تقرير (8) اعتقال وتعذيب الصحفي أبوذر علي الأمين من 4 الى 10 يوليو 2010م

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 04:48 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-10-2010, 10:26 PM

عبد المنعم سليمان
<aعبد المنعم سليمان
تاريخ التسجيل: 09-02-2006
مجموع المشاركات: 12158

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تقرير (8) اعتقال وتعذيب الصحفي أبوذر علي الأمين من 4 الى 10 يوليو 2010م

    من 4-10 يوليو 2010م
    الأحد 4 يوليو 2010م
    ذهبت في الظهر، للمحكمة لحضور الجلسة، وكالعادة، كان هنالك تواجد مكثف للبوليس وعرباتهم الكبيرة التي تقف أمام المحكمة!!! إلا أن هذه المرة كانت العربات تقف من ناحية الشارع الغربي الذي يطل علي شارع الحرية، إذ أن الشارع شبه مقفول حيث تقف عربتان كبيرتان (دفار)، بالقرب من باب المحكمة، بحيث لا يمكن لأي عربة عبور الشارع!!!!، وأما الأشخاص الذين يودون دخول الشارع فلا يمكن أن تخطئهم قوات البوليس!!!!! حيث تنتشر علي مد البصر بامتداد الشارعين الذين تطل عليهما المحكمة!!!!!!! رأيت عربة السجن تقف علي مقربة من الشارع، وعرفت أن أبوذر ومن معه، قد تم إحضارهم للمحكمة!!!!! وصلت للباب الرئيسي للمحكمة، وتأهبت للدخول ولكني وجدت أناس قبلي ينتظرون ويصطفون أمام الباب!!!!! تعجبت من هذا المنظر، إلا أنني لاحظت أن هنالك أشخاص يحملون أكياس كبيرة علي أك########م ويدخلونها للمحكمة، ومن خلفهم أفراد من الشرطة يفسحون لهم الطريق للدخول!!!! تم استيقافنا بالخارج حوالي عشرة دقائق ننتظر تمرير هذه الأكياس الكبيرة لتدخل من أمامنا!!!! سألت شخص كان يقف بجانبي، عن الذي يحدث؟؟؟؟؟ وأخبرني أن الكّشة (ويقصد به بوليس النظام العام) صادروا هذه البضائع من الأسواق هي تحوي ملابس وأشياء أخري، تخص باعة، ستتم محاكمتهم بالداخل!!!!!!.
    صعدت للطابق الأول، وكالعادة، وجدت الازدحام الشديد أمام قاعة المحكمة!!!! فما زال الجميع يبدون حرصهم الشديد علي حضور جلسات المحاكمة رغم تشديد الإجراءات الأمنية!!!! وتعجبت من استطاعتهم الدخول، رغم أنه لا يسمح بالدخول إلا للمحامين، وعادة ما يستبعد الصحفيين وغيرهم!!!! نظرت إلي جمع الصحفيين وسألتهم: أنني أتعجب كل يوم!!!! إذ كيف يستطيعوا دخول المحكمة؟؟؟؟؟؟ رد بعضهم: أننا لا نعدم الحيل!!!! فمنهم من يدعي أنه حضر كشاهد في قضية ما!!!! ومنهم من يقول أنه متهم بقضية ما!!!! والكثير منهم يتواعدون مع محامين ليمكّنوهم من الدخول بدعوي أن لهم قضية بالداخل معهم !!!! ومنهم.....ومنهم!!!!. ولكن، بعد هذه المحاولات المضنية، في الغالب الأعم، يفشل كثير منهم في دخول قاعة المحكمة، عند مرحلة التدقيق الثانية التي تتم أمام باب القاعة!!!! ويكتفي كثيرون بالانتظار الطويل وقد يجد البعض منهم طريقة ما لدخول قاعة المحكمة!!!!!. رغم كل هذه المصاعب التي يعانونها، إلا أنها لم تمنعهم من عناء المحاولة، مرة، إثر أخري!!!!!
    أثناء تجاذبي أطراف الحديث معهم، لاحظنا أن هنالك عدد 4 أطفال يقل عمرهم عن ال15 سنة، يجلدون، في القاعة المواجهة لنا حيث نقف!!!!، ويبدو أن هناك من خرج من قاعة المحكمة وترك الباب مفتوحاً عن غير قصد!!!! وشاهدنا ما يحدث بالداخل!!!! كان الأطفال يلبثون ثياب رثة وممزقة، ويتألمون بشدة من قسوة الجلد علي أجسامهم الضعيفة، ولا يكادون يتحملونه!!!!! كنت أنظر إلي أجسامهم المنهكة وهي تنتفض رعباً من شدة الضرب!!!!، ونظرت إلي أعينهم، ووجدتها تفيض هماً وحزناً!!!!! أصابني الهلع، من هول ما رأيت!!!! وشعرت برجفة وقشعريرة تسري في كل جسدي، إذ كان المنظر مرعب بحق!!!!!، لم أفق من الدهشة، إلا والجموع تتدافع لدخول القاعة، إيذاناً ببدء الجلسة!!!!! قال لي أحد الأصدقاء، وقد لاحظ حيرتي وألمي، أن هؤلاء الأطفال مشردين، تم القبض عليهم بواسطة شرطة النظام العام، ومن ثمّ أحضروهم للمحكمة!!!!!! ظل المنظر عالقاً بذهني مسيطراً علي تفكيري!!!!، إذ كيف تجمعت مآسي هؤلاء الأطفال الصغار؟؟؟؟!!!!! وكيف تفاقمت معاناتهم وذاقوا ويلات الحياة ومصاعبها؟؟؟؟!!!!! اعتصر الألم قلبي، تذكرت أطفالي، إذا جار بهم الزمن، وأصبحوا في نفس الموقف!!!!!! أحسست أنني أحتاج زمناً طويلاً حتي أستجمع قواي وألتقط أنفاسي، كما أنني أصبحت مشوشة الفكر والبال، بحيث لا أستطيع أن أقوى علي دخول القاعة أو متابعة مداولات الجلسة!!!!! أخذت أنفاساً عميقة، متلاحقة، وسلمت أمرهم لله، نعم المولي ونعم النصير!!!!
    ابتدأت الجلسة بحضور هيئة الإتهام برئاسة (مولانا) وكيل النيابة الأعلي ياسر أحمد محمد وعضوية وكيل النيابة، خالد بلة !!!! والدفاع برئاسة د. عبدالمنعم عثمان إدريس وعضوية عبدالرحيم جاه الرسول وآخرين!!!! عقدت الجلسة لسماع شهادة بهرام عبدالمنعم محمد أحمد مصطفى، الذي عرف عن نفسه، بأنه صحفي، عمره 34 سنة، خريج كلية الإعلام جامعة أمدرمان الإسلامية!!!! سأله د.عبدالمنعم، رئيس هيئة الدفاع، أن يسرد سيرته الذاتية!!!! قال الشاهد: إشتغلت بدءاً في الشارع السياسي ثم إنتقلت لصحيفة الوطن ومنها لآخر لحظة ومن ثم للأحداث وحتى تأريخه !!!! عرض رئيس هيئة الدفاع للشاهد صحيفة الأحداث العدد 496 بتاريخ، الخميس الموافق،1 أكتوبر 2009م، وفيه لقاء مع مستشار الرئيس، د. غازي صلاح الدين، سأل رئيس هيئة الدفاع الشاهد حول مفاد هذا اللقاء؟؟؟؟؟ رد الشاهد قائلاً: أن الخبر مفاده أن المستشار غازي صلاح الدين قال أن السودان ليس وكيلاً عن المنطقة وقلل من مخاوف أمريكية في هذا الصدد وقال ذلك إبان إجتماعات الجمعية العامة للامم المتحد!!!!!! سأل رئيس هيئة الدفاع الشاهد عن السلاح التي تم ذكره بالصحيفة!!!!! أجاب الشاهد: أن الجريدة ذكرت علي لسان مستشار الرئيس أن السودان لا يستطيع شراء سلاح من امريكا ومن الممكن ان يشتريه من الصين أو روسيا فماذا يمنع شراؤه من إيران!!!!!! سأل د. عبدالمنعم رئيس هيئة الدفاع عن خبر ذكرته صحيفة الأحداث في نفس العدد، مفاده وجود مصانع سلاح في السودان بدعم من إيران؟؟؟؟؟؟ رد الشاهد قائلاً: وعن خبر وجود مصانع سلاح بدعم من إيران قال مستشار الرئيس، د.غازي صلاح الدين، ما العيب في أن يكون لنا مصانع سلاح!!!!! سأل رئيس هيئة الدفاع الشاهد حول: هل وصلهم في جريدة الأحداث، أي نفي أو تكذيب أو تصحيح يتعلق بما نشرته الجريدة؟؟؟؟؟ أجاب الشاهد قائلاً: أنه لم يصلهم في الجريدة، وحتي هذه اللحظة، ما ينفي الخبر من المستشارنفسه أومن مكتبه الإعلامي، كتصحيح او تعقيب، أو نفي أو غيره!!!!
    قدم الدفاع الصحيفة كمستند صورة الخبر وأصل اللقاء في الصحيفة المذكورة، قبل الاتهام الأصل وإعترض على الصورة بإعتبار أنها صورة وأن الصورة لا تقبل في حال إمكانية الحصول على الأصل وأن ختم صحيفة الأحداث لا يوضح صحتها وكان يلزم ختمها بختم مجلس الصحافة والمطبوعات، وعقب رئيس هيئة الدفاع بأن الصورة تقبل إن كانت هي البينة الأفضل!!!! وحينها تقدم د. عبدالمنعم، رئيس هيئة الدفاع بأصل الصحيفة وعرضت على رئيس هيئة الإتهام فقبلها ولكنه قال لرئيس هيئة الاتهام: ما عندك طريقة أحسن من دي، لتقدم بها هذا المستند!!!!!!.
    وجه رئيس هيئة الاتهام سؤاله للشاهد قائلاً: هل تعرف هذا المقال؟؟؟؟ قال الشاهد: نعم عندي معلومة عن المقال وأضاف رداً على سؤال الإتهام أن بقية ما ورد بالمقال بعدا ماذكر لا علاقة له بالصحيفة فأفاد بالإيجاب وأنه ليس بالصحيفة معلومة عن سفر وفد إلى امريكا لتأليبها على السودان بسبب وجدود سلاح نووي وأن كلمة سلاح نووي تحديدا ماوردت في لقاء المستشار ولا الخبر المتعلق به وأضاف ردا على هيئة الإتهام أنه ليس محرر الخبر أواللقاء ولم يكن حاضرا التصريح ولم يكن حينها رئيس التحرير المسئول وفي إعادة الإستجواب رد الشاهد بأنه ينقل خبر السلاح كسلاح ولا يحدد نووي ولا ما نووي وحددت جلسة 7/7/2010 لمرافعة الإتهام الختامية وجلسة 12/7/2010 لمرافعة الدفاع الختامية ويوم 15/7/2010 للحكم النهائي للمحكمة!!!! طلب الدكتور عبدالمنعم عثمان ادريس من المحكمة أن تسمح بالنشر في الصحف لهذه القضية!!!!! ورد القاضي قائلاً: انه قد سبق للمحكمة وأن منعت النشر للصحف!!!!!!
    بعد نهاية الجلسة، طلب أبوذر من مولانا مدثر الرشيد، أن يسمح لأسرته بزيارته، ورد مولانا أن يقدموا له طلب الزيارة وهو سيوافق عليه!!! وسمح لنا مولانا كذلك، أن نجلس بقاعته ونتحدث مع أبوذر!!!!! قال أبوذر: أنهم يحتاجون لمواد غذائية ولمضادات حيوية، إذ ما تزال حالة الالتهابات الصدرية شائعة ومنتشرة، ما أن تنحسر حتي ترجع بقوة!!!! وأضاف أبوذر، أن هذه الحالات تتكرر، وذلك نسبة للتكدس الشديد والازدحام بعنبر المنتظرين، مما يسهل انتشار العدوي!!!!! أكد عليّ أن أهتم لأمر طلب الزيارة، وخاصة أنهم لا يستطيعون حضور الجلستين القادمتين، حسب ما قاله مولانا، ولكنهم بالطبع سوف يحضروا لجلسة القرار يوم 15 يوليو 2010م!!!!! وعدته بأن أكتب الطلب وأقدمه، كما وعدته بأن أحضر له ما طلبه!!!!! وعند ذلك طلب منّا الشرطي مغادرة القاعة!!!!! ودعناه وانصرفنا مغادرين!!!!!
    الاثنين 5 يوليو 2010م
    قابلت د. عبدالمنعم عثمان ادريس، رئيس هيئة الدفاع، وقدم ليّ تنويراً موجزاً حول استراتيجيات وخطط الدفاع وسيرهم في القضية!!!! كما لاحظت الاستعدادات المكثفة لهيئة الدفاع وعملهم الدؤؤب علي تجهيز المرافعة الختامية!!!! وأكد لي د. عبدالمنعم، أنهم بذلوا جهداً مقدراً في الفترة السابقة، وأن خطة هيئة الدفاع في هذه المرحلة هي محاولة تلافي كل نقص في قضيتها، بالعمل علي سده من خلال تقديم مرافعة ختامية جيدة!!!! وأضاف أنه يعتقد أن هيئة الدفاع قد أعدت العدة لها!!!!!. دارت العديد من الأسئلة بذهني: هل سيؤثر هذا علي مجري القضية؟؟؟؟ وهل سيّحول دون إدانة المحكمة لأبوذر والبقية؟؟؟؟ وقلت في نفسي متسائلة: إذا نظرنا للجانب القانوني للقضية، أري أن هيئة الدفاع الأولي بقيادة الأستاذ كمال الجزولي، وعضوية 46 محامي، قد بذلت همة عالية، وتعاملت بمستوي رفيع من المسئولية والجدية في دراسة القضية وتحقيقها وتقديم عمل قانوني بديع!!!! والهيئة الثانية بقيادة الدكتور عبدالمنعم عثمان ادريس، وعضوية 46 محامي، قد نحت منحي آخر، ووضعت خطط وبدائل استراتيجية مُحكّمة، ودرست بدقة متناهية كل الجوانب وقدمت تقييم ممتاز، بنت علي أساسه استراتيجية دفاع، تعددت وتلونت خطتها وبدائلها!!!! وما زالت تتحسب الخطوات بدراسة علمية متأنية!!!! ؤلكن، في ختام الأمر: هل سيكون لهذا العمل القانوني البديع، أثراً ايجابياً في قرار المحكمة؟؟؟؟؟.
    قال لي الأستاذ محمد صديق المحامي، بما أنه شارك في العمل مع الهيئتين، ورغم تنوع الأفكار والأراء في عمل الهيئتين، إلا أنه يعتبر أنهم قدموا عمل قانوني متكامل، غطي كل جوانب القضية ولم يتركوا شاردة أو واردة!!!! وهو يطمئن إلي أن مثل هذا العمل لا يمكن أن يتوقع منه، إلا قرار من المحكمة ببراءة المتهمين الأربعة، وخاصة أنهم كهيئة دفاع، قدموا شهود ومستندات تدعم قضيتهم علي أكمل وجه، في حين أن هيئة الاتهام لم تقدم شاهد واحد أو أي مستند عدا المقال الذي كتبه أبوذر!!!!!، إضافة، أن المتحري (خالد بلة) هو وكيل نيابة أمن الدولة، والمفترض في المتحري أن يكون محايداً، وينتفي هذا الحياد، إذ أن خالد بلة يمثل الإتهام، ويحضر الجلسات بصفته وكيل نيابة أمن الدولة، وهذا لا يجوز قانوناً أن يكون المتحري خصماً في القضية!!!! كما أن الشاكي وهو جهاز الأمن لم يقدم أحد ضباطه ليمثل عنه!!!!!!! وقدم بالنيابة مستشاره القانوني والذي يتبع فعلياً، للنائب العام، إذ أنه لا يحمل رتبة من جهاز الأمن!!!! تحدث الأستاذ محمد صديق مطولاً، عن تفاؤله وقناعته عن تقديم عمل قانوني رائع يمكنهم من كسب القضية بدون أدني شك!!!!!! لم أعرف كيف أرد عليه، ورغم متابعني اللصيقة لعمل هيئتي الدفاع!!!! ولكني أشعر أن هناك ملابسات أخري وغيوم تحجب عني الرؤية، بحيث أنني لا أستطيع أن أتنبأ أو أتكهن حيال هذا الأمر!!!!!!
    قال لي الدكتور محمد العالم، أن قراءته لمجريات الأمور من خلال حضوره ومتابعته لجلسات المحكمة، أنه ستكون هناك إدانات متفاوته للمتهمين الأربعة!!!! فالمتهمين الثلاثة، ستكون هناك إدانات خفيفة نسبياً، ولكنه يتوقع أن تكون هناك إدانة أشد لأبوذر، ربما تترواح كحد أدني سنتين لخمسة سنين سجن!!!! وأبوذر نفسه يتوقع الإدانة وقد سبق وأن أوصى أبنائه، في أخر زيارة، بأن غيابه سيطول عنهم وسيمتد، وهيأهم نفسياً لهذا!!!! وقد توقع آخرون بأن تكون هناك إدانة لأبوذر وحده وتبرئة للثلاثة صحفيين الأخرين!!!!!. وتعجبت، إذ أن كل الاحتمالات الواردة، تذهب في اتجاه إدانة المحكمة لأبوذر في أغلب الأحوال، وليس ثمّة احتمال واحد بتبرئته من المحكمة!!!!. كنت أحس أنني أريد أن أستشرف أرآءاً كثيرة، قد أستطيع أن أستقرأ منها شيئاً، أو أن أستكشف بها بصيص ضوء ينير لي ظلماتي!!!!!
    قابلت أحد الأصدقاء وهو محامي وأخبرني أن هذه المحاكمة فريدة من نوعها، وأرست عرفاً شاذاً في الممارسات القضائية!!!!! إذ عادة ما تتم إدانة الصحفيين وفقاً لقانون الصحافة والمطبوعات في حال نشر معلومات كاذبة أو غيره من جرائم النشر!!!!! وفي الممارسة القانونية نجد أنه في مرحلة الاجراءات الأولية للدعوي، وإذا حدث وأن وجهت النيابة اتهام للصحفي أو للكاتب الصحفي، لا يتم حبسه، بل يعلن بميعاد الجلسة أمام محكمة الصحافة والمطبوعات ويأتي للجلسات من مكان إقامته لا من الحبس!!!! ولكن في هذه القضية، أري أن المتهمين تم اعتقالهم من جهاز الأمن ومن ثمُ حققت معهم نيابة أمن الدولة، ووجهت تهم في أغلبها جرائم موجهة ضد الدولة!!!!!، حدث كل هذا والمتهمين محبوسين علي ذمة التحقيق!!!!! بعض منهم بسجن كوبر وأخرين محبوسين بحراسة نيابة أمن الدولة، وبعد ذلك تم تحويل بعضهم من حراسة أمن الدولة إلي سجن كوبر!!!!!! أكد المحامي قائلاً: إن حبس الصحفي علي ذمة التحقيق هو امر مستهجن، وتوجيه تهم كالجرائم ضد الدولة في نشر معلومات لهو أمراً خطيرا جدا!!!!! وكل ما سبق، يصلح أن يكون ممارسة قانونية شاذة، ويعطي النيابة والشرطة الحق، في حبس الصحفي من لحظة توجيه التهمة له!!!!! وكما نعرف أن الجرائم الموجهة ضد الدولة ليس فيها إطلاق سراح بالضمان!!!! وأردف قائلاً: وأما بالنسبة للعقوبات التي يفرضها قانون الصحافة والمطبوعات فليس من بينها الإعدام أو المؤبد أو حتي السجن!!!!! كل ما يتعلق بالعقوبات في قانون الصحافة والمطبوعات ذُكر في المادة (35) وتتلخص في : (أ) الغرامة التي تحددها المحكمة، (ب) إيقاف المطبوعة الصحفية للفترة التي تحددها المحكمة، (ج) تعليق مزاولة المطابع للعمل الصحفي في حال تكرار المخالفة التي تحددها المحكمة، (د) إيقاف رئيس التحرير أو الناشر أو الصحفي أو تجميده للمدة التي تقدرها المحكمة عند تكرار مخالفة الصحفي!!!!! وأضاف قائلاً: لأول مرة يري توجيه تهم للصحفيين من محكمة جنائية عامة في جرائم موجهة ضد الدولة، حيث تقول المحكمة أنها محكمة صحافة ومطبوعات ومن حقها توجيه التهم التي تصل في عقوبتها للإعدام والمؤبد!!!! وأفاد بقوله أن محاكمة أبوذر هذه، قد فتحت الباب علي مصراعيه للانتهاكات التي يمكن أن تصدر من المحاكم وتعللها بها كذريعة، فالمحاكم الجنائية العامة يمكن أن تلبس ثوب محكمة الصحافة وتوجه من التهم الكبيرة ما تشاء وتسحب الاختصاص الأصيل من محكمة الصحافة والمطبوعات!!!!! كما أن محاكمة أبوذر هذه أيضاُ ستكون وبالاً علي حرية الكلمة والصحافة وعلي الصحفيين!!!! ولنا أن نتوقع المزيد من التهم الكبيرة التي توجه لصحفيين ولكتاب صحفيين استناداً علي هذه السابقة التي تم إرساءها والكيفية التي سيجري العمل بها في مستقبل الأيام المقبلة!!!!
    الثلاثاء 6 يوليو 2010م
    منذ اعتقال أبوذر، وإلي ابتداء محاكمته، وأنا أبذل كل جهدي ووقتي، وأحاول ألا أدخر وسعاً، في دفعها بكل ما أوتيت من قوة وعزيمة!!!!، وأحمد الله علي أنني أجد مساعدة ودفع من أصدقاء ومحامين وغيرهم، جميعهم يحملون معي الهم، ويعملون بكل همة عالية، وبإصرار علي أن ينجز العمل علي أتم وجه، بحيث لا يكون هناك نقص في أي جانب من جوانب القضية!!!! فهنالك العديد من الأشخاص الذين أثق بهم وأستأنس برأيهم، واستنير بمشورتهم!!!!! وجميعنا نعمل بدأب ومثابرة، فما يمر يوم إلا وهناك مناقشات ومداولات وأراء وأفكار مختلفة تصب في اتجاه من اتجاهات القضية المتشعبة!!!!! كما هنالك تركيز بصفة خاصة علي جانبها القانوني وما يلي المحاكمات من وثائق ومصادر وغيره!!!!.
    ورغم كل ما نبذله من جهد، وما يتطوع به أخرين من دعم مقدر، إلا وأنني أشعر دائماً، بأن هناك نقص ما، اعتري جانب من جوانب القضية!!!!! ويسيطر علي إحساس بالذنب، بأننا لم نفعل كل ما في وسعنا، وأنه لا بد من مزيد من الجهد والبذل!!!! وغالباً ما ألجأ لمشورة الاصدقاء ونصائحهم لعمل المعالجات اللازمة لمواطن الضعف وسد الثغرات التي بها خلل!!!!! وكلما زاد كدنا وجهدنا، كلما اكتشفنا أفكار جديدة تفتح لنا أفاق لتجويد عملنا وبذل طاقة جهد إضافية!!!!! أحسست أن ذلك العمل الدؤؤب استوعب يومي كله، واستهلك جزءاً كبيراً من وقتي وتفكيري وطاقتي، وما أن أرجع إلي المنزل، إلا وأكون منهكة وخائرة القوي!!!!! وأجد نفسي منهمكة بالتفكير في أشياء وأشياء!!!!!!
    رغم كل هذا، إلا وأنني أشعر بأنني فرطت من ناحية أخري في قضية أبنائي، كما يسيطر عليّ إحساس مرير، بعقدة الذنب وتأنيب الضمير تجاه مسئوليات أبنائي، وتتنازعني الخواطر والأفكار، وأشعر أنني ركزت كل طاقتي ووقتي وفكري في قضية أبوذر، وفي نفس الوقت، أجدني بالمقابل قد قصرت تجاه أبنائي واحتياجاتهم!!!! فهم يحتاجونني لأكون بقربهم أكثر من أي وقت مضي!!!!! وأعرف أنني في موقف لا أُحسد عليه!!!! وأجد نفسي بين أمرين أحلاهما مر!!!! فأبنائي يعيشون في حالة فراغ عاطفي ونفسي حاد نسبة لما حدث لوالدهم، ومن الطبيعي أن يشعرون بحاجتهم لأمهم لسد هذا الفراغ ولتشعرهم بأن الأمور تسير علي ما يرام!!!!! طغت عليّ هواجسي وهمومي، وخفت من أن اتسبب في خلق مشكلة جديدة لأبنائي، هم في غني عنها!!!! خاصة مع انشغالي الشديد عنهم!!!! إذ أنني أقضي يومي كله في متابعة القضية وملابساتها، من حضور جلسات المحاكم!!!! واجتماعات تطول مع المحامين والتكتيكات والخطط الدفاعية!!!! ومقابلات مع الأصدقاء لتقديم الاستشارات ومقترحات الحلول!!!! ومحاولات الزيارة للسجن، وكتابة الطلبات!!!! وكيفية متابعة القضية الأخري لأبوذر، قضية التعذيب!!!! والاستئناف لموضوع علاج أبوذر أمام استشاريين وأخصائيين!!!! و.......و........وسرعان ما ينقضي اليوم في دوامة المتابعات!!!!!
    وأصبحت في حالة متلازمة من تأنيب ضمير وشعور بالتقصير الشديد تجاه مسئولية أبنائي!!!!! وفكرت نظرياً أن اتدارك الأمر، وأن أحاول جهدي لأخصص لهم يومياً بعض الوقت حتي لا يستفحل الأمر أكثر، وأن أعمل علي إحداث توازن حتي لا يشعروا بغيابي وفقدان والدهم في نفس الوقت!!!!! أحسست أنني متنازعة بين دعمي ومساندتي لقضية والدهم وبين مسئولياتي وواجباتي تجاههم!!!! ولابد أن أعمل علي الأمرين معاً، بصورة متوازنة جداً، حتي لا يحدث أي خلل أو ترجيح لأمر علي حساب الأخر!!!!! ولكني لا أدري، ما إذا كنت سأتوفق واستطيع أن أحقق التوازن المطلوب!!!!، أو أن أفّرِط في واحدة من القضيتين في نفس الوقت؟؟؟؟؟ أعلم دقة وحرج الموقف الذي وضعتني فيه الظروف!!!!! ويحتار دليلي، فيما إذا كنت عملياً استطيع الإيفاء بين متطلبات زوجي ومسئوليات أبنائي!!!! ولا أملك إلا أن أسلم أمري كله لله!!!! واسأله حسن التوفيق والسداد!!!!
    الأربعاء 7 يوليو 2010م
    ذهبت إلي المحكمة، حيث أن اليوم محدد لأن تقدم هيئة الاتهام مرافعتها الختامية، وهي جلسة إجرائية يستلم فيها القاضي المرافعة دون أن يتم عرضها من هيئة الاتهام!!!!! وفي الجلسة الفائتة، عرفنا أن القاضي قال أنه لا يوجد داعي لحضور المتهمين لهذه الجلسة!!!!! وصلت إلي المحكمة، ودخلت من الشارع الذي يطل علي الناحية الشرقية، ولم أجد أي أثر لقوات البوليس أو لعرباتهم الكبيرة، نظرت ناحية الشارع الغربي ولم أجد كذلك أي شئ!!!! دخلت من الباب الرئيسي، ولم يلتفت إليّ أحد!!!!! عرفت بواقع الحال، طالما أن المتهمين لن يحضروا الجلسة، فلن تكون هناك إجراءات أمنية مشددة!!!!! حضرت للمحكمة، وفي نيتي أن أقابل محاموا هيئة الدفاع لأحصل منهم علي نسخة لمرافعة الاتهام وكذلك أن أقدم طلب لزيارة أبوذر بالسجن!!!!! إذ أن أبوذر في الجلسة السابقة، تحدث مع مولانا مدثر الرشيد، حول هذا الأمر!!!! وأشار مولانا إلي أن نقدم طلباً بالزيارة!!!!! أثناء ذلك، كتبت طلب لزيارة أبوذر بالسجن، وقدمته لمولانا مدثر الرشيد، والذي علق عليه مخاطباً مراقب المحكمة، بأن يكتب لمدير سجن كوبر ليسمح لنا بالزيارة!!!!!!! ذهبت إلي مراقب المحكمة، والذي كتب بدوره طلب زيارة أخر مخاطباً مدير سجن كوبر!!!! قال لي مراقب المحكمة، بأن أرجع الطلب لمولانا مدثر الرشيد ليوقع عليه، ثم بأن أذهب به بعد ذلك للمكتب التنفيذي ليختم لي الطلب!!!!! رجعت لمولانا مدثر ووجدت انه مجتمع مع القاضي المشرف!!!! انتظرته، حتي وقع علي الطلب، وحملته واتجهت به للمكتب التنفيذي وختمته!!!!! فرحت جداً بهذا الطلب، وفي نفس الوقت توجست خيفة، ودعوت في نفسي ألا تحصل مصيبة أخري بسجن كوبر لتمنعنا من الزيارة!!!!! كما تمنيت أن تطول مدة الزيارة، ففي أخر زيارة، حدد لنا مولانا مدثر الرشيد، مدة ساعة وأكثر للزيارة!!!! إلا أن إدارة السجن لم تأذن لنا بها، بحجة أن الزيارة عندها مواعيد محددة من 10-15 دقيقة ولا تزيد عن ذلك!!!! ولم أعرف كيفية أخري لتسمح لنا بزيارة أطول، طالما أن لوائح سجن كوبر تقر بهذا!!!!! وحتي مولانا مدثر الرشيد مشكوراً، حاول إطالة مدة الزيارة، عند مخاطبته لإدارة السجن!!!!! ولكن لم يفلح الأمر!!!!! أحسست أنه ما باليد حيلة!!!!! وقلت في نفسي: أنه لابد لنا أن نذعن لهذا الأمر!!!!! وأن نحمد الله علي العشرة دقائق التي نري فيها أبوذر، فقد كنا نحلم بها من قبل!!!!!!
    تمكنت من استلام نسخة من مرافعة هيئة الاتهام، والمعنونة لدي محكمة الصحافة والمطبوعات الصحافية ومكافحة الإرهاب، محاكمة أبوذر علي الأمين وأخرين: وبعض ما جاء فيها: فيما يتعلق بموجز الوقائع: أنه وبتاريخ 16 مايو2010م أبلغ الشاكي مفوض جهاز الأمن والمخابرات يفيد أن صجيفة رأي الشعب في عددها رقم 1478 بتاريخ 9 مايو 2010م وبقلم أبوذر علي الامين، نشرت مقالاً تحت عنوان "انتخابات فوز علي عثمان وليس البشير" تضمن المقال عبارات وألفاظ تخالف المواد موضوع الاتهام، مثل تزوير الانتخابات، وإن ما حصل عليه الرئيس من أصوات كان (شحتة) وإن القوي العالمية لا ترغب في الرئيس، وإن علي عثمان يؤلب الأمريكان ضد الرئيس، لأنه يسعي لتأسيس مشروع نووي بدفع وتحريض من الإيرانيين وإن البشير يدعم الإرهاب وإن كان يريد التخلص من البشير وغير ذلك من العبارات. أما فيما يتعلق بإجراءات الدعوي فقد أوردت مرافعة هيئة الاتهام ما معناه: أن الدعوي فُتحت بناء علي عريضة من جهاز الأمن، وتولي التحري فيها المستشار خالد بلة، تم استجواب الشاكي، وأودعت الصحيفة كمستند إتهام، تم القبض علي المتهمين وتم إستجوابهم، أقر المتهم الأول بالاتهام المنسوب إليه، وشطب الاتهام في مواجهة المتهم الخامس (ناجي دهب). تم توجيه تهمة لكافة المتهمين تحت المواد 21، 24، 25، 26، 50، 53، 63، 64، 66، قانون جنائي، والمواد 23،24،26،35 قانون صحافة ومطبوعات والمادة 5 من قانون الإرهاب. وأما فيما يتعلق بمواد الاتهام، فقد أوردت المذكرة ما معناه: في تقويض النظام الدستوري، أن التقويض يعني إزالة تلك المؤسسات والمناصب وشاغليها وهذا مما يعرض استقلال الدولة ووحدتها للخطر... وهذا النشر غير المبرر يجعل من الدولة عدواً وهدفاً للآخرين وخاصة المجتمع الدولي ودول الجوار. وتتألف عناصر هذه المادة ارتكاب الجاني لفعل وهذا الفعل قد يكون نشراً كما في الدعوي وأن يقصد بهذا الفعل تقويض النظام الدستوري أو تعريض استقلال السودان أو وحدته للخطر حيث أن السعي للفتنة مع المجتمع الدولي ومؤسسات الحكم لا شك هو محققاً لإرتكاب هذه الجريمة. وفيما يتعلق بجريمة التجسس فقد جاء فيها: أن التجسس هو من الجرائم التي ترتبط بقيم واخلاقيات مقترفها في حرصه علي نقل الأسرار والمعلومات للأخرين بقصد الإضرار بالبلاد ولعل كل كلمة في هذا المقال تصب في هذا الجانب الموجب للعقاب. وأما الدعوي لمعارضة السلطة وإثارة الكراهية، فقد جاء فيها: فهذه جرائم يعتبر النشر أحد وسائلها لأغراض لا محالة توقعهم تحت طائلة القانون. وأما فيما يتعلق بجريمة الإرهاب فأوضح المجمع اللغوي أن الارهابيين وصف يطلق علي يسلكون سبيل العنف لتحقيق أهدافهم السياسية. ولا شك أن النشر موضوع المحاكمة تجلت فيه عناصر الجريمة الارهابية وتحقق من خلاله الرعب والخوف للمجتمع. وحول جريمة نشر الاخبار الكاذبة فقد جاء فيها: إن جميع ما نشر المقال حوى قدراً من النشر الكاذب، ولا شك أن هذا النشر سوف يتسبب في تهديد السلام العام وينقص من هيبة الدولة لا محالة مما يستوجب العقاب. وأما مواد الصحافة، فقد أوردت المرافعة: لاشك أن حرية الصحافة ليس بالأمر المطلق وإنما مقيده بالقانون وفي حال استخدام تلك الحرية بما يخالف القانون ويهدره فهنا لابد من تدخل المشرع لردع المسئ لإستخدام تلك الرحية وردعهم... وإن الحريات بجانب الممارسة في إطار ما رسمه القانون يتوجب استصحاب أخلاقيات المهنة الصحفية وواجبات والتزامات الصحفي عند ممارستها حتى لا يتسني ممارستها في غياب ذلك الإطار وما يحزن له أن من قام بالنشر لم يحصل علي القيد الصحفي ومجرد إفساح المجال له في تلك الصحيفة لهو امراً يستشف منه حرص الصحيفة وسوء النية في إتيان الجرائم الصحفية ومخالفة القانون. وفيما يتعلق بالاشتراك الجنائي: في القانون الشريك الذي يرتكب الجريمة تنفيذاً لاتفاق جنائي أي بقصد مشترك مع بقية شركائه يكون مسئولاً عن الجريمة مسئولية كاملة.... وفيما يتعلق ببينات الاتهام: فقد ورد أن: تزاحمت بينات الإتهام في هذه الدعوي وتنوعت من إقرارات قضائية وغير قضائية وشهادة الشهود وبينات ظرفية وبينة شريك جميعها ترقي لإدانة المتهمين فوق مرحلة الشك المعقول. وأخيراً تطرقت المرافعة إلي قضية الدفاع وأشارت إلي أن ما قُدم من دفاع، إلا أنه لم يقوي علي مناهضة التهم المدعمة بالبينات... حيث أن شاهد الدفاع الأول (إدوارد لينو) لم تكن شهادته متعلقة بالدعوى ولا منتجة فيها، أما الثاني، الخبير (فيصل محمد صالح) فإن إفاداته جاءت داعمة لبينات الإتهام أكثر منها الدفاع، أما الأخير، الصحفي (بهرام عبدالمنعم) فلم يستطيع الإفادة بأي مفيد وذلك لفقدانه المواصفات ومقومات الشاهد القانونية. وأخيراً ، من خلال الوقائع والبينات نلتمس توقيع أقصي العقوبات علي المتهمين والصحيفة التي كانت مسرحاً لجرائمهم. انتهت مرافعة الاتهام الختامية!!!!!
    الخميس 8 يوليو 2010م
    اجتمعت مع بعض الأصدقاء والصحفيين في مناسبة، وسمعت بعضهم يتبادلون الأحاديث حول مستقبل العمل الصحفي في السودان، وعودة الرقابة القبلية و.......و.....و........، وبالطبع كانت هناك إشارات كثيرة لقضية أبوذر!!!! كنت أرقب حديثهم عن بعد واستمع لحوارهم!!!!! لم يدهشني هذا الحوار، بقدر ما تفاجأت حين سمعت أحداً منهم يقول: إن أبوذر لا مستقبل له في العمل الصحفي وامتهان الكتابة الصحفية، وذلك لأن جهاز الأمن لن يسمح له بالكتابة مرة أخري!!!! تعجبت من حديثه هذا، وزاد من تعجبي، هو أن الأخرون وافقوه الرأي ولم يكن بينهم معارض له!!!!. بل لاحظت أن الجميع أؤموا برؤؤسهم، يوافقونه فيما ذهب إليه!!!! وشعرت، كأن الأمر مسلماً بينهم ومتعارفاً عليه، بحيث لا يحتاج حتي لمزيد جدال أو نقاش!!!!! اندهشت لهذا الموقف، وتمنيت في نفسي أن يسترسلوا في الحديث، حتي أعرف أكثر وأكثر، ولكنهم عرجوا علي موضوع أخر!!!! حقيقة، قلقت جداً مما سمعته، فكيف يكون مستقبل أبوذر، مظلم، قاتم، شديد السواد؟؟؟؟!!!! وهل من العدل أن يتحكم آخرون في تحديد مصير أبوذر؟؟؟؟؟ وكيف يستطيعوا منعه من الكتابه الصحفية بهذه البساطة؟؟؟؟ وأين من المفترض لأبوذر أن ينشر كتاباته!!!! أم عليه أن يتوقف عن الكتابة الصحفية ويبحث له عن مهنة أخري؟؟؟؟ وماذا تكون هذه المهنة الأخري؟؟؟؟ وهل فُرِض علي أبوذر أن يتوقف عن عمله الذي يحبه ويتقنه ويتجه لمهن أخري لا يجد نفسه فيها؟؟؟؟ وأي جهة أو مهنة اخري تلك التي تقبل تحمل هذه المخاطرة؟؟؟؟!!!! وتذكرت ماحدث، بعد المفاصلة الشهيرة!!!!! وكيف عاني أبوذر سنيناً دون عمل!!!! وانتظر طويلاً، حتي يجد جهة تقبل ليعمل بها!!!!! تصورت مدي الحالة النفسية، التي سيعيشها أبوذر، والمستقبل القاتم الذي ينتظره!!!!! شعرت أن قواي خارت وبالكاد حملتني رجليّ للخروج للشارع!!!! سيطرت عليّ الهواجس، وفكرت أن أبوذر قد دفع وما زال يدفع ثمن إيمانه بمبادئه وفكره!!!!! كما ستتم محاكمته، وقد يحكم عليه بسجن طويل!!!! ولكن بعد أن يخرج من السجن، قطعاً، سيكون هنالك حكم أقسي بانتظاره!!!! أعرف أن أبوذر قد يتحمل ويلات السجن وعذابه!!!! ولكن هل سيتحمل أن يتم إبعاده قسراً عن قلمه وكتاباته التي يحبها ويعيش لأجلها!!!! إذ ليس من السهل عليه أن يستسلم أو يتنازل لأمر كهذا!!!! وتساءلت: ماذا بأيدينا لكي نفعله؟؟؟، وهل بهذا تم الحكم علي مستقبل أبوذر المهني، وصدرت شهادة الوفاة؟؟؟؟؟ وهل تم إغلاق كل السكك أمامه؟؟؟؟ وهل هذه نهايته؟؟؟؟ وهل يجبر أبوذر قسراً للوصول لهذه النتيجة المحتومة؟؟؟؟ وهل من السهل عليه، أن يتقبل هذا؟؟؟؟ شعرت أنه لا توجد خيارات وفرص أخري أمامه!!!!، وكل ما ينبغي عمله، هو أن يتوقف عن الكتابة نهائياً إلي غير رجعة!!!!!! أحسست أن هنالك حصار ضارب الأطناب، يحيط بنّا من كل جانب، فرض نفسه بقوة شديدة علي أرض الواقع، بحيث لم يترك أي بصيص أمل في الأفق، يبشر بخير لمستقبل أبوذر!!!! شعرت بانقباض أنفاسي، وكأن أحداً قد غزّ خنجراً في صدري، حتي أنني لم أستطع التنفس!!!! وشعرت بالهزيمة التي تنتظرني حتي قبل أن أخوض غمار المعركة!!!! وفكرت متسائلة: هل كتُِب علي أبوذر هذا المستقبل البائس؟؟؟؟؟ وهل يعقل، أن يعاقب المتهم علي جريمته مرتين؟؟؟؟ لم أدري بما أقلق أو أفكر، بمرض أبوذر وسجنه أم بهذا المستقبل الذي ينتظره!!!!
    ذهبت منزعجة، إلي أحد الأصدقاء (كاتب صحفي) وأطلعته علي همومي وشكواي وبما سمعته من الصحفيين!!!!! أكد لي بأن ما سمعته، هو حقيقة مجردة وليس أمراً مبالغاً فيه أو خارجاً عن المألوف!!!!!، وأضاف، أريد أن أبسط لك الأمر لتفهميه!!!!، يمكنكي أن تقولي أن أبوذر أصبح له سجل أسود الآن، ومن الصعب، بل ومن المستحيل عليه أن يمارس الكتابة مرة أخري، في أي صحيفة كانت!!!!!! وقلت له: أنت تتحدث كالآخرين، ولم تبين لي، في أي صيغة أو أي شكل يكون هذا المنع؟؟؟؟ هل هو قرار يصدر من جهة ما للصحف؟؟؟؟ أو هو فقط، مجرد حذر أو خوف تبديه الصحف من قلم أبوذر؟؟؟؟؟. أجابني قائلاً: يمكنكي أن تقولي، أنه أمر متعارف عليه، ولا يأخذ طابع رسمي، كصدور مكاتبات وغيره!!!!! وأضاف: بصراحة، ليس من المتوقع أن يصدر جهاز الأمن تعميماً للصحف بمنع أبوذر من الكتابة، ولكن هذا هو الواقع الأليم الذي سوف يواجهه أبوذر إذا خرج من السجن!!!!! وأما بالنسبة لخوف وحذر الصحف من قلم أبوذر؟؟؟؟!!!! فهو ليس بالأمر الجديد، بل هو أمر قائم ومسلم به من غالبية الصحف، حتي قبل اعتقال أبوذر ومحاكمته!!!!! وقال أيضاً: أن أبوذر نفسه، بطبيعة الحال، عالم بهذا الوضع ويستطيع أن يتكهن به!!!!! لم أعرف ما أفعل أو أقول، إذ لم أتوقع أن يكون هناك غير الله سبحانه وتعالي، هو الذي يتحكم في مصائر العباد!!!! وقلت في نفسي، حسبي الله ونعم الوكيل!!!!!
    الجمعة 9 يوليو 2010م
    أستيقظ أبنائي مبكرين، علي غير العادة، إذ أنهم عادة يوم الجمعة يتناومون، ولا ينهضون مبكراً!!!!! قالوا لي أنهم فرحين، لأنهم سيذهبون اليوم لزيارة والدهم!!!! حاولنا أن نرتب الأغراض التي طلبها أبوذر لتعينه في حبسه!!!!! وكانت عبارة عن مضادات حيوية له ولمنتظرين أخرين يعانون من التهابات صدرية حادة، أصابت أبوذر كذلك، وتركت أثارها في التهاب الحلق الذي يعاني منه الأن!!!!! أوصانا أبوذر أن نحضر أيضاً برتقال بكميات كبيرة حتي يساعده والمرضي الآخرين في التماثل للشفاء، وكذلك أرز وعدس وسكر وبن!!!!!
    استقلينا عربة أجرة، لتوصلنا إلي السجن، وكان بصحبتي أبنائي ووالدة أبوذر، وصلنا إلي السجن ووقفنا بنقطة المراقبة والتفتيش الأولي، حيث طلب منّا الشرطي أن نوقف العربة وندخل راجلين!!!! أستأذناه أن يسمح لنا بدخول العربة لنقطة التفتيش الثانية والتي تقع علي مقربة من الباب الرئيسي بالداخل، إذ أن الحاجة والدة أبوذر مريضة ولا تقوي علي المشي!!!! نظر الشرطي لداخل العربة، متفحصاً ما يوجد بها!!! وأبرزنا له طلب الزيارة، قرأ الأسماء المكتوبة بالطلب، وسألنا عنها فرداً فرداً، وأجبناه!!!!، ثُم قال موجهاً حديثه لسائق العربة، بأن ينزلنا فقط عند النقطة الثانية ويرجع سريعاً!!!!! وصلنا للنقطة الثانية ووجدنا عدد 6 من القوات الخاصة، أمرونا بأن نرجع، بحجة أنه لا توجد زيارة اليوم!!!!! قلنا لهم أن معنا إذن من القاضي لمنتظر بالسجن!!!! ردوا علينا بأن هذه التعليمات صدرت اليوم، بأنه لا توجد زيارة يوم الجمعة والسبت!!!! وقالوا لنا بأن نحضر يوم الاثنين!!!!! رجعنا لنقطة التفتيش الأولي ونحن نهم بالمغادرة!!!! أوقفنا أحد أفراد القوات الخاصة، بادرت والدة أبوذر وقالت له: شكراً ليكم، انتو دخلتونا لكن رفاقكم منعونا!!!!! وفسرنا له أن بمعيتنا إذن من القاضي "لمنتظر" وليس "لمحكوم"!!! فأرجعنا لنقطة التفتيش الثانية!!!! رجعنا وأوضحنا لهم مرة ثانية!!!! فسمحوا لنا بالدخول!!!! دخلنا إلي الاستقبال، وقدمنا طلب الزيارة، قالوا لنا بأن ننتظر بالخارج أمام الباب الرئيسي للسجن!!!! خرجنا وانتظرنا بالخارج، حوالي ربع ساعة!!!! ثم بعد ذلك سمحوا لنا بالدخول!!!! قال لنا أحدهم: أنه لا توجد زيارة اليوم، لكن يمكن أن تقابلوا مدير الإدارة الفنية!!!! دخلنا لمقابلة المدير، وقال لنا: أن هناك قراراً جديداً صدر بأنه لا توجد زيارة اليوم!!!! قالت له والدة أبوذر انها مريضة، وترغب في رؤية إبنها لمدة دقيقة واحدة فقط!!!! رد قائلاً: سوف أسمح لكم بمقابلته لتسلموا عليه فقط، لأن عندنا تعليمات بعدم الزيارة!!!! بعد ذلك أمرونا أن ننتظر لحين يتم إحضار أبوذر!!!!! وانتظرنا حوالي ربع ساعة حتي حضر أبوذر، وهو يلبس ملابس بيضاء (زي السجن) ولاحظت أن هنالك أخرون يلبسون ملابس بلون بني وآخرين بلون أزرق تم ربطهم بالجنازير من أرجلهم!!!!!! حضر أبوذر وأبتدر حديثه، بالسؤال عن أحوال ناس البيت، والأهل والأصدقاء، وكان يسأل بشدة!!!!!! ثم سأل أولاده عن مدارسهم وأوصاهم بالمذاكرة اليومية ومراجعة الدروس أول بأول!!!! ولم ينسي أن يذكرهم بتوقعاته بطول مدة الحبس وجعلهم يتهيبون ويتحسبون لذلك!!!! وما هي إلا لحظات حتي حضر شرطي وقال لنا أن الزيارة انتهت!!!!! احتج أبنائي علي قصر مدة الزيارة!!!! وكان بدوري عندي الكثير لأقوله لأبوذر، فهنالك أشياء أود معرفة رأيه حولها!!!!!، ولكن ما باليد حيلة، وما أمامنا إلا أن نلتزم بلوائح السجن ونتقيد بها!!!! ودعنا أبوذر وانصرفنا راجعين من حيث أتينا!!!!!
                  

07-11-2010, 10:51 AM

مؤيد شريف

تاريخ التسجيل: 04-20-2008
مجموع المشاركات: 4052

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير (8) اعتقال وتعذيب الصحفي أبوذر علي الأمين من 4 الى 10 يوليو 2010م (Re: عبد المنعم سليمان)




    قلوبنا وكامل الدعم للأخت الكريمة منى

    ربنا يقويها اكتر واكتر

    وينصركم على من ظلمكم

    نصرا عاجلا وكاملا باذن الله
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de