From sudaneseonline.com

بقلم: عواطف عبد اللطيف
الشيخة المياسة ..وملتقى النيلين/عواطف عبداللطيف
By
Feb 27, 2011, 09:19

الشيخة المياسة ..وملتقى النيلين

 

*    لا اعتقد ان فضاءات السياسة والثقافة والابداع تركت ما نضيفه للترحيب بالشيخة المياسة آل ثاني رئيس مجلس امناء هيئة متاحف قطر والشيخ حسن بن علي ال ثاني والسيد عبدالله النجار مدير عام هيئة المتاحف والتي حلت ضيفة على السودان الاسبوع الماضي من فبراير  واحسب ان التقاء النيل الابيض والازرق عند شارع النيل الاكثر شهرة وإن امعنت النظر لصفحته لرأت تعانقا رشيقا لايختلف عن العلاقات الحميمة بين الدوحة والخرطوم ونسائم الربيع لفحت الامكنة بشذاها ترحيبا ببشارات الزيارة وتفاولا بعمل مشترك يلاقح الثقافة بالتراث بالاقتصاد.  

*    بدون كبير جهد يمكن للكثيرون التعرف على العلاقة المتطورة بين السودان ودولة قطر التي ظلت مساندا  قويا لمواقف الخرطوم ودعم جهودها في المسارات السياسة والاقتصادية وفي اروقة منظمات الامم المتحدة وعند مفاصل القرارات الجوهرية اقليميا وعالميا وايادي بيضاء تمددت عند المحن وليس ادل من الثقة الكبيرة التي اولت لقطر بتفويض افريقي عربي دولي لحمل كامل ملف سلام دارفور هذا المشكل العصي والمتشعب وظلت القيادة القطرية وبكل ثقلها السياسي والاقتصادي المعرفي تمسك به وباريحية وتسير في الدروب الوعرة لفكفكته لصالح استقرار وامن انسانه وترسيخا للقيم الانسانية النبيلة التي تؤمن بها  .

*   وحينما تحل " المياسة "  الخرطوم ضيفة عزيزة مكرمة وهي تمسك بمفصل الثقافة والمعرفة من بوابات التراث " توثيقه واحياءه " فان من حق صفحات مياه النيل ان تنحني تقديرا وتنثر حبيبات الماء المتدفقة تفاؤلا بنتائج ايجابية مرتقبة في مجال ظل مهملا ويحقق خسائر كبيرة على الصعيد الوطني والعالمي والانساني رغم اهميته العالمية والاقليمية .

*     ان السودان ظلت خيراته دفينة بباطن ارضه وبين جنباته آرث تاريخي حضاري انساني لم يجد حظه الكامل من الاستكشاف ونفض الغبار عن الكنوز التي تشكل تاريخ عريق وامجاد لحضارة مضمورة ابجدياتها في باطن الارض بكامل اسرارها او هي جاسمة على سطحه وعملت يد الاهمال وعوامل الطبيعة والتعرية طمست معالمها وكما وصفتها صحيفة الديلي تلغراف ان شمال السودان منجم ذهب لعلماء الاثار والتي كان يمكن ان تحدث العالم عن تلك الحقب المهمة الفانية من تاريخ البشرية وترفد الاقتصاد الوطني عن طريق السياحة والبعثات العلمية .

*     ضمن اهتماماتي زرت منطقة "  دنقلا العجوز " اكثر من مرة والتي تحتضن حضارة قيمة وكنوز تراثية منذ ان كانت عاصمة لدولة المقرة المسيحية  " التسعة وتسعين بنية " تشابه الاهرامات المصرية لكنها اقل حجما ومسجد دنقلا الاثر " قصر الحاكم النوبي او الكنيسة تحولت لمسجد ويقال انه المسجد الاول مع بدايات دخول الاسلام للسودان وعلق على احدى حيطانة حجر من الرخام الابيض كتبت عليه اتفاقية " البقط " وكثير احاديث يرددها اهالي قرية " الغدار "  انه المسجد الذي بناءه الصحابي عبدالله بن ابي السرح رضي الله عنه .

*   في احدى زياراتي تصادفت ووفد سياحي من سيدات اسبانيات حضرن من مدينة مدريد " اندلس العرب المفقود " لزيارة الاثار التاريخية باعتبارها المعلم النوبي الوحيد في العالم الذي ظل شامخا يصارع الرياح والعواصف والزحف الصحراوي والاهمال وهي نفس القرية التي انجبت شيخ الاسلام " ساتي ماجد " الذي أدخل الاسلام لامريكا ونحتفظ بكتاب عن سيرته وما زال مسجده بمدينة دوتريت الامريكية تقام به الصلوات وبعض الاهالي يعتقدون ان النبي المصطفى زار تلك البقعة لذلك يطلقون على المسجد " الاثر " وجمعت كثير من روؤس المواضيع عن تلك الآثار واستكملتها من وزارة السياحة والاثار السودانية وبكتابات موثقة وبتكلفة صيانتها إلا ان قصر ذات اليد حالت دون  ذلك لذلك نرى في مثل هذه الزيارات للوقوف على حجم التراث السوداني والاثار القيمة التي لم تجد حظها الكامل من الاهمية والضرورة ليس فقط في جانبها الاقتصادي المهم ولكن ايضا لافادة الدارسين والباحثين  .

*     المديرية الشمالية ونهر النيل تختزن الكثير من الاثار إن تم اكتشافها علميا وتسويقها لفتحت صفحات مهمة من تاريخ الحضارة الانسانية ان السودان " ظالم ام مظلوم "  ظلت غالبية قدراته الثقافية والبشرية مجهولة او مهملة ولم يكشف عن مكنوناتها وقيمتها بسبب تداخل الاولويات التنموية والحروب الاهلية التي لعبت دورا في ايقاف عجلة النماء وتشويه صورته النازعة للطمأنينة والمتصالحة مع الذات حد الغشاوة والكثيرون لم يعرفوا عن السودان إلا تلك الحروب والتي سوقت عالميا وكان السودان لم يعرف حضارة بشرية نازعة للاستقرار والتطور الانساني . 

*      نرحب بالشيخة المياسة ووفدها الرفيع في وطنها الثاني السودان المتطلع لمزيد من علاقات التواصل الحميم والعمل المشترك لما فيه خير الشعبين وبما يخدم البشرية جميعا خاصة وان الدوحة استطاعت ان تقيم متحف للفن الاسلامي الان يعتبر من أميز الوجهات السياحية العالمية وفي طريقها للكشف عن مجموعة من المتاحف  .   

·                             

عواطف عبداللطيف   awatifderar [email protected]

 

اعلامية مقيمة بقطر

 

همسة :  ان نفض الغبار عن  الآثار التاريخية السودانية  قد تتغير كثير من المفاهيم والثوابت  من عوالم كانت مجهولة لصفحات مضئية .    

 

 



© Copyright by sudaneseonline.com