From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
ميجالومانيا القذافي تغرق ليبيا في بحر الدم/بدور عبدالمنعم عبداللطيف
By
Apr 12, 2011, 17:54

ميجالومانيا القذافي تغرق ليبيا في بحر الدم

بدور عبدالمنعم عبداللطيف

[email protected]

فيما كان محمد بوعزيزي يقف أمام العربة التي يستخدمها لبيع الخضار كانت تطوف بذاكرته تلك الأيام البعيدة التي أمضاها في الجامعة يلتهم الكتب التهاماً حتى يتخرج .. وتخرج محمد بوعزيزي .. وتحطمت أحلام محمد بوعزيزي .. داستها عجلات عربة الخضار .. بكت أم محمد .. وبكى إخوة محمد .. وبكى محمد ..

أفاق محمد من أفكاره السوداوية على صفعة قوية من كف الشرطية .. وانقلبت العربية .. قلبها أعوان البلدية .. صادرها أعوان البلدية .. وفي لحظة شيطانية تحول محمد بوعزيزي إلى كتلة من لهب .. تحولت المدينة إلى كتلة من لهب واشتعلت الصدور بنار الغضب وارتفع هتاف شاعر تونس الخضراء يشق عنان السماء ..

إذا الشعب يوماً أراد الحياة                 فلا بد أن يستجيب القدر

ولا بد لليل أن ينجلي                           ولابد للقيد أن ينكسر

تساقط الشهداء .. وذهب زين العابدين بن علي غير مأسوف عليه ..وامتدت ألسنة اللهب . حملها إعصار الغضب إلى مصر وتساقط الشهداء وذهب حسني مبارك غير مأسوف عليه.

وتمدد الغضب .. طال اليمن والجزائر والأردن والبحرين والعراق .. والآن حكام تلك البلاد يتحسسون مواقع أقدامهم .. يقدمون التنازلات .. شعوبهم ترفض وتريد الحل الجذري .. تريد الحرية والحكام يتعنتون وبإباء يرفضون .. وفي النهاية سيرضخون .. والعاقل من اتعظ بغيره.

    وفي القائمة آخرون قد بدأوا يفيقون والعاقل من اتعظ بغيره.

وبما أن لكل قاعدة شواذ فقد شاءت إرادة الله أن يبتلي الشعب الليبي بهذا الرجل المدله في ذاته شأن المصابين بجنون العظمة فهو الإله الأوحد وما دماء الشهداء المسفوحة تحت أقدامه إلا قرابين تراق التماساً لرضائه.

  إلى هنا نقول أن القذافي لا يملك العقل لكي يتعظ بغيره من الحكام ممن حاولوا مقاومة المد الجماهيري بل هو يوالي تسليط أزلامه وجنوده من المأجورين والمرتزقة يُعملون في شعبه حرقاً وتقتيلاً وانتهاكاً للحرمات والأعراض .. يموت الآلاف من المتظاهرين في أول سابقة من نوعها بقذائف الطائرات الحربية والمدافع والدبابات. والقذافي لا يزال يطلق في التصريحات الغريبة التي تؤكد كل يوم خطله وجنونه.

    إن التلويح بتجميد أرصدة القذافي والمطالبة بإنزال أقسى العقوبات على النظام والشجب والإدانة من قبل الدول والمنظمات وحتى ما ثار أخيراً من "جدل" في مجلس الأمن بخصوص إصرار واشنطون على تضمين فقرة تسمح باستخدام القوة. كل هذه الأمور لا تعني شيئاً في الوقت الحاضر. فنحن أمام شخص غير سوي لا يرى إلا ذاته ولا يعنيه أن بلده الآن تعوم في بركة من الدماء.

 إن التلكؤ في اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لوقف هذه المذابح تجعل من الجميع شركاء في جريمة القتل هذه والتي لن تتوقف حتى يجهز القذافي على آخر متظاهر فقد ظل هذا الرجل يصول ويجول منذ السابع عشر من فبراير فوق جثث الآلاف من الضحايا وحتى يومنا هذا.

إن الإسراع باستخدام القوة تحتمه بعض تلك الإفادات الخاصة بشخصية القذافي سواء ممن عاصروه أو من بعض الأطباء النفسيين فقد تحدث الدكتور طاهر شلتوت من قناة الجزيرة قائلاً:

" أنا أعتقد أن له تصرفات تكاد تشبه المرض العقلي. فتلك الآراء الغريبة .. النظرات .. الوقفات .. تطاير الأفكار.. الصمت بدون داعي .. أقول أيضاً أن استخدام بعض المواد قد يؤثر بالضرورة على الوظائف العقلية "

وقد وصفته برقية صادرة من سفير الولايات المتحدة في طرابلس "جين كيرتيز" في عام 2009 بأنه "شخصية زئبقية وغريب الأطوار يعاني من عدة أنواع من الرهاب، يحب رقص الفلامنكو الأسباني وسباق الخيل، يعمل ما بدا له، ويزعج الأصدقاء والأعداء على حد سواء"

وتضيف البرقية أن القذافي يصاب بنوبة من الخوف اللاإرادي من المرتفعات لذلك فهو يخشى الطوابق العليا من البنايات كما انه يفضل عدم الطيران فوق الماء.

كذلك أنقل هنا ترجمة البعض مما جاء في "يورونيوز".

 يقول كريستيان مالار مسؤول الأخبار الدولية بـ"فرانس 3" أعتقد أنه يجب أخذ تهديدات القذافي على محمل الجد، فكما تعلمون فالقذافي شخص لايمكن التنبؤ بأفعاله التي تتسم باللاتناسق أساساً. أخبرني مرة أحد سفرائه أنه – أي القذافي - يستعين ببعض العقاقير الطبية لعدة ساعات فقط من اليوم. لا يجب ان نتجاهل تعطشه للدماء وأنه يحكم منذ مجيئه للسلطة منذ عقود بالحديد والنار."

  لم يترك القذافي مناسبة إلا واستعرض فيها هوسه وحبه للظهور بداية من عروضه العسكرية إلى تنكره في ملابس مغني البوب الراحل مايكل جاكسون. جنون عظمته دفعه إلى فرض قواعده حتى على مضيفيه بتصميمه على نصب خيمته في كل مكان يذهب إليه حتى ولو كان في القطب الشمالي، أفعال لم يجد قادة العالم ما يفعلونه امامها إلا التسليم بها والتقاط الصور بجوار القذافي والابتسامة العريضة ترتسم على وجوههم.

فيليب جافيه طبيب نفسي يعلق قائلاً: " عندما ننظر إليه لأول وهلة نرى أنه غريب الأطوار ومهرج ولكن عندما نقترب من شخصيته نكتشف أنه غير متزن ومصاب بجنون العظمة وعقدة الاضطهاد التي تضخمت بمر السنين."

"هذه الغرابة في الأطوار ربما كانت السبب في اتخاذه حرساً شخصياً من النسوة الشرسات اللائي لا يتورعن عن الفتك بأعدائهن. مؤيدوه وأنصاره فهموا بدون وعي منهم دواخل هذه الشخصية النرجسية التي لا تقبل إلا الولاء المطلق".

من هذه الإفادات نخلص إلى أن القذافي شخص غير مسؤول عن تصرفاته وإن كانت الدول الكبرى تهادنه وتتعامل مع جنونه بهذه اللهجة المعتدلة حفاظاً على أرواح رعاياها إلى أن تتمكن من إجلائهم كلياً فإن الضحية في كل الأحوال هو الشعب الليبي الذي سيذكر له التاريخ دوماً بأنه الشعب الذي ضحى بأكبر عدد من الشهداء في سبيل نيل حريته.

 

*       عدد شهداء تونس 60 شهيداً من أصل 10 مليون تونسي، وعدد شهداء مصر 300 شهيد من أصل 80 مليون مصري، وأما عدد شهداء ليبيا المعلن عنهم فإنه يفوق الـ 3000 شهيد من أصل 6 مليون ليبي.

 

 

 

 



© Copyright by sudaneseonline.com