مشاهد من أكتوبر 64م.. قطار كسلا...علي الزاكي حاج عمر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 06:00 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-04-2012, 10:58 PM

Ridhaa
<aRidhaa
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 10057

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مشاهد من أكتوبر 64م.. قطار كسلا...علي الزاكي حاج عمر


    نشر بتاريخ الإثنين, 29 تشرين1/أكتوير 2012 13:00
    بتعدد زوايا النظر تتعدد المشاهد وإن كان المنظور واحداً ...التاريخ المكتوب سرد وتفسير لأحداث، والذي يطلع على مذكرات الشيخ بابكر بدري ــ تاريخ حياتي ــ يدرك قيمة المذكرات الشخصية في تكوين المشاعر نحو الأشياء لأنه أرّخ للمهدية بما رآه وسمعه وعقله غير منشغل كثيراً بأحداث السياسة إلا بقدر ما تلقي بظلالها على اجتماعيات المجتمع وأنشطته الحياتية.
    خرجنا ثلاثة معلمين من مدرسة القويسي الأولية شخصي ومحمد أحمد عبد الحي من أبناء الزيداب وصديق الصافي من الهلالية وقد صرفنا المرتب «18.46 جنيه/ قرش» متجهين نحو السوق... والقويسي هي البلدة التي غلب عليها اسم النهر واسم المنطقة «الدندر» لأنها حسب لافتة السكة الحديد هي محطة الدندر. وهي مقر رئاسة المجلس الريفي وسكن الناظرين يوسف ومحمد المنصور العجب وأبنائهم الأكرمين وقبل أن نصل السوق قابلنا ناظر المحطة محمود علي إدريس يكاد يصرخ وهو يبلغنا أن العساكر قتلوا الناس أمام القصر... والخرطوم تطلب النصرة وسيصل بعد قليل قطار من كسلا لدعم الثورة بالخرطوم وكان يومها قد نفذ الإضراب السياسي فتوقفت الإذاعة والسكة الحديد والتلفونات... كان الموتر ترولي السريع يسبق القطار ويدخل المحطات ويفتح الخطوط الحديدية لأن عمال المحطة في إضراب وينبه الناس ثم ينطلق نحو الخرطوم وكان ذلك يوم الأربعاء 28 أكتوبر 64م.
    كانت الاستجابة فائقة فخرج السوق نحو محطة السكة الحديد وجمع تجار الدندر كل الرغيف بأفران المدينة والطحنية والجبنة وجوالات التمر. ودخل القطار في تظاهرة يرتفع صفير القطر ويموج والناس يتقافزون ويتصايحون.. استقبال مهيب وتحدث متحدث من القطار عن الثورة والفداء وصعدت أنا أعلى القطار وخطبت في الناس محرضاً على الثورة وقلت لهم ماذا تنتظرون؟ تنتظرون العيش ؟... تنتظرون الفحم؟... وكانت تلال من جوالات الذرة وتلال الفحم قرب المحطة في انتظار الترحيل بالسكة الحديد... ثم فجأة دوّت صافرة القطار إعلاناً لتحركه... ماذا نفعل.. جاءني زميلي صديق الصافي وقال لي نعمل شنو؟ وبدون تردد قلت له نركب... وكيف لا نركب وقد دعونا الناس للركوب.
    الناس داخل القطار منطلقاً من الدندر حالتان ... نوع يهتف «غداً سنعود برأس عبود» وآخرون يستشعرون الخطر ساهمون في صمت ينظرون الأفق ورزيم القطار يجعل الفكر والخيال يتكرر مع رتابة أصوات القطار... كمية من الأصوات تتداخل مع صرير العجلات ولزيادة المشهد مهابة كان كل بضع دقائق يأتي أحد قادة القطار يقدم بيانات عن الخرطوم أو يقدم توجيهات ثم شباب يحملون التمر ومقدار هين لكل واحد يفتح كفيه والتسليم فردياً يداً بيد ولم يمض كثير وقت والقطار يطوي الأرض ويتجاوز المحطات فتوقف في سنار التقاطع وعندما اصطدم القطار الثاني بمؤخرة الأول دفعه مسافة متر للأمام علمنا أن القطار قطاران متتابعان... وأظنها أول سابقة عالمية أن يتحرك قطاران معاً متلازمين كذلك.. وبدأت الخطب في سنار وفجأة تم تشغيل ماكينة قطار متوقف لينضم لمسيرة القطارات بأهل سنار نحو الخرطوم... ولا أعلم لماذا لم يرحب قادة قطار كسلا بقطار سنار ولماذا قتلوا حماسة سنار التي أخمدت في مهدها... علمنا أن توقف القطار القادم في محطة ودمدني وقبل مدني بربع ساعة جاءنا بيان خطير من قادة القطار : أنصتوا.. علمنا أنه سيتم نسف الخط أو تفجير القطار... لن نتوقف في مدني وعلى الجميع أن يلزموا الهدوء لا هتاف بل الصمت.
    واصل القطار دون توقف متجاوزاً مدني والحصاحيصا والمسيد وفي سوبا ظهرت لنا دبابتان يمين ويسار القطار تصوبان المدافع نحو سائق القطار ثم شاهدنا جنوداً بخوذات يرقدون موجهين البنادق نحو القطار كل عشرين متر عسكري مدجج... وكنا نستتر بجدار عربة القطار وهي ألواح خشب لا تقي من الرصاص.
    أقيمت حواجز وعلامات أوقفت القطارين عند كبري الحرية بالخرطوم... ونزلنا والقطار محاط بقوات بلبس خمسة يحيطون بنا في حصار كامل... من مكبر صوت يدوي صدرت تعليمات من ضابط شرطة يأمر الناس بالتزام الهدوء وعدم التحرك وتسليم الأسلحة... وصعد على حجر شاب وجيه وخطب في ثقة قائلاً:-أنا المحامي ساتي مسؤول مسؤولية كاملة عن هذا القطار ولا توجد أي قطعة سلاح داخل القطار إنما نحن نعبر عن شعب أكتوبر ... الخ . ولجهلي لم أتعرف على غيره من قادة القطار سوى أن اسم محمد جبارة العوض كان يتردد. وهدأت أنفاسنا بعد أن هدأت أنفاس العساكر فقد كان هناك فهم أن القطار قادم من كوستي بأنصار الجزيرة أبا... أطلّ علينا فجأة من أعلى كبري الحرية وبلحيته الدائرية شيخ الأمين محمد الأمين رئيس اتحاد المزارعين والشيوعي المعروف وقال لنا لقد انتصرت الثورة وقرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة تسليم السلطة والآن تجرى المفاوضات لتسليم السلطة... وبعده بقليل وحتى لا ينفرد الشيوعي بالموقف خاطبنا من نفس المكان وبنفس الكلمات دكتور صلاح عبد الرحمن علي طه ــ حزب أمة ــ
    انفرج الحصار الدائري من الجنود قليلاً فحاولت عربة مكتوب عليها جريدة الصحافة وعليها خريطة إفريقيا الدخول فأوقفت على مسافة ووزعت لنا العدد الخاص كأول صحيفة تصدر بأخبار الثورة وتحمل صورة أحمد القرشي وتوزع مجاناً.
    أحمد قرشي طه زاملته بمعهد الدلنج حينما قبل بمدرسة أبوجبيهة الوسطى ولعدم قيام مباني بأبوجبيهة ألحق التلاميذ بمدرسة الدلنج الريفية وكان يسبقني بعام وبعد السنة الثانية غادر مع مدرسته إلى أبوجبيهة وظل أخوة عبد المتعال معنا بالدلنج. وقف القطار في موقعه مواجهاً كبري الحرية من الغرب وظل مسكناً لنا لثلاثة أيام نغدو صباحاً منطلقين لشوارع الخرطوم نعايش الثورة ونرجع للنوم فيه... وقطعاً لا شنط ولا غيار ملابس ولا حمام ولا ذهاب للأهل بالخرطوم وأم درمان... وكان الشارع يعجُّ بأخبار الثورة... ومجموعات سياسية تخرج في تظاهرات صغيرة يتحول أغلبها لمناوشات بين الشيوعيين والإخوان المسلمين تتصاعد من المناقشة للتحدي وربما المصارعة فوجدت نفسي «أجاهد مع المسلمين» لا عن سابقة تنظيمية ولا معرفة سياسية...فقط لأني ــ ومازال عمري سبعة عشر عاماً ــ كنت قارئا نهماً لـ«العقاد، والعبقريات، وذو النورين، والصديقة، وأبو الشهداء، وساعات بين الكتب والناس» كنت كل شهر في طريقي للدندر أغشى مكتبة مضوي بمدني فأشتري كتباً بثلاثة جنيهات من مرتب قدره 18 جنيهاً والعدد من «10 ــ 15» كتاباً هي مونة قراءة شهر قرأت الكندي والفارابي وابن رشد وابن سينا. فأسفت أن لم أجد مكتبة تبيعني كتباً أثناء الثورة بالخرطوم ولكني اكتسبت انتماء سياسياً في الشارع السياسي. شكله عباس العقاد قبل أن يشكله حسن البنا عليهما الرحمة والرضوان.
    وأخيراً ركبنا القطار ذاته عائدين بعد إعلان سر الختم الخليفة رئيساً للحكومة.
    كانت عربات القطار عند العودة وكلها من الدرجة الرابعة :- «مسارح تمثيل، ومنابر خطب، وبعضها غناء ورقص وسجار». وصل القطار لمحطة الدندر وقابلنا الناس بالترحاب والتقدير ولا أنسى الرجل الكبير الرقيق الضابط الإداري إبراهيم يوسف سليمان أبوسن حين قبل رأسي ثلاث مرات.
    نزلـــنا من القـــــطار
    حين ذهب كان اسمه قطار الموت
    وحين رجع كان اسمه قطار النصر
    ولكن يظـل هو قـطار كســلا.



    http://alintibaha.net/portal/%D8%B1%D8%A3%D9%...C-%D8%B9%D9%85%D8%B1
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de