From sudaneseonline.com

كلام عابر بقلم : عبدالله علقم
مسلسل التجارب على المغتربين/عبدالله علقم
By
Apr 18, 2011, 23:48

(كلام عابر)

مسلسل التجارب على  المغتربين

من بين ملايين  الأجانب  العاملين في دول الخليج يعتبر المغتربون السودانيون هم الأتعس حظا ،  وسبب هذه التعاسة التي ظلت ملازمة ومميزة لهم على مدار السنين هي دولتهم السودانية، فحسب نتائج دراسة لرسوم المعاملات القنصلية المختلفة في سفارات  الدول المصدرة للعمالة لدول الخليج  وتعامل الدولة مع مواطنها اتضح أن المغترب السوداني هو أتعسهم حظا.أجريت هذه  الدراسة أو المسح الميداني  قبل سنوات في العاصمة  السعودية الرياض  بمساعدة آخرين وشملت  سفارات اندونيسيا،الفلبين، سريلانكا، نيبال، الهند، بنغلاديش، باكستان، أثيوبيا، أريتريا، تشاد، يوغندا، كينيا،الصومال،  مصر، اليمن، تونس، الأردن، سوريا، وهي بلدان تتراوح أحوالها الاقنصادية فمنها ما هو مماثل للسودان ومنها الأفضل منه ومنها أيضا الأسوأ. اتضح أن جواز سفر المغترب السوداني هو الأغلى سعرا والأقصر عمرا من بين جميع هذه الجوازات  كما إن رسوم المعاملات القنصلية المختلفة في السفارة السودانية هي أغلى من مثيلاتها في السفارات الأخرى ( تجديد جواز السفر، توثيق المستندات، التواكيل، شهادات الميلاد، الإضافات والتعديلات في جواز السفر، الخ) فضلا عن الضرائب المتجددة التي تلحق بكل معاملة. أما التسهيلات الإدارية والإعفاءات الجمركية التي تقدمها هذه الدول لمواطنيها المغتربين فهي شيء من الترف للمغترب السوداني  رغم أنه الوحيد المثقل  بالضرائب المباشرة وغير المباشرة  من بين كل  المغتربين (حسب نتائج الدراسة). ما يدفعه المغترب يزيد على ما يدفعه التاجر متوسط الحال في السوق العربي، وقد ألغيت هذه الجبايات  في السنوات الأخيرة ثم أعيدت من جديد دون إعلان ولكن بقدر أقل ضررا .

لا ترمي هذه السطور لعرض نماذج من معاناة المغترب السوداني (في دول الخليج) فذلك حديث قديم ممجوج وقد اعتاد المغترب السوداني على التصالح مع هذه المعاناة التي أصبحت جزءا من معيشته اليومية، لكن الجديد هذه المرة هو أن الدولة قد حظرت استيراد السيارات (الصالون) القديمة وقصرت الاستيراد على موديل نفس السنة، وهو أمر يبدو في ظاهره الرحمة لأن السيارات القديمة عبء على الاقتصاد الوطني ولكنه في نفس الوقت  يدفع للشك في مراميه قياسا بقرارات أخرى كثيرة مريبة تتعلق باستيراد السيارات على مدار السنين  كانت نتيجتها امتلاء شوارع المدن السودانية بكل ما تلفظه ساحات (الخردة) الكورية، وهذا موضوع آخر . استثني المغتربون من ذلك القرار وسمح لهم باستيراد سيارات موديل  السنتين الماضيتين لكن اشترط أن يكون المغترب عائدا نهائيا للسودان. كان من الأفضل أن يشترط على المغترب أن يكون قد أمضى سنوات معينة في اغترابه (دفع خلالها مبالغ معينة من الضرائب والرسوم) أو بلغ سنا معينا بدلا من اشتراط عودته النهائية، فالمغترب لديه أسرة في السودان ستستفيد من السيارة وليس بالضرورة أن يستخدمها هو بنفسه . عمليا من الأفضل أن يظل المغترب باقيا  في غربته لفائدة عدة أطراف ، فتحويلاته النقدية توفر قدرا من العملات الصعبة المطلوبة،  وتساعد في تخفيف الضائقة المعيشية لعدد كبير من الأسر، ومن جهة أخرى ومهمة  تمنع من  الشارع ،ولو إلى حين، نزول  المزيد من الساخطين ، وتساعد على الاستقرار المجتمعي، فضلا عن  أن الجبايات المباشرة وغير المباشرة التي ما زالت تلاحق المغترب تشكل نسبة معتبرة من الإيرادات العامة في ظل انقطاع (نقاطة)البترول. تدفق المغتربين عائدين لوطنهم للاستقرار بصفة نهائية سيخلق مشكلة كبيرة لا تملك الدولة وسائل التعامل معها ، واشتراط عودة المغترب  النهائية للسماح له  باستيراد السيارة  قرار ، مثل معظم التجارب التي تجري  على المغتربين ،متعسف مزاجي غير مدروس وينقصه الذكاء ، وليس من الحكمة في شيء  التمسك بالتجارب الضارة والقرارات الفردية الخاطئة  في كل مرة.

(عبدالله علقم)

[email protected]



© Copyright by sudaneseonline.com