From sudaneseonline.com

كلام عابر بقلم : عبدالله علقم
كلفّـوهم واجـد/عبدالله علقم
By
Mar 7, 2011, 09:13

(كلام عابر)

كلفّـوهم واجـد

وفي مناسبة الحراك الذي يعم وزارة الصحة هذه الأيام بدءا من محاولة خصخصة الامدادات الطبية ومرورا بسابقة استقالة السيد الوزير وانتهاء بما تخبيه الأيام الذي هو في رحم الغيب ، تسترجع الذاكرة واقعة مخزونة فيها قبل أكثر من عشر سنوات. ذهبت ذات يوم لمصنع في المدينة الصناعية في الدمام متخصص في صناعة بعض المستلزمات الطبية ، وكانت ظروف عملي تحتم عليّ التردد على ذلك المصنع مرة أو مرتين في الأسبوع. وجدت في المصنع ذلك مجموعة من الزوار السودانيين ، الذين قدموا من الخرطوم عبر دبي. وما هي إلا لحظات حتى عرفت هوية هؤلاء الزوار فقد كانوا يمثلون بعض الجهات الرسمية، مدنية وعسكرية معنية بتوفير الدواء في السودان. وقد تم الاتفاق مع هذا المصنع لتوفير منتج علاجي معين يخلو منه السودان. اشترطوا على صاحب المصنع أن يقفوا بأنفسهم على المصنع وتجهيزاته وكأن المفاوضات كانت حول شراء المصنع نفسه. وافق صاحب المصنع لأن الصفقة تستحق من وجهة نظره مثل هذه المصروفات فتكفل بسفرهم من الخرطوم ، ولكنهم أضافوا شرطا جديدا هو زيارة مصنع المالك الفرعي في دبي، فوافق على مضض وأمضى الوفد أياما في دبي لتفقد المصنع ،الذي لن تشمله فاتورة مشترياتهم بأي حال من الأحوال، ثم انطلقوا كلاكلاب المسعورة  في أسواق دبي العامرة على حساب مضيفهم قبل أن يستقر بهم المطاف في الدمام.

"كلّفونا واجد".. هكذا قال لي محدثي في المسئول في مصنع الدمام.. "كلفونا واجد والله".. أي كلفونا كثيرا .. قلت له وأنا أحاول جهد المستطاع  أن أبرر هذه "الدناوة".. من حقهم يا أخي  أن يقفوا على استعدادات مصنعكم.. فرد علي بغضب :ألا تكفي العينات والشروط والمواصفات المتفق عليها؟ قلت له : ولكنكم ستضيفوا   كل هذه الضيافة "الكريمة" في الفاتورة، ربما بأكثر مما دفعتم.. أليس كذلك؟ ألستم "شركاء" ؟

يبدو أنني كنت وحدي الذي أحس بالحرج والخجل حتى اختتمت الضيافة "الظاهرة" بأداء العمرة.. ولا أدري بأي قلب وبأي قلب  وقف هؤلاء أمام الرحمن في بيته العتيق  وبأي وجه سعوا بين الصفا والمروة.. وانتهت الرحلة على حد علمي إلى ذلك الحد إلا واحدا منهم لم يرض من الغنيمة بالضيافة والسياحة  وكان أوفر حظا  من رفاقه،  فأصبح بين عشية وضحاها  وكيلا  حصريا في السودان لأحد منتجات ذلك المصنع ، ولم يدفعني  الفضول لمحاولة الحصول على كامل التفاصيل رغم أن ذلك  كان ممكنا، ولم يكن بوسعي كذلك احتمال نظرات مسئول المصنع التي لا تخلو من السخرية فتباعدت زياراتي للمصنع حتى انقطعت تماما.

ويبدو أن صناعة العلاج لا تخلو من الأمراض المستوطنة والمعدية.

 (عبدالله علقم)

[email protected]



© Copyright by sudaneseonline.com