From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
مؤتمر الصيدلي العربي بالسودان– والحديث في المسكوت عنه /د. صيدلي/ عبد الرحمن محمد حسن
By
Apr 17, 2011, 19:24

مؤتمر الصيدلي العربي بالسودان– والحديث في المسكوت عنه 

د. صيدلي/ عبد الرحمن محمد حسن

بداية كان المؤتمر ناجحا بالرغم من قصر مدته إلا انه اتاح فرصة  لالتقاء عدد كبير من الصيادلة من اجيال مختلفة بعد فترة كمون دامت طويلا وارجو ان تكون بداية التواصل الدائم.

ثم اود ان اوجه كلمة عتاب باسم الصيادلة للسيد نائب رئيس الجمهورية الاستاذ/علي عثمان محمد طه لغيابه عن المؤتمر الذي كان تحت رعايته ،والجميع يعلم حجم  المهام التي يقوم بها في هذه الفترة الحرجة التي تعيشها البلاد ،ولكن كنا نود ان نكون في قائمة الاولويات ونحن نعتقد بأننا جديرين بذلك.

وقد تناولت صحافتنا احداث المؤتمر بطريقة موجهة حادت عن المهنية من ذلك مثلا : لم يقدم الدكتور جمال خلف الله ورقة عن الامدادات الطبية بل كانت مداخلة قصيرة خلال حلقة نقاش حول الموضوع . كما ذكرت الصحف ان الدكتور صلاح سوار الذهب نقيب الصيادلة السودانيين والحقيقة انه رئيس الاتحاد المهني للصيادلة (أليس هناك فرق؟). لكنني ا شيد بالقنوات  المرئية والمسموعة التي غطت الحدث  بشكل  جيد.

وشئ اخر مستنكر بالنسبة لي وهو الاشارة الى وزارة الصحة فقط في حدث يفترض ان يكون نائب وزير الصحة ضيف شرف فيه! يبدو ان الصحافة  اصابها الداء الذي غزا كل مؤسساتنا وكنا نتمنى ان تستثنى من القاعدة.

وخلال المؤتمر قدمت عدد من الاوراق اول ورقة قدمها بروفيسور/ عبد الكريم محمد صالح بالمجلس القومي للادوية والسموم . كانت بعنوان (تقنين اسعار الدواء) وبعد سماعي لمحتويات الورقة اقول انها تعتبر دليل ادانة للمجلس وادارة الصيدلة  (لأن ذلك يقع ضمن دائرة مسئولياتهم وسبب وجودهم اصلا في المجلس وادارة الصيدلة) ولو كنت مكانهم وايقنت بصحة ما ورد في الورقة لقدمت استقالتي مع اعتذار علني عبر اجهزة الاعلام المرئية للشعب السوداني ولم اجلس لحظة في  منصبي. فالمجلس  جهة  تنفيذية وليس  مؤسسة اكاديمية  اوبحثية.

 

 وهذه اهم  النقاط الواردة في الورقة:-

1.    تسعير الادوية مسئولية ادارة الصيدلة والمجلس القومي الادوية والسموم.

2.    الزامية تسعير الادوية  قانون الصيدلة والسموم لسنة 2001 المادة 6(أ) (يكون المجلس هو السلطة الاتحادية المختصة بتنظيم وضبط ورقابة عمليات استيراد وتصنيع وتخزين وتسعير وترحيل واستعمال الادوية ومستحضرات التجميل والمستلزمات الطبية والمستحضرات الصيدلانية).

3.    10% من هذه الادوية تساوي اسعارها اربعة اضعاف من سعر الوصول وقد تصل الى 18 ضعف.

4.    بلغ سعر احد ادوية القرحة المستوردة من مصر خمسة اضعاف سعره المنشور في دليل الادوية الانجليزي.

هذه المفارقات تظهر بشكل اضخم واكبر في الادوية المستوردة بواسطة القطاع الحكومي (الامدادات الطبية) وخلصت الدراسة الى:-

1.    لا يوجد ضبط في اسعار الادوية.

2.    عدد كبير من اسعار الادوية البديلة اكبر من مثيلاتها من الادوية الاصلية!!

3.    قلة شديدة في الكوادر المؤهلة لمراجعة هذه الاسعار ومالم تذكره الورقة وهو ان هناك هامش يسمح لشركات الادوية اضافة زيادة الى سعر الدواء تغطي  معظم منصرفاتها (حتى تربح اكثر) والغريب ان عدد منها يعطي نسبة (30-50%) اضافة مجانية للمبيعات الكبيرة والخطير في  الامر ان هذه ايضا محسوبة سلفا ومضافة الى سعر الدواء.

معنى هذا ان ارباح تلك الجهات والشركات حقيقة اضعاف ما هو موجود في فواتيرها  ولم يخطر لها ان تتنازل  عن جزء  بسيط   من ارباحها لصالح المواطن (لا حول ولا قوة الا بالله).

الورقة الثانية  قدمها الدكتور/نصري  مرقس  رئيس  شعبة الصيدليات بعنوان (صيدليات المجتمع بين جودة الخدمة وهامش الارباح).

واهم ما ورد فيها ان صيدلة المجتمع تمثل 70% من الممارسين تحوز باقي التخصصات على 30% فقط من جملة ممارسة المهنة وبالرغم من هذا فان الصيدلي الذي يعمل بالاجر الشهري  راتبه لا يتجاوز 10 دولارات يوميا (اجر صيدلي يعمل بصيدليات المجتمع ساعته الشهرية 100 جنيه منذ اكثر من عشرة سنوات) واذا اراد أن يرفع راتبه الى 1500 جنيه عليه ان يعمل بالصيدلية 15 ساعة متواصلة !!! يعني دخله اليومي اقل  من ثلاثة جنيهات  بدون بدلات (لا ترحيل – ولاسكن – حوافز)

اضف الى ذلك عدم  الاستقرار الوظيفي فالصيدلي يعمل بالتعاقد الشفهي بدون ضمانات ولا حماية من اي جهة مسئولة عنه مثل الاتحاد وقد قال: رئيس الاتحاد دكتور/صلاح سوار الذهب صراحة (ان الاتحاد معني فقط بتطوير المهنة والتدريب المستمر) وليس له علاقة ابدا بالقضايا المطلبية وحتى ما ذكر انه من اختصاصاته قد فشل فيه بدرجة امتياز بل  احدث  فجوة  وانعدام الثقة بين الاتحاد والصيادلة ،كما انه فاقد الشرعية منذ العام (2009) .والورقة قدمت تصور حسب رؤية من قدمها ان تحسين اوضاع صيادلة صيدليات المجتمع مرهون بالمطالبة التي تقدم بها اصحاب الصيدليات بزيادة هامش الربح من 20-30% او اكثر لتغطية منصرفاتهم وزيادة اجور العاملين معهم) ونقول صراحة ان هذا ربط غير موفق ،ويكاد يكون هنالك اجماع من الصيادلة بالرفض القاطع لأي زيادة في سعر الدواء خاصة بعد اطلاعنا على ورقة الاقرار التي تقدم بها (المجلس القومي للادوية والسموم) يعنى اذا حسمت الفوضى بالتسعير تلقائيا سوف يستفيد الجميع وربما انخفضت اسعار الدواء او على الاقل صارت موحدة وفي متناول جميع فئات الشعب. اما اصحاب الصيدليات كان عليهم محاربة الجبايات الظالمة والمرهقة التي تجعل هذه الـ 20% لا تغطي منصرفاتهم وبالتالي يحاولون وضع هذا العبء على المواطن والعاملين ، كما اقرت الورقة بتدني دخل صيادلة المجتمع الى حد مخزي وحالة بائسة لذلك استطيع القول: ان الصيادلة في السودان اصبحوا طبقات  (قمم وسفوح) عدد قليل يتمتع بامتيازات وفرص متعددة ودخل كبير جدا والسواد الاعظم تحت خط الفقر مع انهم جيل المستقبل ، لماذا ندفهم   الى الاحساس بالغبن  والاحباط؟

وفي مداخلة  لأحد الصيادلة ذكر بأن هناك شركة حكومية تستورد ادوية معفية  من الجمارك والضرائب (بعلم المجلس القومي للادوية والسموم) بحجة انها جهة اعتبارية  وهذه الجهة ذات امكانات مادية كبيرة جدا تجلب الادوية بكميات هائلة وتخزنها  بغرض البيع .

لكن المشكلة والاعتراض يأتي من ناحية ان هذه المؤسسة وبهذه الامتيازات باتت تنافس القطاع الخاص تنافس غير متكافئ ، وهي تمتلك عدد كبير من الصيدليات الخاصة وتبيع بنفس اسعار الصيدليات او اقل قليلا وتخيلوا معي نسبة الارباح التي تجنيها هذه المؤسسة وقد ذكر انه اذا استمرت الدولة بامكانتها في منافسة القطاع الخاص فإن العديد من اصحاب الصيدليات سوف يعلنون افلاسهم.

وقد بدت بوادر هذه المشكلة  تظهر حيث ان ما يزيد عن 300 صيدلية معروضة للبيع العديد منها اصحابها صيادلة ،ولم يذكر المتحدث اسم هذه المؤسسة وهي معلومة للجميع كما لم يتقدم احد بالدفاع عن تلك الجهة ويبدو ان هذا اقرار بالخطأ . الغريب ان هذا ضد سياسة الدولة فقد شرعت في خصخصة الشركات الحكومية واذا كانت هذه المؤسسة كما يقولون فيجب ان تكون في قائمة الـ 22 على وجهة السرعة يعني تكون رقم (23).

اخر ما ناقشه المؤتمر هو خصخصة الامدادات الطبية وقد علمت ان ليس هناك قرار نهائي بهذا الشأن وانما كلفت لجنة لاعداد تصور وا ختيار احد الخيارات التالية :-

 1. ان تظل الامدادات الطبيةعلى حالها .

2. ان يتم تصفيتها بشكل كامل وتحويلها الى القطاع الخاص.

3. تحول الى شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص.

4. الابقاء الامدادات الطبية  مع بعض الضمانات لتحديد صلاحياتها.

 في المناقشة كان هنالك اجماع على انه لا يمكن ان ترفع الدولة يدها نهائيا عن ادوية الطوارئ والادوية المنقذة للحياة فهذا واجب اساسي على الدولة،وحق اصيل للمواطن ، وقد علمنا ان هناك ميزانية من وزارة المالية مخصصة لهذا الامر تصل الى (150 مليون) سنويا، كما ان الجميع أمن على رفض ما آلت اليه الامدادات بتحولها الى مؤسسة ربحية واستيرادها لقائمة طويلة من الادوية بأسعار  زهيدة عبر عطاءات ،ثم تنافس به الشركات الخاصة عبر منافذ متعددة للبيع بالقطاعي في العاصمة والولايات ، اضافة الى امتلاكها اسهم في مصانع ادوية يعني كادت ان تطرد القطاع الخاص تماما من سوق الدواء.

  اخيرا في مداخلة الدكتور/ جمال خلف الله مدير الامدادات الطبية وعضو اللجنة المكلفة باعداد التصور افادنا بأن اللجنة رفعت توصيتها باستمرار الامدادات مع توفير الضمانات والضوابط لعدم تحولها الى مؤسسة ربحية ،اذا الخلاصة عودة الامدادات كما بدات لتؤدي الدور الذي انشأت من اجله ،وهي لا تحتاج لممارسة التجارة لأن توفير الادوية المسئولة عن جلبها لحماية صحة المواطن مخصص له ميزانية من الدولة ،ويجب ان تلتزم بذلك ، كما ان القطاع الخاص لا يستطيع تحمل الخسارة اذا استورد ادوية الاوبئة واللقاحات بكميات ثم تبين ان لا حاجة اليها وتقرر ابادتها فهذا الامر لا تقوم به الا الدولة في جميع انحاء العالم ولن نكون استثناء.

 

 

والله من وراء القصد،،،



© Copyright by sudaneseonline.com