From sudaneseonline.com

بقلم : عبدالغني بريش اللايمى
الشعوب السودانية تُريد اسقاط المعارضة !!/عبدالغني بريش اللايمى/الولايات المتحدة الأمريكية
By
Apr 17, 2011, 10:35

الشعوب السودانية تُريد اسقاط المعارضة !!

عبدالغني بريش اللايمى/الولايات المتحدة الأمريكية

انطلقت الثورات العربية في بداية هذا العام في كل من تونس ومصر واليمن وليبيا وهي ترفع شعار ( الشعب يريد اسقاط النظام ) ، واستطاع الشعبين التونسي والمصري تحقيق مرادهما في فترة زمنية قصيرة جداً من اسقاط نظامهما بهروب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي إلى المملكة العربية السعودية ، وتنحي الرئيس المصري محمد حسني مبارك بعد انحياز الجيش إلى جانب الشعب المصري ، حيث يقيم الآن تحت الإقامة الجبرية للإجابة على التهم الجنائية والمالية الموجهة إليه . أما الرئيسان اليمني والليبي فما زالا يرفضان فكرة التنحي ويستخدمان المرتزقة والبلطجية ضد شعبهما للبقاء في الحكم .

لكن ما هي العوامل التي عجلت بالتغيير في كل من تونس ومصر وأخرت به في بلدان عربية أخرى كالسودان مثلا ؟ .

أهم عامل ساعد على نجاح الثورة في كل من تونس ومصر هو ان الشباب هم الذين قاموا بتحريك الشارع للاحتجاج والتظاهر ، ولم يكن لهؤلاء الشباب أي عقيدة أو أيدولوجية سياسية معينة تحركهم ، بل الهدف المشترك كان اسقاط النظام ، وبناء دولة قوامها الدستور والمؤسسية ، واحترام التعددية السياسية وحقوق الإنسان . والعامل الآخر هو لجوء المحتجين إلى استخدام الانترنت ووسائل الاتصالات الاجتماعية الحديثة كـ ( الفيس بوك وتويتر والرسائل القصيرة ) . بينما في السودان على سبيل المثال كانت المبادرة للمعارضة التقليدية المتعفنة التي فشلت لسنوات طويلة من ازاحة النظام الإنقلابي ، بل وقفت حجر عثرة أمام الدعوات التي أطلقها الشباب السوداني عبر المواقع الإجتماعية للخروج إلى الشارع والتظاهر للضغط على حكومة البشير للقيام بإجراء اصلاحات سياسية جذرية وحقيقية أو الرحيل .

إذن المعارضة التقليدية الفاشلة التي لم تنجح يوما ما في تعبئة الجماهير للنزول إلى الشارع ، بذلت جهوداً عكسية لإجهاض جهود الشباب السوداني للتغيير ، بل سخرت بعضها من قدرتهم على اسقاط النظام السوداني ووصفتهم بالمراهقين  . وكانت اخر هذه الضربات والاهانات هي عندما نادى الشباب بالخروج إلى تظاهرة سياسية في كل أنحاء السودان ضد النظام في 26 مارس 2011 ، وجاء الرد سريعا من المعارضة بتفويضها لحزب الأمة القومي بالدخول في مفاوضات غير مشروطة مع النظام الحاكم ! ..  وهي لطالما تعددت أسماؤها وتنوعت شعاراتها من  البعث العربي ، والشيوعي السوداني ، والأمة القومي ، والإتحادي الديمقراطي ، والمؤتمر الشعبي ، والحزب الناصري ، والتجمع الديمقراطي . إلآ أن العامل المشترك بينها هو أنها معارضة ضعيفة هزيلة عبثية ، لا برامج سياسية واضحة لها لإحداث التغيير المطلوب . ومع ذلك لا ترى في الشباب بديلاً سياسياً لها في حال سقط النظام الحالي .

انها معارضة مدجنة " ويكفيها هجاءاً " ، عبارة عن تجمعات بشرية تعمل وفق آليات مضى عليها عقودا طويلة ، تتعامل مع مؤيديها وانصارها بنظرية السيد والعبد ! ، سواء تلك التي تنضوي تحت إطار ما يسمى بالتجمع الوطني الديمقراطي ، أو قوى الإجماع الوطني .. الخ . جميعها تكيل بالمديح والثناء والإطراء على الرئيس السوداني ونظامه أكثر مما يكيل حزب المؤتمر الوطني نفسه له .. معارضة لا تقدم  ولا تؤخر ، وأعظم طموحات قادتها وأعضائها لا تتجاوز أن يحصل كل منهم  على وزارة هامشية ، أو ان يكون مستشارا للرئيس ؛ وانتهي الموضوع ! .

لم تلعب هذه المعارضة منذ انقلاب 1989 دورا حقيقيا يجعلها قريبة من هموم الشعوب السودانية والعمل على تخفيف الآمها جراء تكميم الأفواه والاعتقالات العشوائية التي تعرضت لها من قبل النظام السوداني ، ولم تضع برنامجا ومنهجا سياسيا متكاملا تستطيع من خلاله لفت انظار الجماهير إليه ، بل كانت كل محاولاتها خجولة في هذا الجانب . أكثر من عشرين عام على الانقلاب العسكري المخزئ ، وهي غير قادرة من ايجاد رؤية موحدة وخطوط عريضة لكيفية اسقاط النظام الشمولي الديكتاتوري الحاكم . الكل يدعي انه يملك الحل ، والكل يدعي انه هو الأصح والأحق ، ولم يلمس المواطن السوداني أي نتائج سوى تلك الخلافات والتراشقات الاعلامية الحادة .. إنها معارضة خائبة ، أصبحت عائق حقيقي أمام إرادة الشعوب السودانية في التغيير .. ساهمت في إدخال شبح الخوف والرعب إلى الجماهير السوداني لكي لا ينزل إلى الشارع ويطالب بأبسط حقوقه من النظام القمعي ! .

إن ما يحدث اليوم على الساحة السياسية السودانية من عبث سياسي ، يثبت بما لا يدع مجالاً للشك فشل المعارضة التقليدية التي يتزعمها ساسة بلغوا سن الخرف ، فما أحدثت معارضتهم لعقود من الزمان في جدار السلطة الحاكمة شرخاً ، بل لعل بعضها بمواقفها الضبابية جعلت هذا الجدار أقوى في مواجهة مطالب المواطنين السودانيين . إنها معارضة أثبتت من نشاطها الماضي أنها مجرد نخب معزولة تماما عن شرائح الشعب ، وستبقى على هامش الإطارات ، ضيعفة ومشتتة ومنقسمة على نفسها .. ليست لها من إمكانيات المناورة السياسية ، ويبدو من هذه المواقف المخزية انها استنفدت كل طاقاتها وامكانياتها العقائدية والتكتيكية على حد سواء ، ولم تعد قادرة على تعبئة الجماهير والتأثير على الحكومة وعربدتها السياسية .

ولأسباب سالفة الذكر ، أصبح بديهياً ، وليواكب السودان ما تجري الآن من أحداث سياسية متسارعة في المنطقة العربية ، ولفتح المجال لنظام ديمقراطي متفاهم ، يعترف بمبدأ التعددية والمساواة والعدالة ، وبرؤية سياسية جديدة ، وببرنامج متكامل ، وبتصور شامل للحاضر والمستقبل السوداني . فإن المطلب الملح والضروري للشعوب السودانية الآن هو أن تختفي من على الساحة السياسية تلك المعارضة التقليدية العجوز للأبد ، وافساح المجال للقوى الجديدة للظهور  .

 



© Copyright by sudaneseonline.com