From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
سودانياتٌ قبلَ قرار ٍبقابل ِالأوْطاَن/محجوب التجاني
By
Apr 12, 2011, 07:57

سودانياتٌ قبلَ قرار ٍبقابل ِالأوْطاَن

"المجد للآلاف تهدر في الشوارع كالسيول"

من أناشيد الموسيقار محمد الأمين

 

محجوب التجاني

السبت 9 أبريل 2011

 

صدارة الأنباء

حرق قسٌ في إحتفال مع أتباعه - أفراد معبده الثلاثين في فلوريدا - نسخة من القرآن الكريم، أغلي ما خصّ الخالق به عباده المسلمين البالغين عددا مليارا ونصف من سكان أرضه، كتاب النور في لوحه المحفوظ. وعلي فعله المرفوض من رئاسة الإدارة الأمريكية المصحوب بإستياءٍ عالمي جامع، رَدٌ قاطع من التحالف الإنجيلي الدولي لمئات الملايين من أشقائنا المسيحيين في أنحاء المعمورة: "مافي حرقك للقرآن شئٌ من تعاليم المسيح". ندين معهم أشد إدانة حرق القرآن المقدس. وندين العنف بكافة صوره علي ذلك الفعل الأثيم، بما فيه إنتقام مسلمين غاضبين من مسيحيين أبرياء. كُتب الله نِعّمٌ لخلقه. القرإن نورٌعلي نور. التوراة هُدي. الإنجيل بين الناس مَحبة. وعلي الأرض السلام. وبهذا نكتفي.

وفي الصدارة تغول مقاتلة أجنبية علي ثغر سوداننا الحبيب، واغتيالها بقذفٍ مباشر مواطنين سودانيين، عليهما الرحمة. قيل عن حكومة السودان إنّ هذا من عمل دولة إسرائيل لتمنع عنها رضاء أمريكا الموعود بإزالتها من قائمة الإرهاب، وقيل عن آخرين مكافأة علي دورها في فصل الجنوب، وقبولها نتيجة الإستفتاء. توعدت الحكومة بالرد، شكوي لمجلس الأمن. أما حكومة إسرائيل، فلم تعلق. ولم ترد بعد علي اتهام حكومة السودان.

قالت صحف إسرائيل (جيروسليم بوست وأخري لصيقة الصلة برئيس وزرائها) إن الغارة استهدفت قائدا فلسطينيا من حماس. وربط مصدر صحفي في بلاد العرب الغارة بسابقةٍ دمرت فيها مقاتلات "مجهولة" شاحنات علي ساحل الأحمر السوداني تحمل أسلحة لحماس. وزعمت صحيفة في الكويت أن سودانيين لاجئين في إسرائيل أفادوا مخابراتها بمعلومات عن تورط سودانيين في تهريب السلاح لغزة من مصر. لم يحقق الخبر عناصره وأهمها هوية السودانيين اللاجئين. فلا نري داعيا لتصديقه بمحض تخمينه.

ومالم تحّدث به خارجية الإنقلابيين الإسلاميين شعبنا مادعاها لإتهام إسرائيل بضرب مواطنينا في عقر دارنا، وليس بيننا وبين دولة إسرائيل بعد ما بين علاقات الدول ببعضها، حربا أم سلما، عدا أحداث متفرقة وخلفية شاحبة أوردتها مصادر مصرية بعون التمرد علي الخرطوم أيام حرب الستينيات الغابرة، وما بعدها في قمة الصراع العربي-الإسرائيلي. ولم تقدم حكومة السودان بينة ملموسة علي هوية المقاتلة المغيرة من بقايا العربة المدمرة مما يحتاج تقنية لازمة – خلاف تنظير خارجيتها، تماما مثلما أخفقت آنفا في تبيان الدلائل القانونية المعمول بها في العلاقات الدولية علي غارة الساحل السوداني وتدمير شاحناته من طائرات معادية.

من جهة أخري، علي الحكومة أن تكف عن تبديد المال العام في صفقات سلاح لا يُستخدم إلا في إبادة أهلنا في دارفور والتحضير لمعارك لا يريدها شعبنا في أبيي. فالسؤال الصارم في عقل الرأي السوداني العام الآن هو: لما لا تُطمئن أجهزة الدولة العسكرية والأمنية أهل شرقنا خاصة والسودانيين عامة ما إن كانت قوة دفاعها الجوي قادرة علي ضبط الإختراق الجوي وردعه في الحاضر والقابل؟ ... ماذا لو أعادت المُغيرات صفعا؟!

علي صعيدٍ سياسي أكبر، وأفضل، علي الحكومة أن تقدم بيانا شافيا للشعب السوداني الكريم يوضح في صدق وأمانةٍ إستراتيجيتها السياسية والعسكرية حاليا تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، في ظل الحرص المتواصل من السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في كافة الأراضي الفلسطينية بقيادة فتح من جهة وإسرائيل من جهة أخري للتفاوض السلمي لإنهاء النزاع، وتشجيع الدبلوماسية الدولية السلام علي الحرب.

هنا، ينبغي علي الحكومة أن تصدر سياسة واضحة تهتدي برغبات السودانيين – لا مخططات الإسلاميين الإنقلابيين وتعهداتهم الأيديولوجية لحماس – بشأن واجبات المعاونة السلمية لتحقيق آمال فلسطين التي احتضن شعبنا حقوقها منذ الأربعينيات، وخصص لها صندوق دعم فلسطين، وافتتح الشهيد ياسرعرفات أول سفارة للسلطة الفلسطينية في الخرطوم عاصمة النيلين الفريدة، تقديرا وإكراما لنصرة شعبنا المناضل وحبه لشعبه العنيد.

 

ما يجري في منطقتنا

في أخبار الأسبوع، إنفجرت تظاهرات شعبية سلمية في سوريا الشقيقة تطالب برفع حالة الطوارئ، إطلاق سراح المعتقلين، والشروع في إجراءات سياسية لتمكين السوريين من التمتع بالحريات المدنية كافة، وتحسين الحياة في أوطانهم. نشط أمن الدولة في قمع التظاهر، يسيل الدمآء، ويتحرش بالناس. أصدر علماء حمص الموقرين بيانا أعاد للمسلمين ثقتهم في وقوف علمائهم مع الحركة الجماهيرية السورية: طالبوا في بيانهم بتلبية السلطة مطالب الشعب. مرحي علماء حمص! ومرحبا بشرف بيانكم ووقفتكم مع جماهيركم السلمية التي تصنع مع ابن عمنا أبو يمن في اليمن السعيد وإنتفاضات شعوبنا الشقيقة في مصر وتونس وبقية الأهل تاريخ المنطقة الحديث، بمطالبهم النقية وقدراتهم الذاتية، لا بيد خوارج أوإملاءات خارج.

في أختنا ليبيا، ماعاد من القرار الدولي في الأمر"حماية لمدنيين"، قالت الروس. أسرع الأتراك "بقذائف" السلم وتذكرة المقاتلين بالخطر المحدق بكيانهم ووحدة شعبهم. وبرزت حاجة الليبيين والعالم للحوار وتسوية النزاع "بالحل السياسي". تهيب الناتو بعد إنسحاب الأمريكان من ضرب ليبيا، واحتدام الخلاف بين بدو ليبيا المتمردين علي جماهيرية ليبيا وجنرالات الناتو قادة صناعة الغرب العسكرية والأمنية. تراجع بدو الخليج عن إندفاع بعضهم السياسي والإعلامي والعسكري لتغيير دولة ليبيا بالحرب الأهلية، وتوقفت الجامعة العربية عن الكلام. وأخيرا أوردت الأنباء لطمة الغرب لمستصرخيه بتصريح الناتو "لا نعتذرعن حاصل عملياتنا" التي لم تعمل في الجو "بتوجيهات المتمردين" في بنغازي لتنصرهم علي من يقاتلونهم من أهلهم في صحن دارهم.

يردد لسان الناتوغاضبا: مالكم؟ هل نسيتم مكانكم؟! فهذا ياصاحبي منطق الخارج المُستدعي لتغيير الداخل بالقوة. ما بمثله حقق الغرب تطور بداوته ودويلات إقطاعه ودورات صناعته وتقنيته الغالبة بالعلم والبحث العلمي "درجاتٍ" فوق سطوة المال ونشوة الأحلاف علي مصائر الشعوب وقابل الأوطان في عصر الحداثة والتغيير. وللعالم ربٌ يحميه. ما علي الشرهين علي القيادة من دويلات العرب الجديدة من تثريبٍ علي الطموح. إنما عليهم الملامة علي استصغار كبار وتكبير صغار. وعليهم أن يدفعوا عن سياساتهم وزر تصديع المنطقة وتفتيتها، أياً همز الخارج ركابها، قفزا فوق مراحل تطورها، ودوسا بالإعلام علي رفاتها. وليعلموا أن الشرق شرقٌ، والغرب غرب.

 

فكر الغرب إختراع القوة

للغرب عوالمه الخاصة به من إقتصاد وسياسة وحياة إجتماعية. ولنا في الشرق عوالمنا. علينا أن نري جيدا ما بيننا من إختلاف وفوارق في الرؤي والأفكار، وما يتعلق منها بحقائق البيئة الثقافية والتكوين الروحي، وهموم الإنتقال إلي مراقي العمل وآداب التعامل. أناسا، كلنا سواء. أشخاصا ومجتمعات لسنا بعد شيئا واحدا. وربما لن؛ ما لم...

يري المفكر دانيال جيروت تطور الغرب الرأسمالي الديمقراطي في مؤلفه كيف تتغير المجتمعات (لندن:1994) محصلة "دورات صناعية" نافذة في كل منافذ الحياة، إقتصادها السياسي، طابعها الصناعي، ترفها الإجتماعي، حرياتها العامة، وحقوقها الفردية. تأمل توصيفا طويلا في تاريخ التطور الإجتماعي في مراكز الغرب، وتنقلها بالإختراع والتصنيع والأسواق والتوسيع، إلي فرض الشروط اللازمة لتشكيل مراحل تطورها المتعاقبة، مرحلة ورآء أخري.

رأي الباحث نظام الغرب الرأسمالي مختلفاً كل الإختلاف عما درسه المفكر الإشتراكي كارل ماركس وخلص به إلي صوغ نظريته الشهيرة بإنهيار الغرب في قمة تطوره الرأسمالي، لتفاقم مشكلات إقتصاده، وتهرئ علاقات إنتاجه بعجلة صناعات النسيج – الدورة الصناعية الأولي في عصره – وتدميرها المحتوم بثورة عمالها، حالما توفر لهم سند مثقفين ثوريين يلتزمون بحقوقهم وقابلهم، ليطيحوا معا بسلطان مُلاك الصناعة، ويقبضوا بالقوة علي مقاليد السلطة وموارد الثروة، يقيموا بها عدالة إجتماعية لا بديل لها في المجتمع، مرة واحدة، وإلي الأبد.

يشرح جيروت فكرته ناقدا "بنآء ماركس رؤيته علي فهم خاطئ تماما لدورات الصناعة. فتقدم الرأسمالية لم يتوقف بتنامي متاعب الإقتصاد في ظل صناعة النسيج. فلقد إختُرع منتوج السكك الحديدية "عالي التقنية"، وأضحت به، شكلا ومعني، ماكينة لتفجر نمو جديد هائل التأثير. سكة الحديد، خلاف ما عليه حال المغزل الآلي، خرجت بإختراعها للفضآء العريض، ومثلت لكل من يري سندانا للهندسة الحديثة. نشرت النقل البري السريع بأسعار رخيصة لأول مرة في التاريخ؛ وحققت إتصال المناطق المعزولة ببقية أنحآء العالم. ثوّرت السكك الحديدية كل أوجه الإقتصاد واستحضرت تحديث الحياة أينما امتدت قضبانها". (لنتذكر هنا جريمة الإنقلابيين الإسلاميين في السودان بتدمير سكك حديد السودان وخصخصة آخر معاقلها في مارنجان بأبخس الأثمان).

أعقبت هذه الدورة أخري (1840-1870) تفوقت فيها إنجلترا علي العالم بتوظيف وسائل نقلها الجديدة وتسخير الراسمال المتراكم والتجارة، واقتحام رتل من الصناعات الجديدة. خلقت بها وظائفا جديدة لمقابلة حاجات الأسواق للعمل والمنتجات. بهذه الدورة إذاً، تغلبت الرأسمالية علي مصاعبها، واستعادت بالإختراع والصناعة المتجددة قدراتها علي تشكيل الحياة وإخصابها. وفي دورة ثالثة، تقدمت تقنية الصناعة بمنتجات الكيميآء العضوية والحديد الصلب.

وقبيل عقدين من مطلع القرن العشرين إنطلق الغرب بطاقة الكهربآء. ومن أهم مآثر الدورة، إنطلاق البحث العلمي من جامعات ألمانيا وتوامته بالتقنية الصناعية والإختراع، ووضع التمويل الحكومي والخاص في خدمته. وبالبحث العلمي تراجعت هيمنة إنجلترا الصناعية واحتلت الولايات المتحدة الصدارة مع الألمان.

 

الإستعمار كان حلا للأزمة

تسابق الغرب الصناعي علي الغني والسلطان، إمتدت به حروب الإستعمار في نهاية الدورة الصناعية الثالثة لتأمين حاجات الصناعة والأسواق. إندلعت الحرب العالمية الأولي لفشل الراسماليين في تسوية السباق. وفي عشرينيات القرن، بدأ الغرب دورة تطوره الصناعي الرابعة بعصر إنتاج السيارات والبتروكيماويات، والسلع الإستهلاكية الكهربية علي أوسع نطاق. سادت الولايات المتحدة أسواق العالم. إلا أن نهوض إقتصاديات اليابان وغرب أوروبا بتقنيات متطورة سرعان ما قضي علي المراكز السابقة بالتخلف والإفلاس.

مع ذلك، لم تنطو الرأسمالية الصناعية علي أحزانها. لملمت جراحها وأخرجت الدورة الصناعية الخامسة التي سيطرت عليها إختراعات إلكترونية إختفت بها فوارق الوقت، انطمرت مسافات الزمان، وعلم الناس أن نظرية العبقري آينشتاين في نسبية الزمن بحساب الطاقة كانت إيذانا بعصر جديدٍ من الإختراع والصناعة. ثم انتقل الغرب الصناعي بالدورة الخامسة إلي عصر الهندسة الجينية وتصنيعها. وانفتح الطلب علي نقلةٍ جديدةٍ في صحة البشر. والأعمار بيد الله.

 

ما كل هذا التقدم رحمة

بينت دراسة جيروت إيجابية التقنية وانتشالها أزمات التسابق الرأسمالي عقب كل دورةٍ صناعية. ولم تغب عليه مثالب التنافس بين عواصم الغرب الصناعي بعد كل وثبةٍ صناعية كبري. أشاد "برفدها مصادر جديدة للربح والعمالة ورفع معدلات الإنتاج". وصدق في عبارته الجامعة: "ما من شك أن الإنتقال من دورة لأخري أحدث ضغطا عالميا كبيرا. القومية، إحدي إختراعات العصر الحديث، تكاثفت وزنا. وبدا أن التنافس إتخذ سبيلا مريرا مرده الخوف من تحول نكوص إقتصادي مؤقت إلي عَرَض حقيقي لنهاية محتومة. الفائزون علي حساب الآخرين إشتّد إقبالهم علي المزيد من القوة والميزات في النظام الدولي، مع تمسك القوي الغالبة سلفا بمواقعها السابقة. يعظم توقعا إحتمال الصراع بين أقطار رئيسة خلال عملية الإنتقال من دورةٍ إلي أخري" (ص 91).

في تعليقنا علي مؤلفه، نري أن دانيال جيروت أثار رؤية مفيدة في ربطه التقنية والإختراع بالتغيير الحضاري في مجتمعات الغرب بالتعليم والبحث العلمي والتمويل الناجز. (نذكر هنا جريمة الإنقلابيين الإسلاميين بقابل الأجيال بتدمير توجه التعليم السوداني الحديث، وتصفيته من صفوة الأساتذة والعلماء بقرار سياسي لا يحمل أي قيمة أكاديمية أو وطنية، وتحويله مدارس بلادنا لأدواتٍ تطبق برامج حزبية تافهة).

لكن الباحث في تقديرنا لم يوفق في تغييب ما أصاب علاقات الإنتاج بين الرأسمال والعمل من نمو سالب تشطرت به الحياة أشطارا، وأضحت به في حياة الملايين بالغرب نفسه والشرق التابع عاملا طاردا يكوس العمل في الأسواق، أو يجوس الشوارع بالتظاهر والإضراب بما هيأه القانون من حريةٍ للمعارضة، ما رأي العمل وأراد، وإن أودت الأزمة بأنظمةٍ أو حكومات – فالحياة في الغرب مطبوعة علي الصراع بحدود معلومة ونتائج مرسومة – وليس هذا الوضع بميسور في دول ما بعد الإستعمار. مالها مكنوزٌ في مصارف الغرب، سلاحها مرهونٌ بإمداده، وقابلها رهنٌ بقطعه.

صنع الفرنجة مع تقنيتهم قومية ًيرفعون بها طموحاتهم لأنفسهم "علي حساب" حق الآخرين في صنع قوميةٍ لتقنيتهم الخاصة. هم الصانعون المخترعون. وغيرهم يشترون ويستهلكون. لا يعتقدن أحد أن للنفط سلطانا عليهم. في بحارهم مخزون يفوق ما أوتيت آبار الشرق. يحفظونه إحتياطا ليوم تنضب فيه خزائن الذهب الأسود في أوطاننا. يخترعون بدائله طاقة بديلة من نبات الأرض وكهربة الطاقة، وتقوية التحكم في الوقود الذري لتخفيف غازات الصناعة، والحفاظ علي البيئة من أخطار ما يصنعون.

تيسر لهم عقب حروبهم الكونية تهيمنٌ علي الشرق. ولم يخلص لهم تسيطر. فقانون الأرض لا يعلو علي ناموس الكون: "إنما أنت مُذّكِر. لسّت عَليهِم بمُسّيطِر" يقول الحّقُ العظيم. إن حرارة الأرض تزحف درجة درجة. ومواقد الذرة تخبو حينا وتنفجرأحيانا. آباد التحكم، تقول الأخبار، تموج في عالم فوق إدراك البشر. "لا تنْفُذُوا إلاّ بسُلطَان".

كتبت الباحثة سوزان ستاجنبورج في مؤلف صدر هذا العام بعنوان الحركات الإجتماعية (أكسفورد:2011): "إعتمد تطور [حركة] اليمين الجديد في السبعينيات والثمانينيات فوق كل اعتبار علي الهموم المستعرة لحركتهم حول المسائل الإجتماعية والأخلاقية. وبينا تواصل إنشغال المحافظين التقليديين بالعداء للشيوعية... كرّس اليمين الجديد تنبها متزايدا لربط برنامجه بحدبه التقليدي بالشأن الأخلاقي. ما عني ذلك سوي حملاته لإلغاء التعديل الدستوري لضمان الحقوق المتساوية للأقليات [أحد أهم إيجابيات حركة الحقوق المدنية الأمريكية]، وإلغاء حق المرأة في الإجهاض"، ضمن حقوق عديدة أخري لحركات المجتمع المدني.

ما هذه هموم أوطاننا المقهورة بأنظمة الإستبداد تحت وابل من المسميات والتنظيرات. وما من لغةٍ مشتركة بعد لتقرب الشقة المديدة بين غربهم وشرقنا. حيث نجلس نراهم: لا نري مايرون، ولا ينظرون شيئا نري. "القُوَةَ لله جَمِيعَا" - نؤمن. ومتي حكم أوطاننا رُقي التعليم وانتشار البحث العلمي وتوقير كرامة أهلنا، ترتقي بلادنا وتصعد كما صعدوا - نُوقن. لا حاجة بشعبنا لتنافس صُناع الخام علي تدمير أصحابه. ولا سيد فوقنا إلا ربّنا. تقاسمت أجيال أسلافنا النبقة. وكان فيهم الأثرياء. ولم يكن بينهم إنقلابيون تطايرت بطموح شهواتهم مصالح الأمة، وأزهقت أرواح الملايين. بئس الطامح والمطموح.

 

أبريل السائح

الغرب معنا علي طرفي نقيض عبر خطوط التواصل المتقاطعة بفارق الصناعة وهوامش الحرية ومعني الثقافة. نضالات أحزابنا ونقاباتنا الوطنية لا تشكل أجندة عنائهم بأوطاننا. مصادر أخلاقياتنا المُثلي من أنوار القرآن المُعّظم وثقافات شعبنا ومعتقداته المتعددة، تقاليد بداواتنا وتضامن قبيلنا، وحكمة شيوخنا وأماني شبابنا لا تمثل جزءا من ثقافاتهم. وشغف شعوبنا بالحياة الجماعية والتعامل بأسواق القرية، وتبادل النفير بإشارة المُحراك، والتعامل بالعهود المُصانة بالوفاء وكلمة الشرف – ضد مضاربات المصارف وأرباحها لإسلاميين كانت أم لرأسماليين – سرٌ غامض غير مفهوم لهم في دنيا الصناعة والتجارة والمال.

عليكم أيها الحاكمون الغافلون بحماية وطننا من مزالق الأحلاف والإنحراف عن المسار. واجبكم إلتماس رضاء شعبنا قبل أن تعاينوا في ولهٍ وتهافتٍ للخارج، رضي عنكم أم أبي. شعبنا أولي بخوفكم!

السودانيون الوطنيون الديمقراطيون هم المتألمون من شق الجيوب وتمزيق الصفوف. وهم المطالبون بالوحدة والتقدم...

ولأبريل الجميل نهتف من الأعماق: تعود أيها الغضوب سائحا غريبا في عين الغريب كما جئت. لكنك تعيش عاليا في جبين الشعب الناهض معك؛ المجد للشهداء؛ والنصر للآلاف تهدر في الشوارع كالسيول...

 

وغداً يومٌ جديد.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



© Copyright by sudaneseonline.com