إنت الخلقك منو ؟!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 09:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-27-2014, 09:50 PM

عبداللطيف حسن علي
<aعبداللطيف حسن علي
تاريخ التسجيل: 04-21-2008
مجموع المشاركات: 5454

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
إنت الخلقك منو ؟!

    هذا البوست متفرع عن بوست مصير الانبياء

    لكاتبه الاخ هشام ادم ، وبما ان ذاك البوست لم يحتمل النقاش الذي دار بيني وبين

    الاخ عزام فرح : الذي سالني ، انت الخلقك منو ، ويريد بذلك تاسيس بداية للحوار معي

    فكان ردي عليه هو :




    مامعني كلمة خلق ؟!

    هي كلمة بشرية ، لان الانسان يصنع من مواد داخل الطبيعة اشياء جديدة ، لكنها من مادة الطبيعة

    لايمكن صناعة شئ من خارج مادة الطبيعة ، ولان الانسان يفكر في الضد بمقارنته بما هو موجود

    تبدت له مفاهيم جديدة مجردة لكنها مبنية من مفاهيم موجودة لديه ، فكانت كلمة الخلق والعدم مضادان

    لكلمتي يصنع وكلمة الوجود

    احتاج الانسان لقوة يلجا اليها خوفا من كوارث الطبيعة ، فكانت الدينات الوثنية الاولي وجاءت

    الالهة القديمة كل اله متخصص في احد قوي الطبيعة ، المطر ، النار ، الرعد الخ وعرفنا الهة

    الاديان القديمة : لكن دعنا نعرف اولا معني كلمة الله ، وهي مشتقة من اللهم التي ادخلها امية

    بن ابي الصلت الي مكة اول مرة واصلا هي ايل رئيس الالهة والوهيم ، وهي كلمات عبرانية

    ماخوذة من الديانات القديمة الوثنية ، الوثنية اصل الاديان لانها كانت حاجة ضرورية للانسان

    فإذا قبل ان تسالني من خلقك ، اسالني اولا كيف نشأت الالهة القديمة ومن اين جاءت كلمة الله

    لتعرف ان الانسان هو الذي صاغ الاديان الوثنية ومنها نشات تاريخيا الديانات الابراهيمية

    العالم كله يبحث في اصل الاشياء وليس هناك اجابة قاطعة ، لان مهمة البحث لم تنتهي بعد !

    والا فيماذا يبحث علماء الهيدرون والبق بانق ، اليس في اصل نشأة الكون ، وليس في الايمان

    الغيبي باي شئ !! ما اسهل ان تكون مؤمنا باستاذك علي حل المسائل لتعرف انها صحيحة

    وما اصعب ان تتعلم اسس حل المسائل !!

    بعد ذلك طلب هشام ان نتوقف عن هذا الحوار لانه غير وثيق الصلة بموضوع البوست

    لكن المعصومية والقداسة لم تكن موجودة عند بداية الدعوة الاسلامية ، ولعل هشام يقصد

    الحصيلة النهائية للقرءان بوجود معصومية وقداسة ، لكن ذلك له اسبابه تاريخيا بعد ان اصبح

    الاسلام قوة اجتماعية وسياسية بفضل المؤمنين به ، ومن الضروري متابعة ذلك تاريخيا ..

    (عدل بواسطة عبداللطيف حسن علي on 03-01-2014, 07:08 AM)

                  

03-01-2014, 07:10 AM

عبداللطيف حسن علي
<aعبداللطيف حسن علي
تاريخ التسجيل: 04-21-2008
مجموع المشاركات: 5454

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إنت الخلقك منو ؟! (Re: عبداللطيف حسن علي)
                  

03-01-2014, 07:18 AM

عبداللطيف حسن علي
<aعبداللطيف حسن علي
تاريخ التسجيل: 04-21-2008
مجموع المشاركات: 5454

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إنت الخلقك منو ؟! (Re: عبداللطيف حسن علي)

    لنقرأ هذا المقال لكاتبه حسن رمضان حول اشكالية العصمة النبوية تاريخيا قبل ان نناقشها

    من داخل محصلتها التاريخية التي استقرت نهائيا الي يومنا هذا ، ومن بعد ذلك نرجع الي السبب

    في فتح البوست اصلا :

    في إشكالية العصمة النبوية


    تُعتبر مسألة العصمة الإلهية عند الأنبياء (وعند المذهب الشيعي للأئمة أيضاً) أحد المسائل التي تم تداولها في التراث الفقهي مع أوجه خلاف متعددة. وعلى الرغم من أن “العصمة“، كمصطلح، كان غائباً تماماً عن نصوص التاريخ الإسلامي المبكر، بل إن الدلالة النصية لأخبار هذه الفترة المبكرة في الإسلام تدل بصورة واضحة على أن المسلمون الأوائل لم يتعاملوا مع النبي محمد على أنه "معصوم" مطلقاً في أقواله وأفعاله، بل على العكس، لقد تعاملوا معه بمرونة تفترض ضمناً أنه باستطاعتهم مراجعته ومناقشته، بل وعدم القبول برأيه، فإن التصور الإسلامي الفقهي اللاحق في الزمان بقرنين على الأقل لمصطلح العصمة ومضمونها للنبي محمد هو مباين تماماً لِما تدل عليه نصوص القرآن والحديث والتاريخ. فما تدل عليه نصوص القرآن والأحاديث المنسوبة للنبي وأخبار السيرة أن العلاقة الثنائية بين النبي وأتباعه كانت ذات سقف عال من التفاعل الإنساني العفوي المرن في الأفعال والأقوال والردود والاعتراض، وتخضع أيضاً لمعايير ومحاذير وتقديرات اجتماعية واقتصادية وتراتبية واضحة. ويبدو أن هذا المحيط المرن من التعامل الثنائي بين النبي محمد وبين المسلمين الأوائل قد تفاقم إلى درجة أن المسلمون الأوائل لم يجدوا حرجاً في أن يتحاكموا إلى غير شخص النبي محمد أو حتى أن يردوا قضائه مما استدعى نزول آيات من القرآن لارجاع الأمور إلى نصاب معقول في التعامل بين نبي وأتباع يؤمنون بدعوته. فالقرآن كان صريحاً جداً في توصيف ليس فقط الصراع الدعوي الإسلامي الأول مع من يكفر به، ولكن كان صريحاً أيضاً في توصيف الصراع الإسلامي – الإسلامي المبكر أيضاً، فنحن نجد في القرآن آيات مثل: and#64831;وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ)، وأيضاً: and#64831;ومِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ)، وأيضاً: (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ)، وأيضاً: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَة الرَّسُول)، بل إن النبرة القرآنية في آيات عديدة ترتفع لتدل على حدة هذا الصراع الإسلامي – الإسلامي المبكر في مثل هذه الآية مثلاً: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً). قال الطبري عند تفسيره هذه الآية الأخيرة: "يعني جلّ ثناؤه بقوله: (فَلا) فليس الأمر كما يزعمون أنهم يؤمنون بما أنزل إليك وهم يتحاكمون إلى الطاغوت ويصدّون عنك إذا دعو إليك يا محمد"، ثم أورد الطبري ضمن تفسير الآية خبراً لأحد الأنصار يقول فيه للنبي محمد صراحة: (اعدل يا نبيّ الله وإن كان ابن عمتك) وذلك بعد أن حكم النبي بينه وبين الزبير بن العوام، ابن عمة النبي محمد، مما تسبب في غضب النبي.

    تناول كاتب هذه المقالة في كتابه (نقد نص الحديث) مشكلة العصمة النبوية عند المسلمين الأوائل، كما تناول إشكالية التعريفات والمفاهيم عند الأنبياء في التصور الإسلامي. وقد أورد هناك عدة أمثلة على أن (العصمة النبوية) التي أصبحت مفهوماً مفروغاً منه وبديهياً في أذهان المسلمين في العصور اللاحقة هي ليست بتلك البداهة أو الوضوح في أذهان المسلمين الأوائل كما تشي بذلك أخبار تلك الفترة والأحاديث المنسوبة للنبي محمد مما يلقي بضلال من الشك على كلية هذا المفهوم وصحة توصيفه الشامل. بل إن المسلمين الأوائل كانوا يكررون على مسامع النبي محمد عبارة (قد غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر)، وهذه العبارة بالذات هي جزء من آية قرآنية [الفتح، 2]. فالتأكيد الإسلامي المبكر هنا هو لـ (الغفران الإلهي) الذي يتمتع به النبي، ولكنه من جهة أخرى يؤكد إمكانية، بل بداهة، صدور الذنب أو الخطأ من النبي بدليل اسباغ الغفران الإلهي المستمر عليه. إذ لو تواجدت العصمة بمعناها الشامل كما تدعي بعض الفرق الإسلامية فلا حاجة للنبي للغفران لأنه، وببساطة، لا ذنب له. بل إن الأمر قد تعدى ذلك عند المسلمين الأوائل ليتناول حتى مسائل البلاغ ذاتها، ثم لنجد أن النبي محمد يوافق على هذا الاعتراض "الإنساني". فقد أورد مسلم في صحيحه حادثة تشير بوضوح إلى مقدار "الحرية"، إن صح هذا التعبير، في مساءلة الصحابة للنبي حتى في مسائل البلاغ نفسها والتي يُفترض فيها العصمة الإلهية المطلقة كما تدعي كل الفرق الإسلامية من دون استثناء. فقد أورد مسلم في صحيحه عن أبي هريرة حديثاً قصَّ علينا فيه كيف أنهم افتقدوا النبي محمد بعد أن قام عنهم فأبطأ عليهم، فوجده أبو هريرة في حائط (بستان)، فقال النبي لأبي هريرة بعد أن أعطاه نعليه: (يا أبا هريرة، إذهب بنعليَّ هاتين، فمن لقيتَ من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مُستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة). وعندما خرج أبو هريرة بنعلي النبي لينفذ هذا البلاغ للمسلمين كان أول مَن لقيه عمر بن الخطاب، ولمّا علمَ بما بُعِثَ به أبا هريرة، ضرب عمر بيده في صدر أبي هريرة حتى أوقعه أرضاً. يقول أبو هريرة: "فرجعتُ إلى رسول الله (ص) فأجهشتُ بُكاءً، وركبني عمر [أي لحقني]، فإذا هو على أثري. فقال لي رسول الله (ص): (ما لكَ يا أبا هريرة؟)، قلتُ: لقيتُ عمر فأخبرته بالذي بعثتني به، فضربني بين ثديي ضربة"، وأخبره بأنه وقع أرضاً وأن عمر أمره بأن يرجع. ثم نقرأ أن عمر بعد أن تأكد من صحة كلام أبي هريرة، قال للنبي: "لا تفعل، فإني أخشى أن يَتَّكلَ الناسُ عليها، فخلِّهم يعملون". فقال النبي محمد: (فخلِّهم). تقول الدكتورة ناجية بو عجيلة في كتابها (في الائتلاف والاختلاف – ثنائية السائد والمهمش في الفكر الإسلامي القديم) عند تطرقها لهذه الحادثة بين النبي وأبي هريرة وعمر: "يتضح من خلال الحوار أن عمر لم يهتم كثيراً بالطرف الذي صدر عنه الأمر، واهتمّ في المقابل بالأمر نفسه من حيث وجاهته أو معقوليته. ذلك أنه لم يُغيّر موقفه مما أتاه أبو هريرة حتى عندما علم أن الرسول هو الذي أمره بذلك" .

    من الملاحظ أن هذه الحادثة السابقة قد تسببت بـ "حرج" فقهي واضح من خلال محاولات التبرير التي قام بها المفسرون الذين استقرت مسلَّماتهم ومفاهيمهم من خلال التأصيل الذي قام به الشافعي في رسالته بعد حوالي قرنين من تلك الحادثة عن مكانة السنة النبوية من أقوال وأفعال. هذا التأصيل الفقهي الذي أراد أن يقوم بعمليات (تجميل) للتاريخ الإسلامي الأول حتى يوافق تلك المفاهيم والمُسلّمات الفقهية اللاحقة والذي أثبت النقد الحديث أن مواضع "الحرج" فيه كثيرة جداً. يقول الإمام النووي في شرحه هذا الحديث ومبرراً فعل عمر: "أما دفع عمر رضي الله عنه [لأبي هريرة] فلم يقصد به سقوطه وإيذائه، بل قصد رده عما هو عليه، وضرب بيده في صدره ليكون أبلغ في زجره. قال القاضي عياض وغيره من العلماء رحمهم الله: وليس فعل عمر رضي الله عنه ومراجعته النبي (ص) اعتراضاً عليه ورداً لأمره، إذ ليس فيما بعث به أبا هريرة غير تطييب قلوب الأمة وبُشراهم، فرأى عمر رضي الله عنه أن كتمَ هذا أصلح لهم وأحرى أن لا يتكلوا، وأنه أعود عليهم بالخير من مُعجّل هذه البشرى، فلما عرضه على النبي (ص) صوبه فيه". ولم ينسَ الإمام النووي أن يستخرج من الحديث فوائد فقهية، ناسياً، أو بالأحرى متناسياً، أن الموضوع لم يكن شأناً دنيوياً، وإنما كان شأناً بلاغياً تجب فيه الطاعة المطلقة كما يؤكد الشافعي ويتابعه فيه النووي نفسه. يقول النووي: "وفي هذا الحديث أن الإمام والكبير مطلقاً إذا رأى شيئاً، ورأى بعض أتباعه خلافه، أنه ينبغي للتابع أن يعرضه على المتبوع لينظر فيه، فإن ظهر له أن ما قاله التابع هو الصواب رجع إليه، وإلا بَيّن للتابع جواب الشبهة التي عرضت له، والله أعلم".

    فعلى الرغم من أن الإمام النووي أكد لنا بأنه ليس في فعل عمر أي اعتراض على فعل النبي، فإن سياق القصة يقف على الضد والنقيض من هذا الرأي "المُحرَج جداً" من هذه الحادثة، وعلى العكس أيضاً من التأصيل الفقهي الذي تأسس في القرن الثاني الهجري ليؤكد للمسلمين اللاحقين بعد حوالي قرنين من الزمان على موقع للسنة النبوية مبالغ فيه في أذهان وفهم صحابة النبي محمد في السنوات الأولى للدعوة. هذا إلى جانب أن نفس هذا التأصيل الفقهي يُصر في مواقع أخرى على أن البلاغ في الشأن الأخروي هو "الأصلح" للأمة بسبب المصدر الإلهي البحت المفترض للسُنة النبوية، ولكنه عندما يتم احراجه بمثل هذه الأخبار المعارضة لرأيه المتوهم هذا فإنه يلجأ إلى مثل تلك التبريرات التي رأينا أحدها عند الإمام النووي. فهذا الخبر ليس شأناً دنيوياً كما هو واضح وجلي لأي قارئ منصف، لأنه يتعلق ببشرى أخروية بحتة. فهذه الحادثة، على الحقيقة، وهناك حوادث أخرى أيضاً، تنقض كل التأصيل الفقهي الذي يصر على طاعة النبي حتى فيما ليس فيه نص من القرآن، وعلى درجة مساوية تماماً في الأمر الإلهي الذي فيه نص في القرآن، كما يؤكد لنا ذلك الإمام الشافعي في رسالته، وكما قال لنا بعده ابن تيمية مؤكداً هذا الموقف بقوله: "السنة أيضاً تُنزّل عليه بالوحي كما يُنزل القرآن"، ويوافقه تماماً الإمام ابن حزم في أن النبي "لا يفعل شيئاً إلا بوحي".

    يتقبل السياق الفقهي السني بصفة عامة احتمال ورود الصغائر من الذنوب دون الكبائر على الأنبياء وجواز ورود السهو والنسيان عليهم، بينما يقف السياق الفقهي الشيعي على النقيض تماماً. فالفقه الإمامي الشيعي بالذات يمنع كلياً ورود الذنوب من الأنبياء، صغائرها وكبائرها، لا في حال صغر السن ولا الكِبر، ولا قبل الدعوة أو بعدها، في أمور الدين والدنيا معاً، ويمنع أيضاً احتمال السهو والنسيان عليهم. والأئمة عند الشيعة كالأنبياء في العصمة، جاء في (عقائد الإمامية): "الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل ما ظهر منها وما بطن، كما يجب أن يكون معصوماً من السهو والخطأ والنسيان". إلا أن هذا الرأي يقف على النقيض تماماً من القرآن نفسه، إذ القرآن الكريم في خطاب مباشر للنبي محمد يقول صراحة (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِيناً. لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ )، ولا يكون الغفران إلا من جواز ورود الذنب ابتداءً وإلا لما كان لهذا الخطاب القرآني معنى إذا كان النبي والأئمة من بعده معصومون مطلقاً على حسب الرأي الشيعي. والقرآن أيضاً يحتوي على آيات مناقضة لهذا الموقف الشيعي تختص بعدة أنبياء، إذ يصرح القرآن (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي)، وقصة يونس كمثال آخر: (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ). كما أن علي بن أبي طالب في (نهج البلاغة) [هذا مع التأكيد على أن محتوى هذا الكتاب في كلياته هو موضع شك أكيد في نسبته لعلي بن أبي طالب] يقول: "فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ ولا آمن ذلك من فعلي". فعلى هذا فإن الرأي الإمامي في العصمة الكلية لا يصمد إطلاقاً أمام النقد.

    إلا أن السياق الإسلامي بمذاهبه المتعددة يقف موقفاً واحداً لا خلاف فيه من خلال التأكيد على قضية العصمة المطلقة للنبي محمد فيما يخص مسائل البلاغ عن الرب جلّ شأنه وفيما يخص آيات القرآن. بل إننا نجد أصداء هذا المفهوم في القرآن نفسه في سورة النجم: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)، يقول الطبري في تفسيره: "وما ينطق محمد بهذا القرآن عن هواه، ما هذا القرآن إلا وحي من الله يوحيه إليه". إلا أن هذا المفهوم الإسلامي عن العصمة في البلاغ الإلهي يقف أيضاً تحت طائلة النقد والتأمل. إذ ملابسات نزول سورة النجم نفسها تؤكد على أن الوحي الإلهي خلال تجليه للنبي محمد قد يكون عُرضة أيضاً للتأثير الخارجي. فقد أورد المفسرون والمؤرخون ضمن ظروف تجلي سورة النجم ما تم التعارف على تسميتها بـ "قصة الغرانيق" أو "الأيات الشيطانية" كما يسميها المستشرقون. يقول الطبري في تفسير الآية 52 من سورة الحج: "إن السبب الذي من أجله أنزلت هذه الآية علـى رسول الله (ص)، أن الشيطان كان ألقـى علـى لسانه فـي بعض ما يتلوه مـما أنزل الله علـيه من القرآن ما لـم ينزله الله علـيه، فـاشتدّ ذلك علـى رسول الله (ص) واغتـمّ به، فسلّاه الله مـما به من ذلك بهذه الآيات"، والمقصود بالذي ألقى الشيطان على لسانه هي آيات كانت ضمن سورة النجم في مدح آلهة قريش، اللات والعزى ومناة. يسترسل الطبري في تفسيره لسورة الحج ليقص قصة الغرانيق أو الآيات الشيطانية التي كانت في سورة النجم المكية: "لـما رأى رسول الله (ص) تولِّـيَ قومه عنه، وشقّ علـيه ما يرى من مبـاعدتهم ما جاءهم به من عند الله، تـمنى فـي نفسه أن يأتـيه من الله ما يقارب به بـينه وبـين قومه. وكان يَسُرّه، مع حبه وحرصه علـيهم، أن يـلـين له بعض ما غلُظَ علـيه من أمرهم، حين حدّث بذلك نفسه وتـمنى وأحبه، فأنزل الله: (والنَّـجْمِ إذَا هَوَى ما ضَلَّ صَاحبُكُمْ وَما غَوَى)، فلـما انتهى إلـى قول الله: (أفَرأيْتُـمُ اللاَّتَ والعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى) ألقـى الشيطان علـى لسانه، لـما كان يحدّث به نفسه ويتـمنى أن يأتـي به قومه: (تلك الغرانـيق العلَـى، وإن شفـاعتهن تُرْتَضى). فلـما سمعت ذلك قريش فرحوا وسرّهم، وأعجبهم ما ذكر به آلهتهم، فأصاخوا له، والـمؤمنون مصدّقون نبـيهم فـيـما جاءهم به عن ربهم، ولا يتهمونه علـى خطأ ولا وَهَم ولا زلل. فلـما انتهى إلـى السجدة منها وختـم السورة، سجد فـيها، فسجد الـمسلـمون بسجود نبـيهم، تصديقاً لـما جاء به واتبـاعاً لأمره، وسجد من فـي الـمسجد من الـمشركين من قريش وغيرهم لـما سمعوا من ذكر آلهتهم، فلـم يبق فـي الـمسجد مؤمن ولا كافر إلا سجد، إلا الولـيد بن الـمغيرة فإنه كان شيخاً كبـيراً فلـم يستطع، فأخذ بـيده حفنة من البطحاء فسجد علـيها. ثم تفرّق الناس من الـمسجد، وخرجت قريش وقد سرّهم ما سمعوا من ذكر آلهتهم، يقولون: قد ذكر مـحمد آلهتنا بأحسن الذكر، وقد زعم فـيـما يتلو أنها الغرانـيق العُلَـي وأن شفـاعتهنّ ترتضى. وبلغت السجدة مَنْ بأرض الـحبشة من أصحاب رسول الله (ص)، وقـيـل: أسلـمت قريش. فنهضت منهم رجال، وتـخـلَّف آخرون. وأتـى جبرائيـل النبـيّ (ص) فقال: يا مـحمد ماذا صنعت؟ لقد تلوت علـى الناس ما لـم آتك به عن الله، وقلت ما لـم يُقَلْ لك. فحزن رسول الله (ص) عند ذلك، وخاف من الله خوفـاً كبـيراً، فأنزل الله تبـارك وتعالـى علـيه، وكان به رحيـماً، يعزيه ويخفِّض علـيه الأمر، ويخبره أنه لـم يكن قبله رسول ولا نبـي تـمنى كما تـمنى ولا أحب كما أحبّ إلا والشيطان قد ألقـى فـي أمنـيته كما ألقـى علـى لسانه (ص)، فنسخ الله ما ألقـى الشيطان وأحكم آياته".

    هاجم السلفيون والشيعة هذه القصة أعلاه وحاولوا نفيها وإسقاطها لأسباب تتعلق بالمفاهيم الإسلامية السنية التي طورها الفقهاء لاحقاً أو تتعلق بأساسيات المذهب والنظرة التي يراد بها أن يُنظر إلى أئمة محددون كمعصومين مطلقاً. من أشهر المحاولات المعاصرة لنفي القصة هي محاولة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في كتابه (نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق)، وهو كعادة المحدِّثين يحاول تتبع سلسلة سند الخبر ومن ثم إثبات ضعفها [يجب التأكيد هنا على رأينا الذي طرحناه في كتاب (نقد نص الحديث) من أن محتوى الجرح والتعديل هو في ذاته موضع شك وانعدام للموضوعية]. إلا أن الألباني يعترف في بداية كتابه أن الحافظ ابن حجر قد قوّى أسانيد الخبر وقال بصحته، فالأمر إذن لا يعدو في هذا الكتاب عن أن يكون رأي لباحث في أسانيد الخبر مخالف لباحث آخر في الأسانيد أكثر مقدرة من الألباني نفسه. وهذه المحاولة السلفية نفسها قد اصطدمت بالمعنى المباشر الصريح الواضح للآية 52 من سورة الحج كما يظهر جلياً في التفسير المتكلف الذي قام به الألباني في مقدمة كتابه. كما حاول هشام جعيط في كتابه (تاريخية الدعوة المحمدية في مكة) أن ينفي القصة أيضاً، إلا أن التعسف في أسبابه التسعة التي أوردها واستدل بها كان واضحاً جداً بحيث كان يكفي تعليقات بسيطة على هامش كتابه لردها كلها وبيان تكلفها. قصة الغرانيق صحيحة، ولا مجال للشك فيها لأسباب صريحة ومباشرة إما ضمن القرآن نفسه أو ما شرحه المستشرق مونتغمري وات في كتابه (مكة محمد). القرآن نفسه يعترف في سورة الحج: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، والنسخ في القرآن كله يتعلق بما هو ضمن آيات القرآن تحديداً دون غيرها. فالآية تتحدث بوضوح عن عملية نسخ ضمن آيات القرآن كانت من إلقاء الشيطان بسبب أمنية تمناها النبي محمد. أما التعلق بأن سورة الحج هي سورة مدنية بينما سورة النجم هي سورة مكية لنفي القصة هو ليس بدليل ولا يصمد أمام النقد الجاد لأن عملية توليف القرآن ضمن سور في حياة النبي محمد ومن ثم جمعه بعد وفاته لم يكن يراعى فيه الترتيب التاريخي للنزول، وإنما كانت توضع الآيات حيثما كانت تُرى مناسبة، تقديماً أو تأخيراً، إما بأمر النبي محمد مباشرة أو برأي الصحابة لاحقاً. إذ هناك أدلة لا تحصى على آيات مدنية ضمن سورة مكية وبالعكس، ولا يوجد حتى هذه اللحظة أي معرفة دقيقة لما هو مكي أو مدني أو حتى ترتيب زمني للنزول وإنما كل المحاولات هي تخمينات تحت افتراضات عامة يدخل في نتائجها الشك بكل تأكيد. أما مونتغمري وات فيقول: "لا يمكن لهذه القصة أن تكون محض اختلاق. فلا يوجد مسلم من الممكن أن يختلق مثل هذه القصة عن محمد، ولا يمكن لأي فقيه أو عالم إسلامي حسن السمعة [مشهور، مقتدى بآرائه] أن يقبل مثل هذه القصة من غير مُسلم [أو من هو مشكوك في أمر إسلامه] إلا إذا كان مقتنعاً تماماً بأنها قد وقعت على الحقيقة. مسلمو اليوم يجنحون إلى رفض هذه القصة لأنها تناقض صورتهم المثالية عن محمد". فالقصة موجودة في الطبري، التفسير والتاريخ، كما نقلنا أعلاه، وفي طبقات ابن سعد، وبصورة هامشية وعابرة في أنساب الأشراف، وفي مصادر أخرى أيضاً، وهي وإن كانت غير مذكورة في اختصار ابن هشام لسيرة ابن إسحاق إلا أن الحذف المتعمد واضح كما يؤكد لنا ذلك هشام جعيط نفسه.

    إذن، العصمة، كمفهوم، لم يكن معروفاً عند المسلمين الأوائل بمضمونه الفقهي الإسلامي الذي نقرأه اليوم في كتب المذاهب. هذا المفهوم ظهر لاحقاً كضرورة عقلية بحتة للبلاغ عن الرب جلّ وعلا، وكان منشأهُ النظر والفكر. هذه الضرورة العقلية اتخذت من الآية القرآنية (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى) كمدخل لكل الخلاف الذي دار حول مسألة العصمة وعن مدى شموليتها عند الأنبياء. لكن المشكلة في شمولية مصطلح “العصمة” لكل أقوال وأفعال الأنبياء كما هو عند بعض السُنة، أو الأنبياء والأئمة معاً كما هو عند الشيعة، هو ليس الخلاف في أنواع “الذنوب” المعصومون عنها، إذ أنها لو بقيت كذلك لما كان هناك إشكالٌ أصلاً، ولكن المشكلة في الذهنية الإسلامية أتت من اعتبار أن جميع ما يصدر عن النبي، والأئمة عند الشيعة، من قول أو فعل هو ذو مصدر إلهي لا يحتمل الخطأ. وهذا بدوره لا تقره آيات القرآن نفسها ولا تقره السيرة النبوية أيضاً. فالآيات التي عاتب اللهُ فيها النبي على فعل قام به متعددة متنوعة في القرآن (تُعرف بآيات العتاب)، كما أن الحديث المنسوب للنبي والسيرة النبوية تنقلان لنا قصصاً متنوعة من هذا النوع أيضاً أشهرها حادثة تأبير (تلقيح) النخل التي قال النبي فيها للمسلمين صراحة عند قيامهم بتلقيح النخل: (لو لم تفعلوا لصَلُح)، أي إذا لم تلقحوا النخل لصلح حاله أيضاً. وبالطبع، عندما ترك المسلمون تلقيح النخل امتثالاً لرأي النبي كان الناتج والمحصول “شيصاً”، أي محصول رديء، كما في رواية صحيح مسلم، وعندها قال النبي مقولته الشهيرة التي صمت عنها فقهاء الإسلام سنتهم وشيعتهم: (أنتم أعلم بأمر دنياكم) وقال أيضاً (إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه فإني إنما ظننت ظناً فلا تؤاخذوني بالظن).

    قصة الغرانيق، وتأبير النخل، وما عرضناه من حادثة عمر بن الخطاب أعلاه، وغيرها من الحوادث المتعددة مثل اعتراض العباس عم المطلب على تحريم عضد نبات الأذخر ضمن محيط الحرم المكي وقبول النبي محمد هذا الاعتراض هذا مع التشديد على أن الرأي الفقهي الإسلامي هو أن التحليل والتحريم هما من حق الشارع فقط دون بني البشر، هذه كلها تبين بوضوح حجم الإشكالية في المفهوم العام للعصمة، ليس فقط في أمور الدنيا، ولكن في أمور التبليغ أيضاً. وهذا يضعنا أمام حتمية إعادة النظر في هذا المفهوم الإسلامي وما بُنيَ عليه من نتائج.
                  

03-01-2014, 07:49 AM

عبداللطيف حسن علي
<aعبداللطيف حسن علي
تاريخ التسجيل: 04-21-2008
مجموع المشاركات: 5454

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إنت الخلقك منو ؟! (Re: عبداللطيف حسن علي)

    وهنا سرد تاريخي اخر يبين كيف نشات كلمة الله ، وسنري لاحقا بصورة ادق من هذه ،

    حقيقة نشؤء هذه الكلمة وعلاقتها بالديانات القديمة :

    سلمان مصالحة


    إلوهيم في الاسلام

    2010 / 1 / 24
    قبل أن نمضي قدمًا في هذا المبحث دعونا نقرأ أوّلاً الرواية التالية: "أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس المدني قال: حدّثني أبي… عن عُقبة بن بشير أنّه سأل محمد بن عليّ: مَنْ أوّل من تكّلم بالعربيّة؟ قال: إسماعيل بن إبراهيم، صلّى اللّه عليهما، وهو ابن ثلاث عشرة سنة. قال، قلتُ: فما كانَ كلامُ النّاس قبل ذلك يا أبا جعفر؟ قال: العبرانيّة. قال، قلت: فما كانَ كلامُ اللّه الّذي أنْزلَ على رُسُله وعباده في ذلك الزّمان؟ قال: العبرانيّة." (الطبقات الكبرى لابن سعد: ج 1، 50؛ أنظر أيضًا: الدر المنثور للسيوطي: ج 5، 517؛ الرد على الجهمية للدارمي: ج 1، 181).

    إذن، بحسب هذه الرواية، فقد كان كلام الله الأوّل الّذي أنزل على الرسل باللّسان العبراني. ليس هذا فحسب، بل وبحسب ما تذكره الرّوايات الإسلاميّة أيضًا، فقد كانت الكتابة العبريّة على ما يبدو، هي الأكثر شيوعًا في جزيرة العرب قبل الإسلام. فها هو ورقة بن نوفل كما دوّن لنا السّلف: "كان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب." (صحيح البخاري: ج 1، 5؛ أنظر أيضًا: البداية والنهاية لابن كثير: ج 3، 3؛ سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي: ج 1، 15؛ أحكام القرآن لابن عربي: ج 8، 86؛ الدر المنثور للسيوطي: ج 8، 561). بل يمكننا المضيّ قدمًا في القول أكثر من ذلك، حيث ذُكر أنّ التّفسير والترجمة أيضًا من العبرانية إلى العربية قد شاعا جدًّا في جزيرة العرب في بداية ظهور الإسلام، كما روي عن أبي هريرة، حيث قال: "كان أهلُ الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ويفسّرونها بالعربية لأهل الإسلام." (صحيح البخاري: ج 24، 425؛ أنظر أيضًا: سنن البيهقي: ج 2، 279؛ تفسير ابن كثير: ج1، 256؛ تفسير الثعالبي: ج 3، 193؛ تفسير القرطبي: ج 13، 351؛ جامع الأصول لابن الأثير: ج 1، 7792؛ جامع الأحاديث للسيوطي: ج 16، 194؛ فتح القدير للشوكاني: ج 1، 231).

    غنيّ عن القول إنّ علاقة الإسلام بأهل الكتاب وباليهوديّة في جزيرة العرب هي علاقة وثيقة جدًّا، كما تشهد عليها أيضًا كثرة السّور والآيات القرآنية، بالإضافة إلى الأحاديث النبويّة التي تتطرّق إلى بني إسرائيل وأهل الكتاب عامّة. لقد ذكر الرّواة أيضًا أنّ الرّسول ذاته قد حاول منذ بداية الدّعوة جاهدًا السّير على خطى اليهود واليهوديّة، ليس فيما يتعلّق بالإيمان التّوحيديّ فحسب، بل في الطّقوس والفرائض. فمن ذلك على سبيل المثال، ما يتعلّق بصوم عاشوراء وهو يوم الكفّارة، أي الغفران، فقد أخرج البخاري في الصّحيح عن ابن عبّاس، قال: "قدم النّبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصومُ يوم عاشوراء، فقال ما هذا، قالوا: هذا يومٌ صالحٌ، هذا يوم نجّى اللّه بني إسرائيل من عدوّهم، فصامَه موسى، فقال: أنا أحَقُّ بموسى منكم، فصامَه وأمرَ بصيامه". (صحيح البخاري: ج 2، 704؛ انظر أيضًا: مسند الصحابة: ج 27، 325؛ فتح الباري لابن حجر: ج 4، 247؛ عمدة القاري للعيني: ج 17، 144؛ كنز العمال للمتقي الهندي: ج 8، 575؛ اللؤلؤ والمرجان لعبد الباقي: ج 1، 331).

    وفي هذه المقالة أريد التوقّّف عند أحد المصطلحات المركزيّة في الثّقافة الإسلاميّة. إنّه مصطلح ذو أهميّة بالغة، فقد ورد في القرآن وفي الأحاديث النّبويّة، كما إنّه شائع على ألسن المؤمنين وكثيرًا ما يُستعمل في التلبيات والأدعية والصّلوات الإسلاميّة على مرّ العصور، وأعني به مصطلح "اللّهُمّ".

    في الظّاهر نرى أنّ المصطلح مركّب من الاسم "الله" وقد أضيفت إليه ميم مشدّدة في آخره، وهذه هي صيغة فريدة من نوعها واقتصرت في العربيّة على اسم الجلالة لا غير. لهذا السّبب فقد شغلت هذه الصيغة الفريدة والخاصّة بهذا الاسم بال المفسّرين واللّغويين منذ القدم. فقد أشار الطبري إلى هذه المسألة بالقول: "واختلف أهل العربية في نصب ميم (اللّهُمَّ)… وفي دخول الميم فيه، وهو في الأصل (الله) بغير ميم." (تفسير الطبري: ج 6، 295). ولو تتبّعنا أثر ما قاله الأقدمون في هذه المسألة، فإنّنا نرى أنّ ثمّة اختلافًا بيّنًا بينهم، فهنالك من قال إنّ الميم التي في آخر "اللّهمّ" هي بمنزلة "ياء" النّداء، وقد جاءت عوضًا عن هذه الياء التي طُرحت منه. وهنالك من قال إنّ معنى اللهمّ هو "يا أللّه أُمّنَا بخير"، أي أنّهم فسّروا ذلك بالقول، إنّ ميم اللّهمّ أصلها من "أُمَّ"، وبعدما أسقطت الهمزة انتقلت ضمّتها إلى الهاء في اللّه. لقد لخّص ابن منظور الكلام حول الخلاف في هذه القضيّة: "قال الفرّاء: معنى اللّهُمَّ: يا أللّه أُمَّ بخيرٍ. وقال الزّجّاج: هذا إقدام عظيم، لأنّ كلّ ما كان من هذا الهمز الّذي طُرح فأكثر الكلام الإتيان به، يُقال ويلُ أُمّه وويل أمّه، والأكثر إثبات الهمز… وقال الزّجّاج: وزعم الفرّاء أنّ الضّمّةَ، الّتي هي في الهاء، ضمّةُ الهمزة الّتي كانت في أُمّ. وهذا مُحالٌ أنْ يُترَك الضّمُّ الّذي هو دليل على نداء المُفرد، وأنْ يُجعلَ في اسم اللّه ضمّةُ أُمَّ، هذا إلحاد في اسم اللّه… قال أبو إسحق، وقال الخليل وسيبويه وجميع النّحويين الموثوق بعلمهم: اللّهمّ، بمعنى يا أللّه. وإنّ الميم المُشدّدة عوضٌ من يا." (لسان العرب: ج 13، 470؛ بغية التوسّع في هذا الخلاف الدّائر حول هذا المصطلح يمكن العودة إلى: تفسير الطبري: ج 6، 295-298؛ تفسير القرطبي: ج 4، 53-54؛ تفسير الرازي: ج 4، 159-160؛ تفسير النيسابوري: ج 2، 234).

    وهكذا، فنحن نقرأ ونسمع في هذه الروايات أصداء هذا الخلاف الّذي أثاره مصطلح "اللّهم" منذ القدم. غير أنّ حقيقة المصطلح هي شيء آخر مختلف تمامًا، على ما يبدو. ومن أجل الوقوف على هذه الحقيقة، حريّ بنا أن نقتفي أوّلاً أثر انتقال هذا المصطلح إلى العربيّة. إذ أنّ هذا الاقتفاء المُتّئِد سيضع في أيدينا مفتاحًا نستطيع بواسطته فتح مغاليق هذه المسألة.

    من الملاحظ أنّ الرّوايات العربيّة التي تتطرّق إلى مصطلح "اللهمّ" تحيلنا إلى كونه ذا علاقة وثيقة بالشّاعر أميّة بن أبي الصّلت بالذّات، حيث رُوي: "ويُقال إنّ أميّة قدَّمَ على أهل مكّة (باسْمِكَ اللّهُمَّ) فجعلوها في أوّل كُتبهم مكانَ (باسم اللّه الرّحمن الرّحيم)." (الأغاني للأصفهاني، ج 4، 130؛ أنظر أيضًا: مروج الذهب للمسعودي: ج 1، 25؛ صبح الأعشى للقلقشندي: ج 1، 480). وهكذا شاع استعمال هذه الصيغة لدى قريش في الحجاز في افتتاح الرسائل، حتّى إنّ الرسول ذاته قد افتتح رسائله بها: "وبلغنا أن رسول الله - صلعم - كتب في بدء الأمر على رسم قريش: (باسمك اللهم) حتى نزلت: وقال اركبوا فيها باسم الله فكتب: (بسم الله)، حتى نزلت: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان، فكتب: (بسم الله الرحمن)، حتى نزلت: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم، فكتب مثلها." (الكشف والبيان للثعلبي: ج 1، 16؛ أنظر أيضًا: صبح الأعشى للقلقشندي: ج 1، 480؛ المفصل لجواد علي: ج 1، 4889). فإذا كان أميّة بن أبي الصّلت هو الّذي أدخل هذا المصطلح إلى مكّة، على ما تفيد الرّوايات العربيّة، فمن أين استقى أميّة هذا المصطلح، وما هي مصادر ثقافته؟

    وللإجابة على ذلك، نعود مرّة أخرى إلى الرّوايات العربيّة للاستعانة بها. لقد أورد الأصفهاني حكاية الإتيان بهذا المصطلح من الشّام. فقد رُوي أنّ أميّة كان قد أخذه عن دَيّار في كنيسة في طريق عودة وفد ثقيف من الشّام في حكاية المرأة اليهوديّة المتمثّلة بعظاية التي نفّرت الإبل، حيث تضيف الرواية أنّ أميّة نزل على ديّار في كنيسة واستعان به، فأشار عليه الدّيّار أن يقول: "سبع من فوق وسبع من أسفل باسمك اللهم فلن تضرّكم."، وهكذا كان. وبعد عودتهم إلى مكّة "ذكروا لهم هذا الحديث فكان ذلك أوّل ما كتب أهل مكة باسمك اللهم في كتبهم." (الأغاني للأصفهاني، ج 4، 133-134). وبغضّ النّظر عن هذه الخرافة الشعبيّة، إلاّ أنّ الملاحظ فيها هي ارتباط شخوصها بأميّة بن أبي الصّلت، بامرأة يهوديّة متمثّلة خرافيًّا بعظاية، وبراهب أو كاهن في كنيسة. غير أنّ الزمخشري يضيف بشأن خلفيّة أميّة الثّقافيّة، حيث يذكر: "كان داهية من دواهي ثقيف… ولذلك درسَ الكتبَ، وكان طَلاّبةً للعلم عَلاّمةً، معروفًا بالجولان في البلاد، راويةً." (ربيع الأبرار للزمخشري: ج 1، 126)، وبراوية أخرى: "وكان أمية بن أبي الصلت قد قرأ الكتبَ واتّبعَ أهلَ الكتاب." (البدء والتاريخ لابن المطهر: ج 1، 103). ليس هذا فحسب، بل إنّ أميّة هذا قد بلغ من علم أهل الكتاب مبلغًا كبيرًا: "وكان بعض العلماء يقول: لولا النبيّ - صلعم - لادّعت ثقيف أن أمية نبيّ، لأنه قد دارسَ النصارى وقرأ معهم، ودارسَ اليهودَ، وكلَّ الكتب قَرأ." (الاشتقاق لابن دريد: ج 1، 97؛ أنظر أيضًا: البدء والتاريخ لابن المظهر: ج 1، 103). بل وأكثر من ذلك، فهنالك روايات تذهب أبعد من ذلك حول الخلفيّة الدينيّة الّتي نشأ فيها أميّة بن أبي الصّلت، حيث تذكر هذه الروايات إنّه كان من ينتمي إلى طائفة من اليهود الّذين تنصّروا: "وزعم الكلاباذي أنّه كان يهوديًّا." (فتح الباري لابن حجر: ج 11، 158؛ أنظر أيضًا: فيض القدير للمناوي: ج 1، 57).

    وعلى ما يبدو، فقد كان هذا هو السّبب وراء عدم احتجاج العلماء بشعر أميّة، كما روى الأصفهاني: "عن عبد الله بن مسلم، قال: كان أميّة بن أبي الصّلت قد قرأ كتاب الله عزّ وجلّ الأوّل، فكان يأتي في شعره بأشياء لا تعرفُها العربُ…، وقال ابن قتيبة: وعلماؤنا لا يحتجّون بشيء من شعره لهذه العلّة." (الأغاني للأصفهاني: ج 4، 128-129). فما معنى القول، إنّ أمية كان يأتي في شعره بأشياء لا تفهمها العرب؟ والجواب على ذلك واضح، ويمكن اختصاره في أنّه كان يأتي بمفردات ومصطلحات من أصول غير عربيّة، وعلى وجه الخصوص من الأصول التي كان قرأها في "كتاب اللّه عزّ وجلّ الأوّل"، أي من كتاب أهل الكتاب، وهو التّوراة المكتوبة باللّغة العبريّة. كما إنّ مقولة "عدم احتجاج العلماء بشعره" مردّها إلى هذا السّبب. ولهذا السّبب بالذّات فقد احتار القدماء واختلفوا بشأن مصطلح "اللهم" الّذي أدخله أمية بن أبي الصّلت إلى مكّة، فطفق أهل اللّغة يبحثون عن تعليل لهذه الصّيغة الشّائعة والفريدة.

    والحقيقة هي أنّهم لو كانوا يعرفون اللّغة العبريّة، لهان الأمر عليهم كثيرًا. ولكي لا أبقي مجالاً للشكّ في ما أرمي إليه من أنّ هذه المفردة هي مفردة عبريّة، دعونا نذهب ونقرأ ما ذكره سيبويه بشأن "اللّهمّ"، فقد أشار إليها سيبويه في كتابه: "وقال الخليل رحمه اللّه: اللّهمّ نداء والميمُ هاهنا بدلٌ من يا، فهي هاهنا فيما زعم الخليل رحمه اللّه آخر الكلمة بمنزلة يا في أوّلها. إلاّ أنّ الميم ها هنا في الكلمة، كما أنّ نون المسلمين في الكلمة، بُنيت عليها." (الكتاب لسيبويه: ج2، 196-197). لقد ذكر الفرّاء أيضًا أنّ الميم في آخر الاسم قد تأتي مخفّفة بغير شدّة: "وقد كثرت اللهم في الكلام حتى خُفّفت ميمها في بعض اللغات." (معاني القرآن للفراء: ج 1، 184)، كما أشار ابن منظور إلى أنّ الأصل في ميم "اللهم" هو التسكين لا التّحريك: "والميمُ مفتوحةٌ لسُكُونها وسُكُون الميم قبلها." (لسان العرب: ج 13، 470).

    إذن، المفتاح الّذي نفتح به مغاليق هذا المصطلح هو في هذه الإشارات إلى الميم المضافة في آخر "اللهم"، بدءًا بما ذكره سيبويه بشأنها، حيث قال: "إلاّ أنّ الميم، ها هنا في الكلمة، كما أنّ نون المسلمين في الكلمة، بُنيت عليها". فما هي نون المسلمين هذه؟ هذه النّون، كما يعلم الجميع، هي نون جمع التّسليم في العربيّة، وهي نون مبنيّة. إذن، فالميم في مصطلح "اللهم" هي ميم مبنيّة شبيهة بنون المسلمين، أي هذه النّون الّتي تفيد الجمع في العربيّة. ومثلما أنّ نون المسلمين تفيد جمع المسلم في العربية، كذا هي الحال مع هذه الميم بالذّات في "اللهم"، فهي أيضًا ما يفيد الجمع، لكن في اللّغة العبريّة بالذّات. فعلى سبيل المثال، كلمة يهودي تُجمع في العبريّة: يهوديم، وكلمة عربي تُجمع: عربيم، وسعودي تُجمع: سعوديم، وعراقي تجمع: عراقيم، وكذا هي الحال أيضًا في جمع إله في العبريّة، حيث تُجمع وتُكتب: "إلهيم" (بالحرف العبري = and#1488;and#1500;and#1492;and#1497;and#1501;) وتلفظ إيلوهيم، أيضًا بتخفيف وتسكين الميم في هذا الاسم في الأصل العبراني.

    من هنا نصل إلى الاستنتاج الّذي لا مفرّ منه وهو أنّه وبعد أن أدخل أميّة بن أبي الصّلت، اليهودي الأصل الّذي "قرأ كتاب الله عزّ وجلّ الأوّل" بحسب الرواية الإسلاميّة، ومن كثرة استعمال كلمة "إلهيم" العبريّة في جزيرة العرب، فقد بقي هذا الاسم العبراني على ما هو عليه، عبرانيًّا في نطقه، أي "إلهيم" بصيغة الجمع العبريّة. ثمّ تحوّل مع مرور الزّمن حتّى رسا الاسم على هذه الصّورة "اللّهم" في العربيّة، وبقيت معه ميم الجمع العبريّة شاهدةً بالتّسكين والتّخفيف، لغةً ونطقًا، على أصله العبراني.

    وخلاصة القول أنّ تعبير "اللهم" في العربيّة هو ذاته "إلهيم" في العبريّة، بتصحيف وتحريف خفيف. لكن، ونظرًا لغرابة هذه الصيغة الفريدة المقتصرة على اسم الجلالة، فقد اختلف أهل التّفسير واللّغة فيه. وهكذا يمكننا القول، مرّة أخرى، إنّهم لو كانوا على علم باللغة العبريّة لكان أمر المصطلح "اللهم" (= إلهيم) جليًّا واضحًا، ولما كان التبس عليهم إلى هذا الحدّ.
                  

03-01-2014, 02:55 PM

عبداللطيف حسن علي
<aعبداللطيف حسن علي
تاريخ التسجيل: 04-21-2008
مجموع المشاركات: 5454

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إنت الخلقك منو ؟! (Re: عبداللطيف حسن علي)

    تبقت لي مداخلة او اثنتين ، سأحاول الاستفادة منهما !

    كلمة (ايل) وهو رئيس الالهة ، التي تطورت الي اله ثم الله من الديانات

    الوثنية الي اليهودية وغيرها ...وهي كلمة وردت في الاساطير الكنعانية القديمة

    السابقة علي الاديان

    ننظر في وكيبيديا هنا :

    http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D9%84_%28%D8%A5%D9%84%D9%87%29

    ويشار الي كلمة ايل التي وردت في القرءان باللفظ (الا) كما في سورة التوبة:

    ورد ذكر إل في القرآن الكريم في قوله تعالى : " كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) التوبة.

    عن مجاهد وابن عباس : " الإل " : القرابة . وقال قتادة : " الإل " : الحلف. وكذا قال الضحاك والسدي ، كما قال تميم بن مقبل:-

    أفسد الناس خلوف خلفوا قطعوا الإل وأعراق الرحم

    وقال حسان بن ثابت - - :

    وتمت الاشارة الي وجودها في نهاية اسماء الملائكة ، اسراف(يل) جبرائ(ئيل) ، ميكائ(يل) الخ

    وفسروها بمعني عبد وعبيد(تصغير عبد) اي المملوك للاله ايل ...

    ــــــــــــــــــــ

    لسَّادِسَة : مِيكَاءَل , كَمَا يُقَال ( إِسْرَاءَل بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَة ) , وَهُوَ اِسْم أَعْجَمِيّ فَلِذَلِكَ لَمْ يَنْصَرِف . وَذَكَرَ اِبْن عَبَّاس أَنَّ جَبْر وَمِيكَا وَإِسْرَاف هِيَ كُلّهَا بِالْأَعْجَمِيَّةِ بِمَعْنَى : عَبْد وَمَمْلُوك . وَإِيل : اِسْم اللَّه تَعَالَى , وَمِنْهُ قَوْل أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حِين سَمِعَ سَجْع مُسَيْلِمَة : هَذَا كَلَام لَمْ يَخْرُج مِنْ إِلّ , وَفِي التَّنْزِيل : " لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِن إِلًّا وَلَا ذِمَّة " فِي أَحَد التَّأْوِيلَيْنِ , وَسَيَأْتِي . قَالَ الْمَاوَرْدِيّ : إِنَّ جِبْرِيل وَمِيكَائِيل اِسْمَانِ , أَحَدهمَا عَبْد اللَّه , وَالْآخَر عُبَيْد اللَّه ; لِأَنَّ إِيل هُوَ اللَّه تَعَالَى , وَجَبْر هُوَ عَبْد , وَمِيكَا هُوَ عُبَيْد , فَكَأَنَّ جِبْرِيل عَبْد اللَّه , وَمِيكَائِيل عُبَيْد اللَّه , هَذَا قَوْل اِبْن عَبَّاس , وَلَيْسَ لَهُ فِي الْمُفَسِّرِينَ مُخَالِف .
    http://www.alzakera.eu/music/religon/religon-0010-1.htm

    وبخصوص الكنعانيين وآلهتهم، فإن الإله (أيل) يوضع عادة في رأس القائمة، وهو رئيس مجمع الآلهة، أي كبيرها. ويوصف عادة بأنه رب السموات والأرض وبقية المخلوقات. إنه أيضا المتعالي، الذي يحتجب فوق كرسيه في السماء السابعة. وقد انتشرت عبادته بين مختلف عشائر الكنعانيين، ابتداء من الألف الثالثة قبل الميلاد. وهناك أيضا ضمن المجمع الإلهي، الإلهة أشيرة أو عشيرة أو شعيرة، وهي الأم الكبرى، وزوجة أيل، وترمز للخصب والعطاء. أيضا هناك الإلهة عناة، التي هي ابنة أيل، وتلقب بالعذراء تارة، وبالخطّابة-التي تخطب الفتيان والفتيات بعضهم للبعض الآخر- تارة أخرى. وهي إلهة الحب التي يقوم على أك########ا الحفاظ على الأسرة الكنعانية، وهي التي تحافظ على الأخلاق بصورة عامة. وهناك الإله بعل، الذي هو رب المطر والسحاب والصواعق ، وهو سيد الزراعة الذي يحارب بضراوة. وإلى جانب هؤلاء هناك آلهة أخرى عديدة. والكنعانيون إجمالا سبقوا أمم العالم طرا في نشر أرقى ديانات الأمم السامية الوثنية، لذلك كان تأثيرهم الديني لا يقل عن تأثيرهم العلمي والصناعي. ويأخذ الدكتور أحمد سوسه عن الشيخ نسيب الخازن قوله: لم تكن أخلاق الكنعانيين مهيأة للغزو والتقتيل، فقد كانت ديانتهم وملامحهم وآدابهم تدور حول أبوة الواحد (أيل) الذي يوصف غالبا بالخالق الجبار.
    وتكمن أهمية الديانة الكنعانية كذلك، في أنها جاءت كأساس للاهوت التوحيدي الذي وصلنا مع الديانات السماوية الثلاث.


    الحياة سارت متطورة ومتناغمة شيئا فشيئا ، لكننا لانري كل ذلك :

    استخدم اللفظ (ا ل) "إيل" في الأكادية والكنعانية بمعنى الإله أو السيد، وإن كان يرجح أصل الكلمة بمعنى القدير أو القوي، وتؤنث (ا ل ت) لات "إيلة"

    إلا أنه أكثر ما ستخدم في اللغة الكنعانية بحيث استخدم أيضاً كاسم علم لإله محدد هو (ا ل اب ا ل ي م ) بمعنى إيل أبو الآلهة، في بانثيون (مجمع الآلهة) أوگاريت

    أما عن الصيغة التي ورد بها هذا الفظ في كتاب المسلمين- وهي اسم كما في الحالة الأوگاريتية- فهي على الأرجح تطوير عن الصيغة الآرامية لكلمة ( ا ل هـ ) التي تعني إله (صفة وليس اسماً) كما ترد في التناخ : سفر دانيال and#1488;and#1457;and#1500;and#1464;and#1492;and#1468; and#1513;and#1473;and#1456;and#1502;and#1463;and#1497;and#1468;and#1464;and#1488; (ا ل هـ ش م ي م) إله السموات

    ومن أقدم الأدلة على ذلك في العربة، ما ورد في نقوش روافه ( 75 كم جنوب تبوك ) حيث ينص أحد النقوش الذي كتب بمناسبة تشييد الرومان لمعبد بالتعاون مع (ش ر ك ت ث م و د ي) "حلف الثمودين" بين سنتي 166- 169 م، أن الكاهن (ش ع د ت) كرس المعبد باسم( ا ل هـ ا)
    بمعنى أن اللفظة "القرآنية" استخدمت الشكل الآرامي للفظ (صفة) بالهاء المضافة، لكن بالمعنى الكنعاني (اسم)

    أما ما هو مدهش بالفعل فهو ورود لفظة and#1488;and#1457;and#1500;and#1465;and#1492;and#1460;and#1497;and#1501; (ا ل هـ ي م) وهي صيغة الجمع في الكنعانية في القرآن على شكل "اللهم" التي حار المفسرون المسلمون بشرحها كالعادة

    بسفر التكوين وفي الاصحاح السادس عشر تحديداً نجد:

    16: 11 و قال لها ملاك الرب ها انت حبلى فتلدين ابنا و تدعين اسمه اسماعيل لان الرب قد سمع لمذلتك


    16: 13 فدعت اسم الرب الذي تكلم معها انت إيل رئي لانها قالت اههنا ايضا رايت بعد رؤية

    ذن ، من بين كل العدد الهائل من اسماء الآلهة المشرقية، يمكن تمييز ثلاثة اسماء كبرى فاعلة وحاسمة في الوجود : (ايل) رب السماء والاله الاكبر والحاكم الكلي، ثم (تموز او بعل) رسول السماء واله الذكورة ومخصب الحياة ، ثم (عشتار) الهة الانوثة والامومة والطبيعة والحياة والمشاعر. ان هذا الثلاثي الالهي نجده في كل ديانات الهلال الخصيب، مع اختلاف الاسماء ، حسب اختلاف المناطق والدول والسلالات. بل حتى في مصر التي كانت حضارتها متداخلة الى حد بعيد مع حضارة الكنعانيين خصوصا ثم العراقيين، فأنها في القرون الأخيرة قد كونت ثلاثيها الالهي : جب (الاب ) واوزيريس (الابن) وايزيس (اخته وزوجته).


    ثم انتقل هذا الثلاثي (جب (الاب ) واوزيريس (الابن) وايزيس (اخته وزوجته).الي عقيدة المسيحية (التثليث)



    بعد سقطة الروح القدس رمز الأم والانوثة والحياة تلقفها البدن رمز الشر والكثافة وملذات الحياة ومغرياتها ( الشيطان) من اجل منعها من العودة الى سماء الانوار رمز الاب والرب . لهذا فأن الله الأب يبعث ابنه أي بعض من روحه ونوره ليتجسد على الارض ويفدي نفسه من اجل التعويض عن خطايا البشر وخلاصهم من هيمنة قوى المادة والشر وعودتهم الى عالم النور والجنة ملكوت الله . وهذا بالضبط اساس التثليث في المسيحية الاب ، والابن عيسى ، وروح القدس الأم مريم . وهذا التثليث العرفاني المسيحي هو وريث للتثليث الكنعاني ـ العراقي المعروف : الأله الاكبر (ايل او مردوخ ) ، والابن (تموز او بعل ) ، والأم روح الخصب والانوثة (عشتار او عنات) . اسطورة موت تموز في موسم الصيف والقحط ثم عودته من جديد بواسطة عشتار الى الحياة في الربيع ، لا تختلف عن الرؤية العرفانية المسيحية عن صلب المسيح وانبعاثه. ليس صدفة ابدا ان الاحتفال بيوم (قيامة المسيح) يتم في اول الربيع في نهاية نيسان ، حيث ضل اهل الشام والعراق يحتفلون خلال آلاف الاعوام بعودة تموز جالبا الخصب والربيع في اول نيسان ( الذي يصادف حسب التقويم العراقي في 21 آذار الحالي)، وهو نفس عيد الفصح أي عندما تفصح وتضيء الحياة في الربيع. لقد انتقل عيد انبعاث تموز الربيعي المشرقي الى الشعوب المجاورة بأسم عيد نيروز (بعد الأحتلال الأيراني للعراق).


    ونقرأ هنا عن ما تشير اليه اسماء الملائكة :

    عمانوئيل: ورد اسم عمانوئيل في سفر أشعيا كما في إنجيل لوقا كاسم علم للمخلّص, و اسم عمانوئيل اسم سرياني عبري مركّب من مقطعين ( عمانو إيل) عمانو بمعنى معنا أو الذي معنا, و الشبه واضح هنا بين العربية و السريانية, أما إيل فهي اسم الله , بالتالي يكون معنى الكلمة (الله معنا).

    صموئيل: اسم من العهد القديم مركب من كلمتين( سمع إيل) بمعنى "سمع الله" لأنه جاء بعد زمان و بعد أن توسلت أمه حنة إلى الله لأجل أن يرزقها ولداً.

    نثنائيل: اسم علم معروف بين السريان و العبرانيين, مركب من كلمتين(ناثان إيل) و ناثان هي بمعنى أعطى أو منح , أي أن معنى الاسم هو "عطية الله" أو "الله أعطى"

    إليصابات: اسم شائع في زمن العهد الجديد مركّب من مقطعين ( إيل صابات) أي عابدة الله أو المكرّسة لله.

    جبرائيل: اسم علم مركب من كلمتين ( جبروت إيل) أي قوة الله أو سلطة الله.



    وكذلك :

    ميخائيل : اسم مركب من كلمتين ( ميخ إيل) أي : من مثل الله؟؟ أو من كالرب؟؟



    روفائيل: اسم مركبة من كلمتين ( روفة إيل) أي رأفة الله أو شفاء الله.

    بيت إيل

    بالعبرية بيت الله أما اسمها الحالي بالعربية فهو بيتين
    تقع بيتين على بعد and#1633;and#1640; كم شمال شرق القدس خارج أهم طرق الاتصال على الشارع الذي ينحدر من أطراف يهودا والسامرة بين نابلس والقدس.تل بيت إيل الكتابي يقع على هضبة صخرية شبه قاحلة. على بعد and#1640;and#1632;and#1632; متر تقريبا من القرية الحالية نحو الشرق، وفيها آثار برج قديم.

    كانت البلدة في القديم مكانا هاما للعبادة الكنعانية (تك and#1634;and#1640;، and#1633;and#1641;).
    الألف الثالث والثاني ق.م. تم الاستيطان في الموقع بسبب موقعه الاستراتيجي.


    ونقرا عن ايل وكيف تبنته اليهودية علي دفعتين :

    التوراة تبنت الإله إيل في نصوصها التي كتبت أولاً
    و هو الإله الكنعاني نفسه حيث ورد بصيغة الجمع إيلوهيم ثم تحول فيما بعد
    إلى يهوه في النصوص التوراتية التي كتبت لاحقاً في مملكة يهوذا
    في القرن السابع قبل الميلاد. حيث كان مركز تعبدها هيكل سليمان في أورشليم.
    بينما بقيت مملكة إسرائيل الشمالية و التي تضم عشرة أسباط تتعبد لإيل في
    معبدها المركزي في بيت إيل وكان هذا أحد أسباب الخلاف الدائم بين المملكتين.
    و الطريف أن يهوه أيضاً تزوج الإلهة عشيرة الكنعانية (زوجة إيل)
    و هذا ما أكدته الكشوفات الآثارية الحديثة من قبل الإسرائيليين حيث لم يرد إسم
    يهوه إلآ مقروناً بإسم زوجته عشيرة. على عكس التوراة التي إعتبرتها
    رمز الوثنية و حرمت عبادتها.
    وهذا يدل على عدم تمايز بني إسرائيل عن ثقافة و ديانة محيطهم الكنعاني


    وننتقل الي ارض الرافدين :


    بابل = باب إيل!!

    بابل
    عاصمة ثاني أقدم حضارة في التاريخ:

    عاصمة المملكة البابلية لإمبراطوريتين بابليتين
    كان السومريون أقدم سكان بلاد بابل
    بابل مدينة قديمة بأرض الرافدين،أي نهر دجلة والفرات.
    قد ورد ذكرها في القرآن الكريم " وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت"
    كانت المدينة مركزًا دينيًّا وتجاريا لبلاد بابل.
    كلمة "بابل" في اللغة الأكادية تعني "باب الإله"
    قد سماها الأقدمون بعدة أسماء منها "بابلونيا"، أرض بابل ما بين النهرين وبلاد الرافدين.
    صارت بابل بعد سقوط سومر قاعدة إمبراطورية بابل ، وقد أنشأها حمورابي حوالي 2100ق.م ، امتدت من الخليج العربي جنوبًا إلي نهر دجلة شمالا.
    - وقد دام حكم حمورابي 43 عامًا ازدهرت فيها الحضارات البابلية حيث يعد عصره العصر الذهبي للبلاد العراقية


    كل شئ كان وثنيا بحتا ، لننظر الي ايل وطول قضيبه في الحضارة الكنعانية من خلال هذه الترنيمة :





    هذه الترنيمة الدينية الكنعانية التي تتغنى بقوة إيل الجنسية عند جماعه بالنساء الفانيات, وإيلامه لزوجتيه
    وجدت هذه الترنيمة في أوغاريت في سوريا, مكتوبة على الألواح الطينية بأبجدية أوزغاريت المسمارية

    "طويل هو قضيب أيل مثل ذلك الذي لبحر
    قضيب إيل مثل ذلك الذي لفيضان...
    يثني إيل رمحه/قوسه,
    هو يسحب رمحه العظيم...
    إيل يغوي زوجتيه,
    عجبا! الامرأتان تبكيان:
    يا زوج! يا زوج! ممتد هو رمحك/قوسك,
    مسحوب هو رمحك العظيم ...
    الامرأتان هما زوجتا إيل (الآن)...
    الاثنتان تتعنيان وتن########..."



    نواصل !
                  

03-01-2014, 06:47 PM

مجدى محمد عبد الله
<aمجدى محمد عبد الله
تاريخ التسجيل: 01-09-2013
مجموع المشاركات: 563

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إنت الخلقك منو ؟! (Re: عبداللطيف حسن علي)


    اخونا عبد اللطيف حسن على

    كدي خلينا في المداخلة الاولى

    Quote:

    لايمكن صناعة شئ من خارج مادة الطبيعة



    لماذا؟

    Quote:

    ولان الانسان يفكر في الضد بمقارنته بما هو موجود

    تبدت له مفاهيم جديدة مجردة لكنها مبنية من مفاهيم موجودة لديه ، فكانت كلمة الخلق والعدم مضادان

    لكلمتي يصنع وكلمة الوجود


    العدم نقيض الوجود ماضد الوجود

    Quote: النقيضان: لا يجتمعان في محل ولا يخلو منهما محل.

    الضدان: لا يجتمعان في محل ولكن قد يخلو منهما المحل.

    مثال النقيضين: الموت والحياة، فلا يمكن أن يكون إنسان حياً وميتاً في نفس الوقت، كما لا يمكن ألا يكون حياً ولا ميتاً.

    مثال الضدين: المشي والجري، فلا يمكن أن يجري الإنسان ويمشي في نفس الوقت، فهو إما أن يجري أو يمشي،،، لكن يُمكن أن لا يكون الإنسان جارياً ولا ماشياً، فقد يكون مهرولاً مثلاً.



    كيف ادركت العدم
                  

03-01-2014, 08:44 PM

عبداللطيف حسن علي
<aعبداللطيف حسن علي
تاريخ التسجيل: 04-21-2008
مجموع المشاركات: 5454

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إنت الخلقك منو ؟! (Re: مجدى محمد عبد الله)

    مجدى محمد عبد الله

    كثيرا ما اكتب ردا طويلا ، يقابله سيستم بكري بانك قد استنفذت كوتك لهذا اليوم

    واكون كتبت احسن ما عندي ، ومع ذلك انتظر غدا !!!!!!!!!!!!!!!!!!


    لا ادري إن كانت هذه مداخلتي الاخيرة ام لا ، علي العموم اشكرك جدا

    واعتبر ان المدعويين ، كانوا جبناء ، كما عهدناهم في الثورة علي الانقاذ ؟!
                  

03-01-2014, 09:07 PM

عبداللطيف حسن علي
<aعبداللطيف حسن علي
تاريخ التسجيل: 04-21-2008
مجموع المشاركات: 5454

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إنت الخلقك منو ؟! (Re: عبداللطيف حسن علي)

    الكيزان يعرفون كل ماكتب اعلاه ، ولذلك هم اخبث البشر ، ولاداعي للنقاش معهم !
                  

03-02-2014, 09:09 AM

عبداللطيف حسن علي
<aعبداللطيف حسن علي
تاريخ التسجيل: 04-21-2008
مجموع المشاركات: 5454

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إنت الخلقك منو ؟! (Re: مجدى محمد عبد الله)

    Quote: كدي خلينا في المداخلة الاولى

    Quote:

    لايمكن صناعة شئ من خارج مادة الطبيعة



    لماذا؟


    اذا اردت صناعة سيارة فانت تحتاج للحديد والمسامير

    والفرشات الخ وكلها من مواد الطبيعة ولن تجلب شيئا

    من خارجها ، حتي الزيوت والشحم والبنزين الخ

    وبما ان الانسان يعرف الصناعة بمعني خلق شئ جديد

    فكان السبب والعلة ، وعليه تم القياس بضرورة وجود خالق

    للانسان والكائنات ، ولكنك اذا نظرت الي كل ماصنعه الانسان

    من حضارة لن تجد شيئا من خارج الطبيعة ، اي اذا كان الصانع

    يصنع من مادة الطبيعة فهو لم يخلق شيئا جديدا ، فما الذي دعاه الي

    التفكير في صانع يصنع من العدم ، وكيف نشات فكرة العدم إن لم تكن

    بالتفكير في نقيض الوجود ، السمكة في البحر يقال انها لاتعرف البحر

    الا عند مقارنته بشئ غيره ، وهكذا كثير من المفردات تم استنباطها

    بالقياس علي موجود ....

    لاداعي للخلاف اللغوي حول ضد ونقيض ، الانسان عرف التجريد

    اللغوي بتكوين صور للموجودات ، صور ذهنية ، واحتاج لمفردات الربط اللغوي

    مع تطور حاجياته ، فامكنه بذاك استنباط مفردات لامقابل لها في الطبيعة لان

    البناء الفوقي الفكري يستطيع ان يكون مستقلا في مرحلة معينة من سيرورة التفكير
                  

03-02-2014, 07:02 AM

HAIDER ALZAIN
<aHAIDER ALZAIN
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 22434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إنت الخلقك منو ؟! (Re: عبداللطيف حسن علي)

    ****
                  

03-02-2014, 07:07 AM

HAIDER ALZAIN
<aHAIDER ALZAIN
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 22434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إنت الخلقك منو ؟! (Re: HAIDER ALZAIN)

    أزيك يا عبد اللطيف وسلامات للعودة للتفكير المقروء عبر المنبر العام..


    لو سمحت لي بس في حتة انا مافهمتها ببداية تفكيرك دا انت قلت :

    Quote: هي كلمة بشرية ، لان الانسان يصنع من مواد داخل الطبيعة اشياء جديدة ، لكنها من مادة الطبيعة

    لايمكن صناعة شئ من خارج مادة الطبيعة


    الانسان اساساً مصنوع من شنو موجود داخل الطبيعة..
    يعني انا لو مسكت الانسان دا وفرتكتو لعناصره الاوليـة حا القاهو بيتكون من ياتو مواد اجدها متوافرة بالطبيعة..


    مع تحياتي لك مرة تانية
                  

03-02-2014, 09:32 AM

عبداللطيف حسن علي
<aعبداللطيف حسن علي
تاريخ التسجيل: 04-21-2008
مجموع المشاركات: 5454

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إنت الخلقك منو ؟! (Re: HAIDER ALZAIN)

    Quote: الانسان اساساً مصنوع من شنو موجود داخل الطبيعة..
    يعني انا لو مسكت الانسان دا وفرتكتو لعناصره الاوليـة حا القاهو بيتكون من ياتو مواد اجدها متوافرة بالطبيعة..



    سلامات يازين ، طولنا من مناقشاتك السمحة ديك ...

    اكبر اشكالية هي اين ظهرت الخلية الاولي ، هل في البر ، من الطين ، داخل البحر

    ام جاءت من الفضاء الخارجي

    العلماء رجحوا انها ظهرت داخل المحيطات في مكان بركاني :

    http://www.alzakera.eu/music/vetenskap/Biologia/bio-0262.htm

    وعلي العموم بما ان الكائن يتحلل بعد الموت الي عناصره الاولية فهذا يعني انه

    ابن الطبيعة ، لاحظ الانسان ذلك منذ اقدم السنين ، وانتقل المفهوم الي الديانات

    وتكمن الصعوبة في كيفية نشؤء البروتين النووي والحمض النووي وحفظه

    لمعلومات الخلية والقيام بكل الانشطة الضرورية ، قال ريتشارد داوكينز ان 17

    مليار سنة كافية لتفسير ذلك ! وقال استيفن هوكينز ان توالد العناصر الكيميائية

    بالاندماج النووي يصف اننا مخلوقين من مادة النجوم ! وقالوا وجود الكربون والماء

    كاساس لتكوين كل الكائنات الحية يفسر ذلك ، مدهش هو الكون وقوانينه القابلة

    للتفسير ، الشئ الذي يجعل من وجود خالق امر ضروري ! لكنه خالق اخر غير

    الموجود في الاديان ، لانه موجود علي صورة الانسان ، وبديهي لو ان الحيوانات

    صاغت لنفسها اله ، لكان حتما عليها ، ان تصيغه علي صورتها !

    من قبل تناقشت مع تبارك شيخ الدين وقلت له الاديان لم تجب علي سؤال الروح

    واكتفت بانها من امر ربي ، بما يعني ان الاله يقول : يسالونك ماهي الروح ،

    قل لهم من امر ربي ، اي الاله لايريد ان يكشف لنا ماهي ، هل هذه اجابة ؟!

    فاجتهدت بطريقة لاتخلوا من طرافة لوحدي وقلت له الروح هي المواد الكيميائية

    التي تظهر وتختفي للقيام بعمل مؤقت داخل الجسم ، ووتصنع اثناء الحوجة لها داخل

    الجسم وتختفي بمجرد انجاز مهمتها !! حاول شرودنقر الاستفادة من تجربة القطة

    مع المواد المشعة القاتلة ، الاشعة تنساب ببطء شديد حسب اعمار نصفها ، ومع ذلك

    لم يجد اللحظة التي يكون فيها القط بين الحياة والموت ، لتفسير الية عمل الروح !!
                  

03-03-2014, 10:35 AM

HAIDER ALZAIN
<aHAIDER ALZAIN
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 22434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إنت الخلقك منو ؟! (Re: عبداللطيف حسن علي)

    سلامات عزيزي عبد اللطيف ومشتاقين .. انا ملاحظ انك انت الغبت بل اختفيت زمن..

    انا سؤالي السابق عشان اسالك اذا اقتنعت بوجود " روح " هي الفاصلة بين عناصر الانسان الاولية كمواد بالطبيعة وبين كونو كائن حي
    انه اذا ردينا الانسان لعناصره الاولية حانلقي الروح في ياتو شكل ؟

    الكلام دا في حالة انك تكون معترف بالروح..


    شاكر ترحيبك
                  

03-04-2014, 08:23 AM

ALWALEED ALSHEIKH
<aALWALEED ALSHEIKH
تاريخ التسجيل: 01-11-2013
مجموع المشاركات: 884

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إنت الخلقك منو ؟! (Re: HAIDER ALZAIN)

    Quote: مدهش هو الكون وقوانينه القابلة

    للتفسير ، الشئ الذي يجعل من وجود خالق امر ضروري ! لكنه خالق اخر غير

    الموجود في الاديان ، لانه موجود علي صورة الانسان

    الأخ عبداللطيف لك التحية
    هل من تفصيل أو شرح أكثر لصفات و مواصفات هذا الخالق الآخر الغير موجود في الأديان.
    مع الشكر الجزيل.
                  

03-05-2014, 11:00 AM

عبداللطيف حسن علي
<aعبداللطيف حسن علي
تاريخ التسجيل: 04-21-2008
مجموع المشاركات: 5454

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إنت الخلقك منو ؟! (Re: ALWALEED ALSHEIKH)

    Quote: الأخ عبداللطيف لك التحية
    هل من تفصيل أو شرح أكثر لصفات و مواصفات هذا الخالق الآخر الغير موجود في الأديان.
    مع الشكر الجزيل.


    سلامات ياوليد

    اله الاديان ، اوضحنا انه تطور لكلمة ايل ، مجمع رئيس الالهة الوثنية ، وهو تمت

    صياغته علي صورة الانسان ، فكان شبيها بالانسان ، يفرح ويغضب ويعاقب ويقدم

    الحوافز لمن يطيعوه الخ ، ومن الواضح ان الاله بهذا المفهوم ليس سوي انسان كبير

    ملك ملوك مهاب الخ ...

    نحتاج لمعرفة جديدة عن اله لايشغل جل وقته بالانسان ويسعي للتمجيد بواسطة الانسان

    هذا الكائن القابع في الارض التي هي اصغر من الالكترون بالنسبة للكون اللانهائي

    في ابعاده ومكوناته واسراره الفائقة الدهشة !

    فالاله المقصود خارج عن التصور الانساني لدينا وغير محدود في تصوراتنا الخاصة

    لذلك لاتسالني عن صفاته ومواصفاته ، لانه خارج عن نطاق تفكيرنا بالضرورة وقد

    يكون في تفكيري الشخصي (والذي هو مجرد تصور انساني برضو!) هو مجموع

    الكون بكلياته وفراغاته الخ ، رغم ان بعض الفلاسفة يقولون لايجب ان يكون الاله

    داخل كوننا ، وإلا جرت عليه قوانين الكون نفسه ! والله اعلم !

    لست بصدد تحديد ماهية الله ، وانما تتبع اراء الباحثين المتخصصين في هذا المجال

    وهي ابحاث علمية ذات مصداقية بالطبع !
                  

03-05-2014, 10:46 AM

عبداللطيف حسن علي
<aعبداللطيف حسن علي
تاريخ التسجيل: 04-21-2008
مجموع المشاركات: 5454

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إنت الخلقك منو ؟! (Re: HAIDER ALZAIN)

    Quote: انه اذا ردينا الانسان لعناصره الاولية حانلقي الروح في ياتو شكل ؟

    الكلام دا في حالة انك تكون معترف بالروح..


    الروح طاقة من نوع خاص ، مثلا نحن نعرف ATP وال ADP كناقلات للطاقة

    داخل الخلايا ، بموت الانسان تتوقف هذه الناقلات عن العمل، الروح مفهوم قديم

    ابتدعه الانسان الاول او البدائي او مجموع كل ذلك في الاديان ...

    لم يعد هذا المفهوم صحيحا باطلاقه ، كما ان تصور الاله الانساني في الاديان

    لم يعد صحيحا باطلاقه ...

    هل الروح شيئا واحدا ام شئ متجزئ ، لان الكائن لايموت دفعة واحدة ، وانما

    يموت علي مراحل ، تموت اجزاء وتبقي اجزاء اخري فيه حية ، يوجد ذلك

    في كل الكائنات الحية وليس الانسان وحده ، بل يوجد في ابسط خلية حية ...

    هذه العملية مزدوجة البناء والهدم وتجري معا في اي وقت من اوقات الكائن الحي

    ####bolism وال anabolism ومن خلال الانزيمات والمواد البروتينية

    التي يمكن صناعتها في المعمل ، اي بدون روح !

    الطب اليوم يقوم بنقل اعضاء من كائن الي اخر ، او نقل عضو من كائن ميت

    الي كائن حي ، فلماذا يعمل عضو الكائن الميت في الكائن الحي ، لان الروح ليست

    شيئا واحدا ، انما هي سلسلة التفاعلات الكيميائية التي تجري في جسم الكائن الحي

    وقد يموت بعضها ويبقي البعض الاخر يعمل بامتياز ....ان قلت الروح في الجسد

    تكون خاطئا , لان اجزاء منه تموت وتكون اجزاء اخري فعالة ...وهكذا المخ

    القلب ، الكلي الخ ....

    علينا ان نعيد مفهوم القدماء للروح ، كما علينا اعادة فهم الاديان بناءا علي المعرفة

    القديمة للانسان المكتسبة من خلال صراعه مع الطبيعة ....
                  

03-05-2014, 12:31 PM

علاء سيداحمد
<aعلاء سيداحمد
تاريخ التسجيل: 03-28-2013
مجموع المشاركات: 17162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إنت الخلقك منو ؟! (Re: عبداللطيف حسن علي)

    Quote: في إشكالية العصمة النبوية

    إذن، العصمة، كمفهوم، لم يكن معروفاً عند المسلمين الأوائل بمضمونه الفقهي الإسلامي الذي نقرأه اليوم في كتب المذاهب. هذا المفهوم ظهر لاحقاً كضرورة عقلية بحتة للبلاغ عن الرب جلّ وعلا، وكان منشأهُ النظر والفكر. هذه الضرورة العقلية اتخذت من الآية القرآنية (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى) كمدخل لكل الخلاف الذي دار حول مسألة العصمة وعن مدى شموليتها عند الأنبياء. لكن المشكلة في شمولية مصطلح “العصمة” لكل أقوال وأفعال الأنبياء كما هو عند بعض السُنة، أو الأنبياء والأئمة معاً كما هو عند الشيعة، هو ليس الخلاف في أنواع “الذنوب” المعصومون عنها، إذ أنها لو بقيت كذلك لما كان هناك إشكالٌ أصلاً، ولكن المشكلة في الذهنية الإسلامية أتت من اعتبار أن جميع ما يصدر عن النبي، والأئمة عند الشيعة، من قول أو فعل هو ذو مصدر إلهي لا يحتمل الخطأ. وهذا بدوره لا تقره آيات القرآن نفسها ولا تقره السيرة النبوية أيضاً. فالآيات التي عاتب اللهُ فيها النبي على فعل قام به متعددة متنوعة في القرآن (تُعرف بآيات العتاب)، كما أن الحديث المنسوب للنبي والسيرة النبوية تنقلان لنا قصصاً متنوعة من هذا النوع أيضاً أشهرها حادثة تأبير (تلقيح) النخل التي قال النبي فيها للمسلمين صراحة عند قيامهم بتلقيح النخل: (لو لم تفعلوا لصَلُح)، أي إذا لم تلقحوا النخل لصلح حاله أيضاً. وبالطبع، عندما ترك المسلمون تلقيح النخل امتثالاً لرأي النبي كان الناتج والمحصول “شيصاً”، أي محصول رديء، كما في رواية صحيح مسلم، وعندها قال النبي مقولته الشهيرة التي صمت عنها فقهاء الإسلام سنتهم وشيعتهم: (أنتم أعلم بأمر دنياكم) وقال أيضاً (إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه فإني إنما ظننت ظناً فلا تؤاخذوني بالظن).


    الاخ / عبداللطيف حسن تحياتى

    الظاهر ليس هناك اي خلاف او اشكالية فى تعريف معنى العصمة .. فقد وردت العصمة فى قوله تعالى ( والله يعصمك من الناس ) فى سورة المائدة ونص الاية ( ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) المائدة- 67
    فالعصمة هنا وحسب سياق الاية فى مسألة تبليغ الوحى ...
    وعصمة الله له هنا فى : -
    - منعه من القتل ( وهناك شواهد على ذلك ) فأهل مكة لم يستطيعوا قتله ولم يستطيعوا منعه من ابلاغ الرسالة
    - منعه من المعاصى
    - مايصيب البشر والرسل من انواع البــــلاء فانه عليه السلام لم يعصم من ذلك ( وهناك شواهد على ذلك )
    قال امير المؤمنين فى الحديث الشريف ابن حجر رضى الله عنه وارضاه فى الفتح ( 6/82 ) :
    { وعلى هذا فالمراد العصمة من الفتنة والاضلال أو ازهاق الروح والله اعلم } أهـ

    اذاً العصمة هنا فى سياق ابلاغ الرسالة وليس فى سياق ( تلقيح النخل والامثلة الاخرى الواردة فى المقال مثار البحث ) .. والرسول صلى الله عليه وسلم ليس معصوماً فى امور الدنيا وعليه السلام كان يستشير المتخصصين فى امور دنيوية كثيرة ..
                  

03-07-2014, 09:12 AM

عبداللطيف حسن علي
<aعبداللطيف حسن علي
تاريخ التسجيل: 04-21-2008
مجموع المشاركات: 5454

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إنت الخلقك منو ؟! (Re: علاء سيداحمد)

    Quote: الاخ / عبداللطيف حسن تحياتى

    الظاهر ليس هناك اي خلاف او اشكالية فى تعريف معنى العصمة .. فقد وردت العصمة فى قوله تعالى ( والله يعصمك من الناس ) فى سورة المائدة ونص الاية ( ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) المائدة- 67
    فالعصمة هنا وحسب سياق الاية فى مسألة تبليغ الوحى ...
    وعصمة الله له هنا فى : -
    - منعه من القتل ( وهناك شواهد على ذلك ) فأهل مكة لم يستطيعوا قتله ولم يستطيعوا منعه من ابلاغ الرسالة
    - منعه من المعاصى
    - مايصيب البشر والرسل من انواع البــــلاء فانه عليه السلام لم يعصم من ذلك ( وهناك شواهد على ذلك )
    قال امير المؤمنين فى الحديث الشريف ابن حجر رضى الله عنه وارضاه فى الفتح ( 6/82 ) :
    { وعلى هذا فالمراد العصمة من الفتنة والاضلال أو ازهاق الروح والله اعلم } أهـ

    اذاً العصمة هنا فى سياق ابلاغ الرسالة وليس فى سياق ( تلقيح النخل والامثلة الاخرى الواردة فى المقال مثار البحث ) .. والرسول صلى الله عليه وسلم ليس معصوماً فى امور الدنيا وعليه السلام كان يستشير المتخصصين فى امور دنيوية كثيرة



    الاخ علاء الدين

    لايوجد عصمة الا في اطار عدم قراءة الاديان تاريخيا

    هل تعتقد مثلا ان القرءان يتطور؟! بالتأكيد يجب نفي ذلك ، لانه اذا كان

    النص القرءاني يتطور ، اذا لشابه النصوص الابداعية العادية ، هل فعلا ينطبق

    ذلك علي نصوص القرءان منذ اول سورة ثم تطورت نصوصه تدريجيا

    دعنا نقرأ هذا التحليل لسورة العاديات ثم نحكم بعد ذلك :

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


    الاعجاز المزعوم في سورة العاديات







    وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا
    فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا
    فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا
    فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا
    فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا
    إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ
    وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيد
    وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ
    أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ
    وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ
    إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌٌ



    من المعتقد عند المسلمين ان هذه السورة , كغيرها من سور القرآن , من اقوال رب العالمين التى اوحاها لعبده محمد لهداية البشر أجمعين وانها تنزيل بلسان عربى مبين , وانه لا يقدر انس ولا جان ان يأت بأحسن منها أو مثلها .

    وعندما نسأل عن ماهية اعجازها , فلا نجد اجابة غير ان البشر والجن يعجزوا ان يأتوا بمثلها وكفى !!

    اى تعريف الماء بالماء !!

    لكن عندما نضعها تحت مجهر البحث والنقد لنتحقق من هذا الزعم

    لا نجد فيها اى شئ خارق , بل على العكس نجد انها عبارة عن الفاظ غامضة , غير متفق عليها , متراصة بجوار بعضها البعض لا يخرج منها معانى واضحة , او دلالات مفهومة

    هذه السورة بكاملها تسبب احراج كبير للمسلم لان لا احد يستطيع ان يجزم بانه فهم شيئا محددا منها( خاصة الايات الخمس الاولى ) ولانها تحتوى من المشاكل اللغوية على ما جعل علماء الاسلام يختلفون فى معانيها وتأويلاتها . فان سألت ما معنى العاديات او الموريات او المغيرات , فلن تجد اجابة متفق عليها بالرغم من جلال تلك الاشياء التى جعلت الله يقسم بها , بل كل اجابة قدمها صحابى او تابع لمعانى تلك الكلمات كانت تتهم بانها افتاء بما ليس له علم من صحابى او عالم آخر !!

    انك لو قرأت تلك الايات وحاولت ان تفهمها باعتمادك على فهمك للغة العربية وبدون الرجوع للتفاسير او المعاجم اللغوية فلن تفهم شيئا ,
    وان استعنت بتلك التفاسير وآراء العلماء وتأويلاتهم لتلك الايات فلن تفهم ايضا شيئا
    وكل ما ستخرج به هو آراء يكذبها ويناقضها أراء أخرى , وغموض ورائه غموض !

    ولنا ان نتسائل : لماذا كل هذه الالغاز والحيرة فى فهم الايات بالرغم من زعم القرآن ان الله انزل القرآن بلسان عربى مبين ؟

    " انه لتنزيل رب العالمين . نزل به الروح الامين .على قلبك لتكون من المنذرين . بلسان عربى مبين" الشعراء 192 – 195

    " إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون " يوسف 2

    " قرآنا عربيا غير ذى عوج لعلهم يتقون " الزمر 28

    "كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون " فصلت 3

    " إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون " الزخرف 3

    " وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم " ابراهيم 4

    فان كان العرب , بل علمائهم فى اللغة وفى التفسير والتاويل لا يتفقون فى معانى كلمات وآيات سورة العاديات موضوع دراستنا , فلمن نلجأ؟
    هل نلجأ للهنود أم الصينيين أ م الانجليز لكى يقولوا لنا ماذا تعنى الايات ؟

    ومن وراء هذا الغموض ؟

    هل تكلم الله فى هذه الايات بلغة عربية غير العربية التى يفهمها العرب حتى ان علمائها غير متفقين على معانيها ؟
    وحسنا رفض فقهاء وعلماء الاسلام ترجمة القرآن للغات الاخرى , لانهم ماذا سيترجمون ؟

    فان النص غير مفهوم وغير متفق عليه بلغته الاصلية وهذا سر رفضهم للفكرة , فتجدهم كارهين لفكرة ترجمة القرآن ويكتفوا بقولهم ان ما يترجم من القرآن للغات الاخرى ليس ترجمة له وانما ترجمة لمعانيه !!

    هل يعقل ان تلك الايات المبينة لا يتفق احد على معناها ؟ فاذا كان الاختلاف على معناها هو بين اوائل المسلمين و كبار العلماء , فماذا ننتظر من المسلم البسيط ؟

    وأليس تناقضا ان تكون الايات مبينة وفى نفس الوقت غامضة ولا يتفق اثنين على معناها؟

    ان آية ابراهيم 4 تؤكد ان الله لا يرسل رسول الا بلسان قومه حتى يبين لهم , فانزل الله القرآن بالعربية للعرب حتى لا يكون لهم حجة , فما بالهم يختلفون فى معانى الكلمات والجمل وكانها كتبت بلغة اعجمية؟

    انتاب جميع المفسرين لهذه السورة عبء تفسيرها لان النص الذى يفسرونه غامض لغويا لاحتوائه على كلمات غريبة فى معناها وفظة على الاذن وتركيب كلماتها لا يقدم جملة مفيدة ولا يخضع لقواعد معينة , والا لما اختلف العلماء كما سنبين لاحقا , ولاحتوائه على ضمائر متصلة تعود على اسماء لم تذكر نصا وانما تركت لذكاء السامع !!

    فكان نتيجة ذلك حيرة العلماء والمفسريين فى فك طلاسم تلك الايات التى يزعم القرآن انها كتبت بلسان عربى مبين

    ولذلك تجد الطبرى يبتدأ بالتنبيه فى بداية تفسيره للايات الثلاث الاولى على اختلاف العلماء فى تأويل الايات:

    " الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى { وَالْعَادِيَات ضَبْحًا } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَالْعَادِيَات ضَبْحًا }
    " وَقَوْله : { فَالْمُورِيَات قَدْحًا } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل , فِي ذَلِكَ"

    " وَقَوْله : { فَالْمُغِيرَات صُبْحًا } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ"

    وحتى لا نتهم اننا نفسر الايات من عندياتنا , فلقد اعتمدت على كتب التفسير المعتبرة عند المسلمين وهى تفاسير الجلالين وابن كثير والطبرى والقرطبى لسورة العاديات

    ولنبدأ الجولة فى دراسة تلك السورة


    وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا

    ماذا تعنى؟

    يقولون لنا ان الله فى هذه الاية يقسم بالعاديات .

    فما هى تلك العاديات التى من رفيع شأنها ان يقسم بها الله؟

    هى : الخيل .

    لا , بل هى : الابل فى خروجها من عرفة الى المزدلفة ومن المزدلفة الى منى .

    ان التردد فى معناها ليس تردد من ناحيتنا وانما هذا هو حال علماء المسلمين حيث اختلفوا فى معناها !

    انهم ليسوا متأكدين بما أقسم الله !

    ونسأل هل أقسم الله بشئ غير معروف فى اللغة العربية ؟ " والعاديات " الخيل تعدو في الغزو وتضبح " ضبحا " هو صوت أجوافها إذا عدت" .. هذا ما قاله الجلالين.

    بينما ابن كثير يقول ان العاديات هى الخيل كما قال بذلك ابن عباس , ومع ذلك ثار على بن ابى طالب على ابن عباس عندما سمع ذلك وقال له

    " أَتُفْتِي النَّاس بِمَا لَا عِلْم لَك؟ "

    ويقدم على تعريفه للعاديات فيقول :

    " ؟ إِنَّمَا الْعَادِيَات ضَبْحًا مِنْ عَرَفَة إِلَى الْمُزْدَلِفَة وَمِنْ الْمُزْدَلِفَة إِلَى مِنًى"

    ويبدو ان ابن عباس رجع عن رأيه واخذ برأى على باعتبار العاديات ليست الخيل !
    فيروى لنا ابن كثير

    " قَالَ اِبْن عَبَّاس فَنَزَعْت عَنْ قَوْلِي وَرَجَعْت إِلَى الَّذِي قَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَبِهَذَا الْإِسْنَاد عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ عَلِيّ إِنَّمَا الْعَادِيَات ضَبْحًا مِنْ عَرَفَة إِلَى الْمُزْدَلِفَة فَإِذَا أَوَوْا إِلَى الْمُزْدَلِفَة أَوْرَوْا النِّيرَان"

    ويورد ابن كثير قائمة باسماء من اخذ برأى ابن عباس ومن اخذ برأى على

    "وَقَدْ قَالَ بِقَوْلِ عَلِيّ إِنَّهَا الْإِبِل جَمَاعَة مِنْهُمْ إِبْرَاهِيم وَعَبْد بْن عُمَيْر وَقَالَ بِقَوْلِ اِبْن عَبَّاس آخَرُونَ مِنْهُمْ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَعَطَاء وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَعَطَاء مَا ضُبِحَتْ دَابَّة قَطُّ إِلَّا فَرَس أَوْ كَلْب وَقَالَ اِبْن جُرَيْج عَنْ عَطَاء سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَصِف الضَّبْح أح أح"

    ويقول الطبرى

    " فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا : الْخَيْل الَّتِي تَعْدُوا , وَهِيَ تُحَمْحِم. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله { وَالْعَادِيَات ضَبْحًا } قَالَ : الْخَيْل , وَزَعَمَ غَيْر اِبْن عَبَّاس أَنَّهَا الْإِبِل ."

    ويقول ايضا : " قَالَ : سُئِلَ عِكْرِمَة , عَنْ قَوْله : { وَالْعَادِيَات ضَبْحًا } قَالَ : أَلَمْ تَرَ إِلَى الْفَرَس إِذَا جَرَى كَيْفَ يَضْبَح . 29235 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد الْجَوْهَرِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَالَ : لَيْسَ شَيْء مِنْ الدَّوَابّ يَضْبَح غَيْر الْكَلْب وَالْفَرَس"

    اما القرطبى فيقول :

    " أَيْ الْأَفْرَاس تعْدُو . كَذَا قَالَ عَامَّة الْمُفَسِّرِينَ وَأَهْل اللُّغَة ; أَيْ تَعْدُو فِي سَبِيل اللَّه فَتَضْبَح . قَالَ قَتَادَة : تَضْبَح إِذَا عَدَتْ ; أَيْ تُحَمْحِم . وَقَالَ الْفَرَّاء : الضَّبْح : صَوْت أَنْفَاس الْخَيْل إِذَا عَدَوْنَ . اِبْن عَبَّاس : لَيْسَ شَيْء مِنْ الدَّوَابّ يَضْبَح غَيْر الْفَرَس وَالْكَلْب وَالثَّعْلَب"

    واستدل القرطبى بابيات شعر تنسب الضبح للخيل :

    " وَقَالَ أَهْل اللُّغَة : وَطَعْنَة ذَات رَشَاش وَاهِيهْ طَعَنْتهَا عِنْد صُدُور الْعَادِيَهْ يَعْنِي الْخَيْل . وَقَالَ آخَر : وَالْعَادِيَات أَسَابِيّ الدِّمَاء بِهَا كَأَنَّ أَعْنَاقهَا أَنْصَاب تَرْجِيب يَعْنِي الْخَيْل . وَقَالَ عَنْتَرَة : وَالْخَيْل تُعْلَم حِين تَضْ بَح فِي حِيَاض الْمَوْت ضَبْحًا وَقَالَ آخَر : لَسْت بِالتُّبَّعِ الْيَمَانِيّ إِنْ لَمْ تَضْبَح الْخَيْل فِي سَوَاد الْعِرَاق وَقَالَ أَهْل اللُّغَة : وَأَصْل الضَّبْح وَالضُّبَاح لِلثَّعَالِبِ ; فَاسْتُعِيرَ لِلْخَيْلِ ."

    ويقدم القرطبى اسبابا لنزول هذه الايات :

    ". وَرُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّة إِلَى أُنَاس مِنْ بَنِي كِنَانَة , فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ خَبَرهَا , وَكَانَ اِسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ الْمُنْذِر بْن عَمْرو الْأَنْصَارِيّ , وَكَانَ أَحَد النُّقَبَاء ; فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ : إِنَّهُمْ قُتِلُوا ; فَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَة إِخْبَارًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَلَامَتِهَا , وَبِشَارَة لَهُ بِإِغَارَتِهَا عَلَى الْقَوْم الَّذِينَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ"

    وعن اصل كلمة العاديات يقول القرطبى:

    ". وَسُمِّيَتْ الْعَادِيَات لِاشْتِقَاقِهَا مِنْ الْعَدْو , وَهُوَ تَبَاعُد الْأَرْجُل فِي سُرْعَة الْمَشْي ."

    ويظل السؤال:

    ما معنى العاديات ؟
    هل هى الخيل أم الابل ؟
    وما معنى ضبحا ؟

    فأن كانت هى صوت الخيل فلماذا رفض كثير من الصحابة وعلى راسهم على بن ابى طالب ان يكون ما اقسم الله به هو الخيل وقالوا ان ما اقسم الله به هو الابل؟ بل ان على اتهم ابن عباس فى قوله على العاديات بانها الخيل بانه يفتى بما ليس له علم !!

    ومن زاوية اخرى , نترك علماء المسلمين فى اختلافاتهم الى ان يقرروا - بعد مرور اكثر من اربعة عشر قرنا - ان كانت العاديات هى الخيل أم الابل , ونسأل :
    ما الحكمة ان يقسم الله سواء بالخيل التى تقول فى ضبحها اح اح او بالابل ؟

    فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا

    ما هى تلك الموريات التى يقسم الله بها ؟

    هل هى الخيل ؟

    هل هى المكر او مكر الرجال؟

    هل هى الالسنة؟

    هل هى الابل ؟

    الله واعلم !!

    على اى حال
    هى الخيل .

    يقول الجلالين " " فالموريات " الخيل توري النار " قدحا " بحوافرها إذا سارت في الأرض ذات الحجارة بالليل"

    ويقول ابن كثير " " فَالْمُورِيَات قَدْحًا " يَعْنِي اِصْطِكَاك نِعَالهَا لِلصَّخْرِ فَتَقْدَح مِنْهُ النَّار "

    وقال القرطبى " قَالَ عِكْرِمَة وَعَطَاء وَالضَّحَّاك : هِيَ الْخَيْل حِين تُورِي النَّار بِحَوَافِرِهَا"

    وقال الطبرى " فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ الْخَيْل تُورِي النَّار بِحَوَافِرِهَا"

    ومع ذلك هناك من رأى رأيا آخر

    حيث يرى انها المكر او مكر الرجال

    يقول الطبرى:

    " . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : مَكْر الرِّجَال . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29255 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَالْمُورِيَات قَدْحًا } قَالَ : الْمَكْر . 29256 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح . عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { فَالْمُورِيَات قَدْحًا } قَالَ : مَكْر الرِّجَال ."

    ويقول القرطبى " وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا : أَنَّ الْمُرَاد بِالْمُورَيَاتِ قَدْحًا : مَكْر الرِّجَال فِي الْحَرْب ; وَقَالَهُ مُجَاهِد وَزَيْد بْن أَسْلَمَ . وَالْعَرَب تَقُول إِذَا أَرَادَ الرَّجُل أَنْ يَمْكُر بِصَاحِبِهِ : وَاَللَّه لَأَمْكُرَنَّ بِك , ثُمَّ لَأُورِيَنَّ لَك . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا : هُمْ الَّذِينَ يَغْزُونَ فَيُورُونَ نِيرَانهمْ بِاللَّيْلِ , لِحَاجَتِهِمْ وَطَعَامهمْ . وَعَنْهُ أَيْضًا : أَنَّهَا نِيرَان الْمُجَاهِدِينَ إِذَا كَثُرَتْ نَارهَا إِرْهَابًا . وَكُلّ مَنْ قَرُبَ مِنْ الْعَدُوّ يُوقِد نِيرَانًا كَثِيرَة لِيَظُنّهُمْ الْعَدُوّ كَثِيرًا . فَهَذَا إِقْسَام بِذَلِكَ . قَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب : هِيَ النَّار تُجْمَع . وَقِيلَ هِيَ أَفْكَار الرِّجَال تُورِي نَار الْمَكْر وَالْخَدِيعَة"

    وهناك من قال انها الالسنة

    يقول الطبرى:

    " وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ الْأَلْسِنَة ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29257- حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثنا يُونُس بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : يُقَال فِي هَذِهِ الْآيَة { فَالْمُورِيَات قَدْحًا } قَالَ : هِيَ الْأَلْسِنَة"

    ويقول القرطبى " وَقَالَ عِكْرِمَة : هِيَ أَلْسِنَة الرِّجَال تُورِي النَّار مِنْ عَظِيم مَا تَتَكَلَّم بِهِ , وَيَظْهَر بِهَا مِنْ إِقَامَة الْحُجَج , وَإِقَامَة الدَّلَائِل , وَإِيضَاح الْحَقّ , وَإِبْطَال الْبَاطِل ."

    وهناك من قال هى الابل

    يقول الطبرى:

    ". وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ الْإِبِل حِين تَسِير تَنْسِف بِمَنَاسِمِهَا الْحَصَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29258 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه : { فَالْمُورِيَات قَدْحًا } قَالَ : إِذَا نَسَفَتْ الْحَصَى بِمَنَاسِمِهَا , فَضَرَبَ الْحَصَى بَعْضه بَعْضًا , فَيَخْرُج مِنْهُ النَّار"

    انها حيرة ما بعدها حيرة ! هل هذا النص العربى المبين غامض لمثل هذه الدرجة حتى انهم لا يدرون ما المقصود بالموريات قدحا ؟
    وان اعترفوا بغموضه فهل يعترفوا ان الايات لم تنزل بلسان عربى مبين ؟

    ان الحيرة دفعت بالطبرى الى ان يقول فيما معناه :
    ان الله اقسم بالموريات مهما كان معناها!!

    أى اقسم بشئ مبهم وغامض

    أى أقسم بشئ لا يدرى احد ماهيته الا الله !!
    وبلغة متذوقى الشعر : المعنى فى بطن الشاعر !!

    وهكذا نسب لله الطيش وعدم الابانة والدقة فى رسالته للبشر , وعلى البشر ان يفهموا رسالته كيفما شاءوا لان نص الرسالة غير واضح وغير مبين !!
    يقول الطبرى:

    . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ : أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَقْسَمَ بِالْمُورِيَاتِ الَّتِي تُورِي النِّيرَان قَدْحًا ; فَالْخَيْل تُورِي بِحَوَافِرِهَا , وَالنَّاس يُورُونَهَا بِالزَّنْدِ , وَاللِّسَان مَثَلًا يُورِي بِالْمَنْطِقِ , وَالرِّجَال يُورُونَ بِالْمَكْرِ مَثَلًا , وَكَذَلِكَ الْخَيْل تَهِيج الْحَرْب بَيْن أَهْلهَا : إِذَا اِلْتَقَتْ فِي الْحَرْب ; وَلَمْ يَضَع اللَّه دَلَالَة عَلَى أَنَّ الْمُرَاد مِنْ ذَلِكَ بَعْض دُون بَعْض فَكُلّ , مَا أَوْرَتْ النَّار قَدْحًا , فَدَاخِلَة فِيمَا أَقْسَمَ بِهِ , لِعُمُومِ ذَلِكَ بِالظَّاهِرِ ." !!!

    بدلا من الاعتراف بان النص لا دلالة محددة مبينة له , يجعل الطبرى الله هو المسئول عن ذلك !!

    [size=12]فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا[/size]

    هل هى الخيل عندما تغير على العدو عند الصبح
    كما قال ابن عباس وغيره ؟

    أم هى الابل تدفع بركبانها يوم النحر من منى الى جمع
    كما قال على بن ابى طالب وابن مسعود ؟

    الجلالين يقول انها الخيل : " فالمغيرات صبحا " الخيل تغير على العدو وقت الصبح بإغارة أصحابها"

    وابن كثير يقول انها الاغارة وقت الصباح : " فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا يَعْنِي الْإِغَارَة وَقْت الصَّبَاح كَمَا كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغِير صَبَاحًا وَيَسْتَمِع الْأَذَان فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا وَإِلَّا أَغَارَ ."

    والطبرى يورد رأى من قال انها الخيل او انها الابل :

    " وَقَوْله : { فَالْمُغِيرَات صُبْحًا } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَالْمُغِيرَات صُبْحًا عَلَى عَدُوّهَا عَلَانِيَة...

    عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : سَأَلَنِي رَجُل عَنْ الْمُغِيرَات صُبْحًا , فَقَالَ : الْخَيْل تُغِير فِي سَبِيل اللَّه ...

    حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَالْمُغِيرَات صُبْحًا } قَالَ : هِيَ الْخَيْل ...

    . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِذَلِكَ الْإِبِل حِين تَدْفَع بِرُكْبَانِهَا مِنْ " جَمْع " يَوْم النَّحْر إِلَى " مِنًى " . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29264 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه { فَالْمُغِيرَات صُبْحًا } حِين يُفِيضُونَ مِنْ جَمْع..."

    وكذلك القرطبى

    " الْخَيْل تُغِير عَلَى الْعَدُوّ عِنْد الصُّبْح ; عَنْ اِبْن عَبَّاس وَأَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ ....

    وَقَالَ اِبْن مَسْعُود وَعَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا : هِيَ الْإِبِل تُدْفَع بِرُكْبَانِهَا يَوْم النَّحْر مِنْ مِنًى إِلَى جَمْع"

    ان اى محاولة لمعرفة دقيقة عن المقصود بالمغيرات صبحا تبوء بالفشل , كل ما يقدم ما هو الا ظنيات .
    لذلك لا نندهش من موقف الطبرى عندما يشعر بالفشل والاحباط فيقول :

    " . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ : أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَقْسَمَ بِالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا , وَلَمْ يُخَصِّص مِنْ ذَلِكَ مُغِيرَة دُون مُغِيرَة , فَكُلّ مُغِيرَة صُبْحًا , فَدَاخِلَة فِيمَا أَقْسَمَ بِهِ ; وَقَدْ كَانَ زَيْد بْن أَسْلَم يَذْكُر تَفْسِير هَذِهِ الْأَحْرُف وَيَأْبَاهَا , وَيَقُول : إِنَّمَا هُوَ قَسَم أَقْسَمَ اللَّه بِهِ . 29265 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَالْعَادِيَات ضَبْحًا فَالْمُورِيَات قَدْحًا } قَالَ : هَذَا قَسَم أَقْسَمَ اللَّه بِهِ . وَفِي قَوْله : { فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا } قَالَ : كُلّ هَذَا قَسَم , قَالَ : وَلَمْ يَكُنْ أَبِي يَنْظُر فِيهِ إِذَا سُئِلَ عَنْهُ , وَلَا يَذْكُرهُ , يُرِيد بِهِ الْقَسَم ." !!

    ان الطبرى ينسب لله الحماقة والسخف حيث جعله يقسم بشئ هيولى غير محدد " وَلَمْ يُخَصِّص مِنْ ذَلِكَ مُغِيرَة دُون مُغِيرَة , فَكُلّ مُغِيرَة صُبْحًا , فَدَاخِلَة فِيمَا أَقْسَمَ بِهِ" !!
    فنسب لله عدم الدقة فى الالفاظ وعجزا لغويا فى التعبير عما يريد ان يبلغه للمؤمنيين , بينما عدم الدقة فى اختيار الالفاظ والعجز اللغوى فى التعبير ليسا فى الله وانما فى هذا النص القرآنى المبين!

    ومن ناحية اخرى لنسأل :

    ما الحكمة من ان يقسم الله بالخيل أو الابل التى تعدو؟ ثم بالخيل التى يخرج من حوافرها النار عند اصطكاكها بالصخر؟ ثم يقسم بالخيل التى تقوم بالاغارة فى الصباح ؟
    أنكون مبالغين لو قلنا ان هذا الاله يقسم بامور ########ه؟



    [size=24]فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا[/size]

    ما المعنى ؟

    يقول الجلالين :

    " فأثرن " هيجن " به " بمكان عدوهن أو بذلك الوقت " نقعا " غبارا بشدة حركتهن

    ويقول ابن كثير : فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا يَعْنِي غُبَارًا فِي مَكَان مُعْتَرَك الْخُيُول

    ويقول الطبرى : وَقَوْله { فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَرَفَعْنَ بِالْوَادِي غُبَارًا ; وَالنَّقْع : الْغُبَار , وَيُقَال : إِنَّهُ التُّرَاب

    ويقول القرطبى : أَيْ غُبَارًا ; يَعْنِي الْخَيْل تُثِير الْغُبَار بِشِدَّةِ الْعَدْو فِي الْمَكَان الَّذِي أَغَارَتْ بِهِ

    والخلاصة هى ان الخيل تثير التراب او الغبار

    وهنا نجد مشكلتين

    اولا :كلمة " به" تعود على من ؟
    وان كانت تعود على شئ فلماذا لم يذكر هذا الشئ ؟

    " به" تعود على :

    المكان ؟

    أم العدو؟

    أم حوافر الخيل؟

    بعضهم قال ان " به" تعود على موضع او مكان المعركة التى تدخلها الخيل فيكون معنى الاية :

    ان الخيل أثارت بمكان المعركة ترابا
    (ابن كثير : فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا يَعْنِي غُبَارًا فِي مَكَان مُعْتَرَك الْخُيُول ,

    وكذلك الجلالين : فأثرن " هيجن " به " بمكان عدوهن أو بذلك الوقت)

    وفريق آخر قال ان " به " تعود على العدو ويكون معنى الاية:

    ان الخيل اثارت التراب على العدو
    ( القرطبى : وَقِيلَ : " فَأَثَرْنَ بِهِ " , أَيْ بِالْعَدْوِ " نَقْعًا " )

    وفريق ثالث قال ان " به " تعود على حوافر الخيل فيكون معنى الاية :

    ان الخيل اثارت بحوافيرها التراب
    ( الطبرى : قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا أَبُو رَجَاء , قَالَ : سُئِلَ عِكْرِمَة , عَنْ قَوْله { فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا } قَالَ : أَثَارَتْ التُّرَاب بِحَوَافِرِهَا )

    والغريب فى الامر ان الثلاثة اشياء التى قد تعود عليها كلمة " به" لا وجود لها فى نص الايات !!!
    والمعروف فى علوم اللغة والبلاغة ان يعود الضمير لاسم سابق عليه جاء ذكره سابقا , فلم يأت فى الايات ذكر المكان ولا العدو ولا الحوافر !!
    ولقد حاولوا تبرير ذلك المأخذ البلاغى

    فيقول الطبرى :

    . وَالْهَاء فِي قَوْله " بِهِ " كِنَايَة اِسْم الْمَوْضِع , وَكَنَّى عَنْهُ , وَلَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْر , لِأَنَّهُ مَعْلُوم أَنَّ الْغُبَار لَا يُثَار إِلَّا مِنْ مَوْضِع , فَاسْتَغْنَى بِفَهْمِ السَّامِعِينَ بِمَعْنَاهُ مِنْ ذِكْره

    ويؤيد القرطبى نفس الفكرة فيقول :

    وَالْكِنَايَة فِي " بِهِ " تَرْجِع إِلَى الْمَكَان أَوْ إِلَى الْمَوْضِع الَّذِي تَقَع فِيهِ الْإِغَارَة . وَإِذَا عُلِمَ الْمَعْنَى جَازَ أَنْ يُكَنَّى عَمَّا لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْر بِالتَّصْرِيحِ

    وهذه الحجج واهية ومردود عليها من اقوالهما نفسها
    انهما يفترضان ان السامع لاية فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا سيفهم تلقائيا وبديهيا ان المقصود بالهاء المكان ولذلك لم يأت له ذكر !! وهذا باطل لانهما قدما فى تفسيريهما آراء لعلماء وصحابة وتابعين قالوا بان الهاء تعود الى العدو أو حوافر الخيل , ويلاحظ ان الذين اختلفوا فى ذلك كبار الصحابة والعلماء , فما بال السامعين للاية من البسطاء والجهلاء !!
    ولنا ان نسأل : ان المذكور نصا و تصريحا مثل الايات السابقة اختلف فيه , فكيف يتفق السامعون على الهاء التى تعود على شئ لم يذكر؟
    ثانيا : نَقْعًا

    ما النقع ؟

    معظم التفاسير قالت ان النقع هو التراب او الغبار ومع ذلك هناك من قال ان النقع هو رفع الصوت وهذا رأى القرطبى حيث يقول:

    قُلْت : وَقَدْ يَكُون النَّقْع رَفْع الصَّوْت , وَمِنْهُ حَدِيث عُمَر حِين قِيلَ لَهُ : إِنَّ النِّسَاء قَدْ اِجْتَمَعْنَ يَبْكِينَ عَلَى خَالِد بْن الْوَلِيد ; فَقَالَ : وَمَا عَلَى نِسَاء بَنِي الْمُغِيرَة أَنْ يَسْفِكْنَ مِنْ دُمُوعهنَّ وَهُنَّ جُلُوس عَلَى أَبِي سُلَيْمَان , مَا لَمْ يَكُنْ نَقْع , وَلَا لَقْلَقَة . قَالَ أَبُو عُبَيْد : يَعْنِي بِالنَّقْعِ رَفْع الصَّوْت ; عَلَى هَذَا رَأَيْت قَوْل الْأَكْثَرِينَ مِنْ أَهْل الْعِلْم"

    والخلاصة اتضح انهم غير متفقين على " به " ولا على " نقعا"


    [size=12]فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا[/size]

    ما معنى الاية؟

    يقول ابن كثير " أَيْ تَوَسَّطْنَ ذَلِكَ الْمَكَان كُلّهنَّ جَمْع"

    ويقول الطبرى " وَقَوْله : { فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَوَسَطْنَ بِرُكْبَانِهِنَّ جَمْع الْقَوْم"

    وينقل الطبرى رأى عكرمة : " سُئِلَ عِكْرِمَة , عَنْ قَوْله : { فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا } قَالَ : جَمْع الْكُفَّار"

    وينقل رأى ابن عباس : " عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا } قَالَ : هُوَ جَمْع الْقَوْم . "

    وينقل راى مجاهد : ", عَنْ مُجَاهِد { فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا } قَالَ : جَمْع هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ ."

    وينقل رأى آخرين : " . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ { فَوَسَطْنَ بِهِ } مُزْدَلِفَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29279- حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه { فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا } يَعْنِي : مُزْدَلِفَة ."

    اما القرطبى فيقول :

    " أَيْ فَوَسَطْنَ بِرُكْبَانِهِنَّ الْعَدُوّ ; أَيْ الْجَمْع الَّذِي أَغَارُوا عَلَيْهِمْ . وَقَالَ اِبْن مَسْعُود : " فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا " : يَعْنِي مُزْدَلِفَة ; وَسُمِّيَتْ جَمْعًا لِاجْتِمَاعِ النَّاس"

    واضح ان غموض البناء اللغوى وفجاجته كان وراء تلك التفاسير المختلفة ولو كان النص واضحا ومبينا لما كان كل هذا التباين.

    جاءت الاية وبها كلمة " جمعا " تلك الكلمة الغامضة , فقال بعضهم المقصود جمع الكفار , وآخرون قالوا جمع القوم , وآخرون قالوا جمع العدو , وآخرون قالوا جمع هؤلاء وهؤلاء , وآخرون قالوا مزدلفة !!
    أما عن الهاء فى كلمة "به" فاعادها ابن كثير الى المكان الذى لم يذكر !
    " أَيْ تَوَسَّطْنَ ذَلِكَ الْمَكَان كُلّهنَّ جَمْع"

    والطبرى اعادها الى راكبى الخيل الذين لم يذكروا ايضا ! " فَوَسَطْنَ بِرُكْبَانِهِنَّ جَمْع الْقَوْم"

    وهناك من المفسرين والصحابة من تجاهل وجود " به" وكأنها ليست موجودة وقدم تفسيره على هذا الاساس مثل عكرمة وابن عباس ومجاهد.

    ملاحظة أخيرة على الايات الخمس الاولى من السورة:

    يورد القرطبى هذه المقولة لابن العربى

    " قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : أَقْسَمَ اللَّه بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " يس . وَالْقُرْآن الْحَكِيم " [ يس : 1 - 2 ] , وَأَقْسَمَ بِحَيَاتِهِ فَقَالَ : " لَعَمْرك إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتهمْ يَعْمَهُونَ " [ الْحِجْر : 72 ] , وَأَقْسَمَ بِخَيْلِهِ وَصَهِيلهَا وَغُبَارهَا , وَقَدْح حَوَافِرهَا النَّار مِنْ الْحَجَر , فَقَالَ : " وَالْعَادِيَات ضَبْحًا " . .. الْآيَات الْخَمْس"

    ولنا ان نتساءل:

    ان الايات الخمس الاولى من سورة العاديات يعتبرها المسلمون قسم فيها يقسم الله بهذه الاشياء التى لا يتفقوا على معناها , ولو افترضنا انهم اتفقوا على ان الله كان يقسم بالخيل ويقسم بصهيله ويقسم بغباره ويقسم بحوافره التى تقدح نارا , فما الحكمة من القسم بكل هذه الامور ؟
    ألم يكفى الاله ان يقسم بالخيل حتى انه لا يكتفى بذلك و يقسم بغباره وحوافره؟
    وكل آيات القسم الخمسة السابقة تجعل القارئ او المستمع منتظرا ومتشوقا ان يعرف ذلك الشئ الذى جعل الاله يقسم بكل تلك الاقسام المتعددة , وانه ينتظر ان يسمع سرا عظيما لا يصدق .

    وما علاقة المقسوم به والمقسوم عليه كما سنراه فى الاية التالية ؟

    [size=7]إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ[/size]
    هذا هو السر العظيم الذى كلف الله القسم خمس مرات فى خمس آيات متتاليات !!

    وفسرها الجلالين :" إن الإنسان " الكافر " لربه لكنود " لكفور يجحد نعمته تعالى "

    وابن كثير "هَذَا هُوَ الْمُقْسَم عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ بِنِعَمِ رَبّه لَكَفُور جَحُود "

    والطبرى: { إِنَّ الْإِنْسَان لِرَبِّهِ لَكَنُود } يَقُول : إِنَّ الْإِنْسَان لَكَفُور لِنِعَمِ رَبّه "

    والقرطبى " هَذَا جَوَاب الْقَسَم ; أَيْ طُبِعَ الْإِنْسَان عَلَى كُفْرَان النِّعْمَة "

    أكرر ما علاقة القسم بالمقسوم عليه ؟

    ان الله يقسم بالخيل وغباره وصهيله وحوافره ولماذا كل هذا؟ لاجل ان يقول ان الانسان جاحد !!!

    كان يكفى ان يقسم بشئ واحد او لا يقسم مطلقا لكى يقول لنا

    ان الانسان جاحد ,

    وكنا سنوافقه ونقول صدقت !!

    [size=9][size=18][size=24]وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيد[/size][/size][/size]


    من هو الشهيد فى هذه الاية ؟

    قالوا قد يكون المقصود الله أو الانسان الكافر الجاحد !!

    فاعل الجملة الله , او الكافر ... لا فرق !!

    وقبل تعليقنا لنقرأ التفاسير

    الجلالين " وإنه على ذلك " أي كنوده " لشهيد " يشهد على نفسه بصنعه

    ابن كثير " قَالَ قَتَادَة وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ وَإِنَّ اللَّه عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيد وَيَحْتَمِل أَنْ يَعُود الضَّمِير عَلَى الْإِنْسَان قَالَهُ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ فَيَكُون تَقْدِيره وَإِنَّ الْإِنْسَان عَلَى كَوْنه كَنُودًا لَشَهِيد أَيْ بِلِسَانِ حَاله أَيْ ظَاهِر ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي أَقْوَاله وَأَفْعَاله كَمَا قَالَ تَعَالَى " مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ " .

    الطبرى " وَقَوْله : { وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه عَلَى كُنُوده رَبّه لَشَهِيد : يَعْنِي لَشَاهِد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29288- حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ قَتَادَة { وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيد } قَالَ : يَقُول : إِنَّ اللَّه عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيد . 29289 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيد } فِي بَعْض الْقِرَاءَات " إِنَّ اللَّه عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيد " . 29290 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان { وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيد } يَقُول : وَإِنَّ اللَّه عَلَيْهِ شَهِيد .

    القرطبى " أَيْ وَإِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ اِبْن آدَم لَشَهِيد . كَذَا رَوَى مَنْصُور عَنْ مُجَاهِد ; وَهُوَ قَوْل أَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ , وَهُوَ قَوْل اِبْن عَبَّاس . وَقَالَ الْحَسَن وَقَتَادَة وَمُحَمَّد بْن كَعْب : " وَإِنَّهُ " أَيْ وَإِنَّ الْإِنْسَان لَشَاهِد عَلَى نَفْسه بِمَا يَصْنَع ; وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِد أَيْضًا .



    الاية السابقة تقول إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ
    ثم تأتى الاية التالية مباشرة معطوفة على السابقة بحرف الواو وتقول وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيد , والمفروض لغويا وبلاغيا ان كلمة وَإِنَّهُ الثانية تعود على نفس الشخص وهو الانسان الكنود , وما يثبت هذا أن الاية التى تلى الايتين تستمر فى العطف وتقول وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ

    وهنا يتفقون بلا خلاف ان المقصود هو الانسان , لكن لسبب أو آخر يفضل معظم المفسرون ان تكون معنى الاية : أنه ( الله) على ذلك لشهيد !!
    واذا بحثنا عن السبب نجد اشارة قالها الطبرى تقول : " فِي بَعْض الْقِرَاءَات
    " إِنَّ اللَّه عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيد " !!
    فنجد معظم المفسريين لديهم حنين لما تحمله الذاكرة من نص الاية فى القراءات السابقة لنص مصحف عثمان , لكن فى تفسيرهم هذا يضحون بالبلاغة ويجعلون الايات مشوهة لغويا حيث نجد نفس الضمير ( الهاء) فى كلمة " انه"
    يتأرجح فى رجوعه الى الله والانسان الكنود الكافر !!



    [size=9]وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ[/size]

    الجلالين : " وإنه لحب الخير " أي المال " لشديد " الحب له فيبخل به

    الطبرى : وَقَوْله : { وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْر لَشَدِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنَّ الْإِنْسَان لِحُبِّ الْمَال لَشَدِيد

    القرطبى : أَيْ لَقَوِيّ فِي حُبّه لِلْمَالِ . وَقِيلَ : " لَشَدِيد " لَبَخِيل

    . قَالَ اِبْن زَيْد : سَمَّى اللَّه الْمَال خَيْرًا ; وَعَسَى أَنْ يَكُون شَرًّا وَحَرَامًا ; وَلَكِنَّ النَّاس يَعُدُّونَهُ خَيْرًا , فَسَمَّاهُ اللَّه خَيْرًا لِذَلِكَ



    جميع المفسريين اجمعوا على معنى الاية انها تقول ان الانسان الكنود يحب المال بشدة , والغريب فى الامر انهم فسروا الخير بالمال , مع ان المعنى البديهى الذى يتبادر للذهن ان الخير هو العمل الصالح والتقوى , ونسأل :
    على أى اساس تكون كلمة الخير هنا مرادفة للمال وخاصة ان حب المال هنا مذموما لدلالته على البخل؟
    حاول البعض ان يجد تبريرا لذلك فيروى القرطبى :

    "قَالَ اِبْن زَيْد : سَمَّى اللَّه الْمَال خَيْرًا ; وَعَسَى أَنْ يَكُون شَرًّا وَحَرَامًا ; وَلَكِنَّ النَّاس يَعُدُّونَهُ خَيْرًا , فَسَمَّاهُ اللَّه خَيْرًا لِذَلِكَ"

    ولكن نسأل:
    الناس سموا المال خيرا وقد يكون ذلك المال شرا وحراما , فلماذا يوافق الله على خطأ الناس فى تسميتهم للمال الحرام خيرا؟ ألم يكن أولى ان يسمى الله فى كتابه الكريم الشئ باسمه الحقيقى بدلا ان يعوم على عوم الناس الكنودين ( الجاحدين والكافرين ) ؟
    بدلا من ان يصحح مفاهيم الناس الخاطئة يوافقهم عليها !!




    [size=12]أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ

    وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ

    إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌٌ

    [/size]

    تفاجئنا الاية الاخيرة بضمير متصل يعود على الجمع فى كلمة رَبَّهُمْ و بِهِمْ
    واذا اعدنا قرأة السورة من أولها لا نجد اى اشارة لاسم جمع يمكن ان يعود عليه هذا الضمير ولا يوجد اسم يمكن ان يعود اليه الضمير المتصل الا كلمة الانسان الذى هو لربه لكنود وهو نفسه الذى قيل له بصيغة المفرد أَفَلَا يَعْلَمُ!!

    وطالما قال القران

    إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ

    وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيد
    وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ
    أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ

    (وجميعها بصيغة المفرد)

    ألم يكن اولى وأبلغ ان يقول:

    إن ربه به يومئذ لخبير ؟

    وفى نهاية دراستنا النقدية لسورة العاديات نسأل:

    أين البلاغة اللغوية فى هذه الايات بينما تحتوى على ما يجافى مبادئ البلاغة وأدنى اساسيات الفكر المنطقى ؟

    اين البيان (اللسان العربى المبين) فى الايات بينما معظم الكلمات غامضة ومختلف عليها ؟

    واخيرا

    من حق المسلم ان يعتبر سورة العاديات اعجاز بصرف النظر عن طلاسمها وغموضها اللغوى وعدم اتفاق علماء المسلمين فى معانيها

    اما هذا الغموض وتلك الطلاسم اللغوية وعدم اتفاق العلماء على معانيها فلا نرى منه ما يراه الاخوة المسلمون



    وللجميع تحياتى
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de