماركسية " إننا لا ننكفئ على الماركسية كعقيدة جامدة، بل نسعى بعقل جماعي مفتوح لاستيعابها، ومن ثم للاستعانة بها لدراسة وفهم الواقع السوداني وتغييره. نحرص على ألا ننمي إي حساسية مرضية مسبقة إزاء أية أداة منهجية، حتى لو لم تستند إلى الماركسية، بل لن نستنكف ان نعطي، حتى في هذا السياق، الاعتبار البراغماتي الكافي لما قد يطرحه الواقع حولنا من معطيات لا يمكن ان يسقطها او يغفلها سوى عقل مغلق." 15
    إن العقيدة الماركسية مثل كل عقيدة مرتبطة بالقناعات، والقناعات الراسخة تكون عرضة للجمود، والمهزوزة عرضة للانفلات والتحريف، أما الذهن المتفتح والتناول العلمي والنقدي لها يجنبها الوقوع في فخ الجمود ويجنبها سقطات الانفلات، والحزب الشيوعي السوداني درج في تعامله مع الماركسية كما ورد كعقيدة منفتحة، تماماً كما أراد لها واضعوها ماركس وأنجلز ومطبقها الأول لينين، لكن هذا الانفتاح لا يعني تخليه عن أهم مرتكزاتها وجوهرها والتمسك بها اسماً، اسم ربما يعيق أداءه ويحرمه من تحقيق أهدافه أي أهداف الماركسية التي يؤمن بها، فهدف الماركسية هو تحرير الطبقة العاملة وارتباط الحزب بها، وعلاقته معها لا يمكن ان تكون تكتيكية أو استراتيجية، بل هي علاقة وحدة عضوية، وحدة هدف ووحدة وجود، ليست بأي حال علاقة تبعية، فالطبقة العاملة حينما تؤسس حزبها الشيوعي تتكامل معه في وحدة الأهداف ووحدة الوسائل، فعملية تحرير الطبقة، وهو أمر مناط بها، والحزب هو الوسيلة بحيث لا يمكن وجود أحدهما من دون الآخر، في إطار الهدف (التحرير من أي استقلال طبقي) فالطبقة العاملة من دون الحزب الماركسي ليس سوى طبقة اجتماعية في أرقى أشكالها التنظيمية، لن تتجاوز أكثر من مجرد حركات نقابية مطلبية، "لا لون لا طعم ولا ريحه.. أيام مطفية مصابيحه" كما قال شاعر الكادحين محجوب شريف، والحزب الماركسي من دون الطبقة العاملة كالجندي الأعزل في قلب المعركة، ليس أكثر من حراك ثقافي، ربما يدفع الطبقات الحاكمة لبعض الإصلاحات الاقتصادية، لكنه لا يشكل تهديداً لمصالحها السياسية، وقد طرح دانكن هلاس في إطار شرحه للعلاقة بين الحزب والطبقة ما يلي: " أكد ماركس أن تحرير الطبقة العاملة هو عمل الطبقة العاملة ذاتها، ولكنه طرح أيضاً "أن الطبقات الحاكمة تسيطر على أدوات الإنتاج الذهني وبالتالي تكون الأفكار المهيمنة في أي حقبة هي أفكار الطبقة الحاكمة"، من هذا التناقض تبرز ضرورة الحزب الاشتراكي، إن طبيعة الحزب، وقبل كل شيء طبيعة علاقته بالطبقة العاملة، ظلت مسألة مركزية في الحركة الاشتراكية منذ البداية. لم تكن أبداً مجرد مسألة تنظيمية "تقنية" كان الجدل، في كل مرحلة حول علاقة الحزب بالطبقة، وبالتبعية حول طبيعته أيضاً، جدلاً حول أهداف الحركة، كان الاختلاف حول الوسائل، يتضمن في جزء منه بالضرورة خلافاً حول الأهداف. هكذا كانت صدامات ماركس مع بردون، وشابير، وبلانك، وباكونين وآخرين حول هذا الموضوع مرتبطة تماماً بالخلافات حول طبيعة الاشتراكية ووسائل تحقيقها.16" من هذا التناقض تبرز ضرورة الحزب، إن العلاقة بين الحزب، والطبقة العاملة تشكل جوهر الحركة الاشتراكية فمن المعروف أن إن لكل بناء تحتي بناءه الفوقي الخاص الذي يطابقه. فالبناء التحتي هو النظام الاقتصادي للمجتمع في مرحلة معينة من تطوره والبناء الفوقي هو آراء
    المجتمع السياسية والحقوقية، والدينية، والفنية، والفلسفية وما يطابقها من مؤسسات سياسية وحقوقية وغيره وهكذا هي العلاقة بين الحزب والحركة. وكما قال ماركس إن الحزب هو الأداة التاريخية التي تستطيع الطبقة من خلالها أن تصبح واعية بذاتها. فهو الذي يحولها من طبقة اجتماعية إلى طبقة سياسية.
    للماركسية أعداء وخصوم، الفئة الأولى منهم، أي الأعداء، سهل التعامل معهم، فمعظمهم من الثيوقراط والكهنة الجدد الذين يتاجرون بالعواطف الدينية، ومن الرأسماليين الطفيليين والانتهازيين الذين يتأذون من تهديدها للسلطة التي يستندون عليها، وكذلك نجد من خصومها الرأسماليين الكبار، والأقطاع المستندون على الإمبريالية العالمية، فهي تهدد مصدر تراكم ثرواتهم، لذا فهم يحاربون الماركسية، وسلاحهم ضد الماركسية هو موقفها من الدين فذلك يمدهم بحججهم وعتادهم في حربهم ضدها. الفئة الثانية من الخصوم وللأسف هم من الذين تكافح من أجلهم الماركسية من البسطاء، من عمال ومزارعين وبعض الصفوة من المتعلمين، يقفون ضدها لموقفها من الدين.
    مفهوم التعامل بالتجزئة مع الماركسية
    إذا كان لبعض الشيوعيين مثل ذلك الفهم كما بينا سابقاً فليس غريباً أن نجد نفس المفهوم لدى كثير من الناس يعتقدوا أنهم يمكنهم أن يتعاملوا مع الماركسية بالتجزئة على مبدأ خذ ما ينفع وأترك البقية، أي فصفصة وتجزئة النظرية الماركسية، لنأخذ منها ما نهوى، ونتجنب ما يعكر صفو الخمول الذهني العام، افتراضية تخلط الأوراق. ونفصل ما بين الفكر والتطبيق، أو بين النظرية والعمل، حيث يرى البعض مثلاً نأخذ منها الجوانب الاقتصادية وعلاقات الإنتاج، ونرفض الجوانب الفلسفية، الماركسية نظرية شاملة، وكل لا يتجزأ، وتشريحها بمثل هذه الطريقة المبتسرة مضلل، من الممكن أن نضيف إليها من خلال ما توفر لنا من معرفة بالواقع وبالصراعات الاجتماعية فيه والمزاج العام لتحديد الأولويات والأخذ بتك المعرفة لا يتناقض مع الماركسية بل يكملها فالماركسية لو تم تجريدها من روح العصر وعبق المكان تعجز وتفشل عن تحقيق أهدافها، بل تلك شروط لازمة لإنجاحها، لكن تجزئتها كفكرة متحدة ومتماسكة، ربما يفيد لتحقيق غرض محدد، أو لاستنباط حل مؤقت لمشكلة ما كما جرى خلال أزمة قروض المساكن التي هزت الاقتصاد الغربي مؤخراً، لكن ليس لبناء مجتمع اشتراكي يؤدي إلى مجتمع شيوعي، وفي ذلك استشهد برأي للمفكر الشهيد عبد الخالق محجوب (1927-1971) جاء في معرض تعقيبه على خطاب الدكتور منصور خالد الذي كان يتبوأ حينها كرسي وزارة الشباب في الملتقى الفكري العربي 15- 22 مارس 1970:
    "... ولأن الدكتور منصور يحلل تطور المجتمع الإنساني ونضال الجماهير من أجل التقدم على أسس حضارية متعارضة، فهو يقدم صيغة غريبة للمفكرين العرب فيما يخص النظرية الماركسية، انه يدعو لقبول علاقات الانتاج في المجتمع الاشتراكي مع رفض الجوانب الفلسفية الماركسية، والتي حددها في "نظرية الحركة عن طريق النقائض، والنظرية الجبرية التاريخية، وفكرة نهائية العلم والرؤيا المستقبلية للمجتمع المذهبي". وقد استشهد في دعوته بالتجربتين المصرية والجزائرية. وكان الدكتور الداعية للتفسير الحضاري يصور الفلسفة الماركسية جزءاً من الحضارة الأوروبية المسيحية التي لا يقبلها التكوين العربي، في حين أن القسم العملي منها الذى لا يؤثر على حضارتنا (الاقتصاد) يمكن قبوله. هذا في تقديري تصور متعسف للنظرية الماركسية، وهى كل لا يتجزأ. فالتنظيم الاقتصادي على الخط الماركسي نتيجة منطقية للمنهج الماركسي في المعرفة، ومحصول
    طبيعي لكل من المادية التاريخية والفكر الجدلي، وهما لب الماركسية. اذا رجعنا الى كتاب رأس المال - ومكانته معروفة في الفكر الماركسي - نجد أنه تحليل نقدى للإنتاج الرأسمالي، ولكنه في نفس الوقت تجسيد للتفسير المادي للتاريخ، والمنهج الجدلي الماركسي. وما كان لمؤلفه أن يصل الى نتائجه التي يقبلها الدكتور منصور منظمة للاقتصاد العربي الحديث، من غير أن يتوسل اليها بأدواته الفلسفية. إن النظرية الاقتصادية لفائض القيمة التي يقوم عليها تنظيم المجتمع الرأسمالي هي السند لفكرة الصراع الطبقي وهى التي تؤدى في نهاية الأمر الى تصور الماركسية لحرية الانسان وزوال غربته في المجتمع اللا طبقي. فكيف يمكننا أن نخرج الاقتصاد الماركسي من هذا النسيج الدقيق كما نخرج الشعرة من العجين17 ؟"


    المصادر والمراجع:
    - 14 برنامج الحزب الشيوعي السوداني 2009 الفصل الخامس التعليم والبحث العلمي.
    15 - برنامج الحزب الشيوعي 2009 الفقرة الثالثة من المقدمة.
    16 - دانكن هلاس – ماركسية تروتسكي الفصل الرابع - الحزب والطبقة - ص 46 – الناشر مركز الدراسات الاشتراكية – مصر 1999.
    17 - عبد الخالق محجوب ‘ جريدة الأيام 22 مارس 1970 .
                  

03-29-2014, 07:55 PM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    شيوعيون بلا ماركسية وماركسيون بلا شيوعية

    هناك ضعف عام وتدنِ في مستوى التثقيف الذاتي بدأ يظهر مؤخراً وسط الشيوعيين فيما يخص الجوانب النظرية من علوم وآداب الماركسية ربما للاعتقاد العام بأنهم لم يعودوا بحاجة إلى تعلمها، وأن الظروف الموضوعية والتاريخية تخطتها، وحتى الذين مازالوا يعتقدوا بها صارت الأفكار الماركسية لديهم مجرد تداعيات ذهنية، حيث لم يعودوا إليها ربما منذ فترة ترشحهم للحزب قبل سنوات طوال مضت (تعلم الماركسية إلزامياً خلال مرحلة الترشيح للعضوية)، فصاروا يجهلون أبجدياتها، لذا نجد أن كثيراً من الأفكار التحريفية قد تسللت وعشعشت في عقول العديد منهم، من نافلة القول، وتحديداً للمفاهيم حتى لا يلتبس علينا الأمر، نؤكد أن ليس بالضرورة كل ماركسي هو بالضرورة شيوعي، أو أن كل شيوعي هو ملتزم بالماركسية، الشيوعيون المعنيون هنا هم الأعضاء الملتزمون والمنتمون للكيان الحزبي الذي يعرف باسم الحزب الشيوعي السوداني، أما الماركسيون فهم الذين يؤمنون بنظرية كارل ماركس أي الاشتراكية العلمية كنظرية فلسفية واقتصادية وسياسية ثورية، ومن المعلوم أن كثيراً من الماركسيين السودانيين ليسوا أعضاءً في الحزب الشيوعي السوداني، بعضهم متعاطف معه، وبعضهم مناهض له، بل أن كثيراً من الماركسيين السودانيين هم خارج إطار الحزب الشيوعي السوداني يناهضونه العداء، كما أيضاً على الرغم من تمسك الحزب الشيوعي السوداني بمرجعيته، وتأكيده الدائم على هويته الماركسية، وفكره الذي يسترشد به كما ورد بمقدمة البرنامج، "يهدف الحزب من جراء تمسكه بالماركسية بجانب الأهداف العامة إلى خلق الوحدة الفكرية وسط العضوية"، إلا أن هناك عدد لا يستهان به من أعضائه ليسوا بماركسيين ولا يؤمنون بالفلسفة الماركسية ولا بأيدولوجيتها التي تؤدي إلى الاشتراكية عبر دكتاتورية الطبقة العاملة أو بجوهرها المادي. ويسيرون حياتهم اليومية مثل غالبية أهل السودان، يسترشدون ويهتدون بالقيم والأخلاق والتقاليد الدينية والأعراف السودانية، وجزء كبير منهم يؤدي الشعائر الدينية، بما فيها الحج والعمرة إيماناً واحتساباً، وهم أعضاء بالحزب، نشطون فاعلون بالحزب، جذبتهم له قناعتهم ببرنامجه وأهدافه لا فلسفته، نضاله وتضحياته وجسارة وسلوك أعضائه لا فكره أو منهجه، وتلاحظ بأن الحزب بكامل أجهزته قد تقاضى عن ذلك، وقد جاهر العديد من الأعضاء بتنكرهم للماركسية ورفضهم لها، كما طرح أحد أعضاء الحزب في مساهمة فكرية قدمها في إطار المناقشة العامة ولم تجد طريقها للنشر في مجلة قضايا سودانية التي كانت تدير تلك المناقشة، قال فيها " .. هناك تخوف من أن الدعوة لتعدد المصادر الفكرية في مقابل الادعاء بماركسية الحزب، من أنها قد تعصف بوحدة الحزب، وذلك التخوف يتم التعبير عنه من خلال الدعوة لما يسمى بـ "الوحدة الفكرية" تلك الخدعة الكبرى، والتي هي أشبه برفع المصاحف على أسنة الرماح، وتهدف إلى احتكار التفكير وفرض طريق واحد، طالما أن "الفكرة" المراد التوحد حولها إنما يتم إنتاجها داخل إطار الزعامة أو حلقة القيادة فقط، والسلام على من اتبع الهدى! وفي واقع الحياة السياسية فإن معظم الأحزاب الديمقراطية في العالم تظل موحدة وحاكمة ومسيطرة دونما حاجة لما يسمى بـ"الوحدة الفكرية"، إنما يوحد إرادة عضويتها الشعار العام والبرنامج العام، وعليه فإن المطلوب وحدة الإرادة.. ووحدة الإرادة تعني الرغبة الموحدة للوصول لنفس الهدف، وصراع الأفكار لا يهدد وحدة الإرادة، بل يكون معنياً بالتوصل لأقل الطرق كُلفةً لتحقيق مقاصد البرنامج. أحزاب مثل العمال البريطاني، والمؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا، تتعدد مصادرها الفكرية التي تنهل منها، ولا تعاني بسبب ذلك، التمزق أو البلبلة18 .

    ما بين المنهج والنظرية والديمقراطية الليبرالية

    من المفترض أن أي حزب سياسي، (على وجه الخصوص العقائدية منها)، لابد له من هوية تحدد ملامحه، ومرجعية فكرية ينطلق منها في تنظيم صفوفه، وتحديد أهدافه وأولوياته، والحزب الشيوعي السوداني في ذلك لم يختلف عن الآخرين فقد انطلق منذ تأسيسه كحزب ماركسي يعتمد على الديالكتيك كنظرية معرفة وكأداة تحليل وإعادة إنتاج واكتشاف معرفة، وحدد أهدافه بالتعبير عن مصالح الطبقة العاملة وقيادتها إلى سدة السلطة. كما جاء في المؤتمر الثالث للحزب - فبراير 1956-، والذي تم فيه تغيير الاسم من الجبهة المعادية إلى اسمه الحالي (الحزب الشيوعي السوداني). وقد أجاز المؤتمر برنامج "سبيل السودان نحو تعزيز الاستقلال والديمقراطية والسلم"، وقد جاء فيه (ص 6) "إن السودان يسير إلى الاشتراكية عن طريق دولة ديمقراطية شعبية بقيادة الطبقة العاملة السودانية المناضلة في حلف وثيق مع جماهير المزارعين، إن الدولة الديمقراطية الشعبية تضع السلطة الأساسية في أيدي الطبقة العاملة والفلاحين، تلك الطبقات التي ليس لها روابط مع الاستعمار الأجنبي مثل طبقات ملاك الأراضي والرأسمالية، وتسير ببلادنا في غير طريق التحكم الرأسمالي وديكتاتوريات الطبقات المتملكة التي تنضم في النهاية إلى جبهة الاستعمار العالمي" 19 .
    وجاء في برنامج الحزب المجاز في مؤتمره الرابع (أكتوبر 1967) ما يعزز موقفه من الديمقراطية والتعددية من دون تراجع عن موقفه السابق.
    "إن قيادة الحزب الماركسي للنظام الاشتراكي لا يعني وجوب الحزب الواحد، فعلى الصورة التي تصل بها الجماهير إلى السلطة، ومدى اتساع الدوائر الاجتماعية التي تقنع بالنضال من أجل الاشتراكية، فإن طرق الاشتراكية تتعدد، ومنظماتها السياسية تتنوع20" .
    ويلاحظ هنا تخليه عن الصيغة اللينينية الكلاسيكية التي جاءت في وثيقة سبيل السودان.
    في وثيقة ما بعد المؤتمر، أكد الحزب على موقفه من الديمقراطية التعددية وفي 1977 "المصالحة الوطنية " قال الحزب: (تجارب الشعوب، التي دفعتها ظروف الازمات لأن تسلك طريق المصالحة الوطنية تؤكد ان المصالحة تبدأ بتغيير أساسي في جهاز السلطة ودستورها وقوانينها فتتوفر الحريات الديمقراطية الكاملة دون قيود للأحزاب السياسية والنقابات والمنظمات الجماهيرية والصحف ليدلي الشعب برأيه ويتقدم كل حزب واتجاه بما يرى من حلول ويبتعد من موقع المسئولية الحكومية كل من ارتكب جرائم في حق الشعب والوطن وقاد الوضع السياسي للأزمة وحافة الانهيار وتصفى المعتقلات والسجون وتنشر حيثيات المحاكمات الجائرة, ويعاد للقضاء استقلاله ولحكم القانون سيادته وتوضع لوائح جديدة للانتخابات عامة وتطرح للمناقشة والمراجعة أية معاهدات واتفاقيات خارجية مست سيادة الوطن واستقلاله. المصالحة السياسية في العرف السياسي لتجارب الشعوب تمثل فترة انتقالية للتصفية النهائية لأشكال الحكم التي قادت البلاد للأزمة وتكوين أشكال جديدة يقننها دستور ديمقراطي يصون حقوق الجميع ويجنب البلاد الصراعات الدموية والحروب الأهلية21 )، وفي 1985 وقبل سياسية البروسترايكا والقلادونست التي أدى سطوع شمسهما إلى ذوبان جبال ثلوج المعسكر الاشتراكي، وبعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالحكم العسكري الثاني أعلن الحزب الشيوعي السوداني على لسان زعيمه الراحل الأستاذ التجاني الطيب بابكر في مقابلة إذاعية براديو أمدرمان موقف الحزب من الانقلابات العسكرية ورفضهم لحكم الحزب الواحد الأمر الذي أكد عليه الأستاذ محمد إبراهيم نقد في أول لقاء جماهيري للحزب في عيد العمال مايو 1985 وذلك برفضه لأي حكم دكتاتوري وقبوله بمبادئ الديمقراطية الليبرالية التعددية، ومبدأ تداول السلطة، واستقلال المؤسسات، ورفضه للانقلابات العسكرية، وحكم الحزب الواحد حتى ولو كان هو الحزب الشيوعي السوداني نفسه، بل وشارك في التوقيع على ميثاق حماية الديمقراطية مع القوى اليمينية وجنرالات الجيش الذين كانوا يهيمنون على الساحة السياسية السودانية، مما يعد ذلك تحولاً كبيراً ليس فقط في تكتيكات الحزب بل في استراتيجيته، والتي كانت تتمثل في التعبير عن طرف محدد في الصراع الطبقي، وأصبح الموقف هلامياً وتوفيقياً يسعى لإرضاء كل ألوان الطيف السياسي، مما يعني خروج صريح عن أهم مبادئ وقيم الماركسية، والتي جاءت في خاتمة المنفيستو الشيوعي عن موقف الشيوعيين من مختلف الأحزاب الأخرى في العبارات التالية :-
    "ويأنف الشيوعيون من إخفاء آرائهم ومقاصدهم، ويُنادون علانية بألا سبيل لبلوغ أهدافهم إلاّ بإسقاط النظام المجتمعي القائم، بالعُنف. فلترتعد الطبقات السائدة خوفا من ثورة شيوعية. فليس للبروليتاريين ما يفقدونه فيها سوى أغلالهم، وأمامهم عالم يكسبونه. أيّها البروليتاريون، في جميع البلدان، اتحدوا"22.


    المصادر والهوامش:

    18 - الأستاذ عدلان أحمد عبد العزيز - من مقال بعنوان لسنا ماركسيين – مدونة سودانيز أون لاين – مدونة سودان فورول sudanforall
    19 - دراسة في برنامج الحزب الشيوعي السوداني – تاج السر عثمان بابو مجلة الحوار المتمدن العدد 2400.
    20 - البرنامج 2009 ص 12 .
    21 - بيان الحزب الشيوعي السوداني الصادر في اغسطس 1977 بعنوان (الديمقراطية مفتاح الحل _ جبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن) ردا على طرح مايو الشمولي عن المصالحة الوطنية صفحة 19
    22 - الفصل الرابع من البيان الشيوعي كارل ماركس وفردريك أنجلز الطبعة الأولى 1848.
                  

03-30-2014, 05:49 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    نواصل في الورقة الأولى ..

    مبدأ المركزية الديمقراطية ومفهوم دكتاتورية الطبقة العاملة

    في يناير 2009 عقد الحزب الشيوعي السوداني مؤتمره الخامس. وأسقط من لائحته أهم المبادئ اللينينية التنظيمية للأحزاب الماركسية، مبدأ المركزية الديمقراطية التي تربط بين الوحدة الفكرية داخل الحزب ووحدته التنظيمية، وكذلك أفرغ البرنامج من المحتوى الأساسي للثورة الاشتراكية، سلطة أو دكتاتورية البروليتاريا. سنطرح المبدأين على طاولة البحث لنرى أثرهم وآثارهم في البناء الحزبي .
    المركزية الديمقراطية
    بالنسبة للمبدأ التنظيمي "المركزية الديمقراطية" والذي حظي بجدل واسع خلال المناقشة العامة، وربما بسبب الآثار الستالينية السالبة التي نتجت عن تطبيقه في التجربة الحزبية السودانية قد تم الاتفاق على اسقاطه في اللائحة الجديدة المجازة في 2009.
    للمركزية الديمقراطية، كمفهوم تنظيمي لينيني، أسس ومبادئ للأسف لم يؤخذ بها، بل أخذ ببعضها وأهمل البعض، ومن أهم مبادئ التي تم الأخذ بها وطبقها الحزب بصرامة.
    1. وجود مركز واحد يقود الهيئات والمكاتب الحزبية كافة داخل البلاد وخارجها.
    2. إلزام الهيئات الدنيا بقرارات الهيئات العليا.
    3. الانضباط الصارم والدقيق وخضوع الأقلية للأكثرية.
    4. ممارسة مبدأ النقد والنقد الذاتي.
    أما المبادئ التي أهملت أو لم يحرص الحزب عليها بحجة حماية جسد الحزب والتأمين ومبررات أخرى غير مقنعة فهي تتمثل في :
    1. انتخاب جميع الهيئات القيادية في الحزب من القاعدة إلى القمة بصورة ديمقراطية.
    2. مبدأ القيادة الجماعية.
    وقد نتج عن سوء توظيف المركزية الديمقراطية في التجربة الحزبية السودانية إلى تصعيد كثير من الكوادر الضعيفة فكرياً إلى مراكز القيادة، بعد أن حلت الطاعة والعلاقات الشخصية والاستلطاف مكان الالتزام والقدرة على العطاء العملي والفكري في العمل الحزبي، الأمر الذي أدى لأزمة قيادية في الحزب. وكذلك تحت ستار المركزية الديمقراطية والتي تركز على إخضاع الهيئات الأدنى للهيئات الأعلى والأقلية للأغلبية دون وحدة الفكر، كان يتم استلاب حق أصيل للتنظيمات المتحالفة مع الحزب كاتحاد الشباب السوداني والاتحاد النسائي والجبهة الديمقراطية للطلاب، وذلك باتخاذ القرارات الفوقية نيابة عنها، مما أضر بنشاطها، ونفر الديمقراطيين منها. عموماً من أكبر المخاطر في تطبيق المركزية الديمقراطية إنها تؤدى إلى الديكتاتورية وسيطرة الفرد، حيث تؤدى إلى أن تحل مكاتب الحزب التنظيمية محل الحزب كله، وأن تحل اللجنة المركزية محل مكاتب الحزب، وفى النهاية تتلخص اللجنة المركزية في مكتب، وينتهي ذلك المكتب ومن ثم الحزب كله في يد فرد. تم إلغاء المركزية الديمقراطية، لكن لم يتم أي نقد للممارسات التي نتجت عنها، مما يعني استمرار الأزمة.

    ديكتاتورية الطبقة العاملة

    بالنسبة لديكتاتورية الطبقة العاملة، والتي كان يأتي ذكرها في البرامج السابقة تحت مسمى سلطة الطبقة العاملة، أو السلطة التي تقودها الطبقة العاملة وحل بديل عنها في برنامج 2009 "سلطة واسعة تعبر عن مصالح الطبقة العاملة" وأكتفى بطرح مبهم حول دور الطبقة العاملة في قيادة التغيير الاجتماعي كما جاء في البرنامج " .... إضافة الى فشل الرأسمالية السودانية في قيادة النهضة الصناعية والزراعية، وبناء دولة المؤسسات، مما يطرح ضرورة قيادة طبقية جديدة تعبر عن مصالح الطبقة العاملة والكادحين23. " وبالتأكيد لا يمكن وجود سلطة مهما أتسع أفق ديمقراطيتها وحسنت نية القائمين عليها أن تعبر عن مصالح البروليتاريا والكادحين وتدافع عن حقوق الطبقة العاملة سوى السلطة السياسية للطبقة العاملة بواسطة ممثلها الأيديولوجي حزبها الشيوعي، وهي ما درج على تسميتها في الأدب الماركسي "دكتاتورية البروليتاريا".
    إلا انه قد جاءت إشارات وتلميحات مبطنة وتضمين مبطن لتلك السلطة في موقع آخر من البرنامج الذي يطرح فيه آفاق لتجديد المشروع الاشتراكي "سلطة سياسية ديمقراطية تعددية لتحالف واسع من الأحزاب والتنظيمات السياسية للطبقة العاملة والمزارعين والمثقفين الثوريين. وتؤسس تلك السلطة من خلال التجارب وزمالة النضال السياسي والاقتصادي والفكري ولا تفرض فرضا او قسرا وهذا ما أكدنا عليه في برنامجنا المجاز في المؤتمر الرابع ( قيادة الحزب الماركسي في ظل النظام الاشتراكي، لا يعني وجوب نظام الحزب الواحد. الديمقراطية الاشتراكية ترتكز على ما حققته الشعوب من حرية للفرد والجماعة في التعبير وحرية الفكر، وتستكمل هذا البناء بتحرير الإنسان من سيطرة راس المال واغترابه من مراكز النفوذ والقرار). الاشتراكية تدعم الديمقراطية النيابية بالديمقراطية المباشرة24.
    وهنا نلحظ الفرق والاختلاف الجوهري بين الصيغتين بين "سلطة واسعة تعبر عن مصالح الطبقة العاملة" (بالوكالة) وبين "سلطة سياسية ديمقراطية تعددية لتحالف واسع من الأحزاب والتنظيمات السياسية للطبقة العاملة والمزارعين والمثقفين الثوريين"، أي سلطة لأحزاب الطبقة العاملة وحلفائها من المزارعين والمثقفين الثوريين، وهي مهما تسترت تعد شكلاً من الأشكال التي تعبر عنها دكتاتورية الطبقة العاملة. وقد تم إخفاء "بقيادة حزبها الماركسي" ولو أنه أستدرك تأكيدها بعد ذلك "قيادة الحزب الماركسي في ظل النظام الاشتراكي، لا يعني وجوب نظام الحزب الواحد .. إلخ .." أي أن هذه السلطة السياسية الديمقراطية التعددية لأحزاب الطبقة العاملة والمزارعين والمثقفين الثوريين بقيادة الحزب الماركسي، ولا بأس من وجود أحزاب أخرى تتحالف معه لا تتنافس معه.
    لقد سبق أن وضحنا العلاقة الجدلية بين الحزب والطبقة العاملة، ودكتاتورية الطبقة العاملة ليست عورة أو منقصة لتخفى ربما لحساسية كلمة " دكتاتورية " التي ارتبطت بالقهر وحكم الفرد لدينا، لكنها في إطار سعي الماركسيين لبناء الاشتراكية فهي ضرورة لا بد منها، ولم يبرز حتى الآن ماركسي يدعي بإمكانية تجاوزها، وهي تحديداً كما جاء تعريفها في موسوعة الماركسية : "دكتاتورية الطبقة العاملة (البروليتاريا(Dictatorship of the Proletariat) ( هي الحالة التي تسود فيها سلطة البروليتاريا، والتي تقام في أعقاب إزالة النظام الرأسمالي وتدمير أداة الدولة البرجوازية. ودكتاتورية البروليتاريا هي المحتوى الأساسي للثورة الاشتراكية وشرط لازم لها، والنتيجة الرئيسية لانتصارها. ولهذا السبب، فإن دكتاتورية البروليتاريا هي القسم الأساسي في النظرية الماركسية اللينينية. إذ تستخدم البروليتاريا سلطتها السياسية لقمع مقاومة المستغلِين، ولدعم انتصار الثورة، ولإحباط أي محاولات لإعادة الحكم البرجوازي، ولضرب الأفعال العدوانية للرجعية الدولية. ومع ذلك فليست دكتاتورية البروليتاريا عنفا فحسب، وليست عنفاً في الأساس، فمهمتها الأساسية مهمة خلاقة وبناءة. إذ تساعد الدكتاتورية طبقة البروليتاريا على كسب جماهير الشعب العامل، وعلى جذبهم إلى داخل البناء الاشتراكي، بهدف القيام بعملية إعادة البناء الثوري في جميع مجالات الحياة الاجتماعية – الاقتصاد والثقافة والحياة اليومية والتربية الشيوعية للشعب العامل وبناء المجتمع اللا طبقي الجديد. ودكتاتورية البروليتاريا هي الأداة الرئيسية في بناء الاشتراكية والشرط اللازم لانتصارها. والمبدأ الأساسي والأعلى لدكتاتورية البروليتاريا هو تحالف الطبقة العاملة والفلاحية تحت قيادة الأولى. ويتسع الأساس الاجتماعي لدكتاتورية البروليتاريا، ويكتسب استمراره، خلال عملية البناء الاشتراكي، مما يفضي إلى تكون الوحدة السياسية الاجتماعية والايديولوجية للأمة. والحزب الشيوعي – باعتباره طليعة الطبقة العاملة – هو القوة الأساسية القائدة والموجهة في نظام دكتاتورية البروليتاريا. ويضم نظام دكتاتورية البروليتاريا منظمات جماهيرية عديدة: هيئات الشعب التمثيلية، ونقابات العمال، والتعاونيات، وروابط الشباب، وغيرها، وهي تقوم بدور الرابط بين الدولة الاشتراكية والجماهير. وقد كانت كومونة باريس (1871) أول دكتاتورية للبروليتارية في التاريخ. وأسهمت بخبرة بالغة القيمة للماركسية، ومكنت ماركس من أن يحدث شكل الدولة في المجتمع الاشتراكي المقبل. والسوفيتات شكل جديد من دكتاتورية البروليتاريا، اكتشفه لينين عن طريق دراسته للثورتين الديمقراطيتين البورجوازيتين في روسيا، ثورة أعوام 1905-1907 وثورة فبراير عام 1917. وفي النهاية أدت التجربة الثورية الأخيرة إلى شكل آخر لدكتاتورية البروليتاريا، هو الديمقراطية الشعبية. ودكتاتورية البروليتاريا ليست هدفا في ذاتها، إنما هي الأسلوب الوحيد الممكن، والذي تحتمه الضرورة التاريخية للتحول إلى مجتمع بدون دكتاتورية وبدون طبقات25 .
    البروليتاريا المعنية لا تشمل فقط اليوم أولئك العمال ذوى الأفرولات الزرقاء المشتغلين في المصانع والورش الذين يقفون خلف الماكينات بل صارت أكبر بحيث تشمل كل العمال وأنواع العمل البدني والذهني المأجور القادر على الإنتاج السلعي بحيث صارت تشمل فئة واسعة من المجتمع من العامل البسيط إلى المهندس والمفكر والمبرمج والطبيب والمخترع والأستاذ والمطرب والتشكيلي ما داموا ينتجون سلعاً يستهلكها الآخرون وتباع وتشكل فائض قيمة.
    إننا نلحظ وبكل وضوح أنه ما بين الديمقراطية الشعبية التي توفر العدالة الاقتصادية وبين الديمقراطية الليبرالية التي توفر العدالة السياسية أن أجندة الحزب الشيوعي السوداني قد تاهت، وبين تيار تصفوي يميني وتيار تصفوي يساري وتيار متلهف للسلطة دون ثقة في السبل التي يسلكها الحزب لتحقيق ذلك ضعف الحزب وتاهت معالمه ولم تعد تسمى الأشياء بأسمائها ولم تعد تحمل الاسماء معناها.
    على كل حال هذا التردد في تسمية الأشياء بأسمائها مرده إلى عدم حسم الصراع الفكري بين التيارات المختلفة من ليبراليين وراديكاليين في صفوف الحزب، وسعي القيادة لكسب رضاء الكل بدعوى الحفاظ على وحدة الحزب، كان الأحرى أن يكون هناك وضوحاً نظرياً في تلك التغيرات التي جاءت برغبة الأغلبية أو تلك التي فرضتها الضرورة الموضوعية، كما كان الأجدى إتباعها بتغيرات في المظهر لكي يتناسب مع الجوهر. لكن من الواضح أن الحزب قد غير توجهاته بعد وضع ثقله كله في الديمقراطية الليبرالية بأن اصبح حزب برنامج بدلاً من حزب أيديولوجيا.


    المصادر والهوامش:
    23 - البرنامج 2009 (ص4)
    24 - البرنامج 2009(ص43).
    25 - موسوعة الماركسية على الإنترنت– مصطلحات ومفاهيم - حرف الدال.

    نواصل ..
                  

03-30-2014, 06:36 PM

أحمد طراوه
<aأحمد طراوه
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4206

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    UP

    يجب ان يظل عاليا في بلادي

    نعم،
    اسقط الحزب من لائحته مبدأ ( المركزية الديمقراطية )
    وذلك بسبب اجتراح الماركسيين الثوريين لثورة سودانية في علم الديالكتيك
    حيث تم الانتقال من الديالكتيك المباشر بتاع صراع الأضداد : مركزية Vs ديمقراطية

    الي ديالكتيك أوسع و اعقد : كون الديمقراطية تغدو سيدة الدار ( المبجلة )، و تتحول تلك المركزية القابضة اللعينة إلى مجرد ( خادمة ) سيدة الدار
    هذا الانتقال الما بين - ديالكتيكي The interdialectical transformation
    تجري وقائعه وفقا لمجردات ماركس : الانتقال من مجردات المستوي الأول .. الي مجردات المستوى الثاني و الثالث

    كان الراحل القيم محمد ابراهيم نقد قد المح لهذه الحوجة حين قال ذات مرة : نحتاج الي سبر أغوار الجذور الفلسفية للجمود، و أضاف نقد
    وهو ينوء بعقابيل الاختفاء ذاك ، و هموم معارك التجديد، و لاحقا نهضة الجذور الحرة للمرض اللعين في خلايا الجسم و الدماغ :

    لا ننكر أننا قد خضنا في الستالينية حتى الركب ( Knee Joints )

    الحزب الشيوعي : هو حزب الفلسفة المناضلة على صعيد صراع الطبقات .. صراع الطبقات الذي قطع شوطا بعيدا في بلاد السودان
    لا حزب ماركسي ثوري بدون فلسفة .. و لا إمكانية لانتقال وطني ديمقراطي ( لا برجوازي ) .. بدون فلسفة ماركسية
    الماركسيين الثوريين هم الشيوعيين في لحظة السودان الحاضرة ..
    لكن هنالك ليبرالين ماركسين يمكن ان يستعينوا بالتحليل الماركسي لاقامة حزب برنامج فقط و ذلك بغرض إنجاز ثورة ديمقراطية ذات محتوى و أفق برجوازي - حقوقي

    لك مني الشكر الجزيل على هذا الجهد رفيق عاطف .. واصل ، سنتابعك متابعة هلال السما لسفينة سيدنا نوح
                  

03-30-2014, 08:43 PM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: أحمد طراوه)

    الدكتور أحمد طراوة
    سعيد جداً بهذه الطلة
    تداخل الشيوعيون والديمقراطيون مهم جداُ ، أتمنى أن نمهد مساحة للحوار الجاد حتى نحقق الغايات ونكون أهلاً لحمل أمانة أرتال الشهداء الذين قضوا وهم يحملون ويحمون رايته

    سوف أعقب على الآراء بعد الأنتهاء من تنزيل الورقة الأولى
    أنا سعيد بتواجدك .. لكن الأسعد مني سيكون هو صديقك الدكتور حيدر الخير هاشم، فهو يتابعك بشغف وأعجاب شديدين من جوبا الحبيبة ..
                  

03-31-2014, 08:30 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    نواصل ...

    الاسم والماركسية وصراع الأفكار خلال المناقشة العامة

    خلال المناقشة العامة التي أشرنا إليها سابقاً تعالت كثير من الأصوات وطرحت كثير من الأفكار والآراء تندد بالتمسك بالاسم "الشيوعي" والمنهج "الماركسي" أفكار وآراء انطلقت بمسببات وحجج مختلفة وبحيثيات مختلفة ومن جهات مختلفة ولأهداف مختلفة إلا أنها اتفقت بأن الاسم ليس مجرد عملية شكلية بل قضية فكرية ترتبط بنظرية الحزب وأهدافه، كما أن المبادئ الموجهة لتجديد البرنامج (مساهمة الأستاذ محمد إبراهيم نقد) قد اعتمدت في المنهج على كل ما توصلت إليه البشرية من معارف والانفتاح على المدارس الفكرية المختلفة والموروثات وحددت الأهداف ممثلة في الثورة الوطنية الديمقراطية التي تمهد الطريق للاشتراكية، وحيث لم يأتِ أي ذكر للشيوعية في تلك المساهمة تبلور رأي عام وسط العضوية تمظهر في العديد من المساهمات اتفقت على التخلي عن الماركسية وتغيير اسم الحزب، وقد جاءت معظم التعقيبات والآراء المتمسكة باسم الحزب (الشيوعي) وبالمنهج الماركسي كمرشد ومرجعية فكرية للحزب تعكس رأي واحد وهو أن فكرة تغيير الاسم لا تحمل أكثر من استغفال للجماهير وان الاسم ليس له أي تأثير على عمل الحزب الجماهيري وبه استطاع الحزب في 1965 الحصول على ربع الأصوات في العاصمة القومية وبها أكتسح دوائر الخريجين في نفس العام. إلخ. معددين نجاحات الحزب في تلك الحقبة 26 ، يقول الدكتور صدقي كبلو" صحيح ان اسم الحزب الشيوعي قد خلق بعض المصاعب امام نموه في السودان، ولكنه تجاوزها في صبر ومثابرة وأصبح الحزب مقبولاً كجزء من النسيج السياسي والاجتماعي في السودان، ويواصل الدكتور في ذلك مؤكدا أن الرجعية لا تحارب الحزب لاسمه مستخدماً بعض الأمثال والنماذج من تونس والمغرب وألمانيا الديمقراطية بأن أحزابها الشيوعية لا تحمل اسم الشيوعي ورغم ذلك لم تسلم من الحرب ولم تعصم من العداء وتآمر الرجعية ويمضي الدكتور ليؤكد بأنه في الظروف الحالية لن يفيد تغيير الاسم 27. كل ما ذكر فيه شيء من صواب ولكنه ليس كل الصواب، مقاربات الأستاذ أوهاج ونجاح الحزب النسبي في مرحلة الستينيات وهو في قمة أوجه وكامل ألقّه حقق ما نسبته حوالي 5% من عدد النواب المنتخبين في البرلمان، (8 أعضاء شيوعيين و3 أيدهم الحزب في دوائر الخريجين) هذا مع الأخذ في الاعتبار بأن ثلث الدوائر في تلك السنة (1965) لم تجر فيها انتخابات بسبب التعقيدات الأمنية في الجنوب ومع ذلك لم يتجاوز الحزب تلك النسبة المئوية والتي بالتأكيد لن تكفيه لتشكيل حكومة أو تمكنه من المشاركة الفعالة في أي ائتلاف حكومي، والحزب يهدف للسلطة ولا يعمل ليكون مجرد حلية في جيد الديمقراطية، ومع ذلك يمكننا القول بأن تلك النسبة من النجاح ساعدت فيها عوامل شتى منها قوة الحزب وتغلغله وسط الجماهير (الظروف الذاتية) والظرف التاريخي المؤاتِ (الظروف الموضوعية). بالنسبة لما ذهب إليه الدكتور كبلو (الذي تم انتخابه لاحقاً كعضو في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني) في أن العداء والتآمر من القوى الرجعية ضد الحزب لن يتوقف حتى لو غير الحزب اسمه، ذلك مؤكد فهم خصوم طبقيين، الحزب يهدد مصالحهم الطبقية والعداء بينه وبينهم سيظل إلى آخر يوم من عمرهما، ليس في ذلك شك لكن المناديين بالتغيير ليسو من الغباء بحيث يعتقدون أنهم بالتغيير سيتفادون مؤامرات الرجعيين أو تجنب عداواتهم بل لتحقيق أهداف أخرى أكثر أهمية وأشد نبلاً وأصدق من فكرة استغفال الجماهير.
    الماركسية كنظرية علمية لا غبار عليها رغم مرارة التجارب والإخفاقات التي صاحبت تطبيقها، مرارات ليست بسبب الماركسية كمفاهيم فلسفية بل بسبب سوء التطبيق والإنزال إلى أرض الواقع وعدم فهم واستيعاب المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي أحدثتها الثورة العلمية التكنولوجية، وكذلك بسبب التحريف في تناولها بحيث جاءت النتائج بعكس ما كان يشتهي قادتها ومؤسسيها الأوائل، (التجربة الستالينية، التجربة الكورية، تجربة الثورة الثقافية الصينية).
    في بدايات الحزب وحتى يتغلغل وسط قطاعات مجتمعية موغلة في التقليدية ومناطق ممعنة في التخلف عمل الحزب تحت مسمى "الجبهة المعادية للاستعمار" وبعيداً عن مظلة الحركة الشيوعية العالمية متفادياً تعقيدات الاسم وتلك الصلة الأممية وما يحملاه من سلبيات واستطاع الوصول وتكوين اللجان الحزبية في أماكن يستحيل عليه الوصول إليها تحت راية الشيوعية28 . هذا هو الهدف الأول تفادي تلك التعقيدات التي لا زالت قائمة بل أشد قسوة مما كانت عليه في أربعينات وخمسينات القرن الماضي، أما الهدف الثاني من تغيير الاسم وتنكيس راية الماركسية من على ساريته هو توسيع الماعون الحزبي لاستيعاب قوة اجتماعية هو في أمس الحاجة إليها، قوى اليسار والديمقراطيون، قوى لا يستهان من مثقفين سودانيين يؤمنون بالديمقراطية الليبرالية منهجاً، وبالعدالة الاجتماعية سياسةً ومسلكاً، متدينين دونما تعصب، يقفون على رصيف المشهد السياسي السوداني بشكل سلبي، طاقات جبارة تم تحييدها تماماً في الصراع السياسي وهي لعفتها ولقناعتها ولرفضها كل أشكال الديكتاتورية لم تشارك في أحزاب السلطة ولإيمانها بالديمقراطية رفضت الأحزاب التقليدية ولقناعتها بوحدة الوطن وترابه رفضت الأحزاب الدينية فإلى أين يمضون وأين يصبون جهودهم وهم وقود التغيير بل وهم في اللحظات التي يتخلون فيها عن سلبيتهم تكون لهم الكلمة الحاسمة في أي انتفاضة أو هبة ثورية لتغيير الأنظمة الفاسدة، وبدونهم سيظل الإحباط مخيماً على المشهد السياسي إلى يوم يحزنون، تلك القوى هي المجال الخصب للاستقطاب من قبل كافة القوى السياسية وهم الأقرب للشيوعيين فهم من يدعمون الحزب بالتبرعات وبالتأييد حيناً لكن لديهم تحفظات حول الحزب أولها الاسم والمنهج الماركسي، هم ليسو بماركسيين ولا شيوعيين بل وطنيين أقرب البرنامج إلى تطلعاتهم وما يمكن أن يرضي طموحاتهم هو برنامج التحول الوطني الديمقراطي وهو برنامج الحزب، فمن أجل استيعاب تلك القوى تأتي الدعوة صادقة لتغيير الاسم والتخلي عن المنهج الذي يسترشد به الحزب وفتح النوافذ على مصراعيها أمام الأفكار والموروثات واعتماد ما توصلت إليه الإنسانية من معارف (ومن ضمنها الماركسية) كمرشد ومرجعية منهجية للحزب.
    ومما يدعم وجهة نظر الداعين للتغيير ضرورة الأخذ في الاعتبار النظريات العلمية المستجدة، والمدارس الفكرية الأخرى في استقراء الواقع أو الحدث وتحليله والتي وظفت في مناهج التحليل السياسي، كما يجب أن لا نتجاوز الحقائق التي تواجهنا اليوم في استقرائنا لواقعنا السوداني الراهن بهدف تعميق دور الحزب في التغيير، بهدى النظرية الماركسية نفسها، وذلك أنها أصبحت تشكل حائط عزل في التواصل الاجتماعي والتغلغل وسط جماهير الشعب السوداني وطليعته المثقفة المستهدفة والغالبية المتدينة من العمال والمزارعين الذين يناضل من أجلهم وذلك لكسب ثقتهم أولاً ومن ثم تولي زمام قيادتهم نحو آفاق الحرية والديمقراطية التي طالما تغنى بها.
    تلك هي منطلقات وأهداف من يطالبون بالتغيير وهم محقين دون شك، لكن الآخرين المتمسكين بالاسم والمنهج أيضاً محقين إذا نظرنا لمطالبهم من اتجاه آخر، اتجاه فلسفي ونظري محض يتلخص في استلهام الإرث والتجربة الشيوعية العالمية خاصة تجربتي الأممية الثانية 1889 وتجربة المناشفة قبل ثورة 1917.
    كلا التجربتين انتهيا إلى الفشل، فالأممية الثانية رغم أن على رأسها شيوعيون أمناء وماركسيون لا يشق لهم غبار أمثال روزا لوكسمبرج وكاوتسكي إلا أن ذلك لم يمنع وصفها من قبل لينين بالإفلاس والانتهازية. فشلت تجربة الأممية الثانية وانهارت بسبب مسالمتها للبرجوازية كما يقول عنها ستالين "كان عمل الأممية الثانية الأساسي يسير على خطة الانتهازية. فكان الانتهازيون، نظراً لطبيعتهم البرجوازية الصغيرة الميالة للمسالمة، يسالمون البرجوازية، وكان "قويمو المبدأ" بدورهم يسالمون الانتهازيين في سبيل "المحافظة على الوحدة" مع هؤلاء الانتهازيين، وحرصا على "السلم في داخل الحزب". وبالنتيجة كانت الانتهازية هي المسيطرة، لأن السلسلة بين سياسة البرجوازية وسياسة "قويمي المبدأ" كانت متصلة الحلقات، لا انقطاع فيها. كانت تلك المرحلة، مرحلة تطور سلمي للرأسمالية نسبياً، مرحلة كالتي تسبق الحرب، أن صح التعبير، يوم لم تكن تناقضات الاستعمار المفجعة قد أتيح لها بعد، الوقت الكافي لتظهر بوضوح تام، ويوم كانت إضرابات العمال الاقتصادية، والنقابات، تتطور بشكل "عادي" إلى حد ما، ويوم كان النضال الانتخابي والكتل البرلمانية تسجل نجاحات "يدوخ لها الرأس"، ويوم كانت الأشكال المشروعة للنضال ترفع عالياً حتى السحاب، ويوم كان في النية "قتل" الرأسمالية بالطرق المشروعة. وبكلمة: في تلك المرحلة كانت أحزاب الأممية الثانية مصابة بالسمنة، ولم تكن تريد أبداً أن تفكر جدياً في الثورة وفي ديكتاتورية البروليتاريا وفي تثقيف الجماهير تثقيفاً ثورياً.
    وبدلاً من نظرية ثورية متماسكة، كانت هناك فرضيات نظرية متناقضة، ونتف نظرية انفصلت عن نضال الجماهير الثوري الحي وانقلبت إلى عقائد جامدة رثة. وطبعاً، في سبيل إنقاذ الظواهر، كانوا يستشهدون بنظرية ماركس، ولكن لكي يستلوا منها روحها الثورية الحية. وبدلاً من سياسة ثورية، كان هناك تفكير مبتذل سقيم وثرثرة سياسية مسكينة، ودبلوماسية برلمانية، وتطبيقات برلمانية. وطبعاً، في سبيل إنقاذ الظواهر، كانوا يتخذون قرارات وشعارات "ثورية"، ولكن لكي توضع في الدروج. وبدلاً من العمل على تثقيف الحزب وتعليمه التكتيك الثوري الصحيح على أساس أخطائه نفسها، كانت القضايا المزعجة توضع جانباً بكل عناية، كانت تطمس وتموّه ببراعة. وطبعاً، في سبيل إنقاذ الظواهر، كانوا لا يأنفون من الكلام عن القضايا المزعجة، ولكن لكي ينتهوا آخر الأمر إلى بعض قرارات "مطاطة". هكذا كان وجه الأممية الثانية، وتلك كانت طريقتها في العمل وأسلحتها29.
    بالنسبة للمناشفة فقد كانوا شبيهين بشيوعي الأممية الثانية نظرياً يشككون في جاهزيتهم عدداً وعدةً للقيام بالثورة، لذا فهم ينتظرون تقدم البرجوازية وإنجاز ثورتها ثم تتقدم لإنجاز الاشتراكية، الأمر الذي دحضة البلاشفة عملياً بقيادة لينين.
    إذا أخذنا التجربتين آنفتا الذكر ربما نتفهم أسباب رؤية المتمسكين بالماركسية كمنهج واسم الحزب الشيوعي كدلالة على الأهداف، وإذا قيمنا الظروف الموضوعية الراهنة سنتفهم أكثر أسباب الداعين إلى التغيير لكن للأسف رغم صحة نظر الوجهتين إلا أن مجرد وضعهما في سلة واحدة في محاولة للتوليف والتأليف القسري بينهم (ربما بدعوى المحافظة على وحدة الحزب) خطأ جسيم وعمل ضار بمستقبل الحزب وفيه طمس للخط العام وهو أمر مضلل يؤدي السكوت عليه إلى العشوائية وتدمير الحزب ذاتياً، فهذان التياران يعملان ضد بعضهما البعض ويضعفان بعضهما البعض وللأسف كل ما يعيب تيار نجده متجسداً في الحالة العامة للحزب، فمثلاً التيار الذي يدعو للتغيير نجد أن الاسم والمنهجية يعيقانه عن إنجاز مهامه، وكذلك نجد التيار البلشفي في الحزب أن أسلوب النضال الناعم والمعارضة الليبرالية والدعوة المحبطة بعدم الجاهزية للتقدم إلى الأمام يقعدان به ويمنعانه من الحركة، والعلاج في نظري ليس بالوفاق والجودية، ليس لأنه غير مرغوب أو لأنه لا يشبه الشيوعيين في شيء، ولكن لأنه غير ممكن، ولكن بالاتفاق على الأولويات ورسم خارطة الطريق ممكن وهو ما يتم عرضه في الورقة الثالثة من هذا الكتاب تحت مقترح قطار الشهيد عبد الخالق محجوب.


    الهوامش والمصادر:
    26 - قضايا سودانية يوليو 2000 تغيير اسم الحزب .. استنفار الجماهير أو إستغفالها مساهمة أوهاج (واشنطن)
    27- الدكتور صدقي كبلو – موسم الهجرة إلى اليمين – ص 53-54 – الناشر دار عزة للنشر والتوزيع 2008
    28 - د. محمد سعيد القدال – معالم في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني
    29 - أسس اللينينية – جوزيف ستالين – دار التقدم موسكو


    نواصل .......
                  

03-31-2014, 09:22 PM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    نواصل ..

    الحزب والماركسية

    من خلال مراجعة الممارسة الماركسية في التجربة السودانية، نجد أن الماركسية أسهمت في بناء الحزب، وإنها ساعدت كثيراً في بناء تحالفاته الماضية، وأسهمت في أرثه النضالي، وألهمت قادته الكثير من الحلول للمعضلات السياسية التي واجهته، خصوصاً في سنوات النهوض في بداياته (فهم وتحليل طبيعة الاستعمار)، وكذلك اسهمت في انتشاره في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، ربما ساعد على ذلك الظرف العالمي الملائم والمتمثل في الانتصارات الباهرة التي حققتها المنظومة الاشتراكية، بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، ونهوض حركات التحرر الوطني التي اجتاحت العالم في مطلع النصف الثاني من القرن المنصرم، وكذلك التطبيق الخلاق من قبل قيادة الحزب التي كان على رأسها الشهيد عبد الخالق محجوب، والذي يتمثل في استيعابها كمنهج من أجل فهم الواقع، وبلورة الرؤى المناسبة لتغييره، وكذلك بفضل الربط الواعي ما بين ما هو سياسي واقتصادي وما بين ما هو اجتماعي وطبقي، لتحديد الأولويات يمكننا وبالرجوع لكل تلك العوامل القول بنجاح الماركسية، إلا أنها في الآونة الأخيرة، خاصة بعد الضربات المتتالية التي تلقتها، ومرارات التجارب التي برزت بعد مرور عقود من التطبيق، والأزمات الاقتصادية، والإحباطات السياسية التي أحاطت بالشباب، وبما ترتب عليها من ظواهر كالإرهاب والتمظهر الديني، كانتشار الحجاب، واطلاق اللحى، أصبحت الماركسية تشكل عائقاً فكرياً وروحياً لكثير من الذين كانت تناضل من أجلهم، حيث إن جلَّ أبناء الطبقة العاملة وطبقة المزارعين هم من المتدينين الجدد الذين حوصروا بين السقوط في فخ الهوس الديني والتطرف أو الاستسلام لعالم المخدرات والجريمة، فأختار بعضهم الأولى، وقلة توجهت للخيار الثاني، أما الأغلبية والذين يشكلون رصيداً جماهيرياً لليسار، فقد كان من الصعب عليهم تقبل الماركسية بعد إدراك جانبها الفلسفي الالحادي، والذي لا يوجد من لا يدرك فحواه، مهما حاول البعض نفيه، والتقليل من شأنه، والتستر عليه بثوب من التغبيش. لذا ومن أجل الضرورة الموضوعية، وتحقيق الأهداف النبيلة التي يسعى لها الحزب من الصعب القول بأن المنهج الماركسي هو الوسيلة المناسبة لتحقيق تلك الأهداف؟ وأن الاسم يساعد على ذلك لكن من السهل التأكيد بأن الاسم والمنهج الماركسي تحولا إلى عائق، يقفا حجر عثرة أمام تحقيق أهدافه؟ وأصبحا عقبة كؤود تحول بينه وبين أن يتحول إلى حزب جماهيري؟
    الحزب الشيوعي رغم تضحياته الجسيمة، وسلامة طرحه في معظم القضايا والمواقف السابقة والراهنة، وعفة أعضائه، ومبدئية مواقفه، وروعة أهدافه الآنية ومشروعيتها، إلا انه فشل فشلاً زريعاً في أن يتحول لقوة جماهيرية كاسحة، وأخفق إيما إخفاق في خلق قاعدة شعبية تقوده إلى تحقيق مشروعه السياسي من خلال الانتخابات البرلمانية، ربما يقول البعض أن مرد ذلك إلى العداء والقمع والقتل والتشريد والتنكيل الذي لازمه منذ تأسيسه من قبل كل الانظمة الحاكمة، أو ضعف الإمكانيات المادية، أو ربما بسبب عمله وسط إطار مجتمع تقليدي موزع الولاء بين طائفتين كبيرتين، هما طائفتي الانصار والختمية. ربما يكون ذلك جزءاً من أسباب الإخفاق، لكن السبب الحقيقي هو عدم تجديد خطابه السياسي، وتعميق رؤيته حول المسألة الدينية التي تنازل عنها طائعاً مختاراً، على الرغم مما لها من تأثير قوي وحاسم في الصراع السياسي الدائر، تنازل عنها للقوى اليمينية الانتهازية والسلفية توظفها لتحقيق مآربها ومصالحها الآنية والاستراتيجية، وتستغلها كما تشاء على حساب البسطاء من أبناء شعبنا. فالقوى الرجعية رفعت راية لا إله إلا الله، والقوى الخيرة رفعت راية الماركسية والإنسان السوداني البسيط العادي، لو خُيِّر ليختار، وهو يعلم بأن الأولى باسم الدين، وبحجة تطبيق شرع الله نهبت ثروته وسرقت قوته وحرقت حرثه، وقتلت نسله، وجففت ضرعه، وأحالت حياته في الأرض إلى جحيم، لكنها توعده بالآخرة، والأخرى ستعطيه الدنيا (القوت والمأوى والتعليم والعمل) وتسلبه الآخرة ماذا تظنونه سيختار؟.
    لا أظن هذا السؤال كان يحتاج إلى حصافة للإجابة عليه خاصة قبل تجربة الإنقاذ، لكن بعد الإنقاذ وفرض الاختيار، وبعد أن فقد (القوت والمأوى والتعليم والعمل) اختار الشعب الهروب بحثاً عنهم فضرب في الأصقاع والمهاجر. ومن لم يستطع منهم احتشد داخل ذلك السجن الكبير الذي يدعى مجازاً وطن، يعيش كما يعيش أهل الغاب إما فرائس وإما مفترسين، وقلة من صفوة مختارة مقربة، لكنها محتارة فيما تختار لكبح جماح من تبقى من سكان ذلك الغاب الشريعة الجد الجد أم الإبقاء على الشريعة المدغمسة30 .

    الدستور والبرنامج والماركسية

    ورد ذكر لعبارة الماركسية في برنامج ودستور الحزب المجاز في مؤتمره الخامس 2009 في حوالي أربعة عشر موضعاً، ثمانية منها في ديباجة البرنامج التي تشرح وتقدم للظروف الذاتية والموضوعية للحزب عبر مسيرته، وتمضى لتؤكد صحة الاستنتاجات الماركسية في الصراع السياسي والاقتصادي العالمي. كما ترد عابراً في الفقرة التي تتحدث عن الديمقراطية التعددية "الليبرالية"، ثم نجدها بعد ذلك في الفصل الذي يطرح الثقافة الوطنية الديمقراطية والتي يقول فيها:- إن نشر وتعزيز الثقافة الديمقراطية يعتبر هدفاً محورياً من اهداف حزبنا، اذ بها نتوسل لبعث الوعي الضروري لتحرر الانسان السوداني من الخوف والفزع من قوانين الطبيعة، ومن غمة الجهل الذي تركه فريسة للاستغلال الاجتماعي أيا كان نوعه، وللتعصب الأعمى أيا كان منشأه. نستعصم في هذا السبيل بالفكر الانساني العلمي منهجاً واداة يشمل في ما يشمل ما دشنته الماركسية من آفق للفكر والممارسة تحت عنوان التراث التحرري للبشرية، ولا ننقطع عن هذا التراث بدعوي اصولية يسارية او شوفينية قومية31 .
    ثم بعد ذلك ترد عبارة الماركسية بالفصل العاشر في الحديث عن تجديد المشروع الاشتراكي، حوالي ثلاث مرات، وهو حديث نظري حول البرنامج الاشتراكي أكثر منه حديث فلسفي حول الماركسية كمذهب مادي، في كل ما سبق لو أزيلت كلمات وعبارات الماركسية من البرنامج لما افتقدها أحد، أما أهم موضع ورد فيه ذكر تعبير الماركسية فهو ما حوته الفقرات التالية من لائحة الحزب:
    المادة (1) : اسم الحزب : الحزب الشيوعي السوداني.
    المادة (2) : طبيعة الحزب وأهدافه العامة وأسسه الفكرية
    1- أنه اتحاد طوعي بين مناضلين ثوريين تعاهدوا على إنجاز البرنامج الوطني الديمقراطي والاشتراكية بما يتناسب وخصائص الشعب السوداني ويستند الحزب في تكوينه على الطبقة العاملة ويستوعب في صفوفه الطلائع الثورية للجماهير العاملة في المصانع والحقول والمراعي ودور العلم وبين المثقفين وكل الذين يقبلون برنامجه ويناضلون لتنفيذه .
    2- يسترشد بالماركسية منهجاً ونظرية في استقرائه واستنتاجاته لمعرفة الواقع وتغييره للأفضل ويهتدي بكل ما توصلت إليه البشرية من معارف لمصلحة السودان وكل ما هو خير من الموروثات المتجذرة فينا كسودانيين وما هو نابع من انتمائنا العربي والأفريقي وفوق كل ذلك مستنداً إلى تجارب الواقع السوداني واضعاً في الاعتبار كل متغيراته وما يحدث من مستجدات في العصر 32.
    بالإشارة للفقرتين (1) و(2) هناك كلمتان يجب التوقف عندهما لأنهما يلخصان لب ما يهمنا هنا وهما كلمتا منهجاً ونظرية‘ فالمنهج كما نعلم هو عبارة عن مجموعة من التقنيات والطرق المصممة لفحص الظواهر والمعارف، ويخضع لمبادئ الاستنتاج، أما النظرية العلمية فهي مجموعة من الفرضيات تحكمها قوانين الثبات النسبي أو قوانين التحكم. فإذن الحزب الشيوعي السوداني يؤكد أن مرجعيته في المنهج والنظرية على الماركسية التي لها ثوابت نظرية في الديالكتيك "قوانين تطور المجتمع" وفي الاقتصاد أي الإنتاج وعلاقات الإنتاج والدولة وتحرير الطبقة العاملة وبناء الاشتراكية "مربط الفرس" والتي لا تحل "ماركسياً" محل الرأسمالية إلا بثورة. صحيح أن تلك الثوابت ليست وصفة جاهزة للتطبيق كما ذكر الأستاذ محمد إبراهيم نقد وأن على الذين يقتنعون بها أو يسترشدون بها أن يتحملوا واجب وعبء تطوير كل تفاصيلها وعلاقتها المتبادلة، وبمعنى آخر، استخدامها كمنهج لدراسة ومعرفة المجتمع الرأسمالي والتعبير النظري عن حركة تغييره ودراسة الظروف التاريخية لذلك التغيير ومن ثم صوغ المستقبل الاشتراكي33.
    بقراءة متأنية لبرنامج الحزب الشيوعي السوداني نجد أن الحزب يستمد منهجه من كثير من المعارف الإنسانية المختلفة، ومرتكزاته الماركسية تتجلى في استقرائه للواقع، أما ما يتعلق بتغيير ذلك الواقع فإن الماركسية ليست خياره المفضل، خاصة في إدارة نشاطه اليومي في النقابات والأحياء ومناطق العمل، فنجد كثيراً من الغموض وعدم الوضوح النظري، لكن بالمقابل نجد الحزب يستمد حيويته من التراث والتقاليد الثقافية السودانية ومورثاته وقيمه وتجاربه النضالية سواء في مكافحة الاستعمار أو مقاومة الأنظمة الدكتاتورية أو تلك التي تتم في إطار تحالفاته المختلفة مع القوى والتنظيمات السياسية والنقابية والفئوية من منظمات المجتمع المدني.
    تقول اللائحة (يسترشد الحزب بالماركسية منهجاً ونظرية في استقرائه واستنتاجاته لمعرفة الواقع وتغييره للأفضل)، من المعلوم أن الماركسية كفكر إنساني قد ألهمت الكثيرين في النضال ضد الاستعمار بما وفرت لهم من تحليل دقيق للاستعمار وبواعثه الاقتصادية وكثير من القوي السياسية حتى اليمينية تبحث في إطارها عن حلول لأزماتها وتأخذ منها، من دون أن تجعل منها عنواناً أو هوية لها، وقد أتضح ذلك من خلال الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت العالم في 2007 - 2012 بأن عاد كتاب رأس المال لماركس لواجهة المكتبات، بعد أن ظل يقبع في المخازن لأكثر من عقدين، وظهوره المفاجئ ليس لتبني منهجه من قبل الاقتصادين الغربيين بل للبحث فيه عن حلول للأزمة الرأسمالية وإنقاذ الأنظمة والمصارف والبنوك التي انهارت من دون أن تتخلى عن توجهها الرأسمالي.


    الهوامش والمصادر :

    30 - مدغمسة أي بلا ملامح أو معنى: مصطلح الشريعة المدغمسة هو الصفة الذي اطلقها الرئيس عمر حسن البشير على ما هو مطبق من شريعة إسلامية في السودان حتى تاريخه، متوعداً المعارضة بتطبيق الشريعة "الجد جد" أي الشريعة الحقيقية !! وذلك في احتفالية عيد الحصاد بمدينة القضارف 2010.
    31 - الفصل السادس من البرنامج 2009
    32 - الفقرة رقم 2 من المادة الثانية من الفصل الأول من اللائحة 2009 .
    33 - محمد إبراهيم نقد - كيف حاصر الجمود أطروحات ماركس وأنجلز عن الاشتراكية – قضايا سودانية مايو 2000
                  

03-31-2014, 09:29 PM

محجوب حسن حماد
<aمحجوب حسن حماد
تاريخ التسجيل: 11-07-2009
مجموع المشاركات: 3948

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)
                  

03-31-2014, 09:39 PM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: محجوب حسن حماد)

    مشكور محجوب حسن حماد
    شكراً للمرور

    نواصل ...

    خط الحزب الراهن والماركسية

    حددت دورة اللجنة المركزية فبراير 2011 خط وموقف الحزب من القضايا الراهنة والتي تتلخص في المواقف التالية:
    1. تحقيق التحول الديمقراطي، وتصفية النظام الشمولي، والغاء كل القوانين المقيدة للحريات، وعقد المؤتمر الدستوري الذي يقرر شكل الحكم في البلاد على أساس دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو اللغة أو الجنس أو العرق أو الثقافة، وحل قضايا المفصولين ومتضرري السدود ورد المظالم، وممتلكات الشعب المنهوبة...الخ
    2. فك الضائقة المعيشية وتركيز الأسعار ودعم التعليم والصحة والسلع الأساسية، وعقد المؤتمر الاقتصادي الذي يسهم في وقف التدهور الاقتصادي الشامل في البلاد.
    3. التصدي لحل القضايا العالقة بعد الانفصال (ابيي، ترسيم الحدود.....الخ).
    4. وقف الحرب في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، وقيام انتخابات حرة نزيهة تتبعها آلية جديدة لاستطلاع سكان المنطقتين، والاشراف على محادثات قبائل أبيي.
    5. الحل الشامل والعادل لقضية دارفور.
    6. التصدي للوضع المتدهور في شرق السودان.
    7. منع تجدد الحرب بين الشمال والجنوب، وقيام شراكة استراتيجية بينهما تفتح الطريق لإعادة توحيد الوطن مرة أخرى على أسس طوعية وديمقراطية.
    8. الاشراف على اجراء انتخابات عامة جديدة حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.
    أما الآلية التي طرحتها اللجنة المركزية لتحقيق هذه الأهداف فهي تتمثل في تلك الوسائل المجربة من قبل "العصيان المدني والإضراب السياسي". بغض النظر عن الاختلاف الكيفي والكمي عن هذا النظام مع الأنظمة السابقة "عبود ونميري"، والذي لا أظن انه خافياً على أحد ممن شاركوا في وضع تلك الأهداف جدوى الإضراب السياسي والعصيان المدني في ظل الأنظمة العقائدية، فتلك قضايا ليس هنا موضع الحديث عنها، لكن ما يهمني هنا تبني الماركسية كمنهج لتحقيق تلك الأهداف والذي يشبه لي شخص في المحطة الوسطى أمدرمان يود الذهاب إلى المحطة الوسطى الخرطوم فبدلاً من ركوب سيارة أو دراجة نارية لإنجاز ذلك المشوار يطلب طائرة كونكورد، فما بين الأهداف ووسائل تحقيقها وأدوات الحزب (المنهج) مساحة شاسعة لأن الحصول على طائرة كونكورد في المحطة الوسطى أمدرمان أسهل منه تركيب أجنحة والطيران أسوة بما فعل عباس بن فرناس في جبل العروس بالأندلس قبل أكثر من ألف عام.
    حول البرنامج
    ذكر لي أحد الدبلوماسيين السودانيين العاملين بالأمم المتحدة بعد أن أستمع لأغنية وطنية من شعر الأستاذ محجوب شريف..... " لو أن الحزب الشيوعي السوداني ركز في عمله الدعائي والسياسي والثقافي على الكلمات والمعاني التي يطرحها محجوب شريف في شعره عن الوحدة والوطنية والحرية والديمقراطية بعيدا ماركس وأنجلز لتحول كل الشعب السوداني إلى شيوعيين"
    إن الدعاية السياسية للحزب تستمد عنفوانها وقوة تأثيرها من الطرح الأدبي والفني للشعراء وللمطربين الشيوعيين والديمقراطيين على سبيل المثال وليس الحصر محجوب شريف ومحمد الحسن سالم حميد وعمر الطيب الدوش ومحمد طه القدال ومحمد وردي ومصطفى سيد أحمد، ومحمد الأمين وأبو عركي البخيت فنجد تأثير هؤلاء أقوى من عشرات الندوات وأكثر عمقاً من آلاف المناشير السياسية. وغناؤهم وأشعارهم هي التي جعلت العديد من الناس تلتف حول الحزب. والكثيرون يثمنون عاليا ثقافة الشيوعيين ووعيهم وأشعارهم وغنائهم. والكثيرون يشمرون عن سواعدهم ليخدموا هذه المؤسسة سواء في انتخابات تشريعية أو نقابية أو بالتبرعات، والبعض يجازف بحريته الشخصية في سبيل ذلك بالمساهمة في إخفاء وإيواء بعض كوادره السرية في ظروف المطاردات والقهر التي كثيرا ما يتعرض لها الحزب، ولكن على الرغم من كل ذلك هم خارجه وليسوا جزءاً منه (ولو أن الكثيرين محسوبون عليه) وبعضهم سجن وشرد وعذب، ولكن على الرغم من قربهم منه ومشاركته في قوتهم ومغازلة الخطر في التقرب منه ساعة المحن إلا أن هناك حاجزاً وقف بينهم وبين الحصول على عضويته، وهو تمسك الحزب بالماركسية.
    إن برنامج الحزب يهدف في الأساس إلى بناء الدولة المدنية الوطنية الديمقراطية، التي تمهد الطريق إلى التحول الاشتراكي، والاشتراكية المنشودة أبعد ما تكون عن تلك المتناحرة مع الطبقات الاجتماعية والسياسية الأخرى لذا هي في ملامحها نجدها أقرب إلى "الاشتراكية الطوباوية" الخيالية منها إلى "الاشتراكية العلمية" الثورية. فهي تدعو إلى قيام مجتمع إنسانه حر من أشكال الاستغلال والاضطهاد القومي والاستعلاء العرقي والثقافي كافة. الملكية فيه جماعية لوسائل الإنتاج، الأمر الذي يكفل العدالة في توزيع الناتج "الثروة" وخلق مجتمع الكفاية أو كما جاء بالبرنامج. "تحرير الإنسان من الاستغلال. إلغاء الامتيازات الطبقية بما ينهي اغتراب الإنسان. الملكية العامة لوسائل الإنتاج بأشكالها المختلفة والتي تكرس تملك الشعب لهذه الوسائل وعائدها. مكافأة الإنسان حسب عمله .. إلخ 34.
    الوسيلة التي يطرحها الحزب في تحقيق هذه التحول لخصها البرنامج في الالتزام بالدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان التي نصت عليها مواثيق الأمم المتحدة، واتفاقيات المنظمات الدولية والإقليمية، والالتزام بدولة المواطنة والتعددية الحزبية والتداول الديمقراطي للسلطة، وقبل ذلك يتمسك الحزب في خياره لإسقاط النظام الثيوقراطي القائم، والتحول من الدولة الدينية للدولة المدنية ومن الشمولية إلى الديمقراطية عن طريق العصيان المدني والإضراب السياسية والانتفاضة الشعبية.
    هناك شقان للبرنامج الأول، وهو إنجاز مرحلة التطور الوطني الديمقراطي، والثاني بناء المجتمع الاشتراكي، سنتوقف في البرنامج ما قبل الاشتراكية، أي بعد إسقاط النظام القائم وحتى إنجاز التحول والبناء الوطني الديمقراطي الذي تقوده سلطة واسعة لقوى سياسية مختلفة ومتنوعة " سلطة سياسية ديمقراطية تعددية لتحالف واسع من الأحزاب والتنظيمات السياسية للطبقة العاملة والمزارعين والمثقفين الثوريين إلخ.. "35. وهي تهدف كما أسلفنا إلى التحول إلى الدولة المدنية وتوسيع قاعدة الحريات والحقوق، تلك أهم سمات برنامج الحزب الشيوعي السوداني للتحول الوطني الديمقراطي وهو البرنامج نفسه والهدف للقوى الوطنية الأخرى، سواء في أهدافه العامة أو في تفاصيله، ولو راجعنا ميثاق الدفاع عن الديمقراطية 1986 مقررات أسمرا 1995، ميثاق الفجر الجديد 2013 لوجدنا نفس خصائص وملامح وأهداف البرنامج الذي اتفقت حوله قوى الاجماع الوطني، ومنظمات النساء والشباب، والمجتمع المدني، والذي يمكن إيجازه في إعادة ترتيب الأوضاع السودانية، وتحقيق أماني شعبه في ديمقراطية مستدامة، وحسم جدل الهوية بتعددية ثقافية وأثنية، كما حسم قضية علاقة الدين بالدولة من خلال إقرار دستور وقوانين قائمة على فصل المؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة، وهو برنامج، عملياً، لا يمكن تنزيله إلى أرض الواقع وتطبيقه إلا بالتفاف كل تلك القوى الاجتماعية المدنية المنظمة والقوى المنتجة الأخرى من اتحادات عمال ومزارعين ومثقفين ومهنيين وضباط وجنود ورأسماليين بغض النظر عن تنوع ثقافتهم أو أديانهم أو أعراقهم وبمختلف طبقاتهم الاجتماعية وأحزابهم وتوجهاتهم السياسية، ولذا نجد أن الحزب قد حدد في برنامجه 2009 ألا تتقيد السلطة الوطنية الديمقراطية بايدلوجية بعينها، وذلك تفادياً لأي صراع أو تناقض طبقي قبل أن يحين أوانه. في الشق الثاني من البرنامج، وهو التحول إلى الاشتراكية بعد استكمال المرحلة التي تعني بالتحول الوطني الديمقراطي، نجد أن خارطة طريق الحزب لتحقيق الاشتراكية قد تخلت عن العنف الثوري وزخم دكتاتورية وثورة البروليتاريا، والسياسات الانقلابية (الفرض والإكراه)، وطرحت وسيلة القبول والتراضي عليها من قبل كل الفئات والطبقات الاجتماعية والسياسية (بالأغلبية وليس الإجماع المطلق) كما جاء بالبرنامج ".. تغيير سلطة سياسية ديمقراطية تعددية لتحالف واسع من الأحزاب والتنظيمات السياسية للطبقة العاملة و المزارعين والمثقفين الثوريين. وتؤسس تلك السلطة من خلال التجارب وزمالة النضال السياسي والاقتصادي والفكري ولا تفرض فرضا او قسرا .. إلخ" 36
    هذا الشق بحاجة إلى وقفة أعمق لتحديد الأهداف والغايات وسبل الوصول إليها كما جاء بالدراسة حول البرنامج. كما أن البرنامج أشار لتحول نوعي آخر وهو الخيار الجديد للحزب "الدولة المدنية" كبديل مناسب للدولة الدينية، على كل هذه المسميات دولة دينية / مدنية / ِعِلمانية / َعَلمانية ، ربما لا تعني الكثير لدى البعض بحكم التجارب التاريخية، فأي منهم جربت حكم الأخيار والأشرار فالدولة الدينية كانت منارة للعدل في عصر العدلين عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز، ونموذج للقهر والظلم كما رأينا في عصر المشيرين نميري والبشير، كذلك الدولة العلمانية رأيناها نموذج للقهر عند دكتاتورية عبود وبديات نميري الذي بدأ علمانيا وانتهى دينياً، كما رأيناها نموذج للعدالة كما في أوروبا وكندا.
    أي نظام يمكنه أن يكون غطاء للدكتاتورية وللأجندة الطفيلية إذا جرد من الديمقراطية، ولم تسطع عليه أضواء الحرية، كما يجب أن يحصن بالعقلانية لأن العقول المأزومه تنتج أو تفضي الى دولة مأزومة، فالديمقراطية والحرية والعقلانية يعدون مربط الفرس، لكن لضمان ديمومتهم أو استدامتهم، أيهما أصلح والأكثر ضماناً الدولة العَلمانية أم الدولة المدنية؟.

    المصادر والهوامش :

    34- البرنامج 2009 الفصل العاشر – تجديد المشروع الاشتراكي
    35 - البرنامج 2009
    36 - البرنامج 2009 الفصل العاشر
                  

04-01-2014, 06:12 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    نواصل ..

    الحزب الشيوعي ما بين الدولة العَلمانية والدولة المدنية !

    الدولة ككيان سياسي وجغرافي تشمل البني التحتية من مؤسسات خدمية وتنظيمية، إضافة إلى الجيش والأمن وهو ما يعرف بجهاز الدولة، بالإضافة إلى المفاهيم والإجراءات والبرنامج السياسية المعتمد في إدارة ذلك الجهاز، أي البنى الفوقية، تلك المفاهيم والإجراءات والقوانين الفوقية هي التي تمنح الدولة شكلها السياسي، وهذا الشكل أما منسوب لبشر وهو ما يصطلح عليه بالدولة العِلمانية (مشتقة من العِلم) أو العَلمانية (مشتقة من العالم). أو منسوب لقوة فوق البشر وهي ما يطلق عليه الدولة الدينية، وحديثاً ظهر مصطلح وسيط هو الدولة المدنية وهو خيار الحزب الشيوعي السوداني في دستوره المجاز في 2009 فما هي الدوافع لهذا التحول من الدولة العَلمانية إلى القبول بالدولة المدنية؟ وما هو الفرق بينهم؟

    الدولة العَلمانية

    ظل الحزب الشيوعي في اطار بناء الدولة الدستوري يتمسك بدستور 1956 المعدل في 1964، وهو دستور عَلماني يؤسس لدولة عَلمانية، يتساوى فيها الجميع وبمختلف دياناتهم وإثنياتهم وتوجهاتهم السياسية ويكفل الحريات بما فيها حرية المعتقد، والعَلمانية عموماً تسعى للحفاظ على وحدة الدولة مهما تعددت أديان المواطنين ومرجعيتهم الثقافية. وهي كما أسس لها واضعها الفيلسوف البريطاني جون لوك لخصت وظيفة الدولة في رعاية مصالح المواطنين الدنيوية، أما الدين العبادة فمهمته هي خلاص النفوس في الآخرة. ولو نظرنا لوضع الدين والتدين نجده أكثر تماسكاً، وأحكم رباطاً، والأوثق بين الناس، أما في ظل الدولة الدينية، نجد الدين صار غريباً، والمتدينين الحقيقيين أكثر غربةً، وقد ثبت من خلال التجربة السودانية، إن انحياز الدولة للإسلام السياسي شجع على النفاق والتدين الشكلي وانتشار الفساد والجريمة والتفكك الأخلاقي وانهيار قيم الفضيلة، فضلا عن أنه سبب رئيسي لتقسيم البلاد، ومازال يهدد ما تبقى من وحدة الدولة، ووحدة نسيجها الاجتماعي والتعايش السلمى بين مواطنيها. فقضية العَلمانية هي صياغة المستقبل، وهي الضمان ليتساوى الجميع في الحقوق والواجبات وحقوق المواطنة والقيم والمبادئ الإنسانية وإعادة الاعتبار للدين بتحولَه إلى سلطةٍ روحية خالصة، لا يستطيع السياسيّ التحكّم بها. والمحافظة على قيم التسامح والتعايش الديني بما يمكن أن يفجر طاقات الشعب الخلاقة في البناء والتطوير والتحديث للحاق بركب الحضارة. وقد أشار الأستاذ نقد أن العَلمانية تعترض أن تصبح أي نظرية ما (مثال الماركسية) نظرية للدولة 37.
    كما يجب عدم الخلط بين العَلمانية (المشتقة من العَلم والعَالم) وبين العِلمانية (المشتقة من العِلم) والتي لا تعني فقط بإبعاد المقدس الديني عن الممارسات السياسية، بل فصل كلِّ القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية عن الدولة، لذا تم ربط العِلمانية بالإلحاد . لكننا نلحظ الخلط المتعمد من قبل قوى اليمين المتشدد في اطار المعاداة للعَلمانية حيث يشار إليها كأنها فكرة متلازمة مع الكفر والالحاد مع كسر العين عمداً. السبب الأقوى لعدائها كما قال الطبيب والإعلامي المصري خالد منتصر هو أن العَلمانية ستسحب البساط من تحت أقدام المستفيدين من دعاة الدولة الدينية، والمنظرين لها، فهي تدعو إلى حوار الأفكار على مائدة العقل، وتعريتها من رداء القداسة الذى يغطيها به هؤلاء الدعاة للوصول إلى أهدافهم، وهذا كله يجعل من المسألة مسألة بشرية بحتة، لذا نقول لأولئك الذين يريدون أن يفرضوا علينا رؤاهم بغطاء قدسي ولا يرد ولا يرتد، نقول لهم كسدت بضاعتكم وبارت تجارتكم لن يسلبنا أحد ما وهبه لنا الله من حق في اختيار من يحكم بيننا وكيف يحكم.

    الدولة المدنية

    الدولة المدنية، وهي الدعوة التي تبناها الخطاب الحزبي مؤخراً، قبل تضمينها لدستوره، وهو تبني أملته ظروف موضوعية محددة في حينه كما يورد الأستاذ محمد إبراهيم نقد: "طرحنا مصطلح وتصور "الدولة المدنية" لأول مرة عام 1988م خلال المشاورات التي اجراها مجلس رأس الدولة مع الكتل البرلمانية بعد ان اقال الصادق المهدي حكومته الثانية، تمهيداً لتوسيع الائتلاف بإشراك الجبهة الاسلامية في الوزارة، وفق شروطها بإجازة قوانين الشريعة خلال شهرين.
    استقبل هيئتنا البرلمانية باسفيكو لادو، عضو مجلس رأس الدولة، آنذاك، بمكتبه بالقصر الجمهوري، وخلال المناقشة حول مصطلحات «دولة دينية، دولة علمانية، دستور اسلامي، دستور علماني» اكدنا للادو الحقائق التالية، لينقلها لمجلس رأس الدولة:
    اننا لا نتقيد بحرفية المصطلحات، او بما اذا كان مصطلح «علمانية» بكسر العين ام بفتحها، وأننا نعطي الأسبقية للديمقراطية كحقوق وحريات وكنظام حكم ومؤسسات، وأننا نعارض الدولة العلمانية عندما تصادر الديمقراطية، مثل معارضتنا لدكتاتورية عبود، من جانب، ودخولنا، من الجانب الاخر، في صراع وصدام مع نظام مايو، سواء عندما بدأ يسارياً وعلمانياً، او عندما اعلن نميري قوانين سبتمبر عام 1983م ونصب نفسه اماما منذ ذلك الحين حتى اطاحت به الانتفاضة الشعبية في ابريل عام 1985م. اننا لا نوافق على مشروع حكومة الوفاق، ليس رفضاً لمبدأ الوفاق، انما لكون المشروع يلتف حول شعار الانتفاضة الداعي لإلغاء قوانين سبتمبر بدعوى الالتزام بقوانين بديلة تقدمها الجبهة الاسلامية لن تختلف عن تلك القوانين.
    اننا نقدر حرص وجهود رأس الدولة لحل الازمة الوزارية، وتقريب وجهات النظر لنزع فتيل الاشتعال عن استقطاب «دولة علمانية، دولة دينية»، ونقترح مصطلح «دولة مدنية»، على اعتبار تعامل المجتمع السوداني في الشمال والجنوب مع القانون المدني والمعاملات المدنية، والقانون الشرعي والمحاكم الشرعية 38.
    لكن هذا التنازل من الدولة العلمانية إلى الدولة المدنية، يفهم منه أنه كان تنازلاً تكتيكياً وليس استراتيجيا لكي يضمن في برنامج الحزب، وقد شهدنا مؤخراُ ليس فقط تحول من العلمانية بل التنكر المذل لها كما جرى في وثيقة "الفجر الجديد" بعد أن تنصل عنها، وكان أحد مسوقات الرفض هو علمنتها الصريحة والتي نصت على فصل الدين عن الدولة39 .
    إن مصطلح الدولة المدنية مضلل وغير محدد المعالم، ويتميز بالضبابية وعدم الوضوح، والكل يفسره على هواه، وأقرب معنى له هو أنه المقابل للدولة العسكرية "حكم الجنرالات" أي أن الدولة المدنية عبارة سلطات مدنية عن طريق انتخابات مدنية ويمكن لأي حزب ديني ينتخب ويتولى السلطة أن يطبق مشروعه السياسي الانتخابي بإقامة دولة دينية، لذا ليس غريباً أن نجد السلفيين والإخوان المسلمين في مصر وفي تونس يدعون لها، فقد ذكر أحد السلفيين المصريين بأن السلفية مع الدولة المدنية، ولكن لا يجوز أن يتولى رئاسة الجمهورية مسيحي أو امرأة، لأنه لا ولاية لذمي على مسلم ولا ولاية لامرأة على رجل. ولا ندرى أين المدنية هنا إذا كنا ننطلق أصلاً من التمييز بين المواطنين، قال أحد الدعاة من الإخوان المسلمين إن الدولة المدنية التي يدعو إليها الإسلام هي دولة التسامح فيطبق على المسلمين شريعتهم ولا نلزم بها المسيحيين، لأن لهم شرعاً مختلفاً، وهو ما يعصف بوحدة الدولة40 .
    لذا فالدعوة للدولة المدنية، على الرغم من أنها تبدو نظرياً لا تختلف كثيراً عن الدولة العلمانية فكلتاهما دولتا مواطنة، إلا أن الأولى فضفاضة تحمل الشيء ونقيضه، والثانية محددة وهي السائدة ومطبقة وأثبتت نجاحها في دول عديدة ذات ظروف مشابهة للسودان من حيث التعدد العرقي والاثني مثل تركيا والهند ودول أمريكا اللاتينية، كما أثبت نجاحه في وأوروبا وأمريكا، فمن أجل بناء حزب قوي قادر على صون وحدة البلاد وصياغة الحاضر وبناء المستقبل يجب وضع السياسات المناسبة على مبادئ الدولة العلمانية.


    الهوامش والمصادر:

    37 - محمد إبراهيم نقد – حوار حول الدولة المدنية – الشركة العالمية للطباعة والنشر 2012 ص 48
    38 - محمد ابراهيم نقد – حل أزمة السودان يتمثل في دولة مدنية – مجلة الحوار المتمدن العدد 425 15/03/2003
    39 - في حوار مع السكرتير السياسي للحزب الشيوعي الأستاذ الخطيب حول وثيقة الفجر الجديد بجريدة الميدان في 15/01/2013 ذكر بأن من القضايا المختلف عليها القضية الخاصة بعلاقة الدين والدولة، علماً بأن الوثيقة دعت لفصل الدين عن مؤسسات الدولة.
    40 - : د. أنور مغيث – اليوم السابع المصرية 22 /04/2011
                  

04-01-2014, 05:11 PM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    نواصل .. في الورقة الأولى .. عن الحزب الشيوعي السوداني والماركسية

    ثم ماذا بعد، هل مازلنا ماركسيين؟

    السؤال المحوري في هذه الورقة هو هل مازال الحزب الشيوعي السوداني حزباً ماركسياً في جوهره؟ شيوعياً في أهدافه؟ وهل ما زال ذلك الحزب الذي يعبر عن مصالح وهموم الطبقة العاملة ويناضل من أجلها؟ هل الحزب لا يزال متسلحاً بالاشتراكية العلمية من أجل الوصول للسلطة؟ كما يراه البعض، أم أنه، كما يراه آخرون، تجاوز الماركسية ولم يبق منها سوى اسم وبعض رتوش، وأن الحزب قد تحول موقعه في خارطة المشهد السياسي من اليسار إلى الوسط أو في أحسن الأحوال يسار اليمين، وتحول نضاله فقط من أجل البقاء والاستمرار ويعمل بقدر ما يستطيع في إسقاط الأنظمة الديكتاتورية والكفاح من أجل أنظمة ديمقراطية بلا دور له فيها، حيث الأهداف غامضة والرؤية متعثرة، والرضاء بالقليل نعمة، والاستعداد ليوم الرحيل قناعة، حتى تعاد الكرة ويجد نفسه من جديد محاصر بأنظمة قمعية فيكافح من أجل بقاءه ثم لأسقاطها وهكذا دواليك. ولا أحد يدرك خاتمة هذه التراجيديا السوداء التي تدور أحداثها في خشبة مسرح العبث واللامعقول السوداني، وماهي علاقة الحزب الذي يقبل ويتقبل كل هذا الشقاء بالماركسية.
    الماركسية أو الاشتراكية العلمية هي منهج أفكار كارل ماركس ومذهبه وقد استعرضنا جوانبها الفلسفية في المحاور السابقة، لكن أهم ما فيها سياسياً هو أنها تمثل نظرية الحركة العمالية وبرنامجها للتحرر والانعتاق من الاستغلال الاقتصادي وهيمنة رأس المال، وبما أن الحركة العمالية لوحدها غير قادرة على إنجاز تلك المهام كان من الضروري تنظيمها من خلال حزب الشيوعي، لذا نلاحظ أنه، كاستمرارية لأفكار ماركس وأنجلز، اللذين تصورا (بيان الحزب الشيوعي) ضرورة وجود حزب ثوريٍّ يمارس نشاطًا نضاليًّا في قيادة الطبقة العاملة قام لينين بتأسيس ذلك الحزب على قاعدة الدمج بين الحركة العمالية والنظرية الماركسية "الاشتراكية العلمية"، حيث على البروليتاريا أن تناضل ضد هيمنة البورجوازية للوصول إلى غايات وأهداف الطبقات الكادحة وتحقيق حقها ليس فقط في العمل والمأكل والمسكن والملبس والتعليم والعلاج والترفيه، بل حتى تحقق انتصارها النهائي بزوال الطبقات وبناء دكتاتورية الطبقة العاملة بطريقة علمية وثورية في آن واحد أو هكذا تحدد الماركسية المسار على الأقل نظرياً. فهل ما زلنا نستطيع القول وبثقة اننا ماركسيين ونؤكد بجرأة أن حزبنا لا يزال ماركسياً ؟
    وضع الحزب وتحديد موضعه في بوصلة الاتجاهات السياسية هو مجال صراع فكري خصب تدور رحاه في الأسافير الفضائية منذ ما قبل مجيء الإنقاذ وحتى الآن بين من يرى أن الحزب مازال يسارياً ماركسياً وبين من يرى غير ذلك، وكل له من الأسانيد ما يستشهد به، أما من المصيب ومن المخطئ فالأمر يتطلب أكثر من ورقة ودراسة، لكن ذلك لن يمنعنا من إلقاء الضوء على ما يمكن أن يسهل الإجابة وذلك بالقراءة النقدية والتحليل لما جاء في البرنامج المجاز في مؤتمر الحزب 2009 على أساس أنه المرجعية الأساسية في تحديد وضع الحزب يساراً كان أو يمينا. نبدأ في البرنامج بالبحث عن الثابت والمتجدد فيه مثل المبادئ الأساسية والأهداف بشقيها الآني والاستراتيجي ووسائل تحقيقهما ومدى قربها أو ابتعادها عن ثوابت الماركسية بعيداً عن إشكاليات الجمود العقائدي أو التطرفات الفقهية الفكرية اليسارية واضعين في الاعتبار ما أستجد من تطور في الفكر الماركسي.
    في المبادئ يوكد البرنامج في أكثر من موضع بأنه يسير بهدى الماركسية " .. يسترشد بالماركسية منهجاً ونظرية في استقرائه واستنتاجاته لمعرفة الواقع وتغييره للأفضل41 "، قراءة الواقع لا خلاف عليها، لكن تغييره ماركسياً، أظنها عبارة بحاجة لمزيد من التوضيح، لأن تغيير الواقع وفق المنهج الماركسي مشروط بالثورة الاجتماعية وحسم الصراع الطبقي بالثورة، وهي ليست أي ثورة بل ثورة الطبقة العاملة من أجل السلطة. فهل الحزب مهيئ لقيادة تلك الثورة؟ وهل يعمل على إنجازها؟ وهل يدعو لها سواء في السر أو العلن؟
    أول ما يلفت النظر في البرنامج هو ما جاء في فصله الأول عن الديمقراطية " ويتمسك حزبنا بالاستنتاجات الرئيسة التي توصل اليها نهائياً، ومنذ العام 1977، حول أن انجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية التعددية والانتقال للاشتراكية لا يتم إلا عبر الديمقراطية، متمثلة في الحقوق السياسية للجماهير وديمقراطية النظام السياسي42 ".
    يؤكد ذلك الموقف المبدئي في التغيير في موضع آخر من البرنامج ".. تغيير سلطة سياسية ديمقراطية تعددية لتحالف واسع من الأحزاب والتنظيمات السياسية للطبقة العاملة و المزارعين والمثقفين الثوريين. وتؤسس تلك السلطة من خلال التجارب وزمالة النضال السياسي والاقتصادي والفكري ولا تفرض فرضا او قسرا ..43 إلخ"
    هذا الاختيار الحصري أغلق كافة المنافذ والطرق للوصول إلى الاشتراكية (مربط الفرس في الماركسية) عدا طريق واحد وهو البرلمان والديمقراطية النيابية الليبرالية.
    أي أن التغيير يحدث عندما يتمكن الحزب والقوى المتحالفة معه تشكيل أغلبية برلمانية، حينها ستتنازل القوى الأخرى التي كانت مهيمنة عن السلطة وتقدمها في إطار ديمقراطي مثالي إلى القوى الجديدة !! في رأيي أن هذا محض خيال ليس فقط لإهماله لعنصر الثورة، أو لأن الوسائل التي يمكن أن تحقق هذا التحول جاءت مبهمة دون تفسير ودون شرح لآلية تطبيقها أو لأنها غير واقعية، ليس فقط لتلك الأسباب وهي أسباب كافية لإسقاط ونسف الفكرة، لكن لسبب آخر أكثر أهمية في رأيي وهو استسهال الأمر واعتماده لتقبل فكرة التغيير من قبل القوى اليمينية إيماناً واقتناعا برأي الأغلبية، وكأننا لا علم لنا ولا خبرة بتلك القوى، أي أن تتنازل عن أدوات الإنتاج والثروة والسلطة بدون عراقيل، وتتنازل عن أيديولوجياتها بل حتى عن وجودها للطبقة العاملة أو أي سلطة كانت لتطبيق مبادئ وقيم الاشتراكية، هذا أكثر من مجرد ضرب خيال ويمكن وصفه بالسذاجة السياسية، فلا توجد طبقة اجتماعية مسيطرة تقبل بأن تتنازل طوعاً عن أهليتها التي تمكنها على السلطة والثروة من دون قوى أكبر منها تجبرها على ذلك، ومن دون خوف من أن تخسر أكثر لو وقفت في وجه التغيير، فتلك الطبقات بيدها كل شيء القوة (الجيش والأمن) والسلطة (الحكومة ) والقانون (المجالس التشريعية) والثروة (رأس المال والأراضي والمصانع) فكيف نتوقع منها أن تتنازل دون مقاومة.
    ولو افترضنا جدلاً قبولها التنازل إيماناً واقتناعاً بالديمقراطية الليبرالية فما هو دور الطبقة العاملة في هذا التحول وهي أهم أدواته والتي (ماركسياً) يقع على عاتقها مهمة تطبيق الاشتراكية العلمية والقيام بالثورة الاشتراكية من خلال تنظيمها وبرنامجها الثوري ومن دونها لا توجد اشتراكية علمية أو غير علمية44 .
    من المدهش تمسك الحزب بالاشتراكية العلمية وبالماركسية كمنهج لاستقراء الواقع وإهمالها كأيديولوجية لتغييره، لأن التحول المطروح هو تحول برنامج، وليس تحول أيديولوجي، حتى ولو جاءت سلطة اشتراكية في ظل الواقع والوسائل المذكورة لن تعدو أكثر من اشتراكية فابية غير مؤهلة للمضي خطوة واحدة للأمام، لأن التحول المنشود هو تحول ثورة، فالتحول من نظام اجتماعي رأسمالي أو اقطاعي لأى نظام اشتراكي لا ينجز إلا من خلال الثورة، والثورة تفرض التغيير، ولا تنتظر القبول والترحيب من قبل الطبقات الحاكمة كما جاء بالبرنامج ".. لا تفرض فرضاً او قسراً.
    ملاحظة أخرى حول البرنامج وهي أنه لم يرد فيه أي ذكر للشيوعية كهدف ولم تظهر إلا في تمسكه بها في اسم الحزب، كما نجد هناك مؤشر هام حول الإيديولوجية الخاصة بالسلطة المناط بها تحقيق التحول الوطني الديمقراطي في البرنامج ينص على ألا تتقيد السلطة الوطنية الديمقراطية بايدلوجية بعينها45 . أي نظام سياسي من دون عقيدة فكرية، أو أي نسق مسبق من المفاهيم التي تشكل رؤية ومرجعية فلسفية في معالجة القضايا والأمور اليومية.
    وهذا من اللامعقول فألا أيديولوجية هي كذلك أيديولوجية تصب حتماً في مصلحة طبقة ما. على كل حال هذا ليس مثار دهشة لأنه ورغم الحديث المبهم عن الاشتراكية في البرنامج، بكل ما في ذلك من أدلجة، إلا أنه من الواضح أن ما يناضل من أجله الحزب وينادي به من خلال منابره المختلفة هو الدعوة لسلطة ديمقراطية تفتح النوافذ على مصراعيها لهواء الحرية الليبرالية التي تصون حرية الفرد والاقتصاد وحرية التنظيم والتعبير والاحتجاج والاجتماع والعقيدة وممارسة المعتقدات، سلطة منتخبة تعبر عن سيادة الشعب بمختلف طبقاته ومكوناته وأثنياته ومعتقداته وتنوعه وثقافاته، سلطة تحمي حقوق الأقليات القومية والمهمشة وتمنح الجميع حقوقهم في عدالة. سلطة ديمقراطية نابعة من واقعنا ومنفتحة على تجارب الشعوب الأخرى وعلى كل ما جاد به الفكر الإنساني.
    تمسك الحزب بالتغيير في إطار الديمقراطية الليبرالية والتداول السلمي للسلطة والتعددية السياسية نجد أنه قد أقترب كثيراً من الواقع الراهن، وعايش بعقلانية الظرف التاريخي والموضوعي العالمي، وكان من المفترض أن يواصل كي يزيل كافة التناقضات بين منهجه ومرجعيته الفكرية والتنظيمية وبين ما يسعى لتحقيقه على أرض الواقع. لابد أن يمارس داخلياً ويطبق تنظيمياً وفكرياً ما يدعو لتطبيقه في السلطة وما يدعو السلطة لتطبيقه، أنا لا أدعو لحل أو فكفكة الحزب وتأسيس حزب جديد على أنقاضه كما نادى بذلك آخرون، بل أطلب فقط أن يظل الحزب كما عهده الشعب السوداني ما في قلبه هو ما يجري على لسانه ويصدقه عمله، كما كان عند السلف العظام من مؤسسيه، لو أراد الحزب التمسك بالفكرة الشيوعية التي تعمل على تقويض المجتمع القائم وإرساء دعائم نظام اجتماعي جديد تكون السلطة فيه بيد الطبقة العاملة وحلفائها. مثلما كان في البرنامج السابق الذي اشار بوضوح إلى أنه يهدف إلى تغيير المجتمع السوداني بإنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية والسير بالبلاد نحو الاشتراكية فالشيوعية، إذا كانت تلك الأهداف لا تزال قائمة فإن ذلك يجب أن يتم برؤية مختلفة عن الرؤية الحالية وببرنامج هو أبعد ما يكون عن البرنامج المطروح الآن، البرنامج الحالي يجعل الحزب أشبه بأحزاب الاشتراكيين الإصلاحيين أو الاشتراكين الخياليين كما تعرفهم الماركسية، وعلى يد هذا البرنامج تحول الحزب من حزب أيديولوجي إلى حزب برنامج، اي حزب بلا أيديولوجية، والماركسية هي أيديولوجية وليست برنامج، الأمر لا يتعلق بفكرة التغيير أو الوصول للاشتراكية من خلال البرلمان بدلا عن طريق الثورة التي تطيح بالقديم وتفرض الجديد، بل لأن فكرة الاشتراكية نفسها التي جيء بها في البرنامج مبهمة وغير محددة وهل هي هدف في حد ذاتها أم مرحلة للانتقال لمرحلة أخرى.
    فكرة التغيير الديمقراطي من داخل البرلمان التي تبناها الحزب منذ 1977 ، كان قد طرحها الشهيد عبد الخالق محجوب في كتابه "آفاق جديدة" 1957 لكن الفرق أن عبد الخالق لم يترك الأمر لعواهنه ولم يغلق السكك الأخرى المؤدية للاشتراكية فكل ما فعله هو شق طريق جديد لتحقيق الغايات، وهو طريق البرلمان ولم يدعي بأنه الطريق الوحيد المؤدي لها بل واشترط للتغيير الديمقراطي من داخل البرلمان احترام القوى السياسية الأخرى للدستور، الأمر الذي فشلوا فيه أول اختبار عملي في 1965 حينما خرق الدستور، وحل الحزب وطرد نوابه من البرلمان، على الرغم من أن الأمر أو الصراع لم يكن يخص أي تحولات اشتراكية، أو بناء للشيوعية ولا يحزنون، مجرد بضعة أصوات جهرت بالحق، وتلك قضية أخرى سنتطرق لها بتوسع في الورقة القادمة 2/3 "الحزب الشيوعي والسلطة".
    إن تمسك الحزب بالتغيير الديمقراطي ربما يكون الخيار المناسب للمرحلة الآنية لكن بالتأكيد ليس لتحقيق الاشتراكية بمفهومها الشيوعي والأممي، لكن لتحقيق مجتمع ديمقراطي بالمفهوم الغربي للديمقراطية، مجتمع تتوفر فيه مقومات العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة وإمكانية التقدم بمفهومه الإصلاحي الواسع الذي تحققه الديمقراطية الليبرالية، أما عن مدى صواب هذا الخيار أو خطأه، فتلك مهمة أجهزة الحزب الداخلية التي ترسم الخط العام للحزب، لكن مدى ماركسيته أو عدمه فهو أمر يحسمه المنطق الجدلي الماركسي، حيث للماركسية أدوات وأهداف وقوانين ومقولات، فيها الثابت وفيها المتغير، ونرى أن الحزب قد حدد خياراته، وهي خيارات ليس للماركسية أو الاشتراكية العلمية دور يتعدى أكثر من استقراء الواقع وتحليله، وهنا يمكننا القول بأن الادعاء بتمسك الحزب بالماركسية مجافي للواقع، فعملياً صار الحزب أقرب للأحزاب الاشتراكية الفابية من المدارس الأوروبية المختلفة منه من تلك الأحزاب الشيوعية الماركسية، وادعاؤه المتكرر بتمسكه بالنهج الماركسي لا يتناسب مع برنامجه والماركسية فيه لا تتعدى بعض مساحيق لو غيرت شكله لن تغير جوهره.


    الهوامش والمصادر:
    41 - البرنامج 2009
    42 - البرنامج 2009 الفصل الأول – باب الديمقراطية التعددية
    43 - البرنامج 2009 الفصل العاشر – تجديد المشروع الاشتراكي
    44 - هذا الأمر تمت معالجته نظرياً في الورقة القادمة - 2/3 الحزب الشيوعي والسلطة "
    45 - البرنامج 2009 البند السادس من الفصل الأول – السلطة الوطنية الديمقراطية
                  

04-02-2014, 05:25 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    كما أسلفت هذه الدراسة من ثلاث أجزاء وملحق خاص عبارة عن لمحات من حياة الشهيد عبد الخالق وعدد من القصائد التي تغنى بها شعراء العالم والسودان تخليدا لبطولته الخارقة
    هذه هي خاتمة الوقة الأولى وأتمنى أن أكون قد وفقت في توصيل ما أود توصيله وشكراً لكل من فتح هذا البوست وأهتم بما فيه

    للديمقراطية، مجتمع تتوفر فيه مقومات العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة وإمكانية التقدم بمفهومه الإصلاحي الواسع الذي تحققه الديمقراطية الليبرالية، أما عن مدى صواب هذا الخيار أو خطأه، فتلك مهمة أجهزة الحزب الداخلية التي ترسم الخط العام للحزب، لكن مدى ماركسيته أو عدمه فهو أمر يحسمه المنطق الجدلي الماركسي، حيث للماركسية أدوات وأهداف وقوانين ومقولات، فيها الثابت وفيها المتغير، ونرى أن الحزب قد حدد خياراته، وهي خيارات ليس للماركسية أو الاشتراكية العلمية دور يتعدى أكثر من استقراء الواقع وتحليله، وهنا يمكننا القول بأن الادعاء بتمسك الحزب بالماركسية مجافي للواقع، فعملياً صار الحزب أقرب للأحزاب الاشتراكية الفابية من المدارس الأوروبية المختلفة منه من تلك الأحزاب الشيوعية الماركسية، وادعاؤه المتكرر بتمسكه بالنهج الماركسي لا يتناسب مع برنامجه والماركسية فيه لا تتعدى بعض مساحيق لو غيرت شكله لن تغير جوهره.
    الخلاصة:
    ما حاجة الحزب لرفع شعارات الماركسية والتمسك باسم الشيوعية بكل ما تحمله من معان وأهداف، وجلَّ أهدافه هي وضع البلاد على عتبة التقدم والاستقلال، إن للماركسية إيجابيات، كما لها سلبيات، من أهم إيجابياتها إنها أفضل وسيلة للمعرفة وللمنهج العلمي السليم، وأنها تشكل في جوهرها أداة ليس فقط للمعرفة العالم بل لتغييره، ومن أكبر سلبياتها أنها تشكل في مظهرها المادي الإلحادي عائقاً يحول من دون ذلك التغيير، لأن التغيير يتطلب أن يتحول الحزب الشيوعي إلى حزب له قاعدة جماهيرية واسعة، الأمر الذي تقف الماركسية حجر عسرة في طريقه، تم إهمالها وتجاوزها كأداء للتغيير، وتمسك الحزب بها شكلياً فأصبحت عائق تحول دونه وقطاع واسع من الجماهير، الشيوعية مهمة مستقبلية، مهمة الأجيال القادمة في ترسمها للعدالة الاجتماعية وربما تقبل بها أو تأخذ بغيرها حسب المتطلبات والمتغيرات التي لديها، مهمتنا الآن ليس بناء الشيوعية ولا حتى الاشتراكية ولا يمكننا ذلك لو أردنا، مهمتنا تتلخص في إنقاذ الوطن ووضعه في طريق التحول الوطني الديمقراطي، لذا ولضمان إنجاز هذا التحول، يجب العمل بالخروج بالحزب من الدائرة الضيقة التي حاصر بها نفسه إلى التحول إلى حركة جماهيرية واسعة، تحقيقاً لذلك الشعار الذي رفعه الحزب منذ 1956 "المؤتمر الثالث" (اجعلوا من الحزب الشيوعي قوة اجتماعية كبري) هو الضمان الوحيد لإنجاز التطور الوطني الديمقراطي لأن أي سلطة ديمقراطية قادمة، والحزب بحالته الراهنة، لن يكون فيها في أحسن الأحوال أكثر من "تمومة العدد" لأسباب عديدة منها:
    أولاً :
    ما يطرحه برنامج الحزب الشيوعي السوداني في برنامجه هو مطلب معظم القوى الوطنية السودانية بما فيها بعض قوى اليمين والوسط من أحزاب دينية وعلمانية ومنظمات مجتمع مدني. أما الشيوعية كفكرة وهدف فهي تهدف لتجاوز الدولة بأكملها والديمقراطية الليبرالية نفسها، وهذا الهدف المستقبلي والذي يعد في كنف المجهول يعيقه عن تحقيق أهدافه الآنية التي يعمل الآن من أجلها بمشاركه بقية قوى الإجماع الوطني، لأن ذلك المستقبل الذي تنادي به الشيوعية يهدد تلك القوى ويخيفها، ويتربص بها، فهي تعلم بأن ما تقدمه من مساهمات ونضال من أجل إنجاز برنامج التحرر الوطني الديمقراطي يحمل بذرة فنائها حسب المفاهيم والنوايا الماركسية.
    إن إنجاز التطور الوطني الديمقراطي المطروح والذي يهدف إلى بناء الدولة المدنية سلمياً كما جاء بالبرنامج "لانتقال السودان سلمياً من دولة الحزب الى دولة الوطن، ومن الدولة الدينية إلى الدولة المدنية، والفصل بين السلطات الثلاث وضمانات ممارسة التعددية الحزبية والتداول الديمقراطي للسلطة وحيوية الحراك الديمقراطي في ظل دستور ديمقراطي، لابد من تحقيق جملة إصلاحات ديمقراطية، سياسية وقانونية 46" تلك الأهداف تعد في عرف الشيوعية انتقالية لكنها للقوى الوطنية الأخرى صاحبة المصلحة في التغيير هي الهدف وسدرة المنتهى ونهاية المعراج، وتمثل لها خاتمة المطاف.
    ثانياً:
    إن أهداف الحزب من خلال برنامجه هي أهداف السودان يمكن تصنيفها إلى أهداف مطلبية وإصلاحية وأهداف ديمقراطية عامة، لإحداث نقلة نوعية على المستوى السياسي، لكنْ البديل المطروح ليس هو الاشتراكية "بأي مظهر كانت" أي إقامه نظام اقتصادي اجتماعي يقوم على الملكية العامة لوسائل الإنتاج الأساسية، من أجل تلبية حاجات المجتمع على الوجه الأمثل، بل هو نمط آخر للرأسمالية ربما يتماشى مع توجهات الرأسمالية العالمية ويحقق رغبات الطبقة البرجوازية، وليس الطبقة المغيبة، الطبقة العاملة، حيث لن تحظى إلا بهامش أوسع للحركة، وربما ظرف أفضل للبناء التنظيمي والانتشار، نسبة لعدم احتواء البرنامج لما يمكن أن يحدث التغيير كبديل للنمط الرأسمالي بعد تم تجريده من أهم سمات الشيوعية المتمثل في التحول الثوري الطبقي. الأمر الذي يؤكد تخلى الحزب عن الكثير من ثوابت الماركسية، وتمسك الحزب بالماركسية شكلاً على الرغم من عدم حاجته إليها موضوعاً أشبه بالقابض على الجمر لكن دون وضع المغلاة فوق النار فهو يحترق من دون أي مقابل مادي، حيث أصبح الهدف الشيوعي ضبابياً والوصول إليه أشد ضبابية، وهناك عدم الدقة العلمية في التمسك باسم "الشيوعي" حيث الاسم يدل على المسمى، ويتطابق مع أهدافه، ويحمل معناه، وبرنامج الحزب هو برنامج إصلاحي ديمقراطي، وليس من أهدافه تجاوز الديمقراطية الليبرالية نفسها، وهذا الاسم يعيقه عن تحقيق أهدافه في التمثيل الديمقراطي، بدليل أنه في معظم المعارك الانتخابية الديمقراطية التي خاضها، نجد كثيراً من ممثليه ومرشحيه، خاصة في الدوائر التقليدية، يخوضونها تحت راية المستقلين هرباً من عبء الاسم ومنهج الماركسية الذي يعوق احتمالات فوزهم، فالماركسية كما تحمل الحل إلا أنها أيضاً مشكلة وعبء ثقيل.
    ثالثاً: وهو الأهم كما سبق أن أوضحت إذا توافق الشيوعيون السودانيون على التمسك بالماركسية كأيديولوجية يجب أن يتم ذلك بفهم كامل وقناعة راسخة بها وإلمام تام بجوانبها الإيجابية والسلبية كافة، وشروطها العامة والخاصة، وإذا قرروا التخلي عنها والبحث عن حلول تنظيمية وسياسية تخدم وحدة الرؤى بينهم وتوفر الإرادة حول البرنامج الوطني الديمقراطي الذي تراضوا حوله، يجب أن يتم ذلك أيضاً بفهم كامل وقناعة راسخة وفي الحالتين الأخذ بالماركسية أو تجاوزها يجب أن يتم برؤية وبوضوح نظري وعملي، وفي الحالتين يجب إدراك المخاطر والإيجابيات، كما يجب تحمل مسؤولية الإخفاق أو النجاح.
    وكما قال لينين " .. يقول أنجلز "لقد كان لدينا، ماركس وأنا، اسم للحزب رائع، دقيق من الناحية العملية، ولكن لم يكن هناك حزب حقيقي، أي حزب بروليتاري جماهيري، والآن (أواخر القرن التاسع عشر) يوجد حزب حقيقي، لكن اسمه غير صحيح علمياً. لا بأس، المهم أن يتطور الحزب، المهم أن لا تفوته عدم الدقة العلمية في تسميته وألا تعيقه عن التطور في الاتجاه الصحيح47 .
    إنني الآن على ثقة بأن العاطفة وحدها هي التي تقف وراء التمسك بالاسم! كما أنني على ثقة لو أن ماركس أبتعث من جديد وأطلع على برامج الحزب الشيوعي السوداني ولائحته "2009" لما تردد في تكرار مقولته الساخرة التي قالها وهو يطالع مسودة برنامج الحزب الشيوعي الفرنسي حينما عرضها عليه زوج ابنته "انه إذا كانت هذه هي الماركسية... فمن المؤكد أنني، أنا، لست ماركسياً !!.


    الهوامش والمصادر :
    46 - البند الثالث من الفصل الأول من البرنامج 2009
    47 - لينين الدولة والثورة ص 129.
                  

04-02-2014, 10:39 AM

Mohamed Abdelgaleel
<aMohamed Abdelgaleel
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 10415

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    الأستاذ/ عاطف عبدالله
    تحياتي، وشكراً على هذه الدراسة الاستقصائية لتجربة الحزب الشيوعي .. الثمن
    الفادح والمردود القليل والتراجع الكبير عن ما كان قبل أربعة عقود .. أؤيد
    ما ذهب إليه بعض قراء هذا الخيط الهام عن أهمية توفير الدراسة الكاملة
    تعميماً للفائدة .. خاصة وأن الأربعة عقود الماضية قد شهدت منعرجات كبيرة
    منها وئد انتفاضة أبريل ثم إنقلاب الإنقاذ وتوجهه (الحضاري) الذي
    أحرق الحرث والنسل وأنفصل الجنوب .. واشتعلت الحروب في دارفور/النيل الأزرق
    وجنوب كرفان وجبهة الشرق .. وأصبح الوطن رهاب رهاب ينشاف (وطن) ولم يعد
    معقولاً من القوى السياسية تعبئة البرامج القديمة في (قناني جديدة) ..

    قراءة الماضي مهمة ومطلوبات الحاضر تحتاج (ما يصعب الوفاء به إن صدق العزم)
    للخروج إلى بر السلام الاجتماعي والقوت الضروري والتنمية الضرورية وأخذ نفس
    عميق يؤهلنا للعودة للأحلام القديمة.
                  

04-03-2014, 10:55 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: Mohamed Abdelgaleel)

    الأستاذ محمد عبد الجليل
    لك التحية والعزاء في فقيدنا الغالي محجوب شريف
    سأحاول أن أجد حلاً لنشر الكتاب كاملاً عبر النت
                  

04-03-2014, 11:06 AM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    الاستاذ عاطف
    تحياتي
    اتابع واسجل باهتمام شديد
    يكون جميل لو تحصلنا على نسخة من الكتاب



    -------------------
    لم نلتقي من قبل
    اعتقد ان الاستاذ حسن الجزولي ذكر لي سيرتك في ونسة عن اتحاد الشباب
    اذا ما تشابه اسماء
    لك تقديري
                  

04-05-2014, 06:38 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: خالد العبيد)

    الأستاذ خالد العبيد
    تحية طيبة
    في البدء أعزيك في فقدنا الجلل محجوب
    أتابع اسهاماتك عبر هذا المنبر بأهتمام لتميزها ولتبنيها خط الكادحين
    د. حسن الجزولي صديق عزيز .. كنت في سكرتارية أتحاد الشباب بعد الإنتفاضة وقبلها في سكرتارية لجنة منطقة امدرمان
    يسعدني أن أوصل لك ولكل مهتم عبر النت الكتاب كاملاً
    أرجو أن ترسل لي ولكل من يرغب في الكتاب عنوانه الإلكتروني على العنوان التالي
    [email protected]
    او أرسال رسالة أو الإتصال بي على الرقم التالي
    00971559548275
                  

04-05-2014, 07:12 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    الاخوة الأعزاء
    لو توجد طريقة لرفع ملف كامل PDF رجاء مساعدتي لوضع الكتاب هنا .
                  

04-05-2014, 07:42 AM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    حا اتصل بيك اتصال طويل وهام
    لك شكري
                  

04-05-2014, 12:40 PM

عبد الناصر حسن أحمد
<aعبد الناصر حسن أحمد
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 629

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: خالد العبيد)

    بعد إذنك أستاذ : عاطف عبد الله





















    .... //// >>>>
                  

04-07-2014, 10:34 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عبد الناصر حسن أحمد)

    عبد الناصر حسن
    شركاً لتنزيل المقدمة وأتمنى أن تنزل الغلاف الخلفي
    سأواصل النشر وسوف أنزل غداً الجزء الأول من الورقة 2
    وكما أسلفت للراغبين مراسلتي للحصول على نسخة إلكترونية كاملة
                  

04-07-2014, 11:20 AM

عبد الناصر حسن أحمد
<aعبد الناصر حسن أحمد
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 629

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    Quote: عبد الناصر حسن
    شكراً لتنزيل المقدمة وأتمنى أن تنزل الغلاف الخلفي

    حاضرين أستاذ عاطف
                  

04-07-2014, 05:49 PM

مرتضي عبد الجليل
<aمرتضي عبد الجليل
تاريخ التسجيل: 10-04-2010
مجموع المشاركات: 3097

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عبد الناصر حسن أحمد)

    Quote: إن تمسك الحزب بالتغيير الديمقراطي ربما يكون الخيار المناسب للمرحلة الآنية لكن بالتأكيد ليس لتحقيق الاشتراكية بمفهومها الشيوعي والأممي، لكن لتحقيق مجتمع ديمقراطي بالمفهوم الغربي للديمقراطية، مجتمع تتوفر فيه مقومات العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة وإمكانية التقدم بمفهومه الإصلاحي الواسع الذي تحققه الديمقراطية الليبرالية، أما عن مدى صواب هذا الخيار أو خطأه، فتلك مهمة أجهزة الحزب الداخلية التي ترسم الخط العام للحزب، لكن مدى ماركسيته أو عدمه فهو أمر يحسمه المنطق الجدلي الماركسي، حيث للماركسية أدوات وأهداف وقوانين ومقولات، فيها الثابت وفيها المتغير، ونرى أن الحزب قد حدد خياراته، وهي خيارات ليس للماركسية أو الاشتراكية العلمية دور يتعدى أكثر من استقراء الواقع وتحليله، وهنا يمكننا القول بأن الادعاء بتمسك الحزب بالماركسية مجافي للواقع، فعملياً صار الحزب أقرب للأحزاب الاشتراكية الفابية من المدارس الأوروبية المختلفة منه من تلك الأحزاب الشيوعية الماركسية، وادعاؤه المتكرر بتمسكه بالنهج الماركسي لا يتناسب مع برنامجه والماركسية فيه لا تتعدى بعض مساحيق لو غيرت شكله لن تغير جوهره.


    والعافية درجات ..
    تشكر يا عاطف علي المجهود الجبار ,اتمني ان يتم تداول هذا لكتاب بصورة واسعة في الدؤائر الحزبية وفي المنتديات لما يحتويه من نقد هادف للبرنامج المجاز في المؤتمر الخامس.
    بالله يا عاطف نسخة علي ايميلي [email protected] .
    وتحياتي.
                  

04-08-2014, 10:45 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: مرتضي عبد الجليل)

    أشكرك أستاذ مرتضي
    أتمنى تداول الكتاب في كل المجالات الممكنة
    راجع بريدك ستجد الكتاب
                  

04-09-2014, 08:09 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    الجزء الأول من الورقة الثانية
    بعنوان
    الحزب الشيوعي السوداني والوصول للسلطة
    ما بين المستحيل الممكن والممكن المستحيل


    "لا أفهم لِمَ يجب أن نجلس جانباً ونراقب دولة تسير في طريق الشيوعية نتيجة لعدم تحمل شعبها المسئولية .. المواضيع أكثر أهمية بالنسبة للناخبين الشيليين من أن تترك ليقرروها بأنفسهم"،
    هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي
                  

04-09-2014, 08:10 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    مدخل
    الممكن المستحيل والمستحيل الممكن عبارة عن نظرية تخص أهل الدراما تعني بما يمكن تقديمه على خشبة المسرح من خيال لا وجود له في أرض الواقع وهو ما يعرف لديهم بالمستحيل الممكن، (أي مستحيل على الواقع، ممكن على المسرح). على سبيل المثال في المسرح يمكن السفر عبر الزمن، وبقليل من الإمكانات التقنية الحديثة يمكن تقديم الغول والعنقاء وتجسيد فكرة البعث خلال عمل فني، وذلك هو المستحيل "في منطق الواقع" الممكن على خشبة المسرح، كما العكس في الواقع توجد بحار وبوارج بحجم ملاعب كرة القدم وجبال وزلازل، لكن على المسرح، ذلك يعد من باب المستحيل تجسيده على الخشبة على الرغم من واقعيته على الطبيعة إلا إذا تداخلت عوامل أخرى ليست من فن المسرح في شيء.
    ما قصدته من استخدام هذه النظرية هو مقاربة الفكرة وإنزالها على مسرح السياسة، الممكن في مسرح السياسة النظري إن الديمقراطية البرلمانية الليبرالية (سلطة الشعب والحرية) توفر كثيراً من شروط التحول الديمقراطي، وبالتالي صعود الاشتراكيين وحلفائهم إلى مركز صنع القرار (البرلمان) ومن ثم إنزال البرنامج الاشتراكي إلى أرض الواقع، والذي يمهد السبيل نحو الشيوعية، هذا هو الممكن لو اتفق كل الساسة وجندهم بأن يؤدوا أدوارهم بنزاهة وعدم الغدر، لكن المستحيل في واقع السياسة أن تسمح قوى اليمين البرجوازي بالسماح لتمرير هذا المخطط النظري. وفي ذلك سأسوق ثلاث تجارب، أولها التجربة السودانية ممثلة بالحزب الشيوعي السوداني، والثانية تجربة سلفادور اليندي التشيلية، وأخيراً التجربة البريطانية ممثلة بحزب العمال البريطاني، وبعد ذلك سأطرح أسباب الإخفاق في تحقيق الاشتراكية عن طريق البرلمان، حيث أقصى ما يمكن الحصول عليه هو تحقيق بضعة مقاعد وربما بعض الإصلاحات من الأحزاب الاشتراكية وليست الشيوعية بأي حال، ومن ثم أعود لمرتكزات الفلسفة الماركسية اللينينية الكلاسيكية التي حددت الطريق الوحيد والسبيل الأوحد للتحول الاشتراكي العلمي، وهو الثورة بقيادة الطبقة العاملة (بمفهومها الشامل) ممثلة في حزبها الطليعي ومع حلفائها من المنتجين والفلاحين وأي تغيير غير ثوري سيكون بمثابة ترك مركب صغير دون مجاديف في بحر متلاطم الأمواج مصيرها الغرق. وهذه الثورة ليست محددة أو مرسومة الشكل لكنها في أي شكل تجيئ سلمية كانت أو عنيفة لابد لها من وسيلة لتحميها وتضمن استمرارها ونجاحها، الوصول للسلطة سهل يمكن الوثوب إليها عن طريق انقلاب عسكري (أثيوبيا، اليمن) أو ثورة مسلحة (نيكاراجوا) أو ديمقراطية برلمانية (تشيلي) لكن المحافظة عليها والتحول الاشتراكي لن ينجز إلا في ظل سلطة الطبقة العاملة وحلفائها.
                  

04-09-2014, 08:43 AM

عبد العزيز حسين الصاوي

تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 175

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    شكرا .. كلما اوغلنا في النقد الذاتي، نحن اليساريين، كلما اقتربنا من استعادة تأثيرنا في الحياة العامة .
    أهمية هذاا النوع من الجهود النقدية، خاصة المرتفعة المستوي، تتجاوز تطوير الحزب الشيوعي الي تطوير كافة اليساريين افرادا وجماعات.
    ممنون لك ياأستاذ عاطف. ستجد عنواني الالكتروني في حسابك
                  

04-09-2014, 09:24 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عبد العزيز حسين الصاوي)

    شكرا عبد العزيز الصاوي
    ولكل المهتمين أرجو مراسلتي على العنوان التالي :
    [email protected]
    أذكر بأني على استعداد لإرسال الكتاب لكل من يرغب
                  

04-10-2014, 06:16 PM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    الحزب الشيوعي السوداني وتجربة التحول الديمقراطي وبناء الاشتراكية

    تأسس الحزب الشيوعي السوداني في كنف القوى الشيوعية المصرية في مطلع أربعينيات القرن الماضي، وتم تنظيم الطلبة السودانيون مع النوبيين الشماليين الذين سبقوهم في الهجرة إلى مصر، في أطار الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو)، وأهدافهم كانت محصورة في محاربة الإمبريالية والمناداة بالوحدة، وكان الشهيد عبد الحالق محجوب من أوائل الطلبة السودانيين، وهو أبن التاسعة عشر، الذين تبوئوا مواقع ومهام قيادية باللجنة المركزية في الحركة المصرية للتحرر الوطني وساهم في توحيد الحركات الشيوعية في تنظيم (حدتو)، الذي أنضم له لفيف من أفذاذ الطلبة السودانيين منهم عزالدين على عامر والتيجاني الطيب، عبد الرحمن الوسيلة، الجنيد علي عمر، سعد أمير طه، عمر محمد إبراهيم، أحمد سليمان، الطيب إبراهيم وغيرهم ومنهم تكون اتحاد الطلبة السودانيين بمصر، ولم تكن الحاجة قد تبلورت لتأسيس حزب شيوعي مستقل في السودان حتى ظهر في الأفق محاولات الضابط البريطاني "ستوري" في تكوين حزب شيوعي سوداني مرتبط بالحزب الشيوعي البريطاني، كما كانت معارضة وإجهاض مفاوضات إحياء اتفاقية (صدقي – بيفن) حول الجلاء المشروط والمرفوض من القوى الوطنية المصرية، وكذلك الحاجة إلى تأسيس حزب مستقل يقف بجانب مصر ساعة الحاجة . كانت تلك الظروف التي استدعت قيام حزب شيوعي والبلاد ترزح تحت نير المستعمر الأجنبي، فتبلورت الأولويات في التحرر الوطني، وولدت الحركة السودانية للتحرر الوطني (حستو). وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها في 1945 كانت هناك قضايا ملحة أفرزتها تلك الحرب تتمثل في الفقر والبؤس والتخلف الاجتماعي، فتغيرت الخيارات، وكانت النظرة لما بعد التحرر الوطني، خاصة بعد قيام ثورة الضباط المصريين في 26 يوليو 1952، وحق تقرير المصير للسودان، فكان لابد وهو التحول الوطني الديمقراطي، وتنظيم فقراء الريف والعمال والمثقفين في حزب طليعي ذو قاعدة شعبية عريضة قادر على قيادة البلاد في طريق التحول الوطني الديمقراطي والتمهيد لبناء الاشتراكية.
    العفة عند المغنم أم رهاب السلطة؟
    هل هناك ما يمكن أن نطلق عليه فوبيا أو رهاب السلطة؟ هل الحزب الشيوعي يعاني رهاب السلطة؟ هل يهاب تحمل أعباء السلطة ومسؤوليتها، أم أن الحزب قد أدمن المعارضة واستسهل نقد الآخرين، ويبذل جهده فيما برع فيه سواء في السر أو العلن وهو استخلاص المكاسب الإصلاحية وتغيير الأنظمة الفاسدة لصالح قوى أخرى، وأن وإدمانه للزهد والتقشف وصل به حد الماسوشية Masochism (حب تعذيب الذات)!؟. أم هو (فيض البذل والعفة عند المغنم) كما قال الشهيد عبد الخالق محجوب في أولى رسائله بعد ثورة أكتوبر 1964.
    فدائما ما تؤول ثمرة كفاحه إلى قوى اليمين كأنه يناضل من أجل وصولها إلى السلطة، تلك القوى التي لن تقبل به شريكاً في سلطتها حتى ولو قبل بالفتات سواء في حصته في السلطة أو في الحد من سقف طموحاته وتطلعاته كحزب يساري شيوعي، ولو قبلت به "شكلياً" في السلطة لن تقبل به إلا على مضض، وعادة ما يتم إشراكه بشكل رمزي لا يتعدى في أحسن الأحوال وزير دولة بإحدى الوزارات المهمشة مثل آخر مشاركة له في حكومة الجبهة الوطنية المتحدة 1989، ومعظم مشاركاته تكون لفترة انتقالية، أو لوعود سابقة قبل وصول اليمين لمقاعد السلطة، وعود يفرضها عليها واقع لحظي لحوجتها إليه ولعلمها بأنه الأكثر قدره على المواجهة، والأشد بأساً في النزال وتحمل المصاعب، والأكثر خبرة في إسقاط الأنظمة الديكتاتورية وتقديم الحلول الممكنة. وتكون مشاركته المحدودة في أي حكومة ديمقراطية مفروضاً من قبل قوى الجماهير التي أنجزت مهام الثورة الشعبية، لذا كانت مشاركاته دائماً محدودة وقصيرة غير ذات تأثير في البناء السياسي والتوجهات العامة للدولة، ربما كانت أفضل مشاركاته تلك التي جاءت في حكومة أكتوبر 1964 والتي شكلتها جبهة الهيئات التي كانت تقود الانتفاضة حتى إسقاط دكتاتورية الفريق إبراهيم عبود والتي ضمت من قيادة الحزب الشيوعي ثلاث وزراء هم الأستاذ أحمد سليمان المحامي وزيراً للزراعة والغابات ممثلاً للحزب الشيوعي، والشهيد الشفيع أحمد الشيخ وزيراً لشؤون مجلس الوزراء ممثلاً للعمال، وكان المزارعون قد وقع اختيارهم للمناضل الأمين محمد الأمين الذي عين وزيراً للصحة، وكانت حكومة سر الختم الخليفة قد ضمت كذلك بعض الديمقراطيين أمثال عبد الكريم ميرغني وزيراً للتجارة والأستاذ عابدين إسماعيل المحامي وزيراً للحكومات المحلية، لكن تلك الحكومة لم تعمر طويلاً حيث لم تدم أكثر من ثلاثة شهور ونصف الشهر حيث إن القوى التقليدية بعد أن فاقت من الصدمة، واستجمعت قواها أجبرت رئيسها سر الختم الخليفة لتقديم استقالته وحل الحكومة، وتكوين حكومة من أحزابها التي تجمعت تحت مسمى الجبهة الوطنية التي عزلت الحزب الشيوعي عن المشاركة فيها.
    في أكتوبر 1964، وبعد انتصار الخط السياسي للحزب الذي أعلنه منذ 18 نوفمبر 1958 أي عشية انقلاب الفريق إبراهيم عبود ودعا فيه لإسقاط النظام، ومن ثم طرح الوسيلة ممثلة في نظرية العصيان المدني والإضراب السياسي العام وقاد العمل في هذا الاتجاه وحيداً، ودفع الثمن، سجناً وتشريداً ومطاردة لأفراده وأخذت الأحزاب تنضم إليه شيئاً فشيئاً بعد أن تأكد لها أنه يسير في الطريق الصحيح، وبعد أن تنسموا عبير الثورة وسقوط النظام العسكري، كان بإمكان الحزب الشيوعي تصعيد الثورة الشعبية والوصول للقصر الجمهوري، وتشكيل سلطة الطبقة العاملة في مد وتأييد شعبي ليس له مثيل وسند من نصف قوى العالم (المعسكر الاشتراكي)، وذهول قوى اليمين ولكنه تراجع وجمح زمام الحركة الجماهيرية وسلم السلطة في طبق من ذهب إلى الطبقة البرجوازية والقوى الرجعية ممثلة في أحزابها التقليدية الأمة والاتحادي.
    في يوليو 1971، وفي مغامرة غير محسوبة العواقب، قام الجناح العسكري للحزب الشيوعي بتدبير انقلاب عسكري بعيداً عن القيادة السياسية للحزب، وتمكن من تسلم السلطة لثلاثة أيام قبل أن يسقط، خلال هذه الأيام الثلاثة كانت القيادة السياسية للحزب، بدلاً أن تتفرغ لتثبيت أركان الوضع الجديد، انشغلت بالتفاوض مع الأحزاب الأخرى من بعثين واشتراكيين وقوى يمينية وليبرالية للمشاركة في السلطة. وقد أكد ذلك الأستاذ الراحل الخاتم عدلان في إحدى مداخلاته بالمدونة السودانية "سودانيز أونلاين" حيث قال عن 19 يوليو:
    .. ." ولم يكن عبد الخالق محجوب يريد تكوين حكومة عسكرية، بل كان يريد أن يشرك كل القوى السياسية التقدمية والديمقراطية في الحكم، بمعنى أنه كان توسيعا ديمقراطيا لقاعدة السلطة وفق المفاهيم التي كانت ممكنة تاريخيا في تلك اللحظة وبحكم العلاقات التي كانت سائدة بين القوى السياسية في ذلك الزمان. وقد دار الحوار مع البعثيين، والاشتراكيين بمجموعاتهم المختلفة، والمستقلين والشخصيات الوطنية، ومع بعض العناصر من الأحزاب التقليدية، ومع النقابات، والمنظمات الجماهيرية، بغرض إشراكها جميعا في السلطة. كل هذه قضايا لم تجد حظها من الحوار المفتوح بين السياسيين والمثقفين في السودان.
    في أبريل 1985 قامت انتفاضة شعبية، وكان للحزب القدح المعلى في قيادتها وتنظيمها، وبعد سقوط الحكم الدكتاتوري المايوي تراجع الحزب إلى سكناته كأن مهمته انتهت بسقوط نظام نميري، وسلم السلطة إلى القوى اليمينية التي مهدت الطريق لنظام الإنقاذ الظلامي ليحكم سيطرته على البلاد.
    إن حلفاء اليوم في المعارضة هم خصوم الغد بل هم سيكونون أشد عداوة للحزب من عداوتهم للنظام الحاكم اليوم وأكثر ضراوة في حربهم ضده لو وصل للسلطة بأي شكل سواء أكان ديمقراطياً أو عن طريق ثورة جماهيرية، على الرغم من أن الطريقين بعيدا المنال إلا أن طريق الثورة الجماهيرية الآن هو الأقرب، الثورة الجماهيرية وبالتأكيد أنها لن تقود الحزب ليحكم منفرداً، فلا ذاتياً ولا موضوعياً هو مهيئ لذلك الآن أو في المستقبل القريب، لكن ليشارك في الحكم، وأتوقع أن لا تأتي مشاركته رمزية بل تتم بحسب حجم مساهمته في إنجاز الثورة وإسقاط النظام القائم وبقدر حجم تحالفه مع قوى الهامش خاصة حملة السلاح منهم، وليس تحالفه مع قوى اليمين التقليدي التي اعتادت الغدر به عند أول منعطف، وأقول ذلك لقراءة واقع التغيير الذي يجري الآن داخل الحزب، ربما بسبب القيادة السياسية الجديدة الممثلة في شخص الأستاذ محمد مختار الخطيب، السكرتير السياسي، الذي جاء خلفاً للراحل محمد إبراهيم نقد، فمنذ تأسيس الحزب وكل من تولوا هذه المسئولية كانوا من الكوادر الجماهيرية المتفرغة للعمل الحزبي (عبد الوهاب زين العابدين - عوض عبدالرازق – عبدالخالق محجوب – محمد إبراهيم نقد). وما يختلف فيه الأستاذ الخطيب عنهم خلفيته العمالية، وأنه جاء من رحم الحركة النقابية، فهو نقابي متمرس، نشأ وترعرع في كنف مدينة الحديد والنار (عطبرة) المعقل التاريخي للحركة النقابية والشيوعية السودانية، وقد تلاحظ عليه موقفه الصارم تجاه النظام الحاكم والمطالبة بحقوق الفئات الكادحة، أما العنصر الأهم فيه فهو تشبثه بمبدأ القيادة الجماعية، والديمقراطية في الحزب، حيث رأينا وعايشنا تأثير دور الفرد الحاسم في توجهات وسياسات الحزب خلال المراحل السابقة. على كل حال مازال الوقت مبكراً للحكم على أي تغييرات جوهرية ستحدث في الحزب أو على تقييم أداء الأستاذ الخطيب ولكن بشكل عام ولتجربة التعامل مع القادة النقابيين الشيوعيين، حيث يعرف عنهم الوضوح وعدم الميل إلى تلوين الأمور وبعدهم عن المناورة والتسويف والتلاعب بالألفاظ، وبالجرأة في اتخاذ القرار وهي سمات ضرورية خاصة لمن يعتلي هذا الموقع القيادي.


    نواصل ..
                  

04-10-2014, 08:45 PM

مرتضي عبد الجليل
<aمرتضي عبد الجليل
تاريخ التسجيل: 10-04-2010
مجموع المشاركات: 3097

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    Quote: أشكرك أستاذ مرتضي
    أتمنى تداول الكتاب في كل المجالات الممكنة
    راجع بريدك ستجد الكتاب


    شكرا يا عاطف
    ليبقي البوست عاليا .
                  

04-12-2014, 07:49 PM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: مرتضي عبد الجليل)

    عذرا اهذا السهو

    Quote: (صدقي – بيفن) حول الجلاء المشروط والمرفوض من القوى الوطنية المصرية، وكذلك الحاجة إلى تأسيس حزب مستقل يقف بجانب مصر ساعة الحاجة48 .


    المصدر :
    48 - معالم من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني – د. محمد سعيد القدال – الناشر دار الفارابي – دار كوش الطبعة الأولى 1999 ص 26
                  

04-12-2014, 07:53 PM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    Quote: ." ولم يكن عبد الخالق محجوب يريد تكوين حكومة عسكرية، بل كان يريد أن يشرك كل القوى السياسية التقدمية والديمقراطية في الحكم، بمعنى أنه كان توسيعا ديمقراطيا لقاعدة السلطة وفق المفاهيم التي كانت ممكنة تاريخيا في تلك اللحظة وبحكم العلاقات التي كانت سائدة بين القوى السياسية في ذلك الزمان. وقد دار الحوار مع البعثيين، والاشتراكيين بمجموعاتهم المختلفة، والمستقلين والشخصيات الوطنية، ومع بعض العناصر من الأحزاب التقليدية، ومع النقابات، والمنظمات الجماهيرية، بغرض إشراكها جميعا في السلطة. كل هذه قضايا لم تجد حظها من الحوار المفتوح بين السياسيين والمثقفين في السودان 49.


    المصدر :
    49 - الخاتم عدلان - سودانيز اونلاين 27 فبراير 2004.
                  

04-13-2014, 05:24 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    Quote: الاخ عاطف
    سلام كتير
    ارجو لو امكن الحصول على نسخة من الكتاب
    عوض محمد احمد


    الأستاذ عوض محمد أحمد .. لم أتجاهل طلبك لكن الإرسال فشل للمرة السابعة أرجو إرسال إيميل آخر ليصلك الكتاب مع خالص تحياتي
                  

04-13-2014, 06:25 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    عاطف ..حبابك يا صديق
    كتر خيرك على نشر اجزاء الكتاب هنا..
    قرأت اجزاء كثيرة..وسوف اواصل بقية الأجزاء..
    كتابة تحفز على التأمل و الأسئلة..

    نتابع باهتمام حقيقي..

    كبر
                  

04-13-2014, 10:49 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: Kabar)

    مشكور كبر على المتابعة وهذا الاطراء الذي اتمنى أن أكون أهلا له
                  

04-16-2014, 09:11 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    نواصل ...

    الشروط الموضوعية للتحول الاشتراكي من خلال البرلمان

    في دستور 2009 المرجعية الأساسية لرؤية الحزب للوصول للسلطة نص في الفصل الأول عن الديمقراطية التعددية على ما يلي (ويتمسك حزبنا بالاستنتاجات الرئيسة التي توصل اليها نهائياً، ومنذ عام 1977، حول أن انجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية التعددية، والانتقال للاشتراكية، لا يتم إلا عبر الديمقراطية، متمثلة في الحقوق السياسية للجماهير وديمقراطية النظام السياسي 50).
    الحزب لم يكتف بتقيده غير المشروط بالديمقراطية الليبرالية لإنجاز الانتقال للاشتراكية بل عاد نافياً طريق الثورة أو الانتفاضة للوصول للاشتراكية كما جاء في الفصل العاشر من البرنامج نفسه عن تجديد المشروع الاشتراكي (انجاز المهام الوطنية الديمقراطية يفتح الباب لولوج مرحلة التحول الاشتراكي وبهذا نؤكد بطلان الادعاء بأن هنالك طريقاً واحداً للوصول إلى الاشتراكية، لأنه ينفي حقيقة المميزات الوطنية لكل شعب ويجعل من الاشتراكية عقيدة جامدة و عقيمة ويخرجها من نطاق العلم إلى نطاق الخرافة، الاشتراكية العلمية هي حصيلة التجارب الثورية للشعوب وهي تتحقق لدي كل شعب بارتباطها بجذور عميقة في مجري تجاربه الخاصة وفي مجري سماته الحضارية أيضاً. 51 حديث يحمل أكثر من معنى لكن من الواضح أنه يهدف لأغلاق طريق الوصول للاشتراكية بواسطة الثورة بالضبة والمفتاح.
    هذه النفي للطريق الواحد المؤدي للاشتراكية، والمقصود به طريق الثورة التي تقودها الطبقة العاملة (البروليتارية) مع حلفائها هو الذي رسمته الاشتراكية العلمية أو الماركسية والتي يصمم قادة الحزب على أنها هي المرجعية والمرشد في العمل الحزبي، والبديل المطروح وهو التحول الديمقراطي عن طريق البرلمان، وقد تم التشديد في أكثر من موقع في البرنامج على ذلك الطريق (أن انجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية التعددية والانتقال للاشتراكية لا يتم إلا عبر الديمقراطية، متمثلة في الحقوق السياسية للجماهير وديمقراطية النظام السياسي) 52.
    المعنى من كل هذه النصوص، والذي لا بس فيه وهو أن الوصول للاشتراكية ليس له سوى طريق واحد وهو فوز أغلبية برلمانية من الشيوعيين واليساريين الاشتراكيين، في ظل نظام ديمقراطي، والديمقراطية المنشودة هي الديمقراطية الليبرالية البرلمانية، التي تضمن الحق السياسي للجماهير، أما ديمقراطية النظام السياسي، فالمعنى المستشف منها هو احترام الدستور من القوى السياسية الأخرى، أو بمعنى أصح الحاكمة، وفي هذا خطأ تاريخي وموضوعي لأن رهن تطبيق الاشتراكية برضاء الطبقات اليمينية والأحزاب التقليدية ومباركتها كوضع العقدة في المنشار حيث أن تلك الطبقات المسيطرة يستحيل أن تتنازل طواعية عن ما بين يديها، في أي استشراف للمستقبل أو أي استقراء للحاضر، أي انتخابات برلمانية في ظل أي ديمقراطية ستؤدي حتماً إلى فوز الأحزاب اليمينية التقليدية والسلفية، وسيتم تواطؤ الأحزاب الانتهازية معها، ليس لأنها أغلبية ولكن لأنها الأكثر تنظيماً وعدة وعتاداً واستعدادا، والذين في المعسكر الآخر بما فيهم الحزب الشيوعي إشلاء ممزقة متنافرة، معدمة ومفرقة، وبما أن الأحزاب الدينية عموماً كالإخوان المسلمين، منهجياً وفكرياً لا يمكن اعتبارهم ديمقراطيين فهم لا يؤمنون بتداول السلطة ولا يقبلون بأن تتولي المرأة أو غير المسلم سدة الحكم، فكيف أرهن أهدافي وتنفيذ برنامجي بأيدهم، كان الأجدى والأوفق أن تترك الأبواب الأخرى على الأقل مواربة حيث يمكن اللجوء إليها خاصة باب الثورة الجماهيرية. لأن الحزب حينها سوف لن يكون فقط متخلفاً عن الجماهير بل سيكون في خندق واحد ضمن الأحزاب اليمينية والسلفية يعمل ضد حركة الجماهير وضد حركة التاريخ.
    نظرية التحول الاشتراكي عن طريق البرلمان طرحت أول ما طرحت، وقبل التجربة التشيلية بسنوات عديدة، في 1957 حينما طرحها الشهيد عبد الخالق محجوب في مؤلفه (آفاق جديدة) وكانت تمثل حينها رؤية جديدة شقت طريقاً جديداً للوصول للاشتراكية وكان الشهيد مرتكزاً على وعيه العميق بالماركسية وإلمامه الواسع بالطبيعة السودانية، وكان ما طرحه إضافة حقيقية للفكر الماركسي حين قال في الفصل السادس من "آفاق جديدة" " تحت عنوان جانبي "مستقبل الحركة العمالية والاشتراكية في السودان" (إن شعبنا قد اختار النظام البرلماني لطريق تطوره .. وهو يستند على تقاليدنا القبلية من نظام الشورى وحرية ابداء الرأي وتقليب وجهات النظر. أن التطورات الاشتراكية في بلادنا يمكن أن تحدث في بلادنا باتساع نطاق القوى الوطنية الديمقراطية في حركة واسعة ومستمرة وطويلة الأمد، تحتل مركزها الجماهير العاملة السائرة نحو اليسار، وبوجود هذه الحركة الواسعة يمكن أن تحرز أغلبية برلمانية من الكتلة اليسارية المؤلفة من الشيوعيين وذوى الميول اليسارية من الاشتراكيين والديمقراطيين).
    يواصل الشهيد عبد الخالق (وهذا هو المهم في رأيي) حين يؤكد (ولكن السير في هذا الطريق لا يعتمد عليهم وحدهم، ولكنه يعتمد على مدى احترام الدستور الديمقراطي من قبل الحكومات التي تسبق الحكومة الوطنية الديمقراطية)، ويواصل الشهيد، وكأن المستقبل كتاب مفتوح بين يديه (إن احترام المبادئ الأساسية للدستور الديمقراطي من حريات عامة وحقوق كاملة للأحزاب اليسارية لمباشرة نشاطها، ومضمون هذا الدستور الذي يسمح بالتطور، ولا يعبر عن سيادة طبقة أو ديكتاتوريه على جماهير الشعب.. هذه العوامل هي التي تضع الظروف المناسبة لتطور بلادنا نحو الاشتراكية، وتفتح السبيل أمام الجماهير التقدمية والعمالية والاشتراكيين ليحرزوا نتيجة لنشاط متنوع ومتسع وطويل الأمد أغلبية برلمانية، وبهذا يضع اليساريون والشيوعيون أهمية كبرى للنظام البرلماني في بلادنا. وفي سبيل ذلك هم يرون أهمية وجود دستور وطني ديمقراطي مخطط (Programmatic) لا يمنع تطورات بلادنا ولا يقر الحقائق الموجودة فقط ويقفل الطريق أمام التحولات المقبلة )53 .
    ونلحظ هنا أن الشروط اللازمة للتحول وتحقيق الاشتراكية عن طريق البرلمان مشروطة بدستور ديمقراطي وباحترامه من قبل القوى الحزبية الأخرى، وهذا الأمر أتضح لاحقاً بأنه المستحيل بعينه لأن القوى الرجعية بمختلف مسمياتها وألوانها غير متهيئة لقبول تفوق قوى اليسار عليها وهي في سعيها لإجهاض أي محاولة للتغيير لن تألو جهداً في القيام بأي شيء وكل شيء خاصة أن بيدها كل شيء، من الاقتصاد والثروة إلى القوة والسلطة حيث توجهم حيثما يحفظ لها تفوقها ووجودها، إلا أن الديمقراطية الليبرالية رقم طبقيتها، لها مميزات جمة للعمل ونشاط القوى اليسار، خاصة في الحركة النقابية، والتواصل مع الجماهير من خلال حرية الندوات، وإصدار الصحف، والمعارضة العلنية لقوى اليمين المسيطرة.


    الهوامش والمصادر :
    50 - البرنامج 2009 الفصل الأول
    51 - البرنامج 2009 الفصل العاشر تجديد المشروع الاشتراك
    52 - المصدر السابق
    53 - عبد الخالق محجوب آفاق جديدة 1957 ص، 92-93 - الناشر دار عزة
                  

04-16-2014, 11:15 AM

اسامة الكاشف
<aاسامة الكاشف
تاريخ التسجيل: 06-13-2008
مجموع المشاركات: 911

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    العزيز عاطف

    تحياتي
    تحليل عميق ورؤية مغايرة علها تجد أذناً صاغية
    متابعة عن كثب

    تسلموا
                  

04-19-2014, 10:28 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: اسامة الكاشف)

    Quote: تحياتي
    تحليل عميق ورؤية مغايرة علها تجد أذناً صاغية
    متابعة عن كثب


    تسلم وأتمنى أن اكون عند حسن الظن حتى النهاية
                  

04-19-2014, 03:26 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    الاخ عاطف
    تحية طيبة
    اشكرك على المجهود القيم الخاص بتدوين افكارك لان التدوين فى حد ذاته مسألة فى غاية الاهمية وجزء اصيل من عملية المعرفة
    لى العديد من التحفظات على الدراسة سأحاول طرحها اذا ما توفر الوقت
    الاخ الاستاذ عبد العزيز الصاوى
    تحياتى يا صديق
    كتبت فى هذا البوست (أهمية هذاا النوع من الجهود النقدية، خاصة المرتفعة المستوي، تتجاوز تطوير الحزب الشيوعي الي تطوير كافة اليساريين افرادا وجماعات.)
    لاننى مهتم بما تكتب فدعنى اشاركك الترحيب بالدراسة وبالاستاذ عاطف لكنى قطعا لا اشاركك الاعتقاد حتى الان على الاقل فى ان الدراسة يمكن ان تساهم فى تطوير الحزب الشيوعى
    لعدم قدرة ذلك الحزب على التطور فى ظل الجمود الذى ظل يعانى منه لدرجة التكلس اولا
    ولان الدراسة نفسها تفتقد القدرة على احداث ذلك لان القضية المهمة المتمثلة فى قدرة الديمقراطية والحوار على انتاج معرفة غير متوفر فى ذهن كاتب الدراسة الذى يعتقد بصحة المشروع
    الماركسى وبالتالى فإن التعددية والنضال البرلمانى فى النهاية طريق لنشر الماركسية . الموقف من الديمقراطية هنا موقف تاكتيكى وليس استراتيجى لان المستقبل كشف عنه الحجاب كما اشار
    فى احدى عباراته كيف كان (المرحوم عبد الخالق يقرأ المستقبل!)
    هذا الموقف من الديمقراطية لدى الاستاذ عاطف يصبح اكثر سفورا حينما يحاول ان يقنعنا بأن الحزب قد اسقط مبدأ المركزية الديمقراطية وهو قول يضع مصداقيته على المحك
    لان الحزب فى العام 2009 لم يسقط هذا المبدأ علىى الاطلاق بل اسقط الاسم فقط اذ ظلت لائحة الحزب تمارس تقطيع اوصال الوحدات التى هى اشبه بالغيتوهات مع ان التداول الافقى من اهم الاجراءات
    الديمقراطية والحوار الجماعى وهو ما يؤكد شمولية التنظيم وموقفه من الديمقراطية حيث يغيب تماما دورها الابستمولوجى
    لا تعطى اللائحة المجازة فى مؤتمر الحزب الخامس الحق للعضو ممارسة الاختلاف مع مواقف الحزب وارائه فى المجتمع المدنى الامر الذى يعرض رأى الاقلية (للاعدام شنقا حتى الموت)
    وفى هذه الحالة يكون الكلام عن حق الاقلية فى الاحتفاظ برأيها (اكبر استهبال فكرى وسياسى ) حسب تعبير الخاتم عليه رحمة الله
    الفراكشن تحول ايضا الى (لجنة تنسيق) وبقى جوهر الامر فى الوصاية على ما يسمى بالمنظمات الجماهيرية وهو تلاعب باللغة والالفاظ فمفردة تنسيق تحاول ان توحى بالندية فى الحوار وإخفاء الوصاية على تلك المنظمات
    وصف المرحوم الخاتم هذا التلاعب اللغوى فى الاحتيال على الديمقراطية الحزبية والمركزية الخانقة داخل الحزب الشيوعى قائلا:
    ان الجديد والخطير فى امر المركزية الديمقراطية انها تحولت بعد نقدنا لها وكشفها وتعريتها ، تحولت لممارسة الحياة السرية داخل الحزب الشيوعى
    وهى ملاحظة دقيقة ولماحة تؤكد ان مخرجات المناقشة العامة كانت فى حقيقتها كارثة على التغيير
                  

04-19-2014, 07:14 PM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: طلعت الطيب)

    الأستاذ طلعت الطيب
    أولاً أشكرك على الوقت والحهد الذي بذلته في قراءة " أفكاري " وأحترم تحفظاتك ورأيك ، لكن لي مأخذ عليك وهو مأخذ أخاف منه وبسببه يرتعب الكثيرون من فكرة تدوين الأفكار وهو الأحكام المسبقة ، وكما جاء بالمقدمة
    Quote: ...... أعلم جيداً أن مجرد كلمة "تغيير" تزعج الكثيرين، لأن بعض النفوس تهوى ما استقرت عليه، ويصعب عليها أن تستوعب غيره، فترفض التغيير حتى قبل النظر فيه، فأسوأ ما يحدث لأي فكرة جديدة، وكما قال الشهيد فرج فوده، هو أن يطالعها المرء ونفسه مسبقة بالعداء. لذا فكل ما أطمح فيه من هذه المساهمة، والتي قد أصيب فيها وقد أخطئ، هو الإقبال عليها بعقل مفتوح، عقل ذكي تحفه (حذاقة الفؤاد والشغف بالمعرفة) عقلٌ يملك القدرة على استشراف ما هو أعمق من الظاهر، عقلٌ يرفض التغبيش والتزليف والتزييف ولا يرضى إلا بالحقيقة خالصة كابتسامة الوليد، عقلٌ منتج للفكر ومتفاعل معه وليس فقط مُتلقٍ سلبي له، وفوق كل ذلك نفسٌ تواقة لحاضر جميل ومتطلعة لمستقبل زاهر.

    كنت على علاقة ,وثيقة بالأستاذ الخاتم ،زرته في لندن بعد إستقالته من الحزب ، ناقشنا أمور عدة أتفقنا في مسائل وإختلفنا في مسائل ، لكن لو الخاتم كان بيننا الآن لقال لك لا تتعجل لتحكم قبل أن تقرأ الكتاب كله لأنها ثلاث أوراق طرحت الورقة الأولى ومقدمة الورقة الثانية ، أتمنى أن ترسل لي بريدك الإلكتروني لأرسل لك الكتاب كاملاً وبعدها قل رأيك المسنود على كامل الفكرة وهو حتماً سيكون أكثر فائدة ، لي على الأقل.
    وأكرر شكري لكل ثانية أمضيتها في هذا البوست
    [email protected]
                  

04-20-2014, 01:38 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    الاستاذ عاطف
    تحياتى
    فى إنتظار كامل الدراسة ، قمت بالتعليق على ما كتب حتى الآن لإعتقادى بأن ما كتب حول النظام الاساسى يلخص رأيك فيه!
    النظام الاساسى لاى منظمة والثقافة القانونية التى يتم توظيفها فيه تعتبر معيار جيد لتحديد الموقف الحقيقى لمنظمة ما من التعددية الديمقراطية. الحزب الشيوعى تميز عبر تاريخه بتردد قيادته حول الموقف من الديمقراطية والمرحوم عبد الخالق بالرغم من مواهبه وإمكانياته لكنه فى عين التاريخ وازعم الاجيال القادمة يعتبر المسؤول عن هذا الخط ،وقد ظل الرجل مترددا جدا فيهambivalent لذلك فهو المؤسس للمواقف التاكتيكية حيال التعددية . المسألة فى النهاية ترتبط لديه بمدى جاهزية الجماهير و(حزبها الطليعى لاستلام السلطة السياسية)، و فى فترات الجزر الثورى تقوم ادبيات الحزب بعزف لحنها المفضل حول ما عرف بأوهام الطريق البرلمانى لتحقيق( الاشتراكية).
    دونك موقف المرحوم عبد الخالق من مؤتمر الحزب وكيف وقفت كل اللجنة المركزية وصوتت لفكرة الحزب الاشتراكى ثم عادت لتصوت ضد قراراتها فيما عرف بمؤتمر الجريف بعد ان استفاق عبد الخالق من كابوس (إنحرافه اليمينى). كل الادبيات التى صاغتها قيادة الحزب الشيوعى السابقة والحالية حول الديمقراطية بما فى ذلك وثيقة الراحل محمد ابراهيم نقد عليه رحمة الله (الديمقراطية مفتاح الجل وجبهة عريضة شمال وجنوب) مواقف غير اصيلة من التعددية وهو تراث راسخ يفسر لنا لماذا لجأت قيادة الحزب فى مؤتمرها الخامس بعد سنوات طويلة مما عرف بالمناقشة العامة الى حسم القضايا الفكرية حسما لائحيا!
    لائحة الحزب الشيوعى السودانى ومنذ التأسيس نهضت ولا تزال على المركزية الديمقراطية شأنها شأن اى منظمة عمل بيروقراطية محددة الاهداف سلفا. مع ان الفرق الجوهرى بين الحزب السياسى الحديث والمنظمة البيروقراطية ان الاول لا يضع فى اعتباره تغيير الوسائل والاهتمام بها فقط من اجل بلوغ الاهداف المرجوة ولكن مراجعة الاهداف نفسها من آن لاخر، وهى عملية تعتبر من صلب الديمقراطية وصيانة أجراءاتها prodedural democracy لان الحوار الجماعى هو ما يرسم الاهداف فى العالم الماثل فى الواقع وليس العالم الايدولوجى ذو الطابع الافتراضى. وهذا ما قصدته بالدور المعرفى للتعددية وهو كما ترى يتعارض مع المفاهيم الشمولية ماركسية كانت او اسلاموية وهو امر له خطورة بالغة فى بلد يفتقر اصلا الى الثقافة الديمقراطية.
    ما قام به المؤتمر الخامس لا يختلف عما قامت به المؤتمرات السابقة او المؤتمرات التى تميز الاحزاب الشيوعية قبل وقوع الكارثة وانهيار حائط برلين من حيث توظيف التنظيم لخدمة الاهداف الايديولوجية التى خطها ماركس ومن جاء من بعده والمتعلقة بضرورة النضال من اجل وصول الطبقة العاملة الى السلطة بإعتبارها رسول الرحمة والعدالة الاجتماعية، ولذلك لم تختلف عن اى نظمة بيروقراطية لأنها لم تحافظ على مسافة متساوية بين قضية الحريات من ناحية وقضية العدالة الاجتماعية من ناحية ثانية. كل ما فعله المؤتمر الخامس حيال المركزية الديمقراطية - والذى وصفته فى كتاباتك بأنه اسقطها - انه فى حقيقة الامر قد ساعدها على ممارسة التخفى والحياة السرية امعانا فى مصادرة الشفافية وهو اخطر ثقافة تقوم قيادة الحزب بتكريسها فى مجتمع يعانى من التخلف والامية والافتقار الى الديمقراطية. ان قيادة الحزب لم تفعل غير الامعان فى تحصين (اقفاصها الحديدية) وهى جريمة سياسية بكل اركانها فى حق الوطن والمواطن خاصة وانها تجىء فى ظرف استثنائى يتعلق بتحالف سرطانى مميت بين الاسلام السياسى والبيروقراطية العسكرية.!

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 04-20-2014, 01:44 PM)

                  

04-21-2014, 06:57 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: طلعت الطيب)

    الأستاذ طلعت الطيب
    تحية طيبة
    شكراً لهذه المداخلة الثرة
    مع أحترامي لتناولك النقدي لمواقف اللحزب الشيوعي وفكر عبد الخالق ، إلا أن الحكم دون الرجوع للظرف الموضوعي والتاريخي للأحداث يقود إلى نتائج خاطئة ، ولو حكمنا بمنظار اليوم وأدواته وظروفه على كثير من الثوابت ، ستهتز قناعاتنا في الكثير منها (نموذج أتهام المناشفة بالإنتهازية في 1904 قبل الثورة البلشفية) بمعايير وقيم الوضع العالمي اليوم ستهتز ثقتنا في في لينين أعظم مفكري وثوريي العصر الحديث، لذا أتمنى أن ننظر للأمور من خلال سياقها وإطارها التاريخي، وظرفها الموضوعي والذاتي قبل إصدار الأحكام ، مسألة التعددية أعتقد الحزب قد حزم أمره تجاهها منذ زمن بعيد كما أوضحت الدراسة وموقفي الشخصي منها أنها خط أحمر لا يمكن تجاوزةمهما كانت المبررات، لكني حتى الآن لم أطرح الفكرة التي أسعى لتوصيلها من خلال تسيير (قطار الشهيد عبد الخالق محجوب) أي مقترح المدخل للتجديد ، وكل ما أجتهدت فيه في هذه المقدمة هو تحليل الخطاب السياسي للحزب الشيوعي من خلال تناول برنامجه في 2009 وانتهجت منهج التحليل العلمي النقدي (Critical Discourse Analysis) ، الذي يتمثل في تحليل البرنامج والأهداف أو تحليل المنظومة الفكرية التي يستند عليها وتفكيكها إلى عواملها الأولية، لذا لجأت للمنهج الماركسي الذي يعد المرجعية الفكرية (ضمن مرجعيات أخرى) للحزب الشيوعي والمنهج والمرشد لعمله ، نقد البرنامج من خلال الماركسية ، لم أسعى لإصدار حكم عليها أو لتأليب الرأي ضد / أو مع للحكم عليها بالنجاح أو الفشل. بل للبحث عن السؤال المؤرق وهو هل لا تزال الماركسية الوسيلة الأنسب لتحقيق الغايات؟
    وكل ما أهدف له هو الخروج بالحزب إلى فضاءات أرحب والدخول في تحالفات أوسع تمكنه من تحقيق تلك الغايات النبيلة المتمثلة في نقل السودان إلى مرحلة التطور الوطني الديمقراطي .
    أكرر شكري

    (عدل بواسطة عاطف عبدالله on 04-21-2014, 07:15 AM)

                  

04-21-2014, 12:52 PM

Mohamed Abdelgaleel
<aMohamed Abdelgaleel
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 10415

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    الاستاذ/ عاطف
    الأستاذ/ طلعت

    تحياتي لا وقت للتداخل ولا للقراية زاتا .. لكني لا أريد لهذا الموضوع أن يتوقف .. وقد
    أصبحنا في عالم تتسارع فيه وتائر التغيير حتى أصبحت بعض ثوابت الفكر التي بنيت عليها
    بعض الاحلام الكبيرة "كسراب بقيعة" .. يؤلف المؤلف وكل قاريء على تأويله.

    في أولى سنوات الثورة الروسية كتب ليون تروتسكي "دروس ثورة أكتوبر" الذي تضمن تردد بعض
    القادة البلاشفة قبيل الثورة .. وقال أن كثير من الرفاق لا يريدونني أن أتناول هذا الأمر
    ولكني لا استطيع السكوت لأسباب شخصية عن أمر مهم كهذا .. فإن كنا قد أنجزنا أكتوبرنا
    فهنالك شعوب كثيرة لم تنجز أكتوبرها ومن حقها أن تعرف هذه الأخطاء .. طبعاً الاقتباس من
    ذاكرتي المثقوبة ولكن ما كتبه تروتسكي كان بهذا المعنى وربما أعود للأصل ففيه كتابة
    عن تعقيدات تشبه التي نحيا في أتونها .

    عندما يكون التراجع أبلجاً والهزائم على جميع الصُعد والوطن البنحلم بيهو يوماتي يتقسم
    (وينفك قبائل وينكتل) وقوى التغيير مشدوهة لائذة بحائط دفء الرفقة الحميمة والإرث
    العزيز الجبار من (الحفاظ المر والخلق الوعر) يصعب إنتزاع إعتراف يعيد الناس لقبول
    قص الدرب من أولو.

    ما حدث في الربيع العربي أكد (بيان بالعمل) أن لا وقت للتثاؤب .. ولا لفتح كتاب تعلم
    السباحة والشعوب في لجة البحر ..

    معذرة لو خرجت من الموضوع .. فلا (مقفى حزني ولا موزون) وسأكون قريبا وأتداخل مرة مرة
    وأعد بأني سأقرأ هذا الخيط الهام بما يستحق من إمعان نظر عسى .. ولكم شكري وتقديري.
                  

04-23-2014, 09:54 AM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: Mohamed Abdelgaleel)

    Quote: عندما يكون التراجع أبلجاً والهزائم على جميع الصُعد والوطن البنحلم بيهو يوماتي يتقسم
    (وينفك قبائل وينكتل) وقوى التغيير مشدوهة لائذة بحائط دفء الرفقة الحميمة والإرث
    العزيز الجبار من (الحفاظ المر والخلق الوعر) يصعب إنتزاع إعتراف يعيد الناس لقبول
    قص الدرب من أولو.
    ما حدث في الربيع العربي أكد (بيان بالعمل) أن لا وقت للتثاؤب .. ولا لفتح كتاب تعلم
    السباحة والشعوب في لجة البحر ..
    Quote:

    الأستاذ / محمد عبد المجيد
    عودتك ومساهمتك ستعد أضافة حقيقية لهذا البوست ، فأتمنى أن تعود لإثراءه
                      

04-25-2014, 03:14 PM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر النوء أو قطار الشهيد عبد الخالق محجوب .. مدخل للتجديد (Re: عاطف عبدالله)

    تحليل سليم واستنتاجات خاطئة!!
    لاشك في أن برنامج التطور الوطني الديمقراطي الذي ينادي به الحزب منذ منتصف القرن الماضي، وهو نتاج تحليل علمي سليم لوقعنا السوداني في تلك المرحلة التاريخية، قد رسخ في الوعي الجمعي للشيوعيين السودانيين، مفهوماً، وهو مفهوم خاطئ وغير ثوري في مضمونه، أن دور الحزب يأتي بعد أن تقوم الطبقة البرجوازية السودانية بممارسة حقها كاملاً في السلطة، وإنجاز ثورتها في التحول الوطني الديمقراطي، وأقول مفهوم غير ثوري نسبة لعدم وجود دور محدد وقيادي للحزب في السلطة التي تشكلها البرجوازية، عدا مساعدتها ودفعها لتحقيق ثورتها بإزالة النظام القديم وتأسيس النظام ديمقراطي اللبرالي، وتلك رؤية "منشفية" تصدى لها "البلاشفة" بقيادة لينين وهزموها في مطلع القرن الماضي.
    إن التحول الوطني الديمقراطي، وهو برنامج تقدمي لن ينجز في غياب الطبقة العاملة، ولا يكفي مجرد إشراكها في السلطة الوطنية الديمقراطية، بل قيادتها لها، وتغييبها أو تهميشها في المشاركة يشكل خللاً في البناء الوطني الديمقراطي حيث إن البرجوازية والقوى التقليدية التي تنقاد لها السلطة طائعة من دون جهد يذكر منها، بعد كل حركة جماهيرية أو هبة شعبية، غير مؤهلة لإحداث التغيير ولا تمتلك الأصالة البرجوازية مثل مثيلاتها في أوروبا والغرب ولا الرؤى المستنيرة العَلمانية والعملية لفصل الدين عن الدولة، وتحجيم دور رجال الدين وأبعادهم عن التدخل في الحياة السياسية، وحل مشكلة القوميات، وتأهيل البنى التحتية لإنجاز ثورة صناعية وزراعية بعيداً عن الصراعات الطائفية وانتشار المحسوبية والفساد السياسي وارتهان الوطن للأجنبي، لذا ليس غريباً أن تتصف بالفشل وليس عجباً أن يفقد الشعب ثقته فيها.
    برغم ما قدمه، وما ظل يقدمه الحزب الشيوعي للقوى البرجوازية الليبرالية واليمينية من زعزعة الأنظمة الشمولية، وحتى الإقطاع وأشباه الإقطاع تقتات من فضل كفاحه، ضد الأنظمة الديكتاتورية والعسكرية، على الرغم من كل تلك الخدمات التي ظل يقدمها الحزب لها إلا أن جزاءه دائماً يكون مثل جزاء سنمار، حيث إحسانه يقابل بالجحود والجور والظلم والمكيدة من تلك القوى.
    لقد تعرض الحزب الشيوعي السوداني والشيوعيون السودانيون لكثير من المكائد والمحن خلال تاريخ مسيرتهم من القوى اليمينية المعادية، ربما أشدها إيلاماً ما جرى بعد ردة 21 يوليو من مجازر ومذابح، ولم يكتف اليمين بالتصفية الجسدية للحزب بل سعى لتصفيته معنوياً بعد أن ألصقت به زوراً وبهتاناً تهمة مذبحة بيت الضيافة، وقبل ذلك في نوفمبر 1966 تعرض الحزب لمكيدة حل الحزب وطرد نوابه من البرلمان واستبيحت دوره بعد أن رمي بالكفر والإلحاد وسب أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما.
    البعبع .. الأقوى في أفريقيا والأكبر في الشرق الأوسط !!
    في منتصف ستينات القرن الماضي أحاطت هالة كبيرة من التضخيم حول قدرات ونفوذ الحزب الشيوعي السوداني، ربما لموقعه المميز في الأوساط العالمية التقدمية، وللدور الكبير الذي قدمه في مسار الحراك السياسي السوداني حينها، وكان عند أي ذكر له في أي محفل عالمي غالباً ما يوصف بأنه الأقوى والأكبر والأول في الأحزاب الشيوعية في العالم الثالث، وكانت تضفى عليه الكثير من صفات التضخيم والتهويل، وإذا جاء أي ذكر للمناضلين الشيوعيين في العالم يكون في مقدمتهم (عبد الخالق محجوب وجوزيف قرنق والتجاني الطيب وفاطمة أحمد.. إلخ) وعندما تأتي سيرة للقادة النقابيين (الشفيع وقاسم أمين وإبراهيم زكريا .. إلخ) يقال عنهم الأعرق لا على المستوى الإقليمي فحسب بل على المستوى العالمي. والذي يرى زخم الحزب الشيوعي في الشارع السياسي السوداني وحضوره الفعال في الحراك والنشاط في فعاليات المجتمع المدني، وفي مجالي الأدب والفن، يظن أن هذا الحزب استطاع خلال فترة وجيزة لا تتجاوز العقدين من الزمان تحويل نصف الشعب السوداني إلى شيوعيين.
    لا شك أن تلك الهالة والسمعة أكسبته احترام البعض وألبت عليه قلوب البعض كذلك، لذا نجد أن محاولات ضربه وتصفيته دائماً ما تتسم بالعنف الزائد، ودائماً ما تتكالب عليه القوى اليمينية والرجعية وحتى التقدمية المختلفة معه في المنهج حينما تجد الفرصة للإجهاز عليه كما جرى في يوليو 1971 حينما تحالفت عليه المخابرات الغربية والإقليمية والمحلية بل وحتى الصينية لم يسلم من أذاها.
    بعد ثورة 21 أكتوبر 1964 صعد نجم الحزب، واستطاع الحزب أن يحقق خلال فترة وجيزة الكثير من المكتسبات والإنجازات على مستوى الإصلاحات السياسية والحقوق المدنية العامة مثل حقوق المرأة وحصولها على حقها الانتخابي، وتخفيض سن الناخب من 21 إلى 18 عام وتخصيص 15 دائرة انتخابية للخريجين، وحق الأجر المتساوي للعمل المتساوي وتم تعديل كثير من قوانين العمل لتتلاءم مع التشريعات الدولية وبسط الحريات العامة. وعلى المستوى الخاص اتسعت قاعدته وظهر جلياً ثقله السياسي في الانتخابات البرلمانية التي جاءت بعد الثورة حيث استطاع الحزب اكتساح دوائر الوعي بالمدن الكبيرة كالخرطوم وأم درمان وعطبرة (في العاصمة حصل على حوالي 25% من جملة الأصوات الأمر الذي لم يحققه أي من الأحزاب الكبرى الأخرى) وأكتسح كذلك دوائر الخريجين وعن طريق صندوق الاقتراع نال الحزب أحدى عشر مقعداً في الجمعية التأسيسية "البرلمان" ثمانية أعضاء ممثلين للحزب، وثلاثة من الذين أيدهم الحزب. ومن بين ممثلي الحزب الثمانية أول امرأة تنتخب إلى البرلمان ليس فقط في السودان بل في كل الشرق الاوسط وهي المناضلة فاطمة احمد ابراهيم عضو اللجنة المركزية السابقة للحزب ورئيسة الاتحاد النسائي السوداني.
    في نوفمبر 1966 لم يستطع أعضاء الجمعية من ممثلي التيارات التقليدية والأحزاب اليمينية بالجمعية الصبر على هؤلاء الفرسان الأحد عشرة ليس فقط لنفوذهم داخل البرلمان (فهم لم يتجاوزوا ال 5% من عدد النواب)، ولكنهم ضاقوا من نفوذهم في الشارع العام، والنقابات وقوة تأثيرهم في الرأي العام فاستصدروا قراراً بحل الحزب الشيوعي السوداني وطرد نوابه الثمانية من البرلمان متزعمين بحجة واهية هي حادثة معهد المعلمين، حيث نجح تيار الإخوان المسلمين في تحويل حديث طالب في ندوة ثقافية إلى معركة سياسية ضد الحزب الشيوعي مدعين أن الطالب عضو فيه، واتهموا الحزب بالكفر والإلحاد، نجح الدكتور حسن الترابي، وهو يقود تنظيم لا يمثل إلا أقلية ضئيلة سواء في الكم أو الكيف في ذلك الوقت، في قيادة وإدارة الصراع وتسويق تلك الحادثة ليعصف بالحياة الديمقراطية كلها، وجعل قوى ليبرالية لا يستهان بها أمثال محمد أحمد محجوب وإسماعيل الأزهري ومحمد إبراهيم خليل تسقط في حديث الإفك وتقف وتصوت في الجمعية التأسيسية بحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de