......رسول الاحزان.............

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 10:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-17-2007, 07:18 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36829

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
......رسول الاحزان.............

    من مجموعة(الامام الاخضر)-اصدارات مركز عبادي للدراسات والنشر2005


    -( كم من سنوات مرت وأنا على هذا الحال؟ ) . . .
    جال هذا التساؤل في عقله المجهد ، كان يتدحرج أمام والده الضرير ويد والده تلتف كالطاعون حول عنقه الهزيلة ، اليوم عيد كل الأطفال يلعبون . . يتنفسون الهواء النقي على الساحل . . تركوا الكتب والمدارس للحظات العيد السعيد . . أما هو فقد كتب عليه أن يظل تحت نير هذه اليد تطبيق على عنقه . . سنوات عجاف مضت منذ طفولته البعيدة وهو يقوم العمل الشاق من شروق الشمس حتى غروبها يتجول مع والده في كل طرقات المدينة من أقصاها إلى أقصاها حافي القدمين ممزق الملابس . . نفس المشاوير . . نفس الوجوه نفس الصيحات التي تعقبها دوما صفعة كبيرة على القفا بتلك اليد الغليظة عندما يتلكأ . . كانت الحرية الوحي المتاحة هي النظر آلي الدنيا الملونة حوله . . يوم العيد الأطفال بملابسهم الزاهية كأنهم قطع الحلوى يضربون الأرض بأقدامهم الصغيرة ويحملن اللعب والبالونات ، تغص بهم الشوارع والحدائق ، بعضهم يركض وبعضهم يلعب الكرة في منطقه الساحل الجميلة التي تنتشر فيها البوفيات ، كانت عيناه تجولان في كل مكان إلى الدنيا التي تتغير من حوله وهو ثابت في مكانه إلا من تلك الأحاسيس المبهمة الغامضة التي يحس بها الإنسان على أعتاب البلوغ تلك الأحاسيس التي لا يطلق لها العنان إلا عندما ينفصل عن والده ليلا ويذهب لينام بعيدا في كوخهم التهالك يحملق بعينيه في سقف الغرفة ينظر إلى شبكة العنكبوت كان هناك عنكبوت كبير نصب مصيدته الضخمة الممتلئة بالضحايا من الحشرات التي يقودها حظها العاثر وتسقط في تلك الشبكة الرهيبة لا يدري لمادا كان يربط بين والده القاسي ودلك العنكبوت الشبع ؟ دلك العنكبوت الذي يمكن في صبر حتى إذا سقطت فريسة تتركها تتعذب وهي تجاهد الفرار ولشبكة تلتف حولها .. ثم يبدأ العنكبوت زحفه المقدس نحو الضحية المنهكة ويطبق على عنقها.. تماما كما يفعل والده ...
    - (هل قدر لي أن أعيش هذه الحياة الباهتة ؛كأداة تسول منهكة ومهدرة المشاعر والأحاسيس؟!)
    كان دائما يحملق بالسقف ويسترجع يومه بمرارة شديدة حتى يبلغ به الإجهاد مداده وينام.. ظلت الأحلام كوابيس أيضا ؛كثيرا ما يتصور نفسه قد تحول إلى كلب على رقبته طوق يشده بسلسلة طويلة يركض على حافة جرف ويسقط منها ويتعلق من رقبته حتى يختنق فينهض مذعورا ويتحسس رقبته النحيلة في فزع شديد ؛ في ذلك الحلم المفزع الأخير شاهد نفسه يضاجع تلك المتسولة التي تزور والده ليلا منذ ماتت أمه منذ أمد بعيد.. أضحى الحلم شيئا مفزعا عندما تحولت المتسولة إلى عنكبوت ضخم يعتصره بشدة ؛هب مذعورا ووجد نفسه مبللا وكانت تلك بداية المشاعر الغامضة التي زادت عذابه في الآونة الأخيرة وهو يسير مقيداً بوالده عندما تمر به النساء المعطرات والحسان الفاتنات والطالبات أيضا .. أخذت هذه الأفكار المضطربة تدور في عقل نبيل المجهد وهو يجلس للحظات عند أحدى البوفيات المنتشرة في كورنيش الساحل يتحسس رقبته وقد ذهب والده لقضاء حاجته في الجوار وصوت المطرب ابوبكر سالم الحالم ينساب إلى أذنيه عذباً رقراقاً من مسجل البوفيه.
    مشى كل الزمن وأنا في مكاني
    ضناني الشوق وغرتني ألاماني
    لا أنا بالفرح موجود
    ولا أنا بين أحزاني

    وفجأة حدث شيء غريب اتخذ البحر شكل سراب والسماء اكتست بكل ألوان الطيف اختفت كل المحسوسات أمام ناظره وتوقف الانسياب الموسيقي الممزوج بصوت أمواج البحر المشبع بالضجيج وجلبة السيارات وصياح الزوار وبكاء وضحك الأطفال.. اختفت كل الأشياء وجاءه صوت ابوبكر سالم الصافي كأنه هاتف سماوي:
    - نبيل .. يا نبيل
    - نعم.
    - هل أنت قانع بحياتك هذه!؟
    - لا ..لا ..بالتأكيد
    - إذا لماذا لا تموت ؟
    سرت رعشة في جسده عندما سمع لفظة الموت , واستمر الهاتف .
    - إذا مت تدخل الجنة, الله يحب الأطفال ويدخلهم الجنة.
    شعر نبيل بالراحة الشديدة, وقد راقت له الفكرة وردد في توجس:
    - إن الموت لا يأتي بطوع الإنسان!
    وردد الصوت الحالم :
    - هذا أمر سهل اشتري بالونه من رسول الأحزان عندما يمر بك الكورنيش.
    - رسول الأحزان ؟!!
    كان نبيل يردد ذلك في نفسه واستيقظ على صفعة تعلن قدوم والده , وهب مذعوراً يبدو انه أخذته لحظة من وسن .. نظر حوله في حيرة .. عادت الحياة إلى لهوها ولعبها ..فقط كانت تدور في ذهنه عبارة رسول الأحزان ،نظر نبيل إلى والده وردد :
    - أبي أرجو إن تشتري لي بالونه ،أعطيني ريالاً اشتري بالونه بمناسبة العيد..
    نظر الأب إلى ابنه في دهشة لهذا الطلب !
    وأردف نبيل :
    - اليوم عيد يا أبي ليتك تشتري لي بالونة .
    - حسناً يا بني .. إذا مر بائع البالونات أخبرني حتى أشتري لك بالوناً.
    وظل الرجل وابنه يتجولون في الكورنيش ولدهشة نبيل الشديدة ظهر رجل غريب الشكل مفرط في الطول وتبدو عليه الغرابة ويمشي وكأنما يمشي على سطح القمر ، كان الرجل يحمل بالونات سوداء اللون ، نظر نبيل إلى الرجل في دهشة وامتلأ وجهه بالسعادة وردد في نفسه : ( لابد أن هذا هو رسول الأحزان الذي قاله الهاتف السماوي ) .
    - أبي حضر بائع البالونات .
    توقف الشيخ وأفلتت يده ابنه وأخرج ريالاً من جيبه وناوله ابنه :
    - خذ الريال .. لا بأس لن يؤثر شيء .
    لم يصدق نبيل أن يجود له والده بهذا المبلغ ! وانطلق نحو الرجل الغامض ، توقف نبيل أمام الرجل ، ابتسم الرجل ابتسامة أضاءت وجهه الأسود !
    - هل تريد بالونة يا نبيل ؟
    دهش نبيل .. كيف عرف الرجل اسمه ؟
    - نعم أريد بالونه .
    تناول الرجل الريال ونظر فيه وأرجعه إلى نبيل .. الذي كست وجهه علامات الإحباط .. وردد الرجل :
    - سأعطيك بالونه مجاناً .
    أسعد ذلك نبيل لأنه سيحصل على بالونه مجاناً وسيرد الريال لأبيه ..تناول البالون السوداء وانطلق يعدو عائداً إلى والده . ومن شدة الفرح أفلتت أصابعه الكورنيش , أنطلق خلفها لا يلوي على شيء .. وفي اللحظة التي انحنى فيها ليلتقط الخيط المتدلي من البالون دوت فرامل سيارة طائشة، سمع الناس أنة خافتة وصوت تهشم عظام واندفعت الدماء تغطي الشارع .. أفلتت أصابعه المتقلصة البالونة التي أخذت تشق طريقها في إصرار بين الأقدام المندفعة التي بدأت تتجمهر من كل صوب .. ظلت البالونة تندفع بين الأيدي الكبيرة والايدى الصغيرة التي تحاول الإمساك بها وشقت طريقها بقوة وعند الأفق الشمالي ارتفعت في الفضاء واختفت خلف أسراب طيور النورس المهاجرة .

    الحديدة 1994
    الموسيقى التصويرية-moon rever

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de