From sudaneseonline.com

أمواج ناعمة بقلم : د. ياسر محجوب الحسين
حسب الله وعقلية القطيع/د. ياسر محجوب الحسين
By
Apr 17, 2011, 11:28

أمواج ناعمة

حسب الله وعقلية القطيع

د. ياسر محجوب الحسين

لا أعرف اللواء حسب الله عمر، الأمين السابق لمستشارية الأمن معرفة شخصية.. بل أعرفه رجلا صادقا مؤمنا متفانيا.. أعتقد أن الرجل كان ضحية عقلية القطيع التي يدير بها البعض شؤون الدولة.. أؤلئك المسؤولون يتمتعون بثقافات قطيعية تربوا عليها منذ الصغر.. عقلية القطيع ستقودنا نحو الهاوية أو نحو المذبح.. عقلية القطيع تقوم على منهج "التبعية".. يقولون أن العالم أو البرفيسور يصبح يفكر بعقلية القطيع إن تواجد بين القطيع في قت ما أو في لحظة ما.. وبدبلوماسية نقول أن المقصود العقل الجمعي حيث تأثير العاطفة أكثر من العقل.. فالفرد يتبع بقية القطيع دون تفكير أو روية أنظروا لذلك الأساتذ الجامعي، وبينما هو حاضر لأحد الاجتماعات بالجامعة، رُفع أذان صلاة  العصر، قام الكل للصلاة إلا هو، وهو معروف بتركه للصلاة، فرمقه الآخرون بنظرات ملؤها الدهشة، فتقاذفت الأفكار ذهنه، وبعد صراع داخلي قرر اللحاق بهم. بعد انتهاء الصلاة، سأله أحد زملائه المقربين وقد كان سعيدا (بأن الله هداه)، وقال له: هنيئا لك بالتوبة والرجوع إلى الله، فأجابه دون أن يتمكن من حبس ضحكة ساخرة: "كان ذلك هو الحل للإفلات من حرج الموقف، ولم يكن بوسعي الاستماع لشريط من النصائح قد تترتب عنه خصومات جراء جدال محتمل"؟!.. يقولون يعزف الراعي ويستجيب القطيع لصوته، ويعزف القائد ولا يستجيب إلا العاقل ولا عاقل غير القائد لذا لا يوجد الآن الا قطيع.. هكذا يقول أولئك: القائد حادينا، يقولونها بلا خجل أي هم بهائم!!.. أولئك هم الامعات الذين قال لهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (لا يكن أحدكم إمعة، يقول إن أحسن الناس أحسنت و إن أساؤوا أسأت).

رواية توفيق الحكيم (نهر الجنون) اختصرت حالة الصراع بين الفرد وسطوة الجماعة في تسيير الأفراد وعدم استقلاليتهم، حيث قدمت الرواية المشهد من خلال الشخص الذي كان يشرب من ذلك النهر، فيصاب بلوثة تجعله يبدو غريباً في نظر المجتمع فيهزأ منه وينبذه باعتباره متخلفاً، لكن بمرور الزمن تزايد عدد الشاربين (المجانين) وتناقص عدد (العقلاء) وبشكل سريع فانقلبت الصورة فأصبح (العقلاء) قلة، فتعرضوا لسخرية الأكثرية (المجنونة) التي كانت تنظر إلى هذه الأقلية على أنها شاذة الأطوار، وتطور الوضع حتى لم يبقى سوى شخص واحد فكان يأبى على نفسه أن يشرب من النهر حتى لا يفقد عقله وتميزه!!.. عاش ذلك الفرد مغترباً عن مجتمعه ولم يجد في نهاية الأمر إلا أن يشرب من ذلك النهر فيلتحق بالمجتمع الذي ينتمي ولا ينتمي إليه؟!.        

 اللواء حسب الله واحد من ضحايا تلك العقلية، ماذا قال الرجل وما الذي اقترفته يداه؟ في زمن تزايد عدد المجانين الذين يشربون من ذلك النهر تحدث الرجل بلغة عالية عصية الفهم على المجانين.. قال الرجل: (إذا اجتمعت الأحزاب على ذهاب الشريعة فلتذهب).. من بين الاحزاب المقصودة الأخوان المسلمين وأنصار السنة والمؤتمر الوطني.. هل يظن المجانين أنه يستقيم عقلاً ومنطقاً أن تجمع هذه الأحزاب على رأي واحد بإلغاء الشريعة؟!.. إذن الاستحالة الواقعة جعلت الرجل يستخدم تلك العبارة التي استعصت على المجانين.

 الخصاء السيكولوجي أو الذهني صورة حية لآلية الاغتراب في شخصية الإنسان وهي أيضا انعكاس لنتائج القمع والعنف والإكراه في التربية عبر المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، فإذا كان الخصاء هو القطع والبتر واجتثاث الأعضاء التناسلية المذكرة على المستوى الجسدي فأنه يأخذ على المستوى النفسي والذهني خطورة حيث يبتر الإنسان فيها عقله فيتحقق الدمج والخنوع القهري مع عقلية القطيع!!.

 



© Copyright by sudaneseonline.com