From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
السر صديق، أعـِــد الإملاء/محمد الأمين نافع
By
Apr 11, 2011, 10:46

السر صديق، أعـِــد الإملاء

محمد الأمين نافع

 

في تعقيبٍ له علي مقالي (الطيبان/ مصطفى والزين والكيل بمكيالين) قام الأستاذ/ السر صديق محمد أحمد، مشكوراً، بالتشمير عن ساعد الجد دفاعاً عن الطيب الأخير، الطيب الزين، وبذلك انضم هو الآخر، من حيث يدري أو لا يدري، الي قائمة الساسة المناقضين أنفسهم، الظانين بأنفسهم الخير وبالآخرين السوء، إذ نفى عن طيـــــِّــــــبه ما أثبته الطيب علي نفسه وشهد به علي جبهته، ولا أرى داعياً لإيراد ما أستدلُّ به علي هذا الزعم من الفقرات في مقالات وأدبيات الزين وجبهته، بل أحيلكم اليها لتستخرجوا بأنفسكم الحكم عليها وعلي ما أوردته أنا عن الزين (راجعوا مقاله "هبوا يا أبناء الأمة العربية للدفاع عن ليبيا" والبيان السياسي للجبهة الوطنية العريضة بالإضافة الي مقالي المذكور). الجانب الجديد في حديث الأستاذ/ السر هو زعمه أنني اقتضبت الحديث عن الطيب مصطفى ولم أكِـــل له من المدح أو القدح ما يكفي للكشف عن خبايا شخصيته، أو بالأحرى بما يروي غليل "زفرات السر الحرَّى" علـَـي مصطفى، بينما أسهبتُ في تبشيع صورة الطيب الزين، التي هي في نظر السر زين في زين، ولا يأتيها الشين من بين يديها ولا من خلفها، بل هي أرقى وأشرف من أن تقارن بصورة الطيب مصطفى، ولذلك فقد تبرع هو بإيراد أقوال وأوصاف مكررة عن مصطفى تعريفاً بمقامه الإجرامي علي حد ظنه، كما أجزل للزين ما شاء من المدح والتشريف بالحق والباطل.

ردِّي علي اقتضاب تعريف مصطفى يعود الي أنه، شئنا أم أبينا، علم في رأسه نار، ولا نار المجوس، فهو معروف لدى القاصي والداني والمحب والقالي، وبالتالي فهو غنيٌّ عن تعريفي أنا وأخوي الكاشف، أقصد السر وأمثالنا، كما أن موقفه من الوحدة مع الجنوب بالذات أمر لا يخفيه وتهمة لا ينكرها ولا يعدها منقصة، لذلك وَكـَــلـْــتُ الطيب المعروف الي شهرته الذائعة، واجتهدت قدر المستطاع في التعريف بالطيب المغمور، الذي لم أسمع به إلا بعد قيام جبهته العريضة، ظناً مني بأنه شخصية مغمورة علي أهميتها السياسية، لذا وجب التعريف بها بما يكفي حتى لا يكون حديثي عنها إلقاءاً للكلام علي عواهنه وأذاناً في مالطا أو لندن، حيث تدق أجراس البغ بن والحرية والكنائس وتشرق علي العالم من جديد شمس الحضارة والتمدن الغائبة، وكم وددت لو سخـَّــر السر مقاله لتشريفنا وإتحافنا بما خفي عنا من الدرر الكامنة في أحشاء السيرة العطرة للطيب الزين. أيضاً لم يكن التعريف بالشخصيتين موضوع مقالي، بل كان موضوعه الجانبي العابر الذي اقتضاه سياق الكلام عن الموضوع الأساسي وهو تناقضهما في الموقف من ليبيا مع بعضهما أولاً ثم مع الشائع عن كل منهما من مبادئ وشعارات، لقد كان حديثي عن الشخصيتين محدوداً بمحدِّدات ما تناولته عنهما، أي موقف الرجلين من التدخل الدولي أو الاقليمي في شؤون الآخرين علي عمومه والموقف من التدخل في ليبيا خصوصاً، ولم أكن بصدد دراسة أكاديمية ولا تقرير شامل عنهما الي هيئة ذات اختصاص، هذا ولما لم يكن موقف مصطفى من وحدة السودان الذي تفضل أخونا السر بإقحامه وفرضه علي موضوعي، ذا صلة مباشرة أو غير مباشرة بموضوع التدخل العام والخاص الذي كان موضع حديثي عن الطيبين، لم أتطرق اليه، كما أن جزئية موقف الجبهة العريضة من قضيتي التدخل في السودان بالذات ومن الدين والدولة في حديثي عن موقف الزين من التدخل أتت في مقام إلقاء المزيد من أضواء التعريف علي شخصية الزين، بغية إثبات أن شقـَّـي الجبهة لا يقل أحدهما عن الآخر ولاءاً لهذين المبدأين، وأن جناح الزين وحسنين المتهم من قبل جناح شوقي بدري بالضعف والتراخي تجاه القضيتين لا يقل تمسكاً بهما عن الجناح الآخر.

يبقـَى أن أبرئ ذمتي من شبهتين، شبهة ممالأة مصطفى في موقفه من الوحدة مع الجنوب تحديداً وهذا هو الأشهر في موقف مصطفى من الوحدة القومية لعموم السودان، وشبهة معاداة الجبهة العريضة المعادية لحكومة الانقاذ في السودان والموالية علناً للاستعمار لدواعي انسانية "حماية المدنيين" علي غرار النشاط النووي "للأغراض السلمية". فموقفي من قضيتي قيام الجبهة العريضة والوحدة مع الجنوب ووحدة السودان عامة، ينبيك عنه موقعا سودانايل وسودانيز أون لاين، إذ طالما تغنيت بهذه الوحدة وكــذَّبـْــت كل النبوءات الصادقة بانفراط عقدها، ولكن صدقت النبوءات ومن بينها نبوءة الطيب مصطفى وكذَبـَــتْ أضغاث أحلامي عن الوحدة مع الجنوب ودفاعي المستميت عن وحدوية ساسة الجنوب، ولا أملك وقد فلَّ فأس مصطفى فأس أحلامي إلا أن أدعو الله أن يحفظ السودان الباقي "الفضـَّــل" من المتدخلين الداخليين والخارجيين. وبنفس روح الوحدة والحفاظ عليها رفضت قيام الجبهة العريضة وقبولها مبدأ التدخل في السودان ودعْــوَتها اليه علي الطريقة العراقية وتزامن ذلك حينها مع وصول مسرحية أو خطة فصل الجنوب عن السودان مراحلها الأخيرة، وما ذلك إلا لأني رأيت في هذا خدمة سافرة لإنجاز الخطة رقم اثنين، أي بعثرة حطام السودان المتبقي بعد إنجاز الخطة رقم واحد (فصل الجنوب)، وأن الجبهة وما أحاط بقيامها من شبهات أجندة دولية وتدويلية لم ولن تكون سوى حصان طروادة الذي تختبئ داخله جنود الامبريالية العالمية المتأهـِّــبة لتحطيم ما تبقى في السودان من نملٍ أبيض أو أسود أو أحمر وعلي كل لون علي رأي السعدني عليه شآبيب الرحمة والغفران. بل استعنت في موقفي من الجبهة بشهادات من أهلها ومن ناصحين أمناء عليها رحماء بها. أرجو أن يهدي الله السابقين واللاحقين من الجبهجية لما فيه خير السودان والسودانيين.



© Copyright by sudaneseonline.com