From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
إضاءة علي الواقع الشبابي المأزوم .. والدور الطليعي للتنشئة الأسرية وأثرة علي تحصين القيم والأخلاق.../العليش إبراهيم دُج
By
Apr 18, 2011, 10:44

إضاءة علي الواقع الشبابي المأزوم .. والدور الطليعي للتنشئة الأسرية وأثرة علي تحصين القيم والأخلاق...

 

العليش إبراهيم  دُج

                                                                            

الشباب زينة الحياة الدنيا وعدة الزمان بعد الله تعالى ، فهم عماد المستقبل وأمل الغد بل هم من أغلى مدخرات الأمة ومكتسباتها ، لأن صلاحهم من أعظم المكاسب ، فمنهم ينشأ العلماء والعاملون ، والجنود المجاهدون ومنهم الصناع والزراع ، وفسادهم وانحرافهم من أشنع الرزايا وأشد البلايا ، فالأمة لا تهلك في الهالكين إلا حين تفسد أجيالها وشبابها ولا ينال الأعداء من الأمة نيلاً إلا إذا نالوا من شبابها وصغارها ،لذا فالعناية بالنشء مسلك الأخيار وطريق الأبرار ، وصدق شاعرنا محمد سعيد العباسي حين قال :

علموا النشء علماً تستبين به                سبل الحياة وقبل العلم أخلاقا.

وفي كتاب الله إخبار عن أنبياء الله حين توجهوا إلى ربهم بصلاح زرياتهم فمن دعاء ذكريا " عليه السلام " ( ربي هب لي من لدنك ذرية طيبة أنك سميع الدعاء) ومن دعاء إبراهيم " عليه السلام " ( ربي أجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ) وكل صالح يبتهل إلى ربه ، ( ربي أوزعني أن اشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن اعمل صــالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي ) هذه صورة من صور العناية بالنشء ، لكن إذا أردت أن توازن بينما ينبغي أن يكون عليه الشباب وبين الصورة المعاصرة أو الواقع الفعلي فإن البون شاسع ، ولا مقارنة بين حال الشباب في الزمن الماضي وحالهم اليوم ، فليس التفكير كالتفكير وليس الاهتمام كالاهتمام فالشباب إلى عصر قريب ما أن دعاء داعي الجهاد أن يا خيل الله أركبي تجدهم يتدافعون بالمناكب جل اهتمامهم التسابق إلى ميادين الشرف وساحات الوغى والجهاد وطرق باب الانتاج والتحصيل المفيد للأمة ، وهذه أمثلة من خلال قراءة صفحات التاريخ فأبن عمر رضي الله عنهما حينما عزم النبي " صلى الله عليه وسلم " إلى الخروج إلى معركة "أحد " كان يقف على حجر ليجاز للقتال ، وليس منا ببعيد قصة ذلك الشبل المسلم في الأندلس حينما صوب سهامه على طائر فلم يصبه فأخذ ينتحب فمر به أحد قادة "الفرنجة" فتعجب منه مما جعله يعقد اجتماعاً مع كبار القادة ليعلن نتيجة مفادها ، أن أمة فيها مثل هذا الفتى لا يمكن أن تقهر وتهزم ابداً .

 

 

 

لكن الصورة اليوم مغايرة للكثير من أبناء الأمه المسله ، انك تفاجأ بمن كبر في سنه ، ولكنه ليس كذلك في تفكيره واهتمامه بل همته في الدون وتفكيره سطحي وطاقته مهدره ، نعم أن الكثير من الشباب اليوم تجده قد أهدر طاقة جبارة لو استغلها فيما يعود على نفسه ومجتمعه بالخير

والنفع لتغير الحال ، ولكن ما أنت قائله فيما يهمه فقط المكث أمام الشاشات للساعات الطوال ، أما التفكير في نفع نفسه ومجتمعه فربما كان ذلك مغيباً تماماً، وأن الكثير من أبناء اليوم أصبح وللأسف يترنح صريعاً بين هوايتين تحسي العديد من السموم التي تبث عبر الوسائل المتاحة سواء كان ذلك عبر الشبكة العنكبوتية ، أو عبر القنوات الفضائية التي غزت الكثير من بيوت المسلمين غزواً سافراً ومبتذل , لنعلم أن ألآلاف من المواقع الجنسية الإباحية قد جندت من قبل الصهيونية العالمية لإصتياد الشباب المسلم وإفساد أخلاقهم , وصرفهم عن التفكير السليم ، إننا وأن رأينا بعض الآباء " صار في إعداد البوم والخرص معاذ الله ) لم يأبهوا بشأن الأخلاق ولم يحركوا ساكناً حيال الحفاظ على الأبناء وحمايتهم من هذا السيل الجارف الذي يمكن له أن يؤدي إلى الانحراف قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ) صدق الله العظيم .

فواجب على ألآباء في كل مكان أن يحموا بيوتهم من مشاهدة هذه البرامج التي تسيء إلى الدين والأخلاق , وأن يمنعوا أبنائهم وبناتهم من هذه البرامج, وعلى العلماء والكتاب ورجال الإعلام أن ينبهوا إلى خطورة هذه البرامج , وكلنا راع وكلنا مسئولاً عن رعيته ، نعم أعدائنا يعرفون مكامن الضعف والقوة فينا , لذلك وجهوا السهام حيال الشباب في المقام الأول ، وإن علينا أن نعي أولاً أن أول لبنه لبناء الشباب هي لبنة حماية الجانب الأخلاقي قال الشاعر :

 

أنما الأمم الأخلاق مابقيت   ******  فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

وإلا سيكون الشباب وبالاً على أهلهم ومجتمعهم , وأداة إفساد وتخريب بدل أن يكونوا أداة نفع , إننا وإن لم نستطع إيقاف هذا السيل الجارف من أنواع الفساد والإفساد عبر وسائله المختلفة التي سهل على الشباب الإطلاع عليها ستكون هناك طامة كبرى ، فهل يا ترى نقف مكتوفي الأيدي؟ انها حرب موجه ضد شباب الأمه , في عقائدهم واخلاقهم, بل هو مخطط مدروس لا أستبعد أن تكون هناك أياد صهيونية من ورائة – تقود مقدماته بالضرورة إلى نتائجه ، فجائحة الفضائيات التي غزت العالم بأسره وأعملت معولها في هدم الثقافة والفكر والأدب,وأسلمت الناس للقشور والبثور والدمامل و لعلها قد خطط لها مسبقاً لزعزعة ثوابت

 

الأمة الإسلامية عن طريق ما يسمى "بالفيديو كليب" أو الأغنيات المصورة  التي دخلت كل بيت والتي أصبحت طابع للأغنيات الشبابية المعاصرة التي تغلب عليها "ركاكة" المعنى ، وإسفاف المضمون وحتى الصورة المصاحبه لمثل هذه الأغنيات صورة خليعه يندي لها الجبين والغرض من هذا أن تصبح مثل هذه الصور مألوفة ، يشاهدها الأب مع أفراد عائلته ولا يبدي أي إحتجاجاً أو استهجاناً فإذا وصلنا إلى هذه المرحلة من الدرك الأسفل من الانحطاط كنا مهيئن للمرحلة التي تليها المتمثلة في قبول مشاهد أفظع منها. ثم يتطور الأمر إلى المشاركة الفعلية في البرامج التي مخطط لها أن تبث العري الفاضح والاختلاط في أبشع صوره مثل برنامج أستار أكاديمي هذا البرنامج المبتزل الذي لا خلاق له يستغل الفن أو تعلم الفن ليبث من خلاله أخبث الأفكار والمعتقدات الهدامه ، ليس عن طريق الكلمة فحسب فتلك مرحلة تجاوزها الزمان بل عن طريق الممارسة الفعلية بين الفتيان والفتيات أو بين الصبايا على حد تعبيرهم ، لذلك علينا أن نسعى جاهدين نحو التحصين كلٍ بمقدروه . وهنا تحضرني مقولة البروفيسر والخـــبير الإعـلامي / علي محمد شمو حينما وجه إليه الصحفي الضليع عبد المنعم قطبي طيب الله ثراه في حوار صحفي أجراه قبل خمسة عشر عاماً سؤال مفاده كيف نوقف الغزو الثقافي والاستلاب الحضاري عبر القنوات الفضائية ؟ فما كان رد الأستاذ شمو إلا أن قال له : البديل في البرامج ولا العويل، وإلا سنصبح لقمة سائقة ومكسباً سهلاً للمتربصين بنا الدوائر بدون إيجاد خيل ولا ركاب،



© Copyright by sudaneseonline.com