فاطمة أحمد ابراهيم.. ونساء فى مرمى البندقية

Quote: الفصل الثالث فاطمة أحمد إبراهيم .. فى مؤسسة ذكورية حتى النخاع المجهودات التى بذلتها اللجنة المكونة بواسطة أعضاء المكتب التنفيذى المكلفين من قبل هيئة القيادة (د. الشفيع خضر، ندى مصطفى) مع المجموعات النسوية حسب التقرير السابق يبدو أنها أثمرت الى حد كبير حيث كان حضور النساء فى المؤتمر الثانى للتجمع الوطنى والذى عقد فى مدينة مصوع فى سبتمبر/2002م حوالى ستة عشر امرأة من الاحزاب المختلفة، من بينهن الاستاذة فاطمة أحمد إبراهيم والتى ميز حضورها(السمح) إنها جاءت (على كرسى متحرك) فقد كانت تعانى من كسر فى القدم وبرغمه جاءت كما عهدتها الحركة الوطنية قوية، عنيدة و ثابتة .. عند دخولها الى قاعة جلسات المؤتمر على ذلك الكرسى الذى كانت تقوده زميلتها ثريا التهامى ضجت القاعة بالتصفيق الحاد وكانت تلك هى أخر جولاتها المباشرة مع التجمع الوطن والتى بدأت مع بداياته بالخارج .. فكانت تجربتها مع التجمع الوطنى تجربة (مريرة) بدأت كعلاقة مباشرة بالتجمع فى العام 1995م بعد مؤتمر القضايا المصيرية وانتهت بحضورها لمؤتمر مصوع فى سبتمبر2000م كما ذكرنا ولتك التجربة تفاصيلها نورد منها ما اتيحت لنا فرصة الالمام به. خاضت فاطمة أحمد إبراهيم هذه التجربة فى ظل الظروف التى أحاطت بمشاركة النساء طوال الفترة المذكورة بين المؤتمر الاول والثانى للتجمع الوطنى والتى شكلت فيها المرأة غياباً كاملاً، فكانت لفاطمة مجهودات فردية حاولت بها دفع قضية المرأة داخل اروقة التجمع الوطنى، فبعد ان انتظمت اجتماعات هيئة القيادة إتخذت خطوتها الجريئة التى اعتمدت فيها على إرثها التاريخى و نضالها مع القوى السياسية المشاركة فى التجمع الوطنى ودرايتها ومعرفتها ببواطن قياداتها تجاه قضايا المرأة فبادرت بحضور إجتماعات هيئة القيادة والتى كانت غالباً ما تعقد باسمرا واحياناً القاهرة، كان حضورها يعنى لنا كنساء حرصها على تثبيت حق المرأة فى التمثيل بالتجمع الوطنى، إذ كنا نرى إن فاطمة بحجم تاريخها ونضالاتها فى الحركة الوطنية و النسوية على السواء تستحق هذه المشاركة الى حين حل قضية تمثيل المرأة بالتجمع الوطنى، خاصة وأنها أخذت بزمام المبادرة وتكبدت تبعات وردود أفعال ذلك، بينما كان هذا الحضور غير مرحباً به الى حد كبير وسط البعض من اعضاء هيئة القيادة حيث دار حديثهم (فى السر والعلن) حول عدم تفويضها من قبل النساء وعدم تزكية الحزب الشيوعى لها وإدراجها ضمن ممثليه فى هيئة القيادة والمكتب التنفيذى. وكانت هذه من نواقص اختيار الاحزاب لممثليها بهياكل التجمع الوطنى بما فيها الحزب الشيوعى الذى عرف تاريخياً بموقفه الايجابى تجاه قضية المرأة. برغم الشد والجذب وتململ الاخرين.. ظلت الاستاذة فاطمة حريصة على حضور إجتماعات هيئة القيادة، الى أن بثّ التلفزيون السودانى شريط فديو كانت تخاطب فيه مقاتلى لواء السودان الجديد (الجيش الشعبى) بمعسكر هيكوتا بالجبهة الشرقية، إنتقدت فيه سياسات الحزبين الطائفيين بالتجمع الوطنى بما أثار غضبهما، فأقما الدنيا ولم يقعداها إلا بعد إنسحاب الاستاذة فاطمة وتوقفها عن حضور الاجتماعات تاركة لهم الجمل بما حمل بعد أن تعهدت أن تطلع جماهير الشعب السودانى على ما جرى، وإن اللقاء سيكون فى الميدان الشرقى بجامعة الخرطوم حسب ما جاء فى خطاب الانسحاب الذى تقدمت به لهيئة القيادة، قابلتها فى ذلك اليوم بفندق (أمباسيرا) باسمرا حيث تعقد جلسات ذلك الاجتماع لاعضاء هيئة القيادة والمكتب التنفيذى فى سبتمر 1998م، حكت لى عن معاناتها معهم، وكيف جعلوا من الشريط مبرراً لرفض وجودها داخل الاجتماعات، وكيف توصلت الى قرار الانسحاب وكتبت بذلك خطاب ستعمل على تقديمه فى بداية الجلسة والتى كانت قد حان وقتها، اخذتنى من يدى وذهبت بى الى حيث موظف الاستقبال بالفندق وطلبت منه تصوير ورقة كانت بيدها، اعطتنى الصورة، كانت عبارة عن خطاب الانسحاب الذى تود تقديمه لهيئة القيادة، ودعتنى وتوجهت نحو القاعة.. نص الخطاب: ( صورة طبق الاصل ) السادة/رئيس واعضاء هيئة القيادة تحية واحترام من المؤلم جداً ان اكون سبباً فى تعطيل عملكم، وابناء شعبنا معرضون للقتل الجماعى بارسالهم الى مناطق القتال، ارجو ان تتفرغوا لانقاذهم بالتحرك السريع العملى لتحريك كل العالم لانقاذهم. من ناحيتى التزم بالابتعاد عن التجمع نهائياً واواصل نضالى مع بنات وابناء الشعب السودانى المخلصين – وساوضح للشعب السودانى تفاصيل ماجرى فى هذا الشأن – مع احترامى لكم جميعاً.. وفقنا الله لما فيه مصلحة جماهير شعبنا، وخاصة النساء المضطهدات المظلومات، والى اللقاء فى الميدان الشرقى بجامعة الخرطوم، لتعرفوا رأى الشعب السودانى فى شخصى الضعيف. والعزة والنصر لشعبنا الواعى المخلص ودمتم توقيع: فاطمة أحمد ابراهيم 92/9/98م وهذه نسخة بخط يدها: (عفواً.. لم اتمكن من نقل النسخة الاصلية هنا والتى بخط يدها ولكنها موجودة فى الكتاب) بعدها انقطعت عن الحضور لاسمرا حتى حدث (لقاء جنيف) بين الصادق المهدى و حسن الترابى فى مايو1999م، ذلك اللقاء الذى أثار حفيظة المعارضة وخلق نوعاً من البلبلة بين أقطابها، فعقد التجمع الوطنى اجتماعاً باسمرا فى الفترة 10_15 /6/1999م كان لقاء جنيف على رأس الاجندة، ورد لعلمنا حضور استاذة فاطمة لذلك الاجتماع، ذهبت ورفيقاتى سعاد الطيب حسن ووداد صديق محمد الامين الى الساحة الشعبية بأسمرا (الاكسبو) حيث تعقد إجتماعات هيئة القيادة باحدى قاعاتها .. وبينما نحن فى انتظار نهاية الجلسة لمقابلتها، فوجئنا بخروجها غاضبة، ذهبنا لها مستفسرين عن أسباب غضبها ؟ قالت: " مشيرة باصبعها نحو قاعة الاجتماعات " ( هؤلاء يتأمرون على الشعب السودانى ولكننى لا أخفى على الشعب السودانى شيئاً وتاااااااااااانى بسجل شريط ) تبادلنا الحوار معها .. علمنا ان غضبها يرجع الى محاولات الصادق المهدى تسوييف حقيقة لقاء جنيف وعدم اعترافه بتوقيع اتفاق مع الترابى، وتساهل المجتمعين معه وعدم ممارستهم لاى ضغوط عليه ليقر بابعاد الاتفاق واهدافه وعرض الوثيقة التى تمّ التوقيع عليها، كانت غاضبة ومستنكرة لإتفاق جنيف واعتبرته خروج عن مبادئ التجمع الوطنى المتفق عليها، ويبدو أن هذا الغضب هو الذى دفع بها لحضور ذلك الاجتماع، غابت بعده حتى انعقاد مؤتمر مصوع فى سبتمبر/2000م. وهكذا يجد القارئ فيما سردناه باختصار عن معاناة الاستاذة فاطمة احمد ابراهيم مثالاً للسيطرة الذكورية على مؤسسة يفترض فيها ان تقود الى التغيير وبناء دولة العدالة والمساواة، معاناة امرأة استثنائية لعبت دوراً كبيرأً فى الحركة الوطنية، لم يشفع لها تاريخها الطويل (كونها امرأة) فى مؤسسة ذكورية حتى النخاع.