الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 08:10 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة بكرى ابوبكر(بكرى ابوبكر)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-05-2007, 01:47 PM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18724

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى

    الأسرة هي العروة الوثقى
    * الجزء الأول
    الأربعاء السادس والعشرون من رمضان الساعة السابعة وخمس وأربعون دقيقة صباحاً وأنا أغادر الفندق بمدينة قوانزو جنوب الصين للقاء خارج المدينه حدد له الساعة التاسعة صباحاً تستغرق الرحله أقل من ساعه.. ولكن مرافقي الصينيين يتحسبون لأي طارئ يؤدي للتأخير بالطريق ..عليه غادرنا قبل ساعه وخمسة عشر دقيقه واذا بهاتفي يرن وأنظر الى الرقم على الشاشه فأجده ابني وائل من الخرطوم فتمهلت في الرد.. الساعه بالخرطوم قبل الثالثة فجراً.. اللهم أجعله خير.. لم يحن الفجر بعد.. فأي أمر أدى لأن يظل وائل مستيقظاً الى ذلك الحين؟ اللهم أجعله خير.. إن الله يصطفى من عباده المخلصين.

    في لحظات رجع بي الزمن عام وخمسة أشهر وأربعة عشر يوماً الى الثلاثاء الثالث من مايو 2005م وأنا أستغل الطائره البريطانيه من لندن الى القاهره الساعه الحادية عشرة و عشرون دقيقه قبل منتصف الليل برفقة والدي الذي يجلس بجواري ووالدتى وابن أخي بشير الصغير ذو الستة أعوام والذي لحق بنا الى الولايات المتحده للاستشفاء من فيروس ألم بيده وحفظه الله من بترها حسب قرار أطباء بالأردن بعد أن أوصى أطباء الخرطوم بارساله عاجلاً الى هنالك وأنعم الله عليه بالشفاء بأمريكا، واختى وابنتها الصغرى يجلسون امامهم والتى كثيراً ما رافقتنى ووالدي في الأسفار كانت تأبى إلا أن تكون بجوار أبي في كل السفريات طمعاً في فضل خدمته والاستئثار بها وهنيئاً لها ذلك الفضل إلا في تلك الرحله عند صعودنا الطائرة بمطار هيثرو في طريق عودتنا من الولايات المتحدة.. طلبت منى والدتى بحزم أن أجلس جوار أبي فعجبت أنا وأختي لذلك الطلب ولكننا لم نناقشها.. الكل يجلس أمامنا وغادرنا مطار لندن وتصفح والدى مجلة كانت أمامه رغم عدم المامه باللغة الانجليزية ولكنه يستنتج الكثير من تصفحه حتى للصور. بعد أقل من ساعه سنكون بصحبة أخي صلاح وأختي الكبرى وأولادهم بمطار القاهره وغداً سيحضر من تبقى من الاخوة بالخرطوم.. سوف يلتئم شمل الاسرة بعد غياب دام أكثر من تسعة أشهر بالولايات المتحده لم نلتق خلالها إلا باثنين من الاخوان الذين تيسر لهم الحصول على تأشيره للحضور لزيارة الوالد والوالدة ورغم ان هدفنا ان لا نبقى بالقاهره أكثر من أربعة أيام حتى يتسنى للوالد أن يتحصل على تأشيرة عوده للولايات المتحده حسب الموعد المضروب له بالسفاره الأمريكيه بالقاهره لمواصلة علاجه من مرض (Parkinson) (الشلل الرعاشي) والذي تجاوز في علاجه أكثر من 75% ولكن الشوق غلب عليه فقرر العودة للوطن لفترة ثم الرجوع لمواصلة العلاج، الكل بالسودان يتحرق شوقاً وعزموا على الحضور للقاهرة لقضاء تلك الأيام الأربعة والعودة للوطن الحبيب في رفقة الوالد والوالده.
    طلب منى والدي ان أحرك له الكرسي ليظل جالساً بعد أن طالت رقدته من لندن خاصة انه لم يتبق من زمن الرحله أكثر من خمسة وأربعين دقيقه.. كنت أنظر الى وجهه المستدير وقد عادت له نضارته واشراقه بعد ان استعاد اكثر من ستة عشر كيلو جرام وزناً خلال تلك الفترة التى قضاها بالولايات المتحده وكان قد فقد أكثر من أربعة وثلاثين كيلو منذ أخر زيارة له للولايات المتحده في عام 2001. قلبي يزداد انقباضاً منذ أكثر من شهر ومنذ ان قررنا العودة لقضاء فترة بالسودان الكل يتحرق شوقاً.. تلفونات من هنا وهنالك الحجز.. تأكيد الحجز.. حتى أخر يوم وقبل المغادرة طلبنا بعض التجهيزات بالطائره المغادرة من فينيكس الى لندن احتياطي اكسجين فوجئنا بأنه غير متوفر لنا في تلك الرحله اتصلنا بطبيبه الخاص أكد عدم حوجته للاكسجين وأنه في أتم الصحه للمغادره في رحلة تستغرق إحدى عشرة ساعة إلى لندن. ترددت كثيراً اتصلت ببعض الأخوة بالخرطوم لتأجيل الرحله حتى اليوم التالي..وكان الرد توكل على الله يا أمين وبما ان طبيبه أكد عدم حوجته لتلك التجهيزات فلما التردد وتوكلنا على الله.
    قابلتنا مشكلة بمطار فنكس لإكمال إجراءات السفر وحسب طلبنا السابق بتحضير اكسجين والذي لم يكن متوفر لنا بتلك الرحله أصر مدير المحطه على طلب طبيب المطار (اسعاف) زيادة في الحرص بعد ان أخطرناه بعدم حوجته للاكسجين وعند الكشف على الوالد وجدوا ان نسبة الاكسجين بالدم عاليه وتفوق المعدل.. لم إذاً كان طلب الاكسجين في أول الأمر تساءل المسئول وسُمح لنا بالمغادره وبقينا في لندن ثلاثة أيام للراحه بعد رحلة استغرقت أكثر من عشرة ساعات وغادرنا للقاهره في طائره مجهزة بالاكسجين لرحلة لا تتجاوز الأربعة ساعات والنصف. الحمد لله سوف نحط في القاهره بعد أربعين دقيقه.. ماذا بك؟ لما يزداد خوفك وينقبض قلبك! كل شئ يجري على ما يرام أبوك في أحسن حالاته التى لم تراه فيها منذ سنوات الحمد لله... الحمد لله.. ولكن أبي .. أبي ما هذا ما الذي في فمك..ماذا أتريد أن؟... تناولت منديل ومسحت من على فمه.. ما هذا أبي أبي، ناديت على المضيفة وذكرت لها ان أبي لا يرد على لم تر شئ غير طبيعي في ملامحه... كما أنى أرى وجهه أكثر اشراقاً... ذكرت لي المضيفه أن هنالك طبيب بين ركاب الطائره وشاءت الأقدار ان يكون النطاسي د. سراج أبشر أحمد وكان طبيبه الذي كثيراً ما رعاه بالخرطوم. بدأ بجس نبض يده ومن ثم شريان عنقه ثم عينه سألته المضيفه ان كان يحتاج الى اكسجين... ولم يرد فهرعت وأتت بالاكسجين نظر الى وفهمت....ما لم أفهم... ولم ينطق بكلمه.. وضع كمامة الاكسجين على أنف ابي ولحق بالمضيفه التى سبقته لتطلب من قائد الطائره تجهيز عربة اسعاف حال هبوطنا بمطار القاهرة والذي كان قد أعلن عنه أثناء انشغالنا بما يجرى... وبمجرد لحاقه بالمضيفه وضعت يدي على يد أبي فوجدتها بارده فرفعت كمامة الاكسجين عن أنف أبي فلم أجد اكسجين يسري من الانبوب انه لا يحتاج للاكسجين قضي الأمر... لا.. لا يمكن ان يكون كذلك .. لا يمكن ان يكون الانتقال من دار الى دار بتلك السهوله.. تجمدت الدماء في عروقي خلعت نظارته كما أفعل كثيراً عندما يود الوضؤ أو التيمم في بعض الأحيان ثم خلعت ساعته أنظر الى وجهه وكأنى أراه يبتسم الى متهللاً وهى عادته حتى لو غبت عنه بضعة ساعه فقبلته في رأسه، عندها عاد دكتور سراج من كابينة قائد الطائرة وكنت في حالة اللاوعي أرى د.سراج ولا أراه.. ورغم أنه رأى ما فعلت بخلع كمامة الأكسجين والنظارة والساعة ولكنه وقف لم ينطق بكلمه حتى سألته هل استرد صاحب الأمانة أمانته؟ وكنت أتمنى أن يقول لي ما الذي تفعله أبوك في صحة وعافيه ولكنه قرأ الفاتحه.
    انحنيت نحو أبي وقبلت يديه ثم رأسه وقرأت عليه بعض آيات من الذكر الحكيم .. وأنزل الله علي ثبات من عنده.. فطلبت من المضيفه أن لا تسمح لأحد من اطفالنا بالحضور الى المقاعد الخلفيه.. عندها طلب من الجميع ربط الأحزمة للهبوط بمطار القاهره.. كل تلك الأحداث تمت في اقل من عشرة دقائق منذ أن طلب منى والدي عليه الرحمه تحريك الكرسي الذي يجلس عليه الى ان أعلنت المضيفه ربط الأحزمه للهبوط. ولم يعلم أحد بالطائره بما حدث حتى والدتي وأختى واطفالنا حتى هبوطنا بمطار القاهره ونزول الركاب.
    أعتقد بأنى قد نسيت أن أغلق تلفوني عند الاقلاع من لندن وكنت أتحدث الى لورا بمكتبنا بفنكس لمتابعة خطاب من طبيب الوالد يؤكد فيه حوجته للعوده لمواصلة العلاج في مدة أقصاها شهراً لتقديمه ضمن مستنداتنا للسفاره الامريكية لحصوله على تأشيرة العوده. فجأة رن جرس الهاتف وكانت لورا تؤكد لي بأنها استلمت الخطاب وسوف ترسل صورة منه مباشرة للسفاره وأخرى لي بالقاهره.. شكراً لك لورا لا داعي لكل ذلك.. ولقد ذكرت لي فيما بعد كم أنها صعقت لما سمعت منى وكان ذلك حال كل من كان في وداعنا بمطار فنكس.
    لا أذكر هل اتصلت أنا أم اتصل بي الأخ صلاح الذي كان ينتظر بمطار القاهره فقلت له بكل رباطة جأش ان أبي ليس على ما يرام وطلب له اسعاف سوف يأخذه الى مستشفى الشروق بالمهندسين، ثم الأخت اخلاص ومن ثم اتصلت بالخرطوم بكل الأخوه أخطرتهم بأننا في طريقنا للمستشفى بالقاهره ولكن قلب المؤمن دليله وأشهد لهم بالايمان.
    أما أصعب اللحظات عندما واجهت والدتى والتى كانت تجلس في الكرسي أمامى بجوار الصغير بشير وأختى فلم يكن لهم علم بما حدث حتى وقفت الطائره ونزل جميع الركاب وكان بانتظارنا في المطار مندوب من الأخ حاتم باشات القنصل السابق لسفارة مصر بالسودان لتسهيل دخولنا للقاهره فهاله ما سمع وكان لنا عوناً في ما كنا سوف نلاقيه من إجراءات طبيه وبوليسيه في مثل هذه الظروف.
    ما أوسع الحزن وما أضيق الكلمات وهذا عدل نفسي.. ألا يعزيك أن تعلم أنه رحل عن الدنيا قرير العين راض النفس؟.. لم يتريث للوداع .. لم يلوح بيده.. لم يلتفت ورائه كان ذاهباً الى لقاء ربه مقبلاً اليه بكٌليته على أهبة الأستعداد..في الطريق ناداه الصوت الذي تبعه منذ البدء.. استجاب له ببساطة بلا جلبة ولا ضوضاء، كان مقرراً أن يتم الأمر على هذه الصورة.
    عَبد الله بخشية وخفية فلا تكاد تعرف طول عبادته..ولكن سره كانت تفضحه الأنوار التى تلمع في وجهه.. كما قال الاستاذ الطيب صالح في رثاء ابن عمته.
    مرت تلك الأحداث في ومضة عين وأنا أمسك بالهاتف ولا أرد على الابن وائل.
                  

08-05-2007, 01:53 PM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18724

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: بكرى ابوبكر)

    مرت تلك الأحداث في ومضة عين وأنا أمسك بالهاتف ولا أرد على الابن وائل.
    * الجزء الثاني
    خمسة أشهر بعد ذلك الحدث صباح الاربعاء السادس من أكتوبر 2005م الثالث من رمضان وعند الساعة الرابعة صباحاً ولم أكن قد أويت الى فراشي إلا منذ ساعتين بعد اجتماع مساء الثلاثاء بميناء الخرطوم البري تلفون من القاهره وإذا بي أسمع نحيب.. لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله لقد كنت أتحدث إلى أعز الناس خالي الحبيب أحمد مالك في ليلة البارحه وأنا في طريقي الى اجتماع الميناء البري حوالي الساعه التاسعة وخمسة وأربعون دقيقة مساء وهو طريح الفراش منذ أكثر من خمسة أيام.. لم أتحدث معه في الأيام الثلاثة السابقه دائماً ما يقال لي بأنه نائم أو بالحمام ولكن بالأمس بل من عدة ساعات تحدثت اليه وكان في أحسن حال يحمد الله ويشكره وقلت له لقد تخوفنا أن بالأمر شئ كلما طلبت الحديث اليك لم أتمكن وعليه نويت أن أزورك بالقاهره ولكنه قال لي انتو كفاكم مشاغلكم وإنشاء الله سوف أحضر لكم قبل أن تحضروا لي ..ولقد كان.. الطف بنا يا رب..كيف استطيع أن أخطر زوجتى بالولايات المتحده والتى كانت تستعد للمغادرة في اليوم التالي متوجهة للقاهرة للاطمئنان على والدها فاتصلت بمنزل خالتنا إكرام وزوجها سيد أحمد الريح والذي يعتبر كبيرنا بمدينة فنكس وكان الوقت حوالي الساعه السادسة مساء أي بعد إفطار رمضان مباشرة بتوقيت فنيكس وبعد ألو لم أستطع أن أنطق حرف أخر وقطعت المحادثه ثم بدون تفكير اتصلت بمنزلي وردت علي من كنت لا أدرى كيف أنقل اليها الخبر ومرة أخرى قلب المؤمن دليله فمجرد سماع صوتى ألغي عليها التحية دوى صوتها يمزق أوتار قلبي وأنا على بعد آلاف الأميال. اللهم لا اعتراض على حكمك ولا على قضاءك لم يندمل الجرح بعد حتى تفتق آخر.
    في هذه اللحظة وأنا أحمل الهاتف في يدي رجع بي الزمان وأنا طفل ذو خمسة أعوام وخالي الحبيب أحمد مالك يحتضننى بين ذراعيه ورأسي تنزف دماً متحاشياً أن تراني والدتى أو أحدى خالاتى بمدينة تندلتي في أواخر الخمسينات بمنزل جدى ابراهيم مالك وذلك في أمسية أحد الأعياد.. كنا قد عدنا من رحلة للصيد بضواحي تندلتي خالي أحمد وبعض أصدقائه في انتظار العشاء الذي يعد لهم مما عادوا به من رحلتهم غزال وطائر الحبار ودجاج الوادي. وكنت أتناول عشائي يغالبنى النعاس عندما خطر لي أن أذهب وأطل على نصيبي من تلك الرحله وكانت غزالة صغيره اشتريت لي من دليل الرحله الذي رافقنا، فتركت عشائي وأعددت بعض الحليب في زجاجه ووضعت عليها حلمة بزه وتسللت دون أن يشعر بي أحد لخلف المنزل حيث توجد زريبة للمواشي والتى حبست بها تلك الغزاله ولم أتردد بالدخول ولاحقت ضالتى حتى قبضت عليها وبدأت في تغذيتها. وكان لجدى ابراهيم مالك "حمار" في حجم الحصان هي وسيلة مواصلاته في رمال تندلتى فما كان منه إلا أن عاجل ذلك المعتدي على حرمة داره بركلة في رأسي وعلمت حين وعيت للحياة بعد عدة أيام بأن من سمع صرختى وهرع بي الى منزل الباشتمرجي المسئول الطبي الأول بتندلتي محمد عوض هو من فقدته اليوم خالى أحمد مالك ولولاه لما كنت اليوم هنا ورغم ايماني أن الاعمار بيد الله ولكن لكل شئ سببا.. كان قربي عند حوجتى له فأين أنا الآن منه؟ ولا أستطيع أن أفعل له شئ غير الدعاء لرب العباد بالرحمة والغفران ولا حول ولا قوة إلا بالله. ثم إذا بي أراه في خريف عام 2000م أنا وأخوتى صلاح وجمال والمهندس زهير مكي نزلنا من الطائرة الاثيوبيه بمطار الخرطوم ووجدنا أكثر من عشرون من الأقارب وأصدقاء الأسرة يلتفون حول سلم الطائره في استقبالنا بعد ان وصلهم خبر تعرض عربتنا لحادث اصطدام بقطار بمدينة جيبوتي التى كان لنا بها عمل في مجال نقل مواد الإغاثه لكل من اثيوبيا ومنطقة الأوغادين بالصومال. ورغم حديثنا التلفوني مع الوالد والأهل لنطمئنهم وحضورنا فوراً في اليوم التالي للحادث إلا أن الخبر كان له وقع اليم عليهم رغم أننا لم نصب بأي أذى بحمد الله.. بمجرد نزولنا الى أرض المطار رأيت الدموع تنهمر على وجه خالي أحمد.. ورأيته منتحباً مرة أخرى بمطار الخرطوم يوم وصول جثمان أبي قبل خمسة أشهر من رحيله هو نفسه ولم يفارقنا طوال 40 يوماً ظللنا نتقبل فيها العزاء في دار أبي.. في العشرة الأولى ظل يجلس من الصباح حتى المساء ثم داوم على الحضور ولمدة اسبوعين أخرين من الظهيرة حتى المساء والأسبوعين الأخرين يأتي عند صلاة المغرب ويظل الى ما بعد العشاء.. كان عضواً باللجنة القومية لتأبين الوالد بشير النفيدي وكانت بين المواد المعده للتأبين صورة تجمعه بالوالد ومولانا الشيخ البرعي بمنزل خالنا أحمد والذي كان بين ثلاثتهم سر في حياتهم لا يعلمه إلا الخالق.. انتقل الشيخ البرعي للرفيق الأعلى في فبراير ولحق به الحاج بشير في مايو من نفس العام.
    كان الخال أحمد متشبثاً بتلك الصورة وكأني أسمعه يناجيهم ويبثهم شوقاً

    لرفقتهم متسائلاً عن سبب عدم اصطحابه في رحلتهم تلك.. وكأنى أرى الدمع في مقلتيه ولقد استجاب الله له بعد بضعة أشهر.
    وفي ليلة تأبينه ذكر مولانا الشيخ الفاتح البرعي خليفة الشيخ عبد الرحيم بأن والده وفي أخر أيامه عندما كان مستشفياً بالقاهره كان عازفاً عن تناول ما يقدم له من طعام أو شراب مما كان يدعوهم للاستعانة بالراحل أحمد ابراهيم مالك الذي كانت استجابة الشيخ البرعي لكل ما يقدمه له بيديه من طعام أو شراب تكشف عن ذلك السر الإلهي بين الرجلين.. .. وهنا تحضرني مصـر المـؤمـنه تلك الرواية على لسان الشيخ الفاتح البرعي بأن والده أصيب بوعكة حادة والآم بالبطن مما دعاهم لنقله من الزريبة متوجهين لمستشفى الخرطوم وعند وصوله إلى مشارف العاصمة أمر الشيخ بالمرور على منزل الحاج أحمد إبراهيم مالك لاصطحابه معهم للمستشفى فلم يكن الاتصال التلفوني متوفراً حينذاك .. واستحسن حاج أحمد الذهاب إلى مستوصف الخرطوم شارع 17 بامتداد الخرطوم بدلاً عن مستشفى الخرطوم وهنالك شخص سبب* الألم بأنه حصوة بالكلى مما يستدعي إجراء عملية جراحية .. مرة أخرى استحسن الحاج أحمد أن يصطحب الشيخ عبد الرحيم لإجراء العملية بقاهرة المعز وبدأ في تكملة الإجراءات للسفر .. فناداه الشيح ياصاح همنا لزيارة أمنا مصر المؤمنه بأهل الله ... إلى أخر القصيدة .. كان يشحذ همة صديقة حاج أحمد للاستعجال بالقيام إلى مصر المؤمنه ولشدة الألم استنجد الشيخ البرعي بكافة أوليا الله الصالحين بمصر من سريره بالمستوصف بشارع 17 امتداد الخرطوم .. وكان أن خرجت الحصوة ومنّ الله عليه بالشفاء دون مشرط أو جراحة ولم تولد القصيدة بمصر كما يعتقد الكثيرون .
    وهذا أيضاً يكشف السر الخفي بين الرجلين فلو لم يطلب الشيخ البر عي التوجه إلى منزل الحاج أحمد إبراهيم مالك وهم في طريقهم لمستشفى الخرطوم ولو لا استحسان الحاج أحمد الذهاب إلى مصر لإجراء العملية لم تولد مصر المؤمنه ولم نتشرب بالمعرفة لذلك الكم الهائل من أولياء الله الصالحين بمصر المؤمنه .
    وغادرنا في أغسطس للقاهره لمتابعة علاج خالاً له الحاج مصطفى قريش وكان هو في كامل صحته ولم أره بعد ذلك.. ولكنى كنت أتحدث اليه منذ ساعات.
    لا أدرى لم ظللت متشبثاً بذلك التلفون واقفاً بوسط غرفتى لا أدرى ما أفعل.
    اللهم لا اعتراض على حكمك.. اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه.
    أعادت وفاة الخال أحمد نكب الجراح وظللت ومنذ ذلك التاريخ أنظر للحياة بمنظار أخر ولكنى أقول لنفسي هذه سنة الحياة ودورتها وكلنا يوماً على آلة حدباء محمول. كنا نرى الموت ولكن ربما عن بعد.. بعض الأقارب والمعارف والجيران والأصدقاء ولكن اليوم بدأ يقترب أكثر فأكثر .. من القادم؟ اللهم لطفك تمضي الأيام وعلينا بالعمل الذي يبقى.. صدقة جاريه... علم ينتفع به .. ابن صالح يدعو لك.. اين نحن من ذلك.
                  

08-05-2007, 01:57 PM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18724

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: بكرى ابوبكر)

    * الجزء الثالث
    نوفمبر 2005م صديق عزيز دكتور فيصل حسين عبد الرحمن مصاب بالداء العضال وفي صدره اللهم لطفك ورضاك هل أتى الدور على جيلنا فيصل ذلك الصديق الودود صبوح الوجه منذ عهدنا به في المرحلة الوسطى أكمل دراسة الصيدله بالاسكندريه وبدأ حياته العمليه فقد والده مدير المساحة السابق منذ الطفوله ولكنه كافح وأخوته حتى أكملوا تعليمهم جميعاً.

    ينتمي فيصل لعائلة مترابطه غالبية رجالات الأسرة من كبار موظفي الدوله وطبقة كبار موظفي الدولة في ذلك الوقت أواخر ستينات القرن الماضي كانت من الطبقات العليا المميزة فخاله السيد بابكر النور مصطفى كان يشغل منصب مدير مصلحة السياحه والمرطبات . وكانت معرفتى للأخ فيصل من خلال زمالتى وصداقتي لابن خاله هاشم بابكر النور والذي كان في نفس صفي بمدرسة الخرطوم الأميريه الوسطى وكذلك إبن خالته صلاح محجوب الماحى والذي كان والده يشغل منصب ناظر الأقسام الوسطى بسكك حديد السودان ووالد فيصل مدير المساحه وخاله السيد عثمان النور مصطفى ومحمد النور كلهم من كبار موظفي الدوله وكل من تلك الأسر يقطن في أحد منازل الحكومه بالسكه حديد بالخرطوم وحى المطار والحي الشرقي ذو الحدائق الواسعة الغناء والتى لم تكن تتوفر حينها إلا لطبقة كبار الموظفين بالدوله وأساتذة الجامعات حتى طبقة كبار التجار ورجال الأعمال من العائلات الكبيره من ميسوري الحال.. لم تكن رفاهية السكن في منازل بها حدائق واسعه من الرفاهيات التى تخطر على بالهم إلا ما ندر ومثال لذلك منزل السيد ابراهيم هباني والسيد محمد الامين ابو نائب والد مهدى ابو نائب واخوانه وكلاهما من منطقة النيل الابيض ومن ملاك مشاريع القطن ويقطنون في منازل بالخرطوم (2) واسعة الحدائق ويمتطون عربات فارهة وكلاهما متزوج للمرة الثانيه من أسرة ذات أصول مصريه (بنات الريف) كما كانوا يسمونهم في ذلك الزمان وأحسب ان لتلك الزيجات أثر في تحول اسلوب حياتهم لذلك النمط من حياة الرفاهية والذي كان سائداً بين ميسورى الحال في مصر.
    وكنا نقطن في منزل بشارع القصر جنوب لا تتعدى مساحته 480 متر وحديقته حوالي 20 متر وكنت أحرص على تلبية دعوة صديقي هاشم كلما التأم شمل عائلتهم بمنزل والده نلهو ونلعب طوال اليوم صبية وصبيات الأسره حوالي الثلاثون من كل الأعمار من الروضة الى المرحلة الثانويه وكل رجال ونساء تلك الاسره يلتفون حولنا.
    وبعد ان توثقت علاقتى بكل أفراد الاسره ظللت أتلقى دعواتهم من وقت لأخر في منزل احد ربان الاسر ذات الحدائق الواسعة وكنت أحمد الله على تلك النعمه.
    عهَدنا في السنوات الاخيره ان يلتئم شملنا في كل ليلة من ليالي رمضان للافطار كل أفراد الاسرة وكلما تزوج أحدنا وصار له مسكن يحظى بنصيبه من تلك الليالي ابناً كان أم ابنه لبشير النفيدي ويلتقي في تلك الامسيات أزواجنا واطفالنا. ثم حرص والدنا ان نلتقي كل يوم جمعه وبعد الصلاة بكامل اسرنا التى كانت تزداد يوماً بعد يوم بمنزله والذي ارتحل اليه في بداية السبعينات. وكانت به حديقة واسعه كان الوالد يسعد بالجلوس بعد الغداء كل جمعه يتابع احفاده وهم يكبرون ثم بدأ كل منهم يدعو من اصطفى من اصدقائهم وكلما جلست الى جانبه أتابع اطفالنا يلعبون ترجع بي الذاكرة لتلك الأيام الجميله في أواخر الستينات مع عائلة فيصل حسين عبد الرحمن وهاشم بابكر النور وصلاح محجوب الماحى. ويا لها من أيام مليئة بالمحبة الخالصة والروح النقية وبراءة الطفولة نتشاجر إذا اختلفنا على تسجيل هدف عندما نلعب كرة القدم ونختصم ويذهب كل الى سبيله عازماً على مقاطعة الأخرين الى الأبد ويجمعنا في اليوم التالي الأخ فيصل بروحه الطيبه نقتسم سندوتشات الفطور بالمدرسه.
    أين كل هؤلاء الأخوة الأن تشتت الشمل وكل في طريقه بأرض الله الواسعة هاشم تزوج أسبانية وقطن الأندلس.. وصلاح في الكويت.. وعصام برومانيا وعبد الرحمن في عمان.. إلا فيصل عاد يعمل في وطنه صيدلياً ملازماً والدته صفيه أطال الله عمرها وأبقاها. كل ما لقيته أقبل عليك هاشاً باشاً كأنه يمتلك الدنيا وما فيها تزوج ولم ينعم الله عليه بخلف فكان يحمد الله ويرضى بما اكتسب.
    كثيراً كنت أسأل نفسي وأنا أتابع أطفالنا يلعبون ويمرحون في صحبة أصدقائهم بمنزل الوالد إذا كانت تلك من الأماني التى سألت الله في صغري فاستجاب والحمد لله.. ورغم علمي بأن أطفالنا ينتظرون هذا اللقاء الأسبوعي على أحر من الجمر بل سمعتهم يدعون الله في رمضان أن يطول الشهر الى الدهر بأكمله لأنهم يلتقون فيه كل يوم في أحد منازلنا بدل اللقاء الاسبوعي. ولكن بما لهم من مستجدات اللهو اليوم من تلفزيون وفيديو DVD وتوابعهم من الألعاب الالكترونيه التى لا تحصى.. هل لتلك اللقاءات الاسريه نفس السعادة والقبطة التى كنا نتذوقها والتى كثيراً ما أدخلت في نفسي الحبور كلما اجتررت ذكرياتها في كل خلوة الى نفسي. هل يدري هؤلاء الأبرياء ما تخبئ لهم الأيام من فراق فلقاء ففراق.
    اتصل بي الصديق العزيز دكتور ماهر سعد في الاسبوع الثاني من يناير 2006م وأحسست برنة حزن في صوته وهو يلغي علي بالتحية.. فيصل بالجناح الخاص بمستشفى بحرى ونسعى لنقله للقاهره التى عاد منها منذ أسابيع.. طبياً لا أمل فلقد استشرى الداء اللعين من الصدر الى العظام ولكن الأمور بيد الله هو يدري بما ألم به ولما آلت اليه حالته ولكن ايمانه بأن الأمور بيد الخالق وليس على المرء إلا أن يستعين به ويرجى فضله.
    رافقتنى زوجتي والتى لم ترى فيصل لسنوات وقبل انتقالنا للاقامة بالولايات المتحده في عام 1995م وكانت متوجسة للحالة التى ربما تجده عليها فالكل يعلم ما يستصحب ذلك المرض من آلام تودى في بعض الأحيان أن يكون المريض في حالة نفسية سيئة وما تسببه جرعات الاشعاع من تغير في الشكل وسقوط للشعر.. ولكن هالنا ما وجدنا عليه فيصل ومن معه في الغرفه زوجته أعانها الله على الصبر بدريه .. أخته ساميه وأصدقاء وأقارب أخرين تهلل وجه فيصل وكاد أن يهم من فراشه واقفاً ولكن هيهات.. دنوت عليه معانقاً جلسنا نجتر ذكريات الماضي وكيف كانت علاقتنا أيام الدراسه وما بعدها وزيارتى له بالاسكندريه أيام دراسته بجامعتها وأنا في طريقي لمواصلة دراستي بالمملكة المتحده يصر ان أشاركه كوب عصير البرتقال الذي هو زاده الوحيد يضحك ويضحك الأخرون وكأنه في قيلولة الظهيره وليس به شئ.
    أنظر الى وجه زوجته وأخته وأرى الحزن الدفين خلف الضحكات.. حاولت أن أحتبس دمعة ولكنها غلبتني فهرعت خارج الغرفه بحجة حوجتى للحمام. عاودته في اليوم التالي واصطحبته الى المطار في اليوم الثالث ظهراً وعلى الخطوط الاثيوبية كانت آخر كلماته وهو محمول على نقاله الى سلم الطائره.. الى لقاء بإذن الله دون أن يحدد اين ومتى ذلك اللقاء... والذي أسأل الله أن يكون في صحبة المصطفى في أرض البقاء.
    عاد للوطن ربما في فبراير أو مارس ليقضي آخر أيامه مع من أحب من الأهل والأصدقاء وعدت من الولايات المتحده في أواخر أبريل وذلك لمشاركة الأسرة الذكرى الأولى لرحيل والدى فإذا بي أفجع برحيل فيصل من عدة أيام.
    اللهم أرحم فيصل ابن صفيه رحمة واسعة والهم زوجته بدريه وأعِنها على الصبر فمن لها من بعده...
    مضى عام وأنا ليس بأنا أكاد لا أتذوق للحياة طعماً غير المرارة كلما التأم جرح نكأت النكبات جرح.. ماذا بك.. ألست تؤمن بأن هذه إرادة الله وأن لكل نفس ميقات لا يؤخر ... الحمد لله على ما أراد. ولكنى أصبحت قلق لا أكاد أستقر بمكان إلا وددت الارتحال والذي اصبحت أحس عنده بلسعة حزن في القلب كلما فارقت حبيب أحسست وكأنى أودعه الى لقاء مجهول الزمان والمكان . أحبابي وخاصة صغارهم... كل من يجب أن أكون اليه سند..كيف ذلك ولم أكن سند لوالدي وهو يجلس بجواري رحل عني وأنا أجلس بجانبه لم أستطيع حتى أن أقول له كلمة وداع فما بالك بمن تفارق في كل حين وحين مبتعداً آلاف الأميال مسافراً بين القارات.. حري بك أن تعلم بأن لا حـول لك ولا قوة وأن إرادة الله هي الغالبة واستعذ بالله والخير فيما يريد ... الحمـد لله.. استعذ بالله فالخير فيما يريد.. الحمد لله.
                  

08-05-2007, 02:01 PM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18724

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: بكرى ابوبكر)

    * الجزء الرابع
    تمضي الأيام.. الاسبوع الأول من يوليو 2006 على أن أقضي بعض الأعمال بمدينة دبي استبقتني زوجتى وبعض أطفالي .. الجو بغيض حار ودرجة الرطوبه في أسوأ أيامها وزحام دبي.. اصطحبت صغاري إلى السينما التى لم أدخلها منذ أكثر من عام ونصف نزولاً لرغبتهم رن جرس التلفون والفيلم يقارب نهايته وعادتى أن أغلق التلفون متى ما كنت في اجتماع أو لقاء أو بالسينما ولكن نسيته هذه المرة وهممت أن أغلقه ولكن بدلاً عن ذلك نظرت الى شاشة التلفون فإذا بي ألمح اسم أبو نائب.
    مهدى محمد الأمين أبونائب من أحب الأصدقاء الى القلب ودائماً ما تحمل اتصالاته راحة للنفس دعوة للقاء صديق طال اغترابه أو تجمع الدفعه الذي يسعى له في نهاية كل شهر لمن تبقى منهم بالسودان وكثيراً ما حرص ان يجمع الكل من أقصى اليمين الى أقصى اليسار محمد أبو الفتوح الذي أطلق لحيته.. كتاب الله رفيقه وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم غدوته يتحدث اليك فتتمنى ان لا يسكت. محمود أبو حنفي الذي لا ينفك يتحدث عن مشاريع البناء والمقاولات الخ... مجدي عبد الحميد بيومي الذي سلك درب والده الطبيب العظيم.. على محمود.. أنور أبوبكر فريد الذي ما ان يجلس حتى يبدأ في مناكفة محمود أبو حنفي وعلى محمود فيما تبقى لهم من أيام في هذه الحياة محمود من الله عليه بصحة طويل ممتلئ الجسم (حفظه الله) ولا يأبه لذلك يعمل الساعات الطوال ويستطيب لحم الضأن خاصة ما كثر دهنه ويشارك على محمود طول السهر. محمد سعد الذي يحلو له الحديث عن أحفاده فقد تزوج ونحن بالمرحلة الثانوية وكثيراً ما استعوذ محمد أبو الفتوح من ما يجتر من ذكريات الشباب خاصة من الذين لا يزالون يعيشون تلك المرحلة ويعزم على أن تكون هذه أخر لقاءاته بهم وهنا يتدخل عباس أبو العلا مسترجعاً إياه من ذلك القرار قائلاً ألا يكفيك بأنهم بوجودك تمنع عنهم أى معصية على الأقل في ليلتك هذه ألا ترى بأنهم يطيعونك مصطفين خلفك لأداء فريضة العشاء رافعين أكفهم متضرعين لله طالبين الهداية. كان هذا هو عباس أبو العلا أكرمنا خلقاً واصفانا نفساً وأصدقنا قولاً مقدام للخير جامع للمكارم عرفته بالسنة الرابعه من المرحلة الأوليه وزاملته حتى المرحلة الثانويه.
    أمين.. أين انت؟.. جاءنى صوت مهدى أبو نائب على الهاتف ولكن سؤاله بنبرة حزن عميق لسعت قلبي..


    عباس فارق الدنيا منذ بضعة ساعات ونحن في طريقنا لقبره. لك الله يا مهدى ما هذا الذي تنطق به عباس في صحة وعافيه حادث سياره أم ماذا؟.. لا أدرى بما أجاب ولا أدرى كيف إنتهى بي المقام في النزل الذي نقطن وكنت قد وعدت الصغار باستصحابهم الى ماك دونالد لتناول العشاء بعد السينما ولكن.. عدت الى الخرطوم في اليوم التالي وصلت بعد السادسة والنصف مساء وتوجهت مباشرة من المطار بصحبة الأخ م. قمر الدوله عبد القادر لمنزل فقيدنا عباس بالخرطوم بحري وكأنى في حلم أتمنى ان استيقظ منه، فإذا بي وأنا أمام منزله وكل رفاق الامس يعزون بعضهم البعض.. إذاً هي نكبة اخرى من نكبات الدهر ولا حول ولا قوة إلا بالله وأحسست كأن شقيقيه حمزه وعبد المنعم يعزياني بدلاً من تلقي العزاء مني... وهنالك لمحت بين الجالسين لتلقي العزاء رجل أكن له الكثير من الود والاحترام والتقدير تجد عنده حنان الأب واهتمام المعلم وود الصديق.. عاصرته رئيساً لمجلس إدارة البنك الأهلي السوداني لأكثر من عشرة أعوام تعلمت فيها كيف تكون القيادة حنكة وسلاسة وصبر وحزم وعزم كل في وقته... رافقته في كثير من رحلات العمل .. القاهره – عمان – جنيف – لندن وفي باريس مدينته التي خبرها منذ أربعينات القرن الماضي طالياً للعمل ساح بي في طرقاتها كاشفاً عن خفاياها وعبق قديمها.. ذلكم هو الدكتور بشير البكري.. وما أن رأيته حتى خفق قلبي وقفزت لذاكرتي مرثيته التي خطهـا يـراعه .... الأب الروحي للعصامية السـودانية .. " وكان بشير النفيدي كل ذلك .. نسيج وحده وحليف دربه ولكنه نسجه في رداء متناسق حتى لا ترى فيه إلا هذه السيرة الحسنة والمحسنة معاً .. لم تكن "عصامية" تتجاهل أثر المادة ولكن الاشتغال بها كان في حد ذاته روحانية ولود بكل القيم الفاضلة ، خلصت من العيب وكانت مصدر إضاءة ونور .. حب الوطن كان عنده فريضة كالصلاة ، لم يكن متعصبا ولكنه تسامح مع الغير حتى شهد عليه الجميع"... فهرعت إليه ..فلطالما كان لحديثه راحة للنفس وسلوى للروح.
    وعند آذان العشاء اقترح علي الأخ محمد ابو الفتوح أن نصلي بمسجد عمر محمد الطيب وكان لا يبعد كثيراً من منزل العزاء فوجدنا الصحاب استبقونا الى هنالك وكان أولهم أبو حنفي وعلي محمود وبعد الصلاة كانوا أكثرنا ابتهالاً الى الله وطلباً لرحمة فقيدنا عباس. وعند باب المسجد وجدنا مجموعة من أهل الحي وعلى رأسهم السيد/ محمد الشفيع مدير شركة شل سابقاً وتسآل عن سبب وجودنا وعندما علم بعلاقتنا بالمرحوم عباس أبو العلا بدأ ومن معه في تعداد مناقبه وذكر محاسنه منذ أن جاورهم بالحي فهذا مسجده وملاذه في وقت المحن متضرعاً لله وشاكراً مبتهلاً في ساعات الفرج.
    رحمك الله أخى عباس وجعل الجنة مسواك وألهم زوجك الصبر والسلوى وجعل البركة في ابنائك وأعان الله كبيرهم محمد وجعله غدوة لصغارك مهتدياً بطريقك وذلك على الله يسير.. وبفقدك تنبه الصحاب بأن رحلة هذه الحياة قصيرة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
    وبالحرم النبوي في بداية ذي الحجه من هذا العام لم أفاجأ عندما رأيت محمود عبد الرحيم (أبو حنفي) ساجداً مبتهلاً الى الله وأحسبه يدعو لعباس كما كنت أفعل منذ لحظات.
                  

08-05-2007, 02:05 PM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18724

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: بكرى ابوبكر)

    * الجزء الخامس
    عطلة صيف 69 كانت الأولى بعد التحاقي بالمرحلة الثانوية وجرت العادة أن نقضي وأخوتي العطلة الصيفيه نعمل بمتجر الوالد وكان في ذلك بعض المتعة رغم أن العمل يمتد من الصباح حتى المساء.
    توفي في نهاية أبريل من ذلك العام أحد أقربائنا من جهة الوالده آل أبراهيم مالك بمدينة تندلتى وطرحت على الوالد فكرة أن أقوم بالسفر للمشاركة في العزاء نيابة عن أسرة النفيدي فاستحسن الوالد الفكره لمشغوليته عن أداء الواجب بنفسه واغتبط وهو يرى ابنه الثاني يشب مسانداً له في واجباته.
    كانت الرحلة بالنسبة لي ذات شقين أداء واجب وزيارة مسقط رأسي الذي لم أزره منذ سنوات.. لم تكن أسرة ابراهيم مالك من الأسر التي بها تعدد الزيجات ويقال أن شقيق الشيخ ابراهيم مالك الأكبر الشيخ عبد الماجد عمر قرجاج كان متزوجاً من سيدة من قبيلة الدناقله بالقطينة تدعى حرم عيسى ولم يرزق منها بخلف لمدة ثمانية عشر عام فأقترن بأخرى وبعد أربعة أشهر فقط حبلت زوجته الأولى وأخفت الأمر عليه وذهب هو إلى رحلة تجارية لغرب السودان دامت عدة أشهر ولم يعلم بالأمر إلا من خلال رسالة من أخيه إبراهيم مالك مبشراً بالمولود القادم ومطالباً إياه بالتخلي عن زوجته الثانية بزوال سبب ذلك الزواج.. واستجاب الشيخ عبد الماجد مؤمناً على ذلك النهج ورزق بباكورة أبنائه معروف ثم الجنيد ثم ابنته آسيا حرم السيد/ أحمد ابراهيم مالك.
    ولم يخالف ذلك النهج إلا ابنه الأكبر عمر الذي تزوج بثانية على ابنة عمته ولم يستحسن الشيخ ابراهيم مالك ذلك. عليه خلق عدم استحسانه جفوة بين زوجة عمر الثانية وجميع أفراد الاسره وفي نهاية الخمسينات انتقل الشيخ ابراهيم مالك تدريجياً الى الخرطوم ولحقت به اسر ابنائه وبعد ذلك اسر بناته بما في ذلك زوجة عمر الاولى ابنة الخليفه عثمان العمرابي والذين يقطنون بحي العرب بامدرمان ولم يبق بتندلتي غير الخال عمر وزوجته الثانية والخاله سكينه زوجة ابراهيم مسند.
    مكثت بتندلتى زهاء الاسبوعين تعرفت خلالهم ولأول مرة بأبناء خالى عمر.. سيف واحمد وعبد الباقي وابنتيه منى وانتصار، كان سيف في نفس عمرى واحمد يصغرنى بعامين وأحببتهم وطلبت من خالي عمر أن يسمح لسيف وأحمد بمرافقتى لقضاء جزء من إجازة الصيف بالخرطوم فرحب بذلك عسى أن تجلب تلك الزيارة بعض الدفء والتواصل بين اسرته الصغيرة والكبيرة.
    وقد استقلينا القطار من تندلتي متوجيهن الى الخرطوم وطرأت لي فكرة ونحن على مشارف مدينة ود مدنى ان نغادر القطار ونتجه لقرية "كمل نومك" قرب مدينة المناقل حيث كانت خالتى إكرام زوجة المهندس سيد أحمد الريح مسئول الري في ذلك القسم من مشروع الجزيرة. ووافق سيف وأحمد دون نقاش وفعلاً وصلنا وقضينا زهاء الأربعة أيام .. سرت خالتى بأبناء أخيها وابن أختها واحتفي بنا بعدة دعوات من العاملين بالمشروع ووجهاء المنطقه فتلك من الزيارات القليلة لأسرة مفتش الري وكان في ذلك العهد لتلك الوظائف شأن جليل.
    أذابت تلك الزياره شئ من الخشية وخلقت بعض الإلفة في قلبي رفيقي فتلك زيارة عمتهم الثانية من سبعة عمات الأولى تقطن معهم في تندلتي والتى بدأ وصالهم بها بعد أن غادرت جل اسرة مالك تندلتى.
    غادرنا الى الخرطوم عن طريق العربات وابتهجت اسرتي وخاصة والدى بالقادمين ولم تكن مسألة الزوجة الثانيه من الغرائب بل كانت هي السائده وسط اسرة النفيدي فجل أعمامي لهم زوجتان.. سمح والدي لي وأخوتي بالتفرغ بقية الإجازة لمرافقة ضيوفنا متنقلين بين بيوت الاسرة. كان سيف أكثر سماحة وأحمد أكثر اعتداداً بالنفس عليه كان يرفض مرافقتنا لكل من لم يحضر لتحيتهم من أفراد العائله.. وفي أحد الأمسيات كانت والدتي في زيارة لمنزل جدنا ابراهيم مالك وعندما حضر والدى في المساء للمنزل قرر الذهاب لزيارة جدنا واحضار الوالدة.. انتهزت الفرصه وطلبت من سيف وأحمد مرافقة الوالد وافق سيف واعتذر أحمد وكلاهما لم يلتقي بجده من قبل.
    استقبلنا الوالد ابراهيم مالك في الجزء الخاص به من المنزل وكان مرفق بصالون الرجال ببشاشة فكان يكن لوالدى ولشخصي كل التقدير والمحبة وكان برفقتنا سيف وأصر على ان نتناول العشاء معه وقضينا وقتاً ممتعاً في الونسة والقصص وكنت أقوم بخدمتهم بإحضار العشاء والماء والحلو والشاى الخ..
    وبعد أن أكملنا عشاءنا بدأت في إرجاع الأواني وفي أحد المرات ساعدني سيف فنظر له جدنا ابراهيم مالك في استغراب وبعدها ودعه والدى وسيف ودخلوا الى المنزل لمرافقة الوالده وعدت أنا من الداخل لأخذ ما تبقى من الأوانى فعاجلني جدي بالسؤال من ذلك الشاب الذي دخل مع والدك ولم يراعي حرمة المنزل فرددت له انه سيف.. قال سيف منو؟.. قلت سيف عمر.. قال عمر منو؟ قلت سيف عمر ابراهيم مالك. فهمهم مردداً سيف عمر ابراهيم مالك... وصمت.. فانسحبت انا في هدوء.
    كان أحمد رفيق أحداث في حياتي ما زالت عالقة بذاكرتى شاركنا فيها خالد أحمد مالك وكلاهما يميلان لحب المغامرة مثلي عكس أخيه الأكبر سيف الذي يركن للهدوء الى جانب أخي الأصغر صلاح.. عاد سيف وأحمد عمر الى الخرطوم في صيف عام 1970 وكنت قد حصلت على رخصة قيادة سيارة متجاوزاً عقبة السن القانونية وكانت المعرفة مع إجادتي للقيادة سبيلي لذلك وكنت أتصيد الفرص.. تغيب سائق عربة الوالد في ذلك اليوم... وغفا الوالد بعد الظهيرة، ولم أتردد في انتهاز تلك الفرصة باصطحاب أحمد عمر وخالد أحمد متوجهين إلى منطقة اللاماب بحر أبيض متظاهراً بحجة إحضار احتياجنا من الحليب من مزرعة خاصة بنا في تلك البقعة من جنوب الخرطوم.. والحقيقة هي إشباع رغبتي في قيادة السيارات والمرور على كل من أعرف من الأقارب والأصدقاء بالطريق متحسباً للعودة قبل أن يفيق الوالد من نومته.. وحدث ما لم يكن في الحسبان حيث اصطدمت بامرأة انفلتت لاجتياز الشارع من خلف أحد البصات المتجهة من الخرطوم جنوباً وأنا في طريق العودة، ومضت بضعة ساعات عقب الحادث لازالت عالقة بمخيلتي .. كان أحمد جزء منها ورغم براءتي قانونياً من ذلك الحادث انتهى بمصادرة الوالد لرخصتي لمدة تقارب العام لم أقود فيها سيارة.
    عاد سيف وأحمد مرة أخرى في صيف 1971 وكان صيفاً ساخناً ازدادت سخونته باستيلاء الرائد هاشم العطا على السلطه واسترداد نميري لها في عصر اليوم الثالث. هدأت الأمور بعض الشئ في اليوم الرابع وفي اليوم الخامس الموافق الجمعة الثلث والعشرون من يوليو اصطحبت احمد عمر وخالد أحمد في عربة ﭬـولجا استيشن في جولة حول العاصمة مستطلعين للأخبار زائرين بعض الأماكن التى حدثت بها مواجهات ومجازر.. مررنا بجامعة الخرطوم – قصر الضيافة – القصر الجمهوري – الإذاعة – معسكرات الشجرة وعدنا للمنزل بعد الرابعة عصراً وكانت والدتى في أشد القلق لغيابنا، وبعد الغداء طلبت منى أن أقوم بشراء كيكة لعيد ميلاد أخي الأصغر أبوبكر والذي لقب بجمال لتزامن يوم مولده بثورة الثالث والعشرون من يوليو المصريه وقائدها جمال عبد الناصر.
    لم أتردد في اصطحاب رفيقي أحمد عمر وخالد احمد وبدأنا رحلة البحث من سوق الخرطوم (2) السليماني الى بابا كوستا بالخرطوم وسويت روزانا شارع الجمهورية والكل أبوابه مغلقة حتى إنتهى بنا المطاف بالسوق العربي عند أحد صانعي البقلاوه وعندما كنا منشغلين بالشراء دخل المحل أحد رجال الشرطة متسائلاً عن صاحب السيارة الـﭭـولجا التي تقف أمام المحل واعتقدت أنني أسد الطريق على أحدهم.. وعندما برزت له وصاحبي نظر الى ثلاثتنا وقال إنتو أولاد منو؟.. رددت بشير النفيدي وابراهيم مالك.. وللتأكيد أطلعته على رخصة القيادة.. سأل هذه السيارة تخصكم؟.. قلت نعم. رد أن هذه السيارة يجري البحث عنها ومن يقودها وهنالك نشرة موزعة على جميع أجهزة الشرطة والقوات المسلحة بحجة أنها مملوكة للحزب الشيوعي وأنها شوهدت اليوم تجوب العاصمة لتهريب كوادره.. ولكن ردد الشرطي .. أنتم من أسر ليست لها علاقة بالحزب الشيوعي.. وقع قوله على رؤوسنا.. وتركنا ما جئنا من أجله مهرولين نحو السيارة وقبل أن نصلها هالنا ما رأينا.. سيارتان من الجيش تلتف حول سيارتنا وجنود يقفون شاهرين السلاح ثابت عندك – على الأرض – وتم اقتياد ثلاثتنا والسيارة الى مركز شرطة المرور تقاطع شارع الجامعه وعلي عبد اللطيف وهنالك بدأ التحقيق معنا بعد أن تم تفتيشنا وتفريغ محتويات جيوبنا اسئلة عن صلتنا بالحزب الشيوعي ونقل منشورات وماذا كنا نفعل اليوم بالجامعه وقصر الضيافه وتهريب بعض الشخصيات أسماء لا أذكر منها اليوم غير المطرب محمد وردي والدكتور مصطفى خوجلي.. استمر التحقيق حوالي نصف ساعه منفرداً لكل منا به بعض التهديد حيناً والتمويه حيناً يقال لكل واحد منا ان الأخرين اعترفوا ومن المصلحة أن تتعاون حتى لا تحمل كل الوزر وإبداء الرحمة حيناً وذلك بأنهم يعرفون أننا أولاد صغار وليس لنا ذنب وأن الجرم على كبار الكوادر.. وحينها جاءت رسالة تطلب إحضارنا لوزارة الداخليه.. وعندما خرجنا للساحة الخارجية حيث تركنا سيارتنا وجدناها وقد نزعت جميع مقاعدها وبعثرت جميع محتوياتها وكأنما أصابها لغم.
    رحلنا لوزارة الداخليه ومكثنا بأحد المكاتب زهاء الساعة طلبنا خلالها السماح لنا باستعمال التلفون لتبليغ أسرنا بأننا بخير وذلك لبدء توقيت حظر التجوال ولا مجيب.. كانت لحظات ظننا أنها الدهر كله... ولا ندري ما هي الخطوة التالية.. كلما حاول أحدنا أن يستنتج ما يهون به على نفسه والأخرين زاد الأمر غموضاً... وكنا نسمع من خلال الجدران بأن الموت والهلاك مصير كل شيوعي ومتعاون أو هكذا خيٌل لنا اننا نسمع وصدق من قال كتلوك ولا جوك...جوك... وفجأة فتح الباب وحضر من اقتادنا الى عربتين لاندروفر تحت حراسة مشددة بعد أن تلقينا بعض اللكمات والشتائم ونحن في ذهول مقتادين الى مصير مجهول.. لا أدري أي طريق سلكنا ولا كم من الوقت وانتهى بنا المطاف في مبنى مكتظ بخليط من رجال بعضهم في ملابس الشرطة وأخرين في لباس الجيش وغيرهم في ملابس مدنية من سفاري الى جلابيه ..الخ. .. إنه يوم القيامة وهذه هي النهاية.. وفجأة صرخت باعلى ما أستطيع من صوت عم علي.. عم علي.. ولحق بي أحمد يردد عم علي دون أن يعلم من أقصد بصراخي.. والتفت الجميع وفيهم من قصدت في أخر الطرقة الكومندان علي الصديق مدير عام الشرطة ... علاقته بأسرتي من القطينة وتربطني بابنه الفاتح صداقة ولطالما رآني بمنزلهم بصحبة زملائي بالدراسة نصر الدين.. وسعد مكي .. حسن ابو نائبه في قيادة الشرطه.
    عاد أدراجه مستفسراً عن وجودي ومن معي والحراسة التى حولنا وما أن سمع من قائد السرية التى أتت بنا حتى انهال عليه بوابل من الغضب رغم ما عرف عنه من هدؤ. وأمر بإطلاق سراحنا بل اصطحابنا في عربه الى منازلنا وذلك نسبة لحظر التجوال الذي بدأ منذ أكثر من ساعتين.. ولسنوات طوال كان أحمد يتساءل عن مصيرنا لو لم أصرخ ولم يردد عم علي في تلك الليلة والتى لا أدري بما أسميها..
    بعد عدة أيام هدأت الأحوال وأجرى والدي بعض الاتصالات لاسترداد السيارة التى علمنا فيما بعد أن للحزب الشيوعي عربة مماثلة لها ومتقاربة في أرقام لوحتها وأنها ما زالت مختفيه.
    حضرت بصحبة والدي للمبنى الذي أطلق سراحي منه قبل عدة أيام وكأني أدخله لأول مرة تمر بذاكرتي تلك الليلة وكأنها حلم مزعج (كابوس) وأعتقد أنه كان مقر جهاز الأمن القومي.. وبعد تكملة بعض الإجراءات أٌمر بتسليمنا السيارة مع تأكيدهم لنا بعد استعمالها حتى إخطار آخر وذلك لوجود توجيه لجميع الأجهزة العسكرية بالوصول للسيارة المعنيه مع وجود أمر بإطلاق النار على من يستغلها إذا استدعى الأمر.. عليه طلب الوالد من سائق سيارته ان يصطحب اثنين من رجال الشرطه العسكرية في سيارة أجرة الى قيادة شرطة المرور حيث توجد السيارة المحتجزة وبعد الاستلام اصطحاب نفس مرافقيه من الشرطة بالسيارة الى المنزل لتخزينها وذلك تحسباً لأي معترض بالطريق ولكن لسبب ما.. استهان السائق بالتوجيهات واستلم السيارة وقادها بمفرده متوجهاً الى المنزل.
    عند الظهيرة اتصل احد المعارف ذاكراً أن هنالك عربة يشك بانها خاصتنا مصابة بأعيرة نارية قرب السكة حديد فاكد له الوالد أنها لابد وأن تكون السيارة التى يُبحث عنها والخاصة بالحزب الشيوعي حيث ان سيارتنا لابد وأن تكون بالمنزل وباتصاله لم يجدها.. هرعنا من السوق العربي الى شارع السكه حديد حيث وجدناها على حافة الطريق وعليها وابل من الرصاص وكل الزجاج مهشم والإطارات.. حتى جهاز الراديو عليه ثلاث طلقات وبحمده لم نجد أي آثار دماء بالسيارة.. إذاً السائق لم يصب بأذى.. بحمد الله عاد السائق مساء ذلك اليوم بصحبة أحد ضباط الجيش والذي تربطه صلة صداقة بأخي الأكبر عمر والذي وجده معتقل بالمدرعات بالشجرة بواسطة الكتيبة التى رجمت سيارته بوابل من الطلقات.. وبعد ان لقنوه علقة ساخنة لمعرفة أسرار الحزب الشيوعي وخاب ظنهم ونجا بالمعرفة كما نجيت وصحبي أحمد وخالد.
    وفي العام التالي كانت كل أسرة عمر ابراهيم مالك من الزوجة الثانية بالخرطوم وانكسر ذلك الحاجز والتأم الشمل وقدر الله ان تنتقل زوجة عمر الثانيه والدة سيف وأحمد فجأة بدون مرض الى الدار الآخرة ولحق بها والدهم بعد أقل من تسعة أشهر وهذا يعكس مدى ارتباطه بها.
    عاش بعد ذلك كل من سيف واخوته بعد وفاة والديهم بمنزل وتحت رعاية جدنا ابراهيم مالك بالخرطوم (2) حتى بعد وفاته.. اختار سيف دراسة الطب وولج أحمد وعبد الباقي طريق اسرتهم التجاره.. أصيبت أختهم الكبرى منى في عام تخرجها من كلية القانون بالفشل الكلوى وانتقلت للعلاج بالولايات المتحده ولحق بها أخيها الأكبر الطبيب سيف متبرعاً بأحد كليتيه.. وطالت اقامتهم بالولايات المتحده لمتابعة العلاج وتزوج سيف واستقر هناك . وفجأة أصيب أخيهم الأصغر عبد الباقي بجلطة برجله أودت بحياته بعد وصوله للولايات المتحده بفترة وجيزة نتيجة علاج خاطئ بالقاهره.
    عاش أحمد عمر بالخرطوم وحقق بعض النجاح بعمله التجارى ولكن بفقد شقيقه الأصغر عبد الباقي وانتقال أصغر اخواته انتصار للعيش جوار اختها منى وأخيها دكتور سيف آثر أحمد أن يرتحل بزوجته وأبنائه الى الولايات المتحده ملتحقاً باخوته.. ولكن إرادة الله غلبت.. اراد احمد لم شمل اسرته الصغيره فإذا به يفقد اخته منى بعد 13 سنه قضتها بالولايات المتحده وبفقدها أصبح أحمد زاهداً بالعمل والحياة واصبح مقتسماً وقته بين السودان والولايات المتحده غير مكترساً لأي شئ حتى تجده في بعض الأحيان خاصة عندما يكون بالخرطوم منزوياً بمسكنه لعدة أيام بل أسابيع لا يدري أفراد العائله إن كان بالخرطوم أم الولايات المتحده حتى أصيب فجأة بما أصاب أخته منى ضمور بالكلى... وبدأ العلاج بالولايات المتحده ولكنه كان يفاجئ الجميع بقطع العلاج والعودة للخرطوم غير مكترساً لما قد ينتج عن ذلك حتى أدى ذلك لتوقف كليتيه عن العمل وأصبح يداوم على غسيل الدم منتقلاً بين الخرطوم ولوس أنجلوس غير آبه بما قد يصيبه من تدهور في صحته نتيجة تلك السفرات الطويله ولأسباب قد لا يفهمها من حوله.. ولكن كان واضحاً بأنه زهد الحياة بما لاقاه من آلام اعتصرت قلبه بفقده المفاجئ وبدون مقدمات لأعز الناس الى قلبه والدته وبعد أقل من عام والده ثم شقيقه الأصغر وبعدها بعام شقيقته منى ورغم ما قد يبديه لكل من حوله بأنه شخص محباً للحياة مواصلاً لكل أفراد أسرته باراً بأخوانه وأخواته من أبيه متناسياً خلافاتهم في صغرهم كثير المعارف والأصدقاء تجده في كل محفل يلتف حوله الكل.
    ولكن في السنوات الأخيرة بدأ يخبو نور شمعته حتى إنطفأت بصورة مأساوية وآذان المغرب يدعو الصائمين للإفطار في الخامس والعشرون من رمضان الموافق التاسع عشر من سبتمبر 2006م ولم يكن بجانبه أي من أفراد أسرته الصغيره ولا الكبيرة فلقد عاد من الولايات المتحده قبل ذلك التاريخ باسبوع ولم يتصل بأحد وانزوى في نزله مع أحد أصدقائه حتى أنه قاد سيارته ظهر ذلك اليوم وأجرى غسيل للدم وعاد سائقاً ليلقى ربه بعد أقل من ساعتين... وقد حمل النبأ إلي ابني وائل بالتلفون حين ضغطت على زر الاستقبال بأصابع متجمدة.. اللهم أجعله خيراً.. أهلاً وائل ما سبب استيقاظك لهذه الساعه اللهم أجعله خيراً.. أحمد عمر ؟.. متى حدث ذلك وأين؟ في أمريكا؟ وأمطرته بالأسئلة دون أن أسمع اجاباته.
    رحمك الله أخى أحمد رحمة واسعة وجعل الصبر والسلوى نصيب زوجك ومن تبقى من أخوتك وصغارك .. ما كان لك إلا أن تنتقل بهذه الطريقة الغير عاديه فانت إنسان غير عادى منذ أن عرفتك بتندلتى لأول مرة في صيف عام 69 الى أن التقيتك أخر مرة في أبريل 2006م بمدينة لوس أنجلوس وأهديتك أول نسخ من القرص المدمج (DVD) والذي أعددناه عن حياة والدنا الراحل بشير النفيدي وكان سبب زيارتى لمدينة الأحلام استلام الطبعة الأولى منه ولا أدرى ان كنت تشعر بأنك ملاقيه بعد عدة أشهر.. فلقد رأيت بعض الدمعات تطفر من مقلتيك وأنت تنظر لصورته بالغلاف.
    رحمكم الله جميعاً فلقد تركتم جرحاً ينكأ بصدرى لفقدكم.. والدى الحنون بشير النفيدي.. وخالي الحبيب أحمد ابراهيم مالك .. ورفقاء دربي د. فيصل حسين عبد الرحمن ثم عباس أبو العلا.. وأخيراً أنت يا أحمد عمر ابراهيم مالك.
    سائلاً المولى أن يجعل أسعد أيامنا وخيرها يوم لقياكم في رحاب المصطفى (ص) وإنا لله وإنا اليه راجعون.
                  

08-05-2007, 03:34 PM

سلمي النصري

تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 194

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: بكرى ابوبكر)

    السلام عليكم

    رحمهم الله تعالي رحمه واسعه وجبر كسركم.

    الله يرحم امواتنا واموات امه محمد( صلي الله عليه وسلم) رحمه واسعه.

    يا سبحان الله فراق الاحبه يزداد المه يوم بعد يوم ولا يتناقص ...

    انالله وانا اليه راجعون.

    جاورنا العم المرحوم محمد صالح النفيدي وكنت دوما اراه يزرع الطريق ذهابا وايابا.... من والي جامع السنوسي بالخرطوم اتنين, و في ذاكرتي هيبته ووقاره ووجهه الذي كان ينضح بالتقوي والورع.

    لهم الرحمه اجمعين.

    سلام

    (عدل بواسطة سلمي النصري on 08-05-2007, 03:40 PM)
    (عدل بواسطة سلمي النصري on 08-05-2007, 03:41 PM)

                  

08-05-2007, 04:03 PM

Dr. Moiz Bakhiet
<aDr. Moiz Bakhiet
تاريخ التسجيل: 05-20-2004
مجموع المشاركات: 9044

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: سلمي النصري)

    Quote: رحمكم الله جميعاً فلقد تركتم جرحاً ينكأ بصدرى لفقدكم.. والدى الحنون بشير النفيدي.. وخالي الحبيب أحمد ابراهيم مالك .. ورفقاء دربي د. فيصل حسين عبد الرحمن ثم عباس أبو العلا.. وأخيراً أنت يا أحمد عمر ابراهيم مالك.
    سائلاً المولى أن يجعل أسعد أيامنا وخيرها يوم لقياكم في رحاب المصطفى (ص) وإنا لله وإنا اليه راجعون.

    رحمة الله عليهم جميعاً فلقد تركوا جرحاً في كبد الوطن

    لك التحية والشوق العظيم ولك المودة كلها الأخ الحبيب أمين النفيدي
                  

08-05-2007, 07:05 PM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: بكرى ابوبكر)

    الاخ العزيز أمين النفيدي

    أحسن الله عزاؤكم والبركة فيكم جميعا، كنت قد قابلت والدكم المرحوم في بورسودان قبل أكثر من عشرة سنوات، وتعرفت على أعمالكم التجارية في البحر الأحمر، وتعاونت كثيرا معهم..اللهم اغفر له وأرحمه وعافه وأعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله وأغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيراً من داره وأهلا خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار.
    اللهم اغفر لحينا وميتنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا وشاهدنا وغائبنا اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده..
    الرجاء أن تبلغ عزاؤنا للأسرة في السودان ..
    اخوكم خالد عبدالله – ابواحمد
    البحرين
                  

08-06-2007, 05:19 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: khalid abuahmed)

    هذا الموضوع كتبته يوم رحيل الحاج بشير عن دنيانا الفانية
    رحمه الله واحسن اليه ..


    معالى ابوشريف

    رحل عن دنايانا الفانية امس الحاج بشير النفيدى التاجر المعروف فى السودان والذى ارتبط اسمه بالسوق العربي قلب السودان ...
    وما ان يذكر احد السوق العربي والا يذكر اسم الحاج بشير النفيدى ..
    بدا بشير النفيدى رحلته التجارية مع شقشقه المرحوم محمد صالح وعملا سويا لم يختلفا فى يوم من الايام الى ان انتقل محمد صالح الى رحمة مولاه فى الثمانينات من القرن الماضى ..
    وواصل الحاج بشير النفيدى المسيرة وتطورت اعماله بعد دخول الابناء الى معترك العمل الحر بروح وافكار جديدة ..
    والحديث عن الحاج بشير النفيدى يطول ولن استطيع ايفاؤه حقه فى هذه السطور ولكن ما عرف عنه من خير ومواقف وطنية واسرار كثيرون يعرفونها ولا يستطيعون قولها فى حياته من اعمال جليلة جاء اليوم الذى تقال فيه ..
    وبحكم وجود الوالد فى السوق العربي تعرفت على شخص بشير النفيدى فى السبعينات هو وشقيقه محمد صالح وكانت معرفتى به معرفة سوق فى البداية وترسخت الى معرفة شخصية فيما بعد فى القاهرة ..
    عرف الحاج بشير بعمل الخير فقد تكفل ببناء مسجد وضريح حاج الماحى فى منطقة الكاسنجر شمال السودان وكان المتكفل بالمستشفى فى كل الاحوال التى تحتاج فيه اليه وايضا ببعض مرضى مستشفى الخرطوم ومن يتوفون بتجهيز كافة مستلزماتهم .. وكانت اياديه تجرى نحو اهل الخير والتقى ..
    فى قاهرة المعز كنت اجلس مع المغور له باذن الله مولانا السيد نور الدائم العجيمى فى فندق مونتانا وكانت بينه وبين الحاج بشير النفيدى مودة ومحبة خاصة .. وجاء الحاج بشير وجلس معنا وقدمنى اليه مولانا وقال له الا تعرفه معكم فى السوق والده فلان فكان التعارف الشخصى الاول مباشرة وبعد ذلك تكررت لقاءاتى معه فى القاهرة وعرفته عن قرب رجل يحب الخير واهل الخير ويبادر بتقديم كل ما يساعد فى اى عمل خيرى رحم الله الحاج بشير النفيدى بقدر ما انفقت اياديه البيضاء للفقراء ومساكين السودان ..عزائى لكافة افراد الاسرة وتجار ومعارف الفقيد فى داخل السودان وخارجه ..
    انا لله وانا اليه راجعون
    صدق الله العظيم
                  

08-06-2007, 07:07 AM

أبو الحسين
<aأبو الحسين
تاريخ التسجيل: 11-07-2006
مجموع المشاركات: 7948

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: بكرى ابوبكر)

    نسأل الله يرحم الحاج بشير النفيدي ويغفر له ويجزيه الجزاء الحسن بقدر ما قدم من أعمال خير وإحسان...

    ونسأله تعالى أن يجعل الخير والبركة في ذريته إلى يوم القيامة...

    صادق تعازينا ومواساتنا لكم أخي الأمين...


    أبو الحســـــين...
                  

08-06-2007, 08:12 AM

Nasser Mousa

تاريخ التسجيل: 02-21-2005
مجموع المشاركات: 1378

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: أبو الحسين)

    Quote: نسأل الله يرحم الحاج بشير النفيدي ويغفر له ويجزيه الجزاء الحسن بقدر ما قدم من أعمال خير وإحسان...

    ونسأله تعالى أن يجعل الخير والبركة في ذريته إلى يوم القيامة...



    تعازينا الصادقة للاخ امين النفيدي وجميع افراد الاسرة

    ودمتم وانتم على نفس النهح سائرون


    ناصر موسى
                  

08-06-2007, 09:10 AM

DKEEN
<aDKEEN
تاريخ التسجيل: 11-30-2002
مجموع المشاركات: 6772

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: بكرى ابوبكر)

    آل النفيدي
    الخير فيهم وفي ابنائهم..
    ولايزالون في توادهم وتراحمهم وتواضعهم..
    وتحكي صديقتي فتقول..
    اصغر ابنائهم وائل ..هادي الطبع ودود ..
    وحريص على نهج سيرة والدة الشيخ بشير عليه رحمة الله ..
    ولايزال يواظب على بسط موائد رمضان وٌتمام شعائر الدين في اقسام إدارة النيسان والمعارض..

    اورثهم الحاج بشير نفحةً صوفية وحسن خلق..
    فنعم المورث والميراث..
                  

08-06-2007, 01:37 PM

Souad Taj-Elsir
<aSouad Taj-Elsir
تاريخ التسجيل: 05-30-2007
مجموع المشاركات: 3100

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: DKEEN)

    الأخ الكريم أمين بشير النفيدي،

    هذا سرد رفيع إحياءً لذكراهم العطرة.
    رحمهم الله جميعاً رحمةً واسعة وأسكنهم فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسُن أولئك رفيقا.
    ألزمك الله وجميع أفراد الأسرة الكريمة الصبر الجميل والسلوان.

    "صدقة جارية، علم ينتفع به، إبن صالح يدعو له،"
    ونِعم الإبن الصالح.

    تحياتي وصادق مودتي للأسرة الكريمة.
    سعاد تاج السر
                  

08-06-2007, 01:27 PM

غباشي
<aغباشي
تاريخ التسجيل: 01-19-2007
مجموع المشاركات: 1729

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: بكرى ابوبكر)


    الحـاج بشـير النفيدي ... حياة عـصـامية ... نهـاية مـرضـية


    السيد أمين النفيدي
    مر عامان و ثلاثة أشهر على فقيد الوطن ورجل البر و الإحسان ، المغفور له بإذن الله الراحل المقيم الحاج بشير النفيدي , ماذلت أذكر ذلك اليوم وهيبته وما نال الناس من المنال ما بين صدمة الخبر و التسليم قضاء الله وقدره .... .فبكته القلوب والجوارح وسال الدمع بفقده مدراراً من أعين الكل... لما عرف عن الفقيد من صفات جليلة ومزايا حميدة،توشحت البلاد بالسواد برحيل أحد خيرة رجالاتها ... سلم الروح و هو على متن الطائرة و بقدر هامته العالية أبى إلا ان يسلمها وهو في سموه وسط السحب
    فجعنا بتلقي الخبر وقد عايشنا معكم رحلة العلاج منذ أن بدأت بالقاهرة و المكوث الطويل بها , و كيف كان بركم بأبيكم عندما كان يسافر في كل فترة أحد اخوتك المقيمين بالخرطوم كل من السادة (عمر - صلاح – مأمون – أحمد – جمال - طارق) ليمكث معه بعض الوقت ممارضا له و باراً به و هذا لم يأتي من فراغ فالراحل المقيم كان قد غرس فيكم منذ البدء طيب الخصال و مكارم الأخلاق. فجعنا و كلنا نعلم كم كان تلهفكم الى التجمع سويا حوله للم الشمل و استعادة ما كان في السابق خصوصا بعد أن تتابعت رحلة العلاج إلى الولايات المتحدة
    ترك فيكم الوالد بصمته الواضحة في التواضع و الحكمة و البصيرة النافذة , فأضاف لكم عصارة تجربته و خبرته طوال حياته الزاخرة بالخير , فالراحل المقيم كان مدرسة متفردة في العصامية و بناء الذات و من خلال ذلك استطاع ان يكون إمبراطوريته التي عرف في مجال النقل البري و الترحيل فكانت الطفرة الكبرى هي إنجاز مشروع البترول السوداني الأول عام 1999 في تحد و اضح كنتم أهل له فكتب له النجاح بقيادته الواعية و الحكيمة وانتم من خلفه يساندكم إخلاص و نكران ذات من طاقم و موظفين
    أعود لذلك اليوم ...... تجمع الحشد بمطار الخرطوم لإستقبال الجثمان الطاهر مهللين, مكبرين و محتسبين و وانطلق الركب بعد الوداع الأخير من الدار العامرة بالخرطوم 3 إلى مثواه الأخير جوار ضريح السيد على الميرغني بالخرطوم بحري و سط موكب مهيب يحكي عظمة الراحل المقيم . اجتمع في تشييع جنازته والصلاة عليه والمشاركة في دفنه الكثير من معارفه القاصي و الداني و سائر افراد المجتمع من عامة الناس.... فتلك هي المحبة يهبها الله لعباده لمن يشاء ، فالراحل المقيم من الذين وهبهم الله القدرة على أعمال البر ومساعدة كل من يحتاج إليه دون تصنُّع أو رياء ولكنها سجيته التي خلق بها ، ومنها دمغ بها عليكم....... تقاطر الناس بسياراتهم حتى امتلأ شارع القيادة العامة بعد أن تم تغيير إتجاه الحركة إلي الخرطوم بحري تسهيلا لمرور الموكب نظرا لتدافع ذلك العدد الكبير من السيارات
    ولا أملك في الختام إلا أن اسألكم ان نرفع الأكف مبتهلين و مؤمنين ... اللهم اغفر له ، وارحمه ، وأكرم نزله ، ووسَّع مدخله ، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقِّه من الخطايا كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس ، وألهم أهله وذويه ومحبيه وعارفي فضله الصبر والاحتساب اللهم اخلف لهم فيمن بعده خلف خير، اللهم اجعل ما عاناه من مرض كفارة له ، ان العين لتدمع وان القلب ليحزن ، ولكن لا نقول الا ما يرضي الله ، عظم الله اجركم يا آل النفيدي ، انا لله وانا اليه راجعون.

    أحمد محمد الحسن أحمد عبدالله
    النورس لخدمات البترول
                  

08-06-2007, 07:58 PM

غادة عبدالعزيز خالد
<aغادة عبدالعزيز خالد
تاريخ التسجيل: 10-26-2004
مجموع المشاركات: 4806

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: غباشي)

    رحم الله الحاج بشير النفيدي
    فقد كان ذو سيرة عطرة
    ولم أسمع عنه غير كل خير

    كلمات حزينة وقصص مشوقة مكتوبة
    بطريقة رائعة,,
    تمزج الحزن والتوثيق والإحترام معا

    أحر التعازي أخ أمين

    غادة
                  

09-20-2007, 11:16 PM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18724

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: بكرى ابوبكر)

    8
                  

11-29-2007, 07:09 AM

Dr. Ahmed Amin

تاريخ التسجيل: 02-20-2007
مجموع المشاركات: 7616

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذ امين النفيدى يكتب عن حياه رجل البر و الاحسان الحاج بشير النفيدى (Re: بكرى ابوبكر)

    نسأل الله يرحم الحاج بشير النفيدي ويغفر له ويجزيه الجزاء الحسن بقدر ما قدم من أعمال خير وإحسان...

    ونسأله تعالى أن يجعل الخير والبركة في ذريته إلى يوم القيامة...

    شكرا أخي المهندس بكري على هذا التوثيق ويا ريت يشمل كثير من الجيل السابق والذي

    قدم الكثير لهذا الوطن ولا يعلمهم الجيل الحديث


    دمت

    أحمد أمين
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de