From sudaneseonline.com

زفرات حرى بقلم : الطيب مصطفى
يا لهـــا مـــن عظـــات وعـــــــبر!!/الطيب مصطفى
By
Feb 28, 2011, 21:28

زفرات حرى

الطيب مصطفى

يا لهـــا مـــن عظـــات وعـــــــبر!!

 

تأملوا بربِّكم ما يفعله الطغيان بالإنسان... ملك ليبيا السابق إدريس السنوسي انقلب عليه العقيد القذافي بينما كان في مهمة رسمية إلى اليونان وكان مع الملك 52 ألف دولار فقط لتغطية نفقاته أعادها جميعاً إلى خزينة الدولة الليبية عبر السفارة الليبية في أثينا بينما تكشّف الآن أن القذافي يملك 131 مليار دولار، هذا بالطبع لا يشمل المليارات التي ظل يهدرها في مغامراته المجنونة في شتى أرجاء العالم بدءاً من ثورة نيكاراجوا في أقاصي الدنيا مروراً بدعم الجيش الجمهوري الآيرلندي وانتهاءً بإفريقيا التي نصب نفسه ملكاً على ملوكها، أما السودان فقد نال من أذى الرجل ولا يزال ما سيظل يردِّده التاريخ وتلوك سيرته الأجيال.

القذافي أعلن الحرب على سويسرا وقطع عنها النفط واعتقل مواطنيها لمجرد أن شرطة جنيف حققت مع ابنه الطائش بينما نفذ إدريس السنوسي حكم الإعدام الذي أصدرته محكمة ليبية في حق ابن عمه وابن أخ الملكة فاطمة زوجة السنوسي وكان ذلك هو الدم الوحيد الذي سال طوال فترة حكم السنوسي.. أما القذافي فيكفي ما ارتكبه ويرتكبه هذه الأيام من مجازر سيحكي عنها التاريخ ويضعه بديلاً لنيرون روما وهتلر وموسيليني ممن لم يرتكبوا في حق شعوبهم ما فعله هذا المجنون.

يا سبحان الله فقد قتل القذافي 0021 سجين سياسي في سجن بوسليم عام 6991م بمدينة بنغازي الشهيرة ثاني أكبر المدن الليبية وجاء الوقت الذي تشتعل فيه الثورة من بنغازي التي صبرت لمدة 41 عاماً ثم انتفضت لتثأر لبنيها ولدولتها غضباً من اعتقال محامٍ تصدّى للمطالبة بفتح ملف أولئك الشهداء!! إنه يُمهل ولا يُهمل سبحانه.. إنه ينتقم من الجبابرة والفراعنة الذين ينازعونه في كبريائه ولو بعد حين!!

وينكشف الغطاء أخيراً عن يهودية القذافي وتتحدث خالته راشيل من تل أبيب عن مولده وهل من بلاء يصيب هذه الأمة لا يكون لليهود منه نصيب؟!

القذافي يقول إنه ليس رئيساً ولا يملك سلطة فهل بربكم من كذبة في التاريخ أكبر من هذه؟! إذن لماذا أيها المجنون تدافع عن نفسك وعماذا تدافع أيها الأحمق ولماذا إذا لم تكن صاحب سلطة تدافع عنها وتذود، لماذا لا تنسحب في هدوء بدلاً من التشبُّث وقتل الآلاف وتدمير بلادك؟! لماذا أيها الأحمق وبأي حق تزور الدول وتقابل وتستقبل رؤساءها وملوكها وتمثل ليبيا في مؤتمرات القمة وغيرها؟!

سيحكي التاريخ كثيراً عن إنسان يسمى القذافي وسيصبح ظاهرة وعبرة وتجربة فريدة ويحكي عن كيف حكم رجل مجنون شعباً لمدة تجاوزت الأربعين عاماً وسيحكي تاريخ السودان كذلك عن فترة القذافي وأظنها فرصة سانحة لطلاب الدراسات العليا في التاريخ والعلوم السياسية ليتناولوا فترة القذافي وتأثيراتها على السودان ويا له من صيد سمين!!

أما نحن في «الإنتباهة» فقد توالت علينا الأفراح في عام الفتوحات الكبرى وها هو القذافي يترنح فقد كنا من ضحاياه بعد أن أُوقفت «الإنتباهة» بسبب مقال بعنوان: «فرعون ليبيا» تناول تهوُّر الرجل ونزقه وأذاه للسودان وننشر المقال إن شاء الله في وقت لاحق بعد أن يلحق بصاحبيه مبارك وبن علي، ولعل التأخير الذي صاحب زوال حكم الرجل يكشف الفرق بينه وبين صاحبيه فقد كانا من الطغاة والفراعنة ولكن شتان شتان بين فرعون وفرعون!! لقد أراد الله تعالى أن تطول فرفرة هذا «الذبيح» حتى نرى ويرى التاريخ مزيداً من عجائبه وحتى يسجِّل سيرة إحدى الظواهر الفرعونية الجديدة ويُثبت أن النماذج البشرية التي حكى عنها القرآن تتكرر على مدى الدهور والأزمان بأشكال مختلفة و«مذاق» مختلف!!

عِبرة أخرى ينبغي لقبيلة اليسار وبني علمان ممَّن اعتقدوا في قوة أمريكا أو من الخائضين والمتمرِّغين في رمضاء التيه والضياع ممن ظنوا أن أمريكا تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور أو أنه ما يكون من نجوى ثلاثة إلا و«السي آي إيه» رابعتهم ولا خمسة إلا وهي سادستهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا وهي معهم أينما كانوا... ينبغي لهؤلاء أن يعلموا أن أمريكا وأوروبا بل والكرة الأرضية والكون كله ما هو إلا ذرة في ملك الله وأن هؤلاء جميعاً لم يُؤتوا من العلم إلا قليلاً وأنه سبحانه هو العليم المحيط بكل شيء فمن كان يصدق أن تنفجر الأوضاع في هذه البلاد ويتساقط عملاء أمريكا واحداً تلو الآخر تحت سمعها وبصرها بدون أن تعلم حتى قبل أيام قليلة من زوال تلك الأنظمة؟!

عِبرة أخرى تحكي عن الطلب الذي تقدم به مبارك والقذافي إلى البشير عندما زاراه سوياً قبل عدة أشهر أن يتنحّى عن الحكم.. مبارك الذي ظل يسخر من البشير ويقول إنه يرقص بينما شعبه جوعان.. أين هو اليوم وأين هو القذافي؟! مبارك والقذافي اللذان ساقهما الغرور إلى أن يعتقدا أنهما أُوتيا شجرة الخلد وملكاً لا يبلى كيف كانا وكيف صارا اليوم؟!

مبارك طلب إلى الشهيد صدام حسين أن يتنحّى حفاظاً على الدم العراقي من أن يُراق في حرب بين العراق وأعدائها واليوم يتنحَّى مبارك في ذلة وانكسار وإهانة مطارَداً بلعنة التاريخ بينما يموت صدام واقفاً كالنخلة على يد الاحتلال الأمريكي مردداً الشهادة على رؤوس الأشهاد ويأبى أعداؤه إلا أن يوثقوا تلك البطولة وتلك الشهادة حين التقطوا المشاهد الأخيرة من حياة الرجل!!

لقد كان صدام طاغية وهذه تحسب عليه لكنه كان صاحب مبادئ واجه أمريكا ومات على يديها شهيداً كما فعل عمر المختار وهو يُشنق على يد الطليان.. أما مبارك فقد خرج مذموماً مدحوراً حتى من سادته الذين أمضى حياته خائضاً في وحل العمالة لهم فشتان شتان!!

والله إنها لرسالة لجميع الحكام أن يختصروا فترات حكمهم بحيث يَخرجون بشرف قبل أن يُخرجوا بالشلُّوت!!



© Copyright by sudaneseonline.com