From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
الضربة الاسرائيلية في شرق السودان/جعفر منرو
By
Apr 12, 2011, 07:58

                    الضربة الاسرائيلية في شرق السودان

 

يسطر التاريخ  أحداثا جساما تشهدها منطقة شمال افريقيا والشرق االاوسط هذه  الايام والسودان البلد القارة باعتبار ماكان ، ليس ببعيد من  عن تلك التحولات الكبرى . بيد ان شانا اخر يهم السودان اكثر دون سائر بلاد الله الاخرى ، وهو ان السودان قد دخل بقوة ساحة العمليات الاسرائيلية الاستباقية . والسودان ضمن بلدان قلائل اضحي مسرحا لتلك العمليات والتي كان ابرزها قصف المفاعل النووى العراقي (اوزيراك ) في العام 1982م ، قام بها سرب من الطائرات الهجومية الاسرائيلية مستخدمة وسائل الدفاع والتمويه التي طورتها الالة الحربية الغربية ومستغلة شتي الظروف التي كانت تعج بها المنطقة . وقد صدر كتاب اشتهر بعنوان ( دقيقتان فوق  بغداد )   في ثمانينيات القرن المنصرم ،أعده ثلاثة كتاب اسرائيليون هم يورى بار أزوف ، ميشيل هاندل واّموس بيرلموتر ، لخص الكتاب الثلاثة المهمة التي قام بها الطيارون في سماء بغداد يومذاك بانها ( المهمة الاصعب لأمهر الطيارين  الحربيين في المنطقة) والتي غيرت مسار التاريخ العسكرى مثلما غيرت احداث الباستيل مسار التاريخ السياسي الفرنسي والعالم بأجمعه .و علي ضوء المعلومات الواردة في الكتاب يتفق كثير من متابعي التطورات في المنطقة ان اسرائيل لن تدع ايران تذهب الي نهاية شوطها النووى بحيازة اسلحة نووية .وهو الصراع الذي بدأت ملامحه اليوم  تبدو بشكل أوضح في فضاء السودان الانقاذي .

وأوضح الكتاب الثلاثة ان النصر مهما كان ثمنه فانه يكون نتيجة لمقدرة الفرد او المؤسسة علي تحمل الصعاب  والصبر عليها بالتخطيط والتنفيذ الجيدين  ، يقابلها تفريط من الخصم ايا كان في المواجهة . وبالرغم من ان الكتاب لايخلو من الافراط في الثناء علي النفس ولكن الحق لابد ان يقال ان العملية التي قامت بها الطائرات الاسرائيلية علي مفاعلات العراق النووية تعتبر ضمن صفوة العمليات التي يمكن ان ينجزها اي جيش في العالم واضعين نصب اعيننا ان الاتحاد السوفيتي السابق قد فشل في اجهاض المشروع النووى الصيني والذي بموجبه انضمت الصين الشعبية الي النادي النووى ونتيجة لذلك خرجت تايوان من الامم المتحدة لتفسح المجال للصين لتتبوأ مقعدها مع الكبار في مجلس الامن والامم المتحدة . ويذكر التاريخ علي استحياء انه بعيد الحرب العالمية الثانية فكرت الولايات المتحدة نفسها في الحيلولة دون نجاح المشروع النووى الروسي ولكن لمناكفات بين الحزبين لم يتم ذلك . ونفس الموقف حدث بين الهند وباكستان حيث خطط بعض الساسة في كل من دلهي واسلام أباد ، اجهاض المشروع النووى في البلد الاخر . ولكن الاقدار حالت دون ذلك ليشهد العالم بعدئذ كما قالت نيويورك تايمز ان العالم يتفرج علي بروز (عملاقين  مصابين بالانيميا لكنهما بانياب نووية كناية عن الفقر والبؤس اللذين يستوطنان البلدين ) .

هذه المقدمة تفيد لنستعرض حال السودان وهويتعرض مرتين ولم يحل عليه حولان ، الي قصف جوى مرعب من طائرات ليست مجهولة الهوية  كما زعم البيان الرسمي ، ويلقي عشرات المواطنين السودانيين حتفهم في شرق السودان . قال علي الكرتي وزير الخارجية السوداني وقائد ميليشيات الدفاع الشعبي السابق ، ان اسرائيل استهدفت السودان لوقوفه مع الشعب الفلسطيني . وأيم والله ، انه لعين الكذب ، لا تستحي الحركة الاسلاموية السودانية  في الجهر به في وضح النهار ، وان العملية قصد منها اظهار السودان كانه متعاون مع الارهاب في وقت لاح في الافق ، نجاح المساعى السودانية للفوز بمرضاة واشنطون ورفع اسمه من لائحة دعم الارهاب كما تتوهم النخبة الحاكمة في الخرطوم ، ويعلم السودانيون  سيما  سكان ضواحي المنشية والجريف غرب والمعمورة العاصمية ، ان البلاد أضحت بالفعل مرتعا للارهابيين  في عهد الانقاذ ، وهل من دليل أقوى من استضافة الخرطوم لابن اوي كارلوس ، او اسامة بن لادن ، وبعض من حاولوا نسف مبني التجارة  العالمي في نيويورك ؟؟؟ دعك من المسؤولين محاولى اغتيال الرئيس المصرى السابق مبارك .

 قال غازى العتباني في رده علي الامين العام لحركة التحرير والعدالة في الدوحة ، في نقاش احتدم ابان ندوة نظمتها قناة الجزيرة في مارس الماضي  ، عن التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة بعد ثورتي مصر وتونس ، زاعما بان التمرد في دارفور هو الذي اتاح الفرصة  لاسرائيل للتدخل في الشان السوداني ، لم يستح الرجل بقوله علي رؤوس الاشهاد فيما ذهب اليه ، متناسيا أو متجاهلا بتعمد لا يحسد عليه  ، ان اكبر داعم لاسرائيل في السودان هو الحركة الاسلاموية السودانية في أكثر من صعيد ، لا بسياساتها في تقسيم الوطن  وتجزئته ، أو في وقوفها الي جانب معتد أثيم كصدام حسين او حتي في دعمها لحماس الاسلاموية  اسرائيلية المنشأ  فلسطينية الموطن ، انما بتورطها المباشر والصريح في نقل اليهود الاثيوبيين الفلاشا الي اسرائيل ليكونوا اكبر دعم بشرى لاسرائيل منذ قيامها ..وكان علي راس تلك العملية التي سميت بعملية (موسي) في عهد الرئيس الأسبق جعفر نميرى  ، ضابط الاستخبارات السوداني الاشهر الفاتح عروة وهو اليوم احد اركان النظام الاسلاموي  في السودان ويدير احدي اغني شركات الاتصالات مكافاة له ، وكان من قبل  مندوب السودان في الامم المتحدة ، وهو الرجل الذي اثر ان  يكون شاهد ملك اثناء محاكمات بعض اقطاب نظام جعفر نميرى بعيد سقوط نظام مايو في تهم تهريب اليهود الفلاشا الي اسرائيل . وبالمناسبة فان تاريخ السودان الحديث لايروى عن كثيرين فضلوا ان يكونوا شهود ملك  في قضايا مشابهة . !!! انعم به من شاهد ملك !!ٍٍٍٍٍ

عجز الغازى العتباني  ان يرد  في جلسة سابقة للندوة ذاتها ، علي اتهامات مريرة كالها رئيس النهضة التونسية راشد الغنوشي علي الحركات الاسلاموية التي اعتلت كراسي الحكم في بعض البلدان وكاني به يشير باصبعه الي السودان بان الجماعة ( أنشأت الجامعات والمعاهد ولكنها أرسلت ابناءها للتعلم في الخارج ، وان الجماعة اياها أقامت المستشفيات ولكنها توجهت للخارج بحثا عن العلاج ، وانها ايضا أسست الشركات لا لتساهم في تنمية وتطوير الأوطان ولكن لتهريب الثروات الي الخارج  ونهب الأموال العامة ) اذا لم تنطبق هذه الملاحظات علي سودان الانقاذ اليوم فاي الدول أنسب لها ؟وهل يا ترى لايزال الغنوشي حاملا جواز السفر الديبلوماسي السوداني ؟؟ قطعا لن يجيبنا كرتي فهو مشغول باعداد رد السودان علي استباحة اراضيه !

لقد اثبتت الاحداث الاخيرة شرقي السودان ان الوطن سرقته أيد غريبة ، مستعدة علي الدوام  لتقديم اي شئ في سبيل بقائها علي السلطة ، اعني بذلك الحركة الاسلاموية  ، التي  تزعم انها تقف الي جانب حق الشعب الفلسطيني  , وقد دفعت من مال الشعب السوداني الذي تطحنه الفاقة مئات الملايين من الدولارات الي حماس ، ولعل ما ضبطته السلطات المصرية ابان عصر مبارك ، من ملايين عملة اليورو بحوزة أحد الحمساويين العائدين من السودان ،  لهي أبلغ دليل علي ذلك . فهي حكومة تجمع كل النقائض لقاء بقائها في السلطة ، وها هي اليوم تسلح حماس وتبيع المعلومة للموساد لتبدو انها لازالت متعاونة في مكافحة الارهاب ، وكما قال رئيس جهاز الامن السابق ومستشار الرئيس البشير اليوم الفريق صلاح عبد الله ( قوش ) ان التعاون الأمني مع امريكا  ، أذهب عن السودان ، والاحرى نظام الانقاذ مخاطر كبيرة . لم يبن أويفصح الرجل عمّا هي تلك المخاطر ولكن الاجابة تحملها كلمات الرئيس الأسبق جورج بوش بعيد سبتمبر 11 حين قال في مطلع حملته علي الارهاب ( من ليس معنا فهو ضدنا ) . كان الرئيس البشير عائدا من السعودية في تلك الايام وفي مطار الخرطوم سأله أحد الصحفيين عن رايه في أحداث سبتمبر ، وكعهده اندفع في كيل السباب والشتائم علي امريكا مشيدا بالهجمات ، شامتا بقوله ان امريكا ذاتها هاجمت السودان ودمرت مصنع الشفاء ، ولكن أحد الديبلوماسيين أشار للرئيس الي ما قاله الرئيس بوش وبقدرة قادر اختفي التصريح من كل التسجيلات الصحفية بعد ان عرف الرئيس المخاطر المحدقة بالنظام جراء تلك التصريحات ، بالطبع ان غريزة حب البقاء هي أقوى غرائز النظام علي الاطلاق . وقد كاد الرئيس ان يكون طابورا خامسا . وبهذه المناسبة من اية كلية أو معهد عسكرى تخرج المهندس صلاح قوش ليحمل رتبة الفريق ؟؟!

قال وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين ان الضربة الاسرائيلية لبورتسودان جاءت لاثناء السودان عن تطبيق الشريعة الاسلامية ، لا يساورني ادني شك في الاّ أحد صدق هذا الزعم وهذه المزحة الثقيلة من ( عبدو) ، وهو الاسم الذي اشار به الغلام  بمحض الصدفة الي الوزير أثناء التحقيقات التي قامت بها الشرطة في اعقاب مقتل موسيقار سوداني شهير في نواحي ام درمان . ولا أحد يعرف اين انتهت تلك التحقيقات مع الغلام الفلتة ؟؟؟ لاأظن ان اسرائيل مهتمة بتطبيق الشريعة في السودان قدر اهتمامها بالنشاط العسكرى السرى الحمساوى الايراني علي امتداد شواطئ البحر الاحمر وحركة السلاح والافراد في تلك المنطقة . لنطرح التساؤل الملح وهو : أنّي للسودان مواجهة هذه الاعتداءات ؟ الاجابة بدون تردد هي الابتعاد عما يقوم به الانقاذيون الان لا لمصلحة القضية الفلسطينية ولكن لصالح تنظيم اخواني شبيه في فلسطين . فالسودان فيه ما يكفيه من مشاكل وهو ليس مستعدا في لجة أزماته الدخول الي حلبة سباق التسلح أو حرب مخابرات تحيل البلاد كلها الي أهداف عسكرية ،لان وضعه الاقتصادي وكذا السياسي لا يسمحان له بذلك . وان عروبة السودان ليست كعروبة الاردن التي منعت حتي انطلاق العصافير تجاه اسرائيل ، واضعين في الاعتبار تركيبة السكان هناك حيث يشكل الفلسطينيون حوالي الخمسين بالمائة من جملة السكان . او كعروبة مصر بعد الثورة وقد تمسكت بكامب ديفيد خلافا لما حلم به ذوو الحلاقيم الكبيرة ابان الثورة وبالطبع لا نقول كعروبة سوريا  فلكل بلد ظروفه الموضوعية لاتخاذ قراره المناسب وفق مصالحة الحقيقية ، فلن يكون السودان اكثر فلسطينية من أصحاب القضية أنفسهم ، لنجزم ان مصلحة السودان هنا تقتضي الاّ يكون طرفا في محاور متنازعة في المنطقة .

كسرة : انها الصدفة فقط جعلتني اعرف لماذا وصف د. مصطفي اسماعيل الشعب السوداني بالشحاتين , فقد جلست قرب شخصين في بهو فندق شيراتون الدوحة وطفقا يتحدثان عن اجتماعات محلس ادارة احدي الشركات وعن الحاح احد الاعضاء السودانيين للحصول علي شقة من استثمارت الشركة العقارية بالخرطوم واستهجانهما لمثل ذلك السلوك ، وروى احدهما للاخر ان الدكتور عرف في دوائر وزراء الخارجية العرب خاصة الخليجيين منهم بكثرة السؤال والشحدة الكتيرة لاكمال عمارته بالخرطوم وان وزير خارجية دولة خليجية تهرب من مقابلته متسائلا بصوت عال : ألم يكمل الدكتور عمارته بعد ؟؟ بينما توارى الاخرون خجلا!!! عيب يادكتور تقول للشعب السوداني  شحادين ؟؟؟؟!!

 

 

جعفر منرو

اورليانز

فرنسا



© Copyright by sudaneseonline.com