From sudaneseonline.com

قصة و شعر
قصة قصيرة " موعد غرامي مع ليلى " : بقادي الحاج أحمد
By
Apr 16, 2011, 10:10

 

 

قصة قصيرة " موعد غرامي مع ليلى "  : بقادي الحاج أحمد

 

 

موعد غرامي مع ليلى

 

مثلما تفعل الشامة على الخد، جسمها المنسق ميز جمالها. كان يراها في أيام السوق، كثيرة الحركة والمعارف، يراقبها من بعيد، أعجبه جسمها، أثاره وأسال   منه اللعاب.

كانت ترتدي ثوباً خفيفاً أخضر ليموني، فوق لفستان مطرز بالورود، بدت كأن بستانأً تفتح فيها شذياً وريحاناً. تهيب الأمر في البداية، فهو غريب في  هذه البلدة، لا يريد أن يغامر بمركزه. كانت تمشى أمامه، تبعها لفترة، ثم لحق بها:

-         كيف.

-         كويسه.

-         اليوم سوق الخميس زحمة.

-         آآى الناس كتار.

-         شن سموك ؟ نظرت  إليه من خدها وابتسمت.

-         ليلى..

-         ساكنين وين يا ليلى؟ نظرت إليه مره أخرى بنفس الطريقة وابتسمت.

-         عاوز تعرف؟

-         أأى ..

-         في حي القوز.

-         هنه كمان عندكم قوز !

-         يا ود الناس الشمالية دى كلها قيزان..

-         ظاهر عليك ما من هنه.

-         أأى ما من هنه.

-         من وين ؟

-         من أم درمان.

 

سارا على مهل في السوق  يتبادلا  نظرات الرغبة  والإبتسامات مع الكلمات، رغم أنه خجول أمام الأنثى، هذه المرة  كان جريئاً  إلى حد  أخذ موعد بعد المغرب  بالقرب  من الإجزخانه- الصيدلية.

تجول في السوق لوحده، بعد أن ذهبت هى، اشترى كمية من  البرتقال  وأخذه إلى بيت  مدير الفرع، حيث يسكن هذه الأيام، سافر المدير مع أسرته في أجازه، ترك  هو السكن في ميز الموظفين وتحول ليسكن لوحده في هذا البيت الكبير المكتمل الأثاث، هنا في البيت الكبير لازمته الوحدة، أشعلت  فيه  نار لم تنطفئ، إلا بدعوة خاصة لتناول المرطبات.

مازال الود بينه وبين العزابه متصلاً، فهو عضو رسمي في الميز في كل الوجبات وجلسات الونسة المسائية وممارسة القهقهة  بلا  انقطاع ، لا  يفرق  شملهم  إلا النوم،  ياتى إلي هذا البيت الفسيح  لينام  مع صديقته الوحدة.

في هذا اليوم عليه أن يعود إلى البيت بعد الغداء مباشرة، لترتيب أوضاعه، وأيضا للإختفاء عن الأنظار قبل وقت كافي.

بعد إعادة ترتيب فرش الغرفة، وكراسي الصالة، وضع سلة الفواكه  على الطربيزة  في الوسط، احضر البارد وأودعه في الثلاجة، أطلق بخور الند في الغرفة، أخذ  د ش  وهو يناجيها  ويراقصها حتى  تدفق الشوق مع ماء الحمام ..  دوائر.. دوائر .. أخذ قفوه.

بدأت الشمس تستعد للرحيل لتفسح  المجال لليل  ينتظر قدومه  بصبر نافذ، والشمس تتمهل وتتلفت في مشيتها نحو الغرب. سمع طرق على باب الحديد – باب الحوش:

-         كو..كو..كو

ظنه باب الجيران، تكرر الطرق، لم يكن ينتظر أحد  ليأتي إليه  في البيت، من  ينتظر لا  يأتي  إلي البيت ويطرق الباب بهذا الإلحاح، موعدهما بعد المغرب قرب الإجزخانه، عليه أن يذهب ليقابلها هناك ثم يحضرا معاً.

يتواصل الطرق:

-         كو..كو..كو

وصاحبنا لا يجيب، فليظن الطارق أنه غير موجود في البيت، لأنه في مثل هذه الأوقات يكون في حضور مستمر مع  العزابه  والعزوبية ومزاجها الذكورى، يوم قرر أن يكسر الحاجز ويعبر إلي الضفة الأخرى  ..  يبحث عن الثياب الملساء .. المليانه  .. المبخره، يأتيه  هذا  الطارق مثل القدر.

يتواصل الطرق بقوة أكثر:

-         رو .. رو.. رو

سمع صوت الطارق يناديه من الخارج. قرر فتح الباب، لا يجدي الإختباء، هذا الزائر لا مفر منه. فتح الباب وجد نائب المدير ينتظره في العربة.

-         أهلا.. يا ريس.. أتفضل.

-         كنت نايم ولا شنو. مشيت الميز قالوا من  الغداء ما شافوك – قلت أكيد هنا.

-         آآي كنت نائم.. أتفضل.. أتفضل.. خير إن شاء الله.

-         خير.. خير..

-         أرح اركب.

-         على وين إن شاء الله ؟

-         هنه قريب..

-         نمشى وين ؟

-         قريب هنه قلت ليك..

-         ياخى المغرب قرب، وأنا فتران، خلى المشوار دا مرة ثانية.

-         يلاه .. اركب يا زول بلا فتران بلا كلام فارغ.

-         نمشى وين لكن ؟

-         أرح بوريك بعدين.

-         ياخى المغرب قرب..

-         اركب أرح، حنرجع قبل المغرب.

-         طيب اقوليك حاجه خلى المشوار دا بعد العِـشاء.

-         لا اركب .. اركب ياخى..

لم تفلح كل محاولات التملص والإعتذار.

-         طيب طلما أنت مصر كده ، خليني  اندرع لي في جلابية والف العمة.

-         جلابية شنو .. وعمه شنو هدومك دي بتوديك.

-         والله..

نظر إلى هيئته من  أعلى إلى أسفل، كان يرتدى عراقي خفيف وسروال طويل، يفوح منهم عطر مختلط برائحة بخور الند. تذكر الموعد، أخذ نفس عميـق، أخرجه من صدره دفعه وحدة، ثم أردف قائلا:

-         انتظر ..

 عاد إلى البيت لبس الجلابية فوق للعراقي، لف العمة وأحكم  لفها وخرج. ركب العربة،  انطلقت بهم من أمام البيت والشمس في وضع مائل في اتجاه الغرب. ساله في  الطريق إلى أين؟ لم  يجيب بأكثر من هنه قريب.

واصلت العربة سيرها إلى أن خرجت من البلدة.. في اتجاه الشمال قال له:

-         ماشين  هنه قريب .. آآه ..

-         رد عليه، ماشين زيارة لواحد في مدينة الخندق.

-         ضحك.. لم يقل شيء.. سكت ساكت .

يتأمل قرص الشمس  وهو في اتجاهه ليلامس الصحراء، التي ترقد على مد البصر غرباً وشرقاً  لطريق ترابي  تنهبه  سيارة الجيب ذات القمره الواحد نهباً؛ هي  أشبه  بى  بيك آب كبير الحجم، من فصيلة الجيب صحيح، لكنها قبيحة المنظر، و ظهرها حار، لذلك  سميت  هنا بتاتشر !

تعطلت لغة  الكلام  بينهم ، والعربة مسرعه على  الطريق الترابي، مع دقداق  ومطبات الشارع والسرعة، إذا لم تتماسك جيدا فإن رأسك وسقـف القمره يكون العناق بينهم مستمراً ..  لأن حظك العاثر أوقعك على تاتشر ..  لسان حالك يقول الجابني شنو ..

لجأ لنفسه  يونسها :

-         يعنى الزائر اللزقه دا كان لازم في يوم زى دا يركبنا تاتشر!

-         ليلى علوي حقــتـنا ما لاه ..

كانت العلاقة بينهم علاقة زمالة عمل، لم يكن الود بينهم مفقوداً تماماً، لكنهم لم يكونا صديقين حميمين بحكم وضعهم الإدارى في الفرع؛ الفاعل ونائب الفاعل، كانا مثل  الإخوة الأعداء، أو الأقرب إلى زميلين متعاونين، لذلك استغرب هذه الزيارة المفاجأة.

في الطريق أخبره مستضيفة في الرحلة أنهم في طريقهم لزيارة شيخ المسيد في الخندق، زيارة المسيد، هذه مفاجأة لم تكن متوقعة، لماذا لم تخبرني من قبل؟

واصل صمته  وواصلت العربة انطلاقها على الطريق، عند الغروب وصلا مسيد الخندق، بعد صلاة المغرب رحب شيخ المسيد بالزوار، تفقدوا متحف الخلوة الصغيرة التي توثق لجذور المسيد الضاربة في عمق التاريخ. كانت الدهاليز والأعمدة تضفى  هيبة وجمال، رغم أن المبنى صغير وعتيق، إلا انه مفعم بالأجواء الدينية، التي لها رائحة وطعم خاص.

المدينة ذاتها، موقعها  بالقرب من النيل، مبانيها العتيقة؛ مبنى الشرطة، الذي  يعود  إلى  قرون  خلت  شوارعها، كلها، كلها عبارة عن متحف قائم على الطبيعة.

في طريق العودة، صادفا معلمتين من حيهما ، تبرع راكب القمره الوحيد بمقعد المقدمة للفتاتين، على أن يمتطى هو صهوة الصندوق، لكن الفتاتان رفضتا ركوب العربة على حساب أخذ مكانه، أما أن يركبوا معاً في القمره أو لا يركبا العربة، أصبح ركوب الثلاثة معا في كنبة القمره مع السائق هو الخيار المتبقي.

-         جاين من وين ؟ سأل الفتاتين.

-         عندنا ندوة هنه.

-         وانتم عندكم  شنو هنه؟

-         جينا زيارة للمسيد.

وابتدأ الحوار ...

 مع بداية الليل السيارة تسير في الطريق الترابي على مهل والقمره  تتمايل كالمحمل على ظهر الجمل؛ يبدو مثل " أمريء ألقيس " هو، إلا انه مخاصر بالثياب الملساء ..المليانة  .. المعطرة.

ورويدا .. رويدا  الأجساد المكدسة  في  ذلك الحيز، كانت كالذاهبة في حركة الجسد الواحد  شبهه الدائرية  مع  رزم  الموتور إلي آفاق روحية  بعيدة .. بعيدة ..

 

مدينة الخٌبر  أغسطس 2007م

 

نشرت في أخبار الأدب المصرية في 26/6/2010م

 

موعد غرامي  مع ليلي

 

19/06/2010 11:51:01 ص

بقادى الحاج أحمد

 

مثلما تفعل الشامة علي الخد، جسمها المنسق ميز جمالها. كان يراها في أيام السوق، كثيرة الحركة والمعارف، يراقبها من بعيد، أعجبه جسمها، أثاره وأسال منه اللعاب.
كانت ترتدي ثوبا خفيفا أخضر ليموني، فوق الفستان مطرز بالورود، بدت كأن بستانا تفتح فيها شذيا وريحانا. تهيب الأمر في البداية، فهو غريب في هذه البلدة، لايريد أن يغامر بمركزه. كانت تمشي أمامه، تبعها لفترة، ثم

 

 



© Copyright by sudaneseonline.com