From sudaneseonline.com

بقلم :شوقى بدرى
محن سودانية 72...بقينا نقبل بالاهانة. /شوقي بدري
By
Feb 23, 2011, 08:55

 

محن سودانية 72...بقينا نقبل بالاهانة.

 

 

الاخ محمد مصبح السويدي سفير الامارات متزوج من الاخت شادية عبد المجيد , و هي ابنت الخال عبد المجيد , دناقلة مية المية . و الاخ محمد مصبح له تسعة من الابناء من أصل سوداني و لقد تأثر كثيراً بالسودان . اذكر انه كان يشتكي من أن السودانيين يغضبون بسرعة , و يتركون العمل في الامارات و يعودون الى السودان , حتى اذا اشتموا أي احساس بأن كرامتهم قد اهدرت . و لا يقبولون أي اهانة مهما قلت. و يتركون العمل و يرجعون الى السودان . و كان كثيرا ما يتعب و يشقى ليجد وظائف لهم . 

 

لقد تعملنا و نحن صغار في السودان ان لا نقبل بالحقارة . و أن الموت شئ جميل و رائع اذا تعرض الانسان لحقارة . و اتصف السوداني بالشجاعة . و لكن من المحن السودانية الان أن قادتنا صاروا يتقبلون الاساءة .

 

عندما واجه الجيش المصري, المكون من مئتين الف جندي الجيش البريطاني الصغير في التل الكبير, في سنة 1882, بقيادة عرابي . هرب الجيش المصري عند ظهور طلائع الجيش البريطاني . و لم تبق إلا فرقتان من الجنود السودانيين . و حاربت الفرقتان الجيش البريطاني . و من تبقى منهم حياً , لم يجد سوى الاحترام و التقدير من الجيش البريطاني . و عندما كان يم الجندي السوداني  يمر كان البريطانيون ينتصبون واقفين, و يؤدون لهم التحية العسكرية . سؤال: لماذا لم يهربوا ؟ رد : لأنهم حضروا ليموتوا. فلماذا يهربوا؟.

 

في كتاب مؤرخ السودان محمد عبد الرحيم ثورة 1924 , يذكر ان رئيس الجيش المصري احمد بك , كان كثير الشكوى عن عدم احترام البريطانيين للجنود المصريين . و كان يقول لضباطه ,بأنهم يجب ان يتصرفوا كالضباط السودانيين , الذين لا يخافون من الضباط البريطانيين . وأن الضابط فضل المولى السوداني , و الذي كان في جبال النوبة . ارسل رسالة للمفتش الأنجليزي . فالمفتش الانجليزي قام بأطلاق الرصاص على بغل الضابط السوداني , لأن البغل افسد حديقة المفتش الانجليزي. الرسالة كانت تقول . البغل يساوي 12 جنية , اذا لم استلم ال 12 جنية الى مغيب الشمس , فسألحقك بالبغل . و دفع المفتش الانجليزي صاغراً  . لانه كان يعرف بأن الضابط السوداني سينفذ وعده .

 

فضل المولى اشترك في قتل الانجليز في 1924 و هو احد الثلاثة الذين شنقوا بعد ان نفذت ذخيرتهم , و استشهد عبد الفضيل الماظ و اخرون. عرفت من اخى الاستاذ هلال زاهر سرور ان دار الاذاعه السودانيه قد انتقلت من بوسته امدرمان الى منزل العم منصور بالقرب من بيت الامانه وهذا فى بدايه الخمسينات . العم الضابط منصور تعرض للاهانه من ضابط انجليزى فأخذ الضابط منصور حقه بيده . وحتى يتجنب الاهانه والعقاب البريطانى انهى حياته بيده . ويذكر الاستاذ هلال زاهر ان الضابط منصور كان شقيقاً لوالده وان بناته كن صديقات شقيقات الاستاذ هلال . وتعلم الانجليز درساً جديداً من السودانيين . .

 

ما أن تأكد سقوط مبارك , حتى بدأ رجال الانقاذ في الزعيق و المطالبة بأرجاع حلايب . و هذا والله عين الجبن . و هذه شهادة كاملة بالجبن و الخنوع , و شهادة على نفسهم بنقص الشجاعة . و اثبات بأنهم كانوا يخافون من مبارك . و البشير كان يستدعى في القاهرة كتلميذ خائب . و بتعمدون اجلاسه تحت خرطة ضخمة في شكل بساط فاخر . و الخرطة تظهر حلايب داخل القطر المصري . و كانت حكومة الانقاذ تظاهر و تناصح مصر في كل الاوقات . و كان البشير يتفنن في مسح الجوخ للدكتاتور المصري . و يرسلون اللحوم السودانية بأسعار متدنية , حتى يتلمظ الشعب المصري , وأهل دارفور و الجنوب يموتوت جوعاً . و تطعمهم المنظمات المسيحية .

 

لقد وقف البشير ضد اشقاءنا الافارقة . في مطالبتهم العادلة بتقسيم مياه النيل . كل هذا ارضاءاً للفرعون . و أتى المصريون الذين يحتلون حلايب و يقتلون الاطفال و النساء السودانين في ميدان مصطفى محمود . و يلعبون الكره في الخرطوم . و يعطي البشير كل لاعب مصري سيارة مكندشة , كشهادة منه بالاستسلام و الجبن و الخضوع .

 

عندما أرسل المهدي رسله الى محمد سعيد جراب الفول حاكم الابيض . قام محمد سعيد باستفزازهم و هددهم بالموت . فردوا عليه بأغلظ الردود . وواجهوا الموت بكل شجاعة . و عندما قام الشلالي بتقتطيع اوصال رسل المهدي , واجهوا الموت و التقطيع بثبات . مما احدث ردة فعل سيئة عن الجنود , و كان هذا احد اسباب الهزيمة  .

 

لقد رضعنا من حبوباتنا, مدينة، و بت شيقوق , الحسنى و ام طبول , و البتول, و البقيع , الذين ساروا مع ود النجومي لسنوات طويلة و شهدوا المعارك , و تعرضن للأسر و الاذلال . و بعد سنين عدن مشيا الى امدرمان . و منهن تعملنا بأن السودانيين لا يخافون و لا يهتمون بالغد .

 

و الان نشاهد المحن السودانية . ابنة الصادق المهدي تتقدم الصفوف و تتعرض للضرب على الرأس و تكسر يدها . و والدها لا يزال يغازل النظام . هذه والله محنة سودانية . الذين اعتدوا على هذه البطلة هم جزء من الأمن الانقاذي . و اثنين من اشقائها زملاء لجنود هذا النظام . اليست هذه بمحنة سودانية .

 

النظام يتعمد ان يزل الصادق المهدي و الميرغني, و يقول وزير خارجية النظام , أن الميرغني و المهدي سجمانين . هل يعرف الصادق المهدي أن هذه اسوأ اساءة يمكن ان توجه لرجل سوداني. و لا يزال الصادق يدافع عن هذا النظام . و حتى بعد أن يخرج الشباب , و يعرضون انفسهم للموت و التعذيب . يبرز و يخرج شقيقات مهيرة من تنظيم قرفنا . و يتعرضن للضرب و الاستفزاز و الاغتصاب . يغازل الميرغني و الصادق النظام . هل المحنة السودانية الان هو ان الصادق و الميرغني يحسون بأن سقوط النظام على يد هؤلاء الشباب , سيجعل فرصة عودته للسلطة مستحيلة في المستقبل . و لهذا يريد ان يحتفظ بالانقاذ حتى تنتقل السلطة له او لأبناءه .

 

عندما اظهرت تلفزيونات العالم الثروة التى تركها زين العابدين امبراطور تونس , كان الناس يتساءلون : ماذا يريد رجل يخطو نحو الثمانين بكل تلك الثروة ؟. فمن المؤكد انه لن يستطع ان يصرفها في الايام الباقية . فماذا يريد الصادق و الميرغني بالسلطة الان . فلم يبقى من العمر كثيراً .

 

أي رجل هذا الذي يقوم بضرب البنات و السيدات . لم نسمع قديماً ابداً برجل يمد يده بالضرب على النساء . في الستينيات كان هنالك تجمع لمجموعة من سائقي سيارات الحكومة و الميكانييكين , الذين ادخلوا في كورس ستة اشهر في التدريب المهني , للتعرف على ماكينات السيارات الجديدة  . و كان على رأسهم صديقي مصطفى كتبا رحمة الله عليه , و جاره في نفس الزقاق في فريق ريد فاروق وهبة . و الاخ الريح فرحات من منطقة شمال السوق وهو ابن الحلاق فرحات المزين و المطهر المشهور. و الاخ الفاتح جوهر ابن الحلاق المشهور في حي دردق بمدني . و مجموعة كبيرة من ميكانيكية و سواقي الاقاليم . و احدهم شخص كنا نطلق عليه اسم الله في , لأنه كان يكثر اطلاق هذه الجملة .

 

الجميع كانو متخوفين , و يناقشون بأستمرار مشكلة ( الدوارة ) . و كنا نجتمع في العصريات و المساء امام الطابية في امدرمان . و الكل يتحدث عن الدوارة و مشاكلها الا الله في الذي كان متيقناً . و عندما يسألونه اي سؤال عن الدوارة يقول الله في .

 

قديما قبل ان يعطوا شهادة للميكانيكي يعرضونه لأمتحانات أمام لجنة , و أهم شئ هو الدوراة . و الدوراة هي تعطيل الماكينة بطرق مختلفة بعضها كهربائي و بعضها ميكانيكي و يطلبون من الميكانيكي أن يتعرف على العطل و يقوم بيتدوير المكنة . و أذكر انهم كانوا يتحدثون كثيراً عن العوامة و البوبينة و هذه من الأعطال الشائعة , فالممتحن كان يسحب العوامة من الكربريتر فلا يصل البنزين الى المحرك . أو يزيد فتحة البولتين أو يعزل الفرشة فتتعطل السيارة .

 

الغريبة ان الله في قد تمكن من أن يدور ماكينته في خمس دقائق مما جعل المهندس يصر على أنهم لم يعطلوا المحرك . و لكن بعد أن اكتشف بأن المحرك كان معطلاً كتب المهندس بأن الامر اخذ نصف ساعة . و هذه  اقل مدة مسموح بها . و لم يزد صديقنا عن ان يقول لهم الله في , كعادته .

 

الان انا على اقتناع بأن كل من يريد ان يصير حاكماً او سياسياً في السودان أو مسئولاً , يجب أن يمر بأختبار الدوارة . و ما يجري الان هو احسن امتحان للدوارة . و الامتحان هو مجالدة هذا النظام و اسقاطه , و من ينجح فليحكمنا . و لشباب السودان الفرصة  أن يثبتوا وجودهم . و الميكانيكيا القدامى من ايام المنفلة و العوامة في الكربريتر و البولتين و الفرشة قد انتهى دورهم . ماكينات السياسة اليوم مختلفة انها تحتاج الى ميكانيكيين جدد . يفهمون الالكترونيات و الكمبيوترات .

 

بعد النجاح في الدوارة , أصر بعض المشتركين و ليس كلهم , على حفل احتفال بالنجاح . و قاموا بدعوة اصدقاءهم , في حفل في سبعة بيوت . و سبعة بيوت منطقة في بانت ذات شهرة خرافية . و في ذلك الحفل و لسوء فهم و لربما ان الخمر قد لعبت براس احدى ساكنات المنطقة . و قامت بصفع أحد الحضور . وهو من اشداء امدرمان يهابه الجميع . و بسرعة امسكت به و انا اتوسل اليه أن يراجع نفسه . فنظر الي هاذئا . و قال ( مالك يا شوقي في راجل بضرب ليه مراه ). هكذا كان الرجال قديما في السودان لا يرفعون ايديهم الى النساء . و في احدى العصريات اتت الفتاة في العصر لمنطقة الطابية للأعتذار .

 

كل الذي عملونا له و نحن صغار قد صار كبارنا يتجنبونه . و الان  يطالبون ان نتصرف و كأن الغد لن يأتي و لا معنى له . و الا نفكر في مال أو سلامة أو حياة . أذكر ان الكتور بشير الياس رحمة الله عليه قال لي ضاحكاً عندما كشف علي في تسلوفاكيا ( انت يا شوقي كنت راعي ؟) فلقد لاحظ القط و الطعن و الجلخ في جسمي بسبب فرار و سكين و سونكي الخ . فعندما قال لي ضابط البوليس في براغ : هل اتيت راكضا بدون حذاء  من نهاية شارع لينين مخترقاً كل  شارع المجاهدين اليوغسلاف الطويل , لكي تشتبك في معركة مع ثلاثة مجندين شيك . في معركة لا تخصك . لأن المجندين قد اعتدوا بالضرب على سوداني و صديقته و أنت لا تعرف السوداني . و عندما ابرز احدهم سونكياً لم تتراجع . اذا تريدنا ان نصدق هذا و بأنك انسان غير مجنون فلابد ان اكون انا المجنون .

 

و عندما استفسرني لماذا؟. قلت له ببساطة هكذا نفعل في السودان, و عندما قال لي انت شاب في العشرين و امامك مستقبل لماذا لم تفكر في انه كان من الممكن ان تموت , و أنت الان لقد تعرضت لأربعة طعنات قلت للبوليس نحن في السودان نطالب بأن نموت في أي وقت . فهز رأسه غير مصدق .

 

 الشيك كانوا ممتلئين بالعنصرية . كأغلب الاوربين خاصة في شرق اوربا, نتيجة للجهل و الكبت و الحرمان الذي تعرضوا له في ايام الاشتراكية . و كان يغيظهم ان يروا الاجانب يرتدون ثيابا لا يستطيعون ان يتحصلوا عليها . و أن يتواجد عن الاجانب المال الوفير . و كانوا يعشقون اهانة الافارقة و احتقارهم .

 

 في سنة 1967 كنا مجموعة من السودانيين في ملهى اللوتسيرنا الفاخر و تعني الفانوس و هذا المجمع الفاخر الذي كان يحوي مسارح و أجمل قاعة في تشسلوفاكيا . كان ملكاً لأسرة الرئيس ياراسلاف هافل الذي صار رئيساً بعد سقوط الشيوعية . و كان قد أمم و صار ملكا للجمهورية . الذي اثار حفيظة الشيك هو فتاة امريكية طويلة ترتدي ملابس سهرة و هي في رفقة عبد الحميد ابراهيم جبريل , وهو شاب طويل وسيم . وهو ابن ابراهيم جبريل مدير المراسيم في القصر الجمهوري و احد اثرياء السودان . و هو الرجل الذي يظهر في الصورة التي تضم السيد عبد الرحمن المهدي و السيد علي الميرغني و يحسبه الجميع انه هو محمد احمد المحجوب رئيس الوزراء . الا انه اكثر طولاً. و كانت معنا فتاة انجليزي بصحبة الاخ حلمي اللبودي من ابناء الخرطوم .و ألمانية اسمها مونيكا كانت بصحبة حمزة محمد مالك .

 

 أثنين من الشرطة الشيك كانوا يراقبوننا و نحن في انتظار سيارات الاجرة , و كان يغيظهم ضحك الفتاة الامريكية و صخبها . و بأشارة من البوليس الذين اخرجوا عصيهم تأهباً تقدم منا فتوة المحل . ليفتعل معنا مشاجرة حتى يقوم البوليس بضربنا . ما ان انطرح الفتوة ارضاً حتى اتجهت نحو البوليس , الذي بدأ في الركض شرقاً الى شارع يندرسكا الذي يقطع ميدان الفاصلاف اشهر ميدان في الجمهورية .

 

و بما ان الفتاة الامريكية كانت تحمل فكرة سيئة عن بعطش البوليس الشيوعي و المعتقلات الشيوعية . فلقد كانت تتساءل اذا لم نكن نخشى البوليس الشيوعي , و الذي سيحدث لنا , و الرد كان عندما يوضع السوداني في موضع اهانة فلا يفكر ابدا في ما الذي يحدث , و لا يهمنا ماذا سنفقد حتى اذا كان هذا مالاً او جاهاً أو عمراً. فكل شئ بالنسبة لنا زائل .

 

 في يوم 1 يناير 1969 و بعد ساعة من السنة الجديدة دخل طالب الطب في السنة النهائية عبد الرحمن عبد الحميد عثمان محلاً لشراء السجاير. و كنت في انتظاره في الخارج و عندما تأخر ذهبت لمناداته . و كان اثنين من الشيك  يقومون بتقييد يديه من الخلف و رجل شرطة بسلاح كامل يقوم بضربه على انفه بعقب عصا البوليس  . و يتبع هذا بشتائم . و الجميع في حالة سكر . و عندما انطرح ارضاً حاول ان يخرج مسدسه فقفزت على يده  و انتزعت عصاته و قلت له فلتتذوق ايها الرفيق و لم اتركه الى ان صار يبكي . و لفترة كان البوليس يبحث عن زنجي يرتدي معطفاً بلياقة من الفراء . فنحن عادة كنا لا نفكر فيما سيحدث.

 

 اين عمي الرباطابي الدكتور حسن فرح كان يدرس في ليننغراد  و الذي يعيش الان في جمهوريات البلطيق . حكى عن مشاجرة و استفزاز تعرضوا له . و حاول احد الشرطة ان يخيفهم فأشهر مسدسه في وجههم فقام الكتور اسامة ابراهيم النور بأنتزاع مسدسه معرضاً نفسه للموت بدون تهيب . و اسامة هو العالم و مدير المتاحف السودانيية الذي انتقل الى جوار ربه قبل سنوات . اسامة كان امامنا في مدرسة الاحفاد و كان مناضلاً و كان يتقدم الصفوف في المظاهرات و كان ينازل العساكر في مشكلة ترحيل أهل حلفا , و حرب الكنغو . و انتهى به الامر في سجون الدكتاتورية الاولى . ووالده كذلك كان نزيلاً لسجون الدكتاتوريات و كان احد سياسيي السودان الصلبين . و لم يكن يهادن او يتنازل بالرغم من انه كان قاضياً . و عندما ذهب بعض السياسيين , الى بزنزانته و هم يحملون صينية الغذاء , و اقترحوا عليه بعض التنازلات . خرجوا من زنزانته و الغداء يغطي  ثيابهم  . فلقد قلب العم ابراهيم النور الصينية في وجههم .

 

 لقد قال لي الاستاذ احمد  اسماعيل النظيف الملحق الثقافي في السفارة السودانية في براغ لماذا تتصدر المواجهات و المشاكل في الجامعة و في السكن . فقلت له لأننا كسودانيين لا نقبل اهانة , وصمت . و كنت أعرف انه يتفهم موقفي .

 

كنا نسكن المدينة الجامعية المكونة من 12 بلوك و 5000 طالب . و كان الشيك لا يسمحون للطلبة الاجانب ان يسكنوا الا في الطابق الارضي او الاول او الثاني . لان الشيك لم يكونوا يريدون ان يقاسمونا الحمامات أو المطابخ الصغيرة . لأن الاجانب وسخين . و كنا نقول بأن الشيك يذهبون الى اسرهم في يوم الجمعة و يرجعون في صباح الاثنين او مساء الاحد . و لكن نحن نبقى في المسكن و نطبخ و ليس هنالك كناسات في نهاية الاسبوع .

 

كانت اكثر كثافة للسودانيين في بلوك رقم 2 . و كان شقيقي الشنقيطي يسكن في الطابق تحت الارضي في غرفة رقم 11 و اسكن انا في غرفة رقم 12 ويسكن طالب الهندسة عمر بوب في رقم 13 و يسكن الاخ بكري سر الختم و بابكر بدر الدين في غرفة 24 , و في رقم 121 كان يسكن الاخ عز الدين عوض بجواره ابراهيم عبد الجبار, و يسكن طالب الهندسة جون بطرس جندي في غرفة رقم .126 في الطابق الثاني كان يسكن محمد مهدي مسعود الحلو في 201 و يليه الدكتور عادل صغيرون ثم سعد ابراهيم جبريل . و في 220 يسكن اخي منوا بيج يشاركة الاخ مارك الذي صار سفيرا فيما . بعد و في الركن كان يسكن الاخ ابو زيد من الاستوائية . و في 237 كان يسكن الدكتور صلاح عبد الله و يشاركه السكن الاخ السفير فيما بعد عبد الباقي حسن . و هو السفير الذي اختطفه الصوماليون و طالبوا بفديه .

 

و كان عمر عبيد بلال يسكن في 239 و يجاوره في 241 مامون يوسف المامون و كنت  اسكن انا في الغرفة   242 التي ارتحلت اليها من الغرفة 12 التي سكن فيها الاخ زاهر لاعب الباسكت و محمد الهادي. كما سكن الاخ الفاتح حسن عوض الله ابن الوزير حسن عوض الله في الغرفة 137 وشاركه في السكن الاخ محمود اسماعيل ابراهيم رحمة الله على الميتين و الحيين .

 

و كانت هنالك مجموعات اخرى في بلوكات مختلفه الاخ محمد محجوب عثمان و حسن البكري كيلاني و مختار عبد الخالق و عبد الوهاب عبد المنعم وقريبه على احمد حسن و فاروق و هؤلاء سكنوا في بلوك 5 و بلوك 7 . و في البلوكات الاخرى سكن طالب الهندسة عز الدين حسن عبد النور . وهو الوحيد الذى سكن في احد الطوابق العلياء . لأنه كان يسكن مع صديقه الالماني هورس الذي كان ابن مسئول كبير في الحزب الشيوعي الالماني . و كان يتعلم اللغة الانجليزية من الاخ عز الدين اما البقية و منهم زعيم الطلاب محمود جمعة المليجي و عبد الرحمن عبد الحميد فلقد سكنوا جميعا في الطوابق الارضية كأهانة ظاهرة لنا الاجانب . و انتهت الامور بمعارك و صدامات مع الطلبة الشيك .

 

عندما رجعت من السودان في اجازة في بداية يونيو 1969 كان رئيس اتحاد الطلاب الشيك قد وجد مضروباً و فاقداً للوعي . و هذا الزعيم الطلابي كان قد هاجمني بالاسم في اجتماع نظمته الجامعة في مسكن الطلبه بودولي الذي كان فيه اغلبية اجنبية.  كنوع من المصالحة بين الطلبة الاجانب و الشيك و لم احضر انا ذلك الاجتماع  . و عندما رجعت قامت الشرطة بأعتقالي . و لكن عندما ابرزت جوازي, وأنني كنت في السودان في فترة الاعتداء , اسقط في يدهم . و أكتشفت فيما بعد ان اثنين من الاخوة من انقولا الذين اتصفوا بالهدوء و الادب , قد تربصا بالشيكي و أوسعاه ضرباً الى ان اغمي عليه .

 

 تقرر طرد الطلبة الاجانب من ذلك المجمع الرائع . و قرروا ارسالنا الى مساكن طلبة لم تتوفر فيها الحمامات و المياه الساخنة الا مرة في الاسبوع . و الحمامات عبارة عن صالات مفتوحة . اذكر ان احد السائحات الالمانيات عندما شاهدتها قال ان حمامات خيول والدها في المانيا خير من تلك الحمامات . و رفضنا الانتقال فقامت الجامعة بقطع الاعانة من الطلبة . فتجمع الطلاب في مكتب عميد الكلية الشيوعي المهاب الرفيق سفيراك . فهرعت نائبة مدير الجامعة الرفيقة كوتشيكوفا. الى مكتب المدير مارتينتس و هي تصرخ . شوقي اتى بالطلبة الاجانب و قد احتلوا مكتب العميد . و عندما اتى الرفيق سفيراك بدأ بالصراخ في وجهنا ووصفنا بالصعاليق , فقلت له ( فاشني بانيه ) و تعني الرجل المحترم بدل عن لقب الرفيق . هؤلاء طلبتك بعضهم سيكون مسئولا في بلاه و انت الان تعاملهم بلا احترام . ان التعليم ليس هو الكتب و لقد حضرنا من اماكن بعيده لنتعلم و انت الان تعاملنا بدون احترام . فتراجع الرفيق و قال انه لن يتخاطب معنا بهذه الطريقة . فاخترحت عليه ان نعين ممثلين , فوافق .فأخترحت  الاخ محمد محجوب عثمان ( شقيق عبد الخالق محجوب) و نيجيري اخر للحوار .  بعدها بأيام نظمنا مظاهرة و كانت لتك أول مظاهرة منذ الحرب العالمية .

 

و اضطر الاجانب في الاخر الى الرحول لانقطاع البعثة الشهرية . و لأنني كنت ادرس على حسابي الخاص فلم ارحل و بقيت رغم من تحرش الشيك . و عندما ذهبت لكي اصرف فلوسي من البنك و بعد خمس سنوات من الصرف . رفض البنك صرف فلوسي . لأن التحويل كان يأتي بأسم محمد علي شوقي ابراهيم بدري و أسمي في الجواز و الهوية الشيكية هو شوقي ابراهيم بدري . وقامت  الجامعة بفصلي . و بعد تدخل من الاستاذ احمد ابراهيم النظيم الملحق الثقافي رحلت الى مسكن روزفلت الذي كنا نحتاج فيه للاضاءة  في الصباح في بعض الغرف و في الممرات بسبب رطوبته و ظلامه .

 

لم يعطوني فلوسي الى ان اتين بشهادة من السفير مصطفى مدني ابشر بأنني نفس الشخص الذي اسمه محمد علي شوقي . ثم تعرض للأعتقال و المضايقات و اخيراً طردت من تشسلوفاكيا في يوم 9 سبتمبر  1970. و انا استعد لكتابة اطروحتي تحت عنوان جنوب السودان .

 

عندما كان الاستاذ النظيف يقول لنا ليه انتو السودانيين بتتصدروا المشاكل في بلغاريا و بولندا و المانيا و كل حتة كنت اقول له لأن اهلنا علمونا كدا . فهل تغير السودانيون ام هي القيادة فقط .

 

التحية ع . س . شوقي بدري.

 



© Copyright by sudaneseonline.com