From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
السودان فى دوائر الخطر مجددا !/د.على حمد إبراهيم
By
Apr 10, 2011, 00:39

السودان   فى  دوائر   الخطر  مجددا !

د.على  حمد  إبراهيم

* فى  هذا  المقال  احدث  نفسى  واناجيها   و لا  احدث  احدا  من البشر . وهذا  ما  يطلق  عليه  نقاد الأدب  صفة  " المنلوج  الداخلى "

 

* فى  الايام  القليلة  الماضية  عادت  تهمة  الارهاب  تأخذ  بخناق السودان  من جديد  فى  لحظة  كان  السودان  يضرب  فيها  اكباد  الابل  جريا  وراء   أهل  السماحة الامريكيين  ليمنحوه   صك  البراءة  من  داء   الارهاب. حتى اذا  ظنوا  أنهم  كانوا  قاب  قوسين  او  أدنى  من اصابة  الهدف  حول   الاستخبار  العالمى  قوائم  المرمى  واخرجوا  للسودان  من  ظلمات  الفمقم  حكاية  جديدة  واعادوه   الى دائرة   الخطر  من جديد ،  لتكون  النتيجة ليس   فقط  ضياع   الهدف  المضمون ،  انما  تسجيل  استدعاء  جنائى  جديد ،  ومحنة  جديدة  ضد  البلد الذى  لم  يعد  قادرا  على  العيش  خارج  دوائر  الخطر ،  منذ  أن  قرر  ولاة  امره  الجدد  أن  يخلقوا  لانفسهم  وظيفة  رسالية  تتعدى  وظائف  البشر  السياسيين   العاديين  الذين  تجدهم  عند  كل   المنعطفات   والزوايا ،  وأن   يتوهموا   فى  انفسهم   قدرات  وطاقات  لا   تتوفر  للبشر   العاديين .  وان  يصدقوا  اوهامهم  التى سولت  لهم   القدرة  على  تحويل  عالم   النتؤات  القاصر  الذي  يعيشون  فيه  الى  عالم  مثالى يكون  بمثابة  حقل   كبير  للتجريب  و التخصيب  ، يصنعون له  عالما  جديدا   من البشر . وكبر   الوهم  فى   الرؤوس   الفارغة .  ومع  كبر الوهم  كبرت  الاخطاء  والخطايا  فى  حق  انسان هذا  السودان  المسكين. الذى  الفى   وطنه  وهو  يتيه    بين   ثنايا   الاكمات  الوعرة  كما   يتيه   الباحث  عن  طريق  فى  الرمال   المتحركة . لقد تعرجت  الطرق  المظلمة    بسودان   الانقاذ  ،   و هو لا  يكاد  يجد   طريقا  فى  ظلمائه   الممتدة ،   و لا  ضوءا    فى  نهاية  الانفاق   الكثيرة  التى عبرها   فى  رحلة  البحث  عن مخرج  من رحلات   التيه  السرمدى .  وكانت اخطر رحلات  التيه هذه  هى   تلك   التى  انتهت به  الى  نقطة  الانشطار  الى  بلدين.  يومها  فقر   الشعب  المفجوع  فاه المملؤ   بالماء  فى  حالة  شبيهة  بالبكاء  وهو  يرى  حاكمه  الذى  قهره  بقوة  سلاحه  على   مدى  عقدين  كمم  فيها  افواهه  ومنع  عنها   الكلام ، يراه منتشيا   وهو  يهنئ  بانفصال  جزء  عزيز  من  تراب  الوطن  الذى  استلمه وطنا   متمددا  مثل  سجادة  التاريخ  وها هو  يسلمه  وطنا   ممزقا   يستحق  شعبه  تلقى  التعازى  بدلا  من  التهانى  و التبريكات .  قدم   الحاكم بامره  التهانى  بانشطار   بلده   وليس  فى محياه  مزعة  من  حياء  او  رنة  من  ةحزن  او لمحة  من   ندم  او  حسرة !  زاعما  لنفسه  انجازا   تاريخيا  بتحقيق  سلام  لم  يحققه   الاوائل .  بئس  الانجاز  اذا  كان  يعنى   ضياع  البلد  القارة .  وبئس  شجاعة  العاجزين  عن   فعل  التمام  . ان  هذا  الانجاز  الرخيص  كان  أى  واحد  من   الحكام  الذين  سبقوة  قادرا  على  انجازه  وبأقل   التكاليف .  وبأقل  الدماء  ، وبدون حرب  جهادية  قضت   على   الزرع  والضرع  واشاعت  البغضاء   فى  النفوس  بصورة  تعذر  معها  العلاج  الا   ببتر   اطراف  الوطن الواحد .   ولكنهم  لم  يفعلوا  لأنهم  لم  يكونوا  قادرين على  خيانة  ضمائرهم   بتغطية  عجزهم   بادعاءات  باطلة  .   ولكن محن  البلد  القارة  لم  تنته بتقسيمه  . فها هى  الايام  تدور  ويلفى   شعب  السودان   بلده  وهو  يعود  الى دائرة   الخطر  التى   اعتقد  واهما  انه  غادرها  منذ  ان   قبل   حكامه  بتجزئة  بلدهم  بنفوس   منشرحة   تجاوبا   مع  مخططات  المحافظين  الجدد   ظنا   منهم  أن   تلك   الاستجابة  ، والتضحية  بذلك الجزء  العزيز   من  الوطن  يوطد   اركانهم   فى   السلطة   ويكتب  لهم   عمر   نوح  النبى  الكريم   فيها .   ولكن  اسرائيل   تفسد  على   القوم   بهجة   يومهم  .  وتقوم  و  للمرة  الثانية  بألاعتداء  على  البلد   المنكوب   بقياداته  .   وبنفس  الاسلوب  السابق  : اختراق   فاضح   لأجواء  البلد   الذى  اعطى   حكامه  كل  شئ  من كرامته   ولم يبقوا   منها   شيئا : اختراق  لسيادتها  وكرامتها  دون ان  تفسر  او  تبرر  اعتداءها  وتركت  ذلك  لدوائر اعلامها . و هو  تصرف مشحون  بالغطرسة  والبجاحة  وعدم  الاكتراث  والغرور . وزاد  جيش   الدفاع   الاسرائيلى  (   اسم  الدلع  لجيش   الاعتداء   الاسرائيلى )  من  الغطرسة  فى ان  اكتفى   بتسريب خبر  مقتضب اعلن فيه  قيامه  بالاعتداء  على الاراضى السودانية  . ولم يهتم  بابداء أى اسباب للاعتداء  على اراضى  دولة  ليس  بينها  وبين اسرائيل  حدود  مشتركة . وهى بعد  ليست  من دول المواجهة العربية  .  و لا ينظر اليها  كقوة  ذات  بال  عسكريا . وترك  الجيش  الاسرائيلى  هذه  المهمة  لتحليلات  الخبراء  الموجهة  من  على  البعد  لكى  يقول  لنا  على  السنة  اؤلئك   المحللين  ان   اسرائيل  استهدفت  بذلك  الاعتداء  ارهابيين  ينطلقون  من الاراضى السودانية . وهذا المسلك الاعلامى الاسرائيلى  مطابق  تماما لمسلك  اسرائيل  فى يناير من عام 2009  عندما  قصفت عدة  شاحنات  قالت انها  كانت  تنقل اسلحة واشخاصا  فى طريقهم الى  قطاع غزة . ويومها  سرب  الاعلام  الاسرائيلى أن   اكثر من  مائة  شخص قتلوا   فى  داخل الاراضى   السودانية   وقريبا  من  الحدود المصرية . وكالعادة كانت اجابات  وتفسيبرات  الحكومة السودانية  يومها  مضطربة  ومتناقضة  كما هى  ايضا  هذه  المرة . اذ  لم تكن  افادات  الحكومة السودانية  احسن حالا  هذه  المرة  . فقد بدأت  بالقول ان  احد  القتيلين  فى الغارة  الاسرائيلية  كان اجنبيا . بينما كان القتيل  الثانى  سودانيا  وليست له  صلة  بالحكومة  السودانية او بحزبها . وكأنها  بذلك تثبت التهمة  التى سربها الاعلام  الاسرائيلى  من أن  العملية استهدفت  ارهابيا فلسطينيا  يعمل  فى  مجال  تهريب  الاسلحة  الى قطاع غزة . ثم عادت الحكومة السودانية   ودخلت فى تخمينات مضطربة عن نوع  السلاح  المستخدم ، هل هو  صاروخ  أم  طائرة .  ومن اى الاتجاهات  اطلق.  ثم  حاولت الحكومة  السودانية  التغطية  على ضعفها  الدفاعى  الجوى  و انكشاف  عورتها   الاستخبارية ، وكثرة  هفواتها و تفلتاتها  الاعلامية  . فارغت وازبدت  وهددت اسرائيل  بالرد  الموجع  وفى الوقت المناسب . وليتها  لم تقل ذلك. لأننا   سنظل  نذكرها  بهذا  الوعد والوعيد  صباح  مساء   لأننا   قوم فينا  بداوة  اجتماعية   و  لا نقبل   التحقير   و  الحقارة.  والثأر  عندنا  لا  يسقط  بالتقادم  ، خصوصا  اذا  كان المعتدى  هو ( دويلة !)  فى حجم اسرائيل  حسب   تصنيف الاعلام  الغوغائى  العربى  للدولة  التى  ظلت   تذيق  الجيوش   العربية   الهزيمة   وراء   الهزيمة .

نعم ،  نحن  غاضبون من  اختراق اسرائيل  لسيادتنا  واجوائنا  وكرامتنا .  رغم علمنا  المسبق بأن سيادتنا  فى حقيقة  الامر  قد اخترقت  قبل الاعتداءات  الاسرائيلية  هذه  بعدة  سنوات.   وبرضا  حكامنا  الكامل.  بل وبدعوتهم  وطلبهم فى  المقام  الأول . وذلك حين  جعلوا  من بلدهم  حديقة  دولية على الشيوع  تدخل اليها اصناف  مختلفة  من الجيوش الدولية  والاقليمية   وجيوش  جرارة  من المنظمات  الدولية والاقليمية المتعددة  الاغراض والاهداف والسحنات السياسية .  ولا  يفوت  على  أى  مبتدئ ان  فى داخل هذه الجيوش  الجرارة  التى  تسرح  وتمرح  فى  الاراضى  السودانية  بلا  حسيب  او  رقيب  جيوش اخرى جرارة   من الاستخبار  الدولى والاقليمى  لا يعلم  حجمها  الا رب  الكون ومالك ناصيته .  وهذه  هى  الاسباب البديهية  التى  جعلت   الاختراقات  التى نتعرض لها حاسمة ومؤلمة  وموجعة . ونتمنى  ان تفى حكومتنا  بوعدها   ووعيدها  لاسرائيل   بأن يكون ردها  موجعا  وفى الوقت   المناسب   كما   جاء   على  لسان   وزير   خارجيتها    . و لن نقبل ابدا  ان يكون الوقت المناسب  هذا هو سقف  مفتوح  على الفضاء  وغير معروش .لأن  السقوف غير المعروشة  يأخذها  الهواء   فتضيع ادراج . وهنا  نصبح  عرضة   لسخرية   و تندر الساخرين   والمتندرين مثلما   سخر  جرير   وتندر  على   الفرزدق  حين  قال   :

زعم  الفرزدق  أن  سيقتل مربعا

فابشر بطول  سلامة  يا مربع .

اننى   لا  اريد  ان  اخدع  اسرائيل  و  ابشرها    بطول سلامة  من غضبة  الانقاذ  المضرية  القادمة لعلمى  ان  هؤلاء  القوم  سبق لهم  أن  تسلحوا   لامريكا  وروسيا  ببنادق  الكلاشنكوف  حتى دنا  عذابهما  معا  ،  كما قال  نشيدهم الجبار.  ولكنى  اجد  لاسرائيل  العذر  وهى   ترتكب  حماقة  انتحارية عندما  تستعدى  الانقاذ  وتحرك  براكين  غضبها  الساكنة . فقد علمت  اسرائيل  ان الانقاذ  حين    قدمت الى ديارنا   فى  فجر  الثلاثين  من يونيو 89   قدم   معها  او   على  اثرها  ،  قدم  ملالى  خامنئى ،  وملالى  بن لادن ،  وملالى  حسن نصر الله ،  وملالى  مشعل .   ووجدت  فرق  الملالى المتحدة  هذه  صدور  شعبنا  طيبة و  رحيبة  رحابة   بلدهم القارة .  وان كانت رحابة  لا  تخلو من سذاجة  وطيبة  مهلكة . فرعوا  فيها  كيفما   يشاؤون .  ورعت معهم ابلهم واغنامهم  التى استجلبوها  من خارج  الحدود . وعلموها  من لدنهم  علما .   ولم يمض  الا  وقت يسير حتى  نبت الزرع  وتمدد فوق اديم الثرى . وهاوش  النسيم السيار ، يريد  ايقاف  سيره  السرمدى.  او تبديل مساره. وتصايح  العالم من حولنا عندما   بلغ السيل الزبى  باستيلاد  شيخ القوم  وكجورهم  الكبير  ما   اسماه   المؤتمر  الشعبى العربى الاسلامى  وصار امينا عاما  له .   وكان ذلك  مؤتمرا  فريدا  من  نوعه : كل المجرمين المطلوبين  للعدالة  فى بلدانهم تجدهم  فيه  !  وتجد  فيه   كل محترفى  صناعة  الموت  . و كل  المهرفين  من بقايا  أهل  الكهوف   تجدهم  فيه  . و الغيت  الحدود  واصبحت  البلد  القارة   ذريبة  بلا  ابواب  يدخلها  كل  من  هبّ  ودبّ ،  ليحظى   بالعيش  فى دولة  المدينة  الفاضلة .  لقد  جاء  كل المجرمين.  وجاء   اشباه  المجرمين .  ولم   يتأخر   المجرمون  تحت  اتدريب . ولم  يتخلف  حتى كارلوس . تخيلوا  كارلوس  فى مدينة الرسول الفاضلة ! المهم  : طارت  السكرة  بعد  حين  وجاءت الفكرة .  وهبّ الريح  الصرصر ، فالفى  الجمع المريب  نفسه  فى  الصقيع  الاجرد  ، بعد أن  غير الكجور  الكبير  جلده  عملا   بفقه  الضرورة  والتقية.      وهرول  الجمع  هاربا  من المدينة  الفاضلة  لكى  يتفادى  محنة  التسليم ،  ينادى  الواحد  منهم ة أخاه  فى  عجالة   وفزع  أن " إنج سعد ، فقد هلك  سعيد " . وهكذا تفرق الجمع  المريب  ايدى سبأ .  ولكن بقيت  عندنا   مظنة  السؤ  فى  مكانهم  . وهكذا  بقينا  حتى هذه  اللحظة  دولة حاضرة  فى دائرة   الخطر   والارتياب  . مر تعاورنا اسرائيل  وتتهددنا  ولا تريد  ان تصدق اننا  شعب  لا ناقة  له  ولا  جمل  فى كل  هذا   العك . حتى عندما اراقت حكومتنا  ماء  وجهها  وقبلت  بتوظيف  قدراتها  الاستخبارية لدى الاستخبار الامريكى لذى هو استخبار الشيطان  الاكبر  بلغة  الملالى التى  لم تعد  حكومتنا  تتحدثها خوفا  من سيف المعز  اليانكى  وطمعا  فى ذهبه  . حتى   فى ذلك  الامر   الجلل  لم  يستشرنا   احد  من الجلاوزة  العظام . الذين   يتحدثون  باسمنا   ونيابة عنا  عنوة  واقتدارا  بدون  تفويض  او   ترخيص  منا .

قلت  اننا غاضبون  لاختراق اسرائيل  لاجوائنا  الفضائية .  ولكننا  لا ندس  رؤوسنا  فى الرمال  مثل التعام  حين  يدركه  الخطر . فنحن نعرف   لماذا  تستهدفنا  اسرائيل بغاراتها   من بين  كل دول المنطقة  ونحن بعيدون عن  حدودها  . نحن  نعرف  الاجابة  كما  يعرفها  الاستخبار  الاسرائيلى.  و الاستخبار الامريكى  الحليف  للاستخبار  السودانى . ولكن  من  يبلغ  اسرائيل   نيابة  عنا  ويقنعها  بأننا  كنا   الدولة  الرسالية   التى  تسلحت  لارهاب  امريكا  حتى  دنا  عذابها . ولكننا  لم  نعد  كذلك  اليوم .  فاستخبارنا  اصبح  توأما  لاستخبار  الشيطان  الاكبر  وموظفا  لديه   .  من يبلغ  اسرائيل  اننا  كنا  دولة  المشروع  الحضارى التى تأكل   مما  تزرع   وتلبس   مما  تصنع  .  ولكننا  لم  نعد  كذلك  . فالاسرة  الدولية  تطعم  لنا  جائعينا  . وتكسيهم .  وتحميهم  من  سفاهاتنا .  من   يبلغ  اسرائيل   انه   لا   يلزمها   ،  ولا  يليق  بها  أن  تصدق  ان   ضربة  موجعة  تنتظرها  على  يد  السودان  فى  المستقبل القريب او   البعيد . لأن  سلاحنا  مدخر  لمواجهة  الشعب  وليس  لمواجهة  اعداء  الشعب  مثلما  هو ة الحال  مع  كل  الاسلحة  العربية .

 



© Copyright by sudaneseonline.com