تقرير (12) اعتقال وتعذيب الصحفي أبوذر علي الأمين من 1-7 أغسطس 2010م

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 06:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-17-2010, 01:45 PM

Muhammad Elamin
<aMuhammad Elamin
تاريخ التسجيل: 09-21-2007
مجموع المشاركات: 901

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تقرير (12) اعتقال وتعذيب الصحفي أبوذر علي الأمين من 1-7 أغسطس 2010م


    تقرير (12) اعتقال وتعذيب الصحفي أبوذر علي الأمين من 1-7 أغسطس 2010م

    الأحد 1 أغسطس 2010م

    اتصل بي (ناجي دهب) ليعلمني أنه تم منعه من الزيارة، وهو لا يعرف الأسباب الحقيقة التي دعت إدارة السجن إلي اتخاذ هذا القرار!!!!! أكد ناجي أنه اتى للزيارة كعادته ولكن تم استيقافه بواسطة إدارة سجن كوبر!!!! قال ناجي دهب: أنه بعد دخوله من البوابة الشمالية، أشاروا إليه منْ بالاستقبال بأن يذهب للبوابة الجنوبية لمقابلة الإدارة لأنه غير مسموح له بالزيارة!!!! استفسر عن الذي حدث؟؟؟؟ ولم يعرف أي إجابة!!!!! قال ناجي أنه ذهب للبوابة الجنوبية وقابل العقيد الذي أكد له بأن غير مسموح للصحفيين بزيارة السجن!!!! رد ناجي، بأنه غير صحفي، عدا أنه المدير الإداري لصحيفة رأي الشعب، وأنه يزور الصحفيين لمعرفة احتياجاتهم وما يلزمهم!!!!!

    ذكر ناجي، أنه تعجب لما يحدث، إذ أن قرار منعه صدر فجأة، وبدون مقدمات، فهو كان يحضر لزيارة الصحفيين بصورة راتبة ولم يحدث أن تم منعه أو استيقافه من إدارة السجن!!!!!!! تعجبت بدوري، لقرار إدارة السجن بمنع الصحفيين من زيارة زملاؤهم الصحفيين بسجن كوبر!!!!! وتساءلت: أليس من حقهم كمواطنين عاديين، أن يزوروا زملاؤهم النزلاء بسجن كوبر؟؟؟؟ وما الغضاضة في أن يزوروا الصحفيين زملاؤهم، ويعبروا لهم عن مساندتهم ودعمهم المعنوي؟؟؟؟؟ وتذكرت أن المحكمة كذلك، منعت الصحفيين من حضور جلسات المحاكمة، كما منعتهم من نشر مداولات المحكمة بالصحف والاعلام!!!!!! والآن، إدارة السجن، تحذو نفس حذو المحكمة!!!!!!!

    فكرت أن المقصودين من هذا المنع، هو أبوذر وأشرف والطاهر، إذ طالنا المنع نحن أسرهم، والآن الدائرة تدور علي زملاؤهم الصحفيين!!!!!!! عجزت عن أن أجد تفسير مقنع ومنطقي فيما ذهبت إليه إدارة السجن!!!!!! فربما أن العقوبة التي اوقعتها المحكمة غير كافية، ولابد وأن تكون هنالك عقوبات تكميلية!!!!

    لم أعرف ماذا أقول أو أعلق علي هذا!!!!! ولكني تعجبت من كل ذلك، إذ لم يخطر ببالي أن يكون هناك تمييز على مستوى الزيارة للنزلاء بالسجن، وكنت أعتقد أن باب السجن مفتوح للجميع دون استثناءات لمجموعة دون مجموعة أو لطائفة غير أخرى!!!!!!! ولكن يبدو أن أمر الزيارة محير فعلاً، إذ كل يوم تأتي إدارة السجن بقرار جديد وعجيب!!!! واندهشت للتغييرات التي تحدث فجأة دون أن يسندها أي منطق عقلاني أو يبرر لها!!!!! فكيف تقوم إدارة السجن فجأة، باتخاذ قرارات غير مدروسة، وربما تكون وبالاً عليها!!!!! فالصحفيون قادرون علي أن يروجوا لهذا الأمر داخل السودان وخارجه؟؟؟؟؟ وتسائلت: لماذا تفتح إدارة السجن باباً لتدخل منه مشاكل هي في غني عنها؟؟؟؟؟ ولماذا لا تترك الأمر علي عواهنه، بدل أن تخلق المزيد من التوترات؟؟؟؟؟ ففي خلال أسبوع واحد، تم منعنا من الزيارة، ثم تراجعت إدارة السجن عن ذلك!!!!! وسمعت أن إدارة السجن أيضاً منعت أسرة (يوسف لبس) من زيارته، الأمر الذي أدي إلي إضرابه عن الطعام هو وزملاؤه، ثم تراجعت إدارة السجن عن ذلك، ورجعت وسمحت لهم بالزيارة!!!!!! وللمرة الثالثة يمنع الصحفيين من الزيارة!!!!!!

    ذهبت إلي مقابلة صديقة صحفية، كانت تنتظرني بمقر صحيفة أجراس الحرية، ووجدت عدد من الصحفيين يتجمعون، وبعض منهم كان يتحدث حول قرار المنع!!!!!! علق أحد الصحفيين ضاحكاً علي قرار منعهم من زيارة سجن كوبر، بقوله: يا أخوانا لازم إدارة السجن تمنعكم من الزيارة!!!! قال له أخرون: ولكن هذا غير عادل؟؟؟؟؟!!!!! رد ضاحكاً: ما ممكن الصحفيون يمشوا كل يوم السجن، ويزوروا أشرف والطاهر وأبوذر ويتونسوا اليوم كلو معاهم، طيب فايدة السجن شنو؟؟؟؟. وعلق أخرون، زيارات السجن دي مفتوحة لكل الناس ونحنا من ضمنهم ولا يجوز لهم استثناءنا عن الزيارة!!!!!!

    أصبحت في حيرة شديدة من أمري، وأحسست بأن هناك حصار شديد علي من تربطهم صلة بأبوذر وأشرف والطاهر !!!!!! وكأن هناك مؤامرة تدبر وتحاك من وارءهم دون أن بعرفوا تفاصيلها!!!!!!

    الاثنين 2 أغسطس 2010م

    قابلت دكتور محمد العالم، وبادرت بالنقاش حول توقعاته لمحكمة الاستئناف!!!! قال لي: أن توقعاته، تذهب إلي أن من المحتمل أن تقوم محكمة الاستئناف بتخفيض العقوبة في حق المدانين الثلاثة!!!!! وبرر ذلك بقوله: أن المحكمة ربما تخفض عقوبة الطاهر وأشرف من سنتين إلي ستة شهور سجن، ولأبوذر بتخفيض عقوبته إلي أربعة سنة أو ثلاثة سنين سجن!!!!!

    قلت له: أنت متفائل جداً!!!!! وفي رأيي قد لا يختلف حكم محكمة الاستئناف عن محكمة الموضوع!!!!!! رد قائلاً: أنه يعتقد أن محكمة الاستئناف مختلفة جداً عن محكمة الموضوع، فمن حيث التشكيل محكمة الموضوع تتكون من قاضي واحد، ولكن محكمة الاستئناف تشكل من دائرة تتكون من عدد ثلاثة قضاة!!!!!! وغالباً ما يختلفون في رؤاهم حول القضية الواحدة!!!!! مما يفسح مساحة لتداول ومراجعة قرار محكمة الموضوع!!!! وغالباً ما ينصب ذلك لمصلحة المتهمين!!!!!!

    سألني دكتور محمد العالم عن رأيي حول قرار محكمة الاستئناف؟؟؟؟؟ أجبته بقولي: بعد قرار محكمة الموضوع بإدانة أبوذر والصحفيين، رغم أنه لا توجد أي بينة!!!!! ومن المفترض لمحكمة الموضوع أن تشطب البلاغ فوراً، بناء علي عدم كفاية الأدلة!!!! ولكن ما حدث هو توجيه جريمة عقوبتها المؤبد ومن ثمّ الإدانة!!!! أضفت بقولي: أنني فقدت الثقة في عدالة ونزاهة القضاء!!!!! مما يدفعني إلي أن أتوقع أن تقوم محكمة الاستئناف بإضافة أقصي عقوبة تصل لعشرين سنة، وذلك نسبة لعدم تناسب العقوبة التي قررتها محكمة الموضوع مع المدة الأصلية المقررة لها!!!!!!

    قال دكتور العالم: أنه من غير المعقول أن تأتي محكمة الاستئناف بحكم كهذا!!!!! وأضاف قائلاً: لا تنسي أن هنالك محكمة عليا كذلك، فإذا لم نتفق مع حكم محكمة الاستئناف، يمكننا رفع الأمر للمحكمة العليا!!!!! قلت له: بالنسبة لي، هذا أيضاً، لا يحدث فرقاً في القضية!!!!!!

    شعرت بأنني فقدت القدرة علي التفاؤل، وعلي أن أتوقع خيراً من محكمة الاستئناف أو المحكمة العليا!!!!!! وتذكرت ما قاله لي أحد الأصدقاء، بأن هذه القضية سياسية قصد منها تأديب أبوذر وسجنه!!!! وبالتالي فإن هذا يعتمد علي مزاج من قصد تأديبه، في تحديده للفترة التاديبية التي تمنحه الراحة النفسية بأن الأدب فعلاً قد حدث!!!!!!! قلت له: واضح من هذا الكلام، ان من قصدوا تأديب أبوذر، لا يعلمون كيف هي شخصية أبوذر!!!!!! فإذا قصدوا تأديبه فعلاً بالسجن!!!!! فالأفضل أن يحكموا عليه بالاعدام أو المؤبد!!!!!! ولكن بفترة زمنية كالخمسة سنوات، فلا أعتقد أنها كافية لتأديب أبوذر!!!!!! ولكن ما اعتقده حقيقة، هو أن هذه الفترة، ستزيد من صلابته وقوته، وتجعله يلهث للخروج حتي يأخذ بثاره!!!!! ولا أعتقد أن من قصدوا تأديبه قد درسوا شخصيته أولاً، وإلا لكانوا قاموا بالأمر الصواب وأصدورا حكمهم بالاعدام!!!!!!!!

    فكرت فيما قاله هذا الصديق، وتساءلت في نفسي: لماذا لم أستطيع أن أفهم كيف أن هذه القضية سياسية، كما يقول الكثير من الناس؟؟؟؟ وإذا كانت كذلك، لماذا توجهوا بها للقضاء؟؟؟؟؟ وهل السجن فعلاً، شرع لتأديب أمثال أبوذر الذين يجهرون بأرائهم؟؟؟؟؟ أحسست أن من قصدوا تاديب أبوذر لم يدرسوا قضيتهم بإحكام، وبالأحري لم يستطيعوا أن يتبينوا ملامح شخصية أبوذر؟؟؟؟ وكيف يمكن التعامل معها؟؟؟؟؟؟ وسيخيب ظنهم كثيراً، عندما يجدوا أن توقعاتهم ذهبت سدى!!!!!!!

    ربما يستطيعوا أن يرتاحوا منه ومن قلمه لبعض الوقت!!!!!! ولكن ما فعلوه لا يمكن أن ينتج عنه تأديب أبوذر!!!!! بل قد تزيد من جنوحه وجرأته علي قول الحق!!!!!!

    هذا هو احساسي الحقيقي لما يحدث!!!!!! وخاصة أن مسألة التأديب هذه، تخضع لهوى شخصي ومزاج مريض يتحكم في مصائر الآخرون!!!!!! ويستغل القضاء وجهاز الأمن وغيره!!!!!!!! فلماذا أتفاءل بأن يكون حكم محكمة الاستئناف بأفضل مما جاءت به محكمة الموضوع؟؟؟؟ ولماذا تكون أفضل؟؟؟؟؟ وما هي المعايير التي تفضلها عن محكمة الموضوع؟؟؟؟؟ هل عليّ أن أتوقع أن تكون محكمة الاستئناف أكثر عدالة وشفافية؟؟؟؟؟ ولماذا ذلك؟؟؟؟؟

    لاحظت أن محامين هيئة الدفاع، قدموا مذكرة استئناف ضافية وشاملة من حيث الوقائع والقانون تصلح لأن تكون أساساً لاستئناف ينبئ بخير كثير للمتهمين!!!!!! ولاحظت أن بعضهم عوّل علي هذه المذكرة، بأنه ستتم دراستها بعناية لدي محكمة الاستئناف!!!!! وأنهم يأملون الخير الكثير من ذلك!!!!!!! أحسست أن ما يأمله المحامون قد يكون صحيحاً في الاحوال العادية، ولقضية ليس من وراءها أهداف وأغراض شخصية!!!!! ولا يمكنني أن أقول سياسية!!!!!! فهي شخصية بحتة، لأن أبوذر قد كتب مقالته وهي تحمل رأي شخصي وتحليلي!!!!! وردة الفعل المعاكسة كذلك أخذت الأمر على عواهنه وخملته محمل شخصي!!!!!! وجدت العذر للمحامين فيما ذهبوا إليه، فهم يركزون علي الأمور القانونية، ولهم وجهة نظر مقدرة في ذلك!!!!!!

    أحسست أن موضوع الاستئناف لقضية أبوذر، قد نال كثير اهتمام من الكثير من الاصدقاء والصحفيين والأهل، وأصبحت في موضع الرد علي تساؤلاتهم واستفساراتهم رغم تحفظاتي التي احتفظ بها نفسي!!!! ولكني لاحظت أن الكثير منهم يأملون ويتمنون من كل قلبهم أن يكون خلاص أبوذر في يد محكمة الاستئناف!!!!!! حتي أصدقاؤنا بالخارج يتصلون ويسألون ويختمون كلامهم بأن سيكون هناك خيراً!!!!!!! انتابني احساس بالخوف والقلق، من أن تصيب هؤلاء صدمة عندما يعلمون بحقيقة خفايا الأمور وأن من دبر هذا الأمر لأبوذر!!!! لن تهدأ نفسه وترتاح حتى يحقق ما تصبو له نفسه المريضة!!!!!!!

    تقابلت مع بعض الأصدقاء وناقشوا معي أمر الاستئناف معللين بأن حكم محكمة الاستئناف سيأتي بشئ جديد، قد يكون البراءة او تخفيض العقوبة لأبوذر علي أسوأ الأحوال!!!!!! لم أجاريهم فيما ذهبوا إليه، فاحساسي يتلخص في أنني لا أتوقع خيراً أبداً من محكمة استئناف أو محكمة عليا!!!!! لأنني أعتبر أنه لا توجد قضية أصلاً، وأن ساحات القضاء هي المكان المناسب لتصفية الخصومات الشخصية!!!!! وكما ذهب أخرون، وتصفية الخصومات السياسية كذلك!!!!!! وقلت في نقسي، حسبي الله ونعم الوكيل!!!!

    الثلاثاء 3 أغسطس 2010م

    انقضت ثمانون يوماً منذ اعتقال أبوذر وتعذيبه بمكاتب جهاز الأمن، وإلي أن تم تسليمه من جهاز الأمن إلي نيابة أمن الدولة!!!!! وواصل أبوذر حبسه بمكاتب نيابة أمن الدولة، ثم حولت قضيته إلي المحكمة!!!!، ومن ثّم صدور حكم بالإدانة بالسجن لمدة خمسة أعوام!!!!! وأثناء ذلك تحملنا ما يفوق طاقتنا واحتمالنا!!!!! ولاحظت أن أبوذر لم ينزعج أو يقلق من صدور الحكم بالإدانة!!!!! وظل ثابتاً وجلداً فى كل المواقف التي تعرض لها!!!!!!! كنت أرقب جلده وصبره طيلة هذه الفترة!!!!! وكان يداخلني خوف وشكٍ عظيم، من أن يفقد أبوذر مرونته في نقطة ما، وبالتالي يفقد صبره وقوة تحمله للمصاعب والعقبات التي اعترضت طريقه!!!!!!! رغم معرفتي الشديدة بقوة شخصيته وصلابته، إلي أن صحته لا تزال معتلة وتلازمه أمراض متعددة!!!!!! وأضاف السجن إلي همومه هموم أخرى!!!!!! كل هذا دفعني إلي التفكير والتساؤل: هل يمكن في أي لحظة، أن ينهار أبوذر؟؟؟؟؟ أم يستطيع أن يصمد في وجه المحن التي تلازمه؟؟؟؟؟!!!!!!!

    تذكرت، أنه عندما منعت إدارة سجن كوبر الزيارة في الاسبوع الفائت، عرفت أن أبوذر ورفقائه أخطروا إدارة السجن بأنهم سيدخلون إضراب عن الطعام احتجاجاً علي ذلك!!!!!! وعندما قابلته بعدها، تأكدت أن عزمه لم يخور ولم يوهن!!!!! وأن ما زال بجعبته الكثير من تكتيكات المقاومة!!!!!! وأنه مازال قادراً علي مواصلة الكفاح حتي النصر!!!!!!!

    في أخر زيارة لي بسجن كوبر، كنت أطرح علي أبوذر أسئلة في محاولة لاستكشاف مدى ثباته وجلده من ناحية!!!!! وما إذا كان تسّرب القلق والشك إلي نفسه، من ناحية أخري!!!!! تأكدت أن أبوذر رغم معاناته ومرضه وسجنه، فهو ما زال صابراً ومرابطاً ويكاد لا يشعر حتي بالسجن!!!!! وتذكرت تعليق والدته، بعد أن خرجنا من السجن بعد الزيارة!!!!! أن قالت لي: غايتو أبوذر ده غبيان غبى شديد خلاص!!!! سألتها: وكيف ذلك؟؟؟؟ قالت لي: انتي، ما لاحظتي إنو ما شغال بموضوع السجن ده كلو كلو!!!!! عليك الله ده هسع ما غبا!!!!!! وضحكت من قولها!!!!!!

    وتأكدت بنفسي مما ذكرته والدته، فهو لم يعرْ الأمر بالاً!!!!!! بل ذكر أن هناك العديد من الايجابيات الموجودة بالسجن، وأنه سيعمل جاهداً علي سبر أغوارها!!!!!! وذكر كيف أنه أصبح يخصص وقتاً للقراءة ويستمتع بذلك!!!!! إذ أنه كان دائم الشكوى وهو خارج السجن، بأنه لا يجد متسعاً من الوقت للقراءة، وذلك نسبة لمشاغله الكثيرة!!!!!!!! كما استطاع أن يخلق علاقات جديدة وتعرف علي أناس جدد، من ثقافات وجغرافية مختلفة، أصبح يقضي معهم وقتاً طيباً، يتعرف علي تجاربهم وخبراتهم في الحياة!!!!! أكد أبوذر أن له برنامج مثمر وجيد حيث يستطيع أن يستثمر وقتاً في التأمل والتفكر والربط والتحليل!!!!!

    أحسست براحة نفسية تجاه ما سمعته، الشئ الذي بدد بعض من مخاوفي وأزال من هواجسي!!!!!!، ذكر أبوذر أيضاً بعضاً من مشاريعه المستقبلية التي بدأ بالعمل فيها ووضع الخطوط العريضة لملامحها!!!!! وقال أن له عدد مقدر من المشاريع، تكمن مشكلته في أنه كان لا يجد متسع من الوقت للتفكير فيها والعمل علي إنجازها!!!!!!! ولكنه الآن سيعمل جاهداً علي الشروع فيها وإتمامها!!!!!! أكد أبوذر قائلاً: ما أن اخرج من هنا، إلا ومعي الكثير من المفاجآت غير السارة لمن يستهدفني بالخارج!!!!! فأنا أعمل علي ذلك منذ الأن!!!!!! وأكد أنه يتهيأ للمعركة القادمة والتي ستكون حامية ا########س!!!!!!!!

    وجه أبوذر حديثه قائلاً: لا يمكن أن تتخيلي ما أضافه لي السجن في هذه الفترة القصيرة!!!!!!! رديت متعجبة: وماذا يمكن أن يضيف؟؟؟؟؟؟؟ قال: هنالك الكثير من المصائب والقضايا البالغة الحساسية والتعقيد، تنبئ عن تورط لمسؤولين رفيعي المستوي!!!!! كما ان هنالك الكثير من المعلومات السرية الخطيرة التي اطلعت عليها ووقفت على تفاصيلها!!!!!!! وأضاف: تخيلي، أنا لو قعدت بالخارج عشرين سنة، لما أمكنني أن أحصل علي ما تحصلت عليه في هذه المدة!!!!!!

    اندهشت فعلاً، لما ذكره أبوذر، وتحيرت، إذ لم أتوقع ان يكون بالسجن أسرار خطيرة ومعلومات يسيل لها اللعاب!!!!!! وعرفت أن أبوذر يحمد في نفسه، أنهم أودعوه السجن ليواصل نضاله ويميط اللثام عن قبائح وفظائع أمور ارتكبت وتحمل أخرون بريئين جرمها!!!!!!! والكثير من القضايا التي رفض أبوذر الإفصاح عنها!!!!! لحظتها تأكدت أن أبوذر هو أبوذر لا يمكن أن يأدبه السجن أو التعذيب أو المرض!!!!!

    الأربعاء 4 أغسطس 2010م

    قابلت جمع من الصحفيين، التقيت بهم في منتدى، وكانوا ما يفتئون يبادرون بالسؤال عن أبوذر وصحته!!!!! وعن إذا سمحت إدارة السجن بزيارة الصحفيين أم لا!!!!! قلت لهم: أنني لم أسمع عن أمر السماح لهم بالزيارة!!!!!! قال واحد منهم: أن هذا الموضوع كبير وخطير، وفيه استهداف واضح لهم!!!!! فالمسجنون هم صحفيين والممنوعون من الزيارة هم صحفيين كذلك!!!!!!! وأبدى استياءاً بقوله: أن الأمور لا تسير علي ما يرام، طالما أن هنالك زمرة من المصلحيين هم الذيم يقودون اتحاد الصحفيين!!!!!! ورد عليه أخر بقوله: هؤلاء الزمرة، قد باعوا قضية الصحافة والصحفيين وقبضوا الثمن!!!! وليس من المناسب أن نتحدث عن ذلك!!!!!! فهذا أوان الفعل!!!!!!!

    علق أخر بقوله: مأسأتنا تكمن في أن الصحفيين أنفسهم شرذمة ومنقسمين بين تيارات المنفعة المادية والسياسية!!!!! ولا يكادون يتفقون أو يجمعون علي شئ فيه صلاح مهنتهم!!!!!!! راقبتهم وكنت انصت باهتمام شديد لما يقولونه!!!!!! قالت أخري: أن هنالك جسم أخر موازٍ، من المفترض أن يقوم بمهام الإصلاح والتقويم لمهنة الصحافة وما يعترضها من عقبات وغيرها!!!!!! وأضافت: أن هذا الجسم لم يحقق أو ينجز ما نصبو إليه، وهذا يرجع إلي عدم المؤازرة والتكاتف من الصحفيين أنفسهم!!!!! وقالت: انها قد تتوقع له الفشل أيضاً في إنجاز المهام الموكلة إليه!!!!!!!

    لاحظت أن بعض الأراء أصبحت تدافع عن الجسم المواز، بأنه هو أمل المستقبل الذي سيخرج المهنة من أزماتها!!!!!! كما يمكن تدارك النقص والعيوب التي تشوب ذلك!!!!!!!

    لم يكن لي أي علاقة بالصحافة أو بالصحفيين من قبل أن يطرأ موضوع أبوذر!!!!!، والأن أصبحت أقابل الكثير منهم!!!!! واستمع لهمومهم وشكاواهم!!!!!! في هذه الفترة الزمنية الوجيزة، التي احتككت فيها مع الصحفيين، ومن خلال مداولاتهم وأحاديثهم!!!!!!! أحسست أن الصحفيين والصحافة في أزمة كبيرة!!!!! فهم يحتاجون لمن يوحد كلمتهم وأهدافهم، ويجمعهم لما فيه مصلحة للصحافة كسلطة رابعة، ويجعلهم يتناسون شتي الخلافات!!!!! ويضعون نصب أعينهم هماً واحداً!!!!!!!! لاحظت أن كثيراً منهم لا ينقصه الإخلاص للمهنة، فيمكنهم أن يتحملوا الصعاب في سبيلها!!!!!! ويمكنهم المثابرة والمضي قدماً بالقضية!!!!!! كما لهم رؤية واضحة ومحددة المعالم!!!!!!! في اعتقادي أن كل وسائل النجاح اللازمة قد تجمعت!!!!!! وما عليهم إلا بذل مزيد من الجهد والعطاء الثر، وستثمر جهودهم عما قريب!!!!!!!

    الخميس 5 أغسطس 2010م

    اتصلت بي الأستاذة: رانية راجي، من منظمة العفو الدولية، والتي دائماً ما كنت أتلقي اتصالاتها الهاتفية ورسائلها الالكترونية، بصورة راتبة!!!!!!! فهي من الذين يتابعون قضية أبوذر ويلمون بكل تفاصيلها!!!!!! شكرتها علي مجهوادتهم في متابعة قضية أبوذر، وخاصة التقرير الذي تم نشره وبه أوردت كل تفاصيل القضية منذ اعتقاله وإلي المحاكمة!!!!!!! الأستاذة رانية، حقيقة أخجلت تواضعي بمتابعتها اللصيقة، وأسئلتها الدقيقة!!!!! فقد أخبرتني أنها تقرأ مقالاتي الأسبوعية التي تنشر يسودانيزاونلاين!!!!!!

    ذكرت الأستاذة رانية، افكاراً جديدة فيما يتعلق بمتابعة القضية، وذكرت أبعاداً أخري يمكن أن تحافظ علي إبقاء القضية في الذاكرة!!!!!! وإعطاءها بعداً أعمق لتظل محفورة في أذهان الأجيال القادمة والأسر!!!!!!!

    قالت الأستاذة رانية، بعد موافقتي، هم ينوون أن يكون هناك اتصال بين مختلف الآباء وأبنائهم وبيننا كأسرة!!!!!! ويكون ذلك عن طريق إرسال بطاقات لأبنائي من الآباء والأسر يتحدثون فيها عن إحساسهم بقضية أبوذر!!!!!! بغرض أن يكون هنالك تواصل معنوي بين الآباء وأبنائهم وبيننا كواحدة من وسائل الدعم النفسي لي لأبنائي!!!!!!

    رحبت بالفكرة، وشكرتها علي دعهمها المتواصل وجهودها الثرة، ومثابرتها في أن تظل القضية محفورة في أذهان الأسر عن طريق التواصل معنا!!!!!! وأضفت قائلة: تعلمين اننا في السودان نعيش في أسر ومجتمعات كبيرة وممتدة، فالموضوع بالنسبة لي سيمتد أكثر من محيط أبنائي ويتجاوزهم لأبناء أسرتنا الكبيرة والجيران والمدرسة!!!!!! واعتقد أنه سيلقى رواج وسيحقق دعم نفسي ومعنوي للجميع!!!!!

    خقيقة، أثلج صدري بما سمعته، وقد كنت أفكر في أن القضية أصبحت في طي النسيان، بعد سجن أبوذر!!!!!! وخاصة أن الرقابة القبلية علي الصحف، تشدد في حذف أي موضوع يتحدث عن الصحفيين ومحاكمتهم وسجنهم وكل ما يتعلق بهم، يتم حذفه من الصحف!!!! وحتي عندما منعت إدارة سجن كوبر الزيارة، لجأت للصحف لتنشر هذا الخبر!!!!!! وفي اليوم الثاني، اتصلوا بي صحفيين من جريدة الأخبار، أجراس الحرية، الأيام، الرأي العام، والصحافة، ليخبروني، بأنه تم حذف الخبر الذي أرسلته لهم!!!!!! وشرحوا لي كيف أن أعضاء من جهاز الأمن يأتون يومياً إلي مباني الجريدة، حوالي الساعة التاسعة والعاشرة ليلاً، ليحذفوا كل المواضيع التي لا تروق لهم!!!!!!! كما ذكر لي أحد الصحفيين بأنه قد تم إبلاغهم بقائمة من المواضيع التي لا يسمح لهم بالنشر فيها، وواحد منها هو قضية أبوذر والصحفيين!!!!! كما أنني شخصياً، تابعت أن طيلة فترة المحاكمة لم يكن هناك إعلام لأن المحكمة منعته بقرار، كما منعت الصحفيين من الحضور!!!!!

    وحمدت الله كثيراً، الذي سخر لنا منظمات عالمية لتهتم بالقضية، وتبتكر من الطرق والوسائل التي تجعل القضية في مصاف القضايا العالمية الجديرة بالذكر والاحترام!!!!!!

    الجمعة 6 أغسطس 2010م

    قررت ألا أرسل مقالتي الأسبوعية إلي سودانيزاونلانين ليتم نشرها، رغم أنني، استلمت من قبل، تهديداً صريحاً من وكيل النيابة (المتحري في بلاغ أبوذر) (خالد بلة)، بفتح بلاغ ضدي إذا واصلت في الكتابة، ولم أكترث لذلك!!!!! ولكني، الآن أتبع إحساسي وحدسي في هذا، فقد أحسست أن الكتابة في القضية من بدايتها، قد خلق اهتماماً واسعاً ومعرفة بما يدور في أوساط جهاز الأمن والنيابة والمحكمة!!!!!!! وأن القضية الآن دخلت طوراً أخراً، وهو أن أبوذر الآن بالسجن ولاتوجد الكثير من الأمور التي تهم الرأي العام أو تشبع شغفه!!!!!!

    كما أحسست أن القضية قد خبأ وميضها، علي الأقل في أوساط موقع سودانيزاونلاين، الذي داومت بالكتابة فيه!!!!!!! وشعرت أنه علي أن أجد واستكشف مواقع أخري!!!!!! واهتمامات أخري، وربما قراء أخرون!!!!!! ولاحظت أن قراء سودانيزاونلاين يهتمون بالمواضيع الساخنة الآنية التي تفرض نفسها بالساحة!!!!!! وربما بعد سجن أبوذر، أن يكون شعور القراء وحماسهم قد فتر لمتابعة القضية ولدفعها!!!!! على ضوء هذه الخلفيات قد اتخذت قراري بعد مواصلة النشر في سودانيزاونلاين!!!!!!! ولكن لا يعني هذا، انني لن أواصل الكتابة اليومية، رغم أن السجن فرض جموده على ايقاع حياتنا وعلي نظرتنا للأمور!!!!! حتي أصبحت أشعر أنه ليس لدي الكثير لأكتبه!!!!!!

    ولكني أعلم أن القضية ما زالت حية وساخنة بدواخلي، وأنني أود أن أجعلها قضية الرأي العام التي لا يبهت بريقها أو ينطفيء!!!!!!! ولكن كيف السبيل إلي ذلك؟؟؟؟ وما هي الجهات التي يمكن أن تنشر لي ما كتبت؟؟؟؟ وما مدى إيمانها بهذه القضية؟؟؟؟؟ لم أعرف، ما هي الخطوات التي تلي هذا القرار؟؟؟؟؟ كما أنني لا أملك أي بدائل أخرى؟؟؟؟؟؟

    اول ما بدأت في الكتابة كان أبوذر معتقلاً بمكاتب جهاز الأمن، وكان كل تفكيري متركزاً أنه بعد أن يخرج أبوذر من المعتقل، لابد أن يجدني قد سطرت له كل ما يحدث وهو بعيد عنّا!!!!!! ليعرف كل صغيرة وكبيرة حدثت في قضيته!!!!!!! وبدأت أسجل زياراتنا لمكاتب جهاز الأمن وكذبهم علينا!!!!!! ومن ثمّ ترحيله إلي نيابة أمن الدولة، ومنعنا من الزيارة ومنعه من تلقي العلاج!!!!!! ومن ثمّ..........ومن بعد.........والمحاكمة.....و..!!!!!!! وكبّرت القضية من اعتقال إلي حبس على ذمة التحقيق، مروراً إلي محكمة وانتهاءاً بالسجن!!!!!!! وواصلت الكتابة ولم انقطع عنها!!!!!!! لم يدر بخلدي يوماً، أن ما حدث يمكن أن يحدث!!!!!!! ولم أفكر فيه يوماً!!!!!!! وازداد حرصي علي الكتابة، وخاصة أن كثير من الأمور لم يتمكن أبوذر من معرفتها ولم يسمح له حبسه وسجنه، من معرفة ما يدور بالخارج!!!!!!

    أثناء ذلك، كانت هناك لقاءات مع قنوات إعلامية عالمية ومقابلات وكان هناك تركيز علي القضية!!!!! وكان هناك من يحثني ويشجعني لأن اتكلم بالصوت العالي، وأن أكتب!!!!!! فاتصل بي دكتور محمد الامين وأقنعني أن أكتب شيئاً للاعلام حول القضية!!!!! فقلت له عندي كتابات بدأتها!!!! فأشار إليّ بأن أنشرها!!!!!!! وفعلاً، اتصلت بعبدالمنعم سليمان وعوض الكريم وبادروا بنشرها في سودانيزاونلاين!!!!!! لم أكن من متصفحي سودانيزاونلاين، ولم أكن اتابع صدي مقالاتي!!!!! ولكني كنت أسمع من أصدقاء بالداخل والخارج عن مقالاتي وكيف انها وجدت استحسان منهم!!!!!!! وأشاروا كثيرون كيف أنهم أصبحوا يتابعون ما يحدث متابعة لصيقة بسبب المقالات!!!!!! ووجدت تشجيعاً علي المواصلة وعدم الانقطاع عن الكتابة مهما يحدث!!!!! وكان من ضمن المشجعين علي الاستمرار في الكتابة المحبوب عبدالسلام والحاج وراق!!!! كما تلقيت اتصال من فيصل الباقر من نيروبي ومن خالد أب أحمد من البحرين!!!!!! ولم يكن في حساباتي ان تجد مقالاتي الرواج الذي لاقته!!!!!! ولم أكن أعرف انني أملك المهارة الكتابية التي تؤهلني لأن أكتب شيئاً جيداً!!!!!!

    السبت 7 أغسطس 2010م

    ذهبنا لزيارة أبوذر بالسجن، وانتظرنا إلي أن تم استدعاء أبوذر وحضر لمقابلتنا، أثناء ذلك سمعنا ضجة شديدة والتفت لمعرفة مكانها!!!!!! وجدت أنه بالناحية الغربية للسجن، وحيث يوجد باب بين العنابر الداخلية والحوش الذي به تتم الزيارة، كان هنالك أحد المساجين وهو يرتدي زياً شبيهاً بالذي يرتديه أبوذر، وقد تعارك مع أحد شرطة السجن!!!!!!!

    كان الشرطي يحمل عصا بيده، ويهدد بها السجين!!!!!! وما هي إلا لحظات حتي ضربه بها علي راسه من الخلف!!!!!! وفي اللحظة سال الدم أنهاراً حتي امتلأ ظهره كله!!!!!!! وسقط السجين مترنحاً علي الأرض!!!!!!!! صرخت وقلت: لقد مات!!!!!! وحمله سجينان أخران، لا أعلم إلي أين؟؟؟؟؟؟ سأل أبوذر أحد السجناء عن الذي حدث؟؟؟؟؟ أجابه أن السجين كان ينوي الخروج من الباب الداخلي، وقال له الشرطي: أنه لا يمكن أن يدخل!!!!!! سكت أبوذر ولم يعلق!!!!!!! وانهلت عليه بالأسئلة: لماذا يمنعه؟؟؟؟ فهذا الباب داخل السجن وليس بالشارع العام!!!!!! وهذا المكان يشبه بساحة أو حوش كبير ولا أعتقد أن يكون هناك منع من دخوله أو المرور عبره!!!!!! قال أبوذر: أنه يفهم ويستطيع أن يفسر ما حدث!!!! وقال على حد علمه، لا يوجد منع أو شئ من هذا القبيل!!!!!! وأضاف: كل ما يمكنني قوله، هو أن هذا الشرطي دائماً ما يفتعل المعارك مع السجناء، وينتهي الأمر بضربة خطيرة علي الرأس أو البطن أو الظهر!!!!!! فهذا يحدث كثيراً هنا!!!!! ويوجد عدد من شرطة السجون يسيئون استعمال السلطة ويستعملون العنف ضد المساجين في أتفه الأمور!!!!!

    شعرت بالرجفة تسري في كل جسدي، وجف حلقي ولم أستطع الكلام!!!!!! وعندما نظرت إلي أبنائي وجدتهم قد فغروا فاههم وسأل (علي، 9 سنة) أبوذر بدهشة: يا بابا انتو بيضربوك بالعصاية دي!!!!!!! ونظرت إلي أحمد ورؤي وكانت ملامح الرعب والفزع ارتسمت علي وجوههم!!!!!! ساد جو من الصمت الطويل بيننا، ولم أستطيع أنا ولا أبنائي أن نعلق بكلمة حول ما حدث!!!!!!! إلى أن انطلقت الصفارة مؤذنة بنهاية موعد الزيارة ودعنا أبوذر وانصرفنا!!!!!!

    توجهت إلي حيث سلمت موبايلي وبطاقتي، ولاحظت ان علي ابني وقف مبتعداً، بعد أن كان ملتصقاً بي وسألني: يا ماما ما ممكن نمشي جنب البوليس؟؟؟؟؟؟!!!!!! وقبل أن أرد، قال (علي): انتي ما خايفة يضربونا بالبندقية دي!!!!!!!!! وكان يرتجف من الخوف!!!!!!! هدأت روعه، وذهب مبتعداً!!!!!! تركته بالقرب من أخوته، وذهبت وتناولت بطاقتي وموبايلي!!!!!! عندها قال لي علي: يا ماما كانوا حيضربونا بالرصاص!!!!!! قلت له: يا علي ما حيضربونا بالرصاص!!!!!!!

    تحيرت في أمري، ولم أعرف كيف أزيل حدة هذه المشاعر التي سوف تتعمق في دواخل أبنائي، وربما تتسبب لهم بعقد نفسية خطيرة!!!!!! ساورني قلق عظيم تجاه ما سيحدث لأبنائي، وخاصة لم أعرف كيف اتصرف معهم؟؟؟؟؟؟ هل من الصواب أن أقول شيئاً او اعلق؟؟؟؟ أو لا؟؟؟؟؟ وهل استطاعوا أن يفهموا الأمر كما ينبغي لهم؟؟؟؟ أم لا؟؟؟؟؟ وكيف يمكنني أن أشرح لهم ما رأوه بكل وضوح وتجرد؟؟؟؟؟؟ وكيف يمكنني أن أنكر هذه الحقائق أو حتى كيف يمكن أن أجّملها أو أنمقها؟؟؟؟؟؟؟

    احترت في أمري، ولم أدرٍ ماذا أفعل؟؟؟؟ وكأن ما حدث ألجم لساني!!!!! ولم يفتح الله عليّ بكلمة حق أو باطل لأقولها لأبنائي!!!!!!! طالت فترة صمتنا، ولاحظت أن رؤى ابنتي كانت تبكي بحرقة شديدة!!!!!!! لم أشأ أن أتحدث معها، لأني لم أكن أعرف ما أقوله لها!!!!!! ولكنها بادرت بقولها: البيحصل ده كتير يا ماما، وما في زول بقدر يتحمل ده!!!!!! وأضافت: انا ما بتوقع الشرطة تضرب بابا في السجن كمان، وكفاية عليه إنو مريض بسبب الضرب الحصل ليهوا من جهاز الأمن !!!!!!!

    تماسكت نفسي، وأحسست أنني لابد أن أقول شيئاً، قلت لها: يا رؤى، بابا ما قال إنو الشرطة ضربته في السجن!!!!!!! ردت عليّ بغضب شديد: إنتي متوقعة منو يقوليكي؟؟؟؟؟؟ شعرت بكلماتها كأنها خنجر مسموم قد انغرس في صدري!!!!!! ولذت بالصمت، إذ كنت أتعامل مع رؤى كأنها تلك الطفلة الصغيرة التي تستمع لما أقول!!!!!! كلامها هذا، أشعرني أن رؤى قد كبرت ونضجت بما فيه الكفاية، لتستطيع أن تقيّم المواقف بنفسها دون حاجة لمزايدة مِني!!!!!! وقلت في نفسي: أن الأمر سيان، فمن الممكن أن يتعرض أبوذر للضرب داخل السجن، وخاصة أن كل المساجين عرضة له دون استثناء!!!!!! وعلمت أنه ما كان لي القول لرؤى، بأن أبوذر لم يذكر أنه قد تعرض للضرب!!!!!! وما حدث أمامنا إلا برهان كافي جداً لفظاعة ما يحدث حتى لو لم يتعرض أبوذر له!!!!!! فقد ضرب الشرطي السجين أمام عيون كل الزوار والمساجين دون أن يستحي من الجمع أو يشعر بأنه قام بعمل خطأ يستوجب عليه العقاب!!!!!!

    لاحظت أن أحمد لم يتحدث طيلة الوقت وكان يراقبنا وينظر إلي رؤى بطرف خفي!!!!!!! لم أعرف ما يجول بخاطره!!!!! فكرت بأن أسأله لأعرف ما يدور بخلده!!!!!! ولكني أثرت الصمت، إذ كنت علي معرفة بتوعده الانتقام والثأر من جهاز الأمن!!!!!!!

    ذهبت بتفكيري، انني يجب ألا اصطحب أبنائي للسجن مرة ثانية!!!!!! وقد يكون في هذا حرمانهم من رؤية أبيهم!!!!! ولكن من ناحية ثانية، يمكن ان يكون فيه مصلحتهم!!!!!! ومن يدري ربما المرة القادمة يكون الموقف أسوأ!!!! فبعد أن شاهدوا السجين يموت أمام أعينهم اليوم، من يدري ماذا سيحدث غداً!!!!!! ولكن أبوذر، أعرف أنه ينتظر زيارة أبنائه بفارغ الصبر!!!!!!!! لم أدرِ ماذا أفكر أو أقرر!!!!!! شعرت انني في حيرة شديدة من امري!!!!!! فأبنائي أيضاً لا يمكن أن يقتنعوا بالتخلي عن الزيارة، ولا أبوهم كذلك!!!!!! وفي نفس الوقت، أنا خائفة أن يصيبهم ما يصيبهم أو أعرضهم لمواقف هم في غني عنها!!!!!!!

    أول ما وصلنا إلي المنزل، حتى قال لي أحمد: يا ماما ما تستغربي إذا أنا كتلت لي شرطي في يوم من الأيام!!!!!!! أحسست أن قواي قد خارت، حتى لم تقوى رجلاي على حملي!!!!! نظرت حولي ووجدت كرسي بالقرب مني وارتميت عليه، قلت له: يا أحمد كيف تقول مثل هذا الكلام؟؟؟؟؟؟ قال لي: انا قلتليك قبل كده، إذا في أى زول هبش بابا، أنا حأكتله، جد جد!!!!!! تسمرت في مكاني مما سمعته من أحمد!!!!!! فكيف لطفل في الثانية عشرة من عمره أن يفكر مثل هذا التفكير!!!!!! وتكون له مثل ردة الفعل العنيفة هذه!!!!! خفت عليه من ان تسيطر عليه مثل هذه الأفكار العدوانية وتملأ قلبه وعقله!!!!!! لم أدرِ ماذا أقول أو أفعل؟؟؟؟ ومن يمكنه ان يساعدني ويقدم لي النصح لأستطيع أن أتعامل مع أبنائي في مثل هذه المواقف العصيبة!!!!!! أحسست أن رأسي كاد أن ينفجر من هول ما سمعت ورأيت في يومي هذا!!!!!! ولم أجد من ألجأ إليه، وقلت في نفسي: اللهم إني فوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك!!!!!!!!

                  

08-17-2010, 06:13 PM

Manal Mohamed Ali

تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 1134

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير (12) اعتقال وتعذيب الصحفي أبوذر علي الأمين من 1-7 أغسطس 2010م (Re: Muhammad Elamin)

    من اول يوم وقلبي معاكي يامنى
    ومع صديقي ابوذر

    قولي ليه منال ما عارفه التقولوا ليك يا صديقي

    سلمي لي على كل ناس البيت

    وانا خجلانه من عجزي وقلة حيلتي
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de