|
حول محاكمة جليلة خميس: ما أغبى أنظمة الإستبداد !!
|
يلازمني اعتقاد دائم أن أنظمة الاستبداد كلها من طينة واحدة منذ أقدم العصور إلى يومنا هذا. ولعل القاسم المشترك بينها أنّ القائمين عليها يحسبون الشعوب التي رزئت بمجيئهم في غفلة منها قد أصبحت بعض أملاكهم ؛ لهم الخيرة في قهرهم وإذلالهم متى شاء مزاجهم. يخطبون ود الشعوب متى أحسوا الخطر؛ وينصرفون عنهم متى اطمأنوا أنّ كرسي الحكم بخير. لا يريد أي طاغية - على مر التاريخ - أن يكون في الساحة صوت يعلو على صوته.. لذا كانت المشانق والسجون والمعتقلات والمنافي هي الأدوات التقليدية لقمع الشعوب وإسكات كل صوت يجهر بغير ما يريده الطغاة. ولعل من بين تلك الأدوات أيضاً المحاكم التي ترفع إليها التهم وتصدر في أضابيرها الأحكام قبل مثول المتهم أمامها. والنظام السوداني الحالي ليس استثناء، بل أكاد أجزم أنه استنفد معظم الحيل التقليدية في قمع الخصوم. ولعل محنته التي يعيها كل ذي بصيرة أنه أدمن الأكاذيب ومكبرات الصوت حتى إنها باتت ممجوجة. فالنظام الذي يحتكر سدنته التحدث بالإسلام دون الأخرين بدأ مساره بكذبة - (إدعاء أنهم القوات السودانية المسلحة وأنهم جاءوا لينقذوا البلاد والعباد)!! ومحنة هذا النظام أنه استنفد من الأحابيل والحيل ما لم يبق في رصيده ما يباع من الوقت ويشترى..ومن بين تلك الحيل محاولة إخافة أبناء وبنات شعبنا بالمحاكم وما يتبعها من عقوبات قد تصل الإعدام!! أجهزة أمن "الإنقاذ"- وهي "لحم راس" وطرائق قددا في العواسة واللت والعجن- طلعت على الشعب السوداني ببدعة تركتها خلفها أكثر أنظمة الإستبداد رداءة في هذا العصر - أعني جلد واضطهاد النساء عياناً بياناً..والقصد إذلال من تقطع جلدها السياط وكذلك إشانة سمعة أهلها في مجتمع يقوم على الأسرة كإحدى أهم الركائز. ومنها كذلك إرسال إشارة سالبة بأن ذلك سيكون مصير كل امرأة تقوم بنشاط معاد للنظام الحالي. وحين انفضح أمر النظام في عصر الفيديو والإنترنت ، عمد إلى أسلوب المحاكم والسجون (للنساء أيضاً) حتى كانت الفبركة السخيفة للصحافية السودانية لبنى (قضية البنطلون) والتي انقلب فيها السحر على الساحر..فكان النظام مثل من فقد البوصلة ..لا يدري أي الإتجاهات يسلك: لا هو قادر على جلد الصحافية التي ذاع خبرها وعم القارات كلها، ولا هو بقادر على سجنها !! فأصبحت فبركة إطلاق سراحها من أكثر المسرحيات سوءاً في التمثيل والإخراج. ولأن أنظمة الإستبداد لا ترعوي ما صام الناس عن النضال ، فقد واصل هذا النظام محاولة إذلال مناضلة سودانية أعادت للمرأة والرجل على السواء كبرياء وشموخاً هما ديدن إنسان بلادنا كلما قست المصائب وادلهمت الخطوب. لست أدري لماذا كلما قرأت شيئاً عن المناضلة جليلة خميس كوكو قفزت إلى مخيلتي صورة "مندي" ،إبنة السلطان" عجبنا ، سلطان قبيلة النيمانج (بجبال النوبة) والذي قاد مقاومة شرسة ضد الاستعمار البريطاني في بدايات القرن المنصرم. حتى إذا قبض وحكم عليه بالإعدام شنقاً كانت بنته مندي تقود تظاهرة من الفتيان والفتيات يتغنون للبطل الواقف كالطود الأشم تحت المشنقة. حينها صرخ البطل عجبنا في الحضور قائلا": (حلفتكم بي الله كن ما تنادوا في الحلال والفرقان..وتقولوا للما شاف عجبنا ، يجي يشوف عجبنا !!!) ربما أن استدعاء التاريخ كان سببه أن المناضلة جليلة خميس كوكو جاءت من نفس تلك البقاع التي أنجبت "مندي". وهي أيضاً نفس الأودية والجبال الشم التي شهدت خطا رابحة الكنانية تجري مسيرة يوم لتنقل الخبر للمهدي الإمام في "قدير" حتى لا يداهمه جيش العدو بقيادة هيكس باشا على حين غرة. محاولة إذلال جليلة خميس - أعني الغارة الشعواء التي قام بها جندرمة الأمن السوداني في قلب الليل لينتزعوا هذه السيدة بقميص النوم من بين أطفالها، محدثين هلعاً ورعباً بين النساء والأطفال - هذه المحاولة لإذلال هذه المناضلة- لن تزيد جليلة وبقية نساء بلادنا إلا صموداً وثباتاً. ولعل من أجمل ما قام به رهط من شباب وشابات بلادنا النداء قبيل العيد بيومين أن يتجه الناس صباح العيد لبيت جليلة خميس متضامنين معها ومع أسرتها. أثبتت المرأة السودانية أنها ليست الحائط القصير أو معمل التجارب لأنظمة الإستبداد ، وإنما هي صنو الرجل وشريكته في صناعة مستقبل هذه البلاد. كلمة قبل الأخيرة: كاتب هذه السطور لم يفقد الثقة في القضاء السوداني (الجالس والواقف).. وعلى الرغم من محاولات هذا النظام إفراغ العدالة من محتواها على مدى عقدين ونيف من الزمان إلا إن أصحاب الضمائر الحية بين قضاتنا ما زالوا بخير. ولعل هذا يعطينا الأمل في أن الفصيل الأخير لفبركة التهم ضد جليلة خميس لن يكتب له النجاح! وكلمة أخيرة: إن أضعف الإيمان أن يزحف أبناء وبنات شعبنا غداة يوم المحاكمة إلى مقر المحكمة، وتطويقها، معلنين عن رفضهم لمهزلة محاكمة المناضلة جليلة خميس كوكو.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حول محاكمة جليلة خميس: ما أغبى أنظمة الإستبداد !! (Re: فضيلي جماع)
|
تحية الاخ فضيلى جماع من أبداعات أنظمة الهوس الدينى تهمتين متلازمتين الردة والعمالة الأجنية ,لكن باصالة منقطعة النظير فاقت حكومة الأنقاذ كل هؤلاء بألصاق تلك التهم على المستضعفات من نساء السودان,وأدمنت اطلاق تلك التهم حتى صدقتها وظنت انها تجوز على الجميع..وهيهات الحرية لجليلة خميس بلا قيد وشرط.
بثينة تروس
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حول محاكمة جليلة خميس: ما أغبى أنظمة الإستبداد !! (Re: محمود الدقم)
|
الدقم يا زول يا حلو..وينك ياخي. أنا وصلت لندن من قبل عشرة يوم من العيد وكنت عايز أتصل عليك عشان ننسق كيف نتقابل...لكن رقمك ضاع مني..فالمعذرة. على كل حال راح أكون في ليدز ضيفا على الإخوة السودانيين هناك في أمسية ثقافية (شعرية) يوم السبت 25 أغسطس الحالي بعون الله. لو المكان فركة كعب يشرفني اشوفك هناك. كن بخير أيها الصديق.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حول محاكمة جليلة خميس: ما أغبى أنظمة الإستبداد !! (Re: هيثم الحسين)
|
Quote: دوماً فى الجانب والموقع الصحيح من التاريخ والقضايا الانسانية العادلة ومثقف واسع الروية وغير مستكين لتحليل البسيط واختزال القضايا وتغبيش الوعى لك التحية والحرية والمجد لجليلة /QUOTE]
الأستاذ/ هيثم الحسين.. أسعدتني كلماتك الراقية وطربت حتى حسبت أنني كما وصفتني ..لكني ودون تواضع زائف أطمع أن أكون كما وصفتني. أسأل الله أن أكون عند حسن ظنك أيها الرائع.
| |
|
|
|
|
|
|
ولعل أسوأ حالات الضعف التي تنتاب الأنظمة والشخوص حين تتجاسر أدوات السلطة ووسائلها على النساء
|
|
|
العزيز/ Hani Arabi Mohamed.. أظنك على حق..فالفعل البشري عبر التاريخ تكرار ممل في بعض حالاته.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حول محاكمة جليلة خميس: ما أغبى أنظمة الإستبداد !! (Re: مامون أحمد إبراهيم)
|
أخي الأستاذ/ مامون أحمد إبراهيم تحايا عطرة وأمنيات قلبية لك وللسيدة الفاضلة التي أحسنت ضيافتنا في بيتها العامر دائماً بإذن الله. ما زلنا نطراكم بالخير وجميع الأحباب في الدوحة. عيدكم مبارك وتعود الأيام والوطن بألف خير. شكراً على الطلة. نعم ..الحرية للمناضلة جليلة خميس ولشعب جبال النوبة الصامد .. والحرية من قبل ومن بعد لوطننا الكبير ولشعبنا في كل بقعة فيه.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حول محاكمة جليلة خميس: ما أغبى أنظمة الإستبداد !! (Re: صابر عابدين)
|
[/ QUOTE] ومن اسباب غباء انظمة الاستبداد كون انها تستنسخ بعضها الانقاذ مستنسخة من مايو ومايو مستنسخة من نوفمبر وهكذا Quote: صدقت أخي صابر عابدين..قهر الآخر وإذلاله لا يحتاج عبقرية. كل ما يحتاجه المستبد ذراع عسكري/مليشيا..وعقلية تآمرية تلغي الآخر ، بل تضعه في قائمة العدو.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حول محاكمة جليلة خميس: ما أغبى أنظمة الإستبداد !! (Re: Amani Al Ajab)
|
نظام لا يحترم حقوق مواطنية غير جدير بالبقاء. المجد و الحرية لجليلة خميس و لكل الشريفات فى سجون السلطة الفاشية. تبنى ملتقى أيوا الأخير فى بيانه الختامى قضية الناشطة جليلة. طالب المؤتمرون بإطلاق سراح جميع المعتقلين والمعتقلات من سجون النظام فوراً وإيقاف تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة ضد الناشطين السياسيين والأسرى ومناشدة المجتمع الدولي للتدخل لإنقاذ المناضلة الأستاذة جليلة خميس كوكو وأمية عبد اللطيف حسن من الإعتقال والتهديد بتنفيذ حكم الإعدام. لك الشكر يا أستاذ فضيلى جماع.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حول محاكمة جليلة خميس: ما أغبى أنظمة الإستبداد !! (Re: نزار يوسف محمد)
|
Quote: في هذا العصر - أعني جلد واضطهاد النساء عياناً بياناً..والقصد إذلال من تقطع جلدها السياط وكذلك إشانة سمعة أهلها في مجتمع يقوم على الأسرة كإحدى أهم الركائز. ومنها كذلك إرسال إشارة سالبة بأن ذلك سيكون مصير كل امرأة تقوم بنشاط معاد للنظام الحالي. |
شكرا استاذ فضيلي جماع ولنعمل جميعا لقبر هذا التاريخ الاستبدادي الي الابد
| |
|
|
|
|
|
|
| |