From sudaneseonline.com

زفرات حرى بقلم : الطيب مصطفى
بين علي عثمان وعقار وخازوق المشورة الشعبية!!/الطيب مصطفى
By
Feb 27, 2011, 22:22

زفرات حرى

الطيب مصطفى

بين علي عثمان وعقار وخازوق المشورة الشعبية!!

 

وهكذا يطلُّ خازوق آخر من خوازيق نيفاشا التي لا تنقضي عجائبُها يسمَّى المشورة الشعبية ويعود الأستاذ علي عثمان محمد طه من الدمازين مغاضباً بعد أن رأى فيها عجباً ويُلغي خطاباً كان مُفترضاً أن يخاطب به جماهير الولاية بعد أن علم أن والي النيل الأزرق ونائب رئيس الحركة الشعبية مالك عقار قد أعدّ كميناً ملغوماً له في إستاد الدمازين الذي كان قد أُعد لاستقبال النائب علي عثمان على ذلك النحو حيث امتلأت جنبات الإستاد باللافتات المطالبة بالحكم الذاتي وحُشد شباب الحركة الشعبية وطفقوا يرقصون ويغنون في أجواء لا تختلف كثيراً عن أجواء احتفالات الحركة بالانفصال في جنوب السودان!!

وهكذا يطل «الجنوب الجديد» الذي لطالما حدَّثنا عنه أولاد قرنق باقان وعرمان.. يطل بقوة من خلال ولاية النيل الأزرق الشمالية التي بدأت تعد العدة لتمرد جديد بعد أن انفصل جنوب السودان، ولماذا لا يحدث ذلك والحركة التي كان ينبغي أن تنكفئ جنوباً بعد الانفصال وتُطرد تعلن وعلى رؤوس الأشهاد أنها باقية ما بقي الشمال بل إنها تحكم إحدى أهم ولايات السودان الشمالي من خلال نائب رئيسها مالك عقار وتخوض المنافسة على منصب الوالي في مايو المقبل من خلال نائب والي جنوب كردفان الحالي عبد العزيز الحلو!!

حتى أكون دقيقاً أكثر دعوني أذكِّركم بأحد تصريحات الرويبضة عرمان حول الجنوب الجديد فقد صرّح عرمان لصحيفة الوطن القطرية والذي نقلته عنها صحيفة «الشاهد» السودانية بتاريخ 51/1/1102 صرح عرمان معلقاً على حقبة ما بعد الانفصال أنه «سيبرز جنوب جغرافي جديد في النيل الأزرق والنيل الأبيض وشمال وجنوب كردفان وجنوب دارفور وهناك جنوب سياسي جديد يتشكل في الشمال.. جنوب يتمثل في النساء المقهورات والمهمشين والفقراء ومعدمي المدن المكدَّسين بالملايين من الشباب العاطلين عن العمل»!! يقول عرمان ذلك رغم أنه يعلم أن جنوب السودان يطحنه الجوع والقهر لكنه لا يستطيع أن يتحدث عن الجنوب!!

هل رأيتم قرائي الكرام ما فعلته بنا نيفاشا ولا تزال؟!

اقرأوا ما قاله نائب والي جنوب كردفان عبدالعزيز الحلو الذي لا أستبعد أن يفوز بتلك الولاية بنفس الصورة التي فاز بها عقار الذي نرى «المناظر فقط» مما يفعله بنا وما سيفعله مستقبلاً فلطالما حذرْنا وكتبْنا وجفّت حلوقُنا وألسنتُنا وانفقعت مرارتُنا بينما المؤتمر الوطني يلهو ويلعب وينشغل بالنوافل عن الفرائض ويحشد الأطفال من أجل الصلاة ابتغاء الوحدة الجاذبة مع الجنوب المُبغِض لنا في وقت يتغافل فيه عن الشمال ويترك النيل الأزرق لقمة سائغة لعقار والحركة الشعبية.. فوا حرّ قلباه!!

قال عبدالعزيز الحلو متحدثاً عن خازوق المشورة الشعبية إنها «أهم آلية وفّرتها اتفاقية نيفاشا من أجل تحقيق وحدة عادلة وسلام دائم والهدف منها الاستماع لصوت الولايات الأخرى وسكان الأطراف وتصحيح العلاقة بين المركز وهذه الولايات وإذا نجحت المشورة الشعبية في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان فسنقدم نموذجاً للولايات الأخرى»!!

إذن فإن الحركة تعمل على تحقيق الحكم الذاتي في النيل الأزرق وجنوب كردفان ثم الولايات الأخرى!! ألم يضم عرمان حتى النيل الأبيض وجنوب دارفور في الجنوب الجديد ثم تحدث عن جنوب سياسي متمثل في المهمشين؟! لست هنا في معرض التعليق على السبب في ربط كل شيء في الشمال سواء كان جغرافياً أو سياسياً بالجنوب فالقضية واضحة ولا تحتاج إلى درس عصر ذلك أنها تتعلق بمشروع السودان الجديد الذي يهدف إلى إخضاع الشمال كله للجنوب من خلال الخطة «ب»!!

دعونا نرجع لعقار.. الرجل الذي قررت الحركة في اجتماع عُقد في جوبا برئاسة سلفا كير وحضور باقان لمناقشة مستقبل قطاعهم وفرعهم في الشمال قررت أن يرأس قطاع الشمال بحيث يصبح العميل الآخر عرمان أميناً عاماً للفرع فقد قال عقار في أول مؤتمر صحفي له بصفته رئيساً للحركة بالشمال: «إن الدولة في الشمال تحتاج إلى علاقات جديدة بين المركز والولايات تكفل حق الولايات في حكم ذاتي في إطار الحكم الفيدرالي» وطالب بتضمين المشورة الشعبية في الدستور بل إنه قال: «إن انفصال الجنوب لم يخلق دولة عربية في الشمال وإفريقية في الجنوب بل خلق دولتين إفريقيتين تتشابهان في كثير من النواحي»!! وهو ذات القول الذي هرف به ثابو أمبيكي المنفعل بالانحياز إلى العنصر الإفريقي الزنجي خلال فترة النضال ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا!!

يخطئ من يظن أن عقار يقل حقداً على الشمال وثقافته العربية الإسلامية عن باقان، فالرجل يريدنا أن ننكفئ إلى الجنوب الإفريقي ونخرج عن محيطنا العربي الإسلامي حتى بعد أن انزاح عن كاهلنا جنوب السودان ولن أنسى ذلك التصريح الذي أورده الأستاذ أحمد البلال الطيب رئيس تحرير أخبار اليوم إبان مفاوضات نيفاشا حين رفض عقار دعوة الوفد الحكومي له لتناول الإفطار في رمضان وقال: «إن بيننا أنهاراً من الدماء»! هكذا هي شخصية عقار الذي أقام مركزاً ثقافياً أصر على أن يسميه باسمه كلف خزينة الدولة ما يقرب من المليون دولار في وقت يتضور فيه سكان ولايته من الجوع والفقر والجهل والمرض!!

لقد دُهشت والله أن تحدث تلك المواجهة بين الوفد المرافق لعلي عثمان وعقار داخل مجلس الوزراء حين قال عقار إن المركز لا يلتزم بالاعتمادات المالية المقررة وأنه لم يقدم أكثر من 03% من الدعم المقرر فرد عليه بروف الأمين دفع الله بأن المركز وفّى بنسبة 08% من الالتزام المقرَّر!! بالرغم من ذلك وردتنا أنباء أشك في صحتها بالرغم من أنها منشورة في عدد من الصحف أن علي عثمان قال إن البشير يثق في عقار كشريك أساسي في تنفيذ الاتفاقية!!

على كل حال فإن النيل الأزرق وجنوب كردفان بل والمشورة الشعبية كلها عبارة عن قنابل موقوتة كما أن الجيش الشعبي «الشمالي» يشكِّل مشكلة حقيقية وورقة ضغط طالما رفعتها الحركة في وجه الشمال وينبغي للمؤتمر الوطني ألا يكرر خطأ النيل الأزرق في جنوب كردفان.. فهل يُعقل بربكم أن يغير المؤتمر الوطني مرشحه المنافس لعقار «كرمنو» قبل شهر واحد تقريباً من الانتخابات؟!

إن النيل الأزرق في حاجة إلى كوادر قوية لمواجهة عقار والحركة وكذلك هو في حاجة إلى إستراتيجية مُحكمة لمعالجة قضية المشورة الشعبية في إطار المعالجة الكلية للعلاقة المأزومة بين الشمال والجنوب وبين المؤتمر الوطني والحركة وآن أوان اطّراح طريقة التعامل القديمة وأسلوب الصبر غير الجميل على أذى الحركة.

إن المركز يملك المال الذي يستطيع أن يوظفه في كبح جماح عقار ولجْمه كما يملك أغلبية في المجلس التشريعي في الولاية وأي قرش يُمنح لعقار سيمكِّنه من إحكام قبضته على الولاية وعلى عضوية المؤتمر الوطني في المجلس التشريعي الذي يمكن أن يقوى من خلال تقويته مالياً على حساب السلطة التنفيذية الولائية.. فهل نستطيع تنظيف الشمال من كوابح الحركة والتي عطّلت من الجمهورية الأولى أم سنقتل الآمال الكبرى التي علقناها على الجمهورية الثانية؟!

 



© Copyright by sudaneseonline.com