بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-18-2024, 09:56 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-17-2011, 11:57 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد

    الزميل صديق تاور زميل دراسة بمصر كان نشطا سياسيا ضد نظام النميرى الذى اسقطه الشعب السودانى بانتفاضة شعبة ..

    سيقت التونسية والمصرية وكاتب متواصل مع قرائه عبر صحيفة الصحافة كتب اجمل مقالاته اليوم فى ذكرى المولد النبوى الشريف رايت ان افتح به بوستا خاصا ومن ثم نتواصل لنعرف الفرق بين شريعة اهل الانقاذ وشريعة الله


    في ذكرى المولد.. نعم لشريعة الإسلام لا لشريعة «الإنقاذ»

    صديق تاور

    ٭ مع بداية عهد «الانقاذ؟!» تم توظيف الدين الإسلامي سياسياً تحت لافتة المشروع الحضاري. وقد جاء الانقلاب نفسه كامتداد لذلك التوظيف السياسي بعد أن تمت التهيئة له بتعبئة قواعد «الجماعة» ضد اتفاق الميرغني-قرنق الذي كان قد حُدد يوم 5/7/9891م موعداً للتوقيع عليه من قبل رئيس الوزراء وقتها السيد الصادق المهدي ورئيس الحركة الشعبية الدكتور جونق قرنق. فقد علت شعارات من نوع لا سلام بلا إسلام، والإسلام قبل القوت، لا شرقية ولا غربية.. إسلامية مية المية.. الخ..الخ، قبل أن تنفذ الجماعة انقلابها على النظام الديمقراطي التعددي القائم آنذاك في 03/6/9891م. وبذلك قطعت جماعة «الانقاذ؟!» الطريق أمام سلام حقيقي بين شطري السودان، لم يكن ضمن أجندته تقرير المصير للجنوب، ولا إقامة دولة دينية او لا دينية، حيث تمحورت أهم بنود ذلك الاتفاق حول وقف الحرب وعقد مؤتمر قومي دستوري جامع يؤطر لدستور دائم يحكم السودان باشتراك جميع المكونات السياسية فيه، وهو الاتفاق الذي التف حوله الجميع وفارقتهم الجماعة مثل ابن نوح الذي أبى أن يركب السفينة



    ٭ وتحت لافتة «التمكين» لحكم المشروع الحضاري، جرت حملة شرسة على وظائف الدولة الحساسة لصالح عضوية الجماعة، تقوم على شرط وحيد هو الولاء الاعمى فقط، بعيداً عن اعتبارات الاهلية والمؤهل والخبرة أو عفة اليد أو نقاء السيرة، وسريعاً صار هؤلاء يسيطرون على كل مراكز القرار الاداري والمالي في مرافق الدولة المختلفة، وبالتالي يقررون في كل صغيرة وكبيرة دونما دراية أو علم. وأصبحوا هم الذين يقررون في بقاء هذا وذهاب ذاك في هذه المؤسسة أو تلك، وهم الذين يعقدون لجان المعاينات لطالبي الوظائف، ويحددون التنقلات بين أفرع المؤسسات، ويقررون في اجراءات التدرج الوظيفي للعاملين، وهكذا وهكذا. وبالتالي أصبحت التقارير الحزبية الخاصة بالجماعة هي التي تدير مؤسسات الدولة وليست قوانين المهنة ولوائحها الادارية.


    ومن جهة ثانية نفذت الجماعة حملات تصفية ادارية واسعة جداً تحت شعار التمكين أيضاً، ضد كل من لم يثبت ولاءه الاعمى لمشروعهم الحضاري. فتطاولت قوائم الفصل التعسفي لعشرات الآلاف من العاملين في الدولة دونما وجه حق سوى عدم الولاء، وبالتالي فقدت عشرات الآلاف من الأسر السودانية «التي تشهد ان لا إله الا الله وان محمداً عبده ورسوله»، فقدت من يعولها وتشرد أبنائها وبناتها وتركوا مناطق استقرارهم ليعيشوا الذل والهوان في اطراف العاصمة يتكسبون من المهن الهامشية التي لا تثمن ولا تغني من جوع. ولم يسلم من سياسة قطع الارزاق هذه اولئك الذين يعملون بعيداً عن مؤسسات الدولة الحكومية مثل التجار وعاملي القطاع الخاص. فقد استهدفت الجماعة النشاط الاقتصاد والتجاري بالتضييق على الخصوم بسلاح الاجراءات «الضريبية وغيرها»، وفي ذات الوقت التسهيل لعناصرها التي اقتحمت هذا المجال تحت عنوان «الاستثمارات»، أو المنظمات أو الصناديق. وبذلك تحول حزب المشروع الحضاري الى طبقة جديدة مسيطرة على السوق والسلطة ومفاصلها المهمة، وهي طبقة مختلفة تماماً عن الرأسمالية السودانية التقليدية التي بنت نفسها بالكسب الحلال والربح البسيط والصبر والامانة.



    ٭ وتحت عنوان التمكين أيضاً لدولة المشروع الحضاري، جرت ملاحقات أمنية واسعة ضد كل خصوم الجماعة السابقين واللاحقين، بطريقة تنم عن الاحقاد الدفينة ورغبة الانتقام ليس الا. فقد ظهرت «بيوت الاشباح» لاول مرة في السياسة السودانية، وتم تعذيب البعض حتى الموت، وجرى التنكيل بالمعتقلين والاساءة لهم بعيداً عن القانون والعدالة وبعيداً عن مبادئ الدين الحنيف التي تدعو الى مخافة الله عباده.
    وفي ظل دولة المشروع الحضاري الانقاذ هذه، أُعدم شهداء حركة رمضان الثمانية والعشرين في الشهر الحرام بمحاكمات جزافية ولا تعرف أسرهم إلى الآن مدافنهم أو وصاياهم حتى.



    ٭ وباسم المشروع الحضاري تم استئناف الحرب في الجنوب بوتائر تصعيد اعلى من ذي قبل، بخطاب ديني يصف ما يجري بانه حرب صليبية ضد الإسلام، وبالمقابل يصف التصعيد على جبهاتها بالجهاد في سبيل الله وهي التعبئة التي طبعت الخطاب الانقاذي في كل مراحله ومعاركه السياسية، سواء في الجنوب أو في دارفور أو حتى في المسرح السياسي العام أو في الجامعات. وبانقسام منظومة «الانقاذ» في 9991م والذي انتهى بالجماعة الى مؤتمر شعبي «معارض» ومؤتمر وطني «حاكم» يكون الاساس السياسي للمنظومة قد تعرض للانقسام أيضاً دون أن يلامس ذلك تمسك كل طرف بالخطاب الديني المتعلق بالشريعة والإسلام، لينطرح السؤال الجوهري هنا حول من يحق له في هذه الحالة الحديث باسم الإسلام ودولة الشريعة والمشروع الحضاري. بمعنى آخر ما هي علاقة الإسلام كدين بما يجري على صعيد حكم الانقاذيين في السودان من سياسات هي في كثير من جوانبها معادية للإسلام نفسه.


    ٭ لقد جاء الإسلام ليتمم مكارم الاخلاق، اي ليهذب السلوك الانساني للمجتمع ويرتقي به الى ما يصون كرامة الناس وآدميتهم دونما قهر او تكميم أفواه أو إفقار أو ظلم أو اهانة أو حرمان، فاساس الشرع يقوم على القيم التي من اجلها جاء الدين، فالدين المعاملة، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، ومن غشنا ليس منا ومن اين لك هذا، ولا إكراه في الدين، وما أرسلناك الا رحمة للعالمين.. كل هذه القيم لم تتوفر لدى جماعة المشروع الحضاري السوداني منذ مجيئهم والى اليوم. بل على العكس كل ما يصدر من عندهم هو ضد هذه القيم تماماً، والا فليقل لنا هؤلاء وفقهاؤهم من اين لهم هذه الوضعية الطبقية المترفة بينما كان الواحد منهم الى عهد قريب لا يملك غرفة من «الجالوص» في اطراف العاصمة على حد وصف احد قياداتهم التي زهدت عنهم بعد ان اشمأزت من مفاسد سد السلطة فيهم. او فليقولوا لنا ما هو المسوغ الشرع لبيوت الاشباح او قانون الامن او الاعتقالات او التعذيب او الفصل التعسفي من المهنة لعدم الولاء للحكام، او فليقولوا لنا من منظور الشرع أين يقع اشتراط تحديد الانتماء القبلي عند التقديم لوظيفة عامة، وما هو الشرعي في احتكار وظائف الدولة لكوادر الحزب الحاكم او محاسيبهم. أيضاً فليقل لنا هؤلاء أين موضع قمع التظاهرات غير الموالية للحكام من الشرع، وماذا يقول الشرع في الذي يرفض التصديق للمعارضة باقامة ندوة او لقاء جماهيري أو مسيرة ولكنه يسمح بذلك لمنبر السلام العنصري ولانصار الحكومة.



    ثم فليقل لنا هؤلاء ماذا يقول الشرع في الجماعات التي تستغل السيارات المكشوفة مدججين بالاسلحة البيضاء وغيرها، يعتدون بها على معارضي النظام من الطلاب والطالبات في الجامعات بطريقة غوغائية مسيئة للإسلام والمسلمين.
    أيضاً ماذا يقول الشرع في تزوير الانتخابات عموما سواء في النقابات او الاتحادات الطلابية او انتخابات المجالس النيابية او الرئاسة. وما حكم الشرع في من يحكم بانتخابات مزورة ثم يوهم نفسه والناس بانها انتخابات حرة ونزيهة بينما هو اول من يعلم بانها عكس ذلك.
    وما حكم الشرع في من يوفر من خلال حكمه اسباب الفرقة والشتات لشعبه بما يسمح بانقسام البلد بكامله وتفتيته في سبيل ان يستمر هو في السلطة.



    ٭ بمقاييس الإسلام فان تجربة الانقاذ وحزبها الحاكم في السودان بعيدة تماما عن مقاصد الدين الحق بل ومناقضة له في اغلب الاحايين، بما يعيد الى الاذهان السنوات الاخيرة لحكم الرئيس المخلوع جعفر نميري الذي استخدم نفس الخطاب الديني السياسي وبنفس الطريقة محاولاً أن يضفي قدسية دينية لنظام حكمه تعصمه عن أي صوت معارض. وقد اتسم العهد المايوي بالكثير مما اتسم به العهد الانقاذي من فساد وغلاء وفقر وقمع وقهر للخصوم. وقد زيّن الانقاذيون وقتها للمخلوع نميري بأنه محكم الشرع وحامي حمى الدين وبايعوه أميراً للمؤمنين، وتولوا ادارة القضاء المشوه واستخدموا الدين لارهاب العباد وتخويفهم وفي قهر الخصوم والتنكيل بهم دون ان يمنع ذلك شعب السودان من الانتفاض ضد ذلك النظام الفاسد الذي لم يتورع من تدنيس أقدس مقدسات الشعب بعد أن نهب قوته وجوّع شعبه.


    ٭ في ذكرى مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم نحن أحوج ما نكون إلى أن نتبين الدين الصحيح، دين العدل والحرية والرحمة، دين مكارم الاخلاق، والصدق والامانة، دين كرامة الانسان، دين عفة اليد واللسان، دين التواضع لله والناس، دين أكبر الجهاد جهاد النفس.. وأن نميز بين شريعة هذا الدين السمحاء وبين شريعة «الانقاذ؟!»
                  

02-17-2011, 12:31 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة"
    صدق الله العظيم

    (1)

    بدرالدين يوسف دفع الله السيمت

    الحكومة الدينية فكرة خاطئة لا سند لها في القرآن الكريم

    القرآن الكريم، هو كلام الحق القديم، تنزل من العرش المتين، ثم جرى على لسان النبي الأمين ، في يسر وطلاقة، وسلاسة وبلاغة، في شكول كلمات عربية، وفي شكول حروف متقطعة، تشكلت منها عبارات صقيلة ، فخيمة المباني، بهية المعاني، عليها طلاوة وطراوة، أعلاها مثمر، وأسفلها مغدق.
    القرآن نبع من شواهق الأزلية، ثم سار في شعاب الأبدية، سرمدا من غير بداية، ومن غير نهاية، لأنه كلام الله، بصريح نص لامرية فيه: "فأجره حتى يسمع كلام الله" وكلام الله صفته، وصفات الله قديمة قدم الله، فالله كان متكلما أزلا، وسيظل متكلما أبدا، وهو لا يتكلم إلا بهذا القرآن: " ولو أن قرآنا سيرت به الجبال، أو قطعت به الأرض، أو كلم به الموتى"


    القرآن بهذا الشأو السامق، والعز الباذخ ،هو كتاب عزيز" لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه" ... القرآن بهذا السمو السامي والشموخ العالي، هو محض روح: " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا"... القرآن بهذه الأنوار القدسية ، والحكم الجلية، ، هو برهان الرب العظيم، ونوره المبين، ليس للمسلمين فحسب، وإنما للناس، كل الناس : " ياايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم، وأنزلنا إليكم نورا مبينا" .
    القرآن، في سبحاته العليا، قد خلا من الشك والريب، ولايهتدي به إلا المتقون: " الم * ذلك الكتاب لاريب فيه، هدى للمتقين" ... القرآن في حروفه المتقطعة، في أم الكتاب، أعلى وأحكم من اللغة، ولكن الله جعله عربيا، لنعقل عنه: " حم * والكتاب المبين *إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون* وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم"


    إذا كان القرآن روحا، فكيف يكون الروح دستورا؟ كيف يكون الروح قانونا، تدبجه وتقعده وتنظمه، الهيئات التشريعية، التي جلها بئيس تعيس!!
    إذا كان القرآن لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فكيف يكون القرآن ، قانونا، مثل سائر القوانين، التي يبطل لاحقها سابقها، كلما دعت الحاجة لذلك؟ وكيف يكون الله العظيم، الذي ملأ نوره الزمان والمكان، واستفاض وأربى على اللازمان واللامكان، مجرد مشرع، يتابع هموم أهل الدنيا؟؟
    إذا كان القرآن برهان الرب، ونوره المبين، فكيف يكون برهان الرب دستورا، وكيف يكون نور الله قانونا؟ وهل يعرف الدعاة الإسلاميون الذين نعرفهم جيدا برهان الرب وهل شاهدوا نوره؟ وهل يستطيع أحد أن يجعل النور الحسي قانونا، دع عنك نور الرب المبين؟
    إذا كان القرآن ، لا ريب فيه، فكيف يكون القرآن قانونا؟ كل من يعرف القانون يعرف أن أي قانون قابل للتعديل، لأنه قد إستنفد غرضه، ولأنه مشكوك في صلاحيته.
    إن القول بأن القرآن دستور، أو أن القرآن قانون، هو قول باطل ، من جميع الوجوه، بل مسرف في البطلان، و قد اعظم به أصحابه الفرية على الله... القرآ ن أعظم وأجل مما يظنون.
    بل إننا لا نستطيع مس معاني القرآن الباهرة، ومعارفه الزاهرة، ومعينه الذي لا ينضب، إلا إذا طهر الله قلوبنا بنوره تطهيرا، بعد تطهير: "

    إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون* لايمسه إلا المطهرون* تنزيل من رب العالمين"... إنما يكون التطهير على نحو مما جاء في مقالنا السابق: " تصاوير على حواشي القلوب، وإرهاصات الثورة الفكرية" والذي نذكره على سبيل التمثيل وليس الحصر....القرآن لو نزل على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله .
    الفرآن بهذه الصفة الخالدة، يستحيل ان يكون دستورا ، أو قانونا، أو لائحة تنفيذية، لأن القرآن مطلق إطلاق الرب، حيث منتهى الحقوق عند التناهي، حيث لاحيث!! أما الدستور، فهو تطلعات البشر للمثل العليا، الموضوعة في قوالب قانونية، ولكنها تطلعات مقيدة بحدود العقل البشري.. أما القانون فهو أشد أسرا وأكثر قيدا، من أبيه الدستور... القرآن كلام الرب الذي ينتهي إليه تطور كل متطور: " وأن إلى ربك المنتهى"
    القرآن يتحدث عما وراء الطبيعة، بلسان الغيب : " ويكفرون بما وراءه وهو الحق" ... فهل يستطيع أي مشرع، مهما أوتي من المقدرات، أن يجعل الغيب، وأمور ما وراء الطبيعة، ومعجزات الرسل الكرام، وخوارقهم ، دستورا ، أو قانونا؟ اللهم لا.
    والآن ماذا يريد دعاة الحكومة الإسلامية أن يطبقوا من آيات القرآن الكريم، هل يريدون تطبيقها كلها؟ ام بعضها؟
    يبلغ عدد آي القرآن الكريم 6236 " ستة آلاف ومائتان وست وثلاثون " آية . فعن أي آيات يتحدث حكام السودان الشمالي ، ودعاة الدستور الإسلامي؟

    مئات الآيات تتحدث عن صفات الذات الإلهية وقصص الأنبياء


    كما هو واضح فإن مئات الآيات القرآنية، تتحدث عن صفات الذات الإلهية، وترسيخ وحدة الفاعل وقصص الأنبياء... والسؤال المطروح لحكام السودان الشمالي، كيف سيجعلون من هذا الكم الهائل من الآيات، دستورا وقانونا، علما بأن هذه الآيات الكريمات تقرير لصفات الذات الإلهية، أو سرد لمجموعة قصص ، في حق الأنبياء الكرام وصفاتهم النبيلة.
    كيف يجعلون من آية الكرسي، ومن صيغ التوحيد، ومن نور الله الذي مثله كمشكاة فيها مصباح، المصباح في زجاجة ، الزجاجة كأنها كوكب دري، دستورا وقانونا؟
    كيف يجعلون من بقرة بني إسرائل، أو هدهد سليمان، أو ناقة صالح، أو ###### أهل الكهف، أو ثعبان موسى، أو حمار الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها، دستورا وقانونا؟
    كيف تكون قصة العبد صالح مع موسى ، أوقصة الإسراء دستورا؟ وما يقال عن كل أولئك يقال عن طوفان نوح، وقصة يوسف مع إخوته، وقصة موسى مع فرعون، وقصة يونس مع الحوت.

    مئات الآيات تتحدث عن أهوال القيامة، وأوصاف الجنة والنار، والبعث، و الملائكة وإبليس والجن وأخبار الملأ الأعلى، وأنوار الملكوت

    بدون دخول في تفاصيل ، فإن جميع هذا النوع من الآيات، لايمكن أن يكون دستورا، او قانونا... إن الملأ الأعلى، وإن قدس الأقداس، لاتمس أرضه الطاهرة قيود القوانين، ولا تدنسه الأٌقدام، لأن أرض القرآن ليست أرض الديار التي نسير فيها، ولا أرض الأموال التي نتوارثها، وإنما هي أرض نطير فيها، بقدرة الخلاق، فلا تطأها الأقدام : " وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم، وأرضا لم تطؤها، وكان الله على كل شئ قديرا"
    كيف تكون قصة الخلق، وإغراء إبليس لآدم وحواء، وإخراجهم من الجنة، وأخبار الغيوب دستورا وقانونا!! وكيف يكون قدس الأقداس، دستورا وقانونا؟؟

    مئات الآيات تتحدث عن أوصاف الطبيعة، وقصة الخلق

    مئات الآيات القرآنية، تتحدث عن وصف خلاب لروعة الطبيعة وجمالها ، المستتر في خلق السماوات والأرض، والمتجلي في الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب، والسؤال المطروح ، كيف تكون مثل هذه الآيات دستورا ، أو قانونا؟

    مئات الآيات تتحدث عن الصلاة والصيام والحج

    بدون دخول في التفاصيل ، كيف تكون العبادات ، التي هي معاملة بين العبد والرب، دستورا أو قانونا، يناقش ويجاز في البرلمانات، والهيئات التشريعية.

    تسع وعشرون آية عبارة عن حروف متقطعة

    بدون دخول في تفاصيل، كيف تكون آيات مثل حم، وكهيعص، والر، ونون وقاف، دستورا، أو قانونا؟ لقد بلغ عدد الحروف المتقطعة في القرآن أربعة عشر حرفا، ظهرت في تسع وعشرين تشكيلة، كل تشكيلة منها، تفيد أنها هي القرآن: " الم * ذلك الكتاب" ، وما يقال عن الم يقال عن أخواتها من التشكيلات البديعة الغريبة، التي أعجزت فهوم القدماء، وحيرت المحدثين، فاكتفى أحسنهم وأمثلهم طريقة في التفسير بقوله : " الله أعلم بمراده"
    نخلص من كل أولئك، أن هناك آلاف الآيات القرآنية، غير قابلة للتطبيق كدستور أو قانون... إذن، فإنه يجب على دعاة الإسلام، أن يتحلوا بشئ من الأمانة والصدق - إن كان ذلك ممكنا – ويعلنوا للناس أنهم يريدون تطبيق وتقنين جزء يسير من آيات القرآن!! ولننظر، الآن في هذا الجزء اليسير من الآيات ، ونرى هل هي حقا آيات قابلة للتطبيق في نظام إداري حكومي؟

    ماذا بقي من آيات القرآن إذن؟

    لقد أثبتنا أن أنواع الآيات المذكورة أعلاه، غير قابلة للتطبيق في نظام حكومي إداري. لذا، لم يبق من آيات القرآن إلا نذر يسير، يعالج المواضيع التالية:
    آيات تتحدث عن الجهاد وما يتعلق به من رق وجزية وغنائم :
    آيات تتحدث عن الزكاة (الصدقات)
    آيات تتحدث عن الربا
    آيات يفهم منها الأمر بالحكم بما أنزل الله
    آيات تتحدث عن قوامة الرجال على النساء، وعن توزيع المواريث
    آيات وردت فيها عبارة حدود الله وآيات وردت فيها عقوبات لبعض المخالفات.
    إن جميع هذه الآيات المتبقية، لا تدل على حكومة إسلامية، ولا تثبت دستورا أو قانونا إسلاميا، ومن الخير أن نتأملها جميعها، ونفحصها فحصا دقيقا:

    أولا: آيات تتحدث عن الجهاد وما يتعلق به من رق وجزية وغنائم


    هل يريد حكام شمال السودان تطبيق آيات الجهاد، وعلى رأسها آية السيف الشهيرة، في كل كتب التفاسير القديمة: ( الطبري، إبن كثير، الزمخشري، القرطبي... الخ) والتي تنص على: "فإذا انسلخ الأشهر الحرم، فاقتلوا المشركين، حيث وجدتموهم، وخذوهم واحصروهم، واقعدوا لهم كل مرصد، فإن تابوا وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، فخلوا سبيلهم"
    هذه الآية تأمر بقتال المشركين، في كل مكان، حتى يقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة ،، مما يثبت أن الشرك هو سبب القتال، وإلا كيف يتوب المشركون ، ويصلوا، ويؤتوا الزكاة، إن لم يسلموا أولا ... هذا أمر معلوم عندنا، ولكن للآية تأويلا يصرف عنها هذا المعنى الظاهر في الآفاق... ولكننا في هذه العجالة نريد أن نقف مع أهل الظاهر، فيما يعرفون دون الخوض في التأويل، الذي لا يعرفون، رغم أن التأويل ثابت بالنصوص القطعية الحاسمة.
    هل يريد حكام شمال السودان قتال المشركين؟ هذا أمر يكذبه الواقع، ولكننا لنفرض جدلا، انهم يريدون أن يعلنوا الجهاد على المشركين ... هل يعلم حكام شمال السودان أن الجهاد ، له متعلقات وتوابع كثيرة تلازمه ملازمة الظل ، ولاتنفصل عنه.
    أول توابع الجهاد وما يتمخض عنه من آثار، هو الغنائم، والسؤال المطروح هو من يقوم مقام النبي الكريم، ليأخذ خمس الغنائم تنفيذا لقوله تعالى: " واعلموا أنما غنمتم من شئ ، فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل" فإذا كان الرسول غير موجود حسيا، فقد سقط أهم تابع من توابع ولوازم الجهاد، وصارت هذه الآية غير قابلة للتطبيق العملي في نظام حكومي، لأن الرسول الكريم هو الذي كان يتولى، بيده الشريفة، توزيع الخمس على ذوي قرباه من أهله - وهم غير موجودين الآن بطبيعة الحال - بالإضافة إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل .


    والسؤال الثاني مماذا تتكون الغنائم؟ الغنائم معظمها يتكون من الإيماء اللائي قتل ازواجهن في الحرب!! هؤلاء يغدون ملك يمين للمجاهدين، وقد ذكرت عبارات: " ما ملكت أيمانكم" " ما ملكت أيمانهم" " ما ملكت أيمانهن" خمس عشرة مرة في القرآن الكريم ، أربع مرات في سورة النساء ، وثلاث مرات في سورة النور، وأربع مرات في سورة الأحزاب، ومرة في سورة النحل، ومرة في سورة المؤمنون، ومرة في سورة الروم ، ومرة في سورة المعارج، والتي ورد فيها صراحة قوله تعالى: " والذين هم لفروجهم حافظون* إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين" وقد ورد في بقية المواضع الأربعة عشرالأخرى ما يفيد نفس هذا المعنى .
    الآن هل يريد حكام شمال السودان تطبيق نظام " ما ملكت أيمانهم" والرجوع إلى عهد الجواري والإيماء؟ فإن قالوا نعم، فقد علمنا شيئا جديدا عن المؤامرة الكبرى المبيتة لإغتيال كرامة الإنسان وحريته!!
    مؤامرة أكبر من الشيوعية بكثير... الشيوعية تلك التى وقت عناية الله العالم شرور ديكتاتوريتها بلطف شديد... بل إنها مؤامرة أكبر من النازية وأكبر من الفاشية!! وإن قالوا: لا ، إن نظام الرق قد خلفته البشرية، فقد إعترفوا بأنهم سيتخلون عن تطبيق خمس عشرة آية ، من القرآن الكريم ، دفعة واحدة ، من أجل مجاراة تطور العصر.


    ومن توابع الجهاد أيضا ، إلزام أهل الكتاب بدفع الجزية، إن أبوا الإسلام: " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولايدينون دين الحق، من الذين أوتوا الكتاب، حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" هل يريد حكام شمال السودان إلزام ما تبقى معنا من أقباط كرام وأقليات مسيحية محترمة بدفع الجزية عن يد وهم صاغرون، أي حقيرون ذليلون ؟ فإن قالوا: لا، فنقول لهم: مثل ما قلنا من قبل، وإن قالوا: نعم، قلنا: لهم مثل ما قلنا من قبل.
    إنه وضع عجيب!! حكام شمال السودان ، يجعل دستورهم المسيحي رئيسا لجمهورية المسلمين، ويتمتع المسيحيون بعضوية حزبهم الذي يفترض أنه يطبق الشريعة الإسلامية!! لم يبق إلا أن حكام شمال السودان، قد إشتروا بآيات الله ثمنا قليلا، فهم جماعة تتاجر بالدين، وتستغل الدين لأغراض السياسة، بل تجعل الدين بازا لصيدها، ناسية حكمة قدماء العرب القديمة: " ومن يجعل الضرغام بازا لصيده تصيده الضرغام فيما تصيدا"
    إن إستغلال الدين لأغراض السياسة، أمر مفسد لأخلاق الأمة، وخير منه الدعوة العلنية للإلحاد، لأنه ضرب من ضروب الإستهزاء بآيات الله، ومن إستهزأ بآيات الله، رد الله عليه فعله، ثم مد له في طغيانه، وهو معصوب العينين: " الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون" ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، أخذا من قول الله المبارك المطوي في فاصلة الآية الثامنة من سورة هود : " وحاق بهم ماكانوا به يستهزئون" فإن الله يمهل ولا يهمل.

    ثانيا : آيات تتحدث عن الزكاة(الصدقات) التي أحد مصارفها حق للذين في رقاب المؤمنين


    أول ما يقال عن الزكاة، أن الزكاة مربوط أحد مصارفها بالرق ، كما هو واضح من قوله: " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله" وفي الرقاب يعني الرقيق... إذن يجب على حكام شمال السودان أن يبحثوا عن الرقيق ليدفعوا لهم الزكاة... فإن قالوا إن نظام الرقيق لا يتفق مع تطور الإنسانية، رددنا عليهم، بأنهم سوف يمتنعون عن تطبيق ما يزعمونه شريعتهم، من أجل مجاراة تطور العصر.


    وثاني ما يقال عن الزكاة: إن نظام الزكاة، مشفوع بصلاة النبي التي هي سكن للمؤمنين، ومربوط بالوجود الحسي للنبي الكريم كما هو واضح وضوحا جليا من قوله تعالى: " خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم" من ياترى من حكام الخرطوم يتجرأ ويزعم أن صلاته مثل صلاة النبي تكون سكنا لدافعي الزكاة من موظفي السودان، المغلوبين على أمرهم، والذين تؤخذ منها الزكاة قسرا ، دون تقيد بالحكم الشرعي المعلوم في بلوغ النصاب ، ودون أن يحول على مرتباتهم الحول.
    وثالث ما يقال عن الزكاة: إن كلمة الزكاة في القرآن غير مقصورة على الزكاة ذات المقادير، إذ انها صفة من صفات الأنبياء واقوامهم قبل الإسلام كما هو وارد عن إسماعيل وعن أهل إسماعيل: " وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا" وكما هو وارد عن عيسى عليه السلام: " وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا " بل إن الزكاة ذات المقادير، ليس إسمها في القرآن الزكاة، وإنما إسمها ( الصدقات) أو (صدقة) كما هو واضح من الآيتين الكريمتين المذكورتين قبل قليل. فهل يوجد عاقل، يقول بجعل زكاة إسماعيل وعيسى عليهما السلام، دستورا وقانونا !!


    ورابع ما يقال عن الزكاة: إذا كان حكام شمال السودان، يزعمون ان الزكاة ذات المقادير عبادة، فهل تحتاج العبادة إلى إقامة دولة، وإلى وضع دستور، وتشريع قوانين ؟ هل تحتاج الصلاة وسائر العبادات ، والمعاملات بين العبد والرب، لدستور!! اللهم لا
    هل تريدون الحق؟ الصدقات نظام صالح للمجمتعات الطبقية التي تعج بالفقراء والمساكين، مع وجود الأغنياء الذين يستغلون أولئك البؤساء من الفقراء والمساكين.


    اما إذا جاء عهد الكرامة والمساواة ، فإن الزكاة لاتسقط، لأنها ثمرة طهارة القلب... أما نظام الصدقات، فإنه يسقط لعدم الحاجة إليه،ولأن ذلك أمر تقتضيه كرامة الإنسان، وتوجبه اخلاق الإسلام النبيلة الرصينة التي تحض على التعفف، عما في ايدي الناس... هذا فضلا عن أن نظام الصدقات قد سقط في دول المدنية الغربية، التي إستطاعت بالمجهود البشري، توفير العمل الشريف لمواطنيها، وتوفير الرخاء للعاجزين عن العمل، والمتبطلين عنه مؤقتا، وللشيوخ والأطفال عن طريق الضمان الإجتماعي... إنها دول ترحم الصغير، وتوقر الكبير، بصورة لا تقارن مع جمهوريتنا الإسلامية، التي تقتل مواطنيها، وتذلهم وتعذبهم بقوانينها الجائرة... العدالة الإجتماعية حق، وليس صدقة يذل بها البؤساء من الأرامل والأطفال، في دواوين زكاة حكام الشمال، التي قتلت الآباء في حربها الجهادية ، التي هي السبب المباشر في فصل الجنوب عن الشمال.


    إن الحكومة الإسلامية المزعومة في شمال السودان، تستجدي النصارى ليرفعوها من قائمة الإرهاب، لأنها نجحت في تقسيم السودان، وطعنته في خاصرته الجنوبية، طعنة نجلاء، حتى تتفرغ لتطبيق قوانين سبتمبر المهينة المذلة ، على أهل الأقاليم الباقية،ولكن شعبنا العظيم الواعي، لن يضلل بعد اليوم، فقد جاء الحق، وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا.
    نحن نعتقد ان القرآن يقوم على الكرامة والمساواة، وهذا أمر لا يظهر إلا بتأويل القرآن، والذي نحن بصدده منذ حين من الوقت، وليس هذا مقام الخوض فيه، وإن كنا نعلم سلفا، أن التأويل غالب، وإن كان الكثيرون لا يعلمون ذلك: " ولنعلمه من تأويل الأحاديث، والله غالب على امره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون"

    ثالثا : آيات تتحدث عن الربا


    لقد وردت كلمة الربا مذمومة، في بضع آيات من القرآن الكريم ، أوضحها في التخلي عن التعامل بالربا قوله تعالى : " يا أيها الذين أمنوا، اتقوا الله، وذروا ما بقي من الربا، إن كنتم مؤمنين" إذن ترك الربا عبادة، يخاطب بالتخلي عن المعاملة بها، كل مؤمن تقي، وكما هو واضح من الآية فإن الربا قد كان ضربا من المعاملات المعروفة لدى المخاطبين، وهي تلك المعاملة التي يستغل فيها الغني حاجة الفقير لقوت يسد رمقه، أو لأية حاجة من الحاجات الضرورية للحياة، فيقوم الغني بإقراض الفقير المحتاج بعض النقود ، يستردها آجلا بزيادة متفق عليها بين الطرفين، وهذا أمر كان معروفا في كل العالم القديم.
    ماذا يحدث إذا لم يفعل المؤمن التقي، أن يذر ما بقى في ذمته من الربا؟ لأن الربا عبادة، فإن الإمتناع عن تنفيذ أمر الآية، يعني حرب الله ورسوله، وليس حرب الناس، لأن العبادة معاملة بين الرب والعبد، يكون الرسول ، وسيطا فيها، كما أنه يقتضي التوبة، لأن العبادة معاملة بين العبد والرب، يكون الرسول وحده شهيدا عليها، دون وسيط كهنوتي، وهذا هو عين ما ورد في قوله تعالى : " فإن لم تفعلوا، فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس اموالكم لا تظلمون، ولاتظلمون"



    إذن الربا في الإسلام يختلف إختلافا كليا عن نظام الفوائد المصرفية ، التي تتبعه البنوك الحديثة في الإستثمار والمعاملات التجارية المختلفة والتي في جملتها معاملات بين الأغنياء، بعضهم بعضا، وليس معاملات بين الغني والفقير، كما هو الحال في الربا... وكما هو معلوم ، فإن ضروب المعاملات البنكية شتى، ولكنها في غالب الأمر، تقوم على منح قروض بضمانات معينة وتسترد مؤجلا بفوائد متفق عليها ، تقدر قيمتها حسب اوضاع السوق، ولهذا السبب في إن رأس المال غير ثابت، لطبيعة المعاملات، ولأن النقود نفسها، بمفهومها الحديث ، مجرد سلعة تتذبذب قيمتها من وقت آخر، حتى دون الدخول في أية معاملة تجارية... هذا الوضع يجعل قوله تعالى : " فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ، ولاتظلمون" مقصودا به الربا بمعناه الثابت القديم، وليس مقصودا به، الفوائد المصرفية، بمعناها الحديث.

    ولكن دعاة الإسلام ، في عصرنا الحاضر، أنشأوا نظاما اشنع من المعاملات الربوية القديمة اسموه المصارف الإسلامية، يقوم على عقود صورية وهمية، تحول العلاقة بين العميل والبنك، من مقترض "مدين" ومقرض "دائن" إلى بائع ومشتري، وهو أمر خلاف الواقع بل هو محض تضليل، جاز علينا نحن البشر، ولكنه لا يجوز على الله العلي القدير... ثم إن دعاة الإسلام استعاروا لتجويز هذا التضليل وتغطيته عبارات فقهية عتيقة، مثل المرابحة والمضاربة والإستصناع... الخ
    على سبيل المثال إذا كنت تريد شراء سيارة مثلا، فإن البنك الحديث يقوم بإقراضك ثمن السيارة، ويسترده منك بالأقساط، لمدة معينة ، وبفوائد معينة، وبضمان معين.. أما البنك الإسلامي، فيقوم بتحويل نفس علاقة المقترض والمقرض، إلى علاقة بائع ومشتري، عن طريق عقد صوري بين البنك والعميل على شراء نفس السيارة، ولكن بزيادة على سعر السيارة الأصلي، وبذلك يتحصل البنك الإسلامي على ارباح تفوق الربا أضعافا مضاعفة.
    وما يقال عن المرابحة ، يقال عن المضاربة والإستصناع، وغيرها، لأن البنك ليس مقاولا وليس بائعا، ولكنه يختلق كل تلك الأدوار الوهمية للحصول على الأرباح الوفيرة، دون ان يسميها ربا.
    إذن الربا، بمفهومه الأصلي الوارد في القرآن، لا يحتاج لقانون، ولا لدولة، ولا لحكومة إذ انه مجرد ضرب من ضروب العبادة، يتقي فيها المؤمن الغني، إستغلال حاجة أخيه الفقير، ويتوب إلى ربه، إن وقع منه ذلك الفعل الشنيع.

    آيات يفهم منها الأمر بالحكم بما انزل الله


    أول ما يقال في هذا الصدد أن الفعل ( حكم) قد ورد في سائر آيات القرآن بمعنى فصل وقضى، وليس بمعنى الحكومة بأية حال من الأحوال، إذ انه لايوجد اي نظام للحكومة في القرآن الكريم، ويعرف هذا حق المعرفة، كل من يعرف القرآن، ويعرفه القرآن!! بل يعرف هذا كل من يعرف القانون، وأنظمة الحكم.
    تأمل مليا الآيات الكريمات: " والله يحكم لا معقب لحكمه" و " أليس الله بأحكم الحاكمين" و " فاصبر لحكم ربك" ... الا تدل كلها جميعها، على قضاء الله وقدره، وفصله في جميع الأمور دون معقب، فأين الدستور، وأين الحكومة الحكومة هنا!!
    قد يقول قائل، أين قوله تعالى: " إن الحكم إلا لله" ... ليس الأخوان المسلمون في مصر وصنوهم الجماعة الإسلامية في باكستان، ومن تبعهم في السودان وغيره، أول من قال بالحاكمية لله، فقد سبقهم إلى ذلك اسلافهم من الخوارج، فرد عليهم، باب مدينة العلم علي بن أبي طاب بحصافته المشهودة، بانها كلمة حق أريد بها باطل.
    ووجه الحق أن الحكم لله، بمعنى تفرد الذات العلية، بإرادة مهيمنة، على الوجود، ووجه الباطل، ان الخوارج لا يمثلون الله العظيم!! فهل يمثل حكام الخرطوم، وهم على ما هم عليه الله العظيم؟؟ اللهم لا.
    إن عبارة : (إن الحكم إلا لله لله) حيثما وردت في القرآن، فإنها ترد لتوكيد إرادة المريد الواحد، على لسان كبار الأنبياء.. فقد وردت مرة لسان نبي الإسلام العظيم، في سورة الأنعام، وهو يعلم الناس، الإمتثال لقضاء الله، الذي هو خير الفاصلين، والنبي الكريم على بينة من ذلك كما هو واضح من نص الآية.
    ومرة على لسان يوسف الصديق، وهو يرسخ وحدة الفاعل، لصاحبي السجن، و يعلم الناس اسرار الرضا بحكم الله في الوجود... ومرة على لسان أبيه نبي الله يعقوب ، وهو يعلم الناس فنون التوكل على الله، والصبر على ما تجريه إرادة الله، في فقد الأحباب، وكان ذلك في سورة يوسف أيضا... تلك السورة العظيمة، التي دفن الله تحت جدارها، كنز التأويل... في جميع هذه المواضع، كانت الإشارة بقوله ( إن الحكم إلا لله) إلى قبول إرادة الله، والرضا بقدره دون إشارة إلى حكومة ، أو قانون.


    وفي الحق، فإن التسليم للنبي الكريم، ولرأيه ولقضائه، دون أدنى حرج في الصدور، أمر لايتفق إلا لخاصة العارفين ، من أولي الألباب، المعمورة قلوبهم بأنوار الإيمان : " فلا وربك لا يؤمنون، حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما" فهل يريد حكام الخرطوم من أهل شمال السودان، الا يكون في صدورهم حرج من قضاء محاكم سبتمبر!! إذا كان الأمر كذلك فما معنى وجود محكمة الإستئناف، وما معنى المحكمة العليا، وما معنى المحكمة الدستورية، التي ينقض أعلاها حكم أدناها دون حرج؟؟
    إن الآية الكريمة، ليست لها علاقة بالحكومة، وإنما هي إشارات ، يفهمها كل من كان قلبه عامرا بالإيمان، خاليا من التصاوير، فتتفق له بمحض الفضل الإلهي، الرؤية العرفانية، المطابقة تمام الإنطباق مع رؤيته عليه السلام ، فلا يكن في صدر المؤمن صحيح الإيمان، أدنى حرج من أي حديث ، بل من أية كلمة نسبت نسبة صحيحة، لنبي الإسلام العظيم.
    ثم ماذا من شأن الآية الكريمة: " ومن لم يحكم بما أنزل الله ، فأولئك هم الفاسقون" ونجيب على هذا، بأن الآية الكريمة، فد وردت في حكم أهل الأنجيل : " وليحكم أهل الأنجيل بما أنزل الله فيه، ومن لم يحكم بما أنزل الله، فأولئك هم الفاسقون" فهل يريد حكام الخرطوم وقبيلهم، ان يحكموا بما أنزل الله في الإنجيل؟ وهل هم أهل الإنجيل؟
    إن الإنجيل مواعظ أخلاقية، تحكي قصة السيد المسيح، كما رواها الحواريون؟ فهل يمكن جعل تلك القصة وما فيها من مواعظ، دستورا وقانونا، وحكومة؟ اللهم لا
    وقد يحتج محتج، بقوله : " ومن لم يحكم بما أنزل الله ، فأولئك هم الكافرون" ونجيب بأن الآية الكريمة، قد وردت في الحكم بما أنزل الله، في التوراة، كما هو بائن من مطلعها: " إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور، يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار، بما إستحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء"
    هنا تطرح عدة أسئلة.. أولها: واضح أن الآية تتحدث عن أسرار إرادة الله وقضائه في الوجود، التي لا يحكم بها إلا النبيون الذين حققوا التسليم لله، وأسلموا لوجهه العظيم، ولإرادته القاهرة، قبل ظهور إلاسلام : ( النبيون الذين أسلموا) .. فهل حكام الخرطوم وقبيلهم من النبيين الذين أسلموا، حتى يحكموا بما أنزل الله؟؟ بل هل حكام الخرطوم وقبيلهم من الربانيين والأحبار، ومن هم الربانيون؟؟ أو ليسوا هم الذين قال الله فيهم : " كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون" ... هل حكام الخرطوم وقبيلهم من الذين هادوا؟
    يتضح من السرد أعلاه، ان حكام الخرطوم وقبيلهم ليسوا ربانيين، كما انهم قطعا ليسوا أحبارا، حبروا العلم تحبيرا، ودرسوه دراسة، قبل ان يقوموا بإغراء وتحريض نفر من الضباط للحنث باليمين الدستورية، والتنكر للقسم العظيم، على كتاب الله الكريم، بغرض تنفيذ إنقلاب عسكري، تسفك فيه الدماء، وتهدر فيه الحقوق.... ومن المؤسف حقا، أن حكام الخرطوم وقبيلهم مازالوا يصرون على هذا الحنث العظيم، بعد أن أترفتهم أموال الشعب المغلوب على أمره: " إنهم كانوا قبل ذلك مترفين* وكانوا يصرون على الحنث العظيم"
    إذن الآية تتحدث عن الحكم بما أنزل الله في التوراة، وهو أمر من الدقائق العرفانية، ولم يكن معلوما عند اليهود، حتى ردهم النبي بقول الله الخالد:
    " وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله"
    وما هو حكم الله المكتوب في التوراة؟
    أوليس هو الحكم بالعدل، والذي تقوم به الدولة الحديثة، وتطور في مفهومه، وتسد النقص فيه في كل يوم جديد، وهل حكام الخرطوم وقبيلهم شهداء على كتاب الله أو لا يعلم هؤلاء ان الذي عنده علم الكتاب، هو وحده الذي يكون شهيدا، بشهادة الله: " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب"
    وهل يعلم هؤلاء ، ان الذي عنده علم من الكتاب تفوق مقدرته مقدرة سليمان الحكيم، كما هو واضح من قوله: " قال الذي عنده علم من الكتاب ، انا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك" كيف يجعل حكام الخرطوم وقبيلهم كل هذه المسائل التي جرت بين سليمان وبين الذي عنده علم من الكتاب، وبين سليمان وملكة سبأ، ، موضوعا لدستور أوقانون، أو حكومة.
    ومن حسن التوفيق، ومن حسن الفأل، ان حكام الخرطوم وقبيلهم لا يستطيعون ، ان يستدلوا بقوله: " ومن لم يحكم بما أنزل الله، فأولئك هم الظالمون" فقد جربهم شعب شمال السودان ، أكثر من عشرين عاما، فمل ير منهم إلا الظلم والفساد والمحسوبية، وتشريد الموظفين، في ظلم لم تشهده الخدمة المدنية في السودان في جميع العهود. إن الظلم والفساد الإداري، وإستغلال النفوذ، أمور تشهد عليها تقارير المراجع العام لجمهوريتهم الإسلامية، وتشهد عليها أيضا، قصورهم الباذخة، وسياراتهم الفاخرة وأموالهم الطائلة خارج البلاد وداخلها. من أين لهم هذا، وجميعم مجرد موظفين عاديين؟
    ومهما يكن من أ مر ، فإن الحكم بما أنزل الله في التوراة مكتوب في القرآن، في فحوى العدالة والإنصاف... إقرأ قوله تعالى: " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس، والعين بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن، والجروح قصاص، فمن تصدق به فهو كفارة له، ومن لم يحكم بما أنزل الله، فأولئك هم الظالمون"
    هل تحقيق الإنصاف والمساواة، يحتاج إلى دولة دينية؟ ألا تقوم بذلك أية دولة مدنية ، متوسطة الحال، بعد أن تقوم بتنقية مفهوم القصاص من خلفيته التاريخية المربوطة بالرق والإستعباد: " كتب عليكم القصاص في القتلى، الحر بالحر والعبد بالعبد" ؟
    وهل يعلم حكام الخرطوم وقبيلهم، أن إقامة التوراة والإنجيل، والحكم بما أنزل الله، مثل إقامة الصلاة الكبيرة، ومثل إقامة الحج الأكبر، خشوع و سجود، وتبتل وتلبية، وتدبر وتذكر وتفكر وتأمل.... ومن لم يفعل ذلك، فهو ليس على شئ: " قل ياأهل الكتاب، لستم على شئ حتى تقيموا التوراة، والإنجيل "

    آيات تتحدث عن قوامة الرجال على النساء

    مما لا شك فيه، ان ظاهر آيات القرآن قد جعلت الرجال أوصياء على النساء، كما هو واضح من قوله: " الرجال قوامون على النساء" ولكن حكام الخرطوم يقولون إن المرأة تساوي الرجل، قد عينوها وزيرة وعينوها قاضية، مما يعني أنهم لا يودون تطبيق هذه الآية وأخواتها مثل قوله تعالى : " واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين ، فرجل وأمرأتان ممن ترضون من الشهداء" ومثل قوله تعالى :" وقرن في بيوتكن" ومثل قوله تعالى :" واللاتي تخافون نشوزهن ، فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن"
    إذن جميع هذه الآيات مستبعدة من قاموس الحكومة الإسلامية... إن لجميع هذه الآيات مكانة سامية في التأويل الذي يصرفها عن المعنى الظاهر، ولكن هذا ليس هو موضوعنا الآن.

    آيات وردت فيها عبارة حدود الله، وآيات وردت فيها عقوبات لبعض المخالفات.

    من الغريب والممتع حقا، ان نلاحظ، أن عبارة " حدود الله" قد وردت أربع عشرة مرة في القرآن، دون إشارة إلى عقوبة قطع اليد ، أو الجلد، او الصلب.
    ذكرت عبارة حدود الله مرة في سورة المجادلة: " ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله، وتلك حود الله" مما يدل على أن حدود الله مسألة عرفانية متعلقة، بالإيمان بالله ورسوله.
    ذكرت عبارة حدود الله مرتين في سورة التوبة: " الأعراب أشد كفرا ونفاقا، وأجدر الا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله" وكما هو واضح فإن الآية متعلقة بالمعارف الدقيقة في التوحيد، إذ انه لا يوجد قانون، تكون طائفة من الناس غير جديرة بالعلم به... هذا فضلا عن الآية الكريمة لم تتعرض للقانون أصلا.. والمرة الثانية قوله تعالى : " والحافظون لحدود الله ، وبشر المؤمنين" توكيد شديد لما ذهبنا إليه.
    ذكرت عبارة حدود الله مرتين في سورة الطلاق، ومرتين في سورة النساء في مواضيع تتعلق بالطلاق والميراث... ثم ذكرت عبارة حدود الله سبع مرات في سورة البقرة، في مواضيع تتعلق بالصيام والطلاق، ولاعلاقة لها بالعقوبات والقوانين، وإنما هي مواضيع عرفانية، سبق أن بسطنا فيها القول ، فليراجعها من يشاء في مظانها.
    أما العقوبات المذكورة في سورتي النور والمائدة، فهي ليست حدود الله، كما هواضح من صريح النصوص في السورتين الكريميتين، وقد إعتبرها الفقهاء حدودا، كمصطلح مأثور في السنة التي عالجت تلك العقوبات.
    ففي سورة النور ورد قوله: " الزانية والزاني، فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله" ونحن نقول أن هذه العقوبة عقوبة مرحلية، وسندنا في ذلك انها مربوطة بالرق المرحلي، إذ ان الحد يكون خمسين جلدة في حق غير الحرة، كما هو منصوص عليه في سورة النساء: " فإذا احصن، فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب" وقد جرى تطبيق ذلك بصورة متواترة ، لا خلاف عليها بين جميع الفقهاء، وهناك تفاصيل كثيرة في كتب الفقه، والتي تأمر ببيع الإماء، ولو بحبل من شعر، في حالات تكرار الزنا والعقوبة المذكورة، كما يحدثنا إبن كثير وغيره، بإتفاق الجمهور... فهل يريد حكام الخرطوم وقبيلهم الرجوع بالبشرية إلى عهود النخاسة؟


    وسندنا – إلى جملة أسباب أخرى - ان هذه العقوبة مربوطة بالجهاد المرحلي وبالتعذيب المرحلي أيضا.
    وما يقال عن هاتين الآيتين، يقال عن آية القذف الواردة في سورة النور: " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء، فاجلدوهم ثمانين جلدة"
    فهل يريد حكام الخرطوم وقبيلهم تطبيق هذه العقوبة ، بالتمييز بين الحرة وغير الحرة؟
    أما في سورة المائدة، فقد ورد قوله تعالى: " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله، ويسعون في الأرض فسادا، ان يقتلوا، أو يصلبوا، اوتقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، او ينفوا من الأرض، ذلك لهم خزي في الدنيا"
    واضح العلاقة بين الاية الكريمة والجهاد المرحلي، فهو صلب وتقطيع وبتر ، ونفي من الأرض... إلى أين تنفي الدولة الحديثة المجرمين؟ داخل حدودها أم خارجها؟ ولماذا ؟ من أجل الخزي في الدنيا... هل هذه عقوبة، ام هو التنكيل والتعذيب المربوط بالجهاد المرحلي.
    هل تريد حكومة شمال السودان القيام بكل هذا؟
    أما الموضع الثاني في سورة المائدة فهو قوله: " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم * فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه، إن الله غفور رحيم"
    ولا تخفى على لبيب العلاقة العضوية بين هذه العقوبة والجهاد المرحلي، فهي تنكيل وتعذيب، والجدير بالذكر أن مقدار الحد الذي يوجب القطع غير مذكور في القرآن، ممما يدل على مرحلية العقوبة، ثم أن ربط العقوبة بالتوبة، يثبت انها أمر من امور العبادات والأديان، وليس من أمور الدول العقوبات.
    أما بعد،
    هل تريدون الحق، إن فكرة الحكومة الإسلامية، فتنة كبرى لأنها فكرة خاطئة، لاسند لها في القرآن الكريم، ودعاة الإسلام يتحدثون عن آيات قليلة، دون فهم ، ودون دراسة.
    إن وظيفة الحكومة في الدولة الحديثة، هو القيام بحاجات الناس في التعليم والصحة والبنى التحتية والمنشآت الأساسية كالمطارات والموانئ والطرق والمجاري والحدائق وتنظيم المدن، والمرافق العامة والإتصالات وتنظيم أمور معاش الناس وإقتصادهم وتوفير الموارد المالية لذلك ووضع الميزانيات وتنظيم أمور البيوع والشراء، وما إليها وفوق ذلك حفظ امن المواطنين في النفس والمال.
    هل تحتاج هذه المسائل إلى قانون إسلامي ودولة دينية؟ إنها جميعها مسائل مدنية، تنظم بالمجهود البشري، في كفاءة وإقتدار. جميع هذه الأمور ينظمها العقل البشري، في كل يوم جديد، لأنها تخضع لسنة التطور، شأنها شأن سائر أمور الدنيا .
    لا توجد قوانين إسلامية، وقوانين غير إسلامية... هل هناك قانون مرور إسلامي، وقانو ن مرور غيرإسلامي؟ وقل مثل هذا في سائر القوانين الحديثة.

    و للحديث صلة وعلى الله قصد السبيل

    بدرالدين يوسف دفع الله السيمت

    كتبه في البحرين في يوم الجمعة غرة ربيع الأول 1423 هجرية
    يوافق الرابع من فبراير 2011

    ويمكن الوصول إليه في جميع الأوقات على البريد الإلكتروني:

    [email protected]
                  

02-17-2011, 12:35 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    الحكومة الدينية فكرة خاطئة لا سند لها في القرآن الكريم، ولا في السنة
    المطهرة، ثم هي دعوة مناقضة للدستور وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان

    (2)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة"

    بدرالدين يوسف دفع الله السيمت

    مقدمة

    لقد تمادى السيد رئيس جمهورية السودان، أو على وجه الدقة، ما تبقى من السودان، في دعوته الباطلة، لإقامة حكومة دينية في شمال السودان... حكومة لا تعترف بالتعدد الإثني والثقافي كما قال في القضارف... حكومة تحكم بالجلد والبتر والصلب... حكومة تستجدي امريكا، بعد أن قالت يوما إن أمريكا والعالم الغربي تحت أقدامها!!

    وقبل الخوض في هذا الموضوع، فلا بد أن نبارك لمصر الشقيقة، إنتفاضة بناتها وأبنائها، وإنقشاع ظلمة الحكم المباركي الساداتي الناصري، الذي جثم على صدرها، أكثر من نصف قرن من الزمان، لقيت مصر والعالم العربي، خلاله الويلات والدواهي.
    في ذات الوقت، فإننا نحزن كل الحزن، ونأسف أسفا شديدا، لسقوط الضحايا، ليس في ميدان التحرير فقط، وإنما طيلة العهود الناصرية الساداتية المباركية... نرجو أن يفتح الله الآفاق لأهل مصر فيدخلوا في السلم كافة، ويطوروا ثورتهم العاطفية ، إلى ثورة فكرية سلمية، لا تبتغي شيئا، سوى الحرية والكمال والحق... ثورة سلمية يكون الفرد فيها غاية، لا يضح به في سبيل الجماعة.
    إن مصر اليوم في مفترق طرق، والخيار متروك للشعب المصري، إما أن يختار الطريق الصاعد إلى مشارق النور ومشارف الحرية، وإما أن يختار الطريق الهابط إلى مزالق السلفية والهمجية والحروب.
    ونعود لرئيس شمال السودان، والذي صمتت أجهزته الرسمية، عن أخبار ثورة مصر، التي تابعها العالم أجمع، وشغلت نفسها بمتابعة خطب الرئيس العجيبة، والمحشود إليها مسبقا.

    نعود للسيد الرئيس، فنجده، قد أعلن في ختام خطبة له بقرية الكباشي، على رؤوس الأشهاد، أنه إما أن يعود للإسلام مجده، او أن تراق فيه الدماء!! والسؤال الأول هو: لماذا لم يفلح السيد رئيس الجمهورية في إستعادة مجد الإسلام خلال أكثر من عشرين عاما، حكم فيها السودان حكما مطلقا إستبداديا ؟؟ ولكن السؤال المحير هو: أي دماء سوف يريقها السيد رئيس الجمهورية؟

    أهي دماء شعب شمال السودان، الذي يزعم الرئيس ، انه حقق له السلام ، بفصل الجنوب عن الشمال؟ إن هذا الحديث غير المسئول، ليس مجرد فلتة لسان، وإنما هو تدبير مبيت، و نهج قديم ومتواتر عن السيد الرئيس بصورة خاصة، ولبعض مستشاريه ووزرائه، بصورة عامه... هؤلاء جميعا، بما فيهم السيد الرئيس ، يتكلفون الحديث عن الديمقراطية والسلام، ولكنهم سرعان ما يعودون لطبعهم القديم، في التلويح بالعنف:

    وأسرع مفعول فعلت تغيرا تكلف شئ في طباعك ضده

    ولذلك فإن حديث السيد رئيس الجمهورية غير المسئول، يجب الا يمضي عابرا، ويجب أن نقف عنده طويلا، درءا لصد الشر القادم من كل الأبواب، والمطوي في تأسيس حكومة دينية في شمال السودان.
    ومن حقنا، أن نتساءل: لماذا اعلن السيد رئيس الجمهورية وقبيله الجهاد على سكان الجنوب، وسفكوا دماء الأبرياء، ثم عادوا للتباهى والتفاخر ، بتحقيق السلام ، بفصل الجنوب من الشمال، مثل الطبيب الفاشل الذي يفتخر بأنه قد شفى المريض، وأزال عنه الوجع، لأنه قتل المريض!! لماذا لم تفصل هذه الحكومة الجنوب منذ الوهلة الأولى؟
    هل تظن هذه الحكومة أن شعب شمال السودان، شعب بلا ذاكرة!! أو لم يكن أكرم لحكومة شمال السودان، أن تعلن للشعب السوداني، أنها إكتشفت أن فكرة الجهاد في جنوب السودان، هي فكرة خاطئة وباطلة، وأنها رجعت إلى الصواب والحق، فوقعت إتفاقية السلام ، لأن الرجوع للحق فضيلة، بدلا من أن تتخذ من عجزها فضيلة، تمتن بها على الشعب السوداني... إنها حكومة لا تشعر بالآم ذوي الضحايا ، ولا تحس بأية مسئولية دينية أو أخلاقية أو مادية تجاه مئات الآلاف من الضحايا الذين ضحوا بنفوسهم، وفقدوا مهجهم، وسفكت دماؤهم ، في سبيل فكرة جهاد الجنوبيين الخاطئة الباطلة.
    وبعد كل هذا، بأي وجه يتكبر هذا الرئيس على شعبه، ويزدريه ويحتقره، ويعتبر معارضيه، مجرد نمل، يمكن أن يحطمهم بكلمة واحدة لمؤيديه الذين يبلغون 90% من شعب السودان حسب زعمه!! ولكنه لم يفعل رحمة بشعبه المسكين، وتمسكا بأخلاقه الفاضلة!!
    ولنفرض أن للسيد الرئيس أغلبية ساحقة، وأجهزة أمنية مسلحة بمال الشعب ، أليست هذه دعوة للإبادة الجماعية لكل الأقليات ، تلك التهمة التي لا يزال سيفها معلقا على رقبة السيد الرئيس في جميع المحافل الدولية؟
    أو لم يقل هذا الرئيس، في يوم من الأيام ، أنه لا يريد أن يرى أسيرا ، أو جريحا في دارفور!! ماذا يريد أن يرى سيادته؟؟ أيريد أن يرى شعبه نملا يحطمه جنوده، وهم لايشعرون!!
    لقد ظن السيد الرئيس، بعد أن مهد لفصل الجنوب بالإصرار على نظامين قانونيين في البلاد، وتضمين ذلك في إتفاقية السلام الشاملة، وبالمضي في سياسته الظالمة التعسفية، المقيدة للحريات، ظن انه سينفرد بالشمال ويطبق عليه قوانين سبتمبر المهينة المذلة، التي لا تعترف بحرية العقيدة.
    تلك القوانين التي إبتدعها جنرال مثله، زعم يوما أنه إمام المسلمين، وجمع حوله أدعياء التصوف، وفلول الطائفية، الذين يدقون الطبول للرئيس اليوم، ويحرقون له البخور، ويبايعونه نفس بيعة الرئيس نميري، تلك اليمين الغموس الكاذبة، التي لا تزال معلقة في رقاب أهل الإنقاذ الذين بايعوا نميري، ثم نقضوا بيعته.

    لماذا يصر الرئيس ونائبه وقبيلهما على إبقاء ما يسمى بحد الردة في قانون عقوبات السودان؟

    أريد أن أشق هونا ما،على السيد الرئيس وقبيله ونائبه، الذي كان محاميا يدافع ويرافع أمام المحاكم بالنيابة عن الذين كانوا يحرضون على قتل الأستاذ الجليل محمود محمد طه!! أريد أن أشق عليهم هونا ما، وأسألهم عن حكم الردة المنصوص عليه في قوانينهم المزيفة؟ ولماذا يصرون عليه حتى الآن، وعلى من يودون تطبيقه، وهم يزعمون أنهم دعاة لحرية العقيدة!!
    لقد قتل بإسم قوانين سبتمبر الباطلة ، رجل من أنبل الناس وأميزهم وأزكاهم وأذكاهم وأكثرهم علما.... لقد قتل بإسم قوانين سبتمبر الرجل الوحيد في السودان، الذي أقترح حلا نهائيا، لمشكلة الجنوب، بدعوته الصريحة منذ عام 1955 لتطبيق نظام الحكم الفدرالي ليس للجنوب فحسب، وإنما للشمال وللشرق وللغرب وللوسط؟؟ لقد قتل بإسم هذه القوانين الجائرة، الرجل الذي كان يسمي مشكلة الجنوب، بمشكلة الشمال؟؟ أليست هذه تسمية حقيقية، وإستباقا لمشكلة دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة وشرق السودان؟
    لماذا يصر الرئيس وقبيله على قوانين سبتمبر التي قتل بإسمها صاحب اليقين الذي كان يسكن في بيت الطين؟ بأي حق قتلوا المتصوف الحقيقي الزاهد المنقطع لذكر الله ومحبته وتعظيمه، حقا وصدقا، رقا وتعبدا؟ بأي حق قتلوا رجلا يقول ربي الله؟
    لماذا يصر السيد الرئيس على حد الردة الذي قتل بتنفيذه الرجل، صاحب السيرة العطرة الممجدة، عند كل أهل الفكر الحر، والذي أفنى عمره في الدفاع عن الإسلام، والذي نجح في إبراز فردية الإسلام، بلسان عربي مبين... تلك الفردية التي رفعت الدين الإسلامي إلى مرتبة فكرية سامقة ودرجة روحية عالية، يقصر عنها تطاول كل متطاول!!
    فليطمئن السيد الرئيس، وليطمئن نائبه وقبيلهما، أن الله إستجاب لعبده الصالح محمود محمد طه، يوم نادى ربه نداء خفيا بقوله:" إن كان هناك يوم ، لا أحب أن أرى فجره، فهو اليوم الذي تكون عندنا فيه، طبقة تموت من التخمة، وطبقة تموت من الجوع" لقد أكرم الله عبده الصالح ، فلم يشهد عهد الإنقاذ.
    فليطمئن السيد الرئيس ونائبه وقبيلهما، فإن الرجل النبيل، قد إبتسم لجماهيرهم ، وهو على حبل المشنقة، إبتسامة الأب الشفوق، الحاني على الإبن العقوق، ثم عفا عنهم ولسان حاله يقول: اللهم أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
    الآن ، بفضل من الله ونعمة، وبمدد دائم من الحي الذي لايموت، فإن قوم شمال السودان يعلمون، ولن يستطيع السيد الرئيس، ولا نائبه، ولا قبيلهما، ان يفعلوا ما فعله سلفهم وصاحبهم نميري، وينفردوا بشعب شمال السودان العظيم، في دولتهم المزعومة، والتي أسموها سخرية بالجمهورية الثانية، وهيهات هيهات لما يظنون.
    ليعلم السيد الرئيس ونائبه وقبيلهما، أن يدا علية سوف تناهضهم مناهضة سلمية فكرية، بسلاح الآيات القرآنية، وبالإعتصام بالله، وبالتوكل عليه بالكلية. ليعلموا منذ اليوم، أنهم سيواجهون من لا يقتل أحدا، ولكنه لا يخاف أن يقتله أحد... سيواجهون من يقول لكل واحد منهم ، نهارا جهارا: " لئن بسطت إلي يدك لتقتلني، ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك"
    إن آيات القرآن تهد الجبال، ولا يوجد جبل يعصم السيد الرئيس ونائبه وقبيلهما من ماء أسرار القرآن!! إن جميع آيات القرآن لهم بالمرصاد، فإن لم يصبهم وابل، فالطل يكفي، فإن القرآن كله موجود في بعضه!! ليعلم هؤلاء، أن جذوة أكتوبر لم تمت، وإن غمرها رماد كثيف، وأن شعب الشمال لم يمت، وإن غشيه نوم طويل ، وما قيام الشعوب على الظالمين ببعيد.
    لقد قلنا في مقالنا السابق،إن الحكومة الدينية فكرة خاطئة لا سند لها في القرآن الكريم، وقد تمكنا بفضل من الله ونعمة ، من تجريد السلطة الحاضرة في شمال السودان من سلاح الآيات القرآنية، في لمحة خاطفة، هي أول الغيث.
    ونعود اليوم، بإذن الله لتجريد سلطة شمال السودان من سلاح الأحاديث النبوية، حتى تقف عارية أمام الناس، كما هي عارية أمام الله، إذ أن الحكومة الدينية فكرة خاطئة لا سند لها، في السنة المطهرة، والآثار النبوية الشريفة، وعند الله وحده نلتمس العون والسداد.

    نبي الإسلام العظيم لم يكن ملكا ، ولا رئيسا، ولا حاكما، ولم يكن يخاطب إلا بالرسول
    وبالنبي، وبالأسماء الأخرى التي تدل على التبجيل والإشراق، وعلى التعليم والإرشاد

    معلوم أن النبي الكريم، قد خير بين أن يكون نبيا ملكا، أو نبيا عبدا، فاختار أن يكون نبيا عبدا لله ... إختار الله، فاختاره الله، جزاء وفاقا، ونسبه إليه تعالى ، نسبة متواصلة، ومتواترة، ظاهرة بائنة، كأنها الوردة البيضاء في زهرة شجرة الأنساب العلوية.
    ومن الميسور إلتماس تلك النسبة العلوية، تسبيحا وتقديسا في قوله : " سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى" وقيومية ورفعة في قوله تعالى : " وأنه لما قام عبدالله يدعوه" وحمدا وتنزيلا في قوله تعالى: " الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا" ثم وحيا وإشراقا، وتحقيقا، وإنسلاخا من ظلمة الطين، في قوله: " فكان قاب قوسين أو أدنى* فأوحى إلى عبده ما أوحى* ماكذب الفؤاد ما رأى"
    وأحب أن الفت نظر القراء الكرام، إلى أن الله لم يمدح نبيه العظيم، في القرآن الكريم، بملك أو برئاسة، وإنما مدحه بنبل الأخلاق وكرمها وعظمتها : " وإنك لعلى خلق عظيم" ولم يقل النبي قط، أنه بعث لإنشاء مملكة، وإنما قال : " إنما بعث لأتمم مكارم الأخلاق"
    ولم يحصل قط، أنه عليه السلام، قد خاطبه أصحابه، طيلة بقاء نفسه الطاهرة في إهاب الهيكل البشري، أثناء بعثته المشرفة ، لمدة ثلاث وعشرين سنة، بأي لفظ يدل على الملك ، أو الحكم أو الرئاسة، وعن الملك والحكم تعالى عليه السلام علوا كبيرا، فقد كان النبي مذكرا ولم يكن مسيطرا، سيطرة الحكام والملوك: " فذكر إنما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطر"
    ولست أقصد بهذا التقليل من شأن الملك والحكم، والزراية بهما، ولكنني أقصد أن أضعهما في موضعهما الصحيح، من حيث أن الحكم، وظيفة دنيوية مدنية ، لها مهامها المرحلية في إدارة أمور الناس، وسياسة وتدبير معاشهم، تقتضي الحكمة في تنظيمها قدرا من السيطرة والتحكم والتفرغ، شأنها في ذلك، شأن الزراعة والصناعة والهندسة والطب والتجارة وهلم جرا... وإن كانت السيطرة والتحكم في أمور، الإدارة والقضاء، والشرطة، والحكم، أظهر مما في سواهم، بطبيعة الحال.
    ومعلوم أنه عليه السلام قد مارس التجارة، قبل بعثته المشرفة ، بل إنه في بداية الأيام الأولى للرسالة ، كان يمارس التجارة ، ليكسب قوت يومه، ويعول عياله، فأعاب عليه الجاهلون ذلك: " وقالوا ما ل هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق" ولكنه ترك التجارة، وتفرغ بكليته، للنهوض بأعباء الرسالة، ونشر تعاليم الإسلام ، عندما إستعلن النور الإلهي به عليه السلام، بظهور شمس النبوة، حيث لم يكن من الممكن عمليا ممارسة أي عمل آخر معها ، فاغناه الله عن التجارة : " ووجدك عائلا فأغنى"
    ثم توكل النبي الكريم على ربه ببلوغ الحق المبين: "فتوكل على الله، إنك على الحق المبين" وتفرغ بكليته لتبليغ ما أنزل إليه ، وأداء ما ائتومن عليه، ففعل ذلك فعلا وليس قولا فقط ، وإن لم يفعل، فإنه ما بلغ رسالة ربه: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناس" فعصمه الله من ملك الناس، فلم يكن مسيطرا على أحد، بل كان متفرغا لوظيفته الجليلة في التذكير بالله: " وما أنت عليهم بجبار، فذكر بالقرآن ، من يخاف وعيد"
    وغني عن البيان، ان النبي الكريم قد سماه ربه، وعرفه الناس بمئات الأسماء ليس من بينها الملك، أو الحاكم ، أو الرئيس، فهو عبدالله ، وهو الرسول النبي الأمي، وهو أحمد، وهومحمد، وهو محمود، وهو حامد، وهوالسراج المنير ، وهو المبشر، وهو النذير، وهوالداعي إلى الله، وهو طه، وهو يس، وهو الطيب، وهو الطاهر، وهو الحاشر، وهو المتوكل، وهوالمأمون، وهو الأمين ، وهو صاحب الفتح المبين، وهو المصطفي، وهو المجتبى، وهوالشفيع، وهو الوسيلة، وهو صاحب الدرجة الرفيعة ، وهو الهادي، وهو المهتدي، وهو النور، وقديما قال أصحابنا:
    فإنك أنت نور النور باد وإن سموك لي طه الأمينا
    إنه نور الرب العظيم ، الذي كان متجليا على وجه النبي الكريم، من شدة تسليمه لربه: " أفمن شرح الله صدره للإسلام ، فهو على نور من ربه"
    تأمل جميع هذه الأسماء!! هل من بينها الملك؟ أو حاكم الولاية؟
    وتحضرني هنا قصة طريفة، أن إعرابيا قدم من البادية، فلما رأى النبي محمدا، أخذته هيبته، المعلوة بأنوار الرضا والتسليم، فلجلج في الكلام، فتبسم له عليه السلام، وقال: " هون عليك، فإني لست ملكا، وإنما أنا إبن إمرأة من قريش ، كانت تأكل القديد"
    لماذا ينفي عليه السلام عن نفسه الملك؟ ولماذا كان يقول لإصحابه : " لا تعظموني ، كما تعظم الأعاجم ملوكها، فإنما أنا عبد، أجلس كما يجلس العبد، وآكل كما يأكل العبد"

    نبي الإسلام العظيم، لم ينظم دواوين حكومة
    أو بلاط دولة، ولم يدبج موسوعة قوانين

    لو كانت الحكومة الإسلامية، فريضة دينية، لا يكتمل تبليغ الرسالة ، إلا بها، لأنشأ النبي الكريم بلاطا، ولنظم الدواوين، ولأعلن نفسه حاكما، أو ملكا، أو إمبراطورا، ولا يظنن ظان، ان هذه الأمور لم تكن معلومة، في ذلك العصر، فقد كان بلاط الروم، على مرمى حجر من يثرب، ولقد زار النبي الكريم، بنفسه بلاد الشام مرارا وتكرارا، بل إن قصص الملوك والدول مبسوطة في القرآن الكريم.
    لماذا لم يأمر النبي بتشييد السجون لحبس المجرمين، وسجن فرعون مذكور في القرآن الكريم؟ لماذا لم يصدر النبي الأوامر والمراسيم، وهو عليم بأخبار القياصرة والأكاسرة، بل إن من هم دونه من العرب كانوا يروحون ويغدون لحواضر جيرانهم أصحاب عرش كسرى العتيد؟؟
    لماذا لم يدبج النبي موسوعة للقانون الإسلامي، وقد دبج حمورابي قوانينه، قبل ميلاد المسيح؟ و لايستطيع أحد أن يحتج بأن النبي الكريم لم يكن يعلم ذلك والقرآن الكريم ، قد ذكر قصة الذي آتاه الله الملك مع أب الأنبياء إبراهيم ، في أرض حمورابي.
    لم يفعل النبي الكريم كل ذلك ، لأنه لايوجد نظام حكم في الإسلام.

    الحكومة الدينية ليست فريضة، ولا ركنا من إركان الإسلام

    لو كانت الحكومة الإسلامية، فريضة دينية ، لما تردد النبي الكريم، في تضمينها مع أركان الإسلام الخمسة، كما فعل بالشهادة والصلاة والزكاة والصيام والحج؟
    لم يفعل النبي الكريم كل ذلك، لأنه لا يوجد نظام حكم في الإسلام.

    ما هو شكل الحكومة الإسلامية المزعومة؟

    معلوم في مبادئ القانون الدستوري، والعلوم السياسية، التي تدرس أنظمة الحكم، إن هناك أشكال مختلفة لإنظمة الحكومات، ولإنواع الدول، ولكننا لا نجد أثرا لذلك في الدين الإسلامي، لأنه لا يوجد في الأساس نظام للحكم في الأسلام، وليست هناك طريقة شرعها النبي الكريم لإختيار رأس الدولة.
    لو كانت هناك حكومة إسلامية لبين النبي الكريم، طريقة إختيار رأس الدولة، ولكنه لم يفعل ... هذا أمر لايفوت على حكمة أي سياسي يدبر أمور الناس، دع عنك حصافة وذكاء النبي الكريم، إن لم نقل وحي بصيرته وإشراق نبوته.
    لهذا السبب العتيد ، فإن الأصحاب، قد إختلفوا في أمرإختيار رأس الدولة، إختلافا موبقا، من قبل أن ينفضوا أيديهم من تراب قبر رسول الله!! هل يعقل أن يختلف الأصحاب الكرام في أمر بينه لهم نبيهم؟؟
    فقد قال الأنصار ، الذين هم كتيبة الإسلام، للمهاجرين الذين هم السابقون الأولون، قالوا يومذاك : منا أمير ومنكم أمير!! أي أنه أمر مدني لتدبير الأمور، فليكن من المهاجرين أمير ومن الأنصار أمير.
    ولو كانت الخلافة والحكومة أمرا من أمور الدين، وركنا من إركانه، لما تردد فيه أنصار رسول الله الذين قال الله فيهم في محكم التنزيل: " والذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم، يحبون من هاجر إليهم، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة" ومعلوم أن الأنصار قوم يكثرون عند الفزع، ويقلون عند الطمع، حسب وصف نبي الإسلام العظيم لهم.
    إن الأنصار غير متهمين في دينهم، وهم الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، وفوق ذلك فإن أبابكر غير متهم في دينه، فهو الصديق، وهو صاحب رسول الله، بنص القرآن، وإن عليا غير متهم في دينه، وهو باب مدينة العلم، وهو أخ رسول الله ، الذي قال عنه النبي: " علي مني بمقام هارون من موسى"... وإن إبن الخطاب غير متهم في دينه، وهو الفاروق، بشهادة نبوية... وكذلك السيدة فاطمة التي قال عنها أبوها العظيم: " فاطمة بضع مني يضيرني ما يضيرها" وما يقال عن هؤلاء الكرام الأماجد ، يقال عن البقية الباقية من السلف الصالح من كبار الصحابة على إختلاف في درجاتهم : " هم درجات عند الله"
    إذن لماذا أختلفوا؟ إن المتأمل في التاريخ الإسلامي، يجد انه لا يوجد أي أساس لإختيار رأس الدولة، ومن هنا كان الخلاف، الذي سالت حوله الدماء أنهارا.

    كيف تمت بيعة أبي بكر؟

    تمت بيعة إبي بكر في سقيفة بني ساعدة ، دون حضور عدد كبير من الأصحاب، على رأسهم على بن أبي طالب والزبير بن العوام، وعبدالله بن عباس، ورهط من كبار المهاجرين والأنصار... ومعلوم أن عليا إبن أبي طالب، قد إمتنع عن مبايعة أبي بكر لمدة ستة اشهر كاملة، ولم يبايع علي ابابكر إلا بعد إنتقال السيدة فاطمة إلى ربها، وتعليل ذلك أن عليا لم يبايع عن قناعة، وإنما بايع درءا للفتنة، كما إتضح فيما بعد.
    وكذلك إمتنعت السيدة فاطمة بنت رسول الله، من مبايعة إبي بكر حتى وافتها المنية، بل إنها قد أوصت الا يصلي عليها أبوبكر ولا عمر، وقد نفذ علي وصيتها، بحذافيرها.
    إذن ، فإن بيعة أبي بكر رضي الله عنه، قد تمت في جو كثر فيه الصخب، وعلت فيه الأصوات، كما يحدثنا إبن هشام في سيرته... في مثل هذا الجو المتوتر، تمت بيعة أبي بكربمجرد الصدفة، أو الفلتة على حد تعبير الخليفة الثاني عمر الذي قال:" لقد كانت خلافة أبي بكر، فلتة وقى الله الناس شرها"
    ويلاحظ أن أبابكر رضي الله عنه، في بداية خلافته قد شرع ليمارس التجارة، ليكسب عيشه، لولا أن منعه عمر، وقال: نجعل لك جعلا من بيت مال المسلمين، والذي لم يكن منظما يومئذ، لأن تنظيم المال مسألة دنيوية مدنية وليست مسألة دينية... وهذه الواقعة وحدها تكفي دليلا يثبت أن الخليفة الأول، لم يكن يرى وجود حكومة، ولم يكن ير أن إستخلافه وظيفة تستحق أجرا.
    نسبة لأن النبوة لا تورث، فإن وضع أبي بكر وصفته لم تكن واضحة في أذهان الأصحاب أنفسهم ، فناداهم أحدهم بقوله: " ياخليفة الله" فأجابه أبوبكر: " ذاك عيسى إبن مريم" ثم اصطلحوا على تسميته خليفة رسول الله، وسموا عمر خليفة خليفة رسول الله، ولكن عمر خشي أن يشق ويطول ذلك على من يجيئون بعده، فسمى نفسه أمير المؤمنين، كمصطلح مدني لتصريف أمور الحكم .
    ومهما يكن من أمر، فإن أبا بكر نفسه، لم يكن ير أن الخلافة مسألة دينية ، عهد بها إليه النبي بدليل قوله لعمر : "خذوا عني خلافتكم وردوا إلي ديني" وذلك عندما رفض بكل حزم وبكل قوة، حرق علي وفاطمة في بيتهما ، عندما هم عمر بذلك ، لإجبارهما على مبايعة أبي بكر، كما هو مثبت في جميع كتب التاريخ، وكما رواها حافظ إبراهيم الملقب بشاعر النيل في عمريته الشهيرة، بقوله:
    حرقت دارك لا أبقي عليك بها ، إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها
    هل يمكن ان تكون هناك فكرة إسلامية، توحي، ولو في الخاطر، ولو سهوا، بحرق علي كرم الله وجهه، وفاطمة البتول التي هي من خير نساء العالمين!!
    إن هذا احد الشواهد الكبرى التي تدل على أن فكرة الحكومة الدينية، لا أصل لها في الإسلام، بل في الحق ، فإنه لا يجوز دينا مبايعة كائن من كان سوى رسول الله ، بنص القرآن: " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله" وذلك بسبب أن طاعة الرسول هي طاعة الله:" من يطع الرسول فقد أطاع الله".
    فهل يمكن أن يقبل دينا، أو عقلا، أن الذي يبايع الرئيس عمر البشير قد بايع الله، طالما أن حكومته حكومة تزعم أنها حكومة إسلامية، وطالما أن رئيسها يدعي أنه يحكم بشريعة الله!! وكيف تجوز مبايعة الرئيس البشير، والرئيس البشير نفسه قد نقض بيعته للدكتور حسن الترابي!! والدكتور حسن الترابي نفسه، قد نقض بيعته للرئيس نميري!!
    وفي الحق، فإن أبا بكر ، قد كان تقيا ورعا، ولكنه قد أجبر في ظروف مربكة على تولي خلافة، ضاق بها ذرعا، وقال لعمر: " خذوا عني خلافتكم وردوا إلى ديني" سماها خلافتهم، وسمى الدين دينه، رضي الله عنه وأرضاه، فإنه صديق رسول الله، المخصوص بالصحبة، ومن أختص بالصحبة، فإنه لا يضل ولا يشقى. ... وتحدثنا كتب التاريخ، أن أبا بكر رضي الله عنه، قد بذل جهودا عديدة لكسب ود السيدة فاطمة، وهذا ليس بمستغرب، إذ أن أبا بكر بفضل صحبته المجيدة وصداقته الطويلة لرسول الله كان يعلم المكانة الروحية السامية للسيدة فاطمة، وأن رضاها أعظم من كل الحكومات.
    ومهما يكن من أمر ، فإن السيدة فاطمة، لم تتنازل، ولم تبايع أبا بكر، حتى آخر يوم في حياتها المبرورة، مما يلقي ظلا كثيفا من الشك، حول الحكومة الإسلامية... ليس ظلا كثيفا فحسب، وإنما يلقي يقينا محققا عند أولي البصائر، الذين يعرفون أسرار الدين.

    كيف كانت خلافة عمر؟

    لقد قلنا، ان أبا بكر قد ضاق ذرعا بالخلافة، وما جرته من عواقب دينية على شخصه الكريم ،فلما حضرته الوفاة، لم يجد شيئا غير رد الخلافة لعمر، إذ أنه لا يوجد منهج ولا طريقة لإختيار رأس الدولة.
    ولما كانت بيعته في أعناق المسلمين ، فقد كان أبوبكر يعلم سلفا، أن المسلمين لا يملكون مخالفة أمره، إلا إذا أمرهم بمعصية، ولذلك فقد رأى حسما للخلاف المتوقع، وبناء على إجتهاده الخاص، أن عمر هو أصلح من يتولى هذا الأمر، فعهد بالخلافة لعمر.
    ولوكان أبوبكر يعلم أن الشورى هي النظام الملزم، لما تردد في أن يترك الأمر شورى، إذ لا يعقل أن يتعمد رجل في مقام أبي بكر مخالفة تعليمات صريحة في الدين.
    وعلى نفس هذا النهج ، فإن عمر نفسه لم يعمل بالشورى، فقد حصرها في ستة، وإستبعد منها كل أنصار رسول الله من الأوس والخزرج، سكان عاصمة الخلافة الأساسيين، وملاك أراضيها، كما إستبعد منها بقية كبار الصحابة، أمثال عبدا لله بن عباس الذي هو حبر الأمة وترجمان القرآن، وعمار بن ياسر الموعود بجنان الرحمن... أكثر من هذا، فإن عمر، قد أمر بضرب عنق، كل من يخالف من الستة، في حالة إتفاق الباقين!! هل بعد كل هذا، يمكن أن يزعم زاعم، بوجود حرية إختيار.
    ولا يظنن أحد أن الموضوع قد كان مجرد خطأ في التطبيق، وان النظرية صحيحة... في حقيقة الأمر لا توجد نظرية، لأنه لا توجد حكومة دينية ، لا في نصوص القرآن الكريم، ولا في نصوص السنة المطهرة.
    وفي هذا المقام، لا بد أن نشير إلى أن الشورى التي يتحدث عنها السلفيون كثيرا، لا تعطي الحق في تأسيس أي نظام للحكم، لأن الشورى غير ملزمة للنبي الكريم، بطبيعة مكانته الروحية، وملكاته العقلية، وبنص القرآن أيضا، الذي ترك الأمر لعزيمة النبي، وليس لرأي أصحابه: " فإذا عزمت فتوكل على الله".
    ثم أن الآية الكريمة، قد قررت لين جانب النبي ، رحمة من الله بأصحابه : " فبما رحمة من الله لنت لهم" ثم أمرت النبي بالتجاوز عن أخطائهم، والعفو عنهم والإستغفار لهم، وتطييب خواطرهم بمشاورتهم:" فاعف عنهم، واستغفر لهم، وشاورهم في الأمر" هل يستطيع من عفي عنه، إلزام من منحه العفو، ومن إستغفر له؟ مالكم كيف تحكمون؟
    ونعود لخلافة عمر، فنجد أن ما نسب من نجاحات لخلافته، فإن أغلبها يرجع لأسباب مدنية وإدارية، إذ أن عمر لم يكن يختار معاونيه على أسس دينية، فهو قد ولى عمرو بن العاص على مصر، وعمرو هذا، رجل ليست له سابقة في الإسلام ، بل كان من ألد أعداء النبي ... وكذلك ولى معاوية بن أبي سفيان على الشام، ومعلوم أن معاوية وأهل بيته، قد كانوا قوما لدا في خصومتهم لرسول الله، وفي كيدهم لأصحابه ،حتى تم فتح مكة، فكانوا من الطلقاء، الذين عفا عنهم رسول الله.
    لقد فعل عمر هذا ، بأكبر أقاليم خلافته، مع وجود أهل الفضل والسابقة في الإسلام، وحفظة القرآن الكريم، لأنه كان يعلم أنه يدير دولة مدنية، يجوز فيها الإجتهاد العقلي وليس حكومة إسلامية، لا يوجد أي نص يسندها. وقد كان عمر يعلم أن رسول الله لم يستخلف احدا، أليس هو القائل: ( إن لم أستخلف أحدا، فقد فعل ذلك من هو خير مني، يعني النبي، وإن إستخلفت فقد فعل ذلك من هو خير مني، يعني أبا بكر).
    إذن لا يوجد أي أساس، إلا الإجتهاد المدني، وهذا هو السر، في أن عمر قد الغي عطاء المؤلفة قلوبهم مع وجود النص القرآني الصريح، وعطل تطبيق حد السرقة في عام الرمادة، مع وجود النص القرآني الصريح، ومنع زواج الكتابيات مع وجود النص القرآني الصريح، وحبس كبار الصحابة بالمدينة، دون سند من القرآن أو من السنة، وإنما هو الرأي والتدبير، في الأعمال المدنية، التي يقع في تقديرها الخلاف ، والأخذ والرد، وليس هذا المقال مجال إحصاء تلك الأعمال والقرارات التي تفوق الحصر.
    ومعلوم أن عمر قد أخذ الناس بالشدة، ولما كان لكل فعل رد فعل، كان طبيعيا - إلى جملة أسباب أخرى - ان ينتهي عهد عمر، على ابواب فتنة كبرى، سالت فيها دماء المسلمين، عبر التاريخ ، وحتى يوم الناس هذا، فإنه حيثما فتح موضوع الحكومة الدينية، فانتظر بوائق المحن وجوائح الشرور، وسفك الدماء.

    الفتنة الكبرى

    لست أبتغي في هذه العجالة الخوض في تفاصيل أحداث دامية، ضرب فيها المسلمون رقاب بعضهم بعضا، ويكفي أن تعلم أن أم المؤمنين عائشة ، والزبير بن العوام حواري رسول الله، وطلحة بن عبيد الله، وكلهم من أهل الفضل والسابقة، قد خرجوا على علي كرم الله وجهه، في واقعة الجمل، التي حصدت صحابة رسول الله حصدا.
    ولا أريد أن أفصل قتال معاوية لعلي كرم الله وجهه في واقعة صفين، حيث لجأ معاوية لإستغلال الدين لأغراض السياسة ، حينما هزمت جيوشه، فرفع المصحف الشريف على أسنة الرماح طالبا التحكيم!! هل هناك إستهزاء بآيات الله أكثر من هذا؟
    ثم إضطر على رضي الله عنه، لقتال أصحابه الذين خرجوا عليه في واقعة النهروان فسالت الدماء أنهارا... عندئذ إستيقن علي كرم الله وجهه، أن الأمر، ليس أمر دين، وإنما كله فتنة ، فطلب الإلتحاق بربه، فنادى ربه نداء خفيا، قائلا : متى يخرج أشقاها؟ فخرج عبدالرحمن إبن ملجم الفارسي، ففعل فعلته الشنيعة وصدقت نبوءة رسول الله، الذي قال يوما لعلي: " أشقاها هو الذي يشج هذه ويخضب هذه" واشار عليه السلام إلى جبهة علي ولحيته.
    إذا لم يستطع أصحاب رسول الله، وهم أهل الفضل والسابقة، تأسيس حكومة إسلامية، فهل يستطيع الرئيس عمر البشير وقبيله وغيرهم فعل ما عجز عنه أصحاب رسول الله؟ وهل يمكن أن تعتبر حكومة بني أمية التي قتلت الحسين رضي الله عنه، وسبعين من الطاهرين الطيبين من آل بيت محمد في يوم واحد، حكومة إسلامية؟
    وهل يمكن أن ينسى المرء أن يزيد بن معاوية، قد قتل عشرة الآف من أنصار رسول الله في واقعة ذات الحرة، التي إستباح فيها مدينة رسول الله؟ أو ليست هذه إبادة جماعية لأنصار رسول الله، الذين آووه وعزروه ونصروه؟ ما هي جدوى حكومة دينية ، تلتحف قداسة الإسلام، ثم تدوس على كل المحرمات والمقدسات، التي يمكن أن تحميها أية حكومة مدنية ، متوسطة المقدرات!!
    ولا أريد أن أخوض في دولة بني العباس وفي الخلافة التركية ، وما شابه ذلك ، ويكفى أن تعلم أن الخلافة العباسية ، إفترعها خليفة ملقب بالسفاح، وأن المأمون أعظم خلفاء بني العباس ، قد قتل أخاه الأمين، مثلما قتل أبوه هارون الرشيد وزراءه وأعوانه من البرامكة، ومثلما فعل أبو جعفر المنصور، بوزيره وساعده الأيمن أبي مسلم الخراساني، ولا داعي للخوض في بقية المآسي.
    ومع هذا ، فإن تلك الدول، تعتبر دولا ناجحة في المجال المدني، إذا ما قورنت بدول زمانها، بل إن جميع الدول القائمة في يوم الناس هذا، إنما قامت بدهاء الساسة، ومكر الجنرالات، على أشلاء الموتى، وجثث الجنود المجهولين... ولكن لا يمكن أن يزج باسم الدين المقدس، في أوحال مثل هذه الدول .
    لذلك لم يكن مستغربا، أن تفتتح الإنقاذ عهدها بسفك الدماء، ثم تسير بعد ذلك في نهج دموي تسلطي يعلمه الجميع، فأرجو أن يخفف الله على عباده عواقب ذهاب هذا العهد، الذي أرجو أن نكون الآن نعيش في أخريات أيامه، وما ذلك على الله بعزيز، فإن لم يكن ذلك كذلك، فالحكم لله العلي الكبير.
    هل تريدون الحق!! لا يوجد شئ إسمه الحكومة الإسلامية، ونعود لرسول الله العظيم، لنرى كيف كان يخاطب الملوك، وكيف كان يترك للناس أمور دنياهم.

    كيف كان يخاطب النبي الكريم الملوك والأباطرة المعاصرين له
    وهل كان يطلب منهم إقامة حكومة إسلامية؟


    من حسن التوفيق، أن كتاب التاريخ قد حفظوا لنا مراسلاته عليه السلام إلى من عاصره من الملوك، في رسائل عديدة، مختومة بختمه، منها تبين لنا كيف كان عليه السلام ، يخاطب الملوك مخاطبة تليق بهم كعظماء أٌقوامهم.
    فقد خاطب هرقل ملك الروم وإمبراطورهم وسماه عظيم الروم، حسب رواية إبن حجر العسقلاني، ولا يوجد في الخطاب، أية دعوة لحكومة إسلامية، بل العكس من ذلك ، فقد دعا النبي الكريم لأن يثبت الله ملك هرقل ، وقال له: إني أدعوك بدعاية الإسلام " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء" وطلب منه الدخول في الإسلام، لأن هذا هوسبب البعثة النبوية، ولم يطلب منه أي طلب آخر.
    وبنفس الأسلوب خاطب النبي الكريم، المقوقس عظيم القبط، وكسرى عظيم فارس، والذي ورد في الرسالة المرسلة إليه: " أدعوك بدعاء الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة" ولم يعرف عليه السلام نفسه، بغير رسول الله، فهو ليس غازيا، ولا جابيا ، ولا ملكا، وإنما رسول الهدى ودين الحق.
    واستهل رسالته إلى النجاشي بالثناء على عيسى روح الله، ومريم البتول، وفي هذا منتهى البراعة في الإستهلال، فلكل مقام مقال، ولم يزد عليه السلام على النصيحة، وعلى قوله: " أقبلوا نصيحتي" فأين الحكومة الإسلامية هنا، وهل كان من الممكن، ألا يبلغ رسول الله، أمر الحكومة الإسلامية، لو كان مكلفا من الله بذلك؟
    أكثر من هذا، فقد خاطب النبي الكريم المنذر بن الحارث صاحب دمشق بقوله: " يبقى ملكك" وخاطب المنذر بن ساوي حاكم البحرين بقوله: " أجعل لك ما تحت يديك"
    فلماذا لم يذكر النبي الكريم الحكومة الإسلامية في اخص المواضع وهو يخاطب الملوك.

    أنتم أعلم بأمور دنياكم

    معلوم أن النبي الكريم، قد قال في حديث تأبير النخل، وتلقيحها قولته المشهورة، التي سارت بها الركبان: " أنتم أعلم بإمور دنياكم" وهذا تأكيد لما سبق أن قررناه من أن الزراعة، وكل أمور الدنيا، من سياسة وحكم وإدارة وصناعة، وتجارة، لا تقع في دائرة المسائل الدينية، والتي هي امور روحية، لا تفهم إلا بعقل المعاد، و ببصيرة نورانية، أما عن طريق الوحي، أو بنور يهدي به الله من يشاء من عباده، كما هو واضح من قوله : " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا، ما كنت تدري ما الكتاب ، ولا الإيمان ، ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا" وكما هو واضح من قوله: " يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده"
    إذن الحكومة ، من أمور الدنيا، والناس أعلم بأمور دنياهم، وقد دلت التجربة البشرية الطويلة على ذلك، وسوف نعود لبعض التفصيل في الحلقة الثالثة عن الدستور والقانون.
    أقول قولي هذا وليس غائبا عني، أن النبي الكريم، قد قصد تعليم أصحابه ، دروسا في التوكل على الله، في حديث تأبير النخل، ولكن العبرة بعموم اللفظ، وليس بخصوص السبب، كما يعلم الفقهاء... أقرأ مرة أخرى: " أنتم أعلم بأمور دنياكم" أليس هذا حديثا واضحا، شديد الوضوح، فمن أين جاء اللبس إذن؟
    لقد جاء اللبس من أسباب شتى، أذكر لك أهمها:
    أولا: إن تداعيات الجهاد قد تمخض عنها ، ممارسة النبي الكريم بعض الأعمال التي تشبه أعمال الحكومة، كتوجيه الجيوش، وتوزيع الغنائم، وإقامة الحدود.
    وثانيها: أن بعض الأنبياء قد تولوا إدارة بعض الممالك.
    ونجيب على هاتين المسألتين بما يلي:

    النبي الكريم يضع الأساس الديني لإلغاء الجهاد


    نحن نقول ان الجهاد مرحلي، بسبب تدرج آيات القرآن من الآفاق إلى النفوس، وإلى بيان الحق، وشهود الحق، المطوي في قول الله تعالى:" سنريهم آياتنا في الآفاق، وفي أنفسهم ، حتى يتبين لهم أنه الحق، أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد" فلكل كلمة في القرآن معنى في الآفاق، ومعنى في النفوس، ومعنى في بيان الحق، ومعنى في شهود الحق، ولذلك فإن للقرآن ظاهر جلي وباطن خفي، وحد أخير ومطلع أول: " هو الأول والآخر والظاهر والباطن"، وقد فصلنا ذلك في مواضع أخرى في كتبنا.
    لهذا السبب العتيد ، فإن النبي الكريم، قد كان يقول عقب كل غزوة: " رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" يعني رجعنا لتطبيق آيات النفوس التي هي اكبر من آيات الآفاق، وأخذا من هذا فسر أصحابنا الصوفية كلمة الكفار في قوله تعالى: "قاتلوا الذين يلونكم من الكفار " بالحواس ، وهذا معنى لطيف في آيات النفوس، لأن حواسنا هي التي تلينا، وهي أقرب إلينا من الكفار الخارجيين، ولكن هناك من دقائق المعاني ما أعمق من ذلك بكثير .
    وقد إجتهد بعض المفكرين الإسلاميين، لإلغاء الجهاد، في القاديانية والبهائية، ولكنها كانت إجتهادات فطيرة، تفتقر إلى التعمق، وإلى العلم المستوفي لكل النصوص ، وإلى الدراية بالحكم الخفية وراء النصوص، حتى جاءت المحاولة الناجحة، على يد العبد الصالح محمود محمد طه، إلا أن محاولات الأستاذ محمود تحتاج إلى تطوير وتجديد وتفصيل ، ولم يكن كل ذلك غائبا على الأستاذ الجليل محمود، وقد أشار إليه هو بنفسه في بعض مواضع كتاباته، ولكن ليس هذا هو موضوعنا الآن.
    وما يهمنا هنا، ان النبي الكريم، قد كان يضع بذرة إلغاء الجهاد بعد كل غزوة يغزوها، بل كان لا يشارك في الحرب بسيفه، وإنما يجلس على عريش ينصب له، وهذا في حد ذاته، إشارة لمرحلية الجهاد، إذ لو كان الجهاد فرضا وأصلا، لما تردد النبي الكريم في المجالدة بسيفه، والمبارزة بنفسه.
    ولما جاء يوم فتح مكة، كشف النبي الكريم عن مرحلية الجهاد في خطبته العظيمة، التي جاء فيها :
    " إن مكة حرمها الله، ولم يحرمها الناس، ولا يحل لإمرء يؤمن بالله واليوم الآخر، ان يسفك بها دما.. لم تحل لأحد كان قبلي، ولا تحل لأحد يكون بعدي، ولم تحل لي إلا هذه الساعة... فلا يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرا، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله، فقولوا له: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد الغائب"
    وقد ظهر هذا الإذن بصورة جلية في قوله تعالى: " فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم، وما رميت إذ رميت ، ولكن الله رمى" بمعنى آخر، ان النبي غير مسئول، عن سفك تلك الدماء، لوجود أمر إلهي قاهر، تولت به الإرادة الإلهية قتل أولئك المعارضين واستعملت أصحاب النبي الكرام في تنفيذ ذلك القدر القاهر: " فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم"، وهذا من الأسرار العرفانية الدقيقة التي إختص بها النبي الكريم، ولم يحل سفك الدماء لأحد من قبله ولا يحل لأحد يكون من بعده، كما قال عليه السلام.
    معلوم أن تعظيم مكة، إنما يرجع لوجود المسجد الحرام وللقبلة التي بها أعني الكعبة المشرفة، ومعلوم أن رسول الله قد قال: " جعلت لي الأرض مسجدا طهورا" إذن مكة، إشارة إلى الأرض كلها.
    فإذا علمت أن الله موجود في كل مكان: " وهو معكم أينما كنتم" وإذا علمت أنك حيثما وليت شطرك، كان هناك وجه الله :" فأينما تولوا فثم وجه الله" أي أن القبلة في كل مكان ، ولكنها سامية عالية، لا يراها إلا أهل الرضا: " قد نرى تقلب وجهك في السماء ، فلنولنيك قبلة ترضاها"
    إذن هذا الحديث، إذا صادف أذنا واعية، فإنه يمهد لتحريم سفك الدماء، في أي مكان ، وفي أي وقت، ولإلغاء الجهاد إلغاء نهائيا، والذي لم يكن يملك أحد الإذن لإعلانه ، سوى رسول الله، والذي لم يأذن الله له ، إلا في ساعة من نهار، إي في مرحلة محددة من الزمان، إنتهت بإلتحاق النبي الكريم بالرفيق الأعلى.
    والغريب في الأمر ، أن أحد الأصحاب الذي كان شاهدا فتح مكة، قد قال عند روايته لهذا الحديث، كما يحدثنا صحيح البخاري : " لقد سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي" فنضر الله وجه إمرء ، سمع مقالة عن رسول الله ، فبلغها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع.
    وعليه فلا يستطيع أن يحتج محتج ببعض مظاهر الإدارة التي باشرها النبي الكريم لتنفيذ احكام الجهاد المرحلي، لأنه حتى في هذا المستوى المؤقت، فقد كان النبي يحكم بما يريه الله في كل لحظة : " لتحكم بين الناس بما أراك الله" فمن من حكام الإنقاذ اراه الله شيئا يحكم به؟؟
    هذا فضلا عن أن الرؤية في الآية تعني الرؤية العرفانية، كما أن كلمة الناس في الآية تشير إلى الناس في جميع الأزمان، لأن النبي الكريم موجود بروحانيته اللطيفة في جميع الأزمان، وما يعقلها إلا العالمون، وإني لأعجب لمن يعلم أن عيسى روح الله، ولا يعلم أن محمدا روح الله، ومن باب أولى.
    وحتى في ذلك التنزل لأرض الناس ، فقد كان النبي مخيرا أن يحكم أو يعرض " فاحكم بينهم أو أعرض عنهم" وهذا وحده يثبت عدم وجود حكومة دينية... فإذا كانت هناك حكومة دينية، فإن النبي يكون ملزما بالحكم ، والا يعرض عنه في أي وقت، هذا بالإضافة، إلى ان كلمة الحكم ليست مشتقة من الحكومة، كما سلف القول.
    إذا كان النبي الكريم، على جلال قدره، لم ياذن له الله له بالجهاد إلا في ساعة من نهار، أو وقت من زمان، فمن أذن للرئيس البشير ان يسفك الدماء، في كل الأوقات؟

    النبي الكريم يضع الأساس الديني لإلغاء الحدود

    لاأريد أن أطيل هنا، إذ أن موضوع الحدود، قد تمت دراسته وبحثه، في مواضع أخرى، وقلنا يومئذ، إن كلمة الحدود لم تنسب للعقوبات في القرآن، وإنما سميت العقوبات حدودا، كمصطلح فقهي، مأثور عن النبي الكريم.
    ولكنني ، ما أحب أن أزايل مقامي هذا، قبل أن أشير الى الحديث المشهور : " أدرأوا الحدود بالشبهات" والذي يعني الغوا الحدود بالشبهات، ويؤخذ هذا من معنى فعل الأمر " أدرأوا " كما هو مبسوط في القرآن:
    أقرأ قوله تعالى: " وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها" أو قوله: " فادرأوا عن أنفسكم الموت" أو قوله : " ويدرأون بالحسنة السيئة" ألا تعني كل هذه الآيات الإلغاء والإذهاب بالشئ المذكور فيها نهائيا، كما هو واضح من قوله: " إن الحسنات يذهبن السيئات".
    وقد توسع الممتازون من الفقهاء المسلمين، مثل أبوحنيفة النعمان، في معنى الشبهات، حتى ذهب أبوحنيفة إلى القول، بإن المتهم بالسرقة إذا إدعى كذبا، ملكيته للمال المسروق، لا تقطع يده، لقيام الشبهة، والجدير بالذكر ان الإمام اباحنيفة ، كا ن يقتفي آثار استاذه الإمام جعفر الصادق، مؤسس الفقه الشيعي الجعفري، مما يدل على إتفاق جميع المدارس الفقهية، على التوسع في معنى الشبهات.
    التوسع في معنى الشبهات، مطلوب دينا وعقلا وقانونا، إذ أن الخطأ في العفو، خير من الخطأ في العقوبة، ولئن تبرئ ألف مذنب، خير من أن تدين بريئا واحدا، ومن الخير دائما الستر والغفران، وعدم الجهر بالسوء من القول، وكل ذلك من المروءة، وحسن الأخلاق.
    إن قيام الكثير من الشبهات، حول وقائع أي إتهام بإية جريمة، هو أمر كثير الورود، ويعلم هذا كل من له إلمام صالح بمبادئ القانون الجنائي، وعلم الإثبات ، والإجراءات الجنائية، ولكن يهمنا أكثر أن درء الحدود بالشبهات، يعني إلغاء الحدود.

    ما شأن الأنبياء الذين مارسوا بعض الأدوار الإدارية؟

    بادئ ذي بدء، لابد من تقرير أن ملك الأنبياء، هو ملك الكتاب والحكمة: " فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة، وآتيناهم ملكا عظيما" وهذا الملك العظيم، لا يرى إلا بالرؤية الثانية المتأملة العميقة، المثبتة في قوله: " وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا" .... وهذا هو بعض من السر، الذي حدا بالزاهد الصالح إبراهيم بن أدهم، أن يقول قولته المشهورة: " نحن في لذة، لو لعلمها الملوك ، لجالدونا عليها بالسيوف"
    معلوم أن كبار الأنبياء، والرسل أولي العزم، المأمورين بإقامة الدين، والمذكورين في قوله: " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا، والذي أوحينا إليك، وما وصينا به ، إبراهيم وموسى وعيسى، أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه" لم يمارسوا ملكا، ولم يقيموا دولة، لسبب عرفاني، يتطلبه التفرغ لأعباء الرسالة، والتعليم والإرشاد، بصورة لا تمكنهم من القيام بأي عمل آخر ، مع تلك المهام العظيمة، والأعمال المستجدة ، كل صبح جديد.
    ويلاحظ أن الآية لم تقل " الأديان" وإنما قالت " الدين" لأن الدين في القمة دين واحد، هو التسليم للواحد القيوم... هذا هو الإسلام الذي لا يقبل الله دينا غيره:" ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه" لأن الإسلام هو الدين الذي عند الله " إن الدين عند الله الإسلام"... بهذا المعنى، فإن دين الإسلام، موجود قبل محمد... فإبراهيم مسلم، وموسى مسلم، وعيسى مسلم: "النبيين الذين أٍسلموا" أو : "إنا كنا من قبله مسلمين"... هذا هو الأسلام بمعنى الفطرة الوجودية، وليس العقيدة الدينية.
    وبالطبع فإن إلاسلام في هذا المكان السامق عند الله، لا يعني إسلام الهوس الديني، عند الناس، والذي تحكم به حكومة السيد البشير، وتحشد له الحشود، كل يوم من أجل إرهاب المعارضين، مع تلويح السيد الرئيس، بإستعمال العنف، في خطبه العجيبة.
    ويلاحظ أن بعض الأنبياء، في بعض الحقب التاريخية، قد إكتفوا بالتأييد الروحي لبعض الملوك المبعوثين ، لمهمات خاصة، كما هو وارد في قوله: " وقال لهم نبيهم ، إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا"
    إن القول بأن كبار الرسل، لم يكونوا ملوكا، لا يعني أن من هم دونهم في المرتبة من الرسل ، لم يتولوا ملكا مرحليا ، في ظروف خاصة، أملتها ضرورات معينة. فقد تولى داؤد الملك، بعد أن بلغ درجة الخلافة في الأرض التي يقف عليها: " يا داؤد إنا جعلناك خليفة في الأرض، فاحكم بين الناس بالحق "
    قال: فاحكم بالحق، ولم يقل: فاحكم بشريعة معينة، لأنه لا توجد حكومة دينية محددة الشكل، إذ أن منازل الحق، تتنزل في المنازل، من يوم إلى يوم... لهذا السبب، فإن داؤد نفسه، وعلى مكانته السامية، لم يتبين له وجه الحق تماما، عندما حكم في الحرث الذي نفشت فيه غنم القوم، فقصر أن يفهم ما فهمه إبنه سليمان، وقد ورد في ذلك قول الله: " ففهمناها سليمان، وكلا آتينا حكما وعلما"
    هذا الفهم وهذا الحكم وهذا العلم،هو الذي جعل النبي الكريم ، يختار أن يكون نبيا عبدا، ولم يختر أن يكون نبيا ملكا... إن مجرد التخيير إنما يعني فيما يعني، جواز تولي الملك للنبي في تنزل، ولكن النبي الكريم إختار الخيار الأعلى، إختار العبودية مع النبوة، ولم يختر الملك مع النبوة، ومن هناك كان الأصل الأصيل في الإسلام ، هو عدم وجود حكومة دينية في الدين الإسلامي.
    وعندما نقول أنه لا توجد حكومة دينية في الإسلام، فإن هذا لا يعني الا تسترشد الحكومات المدنية، ببعض المبادئ الدينية في معاني العدالة والحق والمبثوثة في القرآن أو في أي دين آخر، أو أي فكر آخر من التراث البشري بطوله وعرضه وعمقه. هذا موضوع آخر سوف نفصله، في الحلقة الثالثة من هذا المقال، والمتعلقة بالدستور والقانون.
    ولكننا نعني أن نقول، أنه لا توجد في الإسلام حكومة دينية يرأسها شخص ، يتسمى بالخليفة، أو ما يعادله من أسماء، لأن مقام الخلافة هومقام رتبة عرفانية، يمنحها الله لمن يشاء من عباده، كما هو واضح من الآية: " إنا جعلناك خليفة" ولذلك ، فإنه لا يستطيع أحد أن يجعل نفسه خليفة يبايعه الناس، ولما قال عثمان، وهو صحابي جليل: " لا أنزع قميصا قمصينه الله" حدثت أكبر فتنة في التاريخ، راح ضحيتها خلق كثير، على رأسهم هذا الصحابي الجليل.
    وما زالت دماء الفتنة تجري في نهر الزمان، حتى تقمصها السيد رئيس جمهورية شمال السودان، والذي آمل أن يثوب إلى الرشد، وينفض يده من هذه الدعوة الباطلة، التي تهدد الوحدة الوطنية لشمال السودان، وتنذر بعواقب وخيمة.
    ومما ينفي القول بوجود حكومة دينية يحكم بها الأنبياء، ان يوسف الصديق، وهو من أعظم الأنبياء رفعة، قد تولى مهام الولاية على خزائن ملك مصر، وهي مهمة تشبه مهام وزير المالية. ويلاحظ أن يوسف الصديق، لم يقل للملك، أن حكومته حكومة غير دينية، ولكنه إكتفى بتقديم مؤهلاته الشخصية لملأ المنصب المطلوب، دون أن يذكر أنه نبي: " قال اجعلني على خزائن الأرض، إني حفيظ عليم" ، وقبل الملك طلب يوسف الصديق، وعينه وزيرا له، وكان من أعظم وزرائه.
    إذن العارف ، او النبي، يمكن أن يتولى أي منصب ، بناء على المؤهلات والكفاءة ، والحفظ والعلم، والصدق والأمانة، وفق الحق والعدل، شأنه شأن أي مواطن آخر.
    ومعلوم أن داؤد قد كان حدادا، وكان موسيقارا، وأن نوحا قد كان نجارا، وأن المسيح قد تدرب على أعمال النجارة، وأن النبي محمدا قد مارس التجارة ، وأن سليمان قد مارس الملك، ولكن هذا لايعني أن هناك حدادة دينية، أو موسيقى دينية، أو نجارة دينية، أو تجارة دينية، او مملكة دينية.
    جميع هذه المسائل أمور مدنية دنيوية، سنعود لإلقاء المزيد من الضوء عليها عند حديثنا في الحلقة القادمة، عن الدستور والقانون، والتي أرجو أن يعينني الله على كتابتها، وعلى الله قصد السبيل.

    طالع سعد وفأل حسن

    إنه لمن طوالع السعود والفأل الحسن، والحظ العظيم، ان تتزامن هذه الحلقة عن : "الحكومة الدينية فكرة خاطئة، لا أساس لها في السنة المطهرة" مع ذكرى ميلاد نبي الإسلام العظيم، له مني أزكى التحية، وأعظم الإجلال، وأخص التسليم، ولعل في هذا التوافق والتوفيق، ما يوكد بشائر ميلاد العهد الجديد... عهد السلام عهد الحب.


    بدرالدين يوسف دفع الله السيمت
    كتبه في البحرين في ليلة المولد النبوي الشريف من عام 1432 هجرية
    يوافق الرابع عشر من فبراير 2011 ميلادية
    [email protected]
                  

02-17-2011, 03:43 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    اعيد هذا المقال المهم للنقاش مرة اخرى لانه موضوع ساعة وكل ساعة وواضح ان من يتجاهلههم اولئك الذين عناهم الكاتب فى مقاله الرصين والواضح المسنود برؤية دينية واخلاقية سليمة تتوافق مع دين الاسلام الصحيح ..اقرا


    رؤية الاخوان المسلمين للزكاة
    هل هى ملزمة لبقية المسلمين ...؟

    ليس فى شريعة الاسلام ديوان للزكاة
    على محمد الحسن ابوقناية



    الشريعة الإسلامية لها مصدر واحد للتشريع وهو الله سبحانه وتعالى، ولها مصدر واحد للتبليغ وهو رسوله الأعظم ومن اتبعه من المؤمنين أن يبلغوا رسالة الله دون زيادة ولا نقصان، لأنها رسالة الخالق الى الخلق، أرسل بها رسوله الأعظم صلوات الله وسلامه عليه وأنزلها في كتاب واحد أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير، قال تعالى في محكم تنزيله: (ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون)-«52 الأعراف»،

    وفصَّل الله تعالى في كتابه كل ما أراد أن يأمر به عباده منذ بدء الرسالة والى أن يرث الله الأرض وما عليها، قال تعالى (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم الى ربهم يحشرون)-«38 الأنعام»، وهذا الكتاب هو المرجعية الإسلامية ولا مرجعية سواه، أمر الله تعالى بالإستمساك به وحده وهو الذي سيسأل عباده عنه يوم الحساب في الآخرة ولا يسألهم عن سواه، قال تعالى: (وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى الى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون، هذا كتابنا ينطق عليكم بالحلق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون)-«29 الجاثية»، وقد حذر الله تعالى عباده من مخالفته أو تحكيم سواه، قال تعالى مخاطباً رسوله وأمته: (تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنونü ويل لكل أفاك أثيم ü يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم)- «الجاثية».والشريعة الإسلامية التي شرعها الله سبحانه وتعالى وحده قال عنها آمراً رسوله: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى أن اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم اليه.. الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب)-«15 الشورى».

    ولقد أكمل الله تعالى الدين الذي ارتضاه لعباده في كتابه وحده، قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً فمن أضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم)-«3 المائدة».

    وحيث أن الله تعالى لا يعبد إلا أمر وشرع ولا يعبد بالهوى والمزاج، فقد حدد لعباده ما افترضه عليهم مفصلاً، وقد جاء أمر الزكاة في القرآن مفصلاً لكل ما حوته حيث قال تعالى في شأن الزكاة: (قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال)-«31 إبراهيم» وقال تعالى: (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم ولا تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون)-«272» للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافاً وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)-«274 البقرة». ولقد أبتليت بلادنا في عهد الرئيس جعفر نميري، أبتليت بفضيلة الدكتور يوسف القرضاوي ومن معه بوضع قانون للزكاة مخالفاً لقانون الله سبحانه وتعالى الذي أمر بأخذ أموال المسلمين فيما سماه بديوان الزكاة، والله سبحانه وتعالى لم يأمر رسوله ولا أحداً من أمته بأخذ أموال المسلمين باسم الزكاة، بل يأخذ الزكاة المزكي ويذهب بها الى الفقير والمسكين وحدد لهم طريقة إخراجها ومما تخرج، قال تعالى مخاطباً عباده: (يا أيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآحذية إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد)-«267 البقرة»، وأمرهم بإظهارها أو إخفائها، قال تعالى: (إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعلمون خبير)-«271 البقرة».

    ولقد حرَّف فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي آيات الله وبعد بها عما أراده الله تعالى حيث أتى بالآية الكريمة وهي قوله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم)-«103 التوبة».. وهذه الآية ليست أمراً لرسول الله صلواتنا وسلامنا عليه بأخذ أموال عامة المسلمين، إنما أراد بأخذ فئة غيرهم رفضت تخرج للقتال مع رسول الله وجاء ذلك من قوله تعالى في أول الموضوع (وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون الى عذاب عظيم وآخرون إعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم أم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم)-«التوبة».


    فالآخرون الأول هم الذين أمر الله رسوله بأخذ أموالهم التي أتوا بها الله تكفيراً لذنوبهم ولا يطلق على الأمة الإسلامية كلمة آخرين وهي تعني فئة قليلة من الناس كما ورد في هذه الآية الكريمة. الشريعة لا تأمر بأخذ أموال المسلمين عنوة وإكراهاً كما يفعل ديوان الزكاة، إن الدين الإسلامي دين تسامح ومحبة وعزة لاتباعه ولم يرسل الله تعالى رسوله جابياً، إنما أرسله هادياً بشيراً ونذيراً دون إكراه ولم يأمر الله تعالى بالإكراه، قال تعالى: (وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون)..« التوبة آية 55»، وقد حدد الله سبحانه وتعالى لمن تعطى الصدقات بما فيها الزكاة فقال: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين عليها وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم)-«التوبة الآية 60».

    ديوان الزكاة والفهم الخاطيء للإسلام:

    يحرف ديوان الزكاة كلمة العاملين عليها التي وردت في الآية الكريمة فظن أنها تعني جباة الزكاة الذين يعملون فيها وليس عليها، والعاملون عليها الذين يعملون على زيادتها وتنميتها ورعايتها وحفظها لصاحب العمل هم أحوج ما يكونون اليها فأمر الله تعالى صاحب العمل أن يؤتي العمال أو الموظفين تحت إدارته وإمرته، كما أن الغارمين هم الذين عجزوا عن دفع ما عليهم للآخرين الذين أمرهم الله تعالى بقوله: (وإن كان ذا عسرة فنظرة الى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعملون)-«280 البقرة»، والله سبحانه وتعالى لم يأمر رسوله ولا أمته باتخاذ مجابي أو دواوين للزكاة وتكديسها بالمليارات وحرمان أهلها منها، فالإسلام دين عدالة وعزة للمؤمنين، قال تعالى: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون.. يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون.. وانفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين.. ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون)-«المنافقون».

    إن ما قام به ديوان الزكاة أمانة ولاية نهر النيل محلية المتمة وغيره من الدواوين لا يمت الى شريعة الإسلام بصلة لأنه يجهل أن الزكاة ليست في الإسلام تخرج من رأس المال، إنما تؤخذ من الربح لئلا يهلك رأس المال واذا كانت خسارة لصاحب المال فلا زكاة عليه إنما وجب على أخوانه مساعدته من جبر الخسارة عليه تعاوناً وتكافلاً ولا زكاة في الإسلام يحول عليها حول، لأن المزكي لا يعلم متى يفارق الحياة الدنيا فوجب عليه إخراج زكاته يوم بيعها وقبض ربحها قال تعالى: (وهو الذي انشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفاً أكله والزيتون والرمان متشابهاً وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر واتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)-« الأنعام الآية 141»، وآتوا حقه يوم حصاده، تلك هي زكاته لا أن يحول عليه الحول وحصاده يدخل فيه حتى العامل أو الموظف بأجر يوم قبض مرتبه لا أن يحول عليه الحول لأنه لا يدري هو نفسه هل يحول عليه أسبوع لا حول أو يدري، فالذي قام به ديوان الزكاة من مصادرة ثمار المسلمين كان الأجدر به أن يعاونهم في خسارتهم لا أن يزيدهم عليهم خسارة أخرى..



    ما أمر الله تعالى بها ولا رسوله ولكنها القسوة والبعد عن منهج الله الذي ما أمر بإكراه أحد على فعل الخيرات والعبادات وتلك هي عدالة الله في الإسلام وإن ما يقوم به ديوان الزكاة من إذلال للمسلم باستكتابه إقراراً أو شيكاً فهذا لا أصل له في شريعة الله، هذا ما أردت إيضاحه لقوله تعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا واصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم)-« البقرة الآية 160».. وقد أمرنا الله بعدم كتمان شهادة له، لقوله: (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم)- « البقرة الآية 283»، ولا نريد أن نكون مثل الذين قال الله تعالى فيهم: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون)-«آل عمران الآية 187»... وقال تعالى (فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون)-«البقرة الآية 59».

    هذا ما أردت إيضاحه والله الهادي لمن إهتدى وإلا فقل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
    بحري- الصافية

    اخر لحظة 9/92007
                  

02-18-2011, 10:38 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    ةقال ابوقناية فى مقاله الحاسم والقوى

    ولقد أبتليت بلادنا في عهد الرئيس جعفر نميري، أبتليت بفضيلة الدكتور يوسف القرضاوي ومن معه بوضع قانون للزكاة مخالفاً لقانون الله سبحانه وتعالى الذي أمر بأخذ أموال المسلمين فيما سماه بديوان الزكاة، والله سبحانه وتعالى لم يأمر رسوله ولا أحداً من أمته بأخذ أموال المسلمين باسم الزكاة، بل يأخذ الزكاة المزكي ويذهب بها الى الفقير والمسكين وحدد لهم طريقة إخراجها ومما تخرج، قال تعالى مخاطباً عباده: (يا أيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآحذية إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد)-«267 البقرة»، وأمرهم بإظهارها أو إخفائها، قال تعالى: (إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعلمون خبير)-«271 البقرة».
                  

02-18-2011, 11:22 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    وقال مولانا ابوقناية


    ولقد حرَّف فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي آيات الله وبعد بها عما أراده الله تعالى حيث أتى بالآية الكريمة وهي قوله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم)-«103 التوبة».. وهذه الآية ليست أمراً لرسول الله صلواتنا وسلامنا عليه بأخذ أموال عامة المسلمين، إنما أراد بأخذ فئة غيرهم رفضت تخرج للقتال مع رسول الله وجاء ذلك من قوله تعالى في أول الموضوع (وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون الى عذاب عظيم وآخرون إعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم أم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم)-«التوبة».
                  

02-20-2011, 06:48 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    ويكشف ابو قناية الفهم الخاطىء لمصرف العاملين عليها الذى يعتمده د
    يوان الزكاة قائلا




    ديوان الزكاة والفهم الخاطيء للإسلام:

    يحرف ديوان الزكاة كلمة العاملين عليها التي وردت في الآية الكريمة فظن أنها تعني جباة الزكاة الذين يعملون فيها وليس عليها، والعاملون عليها الذين يعملون على زيادتها وتنميتها ورعايتها وحفظها لصاحب العمل هم أحوج ما يكونون اليها فأمر الله تعالى صاحب العمل أن يؤتي العمال أو الموظفين تحت إدارته وإمرته،

    كما أن الغارمين هم الذين عجزوا عن دفع ما عليهم للآخرين الذين أمرهم الله تعالى بقوله: (وإن كان ذا عسرة فنظرة الى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعملون)-«280 البقرة»، والله سبحانه وتعالى لم يأمر رسوله ولا أمته باتخاذ مجابي أو دواوين للزكاة وتكديسها بالمليارات وحرمان أهلها منها، فالإسلام دين عدالة وعزة للمؤمنين، قال تعالى: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون.. يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون.. وانفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين.. ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون)-«المنافقون».
                  

02-20-2011, 05:10 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    وقال الزميل صديق تاور

    وباسم المشروع الحضاري تم استئناف الحرب في الجنوب بوتائر تصعيد اعلى من ذي قبل، بخطاب ديني يصف ما يجري بانه حرب صليبية ضد الإسلام، وبالمقابل يصف التصعيد على جبهاتها بالجهاد في سبيل الله وهي التعبئة التي طبعت الخطاب الانقاذي في كل مراحله ومعاركه السياسية، سواء في الجنوب أو في دارفور أو حتى في المسرح السياسي العام أو في الجامعات. وبانقسام منظومة «الانقاذ» في 9991م والذي انتهى بالجماعة الى مؤتمر شعبي «معارض» ومؤتمر وطني «حاكم» يكون الاساس السياسي للمنظومة قد تعرض للانقسام أيضاً دون أن يلامس ذلك تمسك كل طرف بالخطاب الديني المتعلق بالشريعة والإسلام، لينطرح السؤال الجوهري هنا حول من يحق له في هذه الحالة الحديث باسم الإسلام ودولة الشريعة والمشروع الحضاري. بمعنى آخر ما هي علاقة الإسلام كدين بما يجري على صعيد حكم الانقاذيين في السودان من سياسات هي في كثير من جوانبها معادية للإسلام نفسه.
                  

02-23-2011, 08:34 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    وقال صديق تاور

    لقد جاء الإسلام ليتمم مكارم الاخلاق، اي ليهذب السلوك الانساني للمجتمع ويرتقي به الى ما يصون كرامة الناس وآدميتهم دونما قهر او تكميم أفواه أو إفقار أو ظلم أو اهانة أو حرمان، فاساس الشرع يقوم على القيم التي من اجلها جاء الدين، فالدين المعاملة، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، ومن غشنا ليس منا ومن اين لك هذا، ولا إكراه في الدين، وما أرسلناك الا رحمة للعالمين.. كل هذه القيم لم تتوفر لدى جماعة المشروع الحضاري السوداني منذ مجيئهم والى اليوم. بل على العكس كل ما يصدر من عندهم هو ضد هذه القيم تماماً، والا فليقل لنا هؤلاء وفقهاؤهم من اين لهم هذه الوضعية الطبقية المترفة بينما كان الواحد منهم الى عهد قريب لا يملك غرفة من «الجالوص» في اطراف العاصمة على حد وصف احد قياداتهم التي زهدت عنهم بعد ان اشمأزت من مفاسد سد السلطة فيهم. او فليقولوا لنا ما هو المسوغ الشرع لبيوت الاشباح او قانون الامن او الاعتقالات او التعذيب او الفصل التعسفي من المهنة لعدم الولاء للحكام، او فليقولوا لنا من منظور الشرع أين يقع اشتراط تحديد الانتماء القبلي عند التقديم لوظيفة عامة، وما هو الشرعي في احتكار وظائف الدولة لكوادر الحزب الحاكم او محاسيبهم. أيضاً فليقل لنا هؤلاء أين موضع قمع التظاهرات غير الموالية للحكام من الشرع، وماذا يقول الشرع في الذي يرفض التصديق للمعارضة باقامة ندوة او لقاء جماهيري أو مسيرة ولكنه يسمح بذلك لمنبر السلام العنصري ولانصار الحكومة.
                  

02-24-2011, 04:11 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=16320
    --------------------------------------------------------------------------------
    بتاريخ : الأحد 02-01-2011
    : دولة الإسلام السياسي: كل الطرق تؤدي إلى الاستبداد
    : تحليل سياسي: خالد فضل


    * احد الشبَّان ممن كانوا حضوراً، نقل إليَّ عبر الهاتف، ان احد منسوبي المؤتمر الوطني من اعضاء هيئة تشريعية في ولاية سنار، قد استشاط غضباً وانتقد علناً حضور ومشاهدة والي الولاية ورهط من وزرائه واعضاء حزبه لعرض فني قدمته احدى فرق الفنون الشعبية الاثيوبية في نشاط مصاحب لمؤتمر الاقاليم الحدودية بين السودان واثيوبيا والذي إلتأم في حاضرة ولاية سنار مدينة سنجة الاسبوع الماضي غضبة ذلك الشيخ على حاكمه ووزرائه نجمت من ان الفتيات الاثيوبيات يقدمن عروضهن بصورة مستفزة للمشاعر الاسلامية الجيَّاشة لدى ذلك العضو المحترم، وهو يريد من حاكمه وقادة حزبه ان يحذو حذوه ويكفوا عن متابعة مثل هذه العروض الابداعية التي تعكس جوانباً من ثقافات اهل اثيوبيا، ذلك البلد ذي الطبيعة التعددية مثله مثل السودان.*


    وفي الخرطوم صبيحة تفريق الشرطة لجمهرة من قواعد طائفة الانصار وحزب الامة اثر سيرهم بشارع الموردة متجهين الى مسجد السيد عبد الرحمن بود نوباوي لاداء الجمعة ـ حسبما اوردت مصادر حزب الامة ـ وفي تلك المناسبة شُج رأس الدكتورة مريم الصادق المهدي القيادية بالحزب وكسرت يدها التي حاولت ان تتقى بها العصى المصوبة نحو رأسها كما اصيب شيخ سبعيني حاول حمايتها وتعرض اخرون لاصابات متفاوتة بينما سالت الدموع جراء استخدام الغاز المسيل لها من جانب الشرطة السودانية، وفي تلك الاثناء، كان الشيخ محمد عبد الكريم رئيس ما يسمى بالرابطة الشرعية للعلماء يعتلي سيارة مكشوفة وهو يخاطب حشداً من اتباع رابطته في احد الشوارع الفسيحة بمدينة الخرطوم ويتلو من بيان مكتوب ما تراه رابطته واجبات في هذه المرحلة، ومن ابرز ما ورد في وثيقة نصرة الاسلام تلك، ان استفتاء الجنوب حرام شرعاً وان وجود الحركة الشعبية في الشمال حرام شرعاً،


    وكذلك وجود العلمانيين وغيرهم ممن يؤتى بهم من الخمارات ليحكموا، ثم ايد البيان اعلان رئيس جمهورية السودان السيد عمر حسن احمد البشير من القضارف عن عزمه تطبيق الشريعة الاسلامية اذا انفصل الجنوب في استفتاء 9 يناير الجاري، وانه لا مهادنة، او مراهنة، او جرح في بتر الاعضاء، والجلد، والرجم، وانفاذ كل العقوبات الحدية التي انزلها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، واعتبار الدستور الجديد لدولة شمال السودان مستنداً على الشريعة وحدها كمصدر للتشريع واللغة العربية كلغة وحيدة ورسمية للدولة القادمة معتبراً ان جلد الفتاة التي ظهرت في مقطع فيديو ملأ الافاق عبر الوسائط التكنولوجية الحديثة معتبراً إيَّاه انه احد حدود الله التي اذا شعر احد بانها تسيئ الى سمعة البلاد فعليه مراجعة إيمانه والاغتسال والوضوء والدخول في الاسلام من جديد حسبما يفهم من الخطوات الواجب اتباعها كما قال السيد الرئيس.


    * اذاً نحن الان امام اربع حالات متزامنة خطاب رئيس الجمهورية المرتجل في القضارف عن تطبيق الشريعة، وضرب الشرطة لدكتورة مريم الصادق المهدي الانصارية القحة وكريمة امام الانصار، وغضبة ذلك التشريعي في ولاية سنار، وشروط الازعان التي فرضتها رابطة العلماء الشرعيين على كل من يخالف توجهات حزب المؤتمر الوطني التي اعلنها رئيسه رئيس الجمهورية من القضارف.


    * في الواقع هنالك جوانب اخرى تغلف كل هذا الفضاء الممتد من سنار الى القضارف، فالخرطوم وشارع الموردة بام درمان من تلك الجوانب وان ام درمان التي شُج فيها رأس وكسر ساعد د.مريم وهي ضمن جموع متجهة لاداء صلاة الجمعة هي ذاتها المدينة التي تحتضن في مدخلها المؤدي للخرطوم مبنى هندسياً بديعاً اسمه المجلس الوطني، ذلك المجلس ذي الغالبية المسلمة، ومن منسوبي حزب المؤتمر الوطني الذي يعلن رئيسه تطبيق الشريعة بالجلد، والقطع، والصلب، والرجم، ولكن اضابير هذا المجلس تضم على الاقل واقعتين حديثتين لاجازة وقبول (قروض ربوية)،


    وقد احل الله البيع وحرم الربا كما نعلم نحن عامة المسلمين، بيد ان السادة النواب الاسلاميين احلوا الربا في قرضين اثنين على الاقل وبالطبع ليس من سؤال يمكن توجيهه في هذه الحالة خاصة ان عضو المجلس التشريعي بولاية سنار يرى ان قمة القيم الاسلامية التي يجب مراعاتها هي عدم مشاهدة فتيات اثيوبيات يرقصن الرقصات الشعبية لقومية من قوميات بلد جار يمتاز شعبه بالتعددية الدينية والاثنية والثقافية واللغوية كما هي حالة السودان الشمالي الذي يعلن رئيسه تطبيق حكم الشريعة عقب انفصال جزئه الجنوبي وذلك عن طريق الرجم، والقطع، والجلد، والصلب، وبقراءة ذلك مع هتاف سحق الحركة الشعبية تحت الاقدام والذي انطلق في مسيرة رابطة علماء الاسلام الشرعيين، يكتشف المراقب العادي حجم السدود والحواجز التي تفصل بين قيم الاسلام كدين انزله الله بوساطة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبين الاسلام كايديولوجيا، أي تصورات بعض الناس لشؤون الحكم والحياة،


    وان حاولوا ربطها بالاديان، فالمفارقة لا تكمن في مفارقة جوهر الدين الاسلامي فحسب بل تمتد لما اسماه الاستاذ علاء اسواني بسيادة الدين البديل اذ ليس بمستغرب البتة ان يؤدي عنصر الامن مثلاً اوقات صلاته كلها في جماعة في المسجد الملحق بالزنازين وبعد الاوراد وتلاوة ما تيسر من ايات القرآن ورفع الاكف بالدعاء لنصرة المسلمين في افغانستان والعراق وغزة يعود ذات العنصر لمواصلة عمله ـ الحلال ـ في تعذيب المعتقلين إما نفسياً او بدنياً او الاثنين معاً اذ تكفي اقساط التدين التي اداها في المسجد او حلقة التلاوة لتحقيق الرضا الروحي له.


    * ولكن هل تكمن المفارقة فقط في مخالفة جوهر الدين الى اعتناق التدين البديل كما في اطروحة علاء اسواني التي تفضل الاستاذ ياي جوزيف بنشرها في عموده اليومي بـ(أجراس الحرية) انما تغوص المفارقة الى جسد ما يسمى بحركة الاسلام السياسي والى مجموعات واسعة من منسوبي تلك الحركة وحزبها المؤتمر الوطني واجيال من الشباب الذين تبدلت اوضاعهم المعيشية والاسرية جراء انتظامهم وانتفاعهم من ريع المال العام المبذول للحزب بعد هيمنته على مقاليد الحكم، اذ نشأت اجيال جديدة فاخرة العمران فخمة الاثاثات وتم امتطاء السيارات الفارهة والتمتع بقضاء الحاجات من اسواق دبي وماليزيا واوروبا واقامة الاحتفالات الخاصة في افخم صالات الفنادق والمساعدة في توظيف الاقارب وتبادل المنافع وقيام الشركات العاملة في كل قطاعات الخدمات ذات العوائد المضمونة كالمطاعم والصرافات والنقل والترحيل والطرق والجسور وخدمات النفط والاتصالات.



    هذا عدا توريث الاستوزار اذ تصبح ابنة القيادي والوزير الاسلامي وزيرة لاحقة او وزيراً لاحقاً في حالة الاولاد الى شبكة عريضة من العلاقات العامة والعمل التجاري في اسواق المحاصيل وتجارة السكر والاسمنت والسيخ ووكالة كبرى الشركات للادوية وانشاء الجامعات والمستوصفات الخاصة وحتى الاذاعات ووسائط الاعلام المختلفة وغيرها من انشطة ربحية انخرطت وتنخرط فيها اعداد متزايدة من منسوبي حركة الاسلام السياسي ازاء وضع كهذا تصبح غضبة ذلك الاسلامي الاقليمي مقدرة بحسن النية بينما غضبة السادة العلماء في شوارع الخرطوم محسوبة بترموميتر الظفر (يضيئ) بعد دحر الطاغوت الذي يمثله كل من يدعو لاقدام واقع السودان التعددي او يطالب بالعدالة والمساواة والحرية او يتحجج بادبيات حقوق الانسان ذات الجذور الغربية اذ يكفي فقط التذكير بان هذه الحقوق قد كفلها الاسلام منذ 15 قرناً هنا يكفي فقط مجرد التذكير والهتاف اذ ان كل صاحب عمل (تعبدي) يقوم لادائه بعد اكمال طقوس تقربه لله بالحج المبرور او صلاة التراويح او حلقة التلاوة ولا يهم بعد ذلك ان كان ممارسته لعمله شج رأس مريم الصادق او قتل مجندي معسكر العيلفون او اغتيال محمد عبد السلام او احتكار السكر والسيخ والاسمنت او المصادقة على قرض (ربوي) او قصف المدنيين في دارفور المهم لدى مناصري الاسلام السياسي ان يظل الشعار خفاقاً (الاسلام هو الحل) او (هي لله.. هي لله) او فـ(لتُرق كل الدماء).
                  

02-25-2011, 11:15 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    توريث الاستوزار اذ تصبح ابنة القيادي والوزير الاسلامي وزيرة لاحقة او وزيراً لاحقاً في حالة الاولاد الى شبكة عريضة من العلاقات العامة والعمل التجاري في اسواق المحاصيل وتجارة السكر والاسمنت والسيخ ووكالة كبرى الشركات للادوية وانشاء الجامعات والمستوصفات الخاصة وحتى الاذاعات ووسائط الاعلام المختلفة وغيرها من انشطة ربحية انخرطت وتنخرط فيها اعداد متزايدة من منسوبي حركة الاسلام السياسي ازاء وضع كهذا تصبح غضبة ذلك الاسلامي الاقليمي مقدرة بحسن النية بينما غضبة السادة العلماء في شوارع الخرطوم محسوبة بترموميتر الظفر (يضيئ) بعد دحر الطاغوت الذي يمثله كل من يدعو لاقدام واقع السودان التعددي او يطالب بالعدالة والمساواة والحرية او يتحجج بادبيات حقوق الانسان ذات الجذور الغربية اذ يكفي فقط التذكير بان هذه الحقوق قد كفلها الاسلام منذ 15 قرناً هنا يكفي فقط مجرد التذكير والهتاف اذ ان كل صاحب عمل (تعبدي) يقوم لادائه بعد اكمال طقوس تقربه لله بالحج المبرور او صلاة التراويح او حلقة التلاوة ولا يهم بعد ذلك ان كان ممارسته لعمله شج رأس مريم الصادق او قتل مجندي معسكر العيلفون او اغتيال محمد عبد السلام او احتكار السكر والسيخ والاسمنت او المصادقة على قرض (ربوي) او قصف المدنيين في دارفور المهم لدى مناصري الاسلام السياسي ان يظل الشعار خفاقاً (الاسلام هو الحل) او (هي لله.. هي لله) او فـ(لتُرق كل الدماء).
                  

02-25-2011, 04:18 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    وقال الزميل صديق تاور

    بمقاييس الإسلام فان تجربة الانقاذ وحزبها الحاكم في السودان بعيدة تماما عن مقاصد الدين الحق بل ومناقضة له في اغلب الاحايين، بما يعيد الى الاذهان السنوات الاخيرة لحكم الرئيس المخلوع جعفر نميري الذي استخدم نفس الخطاب الديني السياسي وبنفس الطريقة محاولاً أن يضفي قدسية دينية لنظام حكمه تعصمه عن أي صوت معارض. وقد اتسم العهد المايوي بالكثير مما اتسم به العهد الانقاذي من فساد وغلاء وفقر وقمع وقهر للخصوم. وقد زيّن الانقاذيون وقتها للمخلوع نميري بأنه محكم الشرع وحامي حمى الدين وبايعوه أميراً للمؤمنين، وتولوا ادارة القضاء المشوه واستخدموا الدين لارهاب العباد وتخويفهم وفي قهر الخصوم والتنكيل بهم دون ان يمنع ذلك شعب السودان من الانتفاض ضد ذلك النظام الفاسد الذي لم يتورع من تدنيس أقدس مقدسات الشعب بعد أن نهب قوته وجوّع شعبه.


    ٭ في ذكرى مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم نحن أحوج ما نكون إلى أن نتبين الدين الصحيح، دين العدل والحرية والرحمة، دين مكارم الاخلاق، والصدق والامانة، دين كرامة الانسان، دين عفة اليد واللسان، دين التواضع لله والناس، دين أكبر الجهاد جهاد النفس.. وأن نميز بين شريعة هذا الدين السمحاء وبين شريعة «الانقاذ؟!»
    Tw
                  

03-23-2011, 10:19 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    فقه السترة... وفضح المستور..!

    محمد عبد الله برقاوي..
    [email protected]

    حينما بدأ اخوتنا الاسلاميون في هدم نظام مايو من داخله الي ان بلغوا درجة التغرير برئيسه الحالم بديمومة الحكم ..الراحل جعفر نميري وجعلوا منه اماما وبايعوه حتي صدق الكذبة وتسربل بعباءة الخليفة الذي يخطب في المنابر..
    في ذلك الوقت وعندما اعلنوا تطبيق قوانين سبتمبر البغيضة..فانهم في غفلة الرئيس الذي اسكرته فكرة الحكم بتلك الشريعة العرجاء..لم يتورعوا من فضح كل من اوقعه حظه العاثر بارتكاب جنحة أو من دبروا له مكيدة للايقاع به رجلا كان أو امراة وباسلوب تسور البيوت واقتحام خصوصية الناس التي نهي عنها الاسلام صراحة ..بل ان الخليفة عمر بن الخطاب حينما دفعت به غيرته علي عفة المجتمع الاسلامي الي ذلك الفعل ..لم يجد بدا من من التسليم بمنطق من تسور عليهم ديارهم وهم يحتسون الخمر ..اذ قالوا له نحن ارتكبنا خطيئة وانت ..جئت بثلاث ..والقصة معروفة واصبحت درسا في أدبيات احترام خصوصية حتي من فعل منكرا لايستفز به الاخرين ولا يتعدي علي حدودهم .. ويبقي حسابه عند رب العالمين فيما ارتكب من ذنب هو بعيد عن عيون الناس ولكنه ..قريب من عيون الرقيب السماوي الذي لا ينام..


    في تلك الفترة من اخريات نظام مايو ..شهروا بالناس في الأذاعة والتلفزيون بل دمروا اسرا بحالها لمجرد ان احدا من افرادها قد أدين وطبق عليه العقاب بموجب تلك القوانين الفطيرة التي اساءت الي سمعة السودان وانسانه وباتت سبه في تاريخه كمسلم في المقام الأول وكمواطن..


    الآن والكبائر ترتكب في حق الوطن باسم ذات الآسلام المفتري عليه..تسلطا علي رقاب العباد وسرقة لمقدرات العامة من الناس واقتسامها في رابعة النهار..ومجاهرة بالفساد الذي لا يحتاج ناظره من الي تسور خصوصيات المفسدين لاكتشافة ..بل وان أجهزة السلطات التي عينها لمراجعة مال الدولة هي التي أقرت ذلك ودفعت به الي طاولة البرلمان الذي يفترض انه الاداة المنتخبة والممثلة للشعب صاحب هذا المال ..ومع ذلك يقول رئيسه القاضي والقانوني ( دعوا الخلق للخالق ) فهو حري بمحاسبة المذنبين.. بل ان ذلك الشاب المغرور بمنصبة المسمي أمانة التعبئة بالحزب الحاكم يطل علينا بخطل تجربته ليعلمنا ادب السترة التي أمر بها الله...فتجاوزا هم أمره حينما جلدوا النساء عقابا علي جنحة أو جريمة حد ناقصة الاركان.. أمام عيون الكاميرات ليشهد عذابهن طائفة من الناس ..وباقرار رئيس النظام الذي استنكر عدم ركوزهن لسوط شريعة النظام الخاص..فيما طبقوا الستر في حالات الكبائر التي ارتكبت بحق الصالح العام المتمثل في ثراء حرام بائن ومكتمل الزوايا والاركان ..بالغا السقف ومتجاوزا له..


    وهاهي المعايير تختلط والمكاييل تزدوج.. وكل ذلك يمثل حقيقة واحدة هي ان الذي تفوح رائحته من العفن لا يستره الحجاب مهما كان كثيفا ..فالله سبحانه وتعالي يستر من لايجاهر بخطيئته..فالكل خطاء وخير الخطائيين ..التوابون ..ان كان الأمر يتعلق بصلة العبد بربه ولا ينجم عن ذلك مايضر العباد والبلاد..أما فساد الحاكم وظلم القاضي .. والتفرقة بين الناس علي اساس الولاء وأقتسام ثروات الوطن والمواطنيين بين المحسوبين .. في ظل نظام يدعي العدالة باسم دين الله الحنيف .. فذلك والله هو العري ذاته الذي يفضح ما ظنوا انه خلف العيون.. و حقيقة ..هو المستور بجلباب فرعون الوهمي وهو يسير عاريا حيث اضحك ذلك الطفل الصغير ..فيما أوهمه الخائفون من بطشه انه ثوب فخيم وقشيب..
    سترنا ..الله المستعان ... وهو من وراء القصد
                  

03-23-2011, 10:21 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    بدون عنوان

    فيصل محمد صالح

    بدأت هذا العمود بكتابة العنوان أولا، على غير العادة، وقد استعرت العنوان من رد الدكتور أمين حسن عمر على سؤال من صحفي سوداني أجرى معه حوارا في قطر نقلته الزميلة التيار قبل حوالي اسبوعين، إذ سأله الصحفي عن مصدر دخل مشروع معين ثارت حوله استفهامات عديدة، كان رد الدكتور امين حسن عمر "دي هدية من ......وليست من بيت أبوك"!
    وقد استخدمت نفس العبارة بصيغة الجمع، لأرد على السيد حاج ماجد سوار وزير الشباب والرياضة، لكني تذكرت ان السيد رئيس التحرير يشكو من ارتفاع الضغط والتلتلة في المحاكم، فقلت لا داعي لأن أزيد عليه المصائب، ولأترك هذا العمود بدون عنوان، مراهنا على فطنة القارئ في اقتراح عنوان مناسب.


    يقول السيد سوار انهم اكتشفوا تجاوزات في المال العام ارتكبها بعض منسوبي الحزب الحاكم، وأرجو ان تضع خطوطا عدة تحت كلمة المال العام، المال موضوع الجريمة هو مال عام مملوك للدولة أو هيئاتها أو الأموال المرصودة من الدولة لمشاريع وخدمات للمواطنين....الخ. أي أن المال هنا ليس مملوكا للسيد حاج ماجد سوار، ولا لحزب المؤتمر الوطني بكل هيئاته ومؤسساته، ولا للحركة الإسلامية، ولا لأي من أقطاب الحزب الذي حباهم الله ببسطة في المال والجسم. هو مال نملك أنا والسيد القارئ وكل السابلة والعامة من أبناء الشعب حقا فيه. باختصار هو مالنا نحن، أعني الشعب السوداني كله، وقد "أكله" بعض منسوبي الحزب الحاكم، باعتراف الوزير، فماذا فعل قادتنا وحكامنا وولاة أمرنا؟


    بحسب السيد وزير الشباب وأمين التعبئة السياسية في المؤتمر الوطني، فقد جيء بهؤلاء الرجال إلى غرف مغلقة، وتمت محاسبتهم، لا اعلم إن كان بقرصة أذن أو فرك اليد، لكن على العموم تم كل ذلك دون إعلام، لأن الحزب يعمل بـ"فقه السترة". والأدهى والأمر ان المسؤول عن المحاسبة هو السيد احمد إبراهيم الطاهر رئيس البرلمان!.
    أكل الشريف فلان عضو الحزب الحاكم أموال الدولة، من بيت مال المسلمين، وقد جاء به الحكام إلى مكان مغلق وحاسبوه ثم أطلقوه في الرعية مرة أخرى وزيرا أو مسؤولا، وكل ذلك تحت مسمى فقه السترة.
    على مسؤوليتي ، عزيزي القارئ، أرجو أن لا تظن أن فقه السترة هنا هو مبدأ إسلامي، وإن تلبس بلبوس المصطلحات الإسلامية. ما فعله حزب السيد حاج ماجد هنا هو فقه العصبة الضالة المارقة على عدل الدين والدنيا، لقد فعلوا عكس ما طلبت السنة النبوية "إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الفقير أقاموا عليه الحد". هم هنا يفعلون هذا بالضبط، لا يقدمون "الشريف الوطني" للمحاكم التي يقدم لها بقية خلق الله، ولا تحاسبه لجنة برلمانية امام خلق الله كما تفعل الدول الكافرة، بل يأتون به لرئيس البرلمان في غرفة مغلقة، ثم يطلقونه حرا كريما يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، ويرتع في المال العام للمرة الثانية بنجاح كبير.
    ثم يحدثونك عن الشريعة وعدم التفريط فيها وأن "دونها المهج"..!

    الاخبار
                  

03-23-2011, 10:24 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    العصب السابع

    تفخيخ الشريعة..!!

    شمائل النور

    الرابطة الشرعية مجموعة من علماء الدين لا أعلم متى تكونت وإلى ماذا تهدف وهل هناك فرق بينها وبين هيئة علماء السودان أم هي جزء من الهيئة أم هي مجموعة منشقة عن الهيئة.. فقد ظهرت الرابطة الشرعية بقوة قبيل الانفصال بأيام عندما بدأت التنازلات تهِّب من جانب الشمال لأجل الوحدة وأبت الوحدة أن تلين فآخر العلاج الكي والكي في عقول البسطاء في أمور كهذه هو كل ما اصطبغ بالدين ودخل حيّز الحلال والحرام الذي لاتٌقبل فيه أية مساومة، فخرجت علينا الرابطة الشرعية في ثوب الواعظ بفتوى تحرم انفصال الجنوب، وتدعو كل جنوبي مسلم أن يصوت إلى الوحدة، وكفّرت بالتالي دعاة الانفصال، وبهكذا فتوى خرقت الرابطة الشرعية الدستور والقانون والاتفاقيات الموقعة عليها الحكومة التي تنضوى تحتها هذه الرابطة، وتناست أنّ التصويت على خيار من هذين ما هو إلا حق دستوري كفلته الدولة بكامل وعيها للجنوبيين.


    ذات الرابطة الشرعية خرجت عقب تصريح اللواء حسب الله الأمين العام لمستشارية الأمن القومي الذي تبدى للرابطة وكأنّه كفر وجب إهدار دمه ذلك أنّه قال إن اتفقت الأحزاب على ذهاب الشريعة فلتذهب، وقد يكون اللواء حسب الله تلبسته حينها حالة تحدي مع نفسه أنّ الأحزاب أساساً لن ترفض الشريعة لأنّهم في الأصل يدينون بالإسلام فلا جدال في أمره، هذا احتمال، لكن تفخيخ تصريح حسب الله و(التحسس) الزائد من أمر الشريعة يجعلنا نشك في أنّ تياريْن داخل المؤتمر الوطني أحدهم من أنصاره اللواء حسب الله وهذا يُمكن أن يرضخ لرغبة الأحزاب ويرخي لها الحبل حتى إن تطلب ذلك ذهاب الشريعة مقابل حرصه على إشراك الأحزاب وهو الآن يفتح معها حوار وطني بلا سقف، وتيّار آخر يتمسّك ويتشدد وهذا مثّلته الرابطة الشرعية وطبعاً لديه من الأدوات ما يكفي لتكفير وتحليل وتحريم،


    وقد نجحت الرابطة الشرعية في مقصدها وتمّ استدعاء اللواء في البرلمان وتمّت بالتالي إقالته، الآن ذهب حسب الله، وكان الأمر لا يحتاج سوى تقويم لا تكفير تعقبه إقالة تود الحكومة من خلالها إيصال رسالة أنّها حريصة على أمر الدين لدرجة أن تُضحي بقياداتها التي تتهاون في أمر الدين، خصوصا وأنّ التحفّظ كان حول عبارة حسب الله لا عقيدة حسب الله، ولسنا في وضع دفاع عن اللواء حسب الله لكن هذا قد يقودنا إلى استفهامات إجاباتها شبه متاحة، ويؤكد لنا بالتالي أنّ الفتوى سياسية صرفة لا علاقة لها بالدين..

    ولماذا لا نضع إحتمال ألا يكون الهدف هو الحفاظ على الشريعة الإسلامية ولا حسب الله بل الهدف هو إجهاض الحوار الذي تقوده الآن مستشارية الأمن بقيادة حسب الله الذي حمل بوادر إيجابية في بدايته، لأنّ إقالة اللواء بناءً على تكفير الرابطة الشرعية له مستندة على عبارة خرجت بصورة غير موفقة فيه من الشبهات ما يكفي والأمر لا يستحق كل هذا.. ويبقى التساؤل من وراء الرابطة الشرعية، ومن كان وراء حسب الله..؟

    التيار

                  

03-23-2011, 10:27 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    ثلاثة مشاهد.. من ديار المسلمين ...وبلاد الكفر..!

    محمد عبد الله برقاوي..
    [email protected]

    مشهد أول...

    اللواء حسب الله عمر هو عنصر اسلامي فاعل
    ..حسب قراءتي المتواضعة والا لما بلغ في عهد الخلافة الفريدة الوصول الي درجة مستشارية الامن الوطني ومن ثم يتم تكليفه بعمل التنسيق للحوار مع الاحزاب السياسية السودانية..للتوصل الي صيغة للتوافق علي كيفية حكم ما تبقي من السودان بعد ان يفرز الجنوب عيشته الي الأبد..
    الرجل قبل ان يقول بسم الله ..شطح ونطح في جدار التمترس الاحمر..وقال ان الشريعة يمكن ان تذهب اذا ما رأت الأحزاب ضرورة لذلك ...فطارت قرونه بحبل البرلمان . التي ربطته عليها فتوي الجماعة اياها...
    وهو ذات االبرلمان الذي يصفق لزيادة الأسعار و يعجز عن الاقتراب من دابة الفساد .... ويتشطر بالضرب سريعا علي بردعة الطعن في الشعار الهلامي الذي ظل يتبعنا كالظل منذ قوانين سبتمبر.. وحتي خطبة القضارف ولا ندري الي متى..!؟.
    ولعلي ايضا اشطح قريبا من ذلك الجدار العازل ..والمحرم..وليس دفاعا عن عم حسب الله ولا مزيكته المخنوقة .. فاقول ان الرجل.. ربما قصد شريعة النظام المدغمسة التي يعرفها هو جيدا ويدرك انها باطلة وليست الشريعة التي نادي بها الاسلام لتحقيق العدالة .. لذا فقد ضرب الجماعة تحت الحزام مباشرة فاخرجوا له البطاقة الحمراء حتي لايزيد ولا يعيد فتبلغ به الجرأة ان يقول لهم ماهو قناعة في عقلهم الباطن لكنهم يخرجونه ملونا باصباغ النفاق.. أو ربما يقول ان ما صرح به هو رأي المستشارية وعلي رأسها الفقيه الأمني / صلاح قوش.. الا أن المسكين حسب الله لم يحسبها جيدا .. وكما يقال ... فالمجانين كثر ولكن شقي الحال من يقع في القيد .. وهاردلك..اللواء.. حسبو..

    مشهد ثان...
    في الدول الغربية حينما تخرج المظاهرات للتعبير عن رايها حول موضوع ما ..أيا كانت حساسيته..يتم ذلك بحراسة شرطة الدولة ..بغرض حماية المظاهرة اثناء التعبير عن حقها المشروع دستوريا ..والحفاظ علي الممتلكات العامة ..ولا يخرج وزير الداخلية أو الرئيس او الملك ليقول ان المتظاهرين عملاء أو بينهم مندسون ..
    ولكن في كل بداية مراحل الثورات التي انطلقت في الشارع العربي .. تتصدي الانظمة الحاكمة للمتظاهرين المسالمين باقسى أنواع القمع والتقتيل ..وتنعت المطالبين بحقوقهم الشرعية والدستورية في العمل والحياة الكريمة ومحاربة الفساد والمشاركة السياسية ..بانهم ..أما خلايا نائمة للقاعدة والجماعات الاسلامية كما في حالة مصر وتونس وأما انهم جرذان سامة وصراصير مضرة في الحالة الليبية.. أو موفدين من أمريكا ويدارون بالريموت كنترول من تل أبيب..مثلما قال الرئيس اليمني ولحس قوله مع أول تقطيبة جبين أمريكية...
    وفي سوريا هم عملاء للموساد ومخربون فلسطينيون وبقايا من رجال خدام ورفعت الأسد ..
    فقط نود لو يخرج زعيم واحد عاقل ليقول ان المتظاهرين هم مواطنون سكتوا دهرا ولم ينطقوا كفرا..
    كالكفر الذي يوصف به كل من يخرج في شارعنا السوداني ..لانه ببساطة علماني وشيوعي .. وعديم اصل طالما انه يتجرا علي نهج الخلافة غير الحكيم !..

    مشهد ثالث
    بالأمس قضت المحكمة في دولة اليهود الكافرة ..بلد الحاخامات..( اسرائيل ) علي رئيسها السابق موشي كتساف بسبع سنوات سجن نافذ..وكسرة خفيفة سنتين مع وقف التنفيذ والذي أقيل من منصبه لاتهامه بالأغتصاب ..والتحرش الجنسي ...
    والسنيور برلسكوني رئيس وزراء ايطاليا ( مقر الفاتيكان ) لم يشفع له منصبه ولم تنفعه ملياراته ولا(سترته ) فتاوي يصدرها علماء حزبه..وهو الان ينتظر المثول أمام العدالة بتهمة مضاجعة الفتيات القاصرات مقابل مساعدتهن ببضعة ألوف من الدولارات مراعاة لظروفهن الصعبة ..ليسقط هوّ في حفرة الظروف الأصعب..!
    فيما تصر حكومة الشريعة العادلة عندنا برفض مجرد التحقيق ..لا..الأتهام لثلاثة( جرابيع) من عناصر أمنها الذين اعتدوا مع سبق الأصرار علي شرف واحدة من قوارير الاسلام اللائي أوصانا بهن النبي ( ص ) خيرا..

    يقبع رئيس دولة اليهود خلف القضبان ..ويتهدد تاريخ حاكم الطليان السياسي بالفناء...فيتساويان أمام القانون والشفافية..مع ضحاياهما دون ان يفكرا في محوهم من الوجود..من قبيل حكم القوي على الضعيف في بلاد تحكمها الديمقراطية والعلمانية..
    بينما يحبس مواطنو الدول المسلمة عشرات السنين خلف حوائط وظلم حكم الرؤساء.........( الدائمون ..)
    فتتحقق مقولة الامام / محمد عبده حينما زار اروبا ..جئت من ديار فيها اسلام .. بلا مسلمين.. الي بلاد فيها مسلمون بلا اسلام..
    وحسبنا الله...المستعان ... وهو من وراء القصد..
                  

03-23-2011, 06:13 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    وقال الزميل فيصل محمد صالح


    أكل الشريف فلان عضو الحزب الحاكم أموال الدولة، من بيت مال المسلمين، وقد جاء به الحكام إلى مكان مغلق وحاسبوه ثم أطلقوه في الرعية مرة أخرى وزيرا أو مسؤولا، وكل ذلك تحت مسمى فقه السترة.
    على مسؤوليتي ، عزيزي القارئ، أرجو أن لا تظن أن فقه السترة هنا هو مبدأ إسلامي، وإن تلبس بلبوس المصطلحات الإسلامية. ما فعله حزب السيد حاج ماجد هنا هو فقه العصبة الضالة المارقة على عدل الدين والدنيا، لقد فعلوا عكس ما طلبت السنة النبوية "إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الفقير أقاموا عليه الحد". هم هنا يفعلون هذا بالضبط، لا يقدمون "الشريف الوطني" للمحاكم التي يقدم لها بقية خلق الله، ولا تحاسبه لجنة برلمانية امام خلق الله كما تفعل الدول الكافرة، بل يأتون به لرئيس البرلمان في غرفة مغلقة، ثم يطلقونه حرا كريما يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، ويرتع في المال العام للمرة الثانية بنجاح كبير.
    ثم يحدثونك عن الشريعة وعدم التفريط فيها وأن "دونها المهج"..!
                  

03-23-2011, 06:36 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    التخويف بالشريعة ..

    بقلم: د. حيدر ابراهيم علي
    الإثنين, 21 آذار/مارس 2011 20:36
    Share23

    [email protected]

    خسر السودان كثيرا من الاصرار علي اقحام الدين في السياسة،لأن السياسة ميدان بشري تسود فيه علاقات الصراع والقوة والغلبة،لذلك تغلب عليه اللا أخلاقية في كثير من الاحيان.وبالتالي،إما ان يكون الدين في حالة تدخله قادرا علي تطعيم السياسة بالاخلاق،أو أن يبتعد ليحتفظ بقداسته.فالسياسة قادرة بالتأكيد علي فرض اساليبها وقيمها.وهذا ما حدث في السودان فقد ابتلعت السياسة الشريعة،فقد ابتلي الله السودان بساسة ينقصهم الورع والصدق والوطنية.وقام هؤلاء الساسة بتوظيف مطلب الشريعة أو الدستور الاسلامي منذ ما قبل الاستقلال وهمشوا قضايا التنمية والوحدة الوطنية والتحديث والديمقراطية. وظل هذا الشعار الذي لم يملأه أصحابه بأفكار أو برامج مفصلة،ولذلك لم تطبق الشريعة الا بواسطة النظم العسكرية الدكتاتورية.وفشلوا في تمرير الدستور الاسلامي أو الشريعة من خلال البرلمانات لان هذا يعني النقاش والحوار والاقناع والقبول الطوعي. ألم يسأل دعاة الشريعة أنفسهم عن سبب هذه الظاهرة؟ أن يقوم عسكري مثل النميري والبشير أو ضياء الحق في باكستان ب"إعلان" الشريعة؟ فهي تعلن ثم تطبق وتنفذ فورا بما فيها"نط الحيط" وتجريس الفتيات في مكان عام.ثم تقوم هيئات وروابط من وعاظ السلطان لتبرير وتديين القرارات التسلطية أي تبحث لظلم الطغاة نسبا في الدين.


    لايوجد أي أصل ديني أو فقهي لتكوين روابط أو هيئات للعلماء تقوم باصدار الفتاوى والبيانات معطية نفسها سلطة فاتيكان غريبة علي الاسلام. فالاجتهاد مسؤولية فردية ولا تزر وازرة وزر اخري.وظاهرة البيانات الجماعية بدعة في الاسلام وهي أقرب الي ممارسات المجتمع المدني الغربي في تكوين جماعات الضغط وهذا سلوك علماني في ادارة شؤون المجتمع.لذلك،أرجو بلا غضب أن يضرب لي عضو في هذه الجماعات مثلا من التاريخ الاسلامي تكونت فيه رابطة أو هيئة علماء. فقد جاءت الينا مذاهب وفرق ومدارس وطرق ولكن لم نسمع عن رابطة علماء الكوفة أو الزيتونة أو قرطبة.


    أما في السودان فلو كان للظاهرة وجود في الماضي،لحرمنا من الخلاوي والمسائد التي ترصع قري الريف السوداني.ولكن يبدو انها نتاج حاجة السلطة السياسية لاصوات جماعية،ولذلك قد يكون بدابتها مع المهدية حين أراد الحاكم مواجهة الخطاب المهدوي.ثم كان الانتشار مع الإدارة البريطانية، ففي1899 أذاع كتشنر منشورا-شبه بقول نابليون في مصر-أنه اتي ليخفف أوجاع المسلمين وليشيد دولة إسلامية تقوم علي العدل والحق ولكي يشيد الجوامع ويساعد علي نشر الاعتقاد الصحيح. وعرفت الادارة البريطانية أهمية الطرق الصوفية واتباعها الكثيرين وانتشار تنظيماتها الهرمية المتدرجة وقدرتها علي تنظيم اعضائها علي العمل في منظمات قبلية.وحاولت الإدارة القيام بعملية تقسيم عمل بين العلماء والصوفيين أو بين الحضر والريف أو المتعلمين والاميين.ووجد الحكام الجدد سندا قويا في كثير من الاحيان.ففي عام 1901 كوّن الحاكم العام ونجت لجنة العلماء برئاسة الشيخ محمد البدوي.وكان هدف اللجنة دعم الإسلام السني في مواجهة الطرق الصوفية من خلال تدريس"العلم الشريف في جامع أم درمان"وأن تقوم بدور الاستشارة للحاكم العام والحكومة البريطانية في الشؤون الدينية.وفي عام1902 صدرت لائحة المحاكم الشرعية التي دمجت هذه الفئة في سلك الخدمة المدنية وجعلت من العلماء موظفي حكومة.وأصبح تعيين ائمة المساجد من مهام الحكومة.

    وقام العلماء بمهمة الدفاع والتبرير بكفاءة. ومن بين كثير من الحالات استوقفتني هذه الرسالة،والتي جاءت ردا علي شخص ما ينتقد اداء المستعمر،تقول:
    صاحب السعادة مدير المخابرات
    المحترم
    رأينا في العدد من جريدة الاهرام الصادرة في28سبتمبر1921تحت عنوان حياة مصر السودان وحياة السودان مصر بامضاء السيد محمد خير سوداني وطني برفاعة"فان هذا الشخص لم يكن له وجود برفاعة كلية،وهو اسم شخص مكذوب،وجميع ما ذكر في المقالة فهو محض كذب،لم يصدر من سوداني وطني،فان جميع الامة السودانية قد ارتبطت بالحكومة الحاضرة(الانجليزية)الرشيدة ارتباطا حقيقيا بالقلب والقالب،بصداقة واخلاص،ونقدرها قدرها بحيث لا نبغي بها بدلا،لما هو شاهد بعين اليقين،من جلب المنافع ودفع المضار،وتعمير البلاد،وتامين الطرق وعمارة المساجد،وبث العلوم الدينية،ونشر المعارف بترتيب العلماء ومساعدتهم بالمرتبات التي اراحتهم،وتشييد الجوامع والمدارس في عموم البلاد حتي أن ابناء الوطن صاروا في تقدم باهر،ونجاح ظاهر،مع اعطاء الحرية التامة لرجال المحاكم الشرعية في المحاكم والاحكام بالشرع المحمدي.وبالجملة فانها حكومة رشيدة ساهرة بالسعي في كل ما يفيد الوطن وابناءه.فبلسان العموم نقدم الشكر الجزيل لحكومتنا،ونكذب هذه المقالة بجميع اجزائها تكذيبا تاما وفي الختام نرفع لسعادتكم لائق التحية والاحترام.
    الطيب هاشم مفتي السودان
    اسماعيل الازهري مفتش المحاكم
    ابوالقاسم احمد هاشم شيخ علماء السودان
    (حضارة السودان 26 اكتوبر1921)
    ومنذ العاشر والحادي عشر من ديسمبر عام1955 تاريخ تشكيل جبهة الدستور جعل العلماء بتسمياتهم المختلفة وانتماءاتهم السياسية المتعددة من قضية الشريعة وسيلة للارهاب والابتزاز في العمل السياسي. ويستخدمونها بالطريقة التي يريدون كبشر ولكنهم يصرون علي أنها معركة دينية.فالشريعة قضية سياسية تناقش بطريقة إدارة الصراع وتوازانات القوة والخلاف بين المعارضين والمؤيدين.ولكن في أي لحظة يقفز بها الي ميدان مختلف تستعمل فيه لغة الحلال والحرام وتتبادل فيه تهم التكفير والرّدة. وتكشف حملة الاسبوع الماضي التي قادتها جماعات العلماء ضد اللواء حسب الله محمد عمر عن استغلال خطير للشريعة وتوظيفها لتخويف-حرفيا- المعارضين،علما بأن الرجل يقود حوارا وبمبادرة من جهة ما صدقنا أنها تقوم بذلك.
    والمشائخ في بعض الاحيان"حقّارين" إذ نلاحظ أن الشيخ يوسف القرضاوي قال حديثا أخطر وأجرأ ألف مرة مما قاله اللواء حسب الله ولكن لم يفتح الله علي علمائنا الافاضل بكلمة واحدة. فقد جاء في صحف يوم 4 مارس2011 ما يلي:--"جدد العلامة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين التأكيد على أن «تحقيق الحرية مُقدَّم على تطبيق الشريعة الإسلامية. ونبه لخطورة إهمال الناس للحرية وترك الحكام يأكلون حقوق الناس ويستبيحون أعراضهم ويسفكون دماءهم.
    وشدد الشيخ القرضاوي على ضرورة تثقيف الأمة بحقوقها،وطالب باستثمار الثورات التي هبت في عدد من الدول العربية واعتبرها «أمانة في أعناق جيلنا».وقال: «لا يجوز أن نضيع ما جاءت به الثورات من معان وقيم ونرجع لما كنا عليه».


    وتابع: «لا بد أن نحافظ على مواريث الثورات التي أحيت الأمة من جديد»جاء ذلك في كلمة ألقاها في ندوة بعنوان (العلاقة بين الحاكم والمحكوم) التي نظمها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مساء أمس الأول بمركز «فنار».وتحدث في الندوة د. علي القرة داغي الأمين العام لاتحاد العلماء ود. محمد المسفر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر، وأدارها رفيق عبد السلام، وشهدها عدد قليل من الدعاة والباحثين والكتاب والأكاديميين.
    وحمل الشيخ القرضاوي بشدة على «الثقافات الميتة» التي وقفت في وجه الثورات، وقصد بها آراء العلماء الكبار -في مناصبهم- والسلفيين المتعصبين باسم القرآن والسنة والاتباع والصوفية، الذين عارضوا ثورات الشعوب واعتبروها خروجا على تعاليم الإسلام.

    وأبدى دهشته من توافق الصوفية والسلفيين على معارضة الثورات رغم اختلافهما فقهيا وفكريا.
    هذا هو كلام الشيخ القرضاوي حرفيا،فما رأي علمائنا الافاضل متمنيا ألا يكيلوا بمكيالين؟
    ومن النقاشات التي تجددت بين الاسلامويين،إذ كان البعض يري أن العقيدة يجب أن تسبق الشريعة لأنها مقدمة عليها،وهذه مدرسة التربية أولا.وقد وصل الأمر بالبعض حد وصف المجتمع الحالي بالجاهلية وأنه غير مؤهل لتقبل احكام الشريعة.وفي ذلك الوقت،لم يعدم الشيخ حسن الترابي ردا،فقال:-" وفي كل ذلك بعض الوجاهة ولكن لئن تقدمت العقيدة علي الشريعة في النظر،فان الشريعة ليست الا تعبيرا عن العقيدة ولا خير في عقيدة لا يعبر عنها من خلال الشريعة لأن ايمان المرء هو ما وقر في صدره وصدقه عمله ولا يأتي العمل مصدقا الا اذا كان ملتزما كذلك بوجوه التعبير التي هدتنا اليها الشريعة." (كتاب:مشكلات تطبيق الشريعة الاسلامية،ص7).ورغم أنه رفض التدرج في تطبيق الشريعة لانها كانت قد شرعت فعلا،الا أنه توقع بعض التجاوزات.فقد يجوز الحكام اوضاعا غير شرعية بظاهر من تطبيق الشريعة،كأن يقولوا للناس:-"لا بأس سنطبق لكم حد السرقة،ثم يستثنون منه سارق الاموال العامة بحجة درء الحد بشبهة أن للموظف العام نصيبا في المال العام."(ص17)
    وفي سياق التخويف والمزايدة حول الشريعة،كان للعسكريين طريقتهم واسلوبهم في ادارة الصراع،وهو "القصف بالتهم" . فقد قال البشير في لقاء جماهيري،أن الترابي "ظل عمره كله يغش ويخدع الناس ويدعو الي تطبيق الشريعة الاسلامية،ولكنه لا يريد الشريعة،لأنه أحلّ الخمر وفتح البارات في الخرطوم بعد ما اغلقها الرئيس السابق جعفر النميري العام1983"،في اشارة الي اقتراح الترابي تطبيق القانون في العاصمة علي أساس شخصي، نظرا الي تعدد ساكنيها". وقال في لهجة غاضبة: "الترابي كان شيخنا وزعيمنا، لكنه خدعنا فتخلينا عنه.أنه رجل منافق وكذاب ضد الدين ويسعي الي الفتنة ويحرض المسلمين علي قتل بعضهم في دارفور".


    (الحياة 4/4/2004).ولكن الشيخ يرد بدوره:-"صحيح ان التطبيق بدأ فيه شئ من السرية (ان يشهد العذاب طائفة من المؤمنين) لا يشهدوها كل الناس بالضرورة ولكن بدأت خفية ومر علي نظام الانقاذ عهد احتال الناس فيه بحيل ليصرفوا العقوبات بعيدا عن حدود القطع مثلا خاصة وهي أن تدرأ الحدود بالشبهات فاحتالوا بهذه الكلمة فدرأوها جملة واحدة.ولكن بعد حين تحول العهد(....) وأنا لم اسمع بها ولكن حدثت".(الصحافة29/4/2000)وفي نفس معركة تبادل التهم،قال البشير،أن الشيخ لا تهمه الشريعة ولديه سيناريو خارجي،فرد الترابي:"لا علم لي بسيناريو خارجي...ولكن ما اعلمه أنه يقدم علينا حاكم ذو تربية عسكرية وروحه لا تقبل كثيرا من المشاركات والضوابط الاخري التي يمثلها رمز ديني معين(في اشارة الي نفسه)" (الصحافي الدولي30/12/1999). هل هذا صراع حول الشريعة؟هل هي لله لا للجاه؟
    يقلل الاسلامويون عمدا من شأن تطبيق الشريعة في مجال الفساد والعدالة الاجتماعية والرفاهية وسعادة الشعب،ويقصرونها علي سلوك وملابس الفتيات فقط. فقد سئل أحد المسؤولين، حاج ماجد سوار، أمين التعبئة السياسية ووزير الشباب، في موضوع التعدي علي المال العام. فرد أنه توجد تجاوزات ويعلمونها،ولكن لا يحاسبون المتعدين وفق "فقه السترة"! (الاهرام اليوم 19/3/2011) وهم يناسلون الفقه كما يحتاج الموقف: سترة وضرورة بل صار لأي شئ فقهه الخاص. ولماذا لم يطبق هذا الفقه علي الفتاة التي جلدت وصورت بالفيديو وكانت أولي بالستر؟ ولكن قلم الشريعة في يدهم ويكتبون كما يريدون. فقد اصبحت الشريعة عندهم مثل الميثاق الوطني للاتحاد الاشتراكي،يفسرونها ويغيرونها حسب الحاجة.لذلك من الغريب ان شريعة الانقاذ لم تقرب أبدا موضوع الفساد،ويرد المسؤولون دائما: من لديه دليل فليقدمه! وينسون أن الموظف الحكومي شرعيا يقوم بدور المحتسب أي له الحق في رفع قضايا باسم الأمة.
    فمن المتوقع حين تتكاثر التهم ان تقوم الحكومة الشرعية الشريفة بنفسها بفتح كل الملفات لكي تسكت "المرجفين".
    أخيرا، من الواضح أن موضوع الشريعة الذي جاءت للرحمة والارتقاء بمكارم الاخلاق،تحول لدي اسلاموي السودان الي سوط وسيف ضد المعارضين والمواطنين الغلابة بالذات لانهم خارج فقه السترة.فهي تستغل في العمل السياسي لإرهاب وابتزاز المخالفين في الرأي من خلال تهمة انهم ضد شرع الله ،تقرأ ضد الله.وتستغل مرة اخري حين تطبق الشريعة علي الفتيات المستضعفات والمسكينات،ويترك اصحاب الملافح والكروش الكبيرة التي تضخمت بمال السحت والبنوك والنفرة الزراعية.والشعب لا يخاف الشريعة،ولكن الشعب يطالب بتطبيق الشريعة علي الترف والفساد والطغيان.

                  

03-23-2011, 06:49 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)
                  

03-23-2011, 07:36 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    ما هو المقصود من الدعوة إلى فصل الدين عن الدولة والسياسة؟
    01/02/2007

    د. عمرو إسماعيل

    هل يعني فصل الدين عن الدولة والسياسة.. أن يكون المسئول غير متدين؟، أو تعني هذه الجملة أن الدولة المدنية التي تفصل الدين عن الدولة سيكون المسئول أو المواطن فيها فاسقا..؟، هل تعني الدعوة لفصل الدين عن الدولة وأن يكون الدين لله والوطن للجميع أن ننحي الدين جانبا من حياتنا؟ أو تعني دعوة إلى الفسق والفجور مثلما يقول البعض عن هذه الدعوة مهاجمين أنصار الدولة المدنية..؟


    العكس هو الحقيقة تماما..، فصل الدين عن السياسة أو الدولة لا يعني أبدا ولم يعني فصل الدين عن الحياة..، المعنى الحقيقي لفصل الدين عن السياسة ببساطة عند أنصار هذه الدعوة هو التالي:
    عندما يختار أي منا مرشحا لأي منصب يجب أن يختاره لأنه قدوة وذو سمعة جيدة ويرفع برنامجا واضحا.. وليس لأنه يرفع شعارا مكتوب عليه أنا متدين..، ولتبسيط الأمر، في الدول التي تفصل الدين عن الدولة.. قد يتقدم لأي منصب ثلاثة مرشحين.. أحدهم يتقدم ببرنامج اشتراكي وآخر ببرنامج اقتصادي ليبرالي وثالث ببرنامج وسطي.. والثلاثة مرشحين قد يكون كل منهم متدين يؤدي تعاليم دينه ويذهب للصلاة في المسجد أو الكنيسة.. أو على الأقل يجب أن تكون سمعته جيدة.. ولا يجب أن يرفع أي منهم راية تزايد على دين الآخر....
    عندها سيكون المواطن قادرا على اختيار المرشح الذي يحقق له مصلحته أو يقنعه بفكره..، عندما لا نفصل الدين عن الدولة.. سيجد أي منا نفسه يرفض مرشحا قبطيا مثلا.. رغم كفاءته وسمعته الحسنة وقدرته على تحقيق البرنامج الذي ترشح على أساسه.. وينحاز إلى مرشح آخر أقل منه كفاءة لمجرد أنه يقابله في المسجد.. والعكس صحيح..
    ولعل العراق خير مثال.. فأهل العراق قد اكتووا بنار الاستغلال الكامل للدين في السياسة..، فالشيعي هناك يختار مرشحه ليس بناء على مقياس الكفاءة ولكن بناء على مقياس المذهب، والسُني يفعل المثل والكردي والمسيحي.. ونحن جميعا نرى ماذا حدث وما هي النتيجة..


    صدقوني مهما كانت كفاءة أي مرشح لأي منصب.. سواء كان عضوية مجلس نقابة أو عضوية مجلس الشعب أو حتى منصب رئيس الجمهورية.. لو دخل أي انتخابات حرة أمام مرشح يحمل شعارات دينية تجعل البسطاء يعتقدون أنه يمثل الإسلام أو أنه يمثل المسيحية وقد يكون فعلا متدينا ولكنه لا يحمل برنامجا سياسيا واضحا.. سيخسر المرشح الكفء هذه الانتخابات إن لم يبدأ في المزايدة لإثبات أنه أكثر تدينا وقل على البرنامج الحقيقي السلام...


    ولنبسط الأمر أكثر.. جماعة الإخوان وبعد ثمانين عاما ونتيجة الضغوط عليها.. بعد ثمانين عام! مازالت تدرس الآن فقط إعلان برنامجها السياسي.. لأنها لم يكن لها قط برنامج سياسي حقيقي.. بل مجرد شعارات عامة تبتز مشاعر المواطنين المتدينين..، يا سادتي.. في معظم عصور الخلافة الإسلامية بعد الخلافة الراشدة.. وفي كل هذه العصور كان الحاكم يقول أن مرجعيته هي الإسلام.. فهل كان كل المسئولين في هذه العصور متدينين.. هل كان الحاكم متدينا.. هل كان يزيد بن معاوية متدينا أو السفاح العباسي أو الحجاج أو قراقوش..أو أو....


    فصل الدين عن السياسة معناه فقط هو عدم استغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية.. عدم رفع شعارات دينية في تنافس سياسي..، عدم كتابة خطاب سياسي يبدأ بالبسملة وآية من القرآن.. ثم مجموعة من الأكاذيب بعد ذلك..، فصل الدين عن السياسة والدولة المدنية تعني أن يكون التشريع هو مسئولية المجلس التشريعي بناء على نصوص الدستور وأن من يحكم في دستورية القوانين هو المحكمة الدستورية العليا وليس مجموعة من الفقهاء أو رجال الدين.. والسلطة التنفيذية مهمتها تنفيذ هذه القوانين وتحقيق برنامجها السياسي الذي يحترم هذه القوانين سواء كان رئيس هذه السلطة مسلما أو مسيحيا.. رجلا أو امرأة....
    فهل هذا ما تقوله جماعة الإخوان رغم كل الإجابات الملتوية.. لنرى رأي عضو مجلس شعب يمثلها في حوار منشور على موقعهم في هذه القضية وردا على سؤال واضح:


    "د/ محمد مرسي في حديث الساعة حول مدنية الدولة وحزب الإخوان
    فما رؤيتكم مثلاً لوضع الأقباط والأحزاب والمرأة وتداول السلطة والحريات العامة والخاصة في ظل الدولة الإسلامية؟


    ** كما سبق وأن أشرتُ أننا نتحدث عن الحكم الإسلامي الذي ينطلق من الشريعة الإسلامية، وهذه الشريعة وضعت أحكامًا واضحةً لكل القضايا وكل الفئات، ولذلك فإنه في ظل الدولة الإسلامية فإن الأمر يرجع لأهل الاختصاص، وللإسلام علماء متخصصون في كل المجالات وهناك مؤلفات ومراجع، وآراء فقهية محترمة في سياق منهج أهل السنة والجماعة حول هذه القضايا والنقاط، وجماعة الإخوان المسلمين كهيئةٍ إسلاميةٍ جامعة لا تنتهج مذهبًا فقهيًّا بعينه، وإنما تُحيل مثل هذه القضايا إلى أهل الاختصاص فيها، وهم كثيرون في المجتمع وثقاتٌ وعدولٌ، ومن هذه الآراء والدراسات والمبادئ الأساسية يستقي الإخوان آراءَهم في هذه القضايا، وقد سبق أن أعلنت الجماعة في وثائق مدوَّنة ومنشورة عن رأيها في قضايا التعددية السياسية والمرأة والأحزاب وغيرها من القضايا الأخرى."


    أي أن الذي يحكم في قضايا هامة مثل وضع الأقباط وتداول السلطة والحريات العامة والخاصة في ظل الدولة التي تنادي بها جماعة الإخوان ليس القانون والدستور ومجلس الشعب.. بل أهل الاختصاص والعلماء المتخصصون.. تحال هذه الأمور الهامة إلى علماء الدين المتخصصين وليس للقانون والدستور ومجلس الشعب.. إن لم تكن هذه هي الدولة الدينية فماذا تكون.. وأي حزب مدني يدعون أنهم يريدون تكوينه..


    هذا ما يريد أن يدفعنا إليه الإخوان إن لم نفصل الدولة عن الدين ونؤكد على مدنية الدولة وأن الدين لله والوطن للجميع..، كهنوتية جماعة الإخوان ومن يعتبرونهم أهل ثقات وعدول من أهل الاختصاص (المرشد وأعضاء مكتب الإرشاد).. وهي كهنوتية لا تفرق إطلاقا عن كهنوتية الكنيسة في العصور الوسطي..، هذا معنى فصل الدين عن السياسة ودولة المواطنة.. الدولة المدنية ليس معناها أبدا منع أي مواطن أو منع أي مسئول كمواطن أن يكون متدينا يقيم الصلوات الخمس ويصوم ويزكي ويحج إلى بيت الله الحرام أو أن يذهب إلى الكنيسة كل أحد إن كان مسيحيا.. ليس معناها عدم التمسك بالدين ومبادئه ومبادئ الأخلاق..
    الدولة المدنية تعني سيادة القانون على الجميع بدون تمييزى.. القانون الذي تشرعه السلطة التشريعية وتحكم به السلطة القضائية وتنفذه السلطة التنفيذية والسلطة الوحيدة المنوط بها الحكم على دستورية أي قانون هي المحكمة الدستورية العليا..


    الدولة المدنية ودولة المواطنة.. تعني أن كل مواطني هذه الدولة متساوون تماما أمام هذا القانون بصرف النظر عن الدين والمذهب والجنس واللون والأصل أو العرق...، جميعا لهم نفس الحقوق والواجبات..
    الدولة المدنية ودولة المواطنة يجب أن تفصل الدين عن الدولة..، أن يكون فيها الدين لله والوطن للجميع.. وأي التفاف حو هذه الحقائق البسيطة معناه أنه يدعو إلى دولة غير مدنية ليس للمواطنين فيها حقوق غير متساوية وهي ليست دولة مواطنة..
    مهما حاول الإخوان ممارسة التقية فما يدعون إليه ليس الدولة المدنية وبالتأكيد ليست هي دولة المواطنة..
    فلماذا لا تكون عندهم الشجاعة لتسمية الأشياء بأسمائها....؟





    الاسلام هو الحل.. عن أي حل يتحدثون؟

    د. عمرو اسماعيل


    الاسلام هو الحل شعار جميل يخلب لب العامة والخاصة في مجتمعاتنا ونحن في أغلبيتنا متدينون بطبعنا نحب الله ورسوله ونؤمن ان الله هو ملاذنا الأخير في مواجهة الظلم والقهر الذي نعانيه علي أيدي حكامنا الظلمة وعلي أيدي المفسدين الذين يستغلون شعوبهم ويكسبون كل مباهج الدنيا علي حساب هذه الشعوب التي لا يعلم الكثير منها ان من يرفعون هذا الشعار الخلاب انما يرفعونه ليخدروهم وهم يسرقون كدهم وعرقهم أو وهم يتآمرون للوصول الي السلطة ليتحكموا في مقدراتهم و رزقهم و الاهم رقابهم و حياتهم نفسها.

    يرفع هذا الشعار مثقفون منتمون للتيار الاسلامي في سبيل الكسب المادي والظهور علي صفحات الجرائد و شاشات التليفزيون ..و شيوخ فضائيات يتاجرون به لتزداد حساباتهم في البنوك بينما غلابة المسلمين في كل الحالات يزدادون فقرا و تخلفا وهم يهتفون للشعار الجميل .. رفعته شركات توظيف الاموال من قبل وضاعت فلوس الغلابة من المسلمين ويستمتع الآن السعد وغيره بهذه الفلوس في بلاد الكفرة (من وجهة نظر رافعي الشعار) ولم يساعدهم مستشاري شركات التوظيف من شيوخنا الاجلاء أمثال ؟؟؟ بل ازداد ثرائهم بتحولهم الي مستشارين للأمراء والبنوك التي تدعي انها أسلامية والتي تقع مقارها في سويسرا عاصمة الربا في العالم, وترفعه أحزاب تسعي الي السلطة لكي تتحكم في عقولنا وضمائرنا و رقابنا والاهم ثروات شعوبنا.

    اما الذي يستعصي علي الفهم فهو أن الضحايا مازالوا يهتفون ,, الله يا سيدنا الشيخ ,, كلما شاهدوا نجما تليفزيونيا يزداد ثراءا وهو يقول لهم هذا هو الحل السحري الذي لا يكلفه شيئا.. أو يحكي لهم قصص بلهاء من التراث تحكي عن بطولات دخل اصحابها الجنة .. رغم أنني لا أدري كيف يمكن أن يعرف أي شحص من دخل الجنة و من دخل النار فلم يصل إلي علمي حتي الآن أن شخصا قد عاد بعد الموت ليخبرنا عمن هم في الجنة أو النار.

    ولذا فأن كلامي ليس موجها لهؤلاء الضحايا ممن يحبون فعلا الله و رسله .. ولكنه موجها للمتاجرين بالدين والذين يدعون ان الاسلام هو الحل دون أن يوضحوا لنا و بلغة عصرية ومفصلة وواضحة كيف يكون هو الحل ولماذا كنا و ما زلنا اكثر شعوب الارض تخلفا و اكثرها فقرا رغم كل ما وهبه الله لنا من ثروات ضاع عائدها في جيوب القلة وذهبت الي بنوك الربا و الكفر علي حد زعمهم في سويسرا و أمريكا وبقينا نحن الغلابة نعاني الظلم و القهر .

    أني اسألهم عن أي مفهوم للاسلام يتحدئون .. عن اسلام الشيعة ام السنة .. عن الاسلام بمفهوم ابن حنبل و ابن تيمية و ابن عبد الوهاب و ابن باز وتلميذهم النجيب بن لادن و أتباعه الذين ينشرون الرعب و القتل وفصل الرقاب عن الاجساد ويستعدون علينا العالم كله .. أم عن الاسلام بمفهوم ابي حنيفة أو مالك أو الشافعي.

    عن اي اسلام يتحدثون عن اسلام سيد قطب و المودودي أم اسلام الازهر وشيوخه .. ولماذا لا يقولون لنا نحن الغلابة الحقيقة؟ .. أن هناك مفاهيم و تصورات مختلفة للأسلام وخاصة عندما يقولون أنه دين ودولة .. أم ان الحقيقة ليست من حق البسطاء .. على البسطاء و الغلابة الطاعة فقط وأن يقولوا آمين بدون فهم أو وعي.

    لماذا لا يقولون ان الاسلام بعد عصر النبوة وفي التطبيق السياسي فهمه عمر بن الخطاب غير ما فهمه أبو بكر الصديق وفهمه عثمان بن عفان بطريقة مختلفة عن كلاهما رغم أنه قبل الحكم علي اساس انه سيحكم بسنة رسول الله والشيخين من بعده ولكنه لم يفعل مما أدي الي مقتله في النهاية .. كما فهمه علي بن أبي طالب وشيعته بطريقة تختلف عن فهم الخوارج له والاهم بطريقة تختلف عن معاوية بن ابي سفيان الذي استطاع بحد السيف و دهاءه و تحالفه مع داهية العرب عمرو ابن العاص ان يفرض مفهومه السياسي للأسلام وهو مفهوم بسيط جدا ,, طاعة الحاكم من طاعة الله ,, وهو المفهوم السائد الي الان .. يأخذ منك الحاكم عائد كدك و عرقك ليبني القصور ويشتري الجواري وما عليك ألا الطاعة والا طارت رقبتك .. والحاكم هو كل من وصل الي الحكم بالوراثة و أيده أهل الحل والعقد من فقهاء السلطة .. أو من وصل الي الحكم بخد السيف وأيده نفس الفقهاء خوفا علي رقابهم ..

    ولننظر الآن الي ما يحدث في السعودية فنفس الشيوخ الذين كانوا يعتبرون بن لادن و أتباعه مجاهدين في سبيل الله اصبحوا يعتبرونهم الآن ضالين و أرهابيين لأنهم تمردوا علي أولياء نعمة فقهاء السلطة .. ونري الشيخ الملاكي لفضائية الجزيرة يقول الآن أن الديمقراطية هي من روح الاسلام عندما نظم ولي نعمته مؤتمرا عن الاصلاح والديمقراطية وهو الي سنين قريبة كان يعتبر الديمقراطية كلمة خبيثة لا يحق لمسلم ان ينطقها.

    هذا عن السياسة فماذا عن الفقه و العقيدة .. فكتب الفقه ما أكثرها وتمتليء بالاختلافات في كل شيء .. هل نفهم الاسلام كما فهمه فقهاء الشيعة أم المعتزلة أم أهل السنة و الجماعة الذين تفرقوا الي اشاعرة و سلفية .. هل نفهم الاسلام كما فهمه الغزالي أم ابن رشد أم ابن حزم قديما .. أو كما فهمه محمد عبده أو محمد رشيد رضا حديثا و كلاهما كان شيخا للأزهر وكلاهما كان له فهما مختلفاعن الآخر .. أم نفهمه كما يفهمه شيخ الازهر الحالي سيد بيه أوكيه .. نفهمه كما فهمه حسن البنا أم أخيه جمال البنا أم سيد قطب وكلهم خرجوا من رحم جماعة الأخوان المسلمين.

    عندما يكون الحل في أي شيء فيجب ان يكون هناك اتفاق واضح علي هذا الحل .. ولكني بمفهومي القاصر أجد اختلافا في كل شيء ألا في الشعار ,, الاسلام هو الحل ,, اختلف الصحابة في الماضي كيف يكون الحل الي درجة الاقتتال و سفك دماء المسلمين الغلابة الذين انحازوا الي هذا الطرف أو ذاك .. و مازال الاختلاف دائرا بين الطرفين حتي الآن و مازالت الدماء تسفك كما يحدث في العراق حتي ياتي طاغية مثل الحجاج بن يوسف الثقفي أو صدام حسين فيدخل الجميع من فقهاء السلطة الي الجحور خوفا علي حياتهم فيقل سفك الدماء بين الغلابة الا دماء من تجرأ أن يرفع صوته في وجه الطاغية.

    ولذا اتوجه بسؤالي الي كل من يتقولون شعار الاسلام هو الحل أن يقولوا لنا عن أي مفهوم للأسلام يتحدثون لنعرف أي حل يقصدون .. فأنا أومن فعلا أن الاسلام هو الحل ولكن فقط عندما يصبح الاسلام مثل أي دين آخر .. دين نتقرب به الي الله بأقامة شعائره من صلاة و صوم وزكاة وحج الي بيت الله اذا اسنطعنا الي ذلك سبيلا ( هل نستطيع أن نري و نعي رحمة الله).. ونتعلم منه مكارم الأخلاق .. ونأخذ منه المباديء العامة من عدل و مساواة و حب و تسامح .. أما عندما يكون حلا سياسيا فأنا لا أري الآن ألا قتل وتعصب وسفك دماء وهو نفس ما حدث في الماضي طوال أربعة عشر قرنا .. أمور دنيانا من حكم وسياسة و اقتصاد و علم تركها الله لنا لنستخدم فيها عقولنا التي وهبنا أياها مستلهمين المباديء العامة من الدين الاسلامي كما يفعل اصحاب الاديان الاخري .. ولكن هناك البعض مصممون علي حرماننا من عقولنا من خلال مخاطبة عواطف الغلابة المحبين لدينهم .. وللطرفين أقول فلتهنئوا بالتخلف الحضاري و سفك الدماء و فصل الرؤوس عن اجسادها فهذه هي النتيجة عندما يتحول الاسلام من دين الي حل سياسي.



    د. عمرو اسماعيل




    لماذا نحمل الله مساوئنا؟

    د. عمرو اسماعيل



    عندما يبدأ مسئول سياسي خطابه المليء بالكذب والخداع بجملة بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم ثم يتبعها بآية من القرآن الكريم فهو قد صادر حقنا مقدما في مناقشة ما تضمنه خطابه من أفكار وما قد يمتلئ به من أكاذيب. ونفس الشيء ينطبق علي أي كاتب يبدأ مقاله بنفس الطريقة رغم أن مقاله قد يحتوي علي ما يستحق النقاش فكريا وما يستوجب الاعتراض والنقد والتفنيد.. لماذا نصر علي تحميل الله مساوئنا وأخطائنا في محاولة ممجوجة للإقناع ومصادرة حق الآخرين في النقاش و الاعتراض.

    تمارس هذه العادة حكوماتنا و أحزابنا السياسية ودولنا المتصارعة كما يمارسها مثقفونا وكتابنا ونمارسها علي المستوي الشخصي عندما نكتب طلب التقدم لوظيفة قد لا تكون من حقنا ونكتب في هذا الطلب بيانات قد تكون كاذبة.. ونمارسها أحيانا بدون وعي عندما نكتب رسائلنا وقد تكون رسائل عاطفية.

    في حرب الخليج الاولي اتيع الفريقان نفس الاسلوب لمحاولة السيطرة على العامة .. فكل فريق استشهد بالآيات القرآنية والأحاديث التي تؤيده ولو نظرت إلى أسانيد كل فريق على حدة لاقتنعت أنه علي حق .. ولكنها في الحقبقة محاولة خبيثة لاستخدام الدين في غير موضعه لأغراض سياسية ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بالدين ولا تؤدي في النهاية الا للإساءة الي الدين نفسه.

    ومازالت نفس القوي السياسية في عالمنا تتبع نفس الاسلوب. فالقوى المتصارعة في العراق تبدأ خطابها السياسي باسم الله و تستشهد على وجهة نظرها بآيات من الذكر الحكيم .. تفعل ذلك القوى التي تعتقد في الاسلوب السلمي في مقاومة المحتل وتفعله القوى التي تؤمن بالعنف كوسيلة للمقاومة والتغيير.

    وفي السعودية يحدث نفس الشيء .. الفريق المتطرف الذي يفجر القنابل وينحر الرهائن يبدأ خطابه باسم الله ويستشهد بالآيات القرآنية و الأحاديث على أفعاله .. والفريق المتحالف مع النظام الحاكم يفعل نفس الشيء يبدأ خطابه باسم الله ويستشهد بآيات القرآن والاحاديث ليثبت وجهة نظره ان هؤلاء ما هم ألا خوارج وضالين .. رغم ان أي متابع محايد يعرف ان كلا الفريقين علي خطأ .. فلا القتل والعنف و الارهاب ممكن أن يكون باسم الله ولا القهر السياسي وسيطرة فئة قليلة علي الحكم ممكن أن تكون باسم الله.

    ويفعل نفس الشيء الفريق المعارض في الخارج من اتباع سعد الفقيه رغم ان غرضه الاساسي سياسي وهو الوثوب الي سدة الحكم .

    وفي مصر يحدث نفس الشيء .. يبدأ كل فريق خطابه باسم الله الرحمن ويتبعها بآيات من الذكر الحكيم .. عندما كانت الاشتراكية هي الموضة دبج فقهاء السلطة الكتب عن الاشتراكية في الاسلام و ملؤوها بالآيات القرآنية و الأحاديث لإثبات وجهة نظرهم ثم حدث نفس الشيء عندما تحولنا الي الرأسمالية .. وعندما كان المفهوم في الصراع ضد اسرائيل هو أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة .. كانت آيات القتال هي المتصدرة للخطاب السياسي والمقالات وعندما تحولنا الي السلم تحولت المقالات الي آيات واحاديث السلم والتسامح.

    وحتي الآن تفعل جماعة الاخوان المسلمين نفس الشيء فهي تبدأ خطابها باسم الله وتستشهد بالآيات و الأحاديث التي تؤيد وجهة نظرها وتبتعد عن تلك الآيات و الأحاديث التي تحض علي طاعة ولي الأمر بينما يستخدمها فقهاء السلطة لتكريس سيطرة الحزب الحاكم والسلطة القائمة .. رغم ان الجميع يعرف ان الغرض الاساسي للجميع هو الدنيا والسلطة والسيطرة وليس أرضاء الله وكسب الآخرة.

    لماذا نصر جميعا علي تحميل الله مساوئنا و أطماعنا الدنيوية السياسية والافتصادية .. لماذا نصر علي أن القتل هو باسم الله والقهر السياسي هو باسم الله والرغبة العارمة في السلطة هي باسم الله .

    لماذا لانتوقف عن ذكر اسم الله الا عند قراءة القرآن بغرض العبادة الحقيقية و ارضاء الله فعلا والاستغفار الحقيقي له من ذنوبنا وخطايانا سواء كانت علي المستوي الفردي أو العام.

    إلى متى سنستمر في استغلال اسم الله في تحقيق اطماعنا وشهواتنا في الحكم و التسلط وتحقيق المكاسب الدنيوية سواء كانت سياسية او اقتصادية.

    لست فقيها و لا سياسيا ولكني مجرد مواطن غلبان يحب الله والوطن ولذا أسأل الجميع متى سنكف عن تحميل الله مساوئنا رغم أننا جميعا نعرف انه هو الذي يعرف النوايا وهو المطلع على الضمائر

    د. عمرو اسماعيل
                  

03-24-2011, 09:06 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    "ما جات إلا عندك يا حسب الله"!

    فائز الشيخ السليك

    رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر أكّد عدم تمتع برلمانه يأية صلاحيات، بما في ذلك محاسبة الوزراء، باعتبار أنّ المؤتمر الوطني هو الذي يحاسب وزراءه، مع أننا لم نسمع بحساب لأي وزير حتى اليوم، بل هناك تقارير نشرت عن تقدم جهات قانونية بأدلة ووثائق تثبت تورط وزير سابق في "رشوة"، لكن الوزير استمر في منصبه شهورا طويلة، ولم تطح به سوى "موازنات المؤتمر الوطني"، ونوع المشاكسات مع شريكته الحركة الشعبية، كما أكّد الطاهر أنّه سمع بثراء " إخوان الرئيس" مثل غيره، وبالطبع فهذا ليس دور رئيس البرلمان، فلكل فرد في السودان حق "الثراء"، لأنّ البرلمان يسائل " شخصيات اعتبارية"، حسب أعراف العمل النيابي في كل الدنيا، لكن في ذات الوقت من حق النّاس أن يتوقفوا عند قول الطاهر بأنّ "الرقابة ربانية"، وبالتالي يعلن على الملأ بأنّ وجود البرلمان لا فائدة منه، وهو أمر مفروغ منه، لأنّ البرلمان "الصوري"، جاء عبر "انتخابات أجمع كل الناس بأنّها لا ترتقي للمعايير الدولية".

    ومع ذلك لفت نظري خبر فحواه " أنّ نائب رئيس المجلس الوطني هجو قسم السيد قال إنّ التصريحات المنسوبة إلى الأمين العام لمستشارية الأمن اللّواء حسب الله عمر في برنامج مؤتمر إذاعي بالإذاعة السودانية (فلتذهب الشّريعة) غير موفقة، وأحدثت شرخاً داخل المجتمع السوداني، وقال هجو لـ"الجريدة" "لو كنت مكانه لاستقلت من منصبي"، وزاد "إذا لم يبادر بالاستقالة فعلى الجهة المسؤولة إقالته فوراً".

    من جهتها استدعت لجنة الشؤون الاجتماعية بالبرلمان اللّواء حسب الله عمر بخصوص تصريحاته الأخيرة، وقال رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بالإنابة عباس الفادني في تصريحات للصّحفيين إنّ التصريحات وجدت اعتراضاً من المواطنين والعلماء الذين استنكروا الحديث عن الثوابت، وقال بعد التّحقيق مع اللّواء حسب الله حول تصريحاته أقر بأنّه نطق باللّفظ (فلتذهب الشريعة)، وتابع إنّها لا تُعبر عن توجه شخص ولا عن المستشارية. وأوضح الخضر أنّهم على الرغم من التحفظات التي أبدوها على التّصريحات إلا أنّ اللّجنة سترفع تقريرها إلى رئاسة البرلمان الذي يقرر فيها.

    ولست هنا بصدد التعليق حول " الشرخ الذي تركه حديث حسب الله في المجتمع السوداني!، ولا ندري ما هو المعيار الذي اتخذه نائب رئيس البرلمان ليحدد لنا "الشرخ"، أو "حجمه"، لكنني مهموم بمعرفة "الشريعة" التي يدافع عنها البرلمان الصوري؟.

    ودعنا بعيداً عن التلاعب بالألفاظ"، من شاكلة الحكومة ستطبق الشريعة الإسلامية، وربما يراد هنا "التطبيق على طريقة طبق الملابس وختها في الدولاب"!، لأننا إلى اليوم لم نسمع قراراً بأنّ الحكومة تنازلت عن "الشريعة" منذ عام 1983!، كما أننا ظللنا نسمع أنّ "العداء للسودان لأنّه يطبق الشريعة الإسلامية، ولتوجهه الحضاري"، وهو حديث يؤكد أنّ الإنقاذ لا تزال ملتزمة "بشريعتها"، ولو حاولت لي عنق الحقيقة.

    وهو حديث كثر هذه الأيام، فنائب الرئيس الأستاذ علي عثمان محمد طه يؤكد "التمسك بالشريعة"، ووالي ولاية سنار يعد المواطنين هناك بتطبيق الشريعة"، وكل قيادي بالمؤتمر الوطني يؤكد لنا "التمسّك بثوابت الإنقاذ"، ولا ندري ما هو الجديد؟. هل ستغير الحكومة القوانين الجنائية لسنة 1991، وقانون النظام العام؟، وهل ستزيد مواد "الجلد"، وتلك التي يراد بها حماية "الإنقاذ" مثل تلك التي تقضي بحكم الإعدام على من يتهم "بتقويض النظام الدستوري"؟. أم أنّ الإنقاذ تفكر في "بديل جديد يؤكد أنّ " لو سرق الشريف لحاسبوه مثلما يحاسبون الضعفاء والمهمشين والفقراء"!، ويؤكد أنّ الحرية هي جوهر الدين، وأنّ قتل النفس التي حرّم الله بغير حق " حرام".

    كنا سوف نظن أنّ " جديدا شديداً" طرأ، ولو فجأةً على "الإنقاذ"؛ وذلك بتقديم مسؤولين كبار للمحاكمة بتهم "الفساد"، بدلاً عن الترقي درجات أعلى، أو تلك الجهات المعنية بتصميم وتنفيذ وإنشاء الطرق، وتبديد الأموال فيها، أو أولئك المتاجرون في صحة الناس، وحياة العباد، أو أولئك "المحتكرون"، أو المتاجرون باسم الدين، أو أولئك الذين يقدمون "الفرد على الجماعة"، والقبيلة على الوطن"، و"الطائفة على الدين"، أو أولئك الذين يتجسسون على الناس، ويتابعونهم في بيوتهم، ويقتحمون "حياتهم الخاصة"، أو أولئك الذين يدعون أنّهم للدين "علماء"، لكنّهم يتطاولون في البنيان مع تطاول أزمة المواطنين، فقط لأنّهم يقدمون "الفتاوى "السلطانية"، ويصمتون عن "الانتهاكات"، وهؤلاء كلما امتلأت خزائنهم أموالاً سألوا هل من "من مزيد"؟ !

    ولا ندري دوافع حسب الله التي دفعتها لقوله ذلك، أو دوافع الذين قد يكونون أخرجوا حديث الرجل من سياقه، إلا أنني غير مستغرب، أو "مندهش" – ففي عهد الإنقاذ ماتت الدهشة- من أولئك الذين استجوبوه، أو قيل أنّهم "فصلوه"، لأنّهم لم يروا سوى "الحيطة القصيرة"، أو أرادوا " الطعن في الفيل فطعنوا الظل"، ومسكين حسب الله ما جات إلا عندك!.



                  

03-24-2011, 09:44 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    دولة "البدريين".. مفوضية الفساد.. وفقه السترة!!

    إبراهيم الكرسني
    [email protected]

    ربما يخطر على بال بعض القراء بأن كاتب هذا المقال هو من أضفى هذه الصفة على دولة الفساد و الإستبداد القائمة حاليا فى السودان. كلا..ثم..كلا. إن من أضفى هذه الصفة عليها هم منظرو الإنقاذ و أبواقها الإعلامية الذين إستغلوا الدين الإسلامي، وتراث السلف الصالح، أسوأ ما يكون الإستغلال، وذلك بغية تغبيش وعي المواطن البسيط، الذى يعتقد بصحة كل ما يقال عن أن له علاقة، أو إرتباط بالدين الإسلامي الحنيف. لذلك فقد أكثر الإنقاذيون من جرعاتهم الدينية التى سقوها للشعب حتى وصلت، و للأسف الشديد درجة الإسفاف، متوهمين بذلك أنهم سيدخلون البسطاء من أبناء و بنات شعبنا فى غيبوبة سياسية ستمتد الى الأبد، و من ثم يمكنهم بعد ذلك أن يمرحوا و يسرحوا فى نهب ثروات البلاد الى أبد الآبدين.


    سأضرب مثالا واحدا لأبين لك، قارئي الكريم،أبشع أنواع الإستغلال للدين و التراث الإسلامي من قبل "هؤلاء الناس". أرجو منك أن تقرأ بتمعن هذا الحديث الذى ورد على لسان أحد ’بدرييهم‘، "إن فتحي خليل فيه صدق أبى بكر، و عدل عمر، وحياء عثمان، و شجاعة على، و خلقه من خلق المصطفى صل الله عليه وسلم"!! إن من قال هذا الحديث هو نائب والى الشمالية، وهو يصف لنا رئيسه المباشر، بمعنى آخر إنه تملق و تزلف من العيار الثقيل، الذى لا يمكن أن يقول به رجل عاقل، إلا إن كان أحد ’خريجي‘ مدرسة الإنقاذ، و منتميا الى ’دولة البدريين‘. أقسم بالله العظيم أنه لو قدر للمصطفى (ص)، و خلفائه الراشدين، سماع هذا النص لشابت رؤوسهم جميعا، ودون إستثناء، من هول المصيبة التى أدخلوا فيها أنبياء آخر الزمان الكذبة الدين الإسلامي الحنيف.


    إن أحد أهم خصائص دولة ’البدريين‘ المزعومة تتمثل فى تدريب و صقل مواهب قاداتها على الكذب الصراح، حتى صار الكذب عندهم منهجا، كما الفساد تماما الذى برعوا فيه، و تفننوا فى تنويع أساليبه و أشكاله، بصورة يشيب لها الولدان. لم يصبح الفساد منهاج حياة فى أي يوم فى تاريخ السودان الطويل، إلا حينما أتى "هؤلاء الناس" الى سدة الحكم، و إستولوا على جهاز الدولة بأكمله بقوة السلاح فى إنقلاب عسكري مشؤوم، و سخروا من خلاله جميع موارد البلاد، الثابت منها و المنقول، لمنتسبيهم، و معارفهم، و أصدقائهم، و المؤلفة قلوبهم، و من لف لفهم من الفاقد التربوى، وفاقدى المواهب، و شذاذ الآفاق، الذين إرتبطت مصالحهم الشخصية، بصورة أو بأخرى، ببقاء و إستمرار دولة ’البدريين‘ المزعومة.


    لقد شكلت دولة ’البدريين‘ منظومة فساد لم يعرف العالم، قديمه و حديثه، مثيلا لها. بل إن شجرة الفساد قد ضربت بجذورها فى أرض السودان الطاهرة، و نمت، و ترعرت، الى أن غطت أغصانها جميع أجزاء البلاد، من أقصاها الى أدناها. إننى لعلى قناعة تامة بأن جميع المؤسسان الأكاديمية فى العالم المهتمة ببحث و تقصي أساليب و مناهج الفساد لن تجد ’أفضل‘ من تجربة دولة ’البدريين‘ لدراستها كأسوأ نموذج للفساد فى تاريخ البشرية.
    إن قادة الإنقاذ قد أفسدوا فى الأرض، و نهبوا مقدرات الشعب السوداني، و أكلوا أموال الناس بالباطل، و مصوا دماء بناته و أبنائه، بما تفتقت عنه عبقريتهم من أساليب للفساد بما لا عين رأت، و لا أذن سمعت، و لا خطر بعقل بشر. ثم يأتوا بعد كل هذا، و بعد أن أزكمة رائحة فسادهم الأنوف، لينكروا الفساد جملة و تفصيلا، وليقولوا لنا بأنهم لم يسمعوا بهذا الفساد، ولم يروه، و بأن من لديه الدليل فليتقدم به الى السلطات المختصة، أي للمفسدين أنفسهم....فتأمل!!


    و لعله من سخريات القدر أن يأتى مثل هذا الزعم من الرئيس شخصيا، الذى يفترض فيه، و بموجب أخلاقيات و قوانين دولة البدريين الحقيقية، أن يكون هو الراع، و هو المسئول عن أحوال الرعية. ليس هذا فحسب، بل إمعانا فى تضليل الرعية، فقد ذرف هذا ’البدري‘ اللامع دموع التماسيح فى أحد المساجد، الذى تم تشييده من أموال السحت و الفساد، حينما جاء ذكر الفساد وسيرته من فوق منبره. لكن الأسوأ من ذلك هو موقف شقيق الرئيس من الفساد. فقد زعم ذلك الرجل بأنه لا يملك ’حق‘ تذكرة السفر وهو يهم بمغادرة البلاد فى نفس اليوم، ليس الى الأراضى المقدسة، موطن البدريين الحقيقيين، و إنما الى لندن، أرض ’الكفار‘، الذين وعدونا مرارا و تكرارا، حتى أصموا آذاننا، بدنو عذابهم. أكاد أجزم بأن رحلة هذا الرجل الى لندن لا تمت بأدنى صلة الى مجال تخصصه كطبيب، أو مجال عمله كلواء فى جيش الإنقاذ، و إنما لعقد ’صفقة‘ تجارية مشبوهة، تنضح بالفساد.


    أقول هذا لأن الرجل قد أقر ’بعضمة‘ لسانه بأنه هو الذى عقد العديد من الصفقات التجارية، و الإقتصادية، بل و العسكرية، لحكومة شقيقه، مع بعض أشباهه من اللصوص الدوليين، و مستثمري أزمات الشعوب، وبالأخص فى منطقة الخليج. فهلا تفضل هذا الرجل ليخبرنا بأي صفة قام بعقد هذه الصفقات، و هو لا، و لم، يتبوأ أي منصب رسمي يخوله ذلك. إذن فإنه قد قام بعقد هذه الصفقات بصفته الشخصية فقط، كشقيق لرئيس دولة ’البدريين‘. بربكم إذا لم يكن هذا هو الفساد بعينه، فكيف يكون الفساد إذن يا سيادة الرئيس؟ ثم يأتى سيادته ليقول لنا بعد كل ذلك بأنه لم يسمع، أو يرى الفساد فى أي مرفق! هل يمكن لنا أن نتخذ هذا بمثابة دليل على فقدان الرئيس لحاستي السمع و البصر، على الرغم من أن له عينان و أذنان يمكن رؤيتهما بكل وضوح، حينما يدخل سيادته ’الداره‘ ل’يعرض‘ و ’يرقص‘ إحتفاءا بإنجازات أشقائه و غيرهم من ’أبطال‘ الفساد فى السودان، أم يمكن إعتباره أمي لا يكتب و لا يقرأ؟!
    لقد تعجبت ، كغيرى من عامة الناس، بزعم سيادة الرئيس بعدم معرفته، أو علمه، لأي نوع من أنواع الفساد فى السودان، و كأنه لم يقرأ، أو يطلع، أو يسمع بالتقرير الذى يصدره سنويا ديوان المراجع العام، الذى يعمل داخل دولة ’البدريين‘، و ليس فى بلاد ’الواق..واق‘، و الذى وثق لما تم سرقته و نهبه من أموال و موارد الشعب السودانى من قبل أنبياء آخر الزمان الكذبة من قادة الإنقاذ. لكن إذا عرف السبب بطل العجب، كما يقول المثل الدارج. فقد ’إكتشفت‘ أخيرا بأن هذا النوع من الفساد الذى وثق له ديوان المراجع العام يسمى ’الإعتداء على المال العام‘، و هو لا يعنى الفساد المعروف لخلق الله، فى عرف أهل الإنقاذ! وقد قلت فى نفسي حينئذ بأن ’الإعتداء على المال العام‘ ليس سوى إسم الدلع الذى أطلقه منظرو دولة ’البدريين‘ على الفساد، كما أسموا المجاعة التى ضربت بأطنابها أرجاء البلاد، فى وقت من الأوقات، ب’الفجوة الغذائية‘. ما أحلى أسماء الدلع التى يطلقها "هؤلاء الناس" على الكوارث التى تصيب الشعب السودانى بفعل أياديهم الآثمة!
    لكن أتى الرئيس، و بعد سجل حافل بإنكار الفساد، و إصرار عنيد بعدم وجوده داخل أروقة دولة ’البدريين‘ الطاهرة، ليفاجئ الجميع بأنه قد أمر بتكوين مفوضية لمحاربة الفساد. إذن هل كنت تكذب على رؤوس الأشهاد طيلة عقدين من الزمان، حينما كنت تزعم بعدم وجود الفساد؟ و ما حكم ’شريعة‘ الإنقاذ فى مثل هذه الحالة؟ إن موروث دولة ’البدريين‘ الحقيقية يقول لنا بأن المصطفى(ص) قد أقسم بأنه لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع يدها، فماذا أنت فاعل، سيادة الرئيس، بأيدي أشقائك الذين سرقوا و نهبوا أموال و مقدرات البلاد، ناهيك عن الآخرين، الذين يمكن لك أن تزعم بعدم توفر الدليل الذى يدينهم؟


    لقد مر حتى الآن أكثر من شهر منذ أن أمر سيادة الرئيس بتكوين مفوضية الفساد، و لكننا لم نسمع عن القانون الذى سوف تعمل بموجبه، أو مدى صلاحياتها، أو سلطات و مجال إختصاصها، أو أسماء مسئوليها؟ بربكم ألا يعتبر هذا فى حد ذاته نوع من أنواع الفساد أيضا؟ أم أنه ذر للرماد فى العيون حتى يتم التستر على المفسدين، و على إستمرار دولة الفساد و الإستبداد فى السودان؟ إن نتائج هذه المفوضية معروفة سلفا للجميع. و سوف أقول لكم خلاصة تقريرها النهائي، لو قدر له أن يصدر أصلا، ألا وهو لم تتمكن المفوضية من إثبات حالة فساد واحدة فى دولة ’البدريين‘، و أن جميع الإتهامات التى وجهت لبعض الأفراد لم تكن سوى بلاغات كيدية، و حالات حسد إعترت بعض الحاقدين، حينما رأوا نعمة الله تتدفق على بعض أولياء الله الصالحين من قادة الإنقاذ، الذين إبتلاهم المولى عز وجل بنعمة ’الكروش‘، و العمارات المصطفة، و العربات ذات الدفع الرباعي!! ولهم فى كل ذلك مخرج ’شرعي إنقاذي‘، ليبرروا به مثل هذه الخلاصة ألا وهو فقه السترة، أو كما قال وزير شبابهم و رياضتهم مبررا به فسادهم و سرقتهم لأموال الشعب السوداني...فتأمل!!
    23/3/2011م
                  

03-24-2011, 09:57 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    بالمنطق
    صلاح عووضة

    حضرنا ولم نجدكم..!!


    ٭ قال نائب الرئيس إن الذين يطالبون بمحاربة الفساد فسوف يجدوننا أمامهم حيثما ذهبوا..
    ٭ أو هكذا تقريباً هو معنى حديث الأستاذ علي عثمان طه..
    ٭ ولكن بصراحة يا سيادة النائب بحثنا عنكم حيثما ذهبنا نبشاً لمظان الفساد فلم نجدكم..
    ٭ أو بحسب عبارة نقد الشهيرة عند «التولِّي يوم الزحف» من تلقاء المعارضة: «حضرنا ولم نجدكم» ..
    ٭ وافتقادنا لكم في هذا المجال يكاد يماثل افتقادنا للشريعة التي نسمع حديثكم عنها ولا نراها..
    ٭ ولقد تفتق ذهني مرة عن فكرة البحث عن هذه الشريعة بمصباح ديوجينيس ـ حسبما كتبت في هذه الزاوية ـ عل وعسى أن أعثر عليها «مستخبية!!» في مكان ما..
    ٭ تماماً مثلما حاول فيلسوفنا اليوناني ـ صاحب الفانوس ـ البحث عن الحقيقة التي قال إنه لم يهتد إليها بضوء الشمس..
    ٭ فمن الحقائق ما قد يكون البحث عنه مضنياً..
    ٭ واعترف لكم هنا ـ أخي نائب الرئيس ـ بصفتي مواطناً سودانياً بأنني عجزت تماما عن الاهتداء إلى «مكان!!» هذه الشريعة التي تتحدث عنها كثيراً أنت و«أخوانك في الله» و«السلطة» ..
    ٭ فحين أقول ـ مثلاً ـ إنها حيث «العدل!!» التي تحث عليه بشدة شرائع السماء لا أجدها بالنظر إلى ما نشاهد من «مظالم!!» ..
    ٭ أقول «إمكن طيب» هي حيث «الزهد في نعيم الدنيا الزائل!!» الذي كان عليه الخلفاء الراشدون فلا أجدها كذلك من واقع الكثير الذي «نراه!!» ..
    ٭ أقول ربما هي إذاً في «الصدق!!» الذي شدَّد الحديث الشريف على التزام المؤمن به فلا نجده «برضو» إلا قليلاً قياساً إلى «معايشات» تضج بالشكوى من إخلاف لوعود، ونقض لعهود..
    ٭ أقول خلاص «هيِّا دي» ، حتما هي في تطبيق الحدود «دوناً» عن أوجه الشريعة الأخرى العديدة ولكن حتى في «دي» لا نرى إلا تطبيقاً شائهاً يبدأ بـ «التجسس والتحسس» وقد ينتهي بجلدٍ غير شرعي بمثلما حدث لفتاة الفيديو..
    ٭ وقبل أن يشحذ بعض حراس هذه الشريعة الإنقاذية «غير المرئية» سكاكينهم لينالوا من ثور ظنوه قد وقع ـ حسب المثل الشعبي الشهير ـ نقول لهم: على رسلكم..
    ٭ فكاتب هذه السطور لا يخطو خطوة «حرفية» إلا بعد أن «يحسبها» جيداً..
    ٭ إلا بعد أن يتحسس موطئ قلمه..
    ٭ ومن قبل حين جُرجرنا إلى نيابة أمن الدولة عقب كلمة كتبناها أخرجنا لهم ما كان قاله الترابي في الشأن نفسه دون أن يقول له أحد «بغم» ..
    ٭ والآن لا أحد قال «بغم» لكاتب إنقاذي حتى «النخاع» بصحيفة «الانتباهة» جراء نقد ذي حلقات لعدم تطبيق صحيح للشريعة ختمه بقوله: «اللهم إني أبرأ إليك من الإنقاذ» ..
    ٭ فإن لم أجد هذا «المتبرئ!!» أمامي حيثما «جُرجرت» فهذا دليل إضافي «قاطع!!» على صحة ما نقول عن شريعة الإنقاذ، ولا نقول شريعة السماء..
    ٭ ثم هنالك دليل «قاطع!!» كذلك على ما قلناه عن عدم عثورنا على نائب الرئيس حيثما ذهبنا ننبش مظان الفساد..
    ٭ فإن لم تكن تقارير المراجع العام هي دليل على وجود فساد فكيف يكون إذاً «شكل!!» الدليل الذي يريده قادة الإنقاذ؟!..
    ٭ ولو كان أمير المؤمنين عمر «يتمحرًّك» مثل «محركة» أهل الإنقاذ إزاء قضايا الفساد لما كانت قصته الشهيرة مع إبل ابنه نفسه دعك من الآخرين..
    ٭ والإبل هذه يمكن ان تُقاس عليها آثار «نِعَم!!» من نعم هذا الزمان في هيئة «عمارات!!» أو «فارهات!!» أو «مكتنزات!!» أو «مزروعات!!» أو من قبيل الذي قاله ابن الخطاب هذا لأحد ولاته: «أبت الدراهم إلا أن تطل برأسها» ..
    ٭ فنائب الرئيس الذي لا يقدح أحد في ذمته هو شخصياً يعلم علم اليقين ـ بالتأكيد ـ ما كانت عليه أحوال كثير من «أخوانه في الله والسلطة» قبل «التمكين!!» ..
    ٭ ولعله يعلم كذلك ما آلت اليه أحوال نفر من الأخوان هؤلاء عقب «التمكين!!» ..
    ٭ وهذا الذي «قد!!» يعلمه من فوارق في الأحوال ما كان ليسكت عليه أمير المؤمنين عمر ـ والخلفاء الراشدون جميعاً ـ حين كانت الشريعة «ظاهرة!!» ظهور الشمس في رابعة السماء وليست «مستخبية!!» يُبحث عنها كما يُبحث عن الإبرة في كومة من التبن..
    ٭ وللسبب هذا ـ يا سيادة النائب ـ نقول إننا حضرنا ولم نجدك..
    ٭ نجد الفساد «المُُوثَّق!!» في تقارير المراجع العام ـ مثلاً ـ ولا نجد محاربةً له..
    ٭ نجد إقرارات لإبراء الذمة ولا نجد توقيعاً واحداً من مسؤول عليها..
    ٭ نجد تقارير أممية عن استشراء الفساد وغياب الشفافية ولا نجد رداً «شفَّافا!!» على التقارير هذه..
    ٭ نجد دخاناً كثيفاً عن الفساد يشير إلى وجود «نار!!» ولا نجد من يطفؤها..
    ٭ عفواً أخي علي عثمان..
    ٭ دُلّنا على «المكان!!» الذي أنت فيه حتى «نجدك!!» ..
    ٭ أما إذا كان «اللا وجود!!» يعني «أن لا وجود!!» للفساد نقول إذاً حاكموا المراجع العام..
    ٭ حاكموه بتهمة تشويه سمعة دولة «الشريعة!!»
                  

03-24-2011, 09:50 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    وقال ابراهيم الكرسنى

    لقد شكلت دولة ’البدريين‘ منظومة فساد لم يعرف العالم، قديمه و حديثه، مثيلا لها. بل إن شجرة الفساد قد ضربت بجذورها فى أرض السودان الطاهرة، و نمت، و ترعرت، الى أن غطت أغصانها جميع أجزاء البلاد، من أقصاها الى أدناها. إننى لعلى قناعة تامة بأن جميع المؤسسان الأكاديمية فى العالم المهتمة ببحث و تقصي أساليب و مناهج الفساد لن تجد ’أفضل‘ من تجربة دولة ’البدريين‘ لدراستها كأسوأ نموذج للفساد فى تاريخ البشرية.
    إن قادة الإنقاذ قد أفسدوا فى الأرض، و نهبوا مقدرات الشعب السوداني، و أكلوا أموال الناس بالباطل، و مصوا دماء بناته و أبنائه، بما تفتقت عنه عبقريتهم من أساليب للفساد بما لا عين رأت، و لا أذن سمعت، و لا خطر بعقل بشر. ثم يأتوا بعد كل هذا، و بعد أن أزكمة رائحة فسادهم الأنوف، لينكروا الفساد جملة و تفصيلا، وليقولوا لنا بأنهم لم يسمعوا بهذا الفساد، ولم يروه، و بأن من لديه الدليل فليتقدم به الى السلطات المختصة، أي للمفسدين أنفسهم
    ....فتأمل!!
                  

03-25-2011, 12:03 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    وقال حيدر ابراهيم على

    يقلل الاسلامويون عمدا من شأن تطبيق الشريعة في مجال الفساد والعدالة الاجتماعية والرفاهية وسعادة الشعب،ويقصرونها علي سلوك وملابس الفتيات فقط. فقد سئل أحد المسؤولين، حاج ماجد سوار، أمين التعبئة السياسية ووزير الشباب، في موضوع التعدي علي المال العام. فرد أنه توجد تجاوزات ويعلمونها،ولكن لا يحاسبون المتعدين وفق "فقه السترة"! (الاهرام اليوم 19/3/2011) وهم يناسلون الفقه كما يحتاج الموقف: سترة وضرورة بل صار لأي شئ فقهه الخاص.


    ولماذا لم يطبق هذا الفقه علي الفتاة التي جلدت وصورت بالفيديو وكانت أولي بالستر؟ ولكن قلم الشريعة في يدهم ويكتبون كما يريدون. فقد اصبحت الشريعة عندهم مثل الميثاق الوطني للاتحاد الاشتراكي،يفسرونها ويغيرونها حسب الحاجة.لذلك من الغريب ان شريعة الانقاذ لم تقرب أبدا موضوع الفساد،ويرد المسؤولون دائما: من لديه دليل فليقدمه! وينسون أن الموظف الحكومي شرعيا يقوم بدور المحتسب أي له الحق في رفع قضايا باسم الأمة.


    فمن المتوقع حين تتكاثر التهم ان تقوم الحكومة الشرعية الشريفة بنفسها بفتح كل الملفات لكي تسكت "المرجفين".
    أخيرا، من الواضح أن موضوع الشريعة الذي جاءت للرحمة والارتقاء بمكارم الاخلاق،تحول لدي اسلاموي السودان الي سوط وسيف ضد المعارضين والمواطنين الغلابة بالذات لانهم خارج فقه السترة.فهي تستغل في العمل السياسي لإرهاب وابتزاز المخالفين في الرأي من خلال تهمة انهم ضد شرع الله ،تقرأ ضد الله.وتستغل مرة اخري حين تطبق الشريعة علي الفتيات المستضعفات والمسكينات،ويترك اصحاب الملافح والكروش الكبيرة التي تضخمت بمال السحت والبنوك والنفرة الزراعية.والشعب لا يخاف الشريعة،ولكن الشعب يطالب بتطبيق الشريعة علي الترف والفساد والطغيان.
                  

03-25-2011, 12:19 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    تراســـيم..

    إخلاء حسب الله !!

    عبد الباقي الظافر

    وزير الدفاع الامريكي رامسفيلد كان أداؤه سيئاً.. كل (كفوات) الرئيس بوش الابن جاءت من البنتاغون.. ولكن بوش المحارب رفض أن يستبدل وزيره.. وأوضح الرئيس بوش أن فكرة تغيير القائد أثناء المعركة ليست أمراً يتسم بالحكمة.. معركة بوش كانت ضد الارهاب.. ولكن نتائجها لم تمنح الارهابيين إلا قوة.. ففي عهده الميمون لطخت صور أبوغريب وجه أمريكا.. أما معتقل غوانتنامو فقد بلغ من البشاعة ان حمل برنامج أوباما الانتخابي اغلاقه في أجل مقداره مائة وعشرين صباحاً.. كل هذه الكوارث صنعها بشكل أساسي الوزير رامسفيلد.. رغم ذلك صمد إلى وقت طويل.. ولم يخلفه روبرت قيت إلا في أواخر عهد بوش..

    قبل أربعة أيام خرج قرار جمهوري أقال اللواء حسب الله عمر من الأمانة العامة لمستشارية الأمن الوطني.. القرار قطع جدلاً كبيراً أصاب الخرطوم بعد ان تفوه الجنرال بكلمات يفهم منها ان الحوار مع الخصوم لا سقف له.. وجد أعداء الرجل ظهره كاشفاً.. فاوسعوه الضربات باسم الدفاع عن الشريعة الإسلامية.. الانتباهة كتبت حسبنا الله.. الرابطة الشرعية قالت على الرئيس أن يتق الله.. أما مستشار التأصيل فقد خرج من بيات شتوي طويل ورمى حسب الله بحجر كثيف. الحزب الحاكم الذي يشغل حسب الله منصباً رفيعاً فيه..


    بدأ الدفاع عن رجله المحاصر.. مندور المهدي عقد لقاء جمع السلف والخلف.. ثم بدأ اللواء حسب الله يخرج من زنقته.. ولكن فجأة ظهر البرلمان الذي هو اجازة رسمية.. إحدى لجانه استدعت حسب الله.. وأقر الرجل بعبارته التي سارت في الإعلام.. ومن بعد ذلك صدر قرار رئيس الجمهورية بعزل الجنرال حسب الله. لم تكن تلك المرة الأولى التي يذوق فيها اللواء حسب الله طعم العزل.. فقد عزله من قبل الفريق صلاح قوش من خدمة جهاز الأمن.. ولكن الرجل الذي يثق في مقدراته ابتسم لجموع المعزيين..


    وكأنه يقول لهم اصبروا أليس الصبح بقريب.. ثم لاحقاً يعود رفيقاً لصلاح قوش في مستشارية الأمن. في تقديري أن عملية إعفاء اللواء حسب الله في هذا الوقت هي مجرد إخلاء عسكري.. الرجل مستودع معلومات.. لذلك لم يفقد منصبه في الأمانة السياسية للحزب.. سيتوارى اللواء قليلاً في الظل.. وربما يبعث به سفيراً لدولة مجاورة.. أرادت الحكومة أن تقنع الناس أنها حامية الشريعة.. وأن شرع الله خط أحمر.. ثم تكسب قلوب الجماعات السلفية.. التي تشكل التحدي الأكبر للإنقاذ. الحكومة الآن كسبت لحظياً.. ولكنها بهذا المنطق لا تستطيع ان تشاور الأحزاب على الدستور القادم.. بمنطق الإسلام هو الحل لن تتمكن الحكومة من استفتاء الشعب على الدستور.. الذين يقولون لا للوثيقة التي تقول إن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع سيصبحوا في مقام حسب الله.. أناس يجدر التطهر منهم.

    التيار
    نشر بتاريخ 24-03-2011




                  

03-27-2011, 04:37 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)


    وهنا تجد احد كتاب اهل الانقاذ او كتاب المؤتمر الوطنى وهو يدافع عن قرار ابعاد حسب الله بقرار جمهورى لانه كما قال ادلى بتصريح يندى له الجبين ..

    حسب الله بين سقطة اللسان والخسران..!!
    عمر احمد الحاج



    القرار الذي أصدره المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية بإعفاء اللواء حسب الله عمر من منصب الأمين العام لمستشارية الأمن القومي على إثر تصريحاته التي قالها لوسائل الإعلام السودانية: «إذا اتفقت الأحزاب على إلغاء الشريعة الإسلامية فلتذهب الشريعة»، ويا لها من تصريحات يندى لها الجبين، بل أنها كانت سهاماً مسمومة في صدر كل مسلم غيور على الإسلام الدين الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى لعباده، بقوله تعالى في محكم تنزيله: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا» صدق الله العظيم.

    فالرئيس البشير الذي قاد حركة التغيير في الثلاثين من يونيو 1989م تحت مسمى ثورة الإنقاذ الوطني، والتي كان مفتاح سرها الوطن الغالي على بركة الله، لا يقبل تنازلا عن الشريعة الإسلامية، بل إن الشريعة ليست محل مساومة مع أحزاب لا وزن ولا برنامج لها، بل إنها من شاكلة الأحزاب «الكرتونية» أو ما يسمى بأحزاب «الفكة» التي يبحث معظم قادتها بل يطمحون في الحصول على جزء ولو يسير من كيكة السلطة الإنقاذية، فإعفاء حسب الله واجب وطني وديني وأخلاقي، وإعفاء كهذا لن يصدر بالطبع إلا من رئيس الجمهورية، بل هو من صميم اختصاصاته الدستورية، حيث وجد قرار إعفاء حسب الله قبولاً وارتياحاً واسعاً في الأوساط والدوائر الإسلامية بالسودان، وهو رسالة جديدة من رئيس الجمهورية لشعبه الذي بايعه وتعاهد وتواثق معه على إنفاذ الشريعة الإسلامية.


    وما نفرة الكباشي ببعيدة عن الأذهان.. فقد كان البشير واضحاً وشفافاً في طرح برنامج الشريعة الإسلامية عندما قال القول الفصل: «إذا انفصل الجنوب فسنطبق الشريعة الإسلامية» في إشارة واضحة وصريحة إلى حسم قضية الهوية وانطلاقة الاستقلال الحقيقي للبلاد، وألا بديل لشرع الله.


    وقد كشفت سقطة لسان حسب الله أن مسؤولينا لا يجيدون فن الخطاب الإعلامي، بل لا يحذقون التعامل مع وسائل الإعلام خاصة المرئية أو المسموعة أو المكتوبة، ناهيك عن «الفيسبوك» فقط أنهم يمارسون الثرثرة واللغو أمام هذه الوسائل الإعلامية، لأن هدفهم الأول والأخير هو الظهور صوتاً عبر الأثير، أو صورة وصوتاً عبر الشاشات البلورية ولا شيء غير الظهور، كما أنهم لا يفكرون قبل القول أو التصريح، ولا يزنون حديثهم بميزان العقل والمنطق، وأحيانا تكشف هذه السقطات اللسانية بل تنم عن حقيقة «كل إناء بما فيه ينضح»، فلسانك حصانك. وفي الحديث الشريف: «وما يُكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم».


    فمسؤولونا يحبون الثرثرة لوسائل الإعلام، ولا يعرفون معنى «الإيجاز الصحفي» بل لا يحسنون اختيار العبارات والجمل والألفاظ التي تصلح لوسائل الإعلام، فالمسؤول الذي يرفض الشريعة الإسلامية وهو محسوب على النظام أو الحزب الحاكم، لا يصلح أن يكون في منظومة الحكومة ولا في أي رواق من أروقتها أو أروقة الحزب الحاكم، وكذلك المسؤول الذي يتوعد شعبه بالسحق أو يحتقره ويسبه أو يصفه بالجرذان عليه أن يذهب من موقعه الحزبي الذي يشغله مثلما ذهب حسب الله، إمَّا بالاستقالة إذا كانت أدبيات الاستقالة موجودة في قاموسنا السياسي، أو بالإقالة من المسؤول الحزبي الأعلى.



    فدرس حسب الله ينبغي أن يستفيد منه المسؤولون الآخرون، وذلك بإجادة واتقان خطابهم وكلامهم الاعلامى، وليعيدوا قراءة التاريخ والتراث السوداني جيداً، فأمثالنا تقول «لسانك حصانك .. إن صنته صانك وإن طلقته هانك»، وتقول أمثالنا أيضاً: «لسان العاقل وراء قلبه وقلب الأحمق وراء لسانه» فالمسؤول عليه أن يعي ما يقول، بل أن يفكر قبل القول ملياً، ويحدد الكلمات والعبارات التي يريد أن يتفوَّه بها، وأن يختارها بدقة وعناية، خاصة تلك التي يريد التحدث أو التصريح بها لوسائل الإعلام.. لكن مشكلتنا في السودان أن كل واحد فينا يريد أن يكون حاج نظرية..


    ينظر في كل شيء ولا تجد عبارة «لا أعلم أو الله أعلم» مكاناً في قاموسه، كما إنَّ كل واحد منا يريد أن يكون «مفتياً» يفتي في كل شيء في ما يعلم وفي ما لا يعلم، بل يفتي في كل الأمور، حتى لو مالك في المدينة «وأم المشكلات عندنا في السودان هي تركيب المكنات» فلا أحد يعمل في حدود وظيفته أو في حدود مهامه واختصاصاته حسب الوصف الوظيفي أو في حدود «مكنته» الطبيعية، وإنما دائماً يسعى للعمل «بمكنة» أعلى، فوطننا غالٍ ونفيس، ولكن هكذا تضيع الأشياء الغالية والنفيسة عندنا في السودان، بين حاج نظرية و«مركِبي المكنات ذات البستم الكبير».


    الصحافة
    27/3/2011
                  

03-28-2011, 04:59 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    الشريعة..نصوص ومفاهيم..(فرتقت السودان)!!

    تقرير...حسن بركية
    [email protected]

    قرر شعب جنوب السودان مصيره وإختار الانفصال وانتهي كل الجدل المفيد وغير المفيد حول الوحدة والانفصال ودفعت أسباب عديدة المواطن الجنوبي تجاه خيار الانفصال،غير ان بعضها ورغم أنها أسهمت بقوة في تشطير السودان شمالا وجنوبا لم تجد حظها من النقاش والتداول الحر وخاصة في الشمال ومنها قضية الشريعة(علاقة الدين بالدولة)وظلت معظم الاحزاب في الشمال حتي المعارضة منها تتعامل بعدم وضوح مع هذا الامر الهام الذي أسهم بصورة مباشرة في تسريع خطوات الانفصال وجعلت الخرطوم عاصمة غير جاذبة وغير قومية في مخالفة صريحة لنص من نصوص نيفاشا.وكان الفريق سلفاكير ميارديت قد أشار لمواقف الأحزاب الشمالية من قضية الشريعة وقال لصحيفة السوداني:

    أحزاب الشمال كلها تشبه بعض... يعني إذا الصادق المهدي برضه لو جلس في الكرسي ما هيشيل الشريعة، ولو جاء أيضاً محمد عثمان الميرغني أو الترابي سيظل الوضع على ما هو عليه، حتى محمد إبراهيم نقد لو جاء إلى الحكم والشيوعيون أنفسهم سيحكمون بالشريعة الاسلامية أيضاً

    وكان سلفا في حديثه كمن يرجم بالغيب والشئ المؤكد أنه كان يعني مايقول تماما وبعد مرور أيام وشهور من تلك التصريحات أكد سكرتير الحزب الشيوعي محمد ابراهيم نقد حديث سلفا وتوقعاته وقال لصحيفة الأهرام اليوم بالحرف(نحن ماعندنا عداء مع الشريعة...نحن ماضد الشريعة).

    لم يتبن أي حزب سياسي من قبل خاصة من الأحزاب (الكبيرة) فكرة الانفصال بصورة علنية ومباشرة، غير أن سلوك الكثير منها كان يعزز فرص الانفصال ويضع المتاريس والعقبات أمام الوحدة. الوحدة كانت لها مطلوبات كثيرة وأهمها فيما يلي الإخوة من الجنوب تبني خيار الدولة المدنية التي تفصل الدين والدولة بدون الدخول في صراعات لا معنى لها حول مفهوم الدولة المدنية والعلمانية والفروقات هنا وهناك. نيفاشا كانت قد وضعت معالجات مؤقتة لبعض القضايا الشائكة التي استعصت علي الحل بعد أن تمسك كل طرف بموقفه ومن هذه القضايا علاقة الدين بالدولة وكانت التسوية شمال إسلامي(الشريعة) وجنوب علماني ولكن السؤال هل كان يمكن أن يستمر ذاك الشكل المؤقت إلي ما لانهاية؟ بمعني هل كان يمكن لدولة واحدة أن تحكم بنظامين؟ الشقة بين طرفي نيفاشا كانت تبدو متباعدة في هذه القضية، ماذا كان سيفعل المؤتمر الوطني لوا وجد نفسه امام المفاضلة بين تشطير الوطن والإبقاء علي قوانين الشريعة التي لا تري بالعين وحولها خلافات حتي داخل المنظومة الإسلامية(حركات الإسلام السياسي).

    وكان كثير من قيادات المؤتمر الوطني والاحزاب ذات التوجهات الدينية في الشمال غير مكترثة بفصل الجنوب خاصة إذا كانت الوحدة في مقابل الشريعة وعلي سبيل المثال كان الطيب مصطفي وجماعته يدعون إلي فصل الجنوب تحت مبررات دينية صرفة ويقول الطيب مصطفي في كثير من كتاباته(المرجعية العليا للمسلم والمنطق الأعظم والحجة الدامغة التي ينبغي للمسلمين جميعاً أن يتحاكموا إليها قبل أن يتحاكموا إلى المرجعيات الأخرى حتى ولو كانت وطناً أو قبيلة أو دماً وأن شعب السودان الشمالي بأغلبيته الكاسحة شعب مسلم ولذلك تم التفريق بينه وبين شعب جنوب السودان حين استثنى الجنوب من احكام الشريعة).

    وفي مقابل وضوح مطالب ومواقف بعض الجماعات السلفية والإسلامية بالتضحية بجزء من الوطن مقابل الإبقاء علي قوانين الشريعة كانت مواقف بعض الأحزاب الكبيرة ذات التوجهات الإسلامية(الأمة والاتحادي) غير واضحة فهي كانت تدعو بصورة واضحة إلي جعل خيار الوحدة خيارا جاذبا وتعمل في كثير من الأحيان في اتجاه ترغيب الجنوبيين في الوحدة ولكن من غير المعروف إلي أي مدي هي كانت قادرة علي الجهر برفع شعار فصل الدين عن الدولة تحت أي مسمي؟ مثلا الإمام الصادق المهدي له مواقف متحركة وغير ثابتة في قضية علاقة الدين بالدولة هو من ناحية مع الدعوة لتنزيل مبادئ حقوق الإنسان والحكم المدني غير أنه يقف في منتصف الطريق ويدعو إلى اصطحاب الشريعة الإسلامية بعد غربلتها من النصوص الشائهة والممارسات الفاسدة ولكنها تصبح في النهاية مواقف عصية علي الفهم والقبول والمنطق. وكانت وسائل قد نقلت حديث الإمام في مركز الأهرام بالقاهرة وقال : ندعو إلي طريق ثالث لإنقاذ السودان، يقوم على حكم مدني يستمد مرجعيته من الدين، عَلَى ألاّ تطبق أحكام الشريعة الإسلامية على غير المسلمين، محذراً من الدعوات لإقامة (دولة علمانية)، لأنّه (سيكون رد الفعل تياراً دينياً أكثر تشدداً وعُنفاً في مُواجهتها) وقال(إنّ السُّودانيين لا يريدون دولة دينيّة أو سنيّة ولا إبعاد الدين في الوقت ذاته عن السياسة).

    إنتهي حديث الإمام الذي لا يريد دولة دينية وفي نفس الوقت لا يريد إبعاد الدين من السياسة، وموقفه يتقاطع مع حزب حليف وهو الحركة الشعبية التي كانت تطالب بإبعاد الدين عن السياسة او عن الدولةوصرح الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم من قبل قائلا ان خيار الوحدة اصبح غير جاذبا لغالبية شعب جنوب السودان، وأن الغالبية منهم سوف يصوتون للانفصال وذلك لفشل الحكم في السودان لان الواقع مبني علي العروبة والإسلام، وانهم لا يطيقون العيش في دولة اسلامية..

    يقول الدكتور حيدر إبراهيم التفكير والتضحية بجزء من الوطن في مقابل بعض الادعاءات الكبيرة من صميم فكر الحركة التي تري أنها تنتمي إلي أمة إسلامية أكثر من انتمائها إلي وطن يسمي السودان. وقد سمعت أحد القياديين الإسلامويين يقول في إحدى الندوات حين سئل عن المواطنة، بأن الله يوم القيامة سوف يسأله عن دينه وماذا فعل به وليس عن وطنه.

    و كانت كثير من قيادت الحركة الشعبية تربط بين الوحدة والعلمانية والانفصال والشريعة وإن كان هناك من يفصل أكثر ويقول إنه ليس هناك أي مشكلة بينهم وبين الإسلام كدين ولكنهم ضد استخدام الدين لتحقيق أغراض سياسية، ومن قبل قال القيادي البارز بالحركة الشعبية إدوارد لينو في تصريحات صحفية"الإسلام أقدم من قيادات المؤتمر الوطني وليس لهم أن يأتوا اليوم ليفصلوه حسب مقاساتهم، والآن اكبر سلاح سيقسم السودان هو إسلام المؤتمر الوطني وعلى الناس أن يعرفوا هذا جيدا.

    حزب المؤتمر الوطني كان يبدو كمن وطن نفسه علي التضحية بالجنوب إذا كان الثمن إلغاء قوانين الشريعة الإسلامية، في ذلك قال أحد المحسوبين علي التيار الليبرالي في المؤتمر الوطني الدكتور حسن مكي أستاذ العلوم السياسية "من ناحية نظرية يمكن أن تكون فكرة الدولة العلمانية مقبولة لكن عملياً المقصود بها أن تتحالف قوات جنوب السودان مع جيوش اليسار السوداني وتحكم السودان التيارات العلمانية، ويصبح مثله مثل أوغندا وإثيوبيا..

    دلائل عديدة وكثيرة كانت تؤكد سعي المؤتمر الوطني لفصل الجنوب وذلك عبر مقايضة الوحدة بتطبيق الشريعة ولاتزال تصريحات الرئيس البشير في القضارف ماثلة في الأذهان عندما بدا في حديثه كمن تنفس الصعداء بانفصال الجنوب لتخلو الساحة له ولأتباعه من جماعات الاسلام السياسي من شاكلة ولون لتطبيق نصوص أوردت البلاد موارد الهلاك ورؤي مزقت الوطن وقال البشير بالحرف(اذا اختار الجنوب الانفصال سيعدل دستور السودان وعندها لن يكون هناك مجال للحديث عن تنوع عرقي وثقافي وسيكون الاسلام والشريعة هما المصدر الرئيسي للتشريع).
                  

03-29-2011, 05:16 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    نظرات في فتاوى التدين الخبيث: حول"الستر" -2- ..

    بقلم: رباح الصادق
    الثلاثاء, 29 آذار/مارس 2011 11:44
    Share
    بسم الله الرحمن الرحيم

    في المقال السابق ناقشنا فقه الثورة وأثبتنا واجبية التظاهرات لإحقاق الحق أمام السلطان الجائر في حين قطع فقهاء السلطان بحرمتها، واليوم نتعرض لفقه الستر، وقد كشف أمين التعبئة السياسية بالمؤتمر الوطني الحاكم، ووزير الشباب والرياضة؛ السيد حاج ماجد سوار، عن إحالة عدد من أعضاء حزبه للمحاسبة عقب ثبوت تجاوزهم فى المال العام، وقال إن الحزب عمل بمبدأ «السترة» ولم يكشفهم لوسائل الإعلام، وسنثبت الآن أن هذه الفكرة أيضا ما نبعت إلا من تدين بئيس بالتعبير القرآني (قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).


    والحقيقة أن الأمر جد شائك، وسهل بالتالي على فقهاء السلطان (البلف) فيه وقد غرروا ببعض الناس في السودان من قبل بالخطاب ظاهري التدين الذي يستبطن أعلى درجات العصيان الإلهي بل والاستخفاف بقيم الدين من عدل وصدق واستقامة. ومكامن التعقيد والالتفاف فيه مركبة لأنه يتداخل بين فقه الستر، وفقه الغلول، وفقه الشفافية (مما سنتطرق له باقتضاب لاحقا)، ويمكن فقط الإشارة للنقاط التالية:


    - شروط الستر: هذا الخطاب يستخدم قيمة إسلامية معروفة في حديث نبوي شريف حفظه الناس في المدارس (مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة) وهو حديث يأتي في إطار الأخوة الإسلامية وفي إطار التعاون والتعاضد بين المسلمين، وللستر شروط منها كما قال بعض العلماء (أن تكون المعصية التي فعلها المسلم لا تتعلق بغيره ولا تضر أحدًا سواه، أما إذا وصل الضرر إلى الناس فهنا يجب التنبيه على تلك المعصية لإزالة ما يحدث من ضرر) و(ألا يكون الستر وسيلة لإذلال المستور واستغلاله وتعييره بذنوبه) و(ألا يمنع الستر من أداء الشهادة إذا طلبت، {ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه}. وواضح من حالة المستورين في المؤتمر الوطني المشار إليهم أنهم اعتدوا على مال الشعب السوداني ومثل هذا الستر يربط بالابتزاز المستقبلي على نحو ما شاع من قصة (خلوها مستورة) المرتبطة بتجاوزات مالية.
    - وهو حديث يتجافى عن قيم إسلامية هامة فيما يتعلق بالمال العام ويتجاهل التحذيرات الكثيرة الواردة في القرآن والسنة للغلول. فقد شدد الشرع في حرمة الأخذ من المال العام (الغُلُول) "لأن المالَ العام تتعلَّق به ذِمَمُ جميع أفراد الأمة، فمَن أخَذَ شيئًا من المال العام - سَرِقة واغتصابًا ونَهبًا - فكأنَّما سَرَق من جميع أفراد الأمة. و لأنَّ الذي يَسْرق المال العام يَسْرق من الأصول التي بها حماية المجتمع من المجاعات والأَزَمات" كما قال الأستاذ عبد الرحمن الطوخي.


    - كما إنه يتعامى كلية عن قيم عالمية راسخة صارت تربط بين الفساد المالي والإداري وبين ذهاب ريح الأمم ومحاربة الفساد تكون بالشفافية (وهي نقيض الستر بالكامل). ففي الوقت الذي نحتاج فيه لسيادة فقه الشفافية وتأصيل قيمتها دينيا ولنا في سيرة رسول الله (ص) وصحابته الأماجد قدوة ونور، نجد أن فقه السترة المأخوذ (من طرف الدولاب الفكري) لمخادعي الإنقاذ (وما يخدعون إلا أنفسهم) تتوارى خلف حديث الستر، وتضيف إليه تاء التأنيث الدارجة لنحصل على (فقه) جديد، غير سديد، وقذر! ومن مآلاته الظاهرة والتي لا تخفى على ذي لب تقذير الحياة العامة في السودان مزيدا!


    - المال العام في مقابل الخاص: معلوم في الفقه الإسلامي لدى السلف الفرق بين المال الخاص الذي جزاء الاعتداء عليه بشروط معينة قطع يد السارق. أما السرقة في المال العام فهناك اختلاف حول عقوبتها إذ قال غالبية الفقهاء بالتعزير فيها لشبهة الملكية في المال العام الذي هو ملك الجميع بينما قال آخرون ومنهم المالكية وهي المدرسة الفقهية السائدة في السودان بقطع يده استنادا للآية (والسارق والسارقة..) المهم في الأمر أنه برزت الحاجة مؤخرا لإعطاء التعدي على المال العام أهمية أكبر من تلك الموجودة في الفقه التقليدي لأثره على حياة الشعوب المعاصرة.
    - القدوة الحسنة مطلوبة لقادة البلاد من متسنمي الوظائف العامة في المؤتمر الوطني. ويمكن استحضار قصة الصحابي الجليل سعد وسيدنا عمر وقد قَسمَ سعدٌ الغنائِمَ، وأرسل منها إلى سيدنا عمر فأعجب بأداء الأمانة فقال له سيدنا علي: "إنَّك عَفَفْتَ فعفَّتْ رعيَّتُك، ولو رتَعْتَ لرَتَعُوا"!


    - الكيل بمكيالين: فإن أنت أخذت رقبة بني آدم من شرفاء السودان أمثال مجدي محجوب وأركانجلوا أدادا وجرجس بطرس بسبب حيازتهم للعملة وهي ملكهم لا ملك عام، وبررت ذلك بمصلحة المسلمين وشهّرت بهم ليكونوا عظة وعبرة لغيرهم، فكيف تغطي على من مد يده على المال العام ذاته والذي نهب وطعن مصالح المسلمين رأسيا ثم تستر عليه بدلا عن إيقاع أبلغ العقوبات عليه ليكون عظة وعبرة لكل من يغل؟ فهل شرفاء المؤتمر الوطني أشرف من فاطمة بنت محمد التي ما كان سيتردد في قطع يدها لو سرقت، أو كما قال عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم؟ ونحن نعلم أنه ما كان ليقطع يدها سرا وسترا!
    فقه الشفافية
    وبعد هذه النقاط المتداخلة نود أن نلقي بنظرة سريعة على فقه الشفافية. فالشفافية كلمة مستحدثة لم تكن معروفة في الماضي ولم يتطرق لها السلف بالتالي. والشفافية ترمز لإجراءات الإفصاح لتعقب الفساد المالي والإداري في المؤسسات العامة، وتهتم بكيفية التعامل مع المال العام. ولا بد لأية تجربة تشريعية إسلامية عصرية أن تهتم بدراسة "الأحكام العامة لجرائم سرقات المال العام في نظرية متكاملة أو مستقلة، بهدف مواكبة المفهوم المتجدد للمال العام، وتحديث نظم الحماية الجنائية له." كما يقول الأستاذ سلطان عبده محمد سيف النبهاني في دراسته المقارنة لسرقة المال العام.


    لقد أثبتنا في دراسة سابقة أن الفساد كمرض في المؤسسة الاقتصادية، تتم محاربته بعدة إستراتيجيات. استراتيجيات منظمة الشفافية العالمية المعتمدة لمحاربة الفساد وبناء "جزر النزاهة" خمس يمكن تلخيصها في: عقد المنتديات العامة والنشر الصحفي - توثيق حالات الفساد والاحتفاظ بالوثائق لتقديمها في الوقت المناسب- إطلاق الصافرة بوجود الفساد في محيط الشخص المعني- خلق دائرة النزاهة عبر أشخاص في بيئة موبوءة بالفساد يعلنون عن خلو تعاملاتهم من وسائل الفساد- وتسهيل الأنظمة الإدارية والمؤسسية للقضاء على فرص الفساد الناتجة عن البيروقراطية والأنظمة المعقدة.
    وقد أثبتنا في تلك الدراسة (بعنوان: الفساد- مدخل ثقافي) إن الإسلام ركز على تحريم الاستغلال والكسب الحرام والغش والسرقة والربا والرشوة والمحسوبية والنصوص في ذلك واضحة وصريحة في الكتاب والسنة. ثم تتبعنا استراتيجيات النزاهة المذكورة وكيف وجدت في الإسلام.


    أما استراتجية الشفافية المتمثلة في عرض أمور صرف المال العام على المسلمين.. فتظهر في سيرة عمر (رض) فهو أقر على نفسه أنه سوف يتعامل مع مال المسلمين كمال اليتيم إن استغنى استعفف منه وإن كان به احتياج يأكل بالمعروف. وحينما انشغل بمهام الدولة عن تحصيل رزقه ودخلت عليه خصاصة لم يقرر في الأمر منفردا بل دعا إلى (مؤتمر) حضره كبار الصحابة فأشار له عثمان وآخرون أن "كل وأطعِم" من مال المسلمين فلم يطمئن لذلك واستشار عليا فقال له (غداء وعشاء) وانتهى الاجتماع بان أعلن أن ما يحل له أن يكون كرجل وسط من قريش، ومرة أخرى وصف له العسل علاجا فعرض الأمر في المنبر طالبا الإذن من المسلمين "إن أذنتم لي فيها وإلا فإنها علي حرام".


    والشفافية أيضا في الاستشهاد على العقود المالية: " وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا" وأيضا " وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُم"ْ وقد أشرنا لأن التوثيق من أهم وسائل محاربة الفساد.
    كما حض الإسلام على دوائر النزاهة وعدم الولوغ فيما يلغ المظالمون: لا يكون أحدكم إمعة إذا أحسن الناس أحسن وإذا أساءوا أساء إنما وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن تتجنبوا إساءتهم.
    وكذلك: تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان: تشجيع التعاون من أجل النزاهة، وهل من تعاون مع المفسد أكثر من ستره؟


    ولكن أبلغ استراتيجيات النزاهة في الإسلام هي ربط الفساد المادي بالكساد الروحي والبوار في الآخرة مثل ذلك الأشعث الأغبر الذي يحج لله وكل ركابه حرام (فأنى يستجاب له) وتأكيد رسول الله (ص) لمآل المتعدي على المال العام، حتى رد على مقتول شهادته وقد قال الناس هنيئا له فقال: (كلاَّ والذي نفسي بيده، إنَّ الشَّمْلَة التي أخَذَها يومَ "خَيْبَر" من المغانم لَم تُصِبْها المقاسِمُ، لتَشْتَعِلُ عليه نارًا). هل كان رسول الله لا يدرك معنى الستر حينما أعلن عنه ذلك الإعلان؟ كلا.. ولكنه الرسول الكريم الذي علمنا الستر بشروطه، علمنا الإفصاح بظروفه، وحينما يتعدى الإنسان الظلوم الجهول على مقدرات شعب وأمة بكاملها وجب الإعلان عنه والتبرؤ لله ولرسوله..
    وخلاصة قولنا إن للستر شروطا لا تستوفيها حالة مغتصبي الأموال من المؤتمر الوطني، والواجب حولهم الإعلان إعلاء لقيم الشفافية وضربا للعظة ورفضا للغلول..
    أما ما أصاب هؤلاء من مغانم أمتنا وأموالها فسوف تشتعل عليهم نارين بسببها بإذن الله: نار في الدنيا من شواظ غضبنا ومن هبتنا لإعادة الأمور لنصابها وهي مسيرة مباركة قد ابتدأت.. ونار في الآخرة هي التي أولى بهم اتقاؤها قبل فوات الأوان، ولكن سبقت كلمة ربك في قوم يسترون على آكلي أموال الناس بالباطل! وهو ولينا ونعم النصير!
    وليبق ما بيننا



    Rabah Al Sadig [[email protected]]
                  

03-30-2011, 05:32 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين شريعة الله ... وشريعة اخوان اهل الانقاذ .... فى ذكرى المولد (Re: الكيك)

    هذا هو تاريخكم..فأين هي الشريعة التي يتباكى عليها القوم اليوم..؟ا

    .يحق لنا ان نسأل هيئة علمائنا الإجلاء إن كانت هذه الجرائم مقبولة في إطار الحكم بشرع الله أم لا ؟ا



    د.سعاد ابراهيم عيسي

    فوجئنا بإقالة أحد منسوبي المؤتمر الوطني ومن قياداته الأصيلة، التي اثنى عليها الكثيرون من حيث الدين والخلق. كما ودافع عنها طلاب المؤتمر الوطني وابدوا عدم رضائهم لإقالة الرجل باعتباره من خيرة مجاهدي الإنقاذ الذين لبوا نداءها وحملوا لواءها حتى النهاية. المهم ان الرجل تمت إقالته من موقعه بمستشاريه الأمن القومي لا لذنب جناه، أكثر من قوله «فلتذهب الشريعة» لكن لم قالها وما هو الظرف الذى قيلت فيه وما يعنيه من قولته، فلم يؤبه به بل. وتم تجريد الكلمتين من الإطار الذى قيلت فيه، وأصبحت وكأنها دعوة مجردة لذهاب الشريعة، ومن ثم أصبح الرجل أول كبش فداء تضحى به الإنقاذ، لسبب يعلمه الله، وربما لإرضاء آخرين، ولن نقول لإرضاء الله الذى لا يحب الظالمين، وهذا الرجل ظلم بلا شك، وإن قرأنا أخيرا بأن الإنقاذ وكعادتها في عدم إخفاء محسوبيتها تجاه كوادرها، قد أعلنت بأنها قد عينت الرجل سفيرا بإريتريا، ولكنه رفض التعيين مشكورا وله كل الحق في ذلك،




    فما دام قد أقيل من اجل حماية شرع الله، فما الذى يجعله صالحا للعمل بإريتريا وغير صالح له بالسودان؟ أما تبرير السيد مستشار الرئيس للأمن القومي الذى أصدر قرار الإقالة فإنه وليطمئن شبابهم الغاضبين على ذلك القرار، أشار إلى انه قام بإصداره امتثالا لأوامر السيد رئيس الجمهورية، ولكونها جزءا من المبادئ الإسلامية، التي قال بأنها توجب طاعة ولى الأمر. وهنا نسأل سيادة المستشار عن عدد القرارات التي أصدرها السيد الرئيس لصالح المواطنين ولم تتم الاستجابة لها رغم إنها من المبادئ الإسلامية التي تستوجب طاعتها ضرورة بتنفيذها؟



    نعود للشريعة التي ركب موجتها البعض وتبنوا حمايتها والذود عنها دون غيرهم كأنما أوكلوا بفعل ذلك من عند الله تعالى، نسألهم عن ماهية الشريعة التي ينتحبون لمجرد سماع القول بذهابها، إن لم تكن منهج الحياة القويم الذى يجب ان يتبعه الحاكم والمحكوم، ومن ثم فإن القول بذهابها لفظا لا تأثير له عليها متى التزم بها الجميع فعلاً، ومن ثم فإن إقالة قائلها لا تقدم ولا تؤخر في الأمر شيئا. ثم ألم تكن شريعة الله التي يعرفها الجميع، هي الأمن والسلام، الحرية والعدل والمساواة بين الناس، ثم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وفوق كل ذلك احترام كرامة الإنسان وصون حقوقه، وعدم التعرض لها بسوء من قريب أو بعيد، أم هي مجرد شعار يرفع عند الضرورة ويذهب متى نادى البعض بذهابه؟


    فحكومة الإنقاذ منذ مقدمها رفعت شعار الحكم بشرع الله، لكن أدهشتنا بداية التطبيق لذلك الشرع التي انحصرت أولا فى أزياء النساء، ماذا يلبسن وكيف يغطين رؤوسهن، ومن بعد ظهر قناصة الفرص الذين ترجموا حشمة النساء الى ضرورة ارتداء العباءة وغطاء الرأس فازدهرت أسواقها، ولولا ان تداركها البعض فأوقف مدها، لفقدت المرأة السودانية زيها المميز وأصبحت مسخا لنساء أخريات، والحكومة التي تحكم بشرع الله لم تفطن إلى ان الفقر الذى أصابت به الكثير من الأسر، بجانب الثراء الفاحش الذى حققته للبعض الآخر، وكانت النتيجة مختلف الانحرافات التي أصابت المجتمع، وفى مقدمتها ظاهرة اللقطاء الذين يتناثرون بالطرقات، الأحياء منهم والأموات، والتي لم تحرك ساكنا لدى الحاكمين بشرع الله بمثل ما حركته لفظة فلتذهب الشريعة، التي ذهبت فعلا، ظل تلك الأفعال الفاحشة ونتائجها الكارثة، التي كان ممكنا تفاديها بقليل من اهتمام أولى الأمر بالإطعام من جوع، والأمن من خوف، الذى ربطه الله بعبادته، وقبل ان يقع الفأس على الرأس.



    ومن أجل التمكين في الحكم الذى قيل هو لله، عرفنا لأول مرة القتل الذى حرم الله إلا بالحق، يطبق في عهد الإنقاذ على بعض مالكي العملات الحرة، التي مهما فعلوا بها فلن تصل جريرتهم حد الإعدام، حتى جاء اليوم وأصبح الاتجار بذات العملات مباحا ومتاحا، ليس ذلك فحسب بل عرف البعض الطريق إلى غسلها. ولمزيد من العمل في اتجاه التمكين، كان لا بد من إرهاب الآخرين، وإرسال إشارة واضحة لهم بالا يفكروا مجرد تفكير في مس السلطة الجديدة، خاصة عبر نقابات العاملين التي عرفت بمقدرتها على هز عروش الحكومات العسكرية، فكان الحكم بالإعدام على احد القيادات النقابية، فقط لأنه تجرأ وتلا خطاب الدورة لنقابته، التي عرفت بوقوفها ضد النظام الحاكم، وان لم ينفذ الحكم بسبب التدخلات الخارجية، إلا انه كشف أي نوع من الشرع يعمل به النظام الجديد، هذا بجانب الذين عذبوا وقتلوا فيما عرفت ببيوت الأشباح التي تعتبر اكبر دليل على البعد عن شرع الله وعدالته. هذا إضافة إلى ظاهرة القتل التي أصبحت عادية جدا، لا يمر يوم إلا ونسمع عن مقتل ابن على يدي والده، أو والد على يدي ابنه. أما جريمة وفيات الأطفال إلى تتم بعد اغتصابهم، فقد كانت الجديد الذى لم يعرفه السودان منذ ان خرج للوجود إلا في هذا العهد. وكل هذه الممارسات وبكل فظاعتها التي لا تتسق مع نهج الشرع، لم نجد من يبكى أو يحزن عليها بمثلما تم فعله في قولة «فلتذهب الشريعة».

    والإنقاذ التي تتباكى بعض قياداتها لذلك القول اليوم، هي ذاتها التي تتحمل وزر المواطنين الذين حرمتهم من حقهم في العمل ظلما لا يرضاه الله ولا شريعته، ومن بعد عملت على تفضيل منسوبيها عليهم فاحتلوا مواقعهم بلا وجه حق، فارتكبت بموجب ذلك جرمين، الظلم أولا والمحسوبية ثانيا، والغريب أن الحكومة الباكية خوفا على ذهاب شرع الله، مازالت تمارس ظلمها القديم على أولئك المواطنين الذى ظل الكثير منهم بلا عمل وبلا أمل في مخرج حتى يومنا هذا، وهم يسمعون في كل يوم جديد وعدا جديدا ولكن بلا تنفيذ.


    والحكومة التي تخشى ذهاب الشريعة، تشاهدها تذبح أمام عينيها في كل صبح جديد، فسادا يزكم الأنوف، تتم حماية المحسوبين عليها من حسابه، وتتم معاقبة المساكين مهما كان ضعف فسادهم وضآلته، وبأعجل ما يمكن. فالشريعة التي تجعل من وزارة المالية بيت مال المسلمين، الذى يحرم أخذ أي قدر من مالهم بغير وجه حق، ففي ظلها نقرأ عن الذين استفادوا من أموال المسلمين، وكان ذلك بتقديم ضمانات لهم لقروض يحصلون عليها من مصارف أخرى، أو غير ذلك من التسهيلات التي تستعصى على من سواهم الحصول عليها، حتى ان كانت من حقهم. ولم نشاهد أيا من الباكين خوفا على ذهاب الشريعة يتقدم ليعدل بين الفريقين، من يطالب بحقه ومن يستفيد من حق غيره، حتى نجد مبررا للبكاء هذا، ولا تتحدث عن مظاهر الفساد الأخرى التي سارت بأخبارها الركبان، ولم يتقدم حماة الإسلام والذائدون عن حياضه، ليسألوا رفقاءهم من أين لهم ذلك؟ هذا ان لم يكن السائل ليس بأفضل من المسؤول.

    والشريعة التي تنادى بستر عورات المسلمين، فإن القائمين على أمرها يخططون تخطيطا محكما لكشف عورات المسلمين، وطبعاً ليست كل المسلمين، ولكن أولئك الذين لا ينتمون للحزب الحاكم الذى لا يمل تفضيل منسوبيه على سواهم حقا أو باطلا، حيث تنصب للآخرين الشباك بإحكام حتى يتم الوقوع فيها، ومن بعد يبدأ العرض والتشنيع بالفريسة، وعبر وسائل الإعلام لاتساع دائرة إشانة السمعة. وينسى حكام شرع الله أنهم بفعلتهم تلك، بجانب مخالفة شرع الله الذى ينهى عن التجسس والتحسس، ينسون أنهم يعاقبون أبرياء من أسر الذين كشفت عوراتهم قصدا ومع سبق الإصرار، ودون ذنب جنوه. وهنا يحق لنا ان نسأل هيئة علمائنا الإجلاء الذين لم نسمع رأيهم في كل الذى سبق ذكره،


    وإن كان مقبولا في إطار الحكم بشرع الله أم لا، كان ذلك ما يتصل بالفساد المالي أو الادارى أو الأخلاقي؟ فكل الكوارث التي ابتلى بها السودان، وبما لم يشهده أو يعرفه من قبل، حدث بعد الإعلان عن المشروع الحضاري الذى يعنى الحكم بشرع الله، إذ لا بد من وجود خلل ما لازم ذلك المشروع، نأمل في ان تفتينا هيئة علماء السودان بتوضيح موضع الخلل ومصدره، خاصة والهيئة المحترمة سباقة في الافتاء خاصة في الجوانب السياسية، من شاكلة منع السيد رئيس الجمهورية من السفر إلى الخارج بعد إصدار محكمة لاهاي قراراها بتسليمه لمحاكمته هنالك. وأن نشكر للهيئة المحترمة حرصها على سلامة الرئيس بعدم مخاطرته بالسفر خارجيا، لكننا نتطلع لحرصها على تطبيق شرع الله فعلا بتوجيهها الحاكمين إلى اتباع طريقه القويم،الذى قوامه العدل بين الناس لا التفريق بينهم بسبب الولاء. كما كنا ننتظر ان نسمع صوتها كلما تم تطبيق خاطئ لحدود الله، والمطالبة بتصحيحه، وليس أقلها جلد النساء، بتوضيح متى يطبق، ومن يطبقه وكيف يطبق؟ ومن ثم إعلان رأيها حول جلد ما سميت «فتاة الفيديو» الذي تم تطبيقه وسط جمهرة من الرجال اتخذوا من صراخ وعويل الفتاة فرصة للضحك والتندر، وبصرف النظر عن العنف في التطبيق، فهل هذا من الشرع في شيء؟



    وداخل هذه الضجة التي أثارتها عبارة «فلتذهب الشريعة» التي ذهبت بقائلها خارج مؤسسته الأمنية، انفتحت جبهة جديدة، اعتلى منصتها السيد مندور المهدي، فلو تذكرون عند مجيء الإنقاذ إلى الحكم وفى بداية عهدها مع حرب الجنوب، قد وعدت بتجييش كل الشعب السوداني، رجالاً ونساءً، وقد شرعت في ذلك فعلا عبر دورات الدفاع الشعبي. والآن يبدو أنها بصدد خوض حرب جديدة ضد شعبها الذى جيشته وأهلته للدفاع عنها في حرب الجنوب، فأصبح اليوم مؤهلاً للدفاع عن نفسه متى حدثتها نفسها بمحاربته،


    فالسيد مندور وهو يخاطب ما سموه كتيبة المروءة الاستراتيجية، التي كثرت أمثالها في الفترة الأخيرة، وبولاية الخرطوم بالذات التي غالبا ما تهب رياح تغيير أنظمة الحكم عبرها، أعلن أنه من بين مهام تلك الكتيبة التصدي لكل من يقترب من حكومة المؤتمر الوطني، أو يمس شعرة من مقاعد حكمها، حيث بشر السيد مندور شباب الفيسبوك، وقوى المعارضة، بالويل والثبور وعظائم الأمور ان حاولوا إسقاط النظام، حيث سيسحقهم سحقا، بل ويمسحهم من على ظهر البسيطة نهائيا، كل ذلك السحق والمسح من وجه البسيطة، فقط لأن هؤلاء القوم تجرأوا بالقول إنهم سيسقطون النظام، وهو قول كثيرا ما سمعه المؤتمر الوطني وسمعناه نحن، ولكن دائما ما تأخذه الرياح. لكن السيد مندور لم يكتف بالسحق والمسح، لكنه أضاف واصفا القوى المعارضة بأنها ميتة، وان شبابهم الذين يخاطبه حينها، قد شاهدوها بولاية الخرطوم، وأنهم شيعوا جثامينها عندما أرادت مقاتلتهم في الانتخابات الأخيرة طبعا. فيا سيد مندور، أي انتخابات حاربتكم فيها الأحزاب الميتة بولاية الخرطوم، فشيعتم جثامينها؟ الم تخوضوا تلك الانتخابات وحدكم بعد ان قاطعتها الأحزاب الأخرى ميتة كانت أم حية، ففزتم بها بلا منافس، ومن ثم عدتم بموجب ذلك، إلى مربعكم الأول. حيث حكومة الحزب الواحد، وبرلمان الحزب الواحد، أي عدتم إلى شموليتكم القديمة؟


    لكن ما الذى جعل السيد مندور يخرج عن طوره ويعلو على د. نافع درجة في الحمل على أحزاب المعارضة ومعها شباب الفيسبوك هذه المرة، والكيل لهم بالحق والباطل؟ يبدو أن القصة سخنت. لكن ما رأى حماة الشريعة والوقوف في وجه من ينطق مجرد نطق بذهابها، في سحق الحاكم لمواطنيه ومسحهم من على وجه البسيطة إن أرادوا إسقاطه، هل يجوز مثل ذلك الفعل شرعا؟ أفتونا يرحمكم الله، أم أن الجماعة بصدد الانضمام إلى نادي القذافى وعلى عبد اله صالح، اللذين يريدان الاستمرار في الحكم ولو على أشلاء شعوبهم، رغم أن الأخير قد أرغم على مغادرته أخيرا؟ ويا سيد مندور نقولها مرة أخرى، ان كل الثورات التي انتظمت الدول العربية وقلتم إن السودان محصن ضدها، فإنها لم تشتعل إلا بسبب القهر والقمع والاستفزاز الذي تتبارون في ممارسته ضد معارضيكم، فلم تتعجلون رفع الحصانة عن سودانكم؟

    الصحافة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de