|
|
 Re: من هم «الجلابة»..؟! (Re: Kostawi)
|
جلابة .. غرابة .. من الانصهار إلى الانحصار
حامد جربو/ السعودية [email protected]
05/05/2007
لم تكن الصلة معدومة بين الغرابة والجلابة قبل المهدية , ولم تكن المهدية هي البداية الصلة بينهما , .كما ذكرنا في مقال سابق , أن قوميات الشريط السوداني "إفريقيا السمراء " متداخلة وممتدة أفقياً كاٍمتداد الشريط السوداني منذ القرون , ومن دون شك هنالك روابط وطيدة وعلاقات راسخة بين سلطنة الفور
مركز "الغرب" وسلطنة الزرقاء في سنار حاضرة النيليين –أولاد البحر- منهم الجلابة , وحتمية العلاقة بينهما مرجعيتها الدين الإسلامي , الذي يعتبر حسن الجوار وصلته من صميم التعاليم الإسلام وجوهره.
لكن البداية الفعلية وانطلاقتها , كانت في منتصف القرن التاسع عشر , عندما التقى , محمد أحمد بن عبد الله ابن الفحل , "المهدي" فيما بعد , بعبد الله تور شين التعايشي , خليفته فيما بعد , في أحدى خلاوي تحفيظ القرآن في وسط السودان الجزيرة , فتطورت العلاقة إلى صداقة والى إخوة إسلامية صادقة وتبلورت إلى فكرة ثورية ضد الحكم التركي المصري في السودان , .
محمد أحمد المهدي , رجل قومي من الطراز الأول , تبنى التوجه الإسلامي الوعاء الجامع لمعظم الأجناس والقوميات السودانية , وتمثل ذلك في الثورة الإسلامية التي اجتاحت البلاد , وتجلت عبقرية هذا الرجل في سهولة تخطيه لمعوقات الثورة والعمل الجماعي المتمثل في القبلية والجهوية المتفشية آنذاك , وتمكن من حشد أجناس وقبائل من مناطق متباينة ومتفاوتة في "البقعة المباركة " أمدرمان, لربط القبائل والجماعات مع بعضها , فبادر المهدي إلى الزواج من عدة قبائل : لقد تزوج المهدي من فاطمة بنت الحاج الدنقلاوية وتزوج فاطمة بنت احمد شرفي وهي من بنات عمومته , والتي عرفت " بأم الفقراء "
وتزوج من قبيلة الحلاوين ومن أسرة الشيخ القرشي , النعمة بنت القرشي كما تزوج من المصرية وهي فاطمة حسين حجازي , من قرية حجازة بصعيد مصر وتزوج عائشة إدريس من سنجه , وتزوج مأمونة الحبشية , وكذلك قبيل الله النوباوية ومهل الجود الدينكاوية , وتزوج الأميرة مقبولة بنت الأمير نورين محمد فضل أحد سلاطين الفور وهي والدة , الأمام عبد الرحمن المهدي , جد الصادق الصديق عبد الرحمن المهدي , . بهذا يمكن القول أن مدينة امدرمان هي بوتقة الانصهار الحقيقية , حيث تمازجت
وتخالطت القوميات السودانية , وأنتجت الشخصية السودانية المثالية التي تنتمي إلى الكل , وجزء من الكل لدي تعليق على مقال الأخ أبوبكر القاضي , بعنوان " بصيص أمل لتعايش أولاد البحر والغرابة" , ذكر في المقال : فشل أولاد البحر في التعايش مع الغرابة , " وقال: أننا في دارفور نتطلع لرؤية أبناء دارفور في المقدمة وفي القيادة , ولكن بالقطع لا نريد أن نراهم تحت ستار القومية" .انتهى كلامه .
فهمي لعدم التعايش أو فشل التعايش يتجاوز وضع الجلابة والغرابة عندنا في السودان .
فشل البيض في جنوب إفريقيا في تعايش مع السود طوال فترة" سياسة التفرقة العنصرية ( Apartheid ) لأنهم صنفوا البشر حسب اللون , واحتكر البيض حق تفوق الجنس الأبيض على الأسود , وقوبل هذا الشذوذ والأنانية بالرفض القاطع من قوميات الأخرى , أفضى إلى حالة من الوتر والاشتباك وعدم الاستقرار , ويمكن اعتبار ما حصل شكل من أشكال ,فشل التعايش بين السود والبيض .
فشل الإسرائيليون والفلسطينيون التعايش في أرض فلسطين لأسباب معروفة لدى الجميع وفشل الصربيون والبوسنيون ( من أصل تركي ) من التعايش في جمهوريات يوغسلافيا السابقة لخلفيات تاريخية وعرقية وثقافية وعقائدية , أفضى إلى حروب أهلية مدمرة .
أما ما يثار في السودان من وقت لآخر بين أهل الغرب وأبناء النيل ما هو إلا صراع سياسي رأسي , لا تمد البنية الاجتماعية بصلة, فقط شفرة سياسية يستخدمها ضعاف النفوس لإقصاء الخصوم من سدة الحكم ,. معروف عند أبناء النيل , عبارة "الغرابة " وفي سياقها السياسي , مفهوم يحمل شفرة تاريخية تذكرهم بعصر الخليفة عبد الله التعايشي وكلمة " الجلابة " عند أهل الغرب , مفهوم يحمل عدة دلالات ومنها الانتهازية , وإقصاء الآخر , ليس هناك أسباب وجيهة ودواعي موضوعية تمنع التعايش بين الجلابة والغرابة ولا سيما على صعيد الاجتماعي أو الثقافي , التباين الثقافي والتفاوت التاريخي ليست شاسعة , ثم أن هناك رغبة قوية من الطرفين في التمازج والتزاوج , , على سبيل المثال نجد عدد كبير من أبناء الغرب (النخبة السياسية والتقنغراط ) تزوجوا من بنات النيل وتجار الجلابة في غرب السودان تزوجوا من بنات الغرب .
ما أراه يا أخي أبوبكر , هو محاولة أخفاء أو إلغاء التعايش الماثل , وإبراز الجانب الذي يخدم البرنامج السياسي الجهوي , وبالتالي يعطل الشراكة السياسية ومن ثم إلى مفارقة التاريخية ربما تؤدي إلى تقرير المصير, وبذا ينفرد أبناء النيل بالسلطة والثروة , ويكون غيرهم ديكوراً في الهامش ,لا يمكن وصف الحالة [ب بصيص الأمل في التعايش ٍ] بل التعايش الحقيقي حصل في جميع نواحي الحياة ولا يمكن تجاهله ,
وسوف يستمر هذا التعايش رغم الشفرات السياسية الاٍقصائية من وقت لآخر.
تعليقي على الفقرة " إننا في دارفور نتطلع لرؤية أبناء دارفور في المقدمة وفي القيادة ولكن بالقطع لا نريد أن نراهم تحت ستار القومية : كيف تكون في المقدمة وفي القيادة دون برنامج قومي أو انجاز قومي حقيقي ؟
إذا كنت في المقدمة تحت ستار الجهوية أو الإقليمية أو على ظهر الدبابة , أعلم أنك في وضع تنقصك الشرعية!! , بمعنى أنت في حاجة إلى سند قومي ودستوري , هذا فيما يتعلق بالسياسة والحكم أما في مجالات المهنية الأخرى يتوقف على الكفاءة والخبرة والعطاء , وفي ذلك فاليتنافس المتنافسون .
فيما يختص بالصراع في حزب الأمة بين أبناء الغرب , والبناء البحر- بقيادة الصادق المهدي , كما ذكر,أخونا أبو بكر القاضي , هذا دليل على التعايش وليس العكس !, أبناء الغرب أغلبية في حزب الأمة يريدون القيادة , والصادق يريد البقاء في قيادة الحزب , بغض النظر عن من يخلفه , هذه إشكالية يمكن حلها في إطار الديمقراطية وخيار الأغلبية , لا علاقة هذه بالتعايش الذي يتحدث عنه الأخ ابوبكر!,لو كانت الإشكالية في التعايش , لما عاش هؤلاء في حزب واحد قرن من الزمان , ثم إن مثل هذا الصراع على
الزعامة يمكن أن يحصل بين أبناء الرجل الواحد ناهيك عن شتات حزب الأمة , .
أما العبارات مثل "البجي من الغرب ما يسر القلب " وغيرها المتداولة في أوساط ضيقة مثل هذه الوصفات تأتي من تجارب شخصية أو رأي شخص له موقف أو تجربة شخصية وعبر عنها من خلال تجربته الشخصية وليس تعميماً , مثلها الأغنية الشعبية المتداولة " وليد دارفور بمشى معاك الليلة "ولا الأولى تنسف التعايش ولا الأخيرة سبب في الانصهار كلها انطباعات خاصة تأتي في سياق خارج الصراع ,الإشكالية ليست في مثل هذه الأتطباعات. تكمن إشكالية انحصار التعايش وتقهقره في السياسة التي اتخذها نظام المؤتمر الوطني الحاكم بعد صدور الكتاب الأسود , واندلاع الثورة في دارفور , الجهوية والقبلية والانتقائية التي تفشت في أروقة الدولة , ما كان ذلك ممكناً إذا تصرف النظام بصورة أكثر مسئولية وتجب المجاراة والمكايدة السياسية ومما زاد الطين بلة الصحافة الجهوية والأقلام العنصرية
والأعلام الانتقائي , هذه كلها وسائط تعكس وجهة نظر النظام , وتدير الصراع بمفهوم ,هم-و- نحن كما لو أن الحرب في دارفور بين إسرائيل والعرب , ! وليس بين أبناء الوطن الواحد , في هذا الوسط الإعلامي الذي يجعل من ثوار دارفور " أباليس أو قتلة أو عملاء للصهاينة , يقاتلون أبناء النيل "الوطنيين البررة " يخلق حاجزاً أمنياً ويعيد كل الذكريات الأليمة للطرفين المتنازعين ويتقوقع كل طرف جغرافياً بمعطيات الأمنية التي تجعل التواصل والاندماج درب من الخيانة أو الخروج من الإجماع الوطني كل حسب رؤيته , في هذا الجو يحصل انحصار التعايش , كما اتضح ذلك في سنوات الحرب في الجنوب , ومحصلتها ميلاد جيل جديد لا يؤمن بالتعايش بين الشمال والجنوب ويطالب بالانفصال , رغم الأماني والمبتغيات بالوحدة والتضامن من اجل مستقبل أزهى وأفضل للأجيال القادمة .
ملخص القول أن تعايشاً وتآلفاً وتكيفاً حقيقياً حدث بين أبناء الغرب "الغرابة " وأبناء النيل ومنهم "الجلابة " منذ أكثر من قرن , وربط هذا التعايش الاجتماعي الغرب بالشمال والوسط , وجعل من المستحيل الفصل هذا التواصل بشهادة التاريخ والجغرافيا , ولئن حاول ضعاف الساسة وأصحاب المآرب المشبوهة النيل من هذا التعايش لأغراض سياسية ومكاسب حزبية أو جهوية ضيقة , الآ أن صمود هذا التعايش والتواصل عبر الزمن يحولان دون تحيق مآربهم , وتفوت الفرصة عليهم .
| |
 
|
|
|
|
Deng
ابراهيم بقال سراج
أبو الحسين
اساسي
Kostawi
Mohamed Suleiman
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست