From sudaneseonline.com

قصة و شعر
تجاوز!قصة /حمادي بلخشين
By
Feb 19, 2011, 06:49

تجاوز!قصة /حمادي بلخشين


جلس أمامي دون استئذان، كان حافي القدمين، أشعث اللّحية ...إنه أحد ضحايا التعذيب في بلدتنا الصغيرة... كان أستاذا جامعيا ... دخل السجن كأعقل ما يكون، ولكن خرج منه سليب العقل و الوظيفة... كان يلزم الصمت لأسابيع عديدة....أحيانا تراه يمشي عاريا وهو يردّد كلاما غير مفهوم... وأحيانا اخرى يتكلم كأحسن العقلاء... أخرج من جيبه عقب سيجارة... دون أن يكلف نفسه النظر الى ناحيتي، قال بجدّية من يلقي محاضرة:
ـــ لم يحكم الناس أشد منه شؤما ولا أثقل ظلاّ... في عهده الرهيب، اضطر الفلاح الفقير الى الهجرة الى إسرائيل... أجبر مدّرس الإبتدائي على طلي وجهه بالسواد ليستجدي المارة بعض القروش دون ان يتعرف عليه احد تلامذته أو معارفه... في عهده المشؤوم طلبت زوجة " طبيب قدّ الدنيا" الإنفصال عن زوجها...عللت طلبها بكراهيتها الجماع بين القبور، حيث اضطر بعلها الي السكنى هناك! في عهده المشؤوم، أصبح من الطبيعي ان يقال: اذا انهارت العمارة التي تسكنها، فستتحول حتما الى المقبرة، اما لتدفن في قبر، أو لتعيش بقية حياتك الى جوار قبر!.
ضرب الطاولة بيده ثم قال:
ـــ يا معشر الجن و الإنس من سمع منكم بأشأم من هذا الحاكم؟
أردت مجاملته، سألته :
ــ من هو؟
حرك رأسه ذات اليمين و وذات الشمال ثم قال :
ــ مبارك !
ـــ ...
ـــ تصوّروا ... اسمه مبارك!!
استمرّ يقول :
ـــ " تجاوز تعليمات الشيطان" بمسافات ضوئية... منع الحجاب.وسّم المخنثين و كرّم البغايا.. تحت شعار السياحة، حوّل بلاده الي قبلة للشواذ... حتى انه يمكن لأي سائح شاذ ان ينتهك عذرية طفلة صغيرة او يلوط بطفل بريء و توثيق ذلك كله في شريط فيديو يحمله الي بلده... سجن كل من ضبط يصلّي الفجر في المسجد... بلغ خبثه الي حدّ تعيين لجان سماها لجان اليقظة مهمتها مراقبة و تسجيل اسم كل مواطن فتح ضوء حمامه فجرا لأداء الصلاة في بيته!

استعذت بالله من ذلك الحاكم اللعين ثم سألته:
ـــ من هو ؟
شدّ شعره بكلتا يديه، لطم وجهه مرتين ثم أجاب :
ـــ زين العابدين ! اسمه زين العابدين !
استمر يقول :
ـــ حقن المصلين بفيروس الإيدز و سجن من صام شهر رمضان
استعذت بالله من ذلك الحاكم ثم سألته :
ــ من هو؟
ضحك بمرارة ضرب كفا بكف ثم قال :
ـــ اسلام ..... اسمه إسلام كاريموف !!..
نظرت الى ساعتي، قد فاتـني القطار، قذفت كرسيا برجلي ثم صحت :
ـــ اللعنة على أبي الهدى تقيّ الدين!
تطلع اليّ متعجبا ثم سألني:
ــ من هو ؟
قلت و أنا انصرف:
ــ إبليس !
أوسلو 3 ماي 2009







© Copyright by sudaneseonline.com