From sudaneseonline.com

زفرات حرى بقلم : الطيب مصطفى
لقد بُحّ صوتُنا يا هؤلاء!!/الطيب مصطفى
By
Feb 16, 2011, 20:13

زفرات حرى

الطيب مصطفى

[email protected]

لقد بُحّ صوتُنا يا هؤلاء!!

 

إذا كنا بالأمس قد أوردنا بعض قرارات المكتب السياسي للحركة الشعبية والذي عقد اجتماعه بجوبا برئاسة رئيس الجنوب والحركة الشعبية سلفا كير وبحضور باقان وعرمان والحلو بما في ذلك قرار تكوين لجنة لإعادة تنظيم القطاع الشمالي برئاسة مالك عقار وعبد العزيز الحلو نائباً للرئيس وعرمان أميناً عاماً والقرارات الأخرى التي أعلنها باقان أموم حول قطاع الشمال الذي قال باقان إنه سينفصل تنظيمياً من قطاع الجنوب بالحركة الشعبية في التاسع من يوليو القادم وقلنا إن ذلك يكشف عن تبعية قطاع الشمال لقطاع الجنوب الذي ظل مُمسكاً بالقرار وبرئاسة قطاع الشمال المعتمِد كلياً على الجنوب في تمويله ورسم سياساته فإن ذلك يعيدنا إلى السؤال القديم المتجدد: لماذا ظلت الحركة مقودة من قِبل الجنوب إذا كانت هي بالفعل حركة قومية جاءت من أجل السودان وتعبِّر عن جميع مكوِّناته الجغرافية والبشرية، بل لماذا كانت الحركة على الدوام مسيطَراً عليها من قِبل الجنوب والاثنيات الجنوبية التي لا تزيد على خُمس سكان السودان؟! وأين هي الأغلبية في هيكل الحركة التي تدّعي قوميتها؟!

طرحنا ذلك لكي نُثبت أن الحركة الشعبية عبارة عن تنظيم جنوبي ما جاء إلا للدفاع عن قضية الجنوب وما جلس في نيفاشا إلا لإعلاء حصة الجنوب على حساب حصة الشمال ذلك أن الجنوب مُنح في نيفاشا ما لم تُمنح كل الأقاليم الأخرى في السلطة والثروة وكان ما مُنح للجنوب خاصة مخصوماً من حصة الشمال الذي تدّعي الحركة أنها جاءت من أجل مهمَّشيه بالرغم من أنها ظلمت أولئك المهمَّشين حين جلست للتفاوض وسعت لإلحاق المزيد من التهميش بهم!!

نرجع لقرار المكتب السياسي بالحركة الشعبية الذي قرر في شأن مستقبل قطاع الشمال بما يعني أن قطاع الشمال هذا لا يعدو أن يكون قطاعاً عميلاً تابعاً لدولة أخرى تُخضعه لأجندتها السياسية ومشروعها السياسي الذي يدعو إلى إعادة هيكلة الشمال بما يطمس من هُويته وانتمائه الحضاري ويُخضعه لسلطة الحركة الشعبية تماماً كما هو الحال بالنسبة لقطاع الشمال الذي يقرَّر بشأنه في السودان الجنوبي ويرأس اجتماعاته رئيس الجنوب ويتحدث باسمه أمين عام الحركة الجنوبية باقان أموم بالرغم من أنه ينتمي إلى دولة أخرى وبالرغم من أنه ما عاد يحمل جنسية دولة الشمال التي يُفترض أن قطاع الشمال يعمل فيها ويعمل من أجل مواطنيها!!

عندما سُئل العميل لدولة الجنوب القادمة عرمان عن كيفية تفسير «مُعضلة» وجود تنظيم أو حزب سياسي أجنبي في دولة السودان الشمالي فكَّر وقدَّر فقتل كيف قدَّر ثم قتل كيف قدَّر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال: إن الحركة الشعبية لا تختلف عن الأحزاب الأممية مثل الحركة الإسلامية أو حزب البعث أو الحزب الشيوعي الذي يمكن أن يعمل بفكرته الأممية في عدة دول على أن يعمل كل حزب أو تنظيم في كل دولة على حدة بصورة مستقلة عن الأخرى!!

بالله عليكم هل رأيتم في آبائكم الأولين مثل هذه الفهلوة والبلطجة؟! هل الحركة الشعبية أيها الرويبضة تحمل مشروعاً أممياً أم أنها رؤية عنصرية استعمارية خاصة بجنوب السودان مملوكة للحركة الشعبية الجنوبية صاحبة الملكية الفكرية بل صاحبة القرار النهائي؟! هل يستطيع هذا العميل الذي ظل يحارب أهله وبني جلدته منحازاً إلى جيش يقاتل الشمال.. هل يستطيع أن يقنع أبناء الشمال لماذا وقف إلى صفّ الأعداء الذين كانوا يحاربون القوات المسلحة السودانية الشمالية وهل يستطيع أن يفسر لي ـ إذا كان قطاع الشمال حزباً مستقلاً يملك إرادته وقراره ـ لماذا يرأسه سلفا كير ويتحدث باسمه باقان أموم اللذان يحكمان دولة أجنبية لم يعد لها علاقة بدولة الشمال ولماذا ينعقد الاجتماع الذي يقرِّر بشأن مستقبل قطاع الشمال في عاصمة دولة أجنبية هي «جوبا» ولماذا يصدر قرار هيكلة التنظيم ومؤسساته في اجتماع يرأسه أولئك الأجانب؟ هل يستطيع أن يجيب عن السؤال السهل: كيف تحمل الحركة الشعبية صاحبة الدولة الوليدة أو التي لم ترَ النور حتى الآن.. كيف تحمل أو كيف يجوز لها أن تحمل مشروعاً معادياً تطبقه على شعب دولة أخرى عريقة وذات تاريخ وإرث حضاري راسخ وهُوية مستقرة؟! أيهما بالله عليكم أحق بأن يعمل على تغيير الآخر الشمال صاحب الدولة والحضارة والتجربة أم الجنوب الذي يعيش في بيت من الزجاج الهشّ والذي لم ترَ دولتُه النور حتى اليوم وربما لن تراه إلى يوم الدين!!

هل يستطيع أحدٌ كائناً من كان أن يعقد المقارنة بين الحركة الإسلامية التي تعمل بصورة مستقلة في كل دولة على حدة أو قل حزب البعث الذي مات أو كاد حتى في دولته الأم العراق أو سوريا ومشروع السودان الجديد الذي لم يرَ النور حتى في جنوب السودان الذي يعاني من الجوع والجهل والمرض؟!

أعلم يقيناً ما تقوم به الحركة الآن من خلال قرارات المكتب السياسي الذي نصب عقار والحلو على رأس قطاع الشمال لأنهما يحتلان موقعين تنفيذيين في اثنتين من ولايات الشمال بفعل «خازوق» نيفاشا كما أعلم ما تقوم به الحركة من تآمر في دارفور التي تستضيف الحركة متمرديها رغم كل توسلات ورجاءات ودموع المؤتمر الوطني وأوقن أن كل ذلك يأتي في إطار العمل من أجل إقامة مشروع السودان الجديد وتمكين الحركة أو الجنوب من حكم الشمال، وأود أن أسأل قبيلة النعام في المؤتمر الوطني: إلى متى بربكم تسكتون ومن الذي منحكم سلطة السماح للحركة الشعبية بأن تعبث بأمن الشمال وتعمل على طمْس هُويته ومتى تضعون تهديداتكم بالمعاملة بالمثل موضع التنفيذ؟!

لقد بُحَّ صوتُنا ولم يعد لنا من صبر على هذا الذل وهذا الهوان فإما أن يقوم المؤتمر الوطني بما ينبغي أن يقوم به للتصدي للحركة الشعبية وإما أن يتنازل عن الحكم لمن يستطيعون حماية أمن هذه البلاد وهُويتها وأرضها من هؤلاء الأعداء وعملائهم في السودان الشمالي ممن لم تُثنِهم كل التنازلات التي قُدِّمت لهم عن المطالبة بالمزيد وعن الكيد والتآمر الذي لن ينتهي إلا بتحقيق هدفهم الإستراتيجي المتمثل في الاستيلاء على السودان الشمالي أرضاً وشعباً وهُوية، ذلك أن اللغة الوحيدة التي يفهمون هي تلك التي أدار لها المؤتمر الوطني وحكومته ظهرهما يوم خذل المؤتمر الوطني المجاهدين والشهداء ووضع السلاح محوِّلاً النصر في ميدان القتال إلى هزيمة مُنكرة في مائدة التفاوض وجلس يقدِّم التنازلات تلو التنازلات إلى يوم الناس هذا فحسبنا الله ونعم الوكيل!!.

 



© Copyright by sudaneseonline.com