From sudaneseonline.com

زفرات حرى بقلم : الطيب مصطفى
هل هي مصادفة أخي علي عثمان؟!/الطيب مصطفى
By
Feb 27, 2011, 08:48

زفرات حرى

الطيب مصطفى

هل هي مصادفة أخي علي عثمان؟!

 

هل تُراها كانت مصادفة أن يخرج علينا الأستاذ علي عثمان محمد طه وعلى الساحة السياسية كذلك بالشعار العبقري الذي سمَّى به الدورة الجديدة من تاريخ السودان بـ «الجمهورية الثانية» قبل أيام قليلة من تداول الساحة السياسية في الشقيقة مصر لذات الشعار للتعبير عن الحقبة الجديدة من تاريخ مصر لتحل الجمهورية الثانية في مصر وتقوم على أنقاض الجمهورية الأولى التي فقدت مصرُ خلالها دورَها وخرجت على مرجعيتها وتاريخها وهُزمت واحتُلت أرض الأقصى!! 

هل تُراها مصادفة أن تحدث ثورة مصر وتونس وليبيا ويسقط الطواغيت الذين كانوا حرباً على الإسلام وشريعته في نفس الأيام التي تحدث فيها ثورة السودان ويسقط طاغوت الجنوب الذي كان ينازع الشمال هُويته ويشنُّ الحرب على دينه.. يسقط من خريطة السودان ويصبح السودان الشمالي خالصاً للإسلام فيما عدا بعض الطفيليات والمنغِّصات أمثال عرمان وغيره من الرويبضات لزوم الابتلاء تماماً كما هو الحال في تلك الدول التي تحررت من الطغاة والجبابرة فيما عدا بعض المنغِّصات التي ستذروها بإذن الله رياحُ التغيير؟! هل تُراها مصادفة أن نطلق نحن في منبر السلام العادل على يوم تدشين الجمهورية الثانية اسم يوم الاستقلال الحقيقي الذي حلّ محل الاستقلال المنقوص المرتبط بالجمهورية الأولى المتنازِعة الهُوية؟!

هل تُراها مجرد مصادفة أن يحدث كل ذلك في نفس الأيام وفي بدايات العام الهجري الجديد الذي أراه وغيري كثيرون عام خير وبركة؟! هل هي بداية عودة الإسلام من جديد مع بداية أفول الإمبراطورية الأمريكية الصليبية وانتهاء حقبة استبدالٍ «أربعينية» كتلك التي شهدها بنو إسرائيل أيام موسى وهم يتيهون في الأرض جرّاء تقاعسهم ونكوصهم عن النفير «إلا تنفروا يعذبكم عذاباً شديداً ويستبدل قوماً غيركم...»؟!

هل تُراها مصادفة أن تجتاح الجمهورية الثانية كل هذه الدول دفعة واحدة ويعود الإسلام حُراً طليقاً بلا قيود أو كوابح وينسحب من كانوا حرباً عليه ويُقذف بهم في مزبلة التاريخ؟! هل تُراها مصادفة أن يمتلئ السودان الشمالي إسلاماً وينتهي التنازع حول هُويته في نفس الأيام التي يصلي فيها الشيخ القرضاوي «طريد الأمس» في ميدان التحرير ويخرج مبارك طريداً ويعود الغنوشي طريد الأمس إلى تونس ويُطرد بن علي ورهطُه إلى المنافي؟! هل تُراها مصادفة أن تُزلزل الأرض تحت أقدام أحد أعتى طغاة التاريخ «القذافي» وتهبُّ رياح الحرية على ليبيا من جديد؟!

هل تُراها مصادفة أن يسبق ذلك كلَّه زحفُ الإسلام إلى تركيا ويبدأ أردوغان في إزاحة صنم أتاتورك وتعود الابتسامة من جديد إلى محمد الفاتح مع بداية إعلان الحرب على ذلك الطاغوت الأكبر وتصلي «خير النساء» زوج الرئيس التركي عبدالله غُل داخل قصر أتاتورك بحجابها بعد أن مُنعت ذات يوم من دخول الجامعة بسبب ذلك الحجاب؟!

عزيزي الأستاذ علي عثمان محمد طه.. أستحلفك بالله أن تستدبر تلك الفترة المظلمة من تاريخ السودان «فترة وحدة الدماء والدموع» مستعيناً بل موقناً بقول الحق سبحانه: «عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون»..

لقد أحببت يا عزيزي الوحدة التي لطالما أبغضناها وكرهت الانفصال الذي لطالما عشقناه وعملت من أجل الوحدة وضحيت في سبيلها بالغالي والنفيس بالرغم من أنها لا تسوي جناح بعوضة بعد أن أنهكتْنا وخربتْ ديارنا وعطّلتْ مسيرتنا ونازعتْنا في هُويتنا وخربتْ علينا ديننا ودنيانا.. وآن الأوان أن تعلم أخي أن بعض الناس يُساقون إلى الجنة بالسلاسل رحمةً من ربك العزيز الغفّار ولعلّ تلك المقارنات بين ما حدث في السودان وما حدث في بلاد الإسلام تطمئنك أننا حصدنا خيراً كثيراً فهلاّ بدأنا العمل من أجل إقامة الجمهورية الثانية بعيداً عن أخطاء الجمهورية الأولى وهلاّ واجهنا مكدِّرات الجمهورية الثانية بالنفير والقوة تجنُّباً لاستبدال جديد؟!.

بين أحمد إبراهيم الطاهر وترلة الجنوب!!

 أن تأتي متأخراً خيرٌ من ألاّ تأتي.. أقول هذا مخاطباً مولانا أحمد إبراهيم الطاهر الذي قال لصحيفة القوات المسلحة: «الفترة القادمة بالنسبة لنا مهمة جداً، نحن الآن في ميلاد دولة جديدة ليس في الجنوب وإنما الشمال، دولتنا الآن أصبحت أصغر حجماً وأسهل إدارة ومواردنا الآن أصبحت أكثر قوة واستخداماتها أصبحت موجَّهة بطريقة أفضل وكثير من المشكلات التي كانت تجر السودان للوراء ربما تكون غادرت بانفصال الجنوب وكذلك كثير من المؤشرات السالبة للاقتصاد والمستوى التعليمي والصحة وغيرها قد تكون غادرت مع الانفصال، نحن أمام دولة عندها مؤهِّلات كبيرة في أنها يمكن أن تنهض نهضة حقيقية تحتاج إلى تماسك داخلي قوي وتفاعل شعبي كبير» ثم قال مولانا أحمد: «أعتقد أن انفصال الجنوب ليس كله شر، ربما يكون فيه نوع من الخير بعد أن وقع الانفصال»!!

لا فُضَّ فوك أخي أحمد فقد قلت ـ على استحياء ـ ما كنت وغيرك تُحجمون عن البوح به بالرغم من أنك لم تقل كل ما تملك أن تقول لولا السياسة وقيودها الـ ...!!

قولك: «إن انفصال الجنوب ليس كله شر، ربما يكون فيه نوع من الخير» يعبِّر بطريقة دبلوماسية عن معانٍ كبيرة لولا خوفُك من التناقض مع ما ظللتم تروِّجون له قبل الانفصال والذي كنتم توشكون أن تشبّهوا به نار الوحدة بنعيم الفردوس الأعلى.. لولا ذلك لكنت أكثر جرأة ولقلت في الوحدة أكثر مما قال مالك في الخمر!!

أما قولك ـ الدبلوماسي ـ عن المشكلات التي غادرت مع الانفصال والتي ذكرت أنها كانت تجر السودان للوراء فهذه تشبه قولنا ـ غير الدبلوماسي ـ والذي سمّينا فيه الجنوب ومشكلاته التي قعدت بنا بـ «الترلة المنفِّسة»!! إي والله فقد كان الجنوب يجرّنا إلى الوراء وتزداد مشكلته كل يوم تشعباً وتمدداً وهل من دليل أبلغ من أن تبدأ مشكلة الجنوب في أقصى أرض الجنوب قبل الاستقلال وتتدحرج ككرة اللهب إلى أن تعم السودان جميعه؟! هل من دليل على أنه سرطان يتفشّى وينتشر أكبر من أن تنفجر توريت في أغسطس 5591م وتشتعل أحداث الإثنين الأسود في قلب الخرطوم بعد خمسين عاماً بالتمام والكمال وتحديداً في أغسطس 5002؟! هل من دليل أكبر من أن يتمدد الجنوب الذي كان تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية حتى توقيع نيفاشا.. يتمدد ويدخل أرض الشمال ويحكم بعضها من خلال بعض عملائه ويطمع في أن يحكم السودان جميعه من خلال عقار والحلو والرويبضة عرمان ورفاقهم ونحن أحياء نُرزق؟!

لقد كان الجنوب كما ذكرت يدخل في تقارير المنظمات الأممية ضمن مؤشرات وإحصائيات مستوى التقدم في مختلف مجالات الحياة من صحة وتعليم وغيرهما وينزل بها إلى الحضيض ولك أن تتخيل تقرير العام القادم من منظمة الشفافية الدولية عن الفساد الذي يُعتبر الجنوب فيه حجة ومرجعًا ويكفي أن أذكر ما ظلت الصحافة الكينية واليوغندية تتهكم به وتسخر وتضحك ملء أشداقها عن كيفية التصرف في المال العام في جنوب السودان بالرغم من أن كينيا ويوغندا اللتين تسخران كانتا أضحوكة العالم قبل أن يطل الجنوب على سطح خريطة العالم بعد نيفاشا وحكم شريعة الغاب!! يمكنك كذلك أن تقرأ بعد عام واحد عن مؤشرات الصحة وانتشار الإيدز والكلازار ومستوى التعليم وكل شيء.. كل شيء!!

نعم.. نحن أخي ومولاي أحمد ــ كما ذكرت ــ أمام دولة عندها مؤهِّلات كبيرة للنهوض وتحتاج إلى تماسك داخلي ولا أجد غير الحكومة أحداً يمكن أن يُحدث ذلك التماسك الداخلي بمبادرات جريئة نحو توحيد أهل القبلة لمواجهة «فئران» الحركة الشعبية من أولاد قرنق كما سمّاهم سلفا كير والذين تخصصوا من يوم مولدهم كما الشيطان في الأذى وفي نخر السفينة حتى يعوِّقوا من انطلاقها ويعطلوا النهضة التي تحدثت عنها بدفْع من قوى الشر التي اتّخذتْهم وسائلَ قذرة لتحقيق أجندتها الشريرة.

نحن أمام تحدي أن نُنهي حالة الانبطاح التي ألمّت بنا منذ نيفاشا وأن نواجه باقانها وعرمانها بالقوة اللازمة بدلاً من التغزل في عقار رئيس قطاع الشمال الجديد والحديث عن ثقتنا فيه بعد كل الذي فعل ولا يزال؟! لا نبادر بعدوان لكن نرد الصاع صاعين ونُحسن المعاملة بالمثل ونكف عن التهديد، عندما نُلدغ، إلى الفعل.



© Copyright by sudaneseonline.com