From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
محنة دارفور ... الناس في شنو ؟ والحسانية في شنو ؟ /ثروت قاسم
By
Apr 18, 2011, 13:51

محنة  دارفور  ...  الناس في شنو ؟ والحسانية في شنو ؟

ثروت قاسم

[email protected]

 

 

مقدمة !

علي مرمي مأئة  حجر من وسط مدينة الفاشر  , وفي فريق الثانوية البئيس   , تجد  مقر اقامة  القائدة الميدانية  مريم عبدالله  ( ام جيش ) , من حركة التحرير والعدالة  !

في وسط  راكوبة  ضخمة , تري ام جيش , جالسة علي عنقريب  عالي !  وتري الشباب  الدارفوري حافين من حولها , وهم جلوس القرفصاء , علي بروش ممددة  ,  يحاكون اولاد الخلوة في حضرة الفكي !

وام جيش  تحكي , وتحكي , وتحكي !

 فهي شاعرة مبدعة   , وفنانة  ذات صوت رخيم  , وحكامة متمرسة , ومقاتلة شرسة تقبقب القادة والفرسان  ...  ام جيش كشكول من الابداعات  والعبقريات  !

تبدأ ام جيش في الحكي بعد صلاة العشاء   ! وتستمر  في الحكي قبل ان يفاجئها الصباح , فتسكت عن الكلام المباح !

اراك قد اتخذت لك مجلسأ , علي تبروقة سعفية , وبدأت تنصت , كما الاخرين , لكلمات وعظات ومدائح وترانيم ام جيش !

قالت :

في يوم الاثنين الموافق 18 ابريل 2011 , اصدرت مجموعة  من القيادات السياسية والعسكرية لحركة/ جيش التحرير والعدالة , بيانا للناس , عزلت فيه الدكتور التجاني السيسي من رئاسة حركة التحرير والعدالة !

 ويستوجب اصدار هذا البيان في هذا الوقت العصيب , وفي هذا المفترق الخطير الذي تمر به زنقة دارفور , حزمة من الخواطر , نختزل بعضأ منها فيما يلي :

 

اولا : 

 

ليس هناك مرجعية قانونية او دستورية  او انتخابية تخول للموقعين علي البيان عزل الرئيس الدكتور التجاني السيسي من منصبه ! فلم يكن الموقعين علي البيان هم الجهة الحصرية التي عينت الدكتور السيسي في منصبه , حتي تقوم بعزله !

 

ثانيأ :

يمكن للسادة الموقعين علي البيان مطلق الحرية في الانشقاق من حركة التحرير والعدالة , وتكوين جناح منفصل يتحدث باسمهم , كما فعل من قبل المناضل محجوب حسين ! وكما فعل من قبل المناضل مني اركوي مناوي , عندما انفصل عن حركة تحرير السودان , والمناضل احمد خريف عندما انفصل من حركة العدل والمساواة !  نعم ...  يمكن للسادة الموقعين علي البيان مطلق الحرية في الانشقاق ,  علي ان تستمر حركة التحرير والعدالة (  الام ) , تحت رئاسة الدكتور السيسي , والمناضل بحر ابو قرضة كامين عام  , والمناضل احمد عبدالشافي كنائب للرئيس , والمناضلة عزة الرشيد كامينة للمرأة والطفل , وباقي امناء الامانات ,الذين لم يوقعوا علي البيان اعلاه , علي رئاسة اماناتهم  المختلفة !

 

ثالثا :

 

رئاسة الدكتور السيسي للحركة اعترف بها :

 

+ المجتمع الدولي !

+ الوساطة العربية والدولية !

 

+ الامم المتحدة !

 

+ الاتحاد الافريقي !

 

+ الجامعة العربية !

 

+ حكومة السودان , الطرف المفاوض في منبر الدوحة !

 

+ الدول المانحة  لاغاثات دارفور , والداعمة لمنبر الدوحة ! 

 

+ قوي الاجماع الوطني , والجبهة الوطنية العريضة  !

 

عليه , لا يمكن لمجموعة صغيرة  من قادة الحركة عزل الدكتور السيسي , هكذا , وبمجرد اصدار بيان للناس ؟

 

رابعأ :

 

مجموعة  القيادات السياسية والعسكرية لحركة/ جيش التحرير والعدالة , التي وقعت علي البيان لا تتعدي في عدديتها نصف المائة ! في حين عددية مقاتلي وعناصر الحركة تقدر بعشرات المئات ! ولم يتكرم القادة الموقعين علي البيان بعقد مؤتمر عام للحركة , لمعرفة اراء مقاتلي وعناصر الحركة , كمؤتمر حسكنيتة الشهير !

 

خامسأ :

 

الاسباب التي اوردتها المجموعة القيادية الموقعة علي البيان , لعزل الرئيس السيسي  , اسباب هلامية , هوائية ,  لا تستند علي اي بينات  أو ادلة دامغة ! ولم يات  الرئيس السيسي باي عمل مخل للشرف , او مخل  بالامانة السياسية او بالامانة المالية , مما يستوجب محاكمته , وادانته , قبل عزله ؟

 

سادسأ :

 

الناس في شنو ؟ والحسانية في شنو ؟ في زمن رص الصفوف , في دارفور , وعموم بلاد السودان , للقيام بانتفاضة سلمية شاملة , تطيح بنظام الانقاذ , وتطيح في ذات الوقت , بزنقة دارفور ! في هذا الوقت العصيب , والمفترق  التاريخي  الخطير , تقوم  المجموعة القيادية الموقعة علي البيان , بشق الصفوف , وافتعال المشاكل الشخصية الصغيرة , التي تازم , وتصب الزيت علي زنقة دارفور ! وتعطي ابالسة الانقاذ الذخيرة الحية لضرب حركات المقاومة الدارفورية الحاملة للسلاح !

 

سابعأ :

 

التنسيق والعمل المشترك والاتحاد والوحدة والتضامن هي كلمات مفتاح طبلة دارفور ! وليس الاحتراب   الغير مؤسس  بين الاشقاء وزملاء الكفاح المشترك  , في قضية من انبل القضايا  !

 

البناء وليس الهدم هو شعار هذه المرحلة الحرجة في تاريخ دارفور !

 

ثامنا:

 

قال تشرشل يوما :

 

لا املك ان يكون لدي أكثر من عدو واحد , في وقت واحد ؟

 

العدو المشترك هو نظام الانقاذ ! دعنا نركز علي ازالة هذا العدو المشترك اولا ! وبعدها وفقط بعدها , يمكن ان نجلس لنتفاوض في امكانية ازاحة الرئيس السيسي من موقعه الحالي ! دعنا ننسي خلافتنا الصغيرة , في سبيل الاطاحة بالابالسة , الذين هم اضل سبيلا من الرئيس السيسي , الذي لم يقم بالابادات الجماعية في دارفور ؟

 

تاسعأ :

 

تشرذم  وتفتيت حركات دارفور الحاملة للسلاح  , من داخلها , وبعوامل  ذاتية  تدميرية  , سوف يفقدها المصداقية , داخل السودان , واقليميا , ودوليأ ؟ ويفقدها بالتالي الدعم العسكري , والتمويلي , والسياسي ؟

 

هل هذا ما يهدف اليه القادة الموقعين علي البيان ؟

 

عاشرأ :

 

اللهم احمنا من شماتة الابالسة , الذين سفكوا دماء اكثر من 300 الف شهيد ! وشردوا اكثر من 4 مليون لاجئ ونازح !  وحرقوا اكثر من الفين قرية !  واغتصبوا الاف النساء والفتيات ! وسمموا الاف الابار ! وعاثوا في ديار فور فسادأ !

 

ختمت ام جيش حديثها قائلة :

 

اقول قولي هذا , وأستغفر الله لي ولكم وللموقعين علي البيان ! وادعم باسم المناضلين والمحاربين وجماهير ديار فور , الرئيس الدكتور التجاني السيسي , رئيسأ حصريأ لحركة التحرير والعدالة !

 

 ولا نامت اعين الجبناء !

 

هلل الجميع  , وراء ام جيش :

 

الله اكبر ! الله اكبر ! الله اكبر !

 

استطردت ام جيش قائلة :

في  المرة السابقة , ذكرنا أن حل محنة دارفور , يكمن في حل محنة عموم  بلاد السودان ! عبر انتفاضة شعبية شاملة وسلمية , تعم كل بلاد السودان , بما في ذلك دارفور !

وللاسراع في تفجير الثورة السلمية الشاملة لعموم بلاد السودان , ( بما في ذلك دارفور )  , نستعرض الان    ثلاثة ملفات , تحتوي علي محفزات ورافعات للثورة السلمية الشاملة , ولكن  من  منظور دارفوري  حصري !

 

الملف الاول  ... الانترنيت !

من دروس وعبر ثورتي تونس ومصر ان زمن النظم الاستبدادية , كنظام الانقاذ ,  قد ولي ! وهل عهد النظم الديمقراطية المدنية ! ومن دروس  ثورتي تونس ومصر   , ان زمن المقاومة المسلحة , كحركات دارفور الحاملة للسلاح , قد اندثر ! واشرق ربيع المظاهرات والاعتصامات السلمية الغاندية !

ولكن اهم درس من دروس ثورتي تونس ومصر كان , بلا جدال , الدور المحوري والمفتاحي الذي لعبه الانترنيت في انجاح ثورتي تونس ومصر !  وفي تفجير الثورات في ليبيا واليمن وسوريا والبحرين وعمان !

 هذه حقيقة لا ينكرها حتي مكابر !

وتحسرت ام جيش ان الانترنيت , للاسف , لا يلعب اي دور يذكر في زنقة  دارفور !

قالت :

لا اتحدث عن شعب دارفور , وخصوصأ هؤلاء واؤلئك من البؤساء  في معسكرات الذل والهوان ! لانني اعرف ان اليات الانترنيت , من لاب توبات , وكهرباء , واشتراك التوصيل الانترنيتي , غير متوفرة , لمعظمهم ! وانما اتحدث عن قادة وزعماء دارفور , الذين يعتمد عليهم اهلهم في دارفور , في حلحلة زنقتهم ! التي طالت واستطالت , لاسباب عدة منها , انعدام عامل الانترنيت في معالجة زنقة دارفور !

 

قالت :

الانترنيت اصبح وسيلة التواصل الرئيسية بين البشر المتحضرين ! حل الانترنيت مكان الفاكس , والتلفون , والرسائل البريدية , واللقاءات الجسدية , وجها لوجه !

يقول الرئيس اوباما انه لولا الانترنيت , لما وصل الي البيت الابيض !  ولا يزال الرئيس اوباما يرسل رسالة الكترونية  , كل يوم سبت الي اكثر من 5 مليون ناخب امريكي , ينورهم فيها بما ينوي ان يفعل في مواضيع الساعة ! ويرد علي استفسارات واسئلة ناخبيه , عن طريق الانترنيت !

 اوباما يمثل , بامتياز , رؤساء جيل  الانترنيت !

قالت :

لا يتعاطي معظم قادة دارفور ( حتي في المهاجر ؟ )   الانترنيت ! وتجده معدومأ في ثقافتهم ! يتواصلون صوتيأ عبر التلفون المحمول ! ولا يعتبرون الانترنيت وسيلة للتواصل الشخصي ! كما انهم غيرمعنيين بمتابعة الصحف العالمية والعربية عبر الانترنيت ! ويعتمدون حصريأ علي قناة الجزيرة التلفزيونية , لمن كان محظوظا منهم , وعلي  الية من الفم الي الاذن لغيرهم من  القادة العنقالة !

لا يتواصل قادة دارفور , عبر الانترنيت , مع اللوبيات المؤثرة في امريكا واروبا , لاستقطاب الدعم لحركاتهم الحاملة للسلاح , ولمنظماتهم المدنية !

مساكين بؤساء دارفور الذين يعتمدون علي قادتهم في استقطاب الدعم الدولي لقضيتهم النبيلة !  حيط مائلة ؟ واعجاز نخل خاوية ؟  بل نقارات صوتية , ولكنها فارغة ؟

 يحلم  قادة دارفور ان تمطر عليهم السماء سلاحأ , ومالا  , ودعما لوجستيأ , واعلاميأ  , وهم نيام  ؟ نوم العوافي ؟

قالت :

لا يتواصل قادة دارفور , عبر الانترنيت , مع قوي الاجماع الوطني , ولا مع الجبهة الوطنية العريضة , ولا  مع قطاع الشمال في الحركة الشعبية , ولا  مع منظمات المجتمع المدني الدارفوري والسوداني ! كان يمكن لهكذا تواصل انترنيتي , ان يغير الصورة النمطية السلبية لدي المواطن السوداني العادي في الخرطوم ودنقلا والقضارف , والتي نجح الابالسة في زرعها ,  في مخيلة السوداني العادي   ,  بان زنقة دارفور سببها الغرابة الذين هاجموا امدرمان , وروعوا سكانها , وارادوا حكم دار بحر بالقوة والاكراه ؟ الغرابة الذين هاجموا مطار الفاشر ,  واحرقوا طائرات سلاح الجو السوداني , ونهبوا البنوك السودانية في الفاشر !

 نعم ... كان يمكن لهكذا تواصل انترنيتي ان يمسح هذه الصورة النمطية السلبية , ويحول  زنقة دارفور  الي  زنقة سودانية !

ولكن ماذا تقول مع قادة دارفور العميين ؟

لا يتواصل قادة دارفور , عبر الانترنيت ,    حتي مع الملائكة المسومين , دعك من الملائكة المنزلين ؟

عدم تعاطي قادة دارفور مع الانترنيت  , يجعل منهم  اجسام بدون  رأس ! يجعلهم منشغلين  بانقساماتهم الصغيرة ,  واحترابهم  الداخلي العبثي !   بأكثر من انشغالهم  بزنقة دارفور !  وانقاذ سفينة  دارفور الموشكة على الغرق !

قادة دارفور العميين  محاربين الانترنيت ... عديل كده  ! وخاتينوا قرض مع الفيسبوك والتويتر ؟  

في هذا المنعطف , اسمعك  , يا هذا , تقاطع ام جيش , وتحكي  كمثال , من بين مئات  ,   تجربة الكاتب الفرنسي برنارد هنري ليفي , ( مفجر عجاجة ليبيا )  ,  كما اوردها في مدونته , في جريدة ليبراسيون الفرنسية !  

حكي ليفي , في مدونته  , تجربته المؤسفة  مع قائدة دارفورية , ابان زيارته للقاهرة في شهر ديسمبر الماضي , وقبل اندلاع ثورة تونس ! اراد ليفي استجلاء موقف حركة العدل والمساواة من بعض القضايا , خصوصأ موقفها من الاسلام السياسي  ؟ وفي مخيلة ليفي اتهام  البعض في امريكا ( سوزان رايس مثلا ؟  )  لحركة العدل والمساواة بانها حركة ارهابية ؟

ارسل ليفي رسالة الكترونية  مستعجلة للقائدة المعنية ! وعندما لم يتلق  ردا , تلفن لمحمول القائدة , فوجده مقفولا ! ثم اعاد الاتصال التلفوني , فلم يرد احد , رغم رنين التلفون ! وفي المرة الثالثة , رد علي المكالمة رجل لا يفهم اللغة الانجليزية ! فقفل ليفي الملف , احباطأ وزهجأ , كما يدعي في مدونته !

 واسمعك تحكي  تجربة  عنقالي انترنيتي ,  حاول التواصل ,  عبر الانترنيت  , مع قادة دارفوريين  مقيمين في جوبا ! فاكتشف انهم لا يفتحون صناديق رسائلهم الالكترونية , ولا يهتمون بالتواصل انترنيتيا ! ولا وجود للانترنيت في ثقافتهم   ! 

فتركهم في جهلهم يعمهون !

تختم ام جيش هذا الملف قائلة :

سبب اخر قاتل لاستطالة زنقة دارفور !

 

نواصل مع ام جيش في المقالة القادمة !



© Copyright by sudaneseonline.com