From sudaneseonline.com

بقلم : مصعب المشرف
ملف مياه النيل في عقل رئيس الوزراء المصري عصام شرف ..... / مصـعـب المشــرف
By
Mar 5, 2011, 08:40

ملف مياه النيل في عقل عصام شرف

 

مصعب المشرّف:

تعيين المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الحاكم في مصر للدكتور عصام شرف كأحد خيارين تقدم بهما إئتلاف ثورة 25 يناير لتولي منصب رئاسة الوزارة المصرية المؤقتة لحين إنتخابات رئيس الجمهورية القادمة ..... هذا التعيين جاء يحمل أكثر من معنى ومغزى :

-   فهو من جهة يؤكد براءة المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية من أية شبهات محتملة فيما يتعلق بأطماع الإنقضاض على السلطة.

-   وهو من جهة أخرى يعزز الثقة بين هذا المجلس وبين إئتلاف ثورة 25 يوليو الشعبية ، التي باتت تثبت مع مرور الوقت أنها ليست بالثورة اليتيمة القاصر التي يسهل فرض الوصاية عليها ونهب إرثها الشرعي بسهولة.

ومن جهة أخرى فإن إختيار إئتلاف الثورة للدكتور عصام شرف يأتي مواكباً وملبياً لمصالح الشعب المصري الإستراتيجية فيما يتعلق بمياه النيل . وذلك بوصفه يحمل أفكارا منطقية معلنة ورؤى ثابتة واقعية قابلة للتحقيق فيما يتعلق بالطريقة الأمثل لتكريس علاقة مصالح مشتركة قابلة للتفاهم مع شركاء مصر في ماء النيل ... وذلك على العكس من عمرو موسى على سبيل المثال الذي فشل وهو الذي رشح نفسه لرئاسة الجمهورية القادمة ... فشل في طرح رؤى وأفكار واضحة فيما يتعلق بمشكلة حصص دول حوض النيل من الماء ... وعلى نحو ربما يشير إلى أن الحال سيبقى على ما هو عليه في حالة تولي عمرو موسى رئاسة الجمهورية . وسيستمر ماء النيل رهينة للمماحكات السياسية العقيمة والعنتريات الفارغة بهدف الإستهلاك المحلي مثل ما كان عليه الحال في عهد حسني مبارك.

على أية حال وبالعودة إلى الإستراتيجية المقترحة من جانب الدكتور عصام شرف فيما يتعلق بماء النيل ، والتي تجد ترحيبا ودعما قويا من جانب قيادة القوات المصرية المسلحة . فإنها تتلخص وببساطة في الآتي:

-   إيلاء ملف أزمة مياه النيل أهمية كبيرة مستقبلا. من واقع أن أمن مصر القومي مرتبط بعلاقتها الطيبة مع دول أفريقيا . وهو يرى أن هذه العلاقات الطيبة لن تتحقق بالزيارات المتبادلة والصداقة الفوقية وحسن النوايا وتبويس اللحى وتوسيط الولايات المتحدة كما يظن عمرو موسى.

-   ومن ثم فإن الطرح الذي يقدمه دكتور عصام شرف هو بناء مصالح مشتركة ، تحقق الإرتباط الوثيق بين مصر ودول حوض النيل .

-   وهو في سبيل وضع هذه الفكرة موضع التنفيذ . فإنه يدعو إلى ربط مصر بأفريقيا النيل عبر الطرق وخطوط السكك الحديدية والنقل النهري.

إذن نرى الدكتور المهندس عصام شرف (الذي شغل سابقا منصب وزير النقل) ؛ نراه يلتقي هنا وللمرة الأولى مع الدعوات السودانية المتكررة منذ القرن الماضي بأن تتجاوز العلاقات والإتفاقيات التكاملية والملبية للمصالح المشتركة مصالح الأنظمة السياسية الزائلة لتلبي المصالح الإستراتيجية الثابتة الدائمة للبلدين . أو بما يعني أن يهتم التكافل بتلبية المصالح اليومية المحسوسة لشعوب المنطقة عبر هيئات مستقلة ومؤسساتية تضع نصب عينيها تحقيق الإستراتيجية والتي تضمن وحدها النجاح في التطبيق والإستمرار والنمو والتطور الديناميكي الذاتي ، وليس وفق مزاجية أو على حسب حسن العلاقات الشخصية بين هذا النظام الشمولي وذاك وهذا الرئيس الديكتاتوري وذاك فحسب وفق ما كان سائدا على سبيل المثال بين نظامي جعفر نميري في الخرطوم وأنور السادات ووريثه حسني مبارك في القاهرة ، وأدى بطبيعة الحال إلى فشل مشروع التكامل وتعثره عند أول بادرة خلاف وفتور في العلاقات.

ولكن برغم حسن النوايا التي نتوقعها في الدكتور عصام شرف .. وبغض النظر عن واقعية الإستراتيجية . فإن العوائق والتحديات البارزة تكمن في عدة حنايا وأهمها:-

1)  أن حكومة عصام شرف هي حكومة تسيير أعمال مؤقتة لا نتوقع لها أو له الإستمرار يعد مضي الفترة الإنتقالية بقدوم شهر أغسطس 2011م . اللهم إلا إذا ترشح عصام شرف أو فكر منذ الآن في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وفاز به . والذي نتوقع له أن يستمر فيه لمدة (4) سنوات على أقل تقدير قابلة للتجديد لمدة واحدة أخرى مماثلة وفق الدستور المصري الجديد .. وهي مدة قد تكون كافية بما يمكنه من الفراغ من رسم خارطة طريق مقنعة تلبي طموحات كافة دول الحوض على تباينها ودرجات وسقوف أحلامها وتطلعاتها من ثمرات مشروعه المتعلق بتكريس علاقة المصلحة الإستراتيجية المشتركة بين دول حوض النيل.

ولكن برغم ذلك فإن هناك عوائق رئيسية على الأرض قد تمنع إقامة مشاريع تنموية مشتركة أو مد الطرق وإنشاء الجسور وتتمثل في الآتي:

أ‌)  وجود خلافات بينية بين عدد من دول حوض النيل وعلى رأسها أثيوبيا وأرتريا وكذلك بين دولتي السودان وجنوب السودان ...... وحيث المتوقع توتر في العلاقات أو نشوب حروب ثنائية في أية لحظة بين هذه الدول . مما يجعل من أمر إنشاء جسور وتعبيد طرق خيارا غير إقتصادي وغير أمني كذلك ؛ لما قد يستفيد منه جيش في سهولة إحتلال الأراضي واللوجستيات .... ولما قد تتعرض له تلك الجسور والطرق من نسف وتخريب حتما في حالة نشوب حروب محتملة.

ب‌) ضعف البنى التحتية في بعض دول الحوض وإنعدامها في الأغلب الأعم الآخر . وكذلك ضعف الإمكانيات وقلة الأموال التي يمكن رصدها حتى لدى الجانب المصري الذي تواجهه تحديات مستقبلية وسنوات عجاف صعبة قادمة.

ت‌)إنعدام الديمقراطية والشفافية وتفشي الفساد المالي والإداري. وسيادة ظاهرة التكسب من الوظيفة العامة وسرقة المال العام والرشوة والمحسوبية ، وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وسط كافة دول حوض النيل. وهو الأمر الذي سيمثل عائقا إستراتيجيا طويل المدى لا يمكن التقليل من شأنه في مواجهة تنفيذ أية مشروعات تنموية مشتركة ذات جدوى إقتصادية مربحة.

ث‌)بعض دول الحوض كـ "دولة جنوب السودان" مثلا تتحفظ على إزالة السدود النباتية من داخل مجرى نهر النيل الأبيض وحفر قناة صناعية لتسهيل تدفق مياه هذا النهر ، بدعوى أن هذه السدود تمثل سبيلا للكسب والعيش لدى قطاع كبير من سكانها. وكذلك لما توفره بعد إنحسار ماء النهر من غطاء نباتي لمرعى ثرواتها الحيوانية .. إلخ .

ولكن وبرغم كل المعوقات التي قد تجعل من رؤية "عصام شرف" صعبة التحقيق. فإن الجانب المليء من الكأس يبين أننا وبوضعها على البساط في أجندة البحث المشترك . نكون قد وضعنا أقدامنا في بداية الطريق الصحيح . ويكفينا حتى نضع هذه الأقدام أن نردد بكل الصدق :- (لدينا حلم) .. أو كما قال مارتن لوثر كينغ يوما ما : I have a dream



© Copyright by sudaneseonline.com