From sudaneseonline.com

أمواج ناعمة بقلم : د. ياسر محجوب الحسين
مصدات وكوابح التغيير/د. ياسر محجوب الحسين
By
Mar 9, 2011, 08:54

 

أمواج ناعمة

مصدات وكوابح التغيير

د. ياسر محجوب الحسين

الحديث عن التغيير والتجديد والآماني التي تسير بها رياح الأمل في واقع وغد أفضل تصطدم على ما يبدو بأمراض ومصدات مثل التسلط والعلو والغرور، ليس بالضرورة أن يرتبط التسلط والعلو والغرور بالملوك والأباطرة بل كذلك في دوائر العمل المختلفة خاصها وعامها حيث يعاني الكثيرون ويتجشمون نتائج هذه الخصال.. والمسؤول الُمتسلّط يعتمد بشكل عام، على مبدأ الحفاظ على ما هو قائم ويرفض أي تغيير يهدد مكتسباته، فهو يعمدُ إلى قمع كل دعوة للتغيير، ويجمّد حتى الخيال بوصفه نوعاً من الحلم بواقع جديد.. فالسُلطة تأخذ في اعتبارها دائما المصلحة الخاصة للقائم عليها حتى يستمر وجوده، لذلك نجده يجترح أساليب غريبة لاحتواء الإبداع.

والعجب بالنفس داء عُضال يمسك بتلابيب البعض ويؤزّهم أزّا.. فهو السرور والفرح بالنفس، وبما يصدر عنها من أقوال أو أعمال سواء أكانت هذه الأقوال، وتلك الأعمال خيرا أم شرا، محمودة أم غير محمودة.. ومصيبة هذا الداء أنه يجر على صاحبه الاستخفاف بالناس، وفيهم بلا شك من هو خير منه.. وعجب النفس فشل اجتماعي ذريع، وهو من الخصال التي لا تأتي فرادى بل تصاحبها مجموعة من الأمراض الفتاكة من بينها: كبر وتكبر على الناس؛ لأنه يشعر بأنه الأفضل، وفي الحقيقة ليس إلا شخصا عاديا جدا.. مع أول صدام مع حقيقته أمام الناس؛ يكن الكبر هو الحل الوحيد أمامه؛ حتى يهرب بعيداً عن نفسه، فيتكبر توهماً أنه أفضل، وهو مسكين لا يعي حديث النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال: "إنه رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" فسبحان من لا يعلم أقدار خلقه إلا هو.

حبّ التسلط والفساد في الأرض عواقبه العظيمة.. وفي التاريخ – الذي لا نعتبر به - قارون كان ثريا مستكبرا ومتسلطا وأنانيا، فخسف به الله الأرض عقابا له جزاءً وفاقا يقول الله تعالى ((فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ)) القصص (81).. فالعلو والاستكبار مرتبطان بالضرورة بالفساد، ومن يحرص على تجنب هذه الصفات فقد وعده الله تعالى بالجنة، إذ يقول ((تِلْكَ الدَّارُ الاَْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى الاَْرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَـقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)) القصص (83).

العجب بالنفس والغرور عملية كيميائية ولذلك يعامل ذلك الشخص المبتلى بهذا الداء معاملة النفايات السامة.. لابد لنا أن نعكف على تأمل ذواتنا وكأننا خارجها نطل عليها من بعيد لندرك حجم عيوبنا.. إن كل ما يكسبه المُغتر نتيجة لغروره ليس إلا رماد تشتد به الريح في يوم عاصف.

التغيير المهم هو تغيير النفوس التي شابتها فتنة الدنيا ولهثت أيما لهثٍ وراء حظوظها ولم تنل غير نصيبها رغم (جري الوحوش).. عدم اليقين بالنصيب المكتوب والرزق المقسوم وقود يشعل نيران الحسد الذي يدمر خزائن الفعل الايجابي في الدواخل.. وإن غابت القناعة عن مناخ النشاط الانساني يبدأ الاختلال في حركة الحياة اليومية وتبدأ العمليات الظلامية في التفاعل ويسود الساحة الخداع والتآمر والنفاق والكيد..كثير منا في خضم هذه الفتنة نسي أو تناسى أصل الفكرة وتركنا أفرادا وجماعة تزكية نفوسنا وتطهيرها من أدران الجشع والطمع.. عندما ينقص الايمان بالله تنـزلق الأقدام نحو فضاءات لا تمت لأصل الفكرة بصلة.   

 



© Copyright by sudaneseonline.com