From sudaneseonline.com

بقلم : هاشم بانقا الريح
التقاوي الفاسدة والذمم الفاسدة/هاشم بانقا الريح
By
Mar 6, 2011, 08:52

 

التقاوي الفاسدة والذمم الفاسدة

هاشم بانقا الريح

[email protected]

 

جاء في "الصحافة" أن رئيس إتحاد مزارعي الزراعة الآلية والمطرية بولاية سنار هدد (بتصعيد قضية تقاوى زهرة عباد الشمس للمحكمة في حال فشل البرلمان في حل قضيتهم،وجدد التأكيد على فساد التقاوي، وأكّد أنهم على استعداد لفحص تلك التقاوي خارج السودان لإثبات صحة ادعائهم.)

وبدا السيد عثمان يعقوب واثقاً مما يقول، إذ أضاف أن  الاتحاد في انتظار ما ستسفر عنه تحقيقات لجنة الشؤون الزراعية بالبرلمان حول قضية التقاوي، معرباً عن قناعته التامة بأنها غير صالحة، وأشار إلى أن التقاوي الآن موجودة بآلاف الأطنان بالمخازن في ولايتي النيل الأزرق والنيل الأبيض، وأكّد أن الهيئة القومية للمواصفات حجزت بعض التقاوي بولاية سنار بعد أن وصفتها بغير الصالحة، مشدداً على أنهم سيقفون بقوة خلف قضيتهم . وحمّل إدارة التقاوي بوزارة الزراعة وهيئة المواصفات والمقاييس المسؤولية عن ما اسماها بالجريمة، مؤكّداً أنهم يملكون دلائل لتورطهم في تلك الصفقة مع الشركات المستوردة.

هذه واحدة من بين مئات بل ربما آلاف الصفقات المشبوهة والتي تتورط فيها جهات وأفراد بيننا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق يشترون ما علا ثمنه دون السؤال: "بي كم؟" هذه عينة من عينات كثيرة لم تجد من يردعها ويحاسبها، أمِنت جانب العقوبة، فمضت تنخر في جسم المجتمع تأكل يمنياً وشمالاً، شرقاً وغرباً، لا توجد مؤسسات رادعة تلاحقها، وتسألها: من أين لكم هذا؟

القضية أيها السادة في فهمي المتواضع لا تحتاج إلى نقاش في البرلمان، ولا تحتمل إضاعة وقت في جلسات الله يعلم إن كانت ستكمل نصاب التصويت أم لا، هذا إذا كنا متفائلين أن القضية ستذهب وتصل حتى مرحلة التصويت بمحاسبة الجهة أو الجهات المسؤولة، أم أن القضية ستسجل ضد مجهول، وتطوى كسابقاتها الكُثر.

أقول إن القضية واضحة وإن موضوع الدعوى بيّن، تقاوى فاسدة تم استيرادها من جهات معلومة ودخلت البلاد من الأبواب وليس من النوافذ- أي نهاراً جهاراً- وتعلم بها إدارة التقاوي بوزارة الزراعة، والهيئة القومية للمواصفات، التي قامت بحجز بعض التقاوي بولاية سنار بعد أن وصفتها بغير الصالحة، حسب ما أعلنه السيد رئيس إتحاد مزارعي الزراعة الآلية والمطرية بالولاية. ولا أظن أن السيد رئيس إتحاد المزارعين بالولاية يحتاج إلى تلفيق مثل هذا النوع من الاتهامات الخطيرة، ما لم تكن لديه كافة المستندات والشواهد المعززة لأقواله.

فإذا كانت هناك جدية في البدء في استئصال مثل هذا الفساد في الذمم، فإن البداية ليست من البرلمان، بل تكوين لجنة تحقيق على مستوى عالٍ تضم خبراء قانونين، وزراعيين، ومختصين بمعايير الجودة، مستقلين مشهود لهم بالنزاهة والأمانة وغير محسوبين على هذه الجهة أو تلك. المسألة لا تحتمل جلسات البرلمان، وتوصيات الله أعلم إن كانت ستجد من ينفذها. المسألة إلى مثل هذه اللجنة المتخصصة، المستقلة التي يُحدد لها إطار زمني، وتُصدر توصيات ملزمة، وأن تُعلن هذه التوصيات، والأحكام التي تصدر بشأنها للرأي العام، فقد سئمنا من كثرة الهمس والغمز واللمز في قضايا المال العام.

المزارعون الذين باسمهم تم استيراد هذه التقاوي يريدون أن يعرفوا ما إن كانت صالحة أم لا؟ والمواطنون المستهلكون يريدون أن يطمئنوا على جودة وسلامة الأغذية التي يتناولونها، إذ أنهم لا يعرفون حتى الآن ما إن كان فساد التقاوي هذه يتمثّل في انتهاء صلاحيتها وبالتالي تردي وضعف منتجها، أم أن هذا الفساد ناتج عن "بلاوي" أخرى لم يُكشف عنها ربما تؤدي إلى عدم سلامة المنتج وعدم صلاحيته لتناول البني آدميين.

القضية تتطلب التحرك العاجل، فقد أعلنها رئيس إتحاد مزارعي الزراعة الآلية والمطرية بولاية سنار مدويّة ووضع النقاط على الحروف، وبشفافية نقلت عنه "الصحافة"، ويأتي الآن دور الجهات الأخرى، لأن الحديث كُثر ليس عن فساد التقاوي وحدها بل فساد الذمم أيضاً. 

 

 



© Copyright by sudaneseonline.com