From sudaneseonline.com

زفرات حرى بقلم : الطيب مصطفى
زفرات حرى/الطيب مصطفى
By
Apr 19, 2011, 00:42

زفرات حرى

الطيب مصطفى

 

عندما تقول ليزي قراند المنسقة الدولية للعمليات الإنسانية في السودان «نحن قلقون من الوضع الحالي مع تواجد سبع مليشيات على الأقل واستمرار القتال بين القبائل ووجود جيش الرب في ولاية غرب الإستوائية» وعندما تؤكد أن من قُتلوا في جنوب السودان من يناير حتى نهاية مارس في أعمال عنف في جنوب السودان تجاوز عددهم 800 شخص ومن شُرِّدوا بلغ عددهم نحو 94 ألف شخص فإن ذلك يكشف عن أزمة حقيقية في جنوب السودان الذي يتزايد عدد المليشيات فيه بصورة شبه يومية مما يشير إلى أن انهياراً وشيكاً يهدِّد الدولة الوليدة قبل أن يحلّ موعد الإعلان عنها في التاسع من يوليو القادم.

انفراط عقد الأمن بلغ درجة أن تقام منطقة عازلة بين بعض ولايات الجنوب فقد نشرت صحيفة «الخرطوم مونتر» الجنوبية يا باقان وليس «الإنتباهة» أن منطقة عازلة ستقام في كلٍّ من ولايتي غرب الإستوائية والبحيرات بين مقاطعتي مفولو وموبورديت لمنع الأعمال العدائية بين مجموعات قبلية حول مناطق الرعي والزراعة ويبلغ الأمر درجة أن يعقد واليا الولايتين مؤتمراً صحفيًا بعد اجتماع عقداه مع حكومة جنوب السودان حول إقامة تلك المنطقة العازلة أو الجدار العازل!!

بلغت الاحتكاكات والمشاحنات درجة أن تطلب القبائل الإستوائية نقل رفات قرنق من جوبا ووصلت درجة أن يتباحث الدينكا الذين يُمسكون بمفاصل السلطة في جنوب السودان حول نقل العاصمة من جوبا التي تقطنها القبائل الإستوائية وها هم يفكرون جدياً في نقل العاصمة إلى منطقة رانشيل بعيداً عن تحرشات الإستوائيين بزعيمهم المحروس ضريحه بالدبابات خوفاً من أن يُدمَّر من قِبل المُبغِضين من القبائل الأخرى غير الدينكا!!

نعم.. إنه ليس أمراً جديداً فقد بلغت «الجرسة» بحكومة الجنوب درجة الاستعانة بقوات الأمم المتحدة «اليوناميس» طالبة منهم التدخُّل لكبح جماح الثوار وكذلك الاستعانة بالرئيس اليوغندي موسيفيني لكي يساعد حكومة الجنوب والجيش الشعبي في التصدي للثوار الذين باتوا يهدِّدون جوبا.

نعم جوبا نفسها لم تعُد في مأمن فقد صرح الجنرال بيتر قاديت بأنه يعتزم دخول جوبا وطرد الحركة منها وتكوين حكومة قومية تُنهي سيطرة الدينكا على مفاصل السلطة والجيش الشعبي.

بالطبع علاوة على جورج أطور كبير الثوار فإن داهية الدهاة الأكثر تأثيراً من الناحية السياسية في الساحة الجنوبية هو د. لام أكول الذي يُمسك كل الخيوط في يده ويضيِّق الخناق على الحركة الشعبية.

أخبار الجمعة الماضية حملت إلينا نبأ تمرد جديد يقوده العميد الهادي عبدالباقي أكول بمنطقة برياك بور الذي تمرد بحاميته العسكرية وفتك بعدد من أفراد الجيش الشعبي.

بالرغم من ذلك وبدلاً من أن تحرس بيت العنكبوت الذي تُقيم فيه تعمد الحركة إلى توتير الأجواء السياسية والعسكرية مع الشمال من خلال استضافة الحركات الدارفورية ودعمها بالسلاح والتدريب فها هي تزوِّد تلك الحركات بدبابات وعربات لاندكروزر وذخائر ووقود من معسكر فابيك ببحر الغزال وكذلك توزيع كميات كبيرة من الأسلحة على الجيش الاحتياطي في منطقة أبيي المكوَّن من موظفي الخدمة المدنية بأسلحة كلاشنكوف ثم رغم ذلك يذهب باقان أموم إلى أمريكا ويلطم الخدود ويشقّ الجيوب شاكياً باكياً من دعم مُتوهَّم تقوم به حكومة الشمال للثوار في جنوب السودان!! وها هو المانشيت الرئيسي لصحيفة «أجراس الحرية» بتاريخ 13/3/2011م يقول بالخط الأحمر «باقان: البشير يشرف على مخطط للإطاحة بحكومة الجنوب»!!

ماكتبناه عن أحوال جنوب السودان الذي يقف على شفا جرف هار يوشك أن ينهار به في قعر جهنم علاوة على المجاعة التي تفتك بكثير من المناطق في جنوب السودان بالرغم من الإغاثة التي تقدمها المنظمات الأجنبية والأمراض المتفشية هدفنا به إلى توجيه رسائل مختصرة إلى عدة جهات قاصدين بها تحقيق الأمن والاستقرار في السودان شمالاً وجنوباً:

أبدأ بالقول إنه ليس من مصلحة الشمال والجنوب أن يدمِّرا ويُعيقا بعضهما ونحن في منبر السلام العادل ربما نكون أكثر الناس حرصاً على استقرار جنوب السودان بعيداً عن أي تمردات وذلك حتى لا يتسبب الاضطراب السياسي في نزوح جنوبي جديد نحو الشمال نراه هذه الأيام رأي العين الأمر الذي يقتضي إغلاق الحدود تجنباً لتدفق الملايين الفارّين من جحيم الجنوب ولستُ في حاجة إلى بيان الآثار السالبة لتلك الهجرة من النواحي الأمنية والاقتصادية والاجتماعية وكذلك الآثار السالبة على الاستقرار السياسي في السودان الشمالي نظراً لما تنطوي عليه الحركة الشعبية من تربُّص وكيد وتخطيط زرعت له حزباً عميلاً في كبد السودان الشمالي.

أعلم يقيناً أنه لا الحركة الشعبية ولا سلفا كير يسيطران على الأوضاع في جنوب السودان الذي يتلظّى في برميل مشتعل بالبارود ولذلك على حكومة الشمال أن تفتح ذراعيها لجميع القوى السياسية الجنوبية بهدف التحسُّب للتغيير السياسي القادم.

على الحكومة أن تعلم أن الأوضاع في الشمال لا يمكن مقارنتها بالجنوب المشتعل الأمر الذي ينبغي أن يوظَّف للضغط على الحركة وعلى أمريكا لتحقيق كل مطلوبات الشمال فقد شهدنا كيف كانت أمريكا تهرول وتقدِّم الوعود للحكومة السودانية لضمان تعاونها في تيسير قيام الاستفتاء وبالتالي فإن الظرف ملائم لإقناع أمريكا أن حاجة الجنوب اليوم لتعاون الحكومة السودانية حتى يستقر أكبر من حاجته قبل قيام الاستفتاء الأمر الذي يُتيح للحكومة ورقة ضغط كبيرة نرجو هذه المرة أن تستغلها لا أن تفرِّط فيها كما حدث في أمر الاستفتاء الذي لم تحصد الحكومة في مقابل قيامه غير الهشيم وكفى تفريطاً وتمزيقاً للأوراق الغالية في مواجهة دولة مجرّدة من الأخلاق ولا تُعطي إلا غلاباً ولاتدفع ثمن ما يُهدى إليها.

ها هي أمريكا تعلن أن العقوبات على الشمال ستستمر لكنها لن تُطبَّق على الجنوب بعد التاسع من يوليو فهلاّ كشّرنا عن أنيابنا قليلاً وأغلينا من ثمن أوراقنا!

إلى معتمد شرق النيل

 

٭ مواطنو الشقلة وسط بشرق النيل وجّهوا عبر «الإنتباهة» رسالة إلى معتمدها النشط «د. ياسر الطيب» مفادها أن المواطنين استبشروا بوعد والي الولاية في حضور السيد رئيس الجمهورية بتوفير التأمين الصحي الذي اكتملت أوراقه بالمحلية لكنها لم تتحرك إلى الأمام، كما اشتكوا من تردّي صحة البيئة وتراكم الأوساخ والمياه الراكدة وتوالد البعوض، فهلاّ تحرك الدكتور ياسر نحو الشقلة!!



© Copyright by sudaneseonline.com