From sudaneseonline.com

كلام عابر بقلم : عبدالله علقم
قـبـل الـوحــدة/عبدالله علقم
By
Apr 17, 2011, 11:33

(كلام عابر)

قـبـل الـوحــدة

قال  السيد  الفريق عبدالرحمن سرالختم سفير السودان في جمهورية مصر العربية أن البعثة الدبلوماسية السودانية بالقاهرة أخذت عهدا على نفسها بدفع الشراكة الاستراتيجية بين السودان ومصر لتصل إلى مرحلة "الوحدة الكاملة" –على حد قوله – تحقيقا لتطلعات شعب وادي النيل.

السيد السفير شغل بعض المناصب الوزارية في سنوات نظام الإنقاذ الأولى ثم بقي فترة طويلة من الزمن في منصب والي ولاية الجزيرة قبل أن يذهب لسفارة السودان في القاهرة ويخلف تركة مثقلة لخلفه البروفيسور الزبير بشير طه الذي شغل، وما يزال يشغل، منصب والي الجزيرة، ولكن السيد السفير ارتبط اسمه بنجاح مشهود إبان  رئاسته لنادي الهلال فاكتسب  منه لقب "الفريق المدهش"  ، الوصول لرئاسة صرح مثل  الهلال يعتبر في حد ذاته إنجازا  كبيرا.

عاد السيد الفريق عبدالرحمن يضرب على نفس الوتر القديم "الوحدة" التي لم يستفت الشعب في شأنها، سواء مصر أو في السودان . بدأت نغمة الوحدة قبل استقلال السودان بمفاهيم قديمة مثل "حق الفتح" والحق "التاريخي" لمصر في السودان، ثم لقب ملك مصر والسودان الذي كان يحمله الملك فؤاد ومن بعده ابنه الملك فاروق حتى جاء الاستقلال "مثل صحن الصيني بلا سق أو طق " كما وصفه الزعيم الراحل  اسماعيل الأزهري، ثم ظهرت من جديد شعارات "التكامل" وغيرها من المعالجات الفوقية القاصرة التي كانت وما زالت تتم بلا تفويض شعبي ، وأخذت المد يتجدد من جديد ، دائما بمعزل عن القبول الشعبي أو المشاركة الشعبية في البلدين. "وحدة" عند الطلب وشعارات كسيحة حسب المناخ السياسي.

ربما تسرع السيد السفير بعض الشيء  بإطلاقه هذه الدعوة المبكرة للوحدة الكاملة رغم أنها تجيء في إطار التجميل الدبلوماسي للكلمات أو السعي لتحقيق نجاح شخصي، فآخر ما يحتاجه أهل السودان في الظرف الراهن هو مثل هذه الدعوات (الوحدوية) الجوفاء بعد أن أخفقوا في الاحتفاظ بوطنهم وطنا واحدا بأمياله المربعة المليونية التي ورثوها عن المستعمر، والأولوية أمامهم هي العمل على لم الشمل في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجبال النوبة والشرق ، الحفاظ على هذه الأجزاء كتلة واحدة مع باقي أميال السودان هو الهدف الأول. لنتوحد نحن أولا قبل أن نسعى للوحدة مع الآخرين.

لم تعد هناك وحدة بين الدول تتخلى فيها دولة عن علمها إرضاء للشعارات و المفاهيم العاطفية القديمة  مثل وحدة التاريخ والمصير المشترك والشعبين الشقيقين وهي كلها مفردات لم تعد تواكب لغة  العصر التي  تعنى بالمصالح الحيوية المباشرة والنفع المتبادل المنطلق من مبدأ تساوي الشركاء، ولعل التجربة الأوروبية في التواصل ،بإخفاقها ونجاحها،والتي قامت بمعرفة الشعوب وتفويضها هي أفضل تجارب التواصل أو التكامل المعاشة (بلاش كلمة وحدة دي).

ليتهم يكفوا عن  إطلاق الكلمات  والشعارات المجانية ،و(الفينا مكفينا).

(عبدالله علقم)

[email protected]



© Copyright by sudaneseonline.com