|
|
 الحمى النزفية مأساة عريس جودة!!وفاة أم لخمسة أطفال بالجبلين عقب تقديم العشاء لأطفالها مُباشرةً
|
الرأي العام) داخل معاقل الحمى النزفية بالنيل الأبيض «2»
مأساة عريس جودة!!
وفاة أم لخمسة أطفال بالجبلين عقب تقديم العشاء لأطفالها مُباشرةً
تحقيق: هارون محمد آدم - النيل الأبيض
في الحلقة الاولى استعرضنا حالة هستيريا الخوف التي اثارها مرض الحمى النزفية الذي انتشر في ولاية النيل الابيض وسط المواطنين المقيمين والعابرين للولاية، بالاضافة لحالات الاصابة بالحمى النزفية التي نقلت الى مستشفى ربك وكوستي من مناطق الاصابة المباشرة. وفي هذه الحلقة نستعرض حكايات الناجين من الحمى النزفية من خلال رحلة الساعات الست في معاقل الحمى النزفية التي بدأت من قرية (المجابي) بمحلية الجبلين وانتشرت في القرى المجاورة مثل كيلو «4» وقريتي جودة العدل وجودة الفخار التي واجه فيها المرضى اوضاعاً صعبة نسبة لبعد القرى عن المستشفيات الرئيسية بولاية النيل الابيض. فيما الحمى النزفية مازالت مرضاً مجهولاً لم يستطع الاطباء تحديد مصل لعلاجه بصورة نهائية وانما يسعف المرضى بالمحاليل الوريدية و(البلازما) ونقل الدم الذي توجد ثلاجاته في مدينتي كوستي وربك دون سواهما من المدن الاخرى.. التحقيق التالي يكشف اوضاع الحمى النزفية بمحلية الجبلين:-
صراع البقاء
رحلة الساعات الست في معاقل الحمى النزفية بولاية النيل الابيض بدأت في الثامن من نوفمبر من مدينة ربك عند الساعة الثامنة صباحاً عبر طريق الاسفلت الشاطئ الذي يربط مدينة ربك عاصمة ولاية النيل الابيض بمدينة الرنك احدى المدن الكبرى بولاية اعالي النيل، | Quote: فقبل انطلاق الرحلة اشترط علي مرافقي سائق العربة التي استأجرتها للمهمة، عدم الاكل او الشرب او المصافحة بمناطق الحمى النزفية التي نمر بها تجنباً للاصابة بالمرض القاتل، وافقت مرافقي فانطلقنا صوب مدينة الجبلين التي تبعد سبعين كيلو متراً جنوب مدينة ربك، |
مروراً بعشرات القرى المنتشرة على طول الطريق الذي يسير محاذياً للنيل الابيض من الناحية الشرقية، سكان القرى تبدو عليهم علامات البؤس والمعاناة بسبب قهر ظروف الطبيعة التي تبدو جميلة، ولكن الفقر والامية وقلة الإمكانات ربما حرمت المواطنين من الاستفادة من الموارد الطبيعية،| Quote: فالمواطنون يتضح من قراهم المتبعثرة انهم يعملون من اجل البقاء على قيد الحياة وليس من اجل شيء آخر، فهناك قرية (الحديب) التي دمرتها السيول والامطار التي ضربت ولاية النيل الابيض هذا العام بالكامل ويقيم سكانها حالياً في (رواكيب) كمبانٍ مؤقتة، |
| Quote: يتجسد فيها فقر المواطنين بصورة كبيرة، فمعظم سكان القرى لا تتوافر لهم مياه الشرب والعناية الصحية، فمصادر مياه الشرب إما من النيل الابيض بصورة مباشرة او البرك ولذلك كان اول ظهور للحمى النزفية بمناطق جنوب الولاية بمحلية (الجبلين) |
، حيث لقى عشرات المزارعين والرعاة مصرعهم قبل اكتشاف الحمى النزفية من قبل الأطباء في التاسع من اكتوبر لهذا العام التي مازالت حالات الاصابة بها منتشرة بالولاية، | Quote: ففي مدخل مدينة الجبلين وجدنا خيمة عزاء يؤمها أناس كثر ولدى استفسارنا لاهل العزاء افادونا بأن أماً لخمسة اطفال توفيت بالحمى النزفية في نفس اليوم الذي وصلنا فيه الى مدينة الجبلين، ويقول اهل المرأة المتوفاة انها طهت وجبة العشاء لاطفالها الصغار وبعد ان تناول الاطفال الطعام خلدت الام للراحة بسبب صداع اصابها في اللحظة سرعان ما تحول الى حمى ونزيف فارقت على اثره الحياة قبل نقلها الى مستشفى الجبلين. |
الامر الذي اثار الذعر والخوف وسط الاهالي الذين باتوا في حيرة من أمرهم تجاه مرض الحمى النزفية الذي بلغ ضحاياه العشرات في حالات مشابهة لوفاة ام الاطفال الذين اصبحوا إيتاماً في بضع ساعات من اصابة الام بالحمى النزفية التي تنتقل للانسان من الحيوان عن طريق بعوض (أدنيس) الذي يعيش في المناطق الرطبة.
| Quote: غادرنا مدينة الجبلين الى قرية (المجابي) التي تبعد عشرين كيلو متراً جنوباً حيث بدأ انتشار المرض لاول مرة بالولاية عندما وصل مركز (المجابي) في التاسع من اكتوبر لهذا العام ستة من الرعاة مصابين بالحمى النزفية جميعهم توفوا وبعدها انتشرت الحالات، فحظيت القرية بزيارة مسئولي وزارة الصحة الاتحادية والصحة الولائية ومنظمة الصحة العالمية، حيث اخذت عينات من المرض الى المختبرات المحلية والاقليمية والدولية، فأطلق على المرض الحمى النزفية نسبة للنزيف الحاد الذي يصيب المرضى ويؤدي للوفاة بصورة فورية، فمرض الحمى النزفية بعد اكتشافه، وضع المواطنون امكانياتهم المتواضعة في استنفار دائم حتى يتمكنوا من نقل الإصابات عند بدايتها الى مستشفى ربك وكوستي قبل استفحال المرض. |
مصرع عريس
يقول المرضى الذين أصيبوا بالحمى النزفية بقرى (المجابي) و(جودة العدلي)، (وجوده الفخار) بولاية النيل الابيض وتماثلوا للشفاء: | Quote: الاصابة بالحمى النزفية تشكل حالة مأساوية يعيشها المريض قبل ان يفقد الوعي بسبب النزيف الحاد الذي يعم كل الجسم |
، كما ان هناك هلعاً وخوفاً يصيبان الاقارب الذين ترسخت في اذهانهم | Quote: ان مجرد الاصابة بالحمى النزفية التي لا علاج لها سيفقدون احد افراد الاسرة، فالحمى النزفية في بداية الامر اعتقد المواطنون انها مرض حمى الملاريا يمكن ان تزول باستعمال حبوب او حقن الكلوركين، ولكن بعد عدة حالات وفاة اتضح ان الامر وباء خطير سيحصد ارواح المواطنين ولذلك انتشر الذعر وسط المواطنين الذين يعيشون في مناطق لا توجد بها مستشفيات يتوفر فيها نقل الدم، |
كما ان هناك آلاف المواشي نُفقت في قرية (جربنت) بمحلية الجبلين، ولذلك الرعاة والمزارعون مازالوا يعيشون في حالات عصيبة، فالمرض ينتقل من الانسان للحيوان وبصورة عكسية من الحيوان للإنسان في حين لا يوجد لقاح او تطعيم ضد المرض الذي اودى بحياة اشخاص كثر من بينهم عريس في العشرينات من عمره تزوج لاول مرة في حياته، فتوفى بعد فترة وجيزة من اصابته بالحمى النزفية ونقله للمستشفى وهو لم يكمل اسبوعه الاول منذ اكتمال مراسم الزواج فدفن ويداه مخضبتان بالحناء.
قرية المجابي
يقول «الهجا البشير ضو البيت»، المساعد الطبي لقرية (المجابي) بمحلية الجبلين التي شهدت ظهور أول حالة مرضية للحمى النزفية بولاية النيل الابيض: في التاسع عشر من شهر رمضان الماضي لهذا العام وصلتني ست حالات مرضية لرعاة اعتقدت في باديء الامر انها (ملاريا وخيمة)، ولكن ارتفاع درجات حرارة المرضى العالية المصحوبة بنزيف حاد واستفراغ واسهال وبطء في ضربات القلب دفعتني الى تحويل الحالات بصورة مستعجلة لمستشفى الجبلين | Quote: بغرض اجراء فحوصات طبية لمعرفة اسباب المرض الذي اتضح فيما بعد بأنه حمى نزفية لم تكن موجودة بالسودان، ولذلك المرضى الذي حولوا لمستشفى الجبلين توفوا جميعهم نسبة لحالتهم المتأخرة جداً، فالحمى النزفية تقتل المريض اذا لم يسعف خلال اربعة وعشرين ساعة من ظهور المرض الامر الذي جعل معظم ضحاياه من الرعاة والمزارعين الذين يصلون الى المراكز الصحية من مناطق نائية، |
فمرض الحمى النزفية اثار الهلع في المواطنين، ولكن بعد ثلاثة اسابيع من ظهور المرض في قرية (المجابي) | Quote: التي كانت تواجه شحاً في الادوية تمت السيطرة عليه بفضل الجهود الولائية والاتحادية والهلال الاحمر ومنظمة الصحة العالمية، حيث اقيمت مخيمات لاستقبال المرضى بدلاً عن منازل المواطنين التي كانت تستخدم عنابر تمريض بعد ان تفاقم المرض، |
أما في الوقت الراهن المرض تراجع نسبياً، فمنذ فترة لم تصل مركز (المجابي) اصابات بالحمى النزفية ولكن ذلك لا يعني خلو المنطقة من الحمى النزفية بصورة نهائية.
مرض خطير
يقول الدكتور/ محمد الامين فائز مدير مستشفى جودة العدلي، مرض الحمى النزفية في تراجع مستمر، فآخر اصابة بالحمى النزفية وصلت المستشفى في الاول من نوفمبر الجاري ولكن بيئة المنطقة مساعدة على انتشار المرض بسبب ضعف العناية الصحية ووقوع المنطقة على حدود الولايات الجنوبية، وانتقال الرعاة بين الشمال والجنوب بصفة دائمة، بالاضافة لانتشار امراض سوء التغذية والاسهالات المائية، فالحمى النزفية من اخطر الامراض التي شهدتها المنطقة خلال القرن المنصرم نسبة لارتفاع الوفيات وسط الاصابات، كما ان الحمى النزفية حتى الآن ليس لها علاج شافٍ ولكن يقدم الاطباء للمرض مخفضات حرارة ومحاليل وريدية للحفاظ على الدورة الدموية ثم ينقل إلى مستشفى ربك او كوستي لتجرى له عملية نقل دم، فالفيروس المسبب للحمى النزفية قاتل يعيش في المناطق الرطبة وفترة حضانته في جسم الانسان لا تتعدى اربعة ايام ينقل بواسطة مصاصات الدماء من بعوض وناموس وقراد وقمل ولذلك القضاء على المرض يتطلب مكافحة الناقل على مستوى الاسرة والمجتمع والمنطقة في ظل وجود المسطحات المائية التي خلفها الفيضان الذي ضرب الولاية هذا العام، ولذلك يتوقع ان يستمر المرض فترة طويلة اذا لم يتم القضاء على الناقل بصورة كاملة، كما ان اكل اللحوم النيئة يشكل عاملاً رئيسياً في نقل المرض بالاضافة الى الدم الذي ينزف من المرضى والحيوانات المصابة بالحمى النزفية.
الرأى العام الخميس15نوفمبر2007
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
اسعد الريفى
الرفاعي عبدالعاطي حجر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست