From sudaneseonline.com

تقارير
مع انتهاء أجلها القوات الدولية...جدل القبول والرفض يتجدد
By
Feb 17, 2011, 11:27

  

 

مع انتهاء أجلها

القوات الدولية...جدل القبول والرفض يتجدد

 

تقرير: خالد البلولة ازيرق

خمسة أشهر إلا قليلاً، يفترض ان يحزم افراد القوات الاممية في بعثة «اليونميس» بموجب اتفاقية نيفاشا، البالغ عددهم حوالي العشرة آلاف جندي، أمتعتهم صوب المطارات التي قدموا عبرها الي الخرطوم، في مهمة حفظ السلام ومراقبة تنفيذ اتفاقية السلام الشامل، وفي التاسع من يوليو القادم ستنتهي المهمة التي كلفت بها البعثة بموجب اتفاقية السلام الشامل، وبعدها لن يبقي امامها سوي «الرحيل» ، ولكن الرحيل الي اين؟ فهناك كثير من القضايا والتعقيدات التي تحيط بوجودها، فإن كانت الخرطوم قد عقدت عزمها علي انهاء مهمتها، فإن الشريك الاخر «جوبا» تري غير ذلك، بل وسبق لها ان تقدمت بطلب لتفويضها مجدداً ونشرها علي الحدود المشتركة بين الشمال والجنوب، ومع انتهاء تفويض البعثة، وانفصال جنوب السودان، هل ستغادر «اليونميس» مطارات السودان عائدة الي ديارها..أم انها ستغادر مطارات الشمال السوداني الي الحدود مع جنوبه بموافقة الحركة الشعبية هناك!!

إذاً ومن خلال الحراك الذي يدور حول بقاء القوات الدولية من عدمه بعد انتهاء تفويضها في التاسع من يوليو القادم، فإن الاشهر القادمة ستشهد الكثير من الجدل حول هذا البقاء، فالخرطوم من جهتها قطعت بعدم وجود أي اتجاه لتمديد فترة اضافية لقوات الامم المتحدة بالسودان «يونميس» مؤكدة ان السقف الزمني لانتهاء تفويض هذه القوات هو التاسع من يوليو القادم بنص اتفاقية السلام الشامل، واكد مستشار رئيس الجمهورية، الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل، في تصريحات صحافية، عدم وجود اية نوايا للحكومة لتجديد بقاء قوات يونميس في السودان، مشيرا الى ان ذلك لن يتم الا باتفاق الاطراف الموقعة على اتفاقية السلام ، واضاف «اذا ارادت الحركة الشعبية التمديد ليونميس فعليها الاتفاق مع مجلس الامن لبقاء هذه القوات بالجنوب ان شاءت».

فوفقا للمادة «15» من بند الترتيبات الامنية، التي اشارت الي مغادرة القوات الاممية في بعثة يونميس السودان بمجرد انتهاء الجدول الزمني للاتفاقية، وان بعثة دعم السلام ستنتهي ولايتها بالسودان في 30 أبريل ويجب عليها مغادرة الاراضي السودانية في فترة اقصاها التاسع من يوليو نهاية الفترة الانتقالية. وبحسب مراقبين فإن القوات الدولية ينبغي ان تكون بدأت ترتيبات خروجها التدريجي، خاصة بعد أن اعلنت الحكومة عدم رغبتها في التمديد لها. فيما يشير اخرون الي ان امر مغادرة البعثة مرهون بحدوث تحسن واستقرار الاوضاع في السودان وابعاد حالة التوتر التي يمكن ان تقود للحرب مجدداً، مشيرين الي ان هناك بؤر توتر مازالت تخيم علي الاوضاع بين الشمال والجنوب خاصة الاوضاع في أبيي، واختلاف الطرفين حول ترسيم حدود اربع من المناطق علي الحدود المشتركة. ومن هنا يأتي جدل التمديد لهذه القوات من عدمه، في ظل وجود عدد من المشاكل المتعلقة بالحدود وأبيي والمشورة الشعبية التي لم يتم الاتفاق عليها بعد. ولكن الدكتور لواء محمد الأمين العباس، قال لـ«الصحافة»اذا استطاع السودان اقناع المجتمع الدولي يمكن ان تنتهي فترة تفويض البعثة في يوليو القادم، ولكنه وصفه بالمستحيل ان يتحقق ذلك، لأن عملية التجديد من عدمها ستأخذ منحى سياسيا اقوى، ولا يمكن انهاء التفويض من طرف واحد في ظل وجود طرف آخر وهناك قضية قائمة، واضاف «التجديد قد يأخذ شكلا جديدا بدلا عن سنة يمكن ان يكون لستة اشهر مثلا، وضرب مثلا بالقوات الدولية في الصحراء الغربية التي مازال التفاوض يجري حولها لمدة عشر سنوات» وقال العباس ان وضعية القوات الدولية ستكون وسيلة من وسائل الضغط علي السودان في المسألة الاستراتيجية للقبول باشياء اخري، مرجحاً عدم قبولها في السودان من قبل الخرطوم بعد انتهاء التفويض الممنوح لها، لتأثيرها علي الوضع الداخلي عسكرياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وللتجاوزات الكثيرة التي تحدث منها، بالاضافة الي انها نموذج حي لضعف الدولة في رعاية مصالح مواطنيها».

الخرطوم تبدو الأكثر سعادة برحيل القوات الاممية مع انتهاء فترة تفويضها الممنوح لها بموجب اتفاقية السلام الشامل، بعد ان جلب لها قرار استجلاب تلك القوات التندر والسخرية من قبل الاحزاب المعارضة، بالاضافة الي ان تلك القوات مثلت العين الرقيبة علي ادائها في الخرطوم وكثيرا ما اصطدمت معها حول هذا الامر، رغم ان رحيل بعثة يونميس سيمثل كذلك خسارة اقتصادية كبيرة لها من واقع الانفاق الذي تقوم به البعثة علي افرادها والذي سينعكس بدوره علي الاقتصاد المحلي، إذ تشير بعض التقارير الي ان ميزانية البعثة السنوية تبلغ حوالي «938» مليون دولار، وتوظف «4097» مدنيا منهم «2810» موظفين محليين سيفقدون وظائفهم حال رحيلها، وإن كافة الموظفين بالبعثة تم تنويرهم وإخطارهم بنهاية التفويض الممنوح لها، وبالتالي عليهم توفيق أوضاعهم والبحث عن وظائف بديلة. وكانت الامم المتحدة قد نشرت حوالي عشرة آلاف جندي لمهمة مراقبة تنفيذ وحماية اتفاقية السلام الشامل في السودان بموجب اتفاقية السلام الشامل الموقعة في يناير 2005م، وتم نشر هذه القوات تحت البند السادس من ميثاق الامم المتحدة لمراقبة عملية السلام في السودان، وذلك بطلب من حكومة السودان وشريكي اتفاقية السلام المؤتمر الوطني والحركة الشعبية.

وضعية القوات الاممية في السودان بعد انتهاء اجل الاتفاقية سيفرز جدلا حول انتفاء مبرر وجود القوات الاممية بالبلاد، خاصة وان عملية الاستقرار واستدامة السلام مازالت تتطلب المزيد من الجهد في عدد من القضايا المرتبطة باتفاقية السلام الشامل التي لم تحسم بعد، مثل أبيي والحدود وكلها متعلقة باتفاقية السلام بين الشمال والجنوب، وكانت «يونميس» قد اشارت الي انها تود نشر قوات علي مناطق حدودية بين الشمال والجنوب مختلف علي ترسيم حدودها ومن المتوقع ان تثير التوتر بين الطرفين، وهو الامر الذي رفضته الحكومة السودانية. ولكن السفير الرشيد ابو شامة، قال لـ«الصحافة»ان التجديد للبعثة الأممية من عدمه هو اختصاص مجلس أمن الدولي، وقال ان السودان يمكن ان يرفض وجود اليونميس بحكم الاتفاقية التي حددت اجلها في السودان، ولم يستبعد في ظل التوزنات ان يتم نقل البعثة ورئاساتها الي الجنوب، واضاف «مجلس الامن يمكن ان يبقي علي هذه القوات في السودان بحجة عدم تنفيذ بعض قضايا اتفاقية السلام الشامل خاصة أبيي وترسيم الحدود والمشورة الشعبية اذا لم يتم التوصل لاتفاق حولها قبل يوليو القادم» ، ورجح ابو شامة، ان تغير الحكومة السودانية من رأيها في رفض وجود هذه القوات بعد يوليو لأجل كثير من التوازنات المطلوبة، خاصة حاجة السودان للتعامل مع المجتمع الدولي ومساعدته في الفترة المقبلة خاصة الولايات المتحدة الامريكية، وحرصه علي رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للارهاب ورفع العقوبات الاقتصادية وانهاء ديونه الخارجية، ولم يستبعد ان تحدث مساومات وان يوافق الشمال في النهاية بوجود هذه القوات بحجة عدم اكتمال تنفيذ بنود اتفاقية السلام الشامل، واضاف «الحكومة اذا ارادات التعاون مع الدول الكبري ستتجاوز مسألة رفض وجود هذه القوات بعد يوليو القادم، لأن هذه القوات ستكون محل توازنات، خاصة وان مجلس الامن يمكن ان يبقي عليها بحجة عدم تنفيذ الاتفاقية».

ولم يستبعد مراقبون ان يلجأ مجلس الأمن الدولي الي نقل بعثة يونميس الي الجنوب حال رفضت الخرطوم تجديد تفويضها، بحجة استكمال تطبيق اتفاقية السلام الشامل ومراقبة بؤر التوتر بين الشمال والجنوب خاصة في أبيي والنقاط الحدودية المختلف حولها. خاصة وان حكومة الجنوب سبق وان طالبت بمزيد من القوات الدولية لمراقبة الحدود بينها والشمال. وكان الفريق سلفاكير ميارديت قد طالب قبيل الاستفتاء بمنطقة عازلة عرضها 16 كلم تديرها الأمم المتحدة على طول الحدود بين الشمال والجنوب، وقد برر طلبه الذي تقدم به لمجلس الامن بنشر قوات دولية على الحدود خوفاً من اختراقات قال ربما يقوم بها الشمال لزعزعة الاوضاع في الجنوب حال اختار الانفصال في الاستفتاء المرتقب. ورفضت الخرطوم نشر تلك القوات الدولية على الشريط الحدودي بين الشمال والجنوب، وقالت انها لم يتم التشاور معها في هذا الأمر، وعدته خرقاً لاتفاقية السلام الشامل التي تمثل المرجعية في وجود قوات دولية بالسودان لمراقبة تنفيذ الاتفاقية، التي حصرت مهام قوات حفظ السلام الدولية البالغ عددها حوالي 10 آلاف جندي في مراقبة تنفيذ اتفاقية السلام الشامل تحت البند السادس من ميثاق الامم المتحدة.

 

 



© Copyright by sudaneseonline.com