From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
هل نقتدي بالنجوم الزواهر؟ بقلم :سليم عثمان
By
Apr 18, 2011, 10:37

هل نقتدي بالنجوم الزواهر؟

بقلم :سليم عثمان

كاتب وصحافي سوداني مقيم فى قطر

إنما أنت أيام مجموعة كلما مضى يوم مضى بعضك (الحسن البصري)

بيننا وصدر الاسلام الأول  ومن عاشوا فيه عقود طويلة،وبيننا وانبثاق الرسالة المحمدية دهور كثيرة ،لكننا جميعا نحاول تلمس طريقهم ،والتمسك بالهدي النبوي والسنة المطهرة،والتشبه بالسلف من رجالات صدر الاسلام الأول، إن لم نكن مثلهم لما فى التشبه بهم من فلاح ،ولعل قادتنا أكثر الناس حاجة للإقتداء بالأنجم اللوامع ومن تلك النجوم الحسن البصري أحد اعلام أمتنا الاسلامية ونجومها الزواهر وهو من أعلام الصالحين وإمام من أئمتهم ما إن يذكر اسمه إلا ويذكر الزهد كان على درجة من الفطنة والزكاة، والخشية والإنابة والعقل والورع، والزهد والتقوى ما جعله يشبه الصحابة الكرام كان جائعاً عالماً عالياً رفيعاً فقيها ثقة مأموناً عابداً ناسكاً كبير العلم فصيحاً جميلاً وسيماً. قال عنه أحد الصحابة: لو أنه أدرك أصحاب رسول الله لاحتاجوا إلى رأيه. كانت أمه خيرة مولاة لأم سلمة زوج النبي وكان مولده قبل نهاية خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بسنتين، نحاول فى هذه المقالة  الوقوف على شئ درره الثمينة

كتب عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه لما ولى الخلافة إلى الحسن بن أبى الحسن البصرىّ أن يكتب إليه بصفة الإمام العادل ، فكتب إليه الحسن (رحمه الله ):
اعلم يا أمير المؤمنين، أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل ، و قصد كل جائر ،وصلاح كل فاسد ، و قوة كل ضعيف ، و نصيف كل مظلوم ، ومفزع كل ملهوف والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالراعى الشفيق على إبله ، الرفيق بها ، الذي يرتاد لها أطيب المراعى ، و يذودها عن مراتع الهلكة ، و يحميها من السباع ، و يكنها من أذى الحر و القرّ . والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأب الحاني على ولده ، يسعى لهم صغارا ، ويعلمهم كبارا ، يكتسب لهم في حياته ، ويدخر لهم بعد مماته . والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها ، حملته كرها ، ووضعته كرها ، وربته طفلا تسهر بسهره ، وتسكن بسكونه ، ترضعه تارة وتفطمه أخرى، وتفرح بعافيته ، وتغتمّ بشكايته ،والإمام العدل يا أمير المؤمنين وصى اليتامى ، وخازن المساكين ، يربى صغيرهم ، ويمون كبيرهم. والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوارح ، تصلح الجوارح بصلاحه ، و تفسد بفساده . والإمام العدل يا أمير المؤمنين هو القائم بين الله وبين عباده ، يسمع كلام الله ويسمعهم ، وينظر إلى الله ويريهم ، وينقاد إلى الله ويقودهم . فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملكك الله (عز وجل) كعبد ائتمنه سيده ، واستحفظه ماله و عياله ، فبدد المال وشرد العيال ، فأفقر أهله وفرق ماله.
و اعلم يا أمير المؤمنين أن الله أنزل الحدود ليزجر بها عن الخبائث و الفواحش ، فكيف إذا أتاها من يليها ! و أن الله أنزل القصاص حياة لعباده ، فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم ! واذكر يا أمير المؤمنين الموت وما بعده، وقلة أشياعك عنده ، وأنصارك عليه ، فتزود له ولما بعده من الفزع الأكبر .
و أعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلا غير منزلك الذي أنت فيه ، يطول (فيه)ثواؤك  و يفارقك أحباؤك ، يسلمونك في قعره فريدا وحيدا . فتزود له ما يصحبك ( يوم يفر المرء من أخيه . وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه) وذكر يا أمير المؤمنين(إذا بعثر ما في القبور . وحصل ما في الصدور ) ، فالأسرار ظاهرة، والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. فالآن يا أمير المؤمنين وأنت في مهل قبل حلول الأجل ، وانقطاع الأمل . لا تحكم (يا أمير المؤمنين) في عباد الله بحكم الجاهلين ، ولا تسلك بهم سبيل الظالمين، ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين ، فإنهم لا يرقبون في مؤمن إلاّ ولا ذمة، فتبوء بأوزارك وأوزار مع أوزارك، وتحمل أثقالك وأثقالا مع أثقالك ، ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك، ويأكلون الطيبات في دنياهم بإذهاب طيباتك في آخرتك، و  لا تنظر إلى قدرتك اليوم ، ولكن أنظر إلى قدرتك غدا وأنت مأسور في حبائل الموت ، و موقوف بين يدى الله في مجمع (من) الملائكة (النبيين) والمرسلين ، وقد عنت الوجوه للحى القيوم ،إني يا أمير المؤمنين، وإن لم أبلغ بعظتي ما بلغه أولو النهى من قبلي ، فلم آلك شفقة ونصحا، فأنزل كتابي إليك كمداوى حبيبه، يسقيه الأدوية الكريهة لما يرجو له في ذلك من العافية والصحة . والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته .

ونحن لانزكي رئيسنا عمر البشير على الله ،وقد سمعنا عن كرمه وحسن سيرته كثيرا ،ولكن الحاكم ليس كسائر الناس،مسئول عن نفسه فقط  بل عليه مسئوليات جسام ثقال، وعليه حمل ثقيل تنوء به ظهور الجبال ،ونحن لانطلب من رئيسنا أن يضع عصاته، وينام تحت شجرة ظليلة أمام القصر الجمهوري، لمعرفتنا أن الهوام كثيرة فى الخرطوم وغيرها ،ولا نريده أن ينام على (عنقريب) العنقريب  عند السودانيين هو السرير منسوج بحبل من سعف النخيل،وقد ينسج بغيره، ولن نقول له اكتفى يا سعادة الرئيس بوجبة واحدة بائسة ،كما معظم أهل السودان،ولن نقول له لا تحلي بأطايب الفاكهة والثمار ، لكننا قطعا سوف ندعوه الى ان لا يسلط المستكبرين والفاسدين من معاونيه على المستضعفين من الشعب ،لن نحذره من بطش أوكامبومدعي محكمة الجنايات الدولية ، أن وجد اليه سبيلا، بل من بطش الجبار فى يوم تشخص فيه الأبصار ،ولن نذكره بالنعيم الذي يرفل فيه  وأخوته الحاكمين مقابل البؤس الذى كان يعيش فيه كل من عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري وكثير من الرعية السودانية ،بل نذكره بذلك اليوم الذى يقضى فيه الله بينه وبين كل من لديه مظلمة عنده،هو شخصيا ربما لم يظلم أحدا لكن ربما ظلم ولاته الناس وربما ظلمت شرطته  وجيشه الناس ربما ظلمت  بعض سياسات حكومته  الناس ،ربما ظلمت محلياته الناس ، وربما ظلم بعض جباة الضرائب فى عهده الناس ، ربما ظلم بعض النافذين من حوله الناس ، ربما طغي وتجبر بعضهم على خلق الله ، وربما زينوا له الباطل ، وربما قالوا له ان الناس فى عهدك سيدي الرئيس يعيشون فى رغد وبحبوحة يأكلون البقلاوة المحلاة بعسل النحل ،وما دري الرئيس ان السواد الاعظم من رعيته يلسعهم شوك الجوع والعوز، ربما لا يعلم الرئيس واقع شعبه الا من خلال تقارير تكتب اليه كلها توضح ان الامور كلها عال وتحت السيطرة وليس هناك سوى قلة تحلم بتقليد ما يحدث فى محيطنا وتريد ان يؤول ملكك اليهم ،نعم  مسئول عنه يوم القيامه،لذلك نذكره فقط والذكري تنفع المؤمنين أن يعدلوأن يأمر بالإحسان ،ونذكره أن هذا الكرسي الوثير يمكن أن يشتعل نارا إن لم يكن غدا ففى ذلك اليوم الذى فى خاطر كل منا ،ما أجمل أن يتنازل أهل الانقاذ لأخوانهم فى الوطن وما أجمل أن يتشاركوا معهم فى  الهم،ويقسموا اللقمة فيما بينهم ،وما أجمل أن يزهدوا قليلا فى الحكم الذى لا يورد الناس الا موارد التهلكة ،إين فرعون وهامان أين مبارك وزين العابدين وأين القذافي وعلى صالح فالدائرة لابد أن تدور على الكل هذه سنة الله فى خلقه،فهل من متعظ ومعتبر؟هل يجد رئيسنا ومن حوله وقتا ليراجعوا شيئا من سيرة السلف؟أم أنهم يكتفون بعبارة عفا الله عما سلف ويحسبون أن كل ظلم ارتكبوه بحق مواطنيهم سوف يضيع هباء؟

وقد كتب  الحسن البصري ايضا ذات مرة إلى عمر بن عبد العزيز واعظا: "إعلم أنّ التفكر يدعو إلى الخير والعمل به، والندم على الشر يدعو إلى تركه، وليس ما يفنى وإن كان كثيرا يعدل ما يبقى وإن كان طلبه عزيزا، فاحذر هذه الدار الصارعة الخادعة الخاتلة التي قد تزينت بخدعها وغرت بغرورها ،وقتلت أهلها بأملها وتشوفت لخطابها فأصبحت كالعروس المجلوة، العيون إليها ناظرة، والنفوس لها عاشقة، والقلوب إليها والهة ولألبابها دامغة وهي لأزواجها كلهم قاتلة، فلا الباقي بالماضي مُعتبر، ولا الآخر بما رأى من الأول مُزدجر، ولا اللبيب بكثرة التجارب منتفع.

فاحذرها الحذر كله فإنها مثل الحية ،لين ملمسها وسمها يقتل، فاعرض عما يعجبك فيها ،لقلة ما يصحبك منها، وضع عنك همومها ،لما عانيت من فجائعها، وأيقنت به من فراقها، وشدد ما اشتد منها الرخاء ما يصيبك، وكن ما تكون فيها أحذر ما تكون لها فإن صاحبها كلما اطمأن فيها إلى سرور له، أشخصته عنها بمكروه، وكلما ظفر بشيء منها وثنى رجلا عليه انقلبت به، فالسار فيها غار، والنافع فيها غدا خار، وصل الرخاء فيها بالبلاء، وجعل البقاء فيها إلى فناء، سرورها مشوب بالحزن، واخر الحياة فيها الضعف والوهن، فانظر اليها نظر الزاهد المفارق ولا تنظر نظر العاشق الوامق، وأعلم أنها تزيل الثاوي الساكن وتفجع الغرور الآمن، لا يرجع ما تولى منها فأدبر ولا يدري ما هو ءات فيها ينتظر". وقال رضي الله عنه: "إن الدنيا دار عمل، من صحبها بالنقص لها والزهادة فيها سعد بها نفعته صحبتها، ومن صحبها على الرغبة فيها والمحبة لها شقي بها ،وأسلمته إلى ما لا صبر له عليه ولا طاقة له به من عذاب الله، فأمرها صغير ومتاعها قليل، والفناء عليها مكتوب، والله تعالى ولي ميراثها، وأهلها محولون عنها إلى منازل ومنها يخرجون، فاحذروا ذلك الموطن وأكثروا ذلك المنفلت، واقطع يا ابن ادم من الدنيا أكثر همك، ولا تميل إلى الدنيا فترديك منازل سوء، مفضية بأهلها إلى ندامة طويلة وعذاب شديد، فلا تكونن يا ابن ادم مغترا، ولا تأمن ما لم يأتك الأمن منه فإن الهول الأعظم ومفظعات الأمور أمامك لم تخلص منها حتى الآن، ولا بد من ذلك المسلك وحضور تلك الأمور إما يعافيك من شرها وينجيك من أهوالها، وإما الهلكة وهي منازل مخوفة محذورة مفزعة للقلوب، فلذلك فاعدد ومن شرها فاهرب، ولا يلهينك المتاع القليل الفاني، ولا تربص بنفسك فهي سريعة الانتقام من عمرك فبادر أجلك، ولا تقل غدا غدا فإنك لا تدري متى إلى الله تصير فان الحجة لله بالغة، والعذر بارز، وكل مواف الله عمله، ثم يكون القضاء من الله في عباده على أحد أمرين: فمقضي له رحمته وثوابه فيا لها نعمة وكرامة، ومقضي سخطه وعقوبته فيا لها من حسرة وندامة، ولكن حق على من جاءه البيان من الله بأن هذا أمره هو واقع أن يصغر في عينيه ما هو عند الله صغير، وأن يعظم في نفسه ما هو عند الله عظيم".

وقال  الحسن البصري رحمه الله :(إنما الدنيا حلم ، والآخرة يقظة والموت متوسط بينهما ، ونحن أضغاث أحلام من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر من نظر في العواقب نجا ، ومن أطاع هواه ضل من حلم غنم ، ومن خاف سلم ، ومن اعتبر أبصر ، ومن أبصر فهم ومن فهم علم ، ومن علم عمل فإذا زللت فارجع ، وإذا ندمت فأقلع وإذا جهلت فاسأل . وإذا غضبت فأمسك واعلم أن أفضل الأعمال ما أكرهت النفوس عليه)

صباح الامام أحمد:

قال المروذي : دخلت يوماً على أحمد بن حنبل فقلت له : كيف أصبحت ؟

فقال : كيف أصبح مَن ربه يطالبه بأداء الفرض ، ونبيه يطالبه بأداء السنة ، والملكان يطالبانه بتصحيح العمل ، ونفسه تطالبه بهواها ، وإبليس يطالبه بالفحشاء ، وملك الموت يطالبه بقبض روحه ، وعياله يطالبونه بنفقتهم

شعر:

إذاكنت فى أمر فكن فيه محسنافعما قليل أنت ماض وتاركه

فكم أفنتالأيام أصحاب دولة وقد ملكوا أضعاف ما أنت مالكه

قالوا:

فى أحضان البطالة تولد الاف الرذائل (محمد الغزالي)

أنا لست عملاقا العمل هو العملاق(بيل غيتس)

 

 



© Copyright by sudaneseonline.com