From sudaneseonline.com

مقالات و تحليلات
حين خذلني الشيوخ بقلم: د. هشام وقيع الله
By
Apr 9, 2011, 11:42

بسم الله الرحمن الرحيم

حين خذلني الشيوخ

بقلم: د. هشام وقيع الله

 

وبما إن دوام الحال من المحال ومحاولة تطبيع الحياة السياسية علي أنماط خاطئة هو مخالف لسنن الله في طبيعة الأشياء التي تقوم علي أن لا يصح إلا صحيحا حتى وان غلف بفرايحية الألوان وحقن بمخدر البيان وحمته هراوة السلطان... لكن تبقي إرادة الشعوب هي المحرك الفعلي لعجلة التاريخ ورسم خارطة الجغرافيا, فالعظماء والمجددون علي مر الأزمان ذاع صيتهم وخلدوا بمقدار التصاقهم بشعوبهم وتعبيرهم عنهم ومحاولتهم المستدامة لتحقيق أحلامهم.. فمروا من خلال بوابة الشعوب إلي مراقي الخلود, ومن لم يرد الله به خيرا يجعله يدور في فلك ذاتية مقيتة و أنا مهلكة تلقي به إلي صيرورة فرعون موسي.

 

السؤال الذي لابد من إيجاد إجابة شافية له لماذا كان الشباب هم محرك وعصب التغيير الممتد؟ والإجابات المنمطة لا تخرج من سياق العطالة والظرف الاقتصادي ولكن هذا جزء من عام ألا وهو تواصل الأجيال وهي عبارة مستهلكة اجتماعيا ولكن شموليتها تمتد وتغطي كل مناحي الحياة, فهنالك تغول جيلي قابع علي مفاصل الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية وممسكا بتلابيب التقدم للشعوب العربية محاولا فرض رؤاه وثقافته التي نشأت وفق بيئة وتحديات تختلف بالضرورة عن الزمن الحالي ويريد من الشباب أو الأجيال الناشئة ممارسة حياة بمنهجية فرعون في ما أريكم إلا ما أري ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد, وهي رؤية تخالف سنن الواقع كمن يريد أن يزرع نخلة في مناخ استوائي ماطر التي وان نمت  تكون شكلا خاويا من المضمون والثمار, فولد ذلك شعورا بالعجز والكبت وخرج ذلك في زفرات تعبر عنها البطالة أو الواقع الشبابي المذري  مما أدي لان يحرق احدهم نفسه.

 عملت كذلك الأنظمة علي عدم ظهور كوادر شبابية قيادية فكل التظاهرات كانت مقطوعة الرأس  وهي مستغربة في منطقة يتمتع تاريخها بالرموز السياسية, فكان حظها السحل والتنكيل,إذاّ شكل التداعي بين فئتي الشباب والفئة القابضة هو من اتجاه واحد في شكل إملاءات وتنميط وتجاهل لإرادة الغير بل التطبيع بالقوة لجعل هذا وقعا.

 

الفئة القابضة سياسيا جعلت من الممارسة السياسية  صورية وأفرغتها من محتواها  تحت شعارات براقة من ديمقراطية وغيرها دون الالتفات إلي هموم الشباب الذين يريدون  تمثيلا يعبر عنهم , وجوبه أي خروج عن هذا المساق بعنف يستلب الشباب من تجاربهم  الفكرية جعلهم يدورون في دولاب مفرغ, فكبتت الأفكار التي تقوم عليها الحضارات وكممت الأفواه.

 

أما ثقافيا فكل قديم يعبر عن شبابية الفئة القابضة هو تراث وعصر ذهبي لا يقبل المساس ولا المساومة ولا حتى الدراسة فكل مثقف أيا كان مطربا أو شاعر لابد أن يكون رمزا للشباب دون تنقية هذا الإرث من الشوائب, وان لم يعبر  عنهم أما الأغنية الحالية هي مجرد أغنية شبابية لو تسارع إيقاعها وتشطرت كلماتها لموافاة لغة العصر التي نحت نحو التسارع متمثل في المعلومة المختصرة المفيدة والتعليم الالكتروني الذي تخطي الحجب عبر فضاءات مفتوحة كل يعرض بضاعته من خلال الإبهار والتسارع والدسامة في زمن القرية الالكترونية, وفي خضم ذلك لم يفتح الباب مشرعا للشباب للمشاركة والتعبير عن ثقافته وارثه  وعرضه والدفاع عنة بأفكار جديدة تعبر عن روح العصر,ولكن هنالك من يري أن الثقافة لابد من أن تكون في شكل صالونات قديمة وعبارات مكرورة أما غير ذلك فهو غير أصيل.

من الناحية الاجتماعية منظومة تبادل الأفكار اختلفت فأصبح الانترنت هو همزة الوصل بين الناس في مختلف بقاع المعمورة ودخوله بقوة  في التنسيق للثورات, وأصبحت المواقع الاجتماعية هي بمثابة الملتقيات لطرح الرؤى والتواصل الذي ضعف بشواغل الحياة.

 

الأفكار الجديدة والمبتكرة دائما ينفعل بها الشباب, فالإسلام عندما بدا حديثا حورب فكريا واقتصاديا وسياسيا من عقلية  قرشية متحجرة , ونصر نبينا( أفضل الصلاة وازكي التسليم علية) الشباب وباعوا أنفسهم رخيصة في سبيل دعوة مستغربة من المجتمع الجاهلي المحيط ولكن العقول المتفتحة هي التي ميزت بين الغث والسمين عكس العقول الحاجرة المتحجرة, حتى الحضارة الغربية تقدم شبابا كقياده سياسية ومثال حي بل كلينتون ورؤساء الوزارة  في بريطانيا وهؤلاء يتم رعايتهم وتدريبهم في إطار منظومة لتبادل الأفكار والأدوار بعيدا عن الوعود الخلب.

الخدمة العامة في السودان نموذجا:

الآن تقوم حركة وثابة يقودها رائد الانجازات نائب رئيس الجمهورية لتغيير الخدمة العامة من خلال تغيير الثقافة والمفاهيم المتحجرة التي أقعدت بانطلاقة السودان في كل الاتجاهات وهو لعمري بداية وضع اليد علي العلة والخروج من دائرة السياسة المفرغة إلي مسار خدمة المجتمع وتفريخ قيادات إدارية وسياسية واجتماعية وإصلاح لواقع مزري  ظل هو أساس المشكلة في ظل اهتمام بالناحية السياسية والأمنية وبالرغم من أهميتهما وهي نواتج للمشكلة الأصل و لكن ما يقوم به النائب هو حل استراتيجي بعيد النظر لإصلاح شامل, وفي هذا الإطار ارفد ببعض الأفكار:

 

أولا:

مشكلة الخدمة المدنية في السودان ليست في عدم وجود القوانين المنظمة بقدر ما رؤية هذه القوانين وهي تطبق وبالمقارنة السريعة بين الخدمة المدنية والعسكرية نجد أن لغة القانون هي الاقوي في العسكرية لذلك تجد الضبط والربط, وكل كبار الضباط عبارة عن قادة والعكس تماما في الخدمة المدنية

ثانيا:

 غياب منظومة تبادل الأفكار ونقل الخبرات معدومة  تماما لانعدام مفهوم تواصل الأجيال فكل مدير يريد أن يكون خالدا أبدا بل يعمل علي إعاقة من تحته من الموظفين الشباب وعدم تدريبهم وإرشادهم لكي يضمن الوظيفة حتى إلي مرحلة ما بعد التقاعد.

 

 

ثالثا:

انعدام الثقة المتبادل بين الجيل القابض وجيل الشباب فكل ينظر إلي الآخر بمنظار الريبة بمعني الشاب لا يمثل سوي طاقة غير مرشدة في نظر رئيسه وكذلك ينظر إليه الشاب من خلال التحجر الفكري والتشبث بالوظيفة

رابعا:

الفساد المقنن الذي لا تنكسر شوكته إلا بإعمال المحاسبية النزيهة التي لا تفرق بين وزير وغفير.

 

الحضارات دائما تقوم علي مثلث الفكر والإرادة والمورد البشري وهذه الثلاثية  تتواجد بصورة أوفر في الشباب, ولولا الفكر السماوي الهادي وإرادة نبوية لا تفتر وشباب ناصر للدعوة لما حمدنا الله علي نعمة الإسلام.

 

 

والله المستعان



© Copyright by sudaneseonline.com